وصف نار جهنم

قال تعالى : {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24].

-عن أنس: تلا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)(وقودها الناس والحجارة) فقال: «أوقد عليها ألف عام حتى احمرت، وألف عام حتى ابيضت، وألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة لا يطفأ لهبها»(1).

-عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} «يا معاشر شيعتنا اتقوا الله، واحذوا أن تكونوا لتلك النار حطباً وإن لم تكونوا بالله كافرين، فتوفوها بتوقي ظلم إخوانكم المؤمنين ...)(2).

-ونار شديد كلبها، عال لجبها، ساطع لهبها، متغيظ زفيرها، متأجج سعيرها، بعيد خمودها، ذاك وقودها، مخوف وعيدها، عم قرارها، مظلمة أقطارها، حامية قدورها، فظيعة أمورها»(3).

-«واعلموا انه ليس لهذا الجلد الرقيق صبر على النار، فارحموا نفوسكم فإنكم قد جربتموها في مصائب الدنيا. أفرأيتم جزع أحدكم من الشوكة تصيبه، والعثرة تدميه، والرمضاء تحرفه؟ فكيف إذا كان بين طابقين من نار ضجيع حجر، وقرين شيطان. أعلمتم أن مالكاً إذا غضب على النار حطم بعضها بعضاً لغضبه، وإذا زجرها توثبت بين أبوابها جزعاً من زجرته؟»(4).

إشارة: من باب أن جهنم هي مظهر لغضب الله المحض، وليس فيها أدنى رحمة: «دار ليس فيها رحمة»(5) فإن عذابها مستنزف للطاقات، وإن التحليل الإجمالي لشدة العذاب خلاصته: إن العذاب يكون تارة في مكان معين، بحيث أن الأمل بالنجاة وتمنيه يكون متصوراً بالنسبة للشخص المحبوس في ذلك المكان، وتارة اخرى يظهر على شكل (خرقة تعذيب)؛ كما في قوله: {قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} [الحج: 19] ، أو أشد من ذلك فيظهر على هيئة «سربال تعذيب»؛ مثل: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} [إبراهيم: 50]. فالشخص المبتلى بمثل هذه الخرقة أو هذا السربال من الممكن أن تخطر في باله النجاة من العذاب، لكن إذا أمسى الإنسان نفسه وقود النار، فلا يتصور الفرار من سيطرة القهر الإلهي؛ ذلك أن العذاب والمعذب يكونان متحدين في هذه الحالة، وإن الطموح في الفرار والنجاة هو أشبه بالفرض المحال، لا أنه من قبيل فرض المحال.

ـــــــــــــــــــــــ

1. الدر المنثور، ج 1، ص90.

2.التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري، ص166 - 167؛ وبحار الأنوار، ج72 ص316.

3. نهج البلاغة، الخطبة 190، المقطع 10.

4. نهج البلاغة، الخطبة 183 .

5. نهج البلاغة، الرسالة 27.