أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-10-2015
2411
التاريخ: 30-3-2017
3505
التاريخ: 29-3-2017
3082
التاريخ: 2023-06-20
927
|
يتجسد هذا النظام بوجود حزب سياسي واحد في الدولة، يحتكر النشاط السياسي فيها من الناحية القانونية والفعلية، ولا يسمح بقيام احزاب معارضة الى جواره(1).ويعد انفراد الحزب الواحد بالعمل السياسي والاداري في الدولة من اهم سمات نظام الحزب الواحد ، بحيث لا يمكن ان يترك الحزب أي نشاط الا ويتدخل فيه ويفرض سيطرته عليه ، وهذا ادى الى جعل الحزب القوة الموجهة للمجتمع والدولة، فضلا عن حصر العضوية في الحزب على فئات محددة من الافراد الذين تتوافر فيهم صفات وشروط خاصة لان اعضاء الحزب الواحد هم طليعة المجتمع(2). ويمثل هذا النظام ظاهرة حديثة نسبيا، فهو التجديد السياسي الذي جاء به القرن العشرين في كل من الاتحاد السوفيتي السابق وايطاليا الفاشية والمانيا النازية ثم ما لبث ان انتتشر في كثير من دول العالم الثالث(3) . ومن الملاحظ ان الدول التي اعتنقت هذا النظام الحزبي قد اختلفت في الاساس النظري الذي يستند اليه نظام الحزب الواحد ، فالاتحاد السوفيتي السابق قد انطلق من مرتكزات الفلسفة الماركسية في بناء نظريته الخاصة بالحزب الواحد، فالاحزاب السياسية ما هي الا تعبير سياسي عن مصالح الطبقات الاجتماعية المختلفة، ولما كانت النظرية الماركسية ترمي الى القضاء على جميع الطبقات والابقاء على الطبقة العاملة فانه لم يعد هنالك مبرر لتعدد الاحزاب ، بل ان المجتمع السوفيتي لا يمكن ان يعيش الا في ظل نظام الحزب الواحد(4). وقد جسد الدستور السوفيتي الصادر عام 1977 هذا المفهوم في م (6) منه، حيث نص على ان ((يتحد المواطنون الأكثر نشاطاً ووعياً في الطبقة العاملة في الحزب الشيوعي السوفيتي الذي يعد طليعة العمال في كفاحهم من اجل تثبيت النظام الاشتراكي وتطويره، والذي يمثل نواة التوجيه لكل تنظيمات العمال الاجتماعية والحكومية))(5). اما بالنسبة لايطاليا والمانيا التي شهدت كل منهما تطبيق نظام الحزب الواحد تمثل في سيطرة الحزب الفاشي في ايطاليا والحزب النازي في المانيا خلال فترة ما بين الحربين العالميتين انطلاقا من مبادئ النظرية الفاشية والنظرية النازية اللتين اسستا وحدة الأمة على وحدة الحزب، لأن ضياع وحدة الأمة ومصالحها امر مؤكد في ظل نظام تتعدد فيه الاحزاب بسبب تغليب المصالح الخاصة بتلك الاحزاب على الصالح العام، مما يؤدي الى عجز الحكومة عن تنفيذ برامجها لأنها وبلا شك سوف تتعارض مع برنامج وأهداف حزب من الأحزاب المتعددة(6) . وفيما يتعلق بدول العالم الثالث فقد تنوعت التبريرات التي حاولت ان تسوغ اعتناق نظام الحزب الواحد ، حيث انطلقت هذه المسوغات من واقع تلك الدول وما شهدته ابان خضوعها للهيمنة الاستعمارية ، او بعد تحررها واستقلالها وما واجهته من صعوبات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ان حركات التحرر والكفاح ضد الاستعمار تتطلب توحيد جميع القوى السياسية في تنظيم واحد بدلا من التشتت والانقسام بين احزاب متعددة متصارعة(7) . فضلا عن ان مشكلات التنمية الشاملة تحتاج الى التنظيم ذاته لقدرته على تهيئة الكوادر اللازمة لتسيير اجهزة الدولة ، وذلك يرجع الى الاعتقاد بأن اعضاء الحزب الواحد الذين واجهوا الاستعمار قادرون على ادارة كافة مرافق الدولة السياسية والادارية(8). وتبرز هيمنة الحزب الواحد في الميدان السياسي والاداري من خلال سيطرته على العملية الانتخابية والصحافة وحريات الأفراد ، حيث ينفرد الحزب في اختيار المرشحين وانتخابهم فلا يترك امام الناخبين فرص اختيار حرة كما يستقل الحزب باختيار اعضاء الحكومة وكبار المسؤولين في الجهاز التنفيذي للدولة(9) .ويحكم الحزب الواحد قبضته على الصحافة من خلال عملية الرقابة السابقة على المواد التي تنشرها، ويجعل من الصحافة وسيلة دعاية وتحبيذ لأفكار الحزب وسياساته(10) .وكذلك الحال مع سائر الحقوق والحريات التي لا يمكن ان تمارس الا في الحدود التي يقرها الحزب ، وبذلك تتحول الحريات العامة الى مجرد هبة من قيادات الحزب الواحد .وتأسيسا على ما تقدم يمكننا ان نطرح التساؤل الآتي هل يتلاءم نظام الحزب الواحد مع المبادئ الديمقراطية؟ للاجابة عن هذا التساؤل يمكننا ان نميز بين رأيين: الاول نادى به معظم الفقهاء الغربيين ، حيث ساد الاعتقاد لديهم بان نظام الحزب الواحد يتنافى مع الديمقراطية التي لا يمكن الحديث عنها الا في ظل نظام يقر بفكرة التعدد الحزبي والمعارضة(11). واذا كانت الدكتاتوريات القديمة تظهر بمظهر الطغيان الفردي فان من اهم ما تسعى اليه الدكتاتوريات الحديثة ان يكون وجودها مستندا الى مجموعة متحدة من الافراد تحت لواء حزب قوي لا يقبل المشاركة والمنافسة في الحكم(12) . فيما ذهب انصار الرأي الثاني الى عدم وجود تناقض بين الديمقراطية وبين نظام الحزب الواحد طالما كان الحزب الواحد جماهيرياً، وقد ساد هذا الرأي في بعض الأوساط السياسية لدول العالم الثالث منطلقا من ان الحزب الجماهيري يتيح المشاركة السياسية اليومية للجماهير في حين تنحصر هذه المشاركة في ظل نظام يأخذ بالتعددية الحزبية في العملية الانتخابية دون سواها(13) .ونحن نرى انه على الرغم من اختلاف مفهوم الديمقراطية من دولة الى اخرى ومن وقت لآخر الا انه يوجد هنالك حد ادنى ومظاهر يتعين توافرها للقول بوجود الديمقراطية من عدمه كالتداول السلمي للسلطة ، وصيانة حقوق وحريات الافراد. والملاحظ ان معظم انظمة الحزب الواحد التي شهدتها الدول –في الماضي والحاضر- قد ظهرت بمظهر تسلطي صادرت فيه حقوق وحريات الأفراد ، وحتى بالنسبة لدول العالم الثالث فان الوصول الى نظام الحزب الواحد لم يخل من اتباع اجراءات تعسفية وقسرية لتصفية باقي الاحزاب الموجودة في الحياة السياسية للبقاء في الحكم اطول فترة ممكنة ، وهذا يدحض الكثير من آراء المدافعين عن نظام الحزب الواحد في هذه الدول .وعلى هذا الأساس يمكننا ان نلاحظ التناقض بين ما يرتكز إليه نظام الحزب الواحد وبين ما تتضمنه المبادئ الديمقراطية ، مما حمل الكثير من الدول الى هجره والاقرار بنظام التعددية الحزبية على المستويين الدستوري والقانوني ، فقد الغت دول اوربا الشرقية جميع النصوص الدستورية التي تكرس نظام الحزب الواحد فيها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بدعوى انها تتعارض مع نظام التعددية الحزبية الذي تبنته هذه الدول(14). وكذلك الحال في معظم دول العالم الثالث كبنغلادش وتشاد والنيبال في عام 1990، وبورما في عام 1991(15).
_____________________________
1-د. كريم يوسف احمد كشاكش. الحريات العامة في الانظمة السياسية المعاصرة، الاسكندرية: منشأة المعارف، 1987، ص570.
كذلك : د. رياض عزيز هادي، المصدر السابق، ص45.
2- د. فؤاد العطار، النظم السياسية والقانون الدستوري، القاهرة: دار النهضة العربية، 1973، ص388.
3- د. محمد المشهداني، المصدر السابق ، ص292.
4- د. محمد عصفور . ازمة الحريات في المعسكرين الشرقي والغربي ، ط 1 ، القاهرة: مطبعة لجنة البيان العربي، 1961، 174-175.
كذلك: موريس ديفرجيه، المصدر السابق ، ص268.
5- ينظر كذلك: نص المادة (126) من الدستور السوفيتي الصادر عام 1936.
6-د. الشافعي أبو راس، المصدر السابق ، 238.
7- د. رياض عزيز هادي، المصدر السابق، ص46.
8- د. محمد كاظم المشهداني، المصدر السابق، ص291-293.
ولمزيد من التفصيل ينظر: د. رياض عزيز هادي ، المشكلات السياسية في العالم الثالث، بغداد : دار الحرية للطباعة ، 1979، ص89 وما بعدها.
9- د. سليمان محمد الطماوي، السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة، المصدر السابق، ص433.
10- لمزيد من التفصيل ينظر: ميثم حنظل شريف، التنظيم الدستوري والقانوني لحرية الصحافة في العراق، دراسة مقارنة في المطبوع الدوري، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى كلية القانون، جامعة بغداد، 1999، ص22-24.
11- د. احمد سويلم العمري. السياسة والحكم في ضوء الدساتير المقارنة ، القاهرة: المكتبة الانجلومصرية بدون تاريخ ، ص314.
12- د. ماجد راغب الحلو. القانون الدستوري، الاسكندرية: مؤسسة شباب الجامعية، 1976، ص107.
وتأكيدا لهذا الراي يقول الاستاذ (موريس ديفرجيه) بأن ((نظام الحزب الوحيد ليس الا تكييف للديكتاتورية المتولدة في اطار ديمقراطي))، موريس ديفرجيه، المصدر السابق ، ص262.
13- د. الشافعي أبو راس، المصدر السابق، ص284-285.
14- د. صالح جواد الكاظم و د. علي غالب العاني، المصدر السابق، ص130.
15- لمزيد من التفصيل ينظر: د. رياض عزيز هادي ، العالم الثالث من الحزب الواحد الى التعددية ، المصدر السابق، ص62-72.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|