أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-2-2017
2115
التاريخ: 18-11-2017
2293
التاريخ: 21-6-2017
2177
التاريخ: 2-3-2022
5943
|
أهداف الدرس
يتوقع من الطالب في نهاية هذا الدرس ما يأتي:
1- بيان المراد من مفهوم التفكير.
2ـ إدراك المراد من الإبداع وأهميته في تنمية التفكير.
3ـ توضيح المراد من التفكير الإبداعي.
4ـ التمييز بين أنواع التفكير وأنماطه.
5ـ إدراك أهمية التفكير ودوره المهم في الحياة.
مقدمة الدرس
التفكير أرقى سمة يتسم بها الإنسان الذي كرمه سبحانه وتعالى وميزه على غيره من سائر الكائنات الحية. ولقد حث الله سبحانه وتعالى البشر على التفكير في الكثير من الآيات القرآنية، وكرم العقل والعلم والعلماء وعد التفكير فريضة إسلامية تشمل العقل الإنساني بكامل ما احتواه من الوظائف بخصائصها جميعاً.
والتفكير والفكر نعمة إلهية وهبها الله لبني البشر دون غيرهم من مخلوقاته، وهو يمثل أعقد نوع من أشكال السلوك الإنساني، فقد جعل الله تعالى الإنسان خليفته في الأرض وميزه بالعقل عن بقية المخلوقات وجعل عقله مدار التوافق وتحمل أعباء المسؤولية، وحثه على النظر في ملكوته بالتفكير وإعمال العقل والتدبر.
لم تعد عملية التعلم تهدف إلى اكتساب الطلبة مجموعة من المعارف والمهارات والاتجاهات بقدر ما تهدف إلى تعديل وتغيير شاملين وعميقين لسلوك المتعلمين ليصبحوا أكثر قدرة على استثمار كل الطاقات والإمكانات الذاتية استثماراً ابتكارياً وإبداعياً وخلافاً إلى أقصى الدرجات والحدود.
وإن الهدف التربوي من كل الجهود التي يبذلها المعلم، هو توفير الإجراءات والشروط التي تؤدي إلى حدوث تعلم فعال لدى طلبته، ولا شك في أنه يشعر بالرضا والسعادة حين يلاحظ ظهور تغيرات سلوكية إيجابية لدى هؤلاء الطلبة تتفق وتنسجم مع الأهداف التربوية المنشودة للعملية التربوية بشكل عام.
يعد الإبداع أحد أهم الأهداف التربوية التي تسعى المجتمعات الإنسانية المتقدمة إلى تحقيقها، فالأفراد المبدعون يؤدون دوراً مهماً وفعالاً في تنمية مجتمعاتهم في جميع المجالات التربوية والاجتماعية والفنية والتقنية.
لا نريد بهذه الدروس أن نهب الإنسان التفكير؛ فقد خلق الله البشر ومنحهم القدرة على ذلك، وإنما نريد أن نقدم آليات لتنظيم التفكير وتحسين استخدامه وتوظيفه، وجعله مثمراً أكثر مما لو تركناه يسير على نحو تلقائي غير مضبوط وغير منظم (1).
هناك أسباب وفيرة ودواع مهمة لأن تتبنى المدارس مهمة تدريس التفكير على نحو مختلف عن الممارسات البالية التقليدية في ما مضى لو كانت موجودة أصلاً.
وأول تلك الأسباب: أن التفكير الماهر ليس أمراً فطرياً سيجيء وقت ظهوره وتطوره بمثل ما يتطور المشي والإبصار وغيرهما من الوظائف الحيوية للأعضاء، وهذا معناه أن التفكير الماهر الفعال ليس نتاجاً طارئاً في مدارج النمو والنضج، كما أنه ليس حصاد خبرات عارضة، وليس - كذلك - نتيجة حتمية للنضج العضوي، ولا للقراءة في مواد الدراسة.
وثاني الأسباب التي توجب أهمية تدريس التفكير: بقاء التلاميذ أنفسهم أحياء؛ فلا حياة إلا للمفكرين، ولا بقاء إلا لمن يجيد التفكير ويتقنه، والموت للتنابلة النقلة الذين اكتفوا بما أنتجه الآخرون.
وأما ثالث تلك الأسباب، فهو أن العالم الذي نحيى فيه اليوم، ونكابد تطوراته المتلاحقة، يحتم الانتباه إلى إعمال الذهن، ويوجب تدريس التفكير ذاته من خلال المواد الدراسية، بدلاً من العناية بالمواد الدراسية وحدها وإغفال شأن التفكير.
لقد مضى الزمن الذي كان التغير الاجتماعي والمعرفي يمضيان فيه بطيئاً، وكانت المعرفة قليلة سهلة الإحاطة والاحتفاظ والتمكن، وكانت مشكلات ذلك الزمن يسيرة في طبيعتها، وفي حلولها كذلك، وكانت تلك الحلول ممكنة بمجرد التذكر والتكرار والاستدعاء.
وتغيرت الأحوال والظروف تغيراً جذرياً في النوع والكم، وأصبح الأمر متصلاً بسرعة اتخاذ القرار، وأصبح القرار نفسه مخاطرة يجب أن تكون محسوبة النتائج لأكثر فائدة وأمان، وبأقل كلفة ومخاطر؛ ولأن قراراً واحداً في بلد ما يمكن أن يكون ذا تأثير خطير في بلد آخر في الوقت نفسه.
ولذا، كان لا بد من نشوء مسؤوليات جديدة تساوق ذلك التقدم المذهل المريع في المعرفة، كمّها ونوعها وقوانينها، أكثر وأعمق مما كان عليه الحال في مطالع القرن العشرين.
ولا خلاف في أن مجابهة كل تلك المسائل لا تكون بغير التفكير المدقق المتناهية سرعته ونتائجه، وهذا أمر لا يكفي فيه، بل لا يفيد فيه الاحتفاظ بالمعرفة، ولا تذكرها (2).
وإننا كذلك - لسنا هنا في مقام بيان موقف الإسلام وأهل البيت (عليهم السلام) من التفكير؛ فإن لذلك مكاناً آخر غير هذا الكتاب.
المطلب الأول: مفهوم التفكير Thinking(3)
يشير الأدب التربوي إلى ندارة التعريفات الخاصة بمفهوم التفكير فضلاً عن عدم الإجماع على تعريف محدد شامل يتناول التفكير بوصفه عملية عقلية إنسانية من جوانب مختلفة.
وبصفة عامة، يمكن عرض إطار نظري مختصر لتقريب معنى ومفهوم التفكير كالآتي:
أولا: (كل نشاط ذهني أو عقلي يختلف عن الإحساس، والإدراك الحسي أو يتجاوز الاثنين إلى الأفكار المجردة).
ثانياً: (سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عند تعرضه المثير ما بعد استقباله عن طريق إحدى الحواس الخمس).
ثالثاً: (ذلك النشاط العقلي الداخلي الذي نقوم به كلما جد لدينا سؤال يتطلب إجابة أو مشكلة تحتاج إلى حل أو قرار يجب أن يتخذ).
رابعاً: (عمليات عقلية معرفية للاستجابة للمعلومات الجديدة بعد معالجات معقدة تشمل التخيل والتعليل وإصدار الأحكام، وحل المشكلات).
المطلب الثاني: المراد من الإبداع Creativity
أولا: الإبداع في اللغة
الإبداع لغة: ابتداء الشيء، أو: صنعه على غير مثال سابق.
قال في لسان العرب: ( ـ بدع ـ بدَع الشيء يَبْدَعُه بَدعاً وابْتَدَعَه: أنشأه وبدأه. المبتدِع: الذي يأتي أمراً على شبه لم يكن ابتدأه إياه، وفلان بدعٍ في هذا الأمر، أي: أول لم يسبقه أحد. والبديع المحدث العجيب. والبديع: المبدع. وأبدعت الشيء: إخترعته لا على مثال والبديع من أسماء الله تعالى: لإبداعه الأشياء وإحداثه إياها... فهو سبحانه الخالق المخترع لا عن مثال سابق) (4).
ثانيا: الإبداع في الاصطلاح (5)
ليس من السهل تعريف الإبداع؛ كونه ظاهرة أو موضوع على جانب من التعقيد، وقد يرجع سبب ذلك إلى أن الإبداع ظاهرة متعددة الجوانب، وكذلك إلى اختلاف وجهات نظر الباحثين للإبداع باختلاف مدارسهم الفكرية ومنطلقاتهم النظرية. وعلى أي حال، فقد ذكرت تعريفات مختلفة جداً للإبداع، إلا أن جميعها لم يخرج عن محور التعريف اللغوي المتقدم له تقريباً، فقد عرف الإبداع بما يأتي:
1- (عملية تساعد المتعلم على أن يصبح أكثر حساسية للمشكلات وجوانب النقص والثغرات فيها، واختلال الانسجام، وما شاكل ذلك، وتحديد مواطن الصعوبة، والبحث عن حلول، وتكهن، وصياغة فرضيات واختبار هذه الفرضيات، وإعادة صياغتها أو تعديلها من أجل التوصل إلى نتائج جديدة ينقلها المتعلم للآخرين).
2- (القدرة على التفكير للتوصل إلى إنتاج متنوع وجديد يمكن تنفيذه، سواء في مجال العلوم، أم الفنون، أم غيرها من مجالات الحياة المختلفة).
3- (القدرة، على خلق شيء جديد أو مبتكر تماماً وإخراجه إلى حيز الوجود).
4- (العملية أو العمليات، وخصوصاً السيكولوجية، التي يتم بها ابتكار الشيء الجديد ذي القيمة العالية).
5ـ استجابة جديدة مختلفة وغير متوقعة لموقف ما، يحوى طلاقة التفكير، وتنوع الاستجابات للمثير، ومرونة التفكير، والأصالة، أي: الأداء الذكي المميز، والتفصيل، أي إضافة معلومات موسعة وتفصيلية إلى الأفكار الرئيسية).
يقول ديبونو في كتابه (التفكير الجانبي كسر للقيود المنطقية): (يمكن للمعلومات الجديدة أن تؤدي إلى أفكار جديدة، لكن الأفكار الجديدة ليست بالضرورة ناتجة عن معلومات جديدة، بل من خلال تأمل بالأفكار القديمة وربطها ربطاً جديداً) (6).
المطلب الثالث: المراد من التفكير الإبداعي Creativit thinking
بعد أن تقدم تعريف كل من (التفكير) و(الإبداع)، صرنا أقرب بخطوة إلى فهم المراد من (التفكير الإبداعي)، وعلى كل حال، فقد عرف التفكير الإبداعي على أسس مختلفة، منها (7).
أولاً: تعريف الإبداع على أساس العملية الإبداعية
وذلك عن طريق تعريف عملية الإبداع ذاتها؛ إذ يوصف التفكير الإبداعي بأنه ما اشتمل على المراحل الأربع الآتية:
1ـ مرحلة الإعداد التي تتضمن دراسة المشكلة والتجربة والخبرة.
2ـ مرحلة الكمون والاختمار: وتتضمن الاستيعاب لكل المعلومات والخبرات المكتسبة الملائمة، وهضمها أو تمثيلها عقلياً.
3ـ مرحلة الإشراق أو الوميض وتتضمن انبثاق شرارة الإبداع، وهي اللحظة التي تنبثق فيها الفكرة الجديدة.
4ـ مرحلة التحقق: وتتضمن الاختبار التجريبي للفكرة المبتكرة وتقييمها (8).
ثانيا: تعريف الإبداع على أساس طبيعة الإنتاج
وهو تحديد التفكير الإبداعي على أساس ما ينتجه من نتاجات، من قبيل التعريفات الآتية: 1ـ العملية التي يقوم بها الفرد والتي تؤدي إلى اختراع شيء جدید) (9).
فالإنتاج الإبداعي يمكن أن يكون مقبولاً إذا وصل إليه الفرد لأول مرة، على الرغم من وصول آخرين من قبل إلى إنتاج مشابه، فالجدّة هنا بالنسبة إلى الفرد ذاته.
2ـ (قدرة الفرد على إنتاج يتميز بأكبر قدر من الطلاقة الفكرية والمرونة التلقائية، والأصالة، والتداعيات البعيدة، وذلك كاستجابة لمشكلة أو موقف مثير) (10).
3ـ (القدرة على إنتاج شيء جديد، والخروج بمخزون من المعلومات التي ينتفع بها) (11).
4ـ (التفكير الذي نصل به إلى أفكار ونتائج جديدة لم يسبقنا إليها أحد..... وهو تفكير يسير نحو هدفه وبأسلوب غير منظم، ولا يمكن التنبؤ به، فهو لا يسير ضمن خطوات محدّدة، وهذا ما يميزه عن غيره) (12).
قد يستعير المبدع أفكاراً من غيره، ولكنه يوظفها توظيفاً جديداً، ويرى فيها معاني جديدة، ويضفي عليها دلالات جديدة لم يسبقه إليها أحد، فمخترع الآلة البخارية لم يخترع البخار، والفنان التشكيلي لا يخترع الألوان، والشاعر لا يخترع الحروف التي يكتب بها شعره.
نقل عن أديسون، قوله: إن معظم أفكاري اخترعها آخرون لم يكترثوا بتطويرها (13).
ليست عملية الإبداع في جوهرها سوى ضرب من ضروب التحرر من قيود الزمان والمكان، وهي تجديد لما هو في سلوك الناس وفي فكرهم، والمبدع يستفيد من الماضي، ولكنه ليس أسيراً لهذا الماضي (14).
ثالثاً: تعريف الإبداع على أساس السمات الشخصية
وهناك من عرف التفكير الإبداعي على أساس السمات الشخصية التي يتميز بها المبدع؛ إذ يتسم بجملة من الخصائص الشخصية التي تميزه عن غيره من الأفراد العاديين. فقد ذهبت بعض الدراسات إلى أن هناك تركيبة من السمات السيكولوجية تظهر متسقة مع القدرة على التفكير الإبداعي، وتشكل نمطاً متميزاً للشخصية الإبداعية.
وعلى أي حال، فقد عرف التفكير الإبداعي هنا بما يأتي:
1- الفرد المبدع يتميز بالطلاقة في التعبير، ويقصد إلى العبارة التي ينشدها عن أيسر سبيل، وطلاقة تعبيره تكون بحسب مجاله..... وفي كل الأحوال هو الذي يرى ويسمع ويفكر ويتصور كما لا يفعل الناس (15).
2- تشتمل الشخصية المبدعة على ست سمات سيكولوجية مترابطة:
ـ نزوع قوي إلى الجماليات الشخصية.
- القدرة العالية على اكتشاف المشكلات.
ـ الحراك العقلي، أي: القدرة على التفكير بمنطق المتضادات والمتناقضات.
- الاستعداد للمخاطر بحثاً عن الإثارة.
- الموضوعية إلى جانب البصيرة والالتزام.
- الحافز الداخلي (16).
وسوف يأتي بيان بعض ما تقدم من مصطلحات في هذه التعاريف كالطلاقة والمرونة وغيرها، عند التعرض إلى خصائص التفكير الإبداعي. ليس الإبداع بتعقيد الأشياء، وإنما قد يكون - في الكثير من الأحيان - بتبسيطها، ورفع التعقيد الذي تعانيه (17).
المطلب الرابع: أنواع التفكير وانماطه
تشير مراجع التفكير (18) إلى أن هناك أنماطاً وأنواعاً وأشكالاً متعددة من التفكير، وسوف تستعرض بشكل موجز بعض هذه الأنواع لإعطاء فكرة مجملة عنها، وهي كما يأتي:
أولا: التفكير العلمي
هو نشاط عقلي منظم قائم على العمل والبرهان والتجربة، ويستخدمه الإنسان في معالجة مواقف مجبرة، واستقصاء المشكلات بمنهجية سليمة منظمة في نطاق مسلمات عقلية واقعية.
والتفكير العلمي هو ذلك النوع من التفكير المنظم الممكن استخدامه في حياتنا اليومية، من عمل وغيره، أو في العلاقات مع العالم المحيط. وهو مبني على مجموعة من المبادئ التي يطبقها الفرد، وهو ينبثق من المعرفة، ويتضمن المنطق وحل المشكلات والتفكير بأحداث الحياة اليومية بشكل منظم وتراكمي.
وهو تفكير هادف يوصل الفرد إلى الفهم وتفسير الظواهر المختلفة والتنبؤ بحدوثها. وبمعنى آخر: هو عملية ذهنية تعتمد على العلم ونتائجه، وعلى العقل والبرهان، ويهدف إلى فهم الظواهر وتفسيرها والتنبؤ بها أيضاً، ويهدف إلى حل المشكلات وتفسيرها، ومعرفة أسبابها عن طريق تحليلها، ويقوم على الملاحظة والاستقرار والاستنتاج، ويستطيع الكشف عن القوانين التي تتحكم في الظواهر المختلفة، كما يؤدي إلى ولادة معارف جديدة.
ثانيا: التفكير الناقد
وهو تفكير الشامل المعقول الذي يعتمد على ما يعتقد به الفرد أو يقوم بأدائه، ويتضمن قابليات وقدرات، ويعده البعض استدلالاً منطقياً.
ويعتمد التفكير الناقد على الدقة في ملاحظة الوقائع التي لها علاقات بموضوعات معينة، من أجل مناقشتها وتقويمها، ومن ثم استخلاص النتائج بطريقة منطقية سليمة، والاعتماد على الموضوعية العلمية والابتعاد عن العوامل الذاتية، كالأفكار السابقة والعاطفية. كما يعده البعض قراراً مدروساً بشكل جيد من الفرد لقبول أو رفض موقف ما بحيادية تامة. فهو اتخاذ القرار الجيد المدروس لرفض أو قبول أو تعليق الحكم على شيء ما.
ثالثاً: التفكير الإبداعي أو الابتكاري
بصورة عامة هو مظهر سلوكي في نشاط الفرد يظهر من خلال تعامله مع أفراد المجتمع، ويتسم بالحداثة وعدم النمطية أو جمود الفكر، مع إنتاج يتصف بالجدة، فهو عملية صب عدة عناصر يتم استدعاؤها في قالب جديد يحقق حاجة محددة، أو التوصل إلى نواتج أصيلة لم تكن معروفة سابقاً.
رابعاً: التفكير الخرافي
وهو ربط أفكار الفرد بروابط غير حقيقية، فبعض الأفراد يصطنعون أحداثاً وأسباباً لا تبدو مسببة أو تحدث صدفة بطريقة عشوائية؛ إذ يقيمون بينها سببية تفتقر إلى علاقة مفهومة، وهو تطبيق وهمي لترابط المعني عن المشابهة والاتصال يقوم على أمور غير عقلانية تعتمد الخيال غير القابل للتبرير على أساس عقلي.
خامساً: التفكير الاستدلالي
ويقوم هذا النمط من التفكير على استنتاج صحة حكم معين من أحكام أُخر. ويعتمد على المنطق من حيث أن تطبيقه لقواعد عامة صحيحة في البرهنة على صحة القضايا الخاصة.
وعند استخدام التفكير الاستدلالي، يجب ملاحظة أن كل خطوة من خطواته لابد وأن تستند إلى قاعدة صحيحة، وأي خطوة ليس لها هذا السند لا تعد صحيحة.
سادساً: التفكير المنطقي
يتضمن هذا النوع من التفكير عمليات ذهنية راقية يكون فيها الفرد حيوياً فاعلاً، ويتطلب مخزوناً معرفياً منظماً مدمجاً في بناء الفرد المعرفي، كما يتطلب انتباهاً مستمراً لتحقيق الهدف.
ويبدأ التفكير المنطقي بخبرات حسية، ثم يتطور إلى خبرات متدنية التجريد، ثم إلى خبرات أكثر تجريداً. ويسمى هذا النمط من التفكير بتفكير الصندوق الزجاجي.
ويحدث التفكير المنطقي عندما يواجه الفرد مشكلة ما، لا يجد لها حلاً جاهزاً أو أسلوباً تجريبياً؛ لأنه يمارسه لمحاولة معرفة الأسباب والعلل التي تكمن وراء الأشياء.
ويقوم التفكير المنطقي على أدلة وبراهين نظرية، ويوصف بأنه تفكير قصدي موجه يتضمن بذل مجهود فكري كبير.
ويعد التفكير المنطقي النوع الأكثر تعقيداً من بين أنواع التفكير الأخر؛ إذ يجمع بين التفكير الذي هو عبارة عن نشاط ذهني يستخدمه الفرد كلما جد لديه سؤال يتطلب إجابة، أو مشكلة تحتاج إلى حل، أو قرار يجب أن يتخذ، وبين المنطق (الذي يقصد به علم النفس الواضح)، ولذلك، فالتفكير المنطقي هو الذي يمارس عند محاولة تبين الأسباب والعلل التي تكمن وراء الأشياء، وعند محاولة معرفة نتائج ما قد نقوم به من أعمال، ولكنه أكثر من ذلك؛ إذ يعني الحصول على أدلة تؤيد أو تثبت صحة وجهة نظر معينة أو نفيها.
سابعاً: التفكير التأملي (حل المشكلة)
يعد التفكير التأملي أحد أنماط التفكير التي يلجأ إليها الفرد عندما يواجه موقفاً أو مشكلة تحتاج إيجاد حل مناسب، ويعد هذا النوع من التفكير من جملة العمليات العقلية العليا، التي تطرق إليها جون ديوي في كتابه (كيف نفكر) منذ عام (1910)؛ إذ أكد أن نماذج التعليم التي تقدم للطلبة سوف تساعدهم على تطوير طرائقهم الخاصة، والتأمل عند النظر إلى العالم، والقدرة على مواجهة أي موقف مفترض، أو حل أية مشكلة تواجههم.
ثامنا: التفكير الترابطي
وفي هذا النوع من التفكير، يقوم الإنسان بالربط بين المثيرات والاستجابات في المواقف المختلفة التي تواجهه، ويأتي نتيجة التكرار والمحاولة والتعلم.
تاسعاً: التفكير الشامل
وهو تفكير موجه يتم فيه توجيه العمليات التفكيرية إلى أهداف محددة، ويعتمد على الاستنباط والاستقراء لكي يصل الفرد إلى حل لمشكلته.
عاشراً: التفكير الاستبصاري
وهو نوع من التفكير يصل فيه الفرد إلى حل فجأة، وذلك من خلال قيامه بالتفكير بالمشكلة بشكل جاد وإدراك العناصر والعلاقات فيها، حتى تأتي مرحلة الاستبصار.
حادي عشر: التفكير عالي الرتبة
وهو التفكير الغني بالمفاهيم الذي يتضمن تنظيماً ذاتياً لعملية التفكير، ويسعى إلى الاستكشاف والتساؤل خلال البحث والدراسة.
ثاني عشر: التفكير التسلطي
وهو تفكير مغلق يتمسك صاحبه فيه بالأفكار المتطرفة التي تتصف بالجمود والثبات، والميل إلى القبول المطلق أو الرفض المطلق.
ثالث عشر: التفكير المساير (التوفيقي)
ويتصف صاحبه بالمرونة، وعدم الجمود والقدرة على الاستيعاب؛ إذ يظهر صاحبه تقبلاً لأفكار الآخرين، وجمعاً بين طريقته في المعالجة وأسلوب الآخرين فيها، الأمر الذي يساعد الفرد على تبني سياسة الأخذ والعطاء في كل موقف.
رابع عشر: التفكير التصوري
ويعتمد صاحب هذا النمط من التفكير على استخدام وسائط رمزية للتفاعل مع العالم الخارجي من أجل تكوين المفاهيم.
خامس عشر: التفكير ما وراء المعرفي
ويعد هذا النمط من التفكير من أعلى مستويات التفكير؛ إذ يتطلب من الفرد أن يمارس عمليات التخطيط والمراقبة والتقويم لتفكيره بصورة مستمرة، كما يعد من أنماط التفكير الذاتي المتطور، والذي يتعلق بمراقبة الفرد لذاته وكيفية استخدامه لتفكيره، أي: إنه التفكير في التفكير (19).
خلاصة الدرس
1- ذُكر للتفكير الكثير من التعريفات، منها ما يأتي:
أـ (كل نشاط ذهني أو عقلي يختلف عن الإحساس، والإدراك الحسّي، أو يتجاوز الاثنين إلى الأفكار المجردة).
ب- (سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عند تعرضه لمثير ما بعد استقباله عن طريق إحدى الحواس الخمس).
2- الإبداع لغة: إبتداء الشيء، أو صنعه على غير مثال سابق، وأما اصطلاحاً، فقد ذكرت تعريفات مختلفة لم تخرج عن محور التعريف اللغوي المتقدم.
3ـ عرف (التفكير الإبداعي) بعدة تعاريف من قبيل كونه: (عملية ذهنية تهدف إلى تجميع الحقائق ورؤية المواد والخبرات والمعلومات في أبنية وتراكيب جديدة لإضاءة الحل).
4ـ هناك أنماط وأنواع وأشكال متعددة من التفكير، منها: العلمي، والناقد، والإبداعي، والخرافي، والاستدلالي، وغيرها من الأنواع والأنماط.
اختبارات الدرس
1- ما هي الحاجة إلى معرفة حقيقة (التفكير)؟
2- أذكر تعريفاً من تعريفات التفكير، ثم وضحه إجمالاً.
3ـ ما هو المراد من الإبداع في اللغة؟ اضرب مثالاً لما تقول.
4- ما هو المراد من التفكير الإبداعي مثل لما تقول.
5ـ ما هو الفرق بين التفكير المنطقي والتفكير الاستدلالي؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ راجع: إدوارد دي بونو، علم نفسك التفكير، المقدمة.
2ـ راجع: عصر، حسني عبد الباري، التفكير: مهاراته، واستراتيجيات تدريبية: ص 14 ـ 18، وراجع أيضاً في أهمية دراسة سايكولوجية الإبداع: العيسوي، عبد الرحمن، علم النفس في المجال التربوي ص 15 – 18.
3ـ راجع للتعرف على الخطوط العامة لهذا الدرس المصادر التالية:
ويليامز، ليندا فارلي، التعليم من أجل العقل ذي الجانبين وات، سكوت، كيف تضاعف ذكاءك. سعادة، جودت أحمد تدريس مهارات التفكير عبادة، أحمد، قدرات التفكير الابتكاري قطامي نايفة، تعليم التفكير للمرحلة الأساسية. ماتشادو، لويس البرتو، الذكاء حق طبيعي للكل، سايمتن، دين كيث، العبقرية والإبداع والقيادة. روشكا، الكسندرو، الإبداع العام والخاص حبيب، مجدي عبد الكريم، اتجاهات حديثة في تعليم التفكير. حبش، زينب، آفاق تربوية في التعليم والتعلم الإبداعي جروان، فتحي عبد الرحمن، تعليم التفكير: مفاهيم وتطبيقات إبراهيم، عبد الستار، آفاق جديدة في دراسة الإبداع. عرب. هاني محاضرات في مهارات التفكير والبحث العلمي الحيزان، عبد الإله بن إبراهيم، لمحات عامة في التفكير الإبداعي عبد الله وزملاؤه، صالح، معوقات تعليم مهارات التفكير في مرحلة التعليم الأساسي. دليل المعلم لتنمية مهارات التفكير، وزارة التربية والتعليم، التطوير التربوي. شبيب، مجدي عبد الكريم، دراسات في أساليب التفكير. القرافي، زهراء، تعلم كيف تبدع في مهارات التفكير. الصبيحي والعواد، إبراهيم ومحمد، أدوات واستراتيجيات إبداعية لطلاب وطالبات الجامعات. علاوة على كتب البروفيسور (دييونو).
4ـ ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج 8، ص 6، وشبهه في القاموس المحيط، راجع: الفيروز آبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط: ج 1، ص 1137، وكذا الزبيدي في تاج العروس، راجع: الزبيدي، محمد بن محمد، تاج العروس: ج 20، ص 307.
5ـ راجع بالإضافة إلى المصادر المذكورة أول الدرس: منسي، محمود، المدخل إلى علم النفس التربوي: ص 443 - 455، وقد تكلم البروفيسور (ديبونو) الذي يعد أستاذ تعليم التفكير الأول في العالم اليوم عن معنى الإبداع وعلاقته بغيره في كتابه (قبعات التفكير الست)، فقد رمز للإبداع بقبعة التفكير الخضراء، راجع: قبعات التفكير الست، ترجمة: خالد الجيوسي: ص 180، وما بعدها.
6ـ ديبونو، التفكير الجانبي كسر للقيود المنطقية، ترجمة: نايف الخوص: ص 8.
7ـ للاطلاع على الاعتبارات المختلفة لتعريف الإبداع، راجع عبادة، أحمد، الحلول الابتكارية للمشكلات: النظرية والتطبيق: ص 9 - 31.
8ـ راجع 1996 Herman، عیسى، حسن سيكولوجية الإبداع بين النظرية والتطبيق. ص 135، والمليجي، حلمي، علم النفس المعاصر: ص 114، والقذافي، رمضان، رعاية الموهوبين والمبدعين: ص 54، والحفني، عبد المنعم الموسوعة النفسية - سيكولوجية الإبداع: ص 29 ـ 30، ومعوض، خليل جبرائيل، القدرات العقلية: ص 55 ـ 56.
9ـ عبد الغفار، عبد السلام، التفوق العقلي والابتكار: ص 13، ومنسي، محمود عبد الحليم، علم النفس التربوي للمعلمين: 36 ـ 37.
10ـ خير الله، سيد محمد، اختبار القدرة على التفكير الإبداعي: ص 5.
11ـ عن: المشرفي، انشراح، تعليم التفكير الإبداعي لطفل الروضة: ص 24.
12ـ عدس، محمد عبد الرحمن، المدرسة وتعليم التفكير: ص 33.
13ـ عن: الصبيحي والعوّاد، إبراهيم ومحمد، أدوات واستراتيجيات إبداعية لطلاب وطالبات الجامعات: ص 158.
14ـ العيسوي، عبد الرحمن، علم النفس في المجال التربوي: ص 20 ـ 21.
15ـ الحفني، عبد المنعم، الموسوعة النفسية - سيكولوجية الإبداع: ص 300 ـ 340، والقذافي، رمضان، رعاية الموهوبين والمبدعين: ص 109.
16ـ دافيد بيركنز، عن، شكور، جليل، كيف تجعلين ابنك مجتهداً أو مبدعاً: من 163 ـ 164.
17ـ راجع: إدوارد ديبونو، Simplicity: ص 29، له أيضاً: (think): ص 78 ـ 79.
18ـ راجع: the world book of study power. V1. Learning: ص 46 ـ 53.
19ـ راجع: عرب، هاني، محاضرات في مهارات التفكير والبحث العلمي: ص 6، وما بعدها.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|