أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-01
566
التاريخ: 2024-04-05
855
التاريخ: 2024-02-15
1084
التاريخ: 2024-04-21
701
|
وتم اندحارُ الوثنية في القرن السادس، واكتمل انتصار النصرانية، ولكن النصارى كانوا لا يزالون منقسمين شطرين رئيسين: أرثوذكسيين كاثوليكيين، ومونوفيسيين، وكان هَمُّ الأباطرة الأكبر أن يوفقوا إلى إيجاد حلٍّ يجمع الشمل ويوحد الكلمة، فجاءَتْ حُرُوب الفتح العربي فسلخت عن جسم الدولة كُلَّ من قال بالطبيعة الواحدة فأصبحت الدولةُ البيزنطيةُ أرثوذكسيةً كاثوليكيةً موحدة، وأصبح الفسيلفس حُرًّا طلقًا يقول بعقيدة يجمع عليها رعاياه، وينتحل نحلة دينية لا يختلف فيها من رعاياه اثنان، فيقسم عند تقبله التاج من يد بطريرك العاصمة: «أنه سيكون ابن الكنيسة البار وخادمها الأمين.» وأنه سيرعاها بعنايته ويدافع عنها جهده، ويحترم امتيازاتها وتقاليدها، فيحرِّم كل ما تحرمه، ويؤيد كل ما أَقَرَتْهُ مجامعها (1). وتزايد نُفُوذُ الكنيسة في الأوساط الشعبية، فبهرت عظمة طقوسها العقول، وحرَّك وعظها الأفئدة والصدور، وتعلق الشعب برُهبانها وعقد على صلواتهم وتضرعاتهم الآمال بالسعادة والنجاح، فأقبل الناس على الترهُّب زرافات زرافات، ورأوا في ارتداء الثوب أفضل السبل إلى خلاص النفس، وتعددت الأديرة، فحَوَتْ منها العاصمةُ وحدها عددًا عظيمًا (2). وبسقوط الإسكندرية وأنطاكية وأوروشليم في يد العرب، أصبح بطريرك القسطنطينية زعيم الكنيسة الأوحد في الشرق، وكان بطريرك القسطنطينية قد أصبح بطريركًا مسكونيًّا منذ السنة 582 بقرار من مجمعٍ محليٍّ عقد في القسطنطينية للنظر في خصومة نشبت بين غريغوريوس بطريرك أنطاكية وأستيريوس والي الشرق. وقد نشأ عن هذا القرار جدلٌ عنيفٌ بين حامل هذا اللقب يوحنا الصوَّام وغريغوريوس الذيالوغوس بابا رومة (3)، وبطبيعة الحال أيد الفسيلفس بطريرك عاصمته فبذرت بذور الشقاق والانفصال بين فرعي الكنيسة الأم، وقضت ظروف — سبقت إليها الإشارة — بأن يهاجم ضباط الجيش الإمبراطوري القصر الباباوي سنة 639 وأن ينهبوا كُنُوزه، وفصل قسطنطين الثالث في السنة 659 كنيسة رابينة عن كنيسة رومة، وفي السنة 653 أوقف إكسرخوس رابينة البابا مرتينوس وأرسله إلى القسطنطينية، فتركت هذه الأعمال كلها أثرًا سيئًا في نفوس أبناء رومة وغيرهم. ومما زاد في التباعد بين الفرعين الرئيسين للكنيسة الأم أن اللغة اليونانية في رومة قَلَّ تداولها وتَفَهُّمُها بقدر ما قلَّ تداول اللاتينية وتفهمها في القسطنطينية (4). وبرغم الاتفاق الذي ساد جو المجمع المسكوني السادس المنعقد في السنة 680؛ فإن شيئًا كثيرًا من الحذر وقلة الثقة بقي كامنًا في الصدور، ثم جاء المجمع البنثيكتي في السنة 692 فأكد مرة ثانية بأن يكون لكرسي القسطنطينية التقدم «أسوةً» بتقدم كرسي رومة القديمة (5)، فلم يكن ذلك مما ارتاحتْ إليه النفوسُ في رومة الارتياح كله. وأدى تعاظُم أمر الرهبانية في الدولة إلى زيادةٍ كبيرةٍ في عدد الرهبان، وبالتالي إلى نقصٍ في دخل الخزينة؛ لأن القانون أعفى الرهبان من دفع الضرائب، كما منع جبايتها عن الأوقاف الدينية. وتوافرتْ ثروةُ الرهبانيات، فقوي نفوذها، وأصبحت عنصرًا سياسيًّا هامًّا يتدخل في أحيان فيعرقل سير السياسة ويعقِّد مشاكلها، ومن جراء الانسياق غير الواعي في موجة من التعبُّد الشديد؛ ساد النفوس ضربٌ من القدرية الغاشمة أفضت بدورها إلى فُقدان النشاط والعزم والحزم وروح المبادرة، ولا سيما إزاء الحوادث الكبرى (6).
.................................................
1- Codinus, Officiis, ed. Bonn. 86-87
2- Marin, E., Les Moines des Constantinople, (Paris, 1896)
3- ومن ألقابه، أيضًا، الأول والكبير، راجع تفاصيل هذا الجدل، وتاريخ هذا اللقب، في تاريخ الانشقاق، لجراسيموس متروبوليت بيروت، ج1، ص312–330.
4- Gregorii Magni Epistolae, VII, 29: XI, 74
5- لقانون السادس والثلاثون.
6- Paparrigopoulo, K., Civilisation Hellenique, 184; Diehl et Marçais, Monde Oriental, 228–231
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|