أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-12-2017
1712
التاريخ: 21-10-2015
6840
التاريخ: 26-10-2015
9973
التاريخ: 2023-06-19
978
|
ذهب رأي في الفقه القديم إلى القول بأن الحق في سرية المراسلات يعد من قبيل حقوق الملكية. وأسس هذا الاتجاه رأيه على أساس فكرة أن المرسل إليه يتمتع وحده بالكيان المادي للرسالة، وله على مضمونها حق الملكية الأدبية والفنية(1).ويكون للمرسل إليه بمقتضى هذا الحق الانتفاع بهذه الرسائل والتصرف فيها، إلا أن ذلك منوط بقيد عدم المساس بالحياة الخاصة للمرسل أو غيره(2).أن الحق في سرية المراسلات هو أحد عناصر الحق في الحياة الخاصة ويذهب اتجاه من الفقه والقضاء المقارن إلى اعتبار الحق في الخصوصية هو من قبيل حق الملكية، ومن ثم يعتبر الإنسان مالكاً لحياته الخاصة، بالتالي لا يجوز الاعتداء على هذا الحق. ولقد نشأت هذه الفكرة في بادئ الأمر في مجال الحق في الصورة ثم انتقلت إلى الحق في الخصوصية، إذ وجدت هذه الفكرة أن للإنسان على جسمه حق ملكية والصورة تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الجسم الإنساني(3).ويترتب على الأخذ بهذا الرأي نتيجة مفادها أن المساس بهذا الحق يؤدي إلى منح الشخص الحق في رفع دعوى استرداد تستهدف الاعتراف بحقه في الملكية، كما تخوله الحق في طلب وقف الأعمال التي تنطوي على المساس بحقه(4). ويؤكد بعض الفقهاء على أن انتهاك سرية المراسلات يعد اعتداءاً على حق الملكية ، فمضمون الخطاب يكون جزءاً من الذمة المالية، وذلك بصرف النظر عما إذا كان المالك هو المرسل أو المرسل إليه(5). ويراد بحق الملكية ذلك الحق الذي بمقتضاه يحتكر الشخص سائر السلطات على شيء معين ، بحيث يحق له استعماله واستغلاله والتصرف فيه في حدود القانون(6). أما موقف القضاء الفرنسي من الطبيعة القانونية للرسائل فإنه يقرر أنه من الطبيعي في شأن الخطابات المرسلة الاستناد إلى فكرة الملكية لأن المرسل إليه، وقد اصبح حائزاً مادياً للخطاب يبدو وكأنه المالك، إلا إذا كانت إرادة الراسل على عكس ذلك، فإن على المرسل إليه أن يرد الخطاب الذي تلقاه. وبناءً على هذا قررت محكمة باريس المنعقدة في 31 مايو 1908م في دعوى فتاة لم تشترط في خطاباتها المرسلة إلى خطيبها برد أو إتلاف هذه الخطابات (بأنها على حق في طلب التعويض من خطيبها لحجز خطاباتها بعد فسخ الخطبة، لأن اشتراط الرد أو الإتلاف لا يقوم على سند صحيح) (7). واتجه القضاء الفرنسي في حكم آخر له الى الآخذ بفكرة مفادها أن الطبيعة القانونية للخطابات السرية هي مزيج من حق الملكية والوديعة، ففي قرار صادر عن غرفة المطالبات (Chambre Des requites) قررت فيه أن ملكية الخطاب تكون لشخص المرسل إليه، فإذا انتزعت منه رغم إرادته يكون ذلك اعتداء على الملكية، وإذا استعملت استعمالاً لا يرضى عنه المرسل فإن ذلك يكون خيانة أمانة وانتهاك للوديعة. وقد أهمل هذا الرأي ولم يعد له وجود في الأحكام اللاحقة حيث اتجه القضاء الفرنسي بعد ذلك إلى الأخذ بفكرة الملكية المشتركة للخطابات السرية الخاصة بين الراسل والمراسل إليه، إذ قالت محكمةNancy بأن الخطابات السرية الخاصة لا يجوز تقديمها إلى المحكمة من دون موافقة الراسل والمرسل إليه، لأنها تُعدّ ملكية مشتركة بينهما ومن طبيعة خاصة. وبهذا المعنى أيضا حكمت محكمة أوليأنز Orleans بتاريخ 13 مارس 1957م إذ ذكرت بأن المرسل إليه لا يعتبر مالكاً مطلقاً للخطاب الذي أرسله إليه الراسل ولا يجوز له التصرف فيه دون موافقة مرسله وإلا يكون قد خان الأمانة. ثم بعد ذلك استقر القضاء الفرنسي على فكرة الملكية للخطاب، حيث اعتبر أن مجرد إرسال خطاب فيه عنوان المرسل إليه على الظرف يشير إلى إرادة كاتب الخطاب في نقل ملكيته إلى المرسل إليه، وهي ملكية لا يمكن إبطالها(8). وتنطوي الرسائل الخاصة على نوعين من الملكية: حق ملكية المرسل إليه المادية للرسالة وحق الملكية الأدبية الذي يتناول فحوى الرسالة(9). وإذا كانت الملكية الأدبية للخطاب غير مشكوك فيها، وهي تخص الراسل ومن بعده أصحاب الحقوق الآخرين، فإن الملكية المادية للخطاب يترتب عليها كل الآثار التي تترتب على حق الملكية المقررة في التشريعات والقوانين المدنية، فملكية الخطاب تنتقل للورثة بعد وفاة المرسل إليه، وهذا ما ذكرته محكمة تولوز في فرنسا حيث قررت (أن ملكية الخطاب تنتقل من المرسل إليه إلى ورثته بعد وفاته ولا يوجد نظام خاص بالخطابات، إذ أن ملكيتها تنتقل إلى الورثة بعد وفاة المورث طالما أن المرسل أرسل خطابه دون تحفظ وقيود(10). وفي الولايات المتحدة اخذ القانون الأمريكي بفكرة الملكية للمراسلات، حيث اعتبر الاعتداء على الحياة الخاصة خطأ من الأخطاء التي تستوجب المسؤولية، ووفر للمراسلات الحماية في ظل القواعد التي تحكم الأخطاء المتولدة عن الاعتداء على الخصوصية، والتي وضعها في هذا الصدد القضاء الأمريكي(11). وقد أنتقد بعض الفقه الرأي الذي يعُد الحق في سرية المراسلات بوصفه مظهراً من مظاهر الحياة الخاصة حق ملكية، وذلك لتعارض خصائص الحق في الخصوصية مع خصائص الحق في الملكية، فإذا كان الحق في الخصوصية يحتج به في مواجهة الكافة شأنه في ذلك شأن الحق في الملكية إلا أن هذا التشابه ينتهي هنا. فكل حق عيني يفترض وجود صاحب حق وموضوع حق يمارس عليه، ويجب أن ينفصل صاحب الحق عن موضوعه، فالحق العيني يعني أن يمارس الشخص صاحب الحق سلطاته على موضوع هذا الحق، وإذا اتحد صاحب الحق وموضوعه، فيستحيل حدوث تلك الممارسة. وقد اخذ القضاء الفرنسي بهذا المعنى حيث قررت محكمة ايفيتو المدنية في حكم لها في 2 مارس 1932م (بأنه لا يجوز اللجوء إلى حق الملكية، فالإنسان لا يدخل في دائرة المعاملات القانونية ولا يمكن أن يكون موضوعاً لحق عيني)(12). وإزاء الانتقادات السابقة لتكييف الحق في سرية المراسلات بوصفه حق ملكية، اتجه الفقه والقضاء إلى محاولة تكيفه على أنه ضمن الحقوق الشخصية أو ما يسمى بالحقوق اللصيقة بشخصية الإنسان.
________________________
1- Martin. Le Secret de La vie Prive ،e. Revue. Trimestrielle de Droit civil. Avril, Juin, 1959. P.248
2- د. احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، مؤسسة روز اليوسف، القاهرة، الطبعة الرابعة، 1981م، ص409؛ د. ممدوح خليل بحر، حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي، مرجع سابق، ص248.
3- د. نعيم عطية، حرمة الحياة الخاصة في القانونين المصري والفرنسي، مجلة العلوم الإدارية، العدد الأول، يونيه 1980م، ص77.
4- د. ماجد راغب الحلو، القانون الدستوري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1997م، ص419 .
5- Georges Burdeau, les liberte's, paris, 1966, p. 168.
6- د. نعمان محمد خليل جمعه، دروس في المدخل للعلوم القانونية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1977م، ص340.
7- د. مبدر الويس، أثر التطور التكنولوجي على الحريات العامة، مرجع سابق ص255.
8- د. مبدر الويس، اثر التطور التكنولوجي على الحريات العامة، مرجع سابق، ص256.
9- عبد الوهاب الأزرق، الحماية القانونية للحياة الخاصة، مجلة إدارة قضايا الحكومة، السنة الثالثة، العدد الثالث، يوليه، 1959م، ص136.
10- د. مبدر الويس، اثر التطور التكنولوجي على الحريات العامة، مرجع سابق، ص260.
11- د. ممدوح خليل بحر، حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي، مرجع سابق، ص272.
12- د. حسام الدين الاهواني، الحق في احترام الحياة الخاصة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1978م ، ص144، 145.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|