أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-12-2015
6669
التاريخ: 2023-10-08
1154
التاريخ: 23/11/2022
1189
التاريخ: 21-12-2015
4610
|
السر في كون قلوب الكفار مختومة
الإنسان عند الولادة يكون محروماً من العلم الحصولي { وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا } [النحل: 78] . والله سبحانه وتعالى يزوده بالوسائل لاكتساب العلم الحصولي من جانب: {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78] ، ويلهم فطرته لينتفع من العلم الحضوري من جانب آخر: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } [الشمس: 7، 8].
وحيث إن الإنسان - وبمعونة ما يتمتع به من ثروة إلهام الفطرة والشعور الباطني - له قدرة التمييز بين الخبيث والطيب، والقبيح والجميل، والفجور والتقوى من ناحية، وهو من ناحية أخرى يمتلك الوسائل المناسبة لاكتساب العلم الحصولي، فهو إذا ما نمى هاتين الثروتين اللتين هما موهبتان الهيتان، فسوف يفيد بشكل صحيح من مجاريه الإدراكية، فيصل، في ضوء تنميتها، إلى الفلاح: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] ، وهذا هو عين شكر النعمة الذي اشير إليه في آخر الآية 78 من سورة النحل: (لعلكم تشكرون). لكنه لو دفن روحه في طامورة شهواته وغرائزه النفسانية، وأصبحت مجاريه الإدراكية، أي السمع والبصر والقلب - التي ينبغي أن يوظفها لتعلم المعارف الإلهية وأسرار العالم - أسيرة لشهوات نفسه وهواها، وتدنست بالذنوب والآثام، فلا يبقى فيها مجال لسطوع نور الهداية عليه.
بناء على ما مر، فإن لختم القلب عاملين اساسيين: الاول: اتباع الهوى؛ حيث إن المرء بعد اتضاح الحق وعوضا عن أن يكون إلهي المحور، تراه يتبع هواه فيدور حيث دار، فيصبح حينئذ مشمولاً بالإضلال الجزائي لله تعالى فيختم الله على سمعه وقلبه ويسدل حجاباً غليظا على بصره، فلا يسمع الحق بعد ذلك ولا يبصره ولا يفهمه؛ ذلك لان اتباعه لهواه كان على علم منه:
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ} [الجاثية: 23].
والعامل الآخر لختم القلب هو: المعصية. فقد كان الكفار يقولون للنبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم)إن قلوبنا في غلاف وفي كنان، وآذاننا ثقيلة فلا نسمع ما تقول، وإن بيننا وبينك حجاباً فلا نراك بسببه: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ} [فصلت: 5]. إن الحجاب الذي ورد في الآية أعلاه هو الذنب، وهو الحجاب المستور، وليس المشهود والمرئي. وإذا قرأت {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45] ، {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 23]. وفي بعض الآيات عبر عنه بالرين (صدأ القلب): {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 14، 15]. فالعقيدة الباطلة، والأخلاق الرذيلة، والعمل الباطل القبيح تصير على شكل حجاب من الغبار والصدأ يغطي وجه مرآة روح الإنسان، فلا يسطع فيها نور الهداية.
جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين إني قد حرمت من أداء نافلة الليل. فقال له أمير المؤمنين به: (أنت رجل قد قيدتك ذنوبك)(1).
إن قلب العاصي والمجرم يقلب: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ} [الأنعام: 110] ، ويصرف عن فهم الحق. {ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [التوبة: 127] ، فيؤول نتيجة ذلك إلى التكذيب بالحق. {وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } [المطففين: 12] ، وبهذه الصورة تختم صحيفة نفس الإنسان بالغضب الإلهي، وإلا فإن الله لا يضل ابتداء فيجعل قلب الإنسان منكوساً منذ البدء ويختمه.
يشير القرآن الكريم إلى نماذج من الذنوب التي تكون مدعاة لانصراف قلب الإنسان؛ مثل التكبر الذي يكون عاملاً لحرمان المتكبر من فهم الآيات الإلهية: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} [الأعراف: 146].
كما أن الإحجام عن المشاركة في الجهاد في سبيل الله يبعث أيضاً على الحرمان من إدراك حقائق الإيمان: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [التوبة: 127]. فعندما كان النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم)يتلو آيات الدفاع والحرب كان بعض مخاطبيه يرقبون ما حولهم حتى إذا اطمأنوا بأنه لا أحد ينظر إليهم تسللوا من المكان لائذين بأحد الأشخاص . وقد قال عز من قائل في آية أخرى بحق هؤلاء: (قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لو اذا)2 ، فالله سبحانه وتعالى يعرف قلوب هؤلاء بسبب تصرفاتهم القبيحة هذه فلا يدركون الآيات الإلهية بعد ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1. التوحيد، للصدوق، ص97؛ وبحار الأنوار، ج 84، (صلى الله عليه واله وسلم)151 - 152 .
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|