أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-8-2021
3331
التاريخ: 21-6-2018
5269
التاريخ: 20-8-2021
5804
التاريخ: 2023-03-03
1604
|
إذ يجوز للوكيل بهذا الأذن أن ينيب عنه غيره في تنفيذ الوكالة. وهذا الأذن لا يلزم أن يكون صريحا ، فثمة حالات يفترض فيها الأذن بالوكالة من الباطن فتوكيل غير المحامي في رفع دعوى إما القضاء يتضمن أذنا له في توكيل احد المحامين وتوكيل غير السمسار في شراء أوراق مالية من البورصة يتضمن أذنا له في توكيل احد السماسرة (1). ويعد من قبيل الأذن الضمني أن تكون طبيعة التصرف محل عقد الوكالة مما لا تتفق وإجراء هذا التصرف من الوكيل شخصيا ، فإذا لم يصرح الموكل لوكيله بتوكيل غيره ولم يكن التصرف مما يمكن أن يقوم بمثله الوكيل بنفسه فيفترض أن عقد الوكالة يتضمن في طياته الأذن للوكيل بتوكيل غيره ولكن إذ اختلف القانون المدني العراقي عن القانون المدني المصري في هذه المسالة .
فأن قانون المحاماة العراقي رقم 173 لسنة 1965، قد اتفق معه من حيث انه أجاز لوكيل الخصومة ، الوكالة من الباطن دون أن يشترط أذن موكله ما لم يكن سند التوكيل قد اشتمل على ما يمنع ذلك (2). ويمتدح بعض الفقه العراقي (3). موقف القانون المدني العراقي وعندهم انه أكثر وجاهة من القانون المدني المصري وتعليل ذلك أن الأصل في الوكالة أن تكون مبنية على الاعتبار الشخصي ، فالأشخاص متفاوتون في التدبير والأمانة والموكل لا يختار الشخص وكيلا عنه في مباشرة التصرف إلا عن قناعته برأيه وثقته وأمانته (4). وان أمرا مهما كهذا يحتم على الوكيل أن يجري التصرف بنفسه ولا يوكل غيره في تنفيذه إلا بأذن الموكل سواء أكانت الوكالة في خصومة أم غير خصومة . ولكن قانون المحاماة العراقي على الرغم من هذا قد حاد في توجهه عما انتهجه القانون المدني العراقي من توجه سليم وعليه فان هذا الفقه لا يرى موجبا لخروج قانون المحاماة العراقي عن إحكام القانون المدني في هذا الشأن وذلك لان علة منع الوكيل من الوكالة من الباطن متحققة في الوكالة بالخصومة وفي غيرها وهي أن الموكل قد رضي برأي الوكيل الذي وكله لا برأي غيره فلا ترتفع هذه العلة إلا إذا رضي الموكل بتوكيل غيره (5). ومن ثم يجب النص على إلزام الوكيل شخصيا بتنفيذ الوكالة ومنعه من توكيل غيره في تنفيذها ما لم ينص القانون أو الاتفاق على عكس ذلك (6). والذي نختاره من جواب هذه المسالة أن الوكيل ليس شخصا عاديا وإنما هو شخص له كفاءة بتنفيذ عمل معين ولا يعهد الموكل تنفيذ هذا العمل إلى وكيله إلا ثقة في قدرته على تنفيذ العمل المذكور فلا يجوز للوكيل أن يعهد بهذا التنفيذ إلى الغير(7). فشخصية الوكيل وصفات هذه الشخصية كانت محلا للاعتبار عند التعاقد ومع ذلك نرى أن الاعتبار الشخصي يتفاوت مداه في عقد الوكالة من حالة إلى أخرى .
فإذا ثبت أن التعاقد مع الوكيل بني على سمات معينة ليست متوفرة في غيره أي أن الموكل قد نظر في الوكالة إلى اعتبار يندر أن يقوم في غير الوكيل الأول فلا تجوز في هذا الفرض الوكالة من الباطن حتى لو اغفل المتعاقدان تنظيم هذه المسالة في عقد الوكالة. ويختلف الحكم في حالة التعاقد مع وكيل لم تكن شخصيته محل اعتبار في التعاقد إذ ليس ثمة ما يحول في هذا الفرض أن يعهد إلى الغير بتنفيذ الوكالة. كما أن الوكالة من الباطن قد تكون في حالات معينة هي الوسيلة المثلى لتحقيق مصالح الموكل الأصلي لاسيما أن ظروف تنفيذ الوكالة قد يتعذر معها أن يقوم الوكيل بهذا التنفيذ بنفسه ، فيكون مضطرا مع قيام تلك الظروف إلى الوكالة مـن الباطن وهنـا أيضـا فان ليس ثمة ما يحول دون جوازها (8). وإذا كــان الـقانـون الـمـدنـي العـراقـي قـد أجـاز الـوكـالـة من الباطن بأذن الـمـوكل ، فـهـل أن هـذا الأذن يـمـنـح الوكـيل مـن الباطن هــو الآخر حــق تـوكــيـل نـائــب عـنـه ؟ .
أجابت محكمـة التـمييز علـى هــذا السـؤال فـي قضـاء لها بان ( منح الوكيل حق توكيل الغير لا يخول الوكيل الثاني حق توكيل وكيل عنه )(9). من ناحية أخرى فان الفقه الإسلامي تسأل عن إطلاق الموكل بحيث لم يأذن للوكيل بالوكالة من الباطن ولم ينه عنها ؟. فقال إبن أبي ليلى يجوز للوكيل أن يوكل غيره من غير أذن وحجته أن الوكيل لما ملك التصرف عن الموكل فانه بذلك ملك التفويض إلى غيره في الوكالة كما لو وكل عن نفسه (10).
وقد أشار القانون المدني المصري في المادة 708 منه إلى ما يلي : إذا أناب الوكيل عنه غيره في تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصا له في ذلك كان مسؤولا عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو. إما إذا رخص للوكيل في إقامة نائب عنه دون أن يعين شخص النائب فان الوكيل لا يكون مسؤولا إلا عن خطئه في اختيار نائبه أو عن خطئه في ما أصدره له من تعليمات ويجوز في الحالتين السابقتين للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر وظاهر من هذا النص أن النائب الاتفاقي ولو كان غير مرخص له في ذلك أن ينيب غيره في أجراء التصرف الذي تقع آثاره مباشره في ذمة الأصيل وكل ما هنالك من الفرق بين حالة وجود ترخيص بالإنابة وبين حالة عدم وجود ذلك الترخيص هو في المسؤولية التي تقع على الوكيل (11). فهو في حالة الترخيص بالإنابة عن نفسه لا يسال إلا عن خطئه في اختيار النائب إما في حالة إنابة غيره عنه بدون ترخيص فيكون مسؤولا عن عمل ذلك النائب كمسؤوليته عن عمله هو. وهذه المسؤولية التي يضيق نطاقها في حالة وجود الترخيص ويتسع في حالة عدم وجوده لان تلك المسؤولية أمر يتصل بالعلاقة الداخلية بين الوكيل والموكل أي بعقد الوكالة (12). أن حكم النيابة - بمعنى انصراف اثر التصرف إلى الأصيل - يجري في كل حالات إنابة النائب غيره عن نـفسه في إبرام التصرف إذ ترجع آثار التصرف نائب النائب إلى الأصيل(13). رأسا بلا نظر إلى كون الوكيل مرخصا له في عقد الوكالة بإنابة غيره أو غير مرخص له بذلك. هذا وان الفقرة الأخيرة من المادة 708 . التي تنص على أن للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما على الآخر مباشرة ليست إلا تطبيقا للقاعدة العامة (14). في اثر النيابة فمادامت الإنابة الصادرة من النائب الأصلي إلى غيره داخله في نطاق نيابته فأنها ككل تصرف يبرمه النائب باسم الأصيل وفي حدود النيابة تقع آثارها في ذمة الأصيل رأسا ويرتبط بها الأصيل مع الغير الذي تعامل معه النائب مباشرة ومن ثم كان لكل من الموكل ونائب النائب أن يرجع على الآخر بدعوى مباشرة (15).
وقد خلا القانون المدني الفرنسي من نص مماثل على رجوع نائب الوكيل على الأصيل مباشرة وإن كانت المادة 1994 تنص في فقرتها الثانية على رجوع الموكل على نائب الوكيل وقد كان عدم النص على حالة رجوع نائب الوكيل على الموكل بدعوى مباشرة سببا في اختلاف الفقهاء في جواز ذلك.
فذهب فريق من الفقهاء الفرنسيين إلى عدم جواز رجوع نائب الوكيل على الأصيل بدعوى مباشرة على أساس أن الدعاوي المباشرة لا يصح التوسع في قبولها وهذا القول مردود بما تقدم لنا أن ثمة علاقة تعاقدية بين الأصيل ونائب الوكيل أنشاها الوكيل الأصلي في حدود وكالته وعلى ذلك فدعوى احدهما على الآخر ليست من قبيل الدعاوى المباشرة بين من لا تربطهم علاقة تعاقدية وهي وحدها الدعاوي التـي تحـتـاج إلـى نـص يـقررهـا ويـنبـغـي عـدم الـتــوسـع فـي قـبـولـهـا إما القضاء الفرنسي فلم يكن بين أحكامه ما تعرض لهذه المسالة إلا القليل من أحكام المحاكم الابتدائية (16). التي أجازت لنائب الوكيل الرجوع على الموكل بدعوى مباشرة (17). إلـى أن أرسـت محكمـة الـنـقـض الفرنــسيـة الــقـاعـدة فـي هـذا البـاب بــحكمها الصادر في 27 ديسمبر 1960(18).الذي قضى بأنه :- ( طبقا للمادة 1994/ ف 2، من القانون المدني للموكل حق الرجوع مباشرة على نائب الوكيل وبالتالي فان لنائب الوكيل أيضا دعوى مباشرة وشخصية على الموكل لاسترجاع ما قد يكون عجله من مبالغ أو أنفقة من مصروفات وللحصول على الأجر المستحق له... وأذن فيكون مستحقا نقض الحكم الذي لا يقبل من نائب الوكيل دعواه ضد الموكل بمقولة أن تلك دعوى ذات صبغة احتياطية ولا يسوغ استعمالها إلا في حالة أخلال الوكيل الأصلي بالتزاماته.
وفي تعليق لأحد فقهاء الفقه الفرنسي حول قرار لإحدى المحاكم الفرنسية يبرر رجوع نائب الوكيل على الموكل تبريرا سليما على أساس العلاقة العقدية المباشرة بينهما ولكنه يضيف أن المبدأ الذي قرره الحكم غير جار على إطلاقه بل يجب تحديده بالحالات التي تكون فيها الاستنابة مأذونا بها وهو ما لم يبرزه الحكم بل على العكس بني قضاءه على نص المادة 1994/2 التي تقول : ( وفي جميع الحالات ... ). مما قد يفهم منه أن رجوع نائب الوكيل على الموكل جائز حتى في حالة عدم الأذن في الاستنابة بينما في هذه الحالة تنتفي العلاقة العقدية المباشرة بين نائب الوكيل والموكل لتصرف الوكيل الأصلي خارج حدود وكالته (19).
______________
1- ينظر محمد علي عرفه شرح القانون المدني الجديد ج 1 المطبعة العالمية ، المطبعة الثانية مصر 1952م ، ص 311 ، الهامش رقم 1 .
2- ينظر نص المادة 25 من قانون المحاماة العراقي رقم 173 لسنه 1965على ما يلي :- ( للمحـامي سواء كان خصما أصيلا أو وكيلا في دعوى أن ينيب عنه في الحضور أو في غير ذلك من إجراءات التقاضي محاميا آخر تحت مسؤوليته بكتاب غير خاضع لرسم الطابع يرسله إلى المحكمة ما لم يكن في سند الوكالة ما يمنع ذلك). وهي مستقاة من المادة 33 من قانون المحاماة المصري رقم 96 لسنة 1957.
3- ينظر جاسم العبودي ، النيابة عن الغير في التصرف القانوني ،.بين الفقه الإسلامي . والقانون الوضعي ، جامعة بغداد . سنة 1991 ، ص240، و ينظر سعد حسين عبد الوكالة من الباطن في الشريعة الإسلامية والقانون ، بحث منشور في مجلة كلية النهرين للحقوق تصدر عن كلية النهرين للحقوق مجلد 6- العدد 9- نيسان 2002م. ، ص147.
4- ينظر جليل حسن الساعدي ، بعنوان الوكالة من الباطن في القانون العراقي والمصري مع الإشارة للفقه الإسلامي ، المنشور في مجلة العلوم القانونية ، نصف سنوية ، كلية القانون ، جامعة بغداد ، المجلد الرابع والعشرون ، العدد الأول ، سنه 2009 ، ص 89.
5- ينظر محمد رضا عبد الجبار العاني ، الوكالة في الشريعة والقانون ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1975 ، ص 309.
6- ينظر جاسم العبودي ، مرجع سابق ، ص240.
7- ينظر جليل حسن الساعدي ، بعنوان الوكالة من الباطن في القانون العراقي والمصري مع الإشارة للفقه الإسلامي ، المنشور في مجلة العلوم القانونية ، نصف سنوية ، كلية القانون ، جامعة بغداد ، المجلد الرابع والعشرون ، العدد الأول ، سنه 2009 ، ص 89.
8- ينظر جليل حسن الساعدي ، بعنوان الوكالة من الباطن في القانون العراقي والمصري مع الإشارة للفقه الإسلامي ، المنشور في مجلة العلوم القانونية ، نصف سنوية ، كلية القانون ، جامعة بغداد ، المجلد الرابع والعشرون ، العدد الأول ، سنه 2009 ، ص 90 .
9- ينظر القرار رقم 2353 / حقوقية /1980 في 7/10/1980/ مجموعة الأحكام العدلية ، السنة 11 ، العدد 4 ، ص 103.
10- ينظر المبسوط للسرخسي، جـ 19 ، مطبعة السعادة ، ط 1 ، بلا تاريخ ، ص31 ، بدائع الصنائع للكاساني ، جـ 6 ، مطبعة الجمالية ، ط 1 ، مصر 1328هـ ، ص 28.
11- ينظر جمال مرسي بدر النيابة في التصرفات القانونية طبيعتها وإحكامها ، ط 2 1968 ، دار النهضة العربية 32 شارع عبد الخالق ثروت ، ص 171.
12- ينظر مجموعة لأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ، ج 5 ، ص211 وما بعدها .
13- ينظر عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، ج 7 ، ط 2 ، تنقيح المستشار ، محمد مصطفى ألفقي 1989 ، ص 483.
14- ينظر في الرأي العكسي الذي لا يعتبر رجوع كل من الموكل ونائب الوكيل على الآخر تطبيق للقواعد العامة بل يعتبره حكما خاصا نصت عليه المادة 708 / 3 و ينظر السنهوري - مرجع سابق ، 262 ص 487 و ينظر اكثم الخولي، الصلح والهبة والوكالة - القاهرة 1957- فقرة 185، ص 232.
15- ينظر مجموعة لأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ، ج 5 ، ص211 وما بعدها .
16- ينظر قرار محكمة السين الفرنسية في 4 يناير سنة 1893 ، جازيت دي بالية 1893 / 1 / 692 حيث يقرر أن مسالة الدعوى المباشرة غير ذات أهمية بالعمل إذ يجوز دائما لنائب الوكيل أن يرجع على الأصيل بدعوى الإثراء على حساب الغير لاسترداد ما يكون قد أنفقه من مصروفات لمنفعة الأصيل وذلك بصرف النظر عن امتناع رجوعه على الأصيل بدعوى المباشرة المستندة إلى عقد الوكالة. نقلا عن جمال مرسي بدر النيابة في التصرفات القانونية طبيعتها وإحكامها ، ط 2 1968 ، دار النهضة العربية 32 شارع عبد الخالق ثروت ، ص 172. هامش 2.
17- ينظر حكم محكمة استئناف باريس10 نوفنبر سنة 1812 ، سيرية 1813 / 2 / 194. إجازة رجوع نائب الوكيل على الموكل بأجره من غير تأصيل للقاعدة مبررا إياها باعتبار عملي هو تجنيب نائب الوكيل مشقة الرجوع على الوكيل الأصلي .
نقلا عن جمال مرسي بدر ، مرجع سابق ، ص 173، هامش 1.
18- ينظر حكم محكمة النقض الفرنسية 27 ديسمبر سنة 1960 ، دالوز 1961 / 491 مع تعليق احد الفقهاء الفرنسيين ينتقد فيه الحكم لكونه قضي على خلاف صريح نص المادة 1994. 2 - التي اقتصرت على رجوع الموكل على نائب الوكيل ولم تنص على الحالة العكسية كما يعيب على الحكم تجاهله مبدأ اقتصار آثار التصرفات وهذا النقد مردود بما جاء في المتن من قيام علاقة عقدية مباشرة بين الموكل ونائب الوكيل نتيجة لاستنابة الصادرة من الوكيل في حدود وكالته . نقلا عن جمال مرسي بدر النيابة في التصرفات القانونية طبيعتها وإحكامها ، ط 2 1968 ، دار النهضة العربية 32 شارع عبد الخالق ثروت .، ص 173، هامش 2.
19- ينظر جمال مرسي بدر النيابة في التصرفات القانونية طبيعتها وإحكامها ، ط 2 1968 ، دار النهضة العربية 32 شارع عبد الخالق ثروت ، ص 173. هامش 3.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|