المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
معنى تحاجوني
2024-05-12
معنى بازغ
2024-05-12
تحتمس الرابع يرى بوالهول في رؤيا صادقة.
2024-05-12
تحتمس الرابع ومغزى اللوحة.
2024-05-12
تحتمس الرابع في طفولته.
2024-05-12
مكان «تحتمس» المختار للراحة بعد الصيد.
2024-05-12

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


البحث حول الكتب الأربعة.  
  
987   08:42 صباحاً   التاريخ: 2023-07-28
المؤلف : الشيخ محمد آصف محسني.
الكتاب أو المصدر : بحوث في علم الرجال.
الجزء والصفحة : ص 270 ـ 302.
القسم : الرجال و الحديث والتراجم / علم الحديث / الجوامع الحديثيّة المتقدّمة /

الأوّل: كتاب الكافي لثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني قدّس سره الّذي مدحه جمع من الأعلام المحقّقين وجهابذة التمحيص والتدقيق بكلّ مدح وثناء، والظاهر عدم احتياج المؤلّف والكتاب إلى أيّ مدح وثناء في هذه الأعصار.

وكذا شيخ الطائفة والصّدوق رئيس المحدّثين قدّس سره فإنّهما غنيان عن المدح والثناء.

فنتعرّض لمسائل نافعة مرتبطة بالكتاب المذكور:

1. يقول السّيد بن طاووس قدّس سره في محكي كشف المحجّة (1): كان حياته ـ أي: الكليني ـ في زمن وكلاء مولانا المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف عثمان بن سعيد العمري وولده أبي جعفر محمّد وأبي القاسم الحسين بن روح وعلي بن محمّد السمري رحمه الله. وتوفّي محمّد بن يعقوب قبل وفاة علي بن محمّد السمري رضي ‌الله‌ عنه؛ لأنّ السمري توفّي في شعبان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وهذا محمّد بن يعقوب الكليني توفّي ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة (2) فتصانيف هذا الشيخ ورواياته في زمن الوكلاء المذكورين في وقت يجد طريقا إلى تحقيق منقولات وتصديق مصنّفاته.

2. قال السّيد المعظّم بحر العلوم قدّس سره في رجاله (3): وما ذكره ابن الأثير، وغيره من أهل الخلاف من أنّ الكليني رحمه الله هو المجدّد (4) لمذهب الإماميّة في المائة الثالثة من الحقّ الّذي أظهره الله على لسانهم وأنطقهم به، ومن نظر كتاب الكافي ... وقد اتّفق تصنيفه في الغيبة الصغرى بين أظهر السفراء في مدّة عشرين سنة، كما صرّح به النجّاشي وغيره، وقد ضبطت أخباره في ستّة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديثا. ووجدت ذلك منقولا من خطّ العلّامة قدّس سره.

وقال رحمه الله في حاشية رجاله: ذكر بعض المتأخّرين أنّ الصحيح منها خمسة آلاف واثنان وسبعون والحسن مائة وأربعة وأربعون، والموثق ألف ومائة وثمانية عشر، والقوي اثنان وثلاثمائة (5) والضعيف تسعة آلاف وأربعمائة وخمسة وثمانون والمجتمع من هذا التفصيل ستّة عشر ألف حديث ومائة وواحد وعشرون حديثا، وهو لا يطابق الإجمال.

أقول: هكذا نقل عن المحدّث البحراني في اللؤلؤة، ولكنّه لم يلتفت إلى عدم المطابقة، كما التفت هذا السّيد، ويزيد الإجمال على التفصيل بثمانية وسبعين حديثا (6).

لكنّ الحاصل من أرقام نسختي المطبوعة من قبل دار الكتب الإسلاميّة بطهران طبعة جيّدة مزيّنة أنّ عدد أحاديث الكافي بثمانية أجزائها: 17252 حديثا، ولا يحتمل مثل هذا الاختلاف، فلعلّ الاشتباه في سنّي أو من كاتب الأرقام المطبوعة.

3. يقول النوري بعد نقل كلام البحراني رحمهما الله وعلى ما ذكره، فأكثر من نصف أخبار الكافي ضعيف لا يجوز العمل به إلّا بعد الانجبار، وأين هذا من كونه أجلّ كتب الشّيعة ومؤلّفه أوثق الناس في الحديث وأثبتهم، ولم يكن في كتاب تكليف الشّلمغاني المردود المعاصر له خبر مردود إلّا اثنان. (7).

أقول: أجلّيّة الكافي باعتبار اشتماله على الرّوايات الكثيرة المتنوّعة في كلّ من المعارف والعقائد والأخلاق والآداب والفقه، وباعتبار نفي احتمال وجود الرّوايات الموضوعة من قبل مؤلّفه أو ممّن بعده، ونفي احتمال الخلل في متون الرّوايات وأسانيدها من جهة سهو المؤلّف وغفلته وجهله وعدم مهارته ونحو ذلك.

وأمّا أوثقية مؤلّف الكافي وأثبتيته، فهما أجنبيان عن وثاقة رواة رواياته، كما لا يخفى.

وأمّا استثناء الخبرين من كتاب الشّلمغاني، فالظاهر أنّه من جهة كونهما معلومي الكذب والوضع لا من جهة ضعف السند، ولعلّه لو وصل إلينا لحكمنا بضعف ثلاثة أرباعه، من يدري حاله؟ وليس في كلام أبي القاسم تصحيح بقية روايات كتابه ـ فلاحظ (8) ـ حتّى تعلم أنّ تصديق أبي القاسم رضي ‌الله‌ عنه من جهة أنّ روايات كتابه مرويّة عن الأئمّة عليه‌السلام فقط، دون الحكم بصحّة رواياته وصدورها عنهم عليهم‌ السلام.

ثمّ إنّ تحديد صحاح أخبار الكافي وضعافها وسائر أنواعها ليس أمرا يتّفق عليه الكلّ، فإنّ أنظار العلماء في علم الرجال مختلفة وباختلافها تختلف كمية الأقسام المذكورة، وما نقله السّيد والمحدّث رحمهما الله من التحديد يحكي عن نظر واحد أو جمع، كما أنّ حجيّة الرّوايات أيضا غير متفق عليها، بل هي مثار الاختلاف والنزاع كما يعرف من مطاوي هذا الكتاب والكتب الأصوليّة وغيرها.

وعلى كلّ حال يثبت صحّة جملة من الإخبار الضعاف المرويّة في الكافي بسند الفقيه والتهذيبين وسائر كتب الصدوق وغيرها، وجملة منها مطابقة للعقل، وجملة منها في اصول العقائد، الّتي لا يكفيها الخبر الواحد وإن صحّ سندها، وجملة منها في الأخلاق والآداب فلا تخف من كلام هذا المحدّث رحمه الله، حتّى وإن أصبح أكثر من نصف أخبار الكافي ضعيفا، إذ لا وحشة من اتّباع الدليل.

4. ذهب جمع إلى حجيّة جميع روايات الكافي واستدلّوا عليه:

أوّلا: بقول الكليني نفسه في ديباجة الكافي في جواب من قال له: أنّه يحبّ أن يكون عنده كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلّم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصّادقين عليهما السلام .... (وقد يسّر الله وله الحمد تأليف ما سألت وأرجو أن يكون بحيث توخيت)، فقد أخبر الكليني نفسه بصحّة روايات كتابه، وإخباره حجّة.

واجيب عنه: بأنّ الصّحة عند القدماء أعمّ من الصحّة عند المتأخّرين، فإنّها عند الأوّلين تنشأ من الأمارات والقرائن، الّتي منها وثاقة الرّواة (9)، فلا يكفي تصحيح الكليني لإثبات الصّحة عندنا.

أقول: لا شكّ في حجيّة كلّ خبر محفوف بقرينة موجبة للاطمئنان بمطابقته للواقع، فإنّ الاطمئنان حجّة عقلائيّة، ولكن لم يبق لدينا من القرائن الموجودة عند القدماء سوى صدق الرّواة، ولا نعتمد على شهادة الكليني وأمثاله من علمائنا الأعلام الأماجد بوجود تلك القرائن في رواياتهم لتصبح معتبرة حجّة ؛ وذلك لأنّ القرائن المفيدة للاطمئنان ليست محصورة مضبوطة مقبولة عند الكل، ليكون الإخبار عن وجودها أخبارا عن حس، بل هي كثيرة مختلفة متفرقة تختلف شدّة وضعفا حسب اختلاف الأنظار والمشارب والآراء والحالات النفسية، وحيث أنّ تقليد المجتهد غير سائغ لمجتهد آخر، بل مطلقا بعد موته لم يجز الاعتماد على فتوى الكليني بصحّة رواياته.

ومنه ينقدح ضعف ما ذكره المحدّث النوري (10) من أنّ سبب شهادة الكليني بصحّة رواياته، إمّا وثاقة رواتها فلا إشكال فيه (11) لأنّها في حكم توثيق جميعهم بالمعنى الأعم، أو كونها مأخوذة من تلك الاصول والكتب المعتبرة عند الإماميّة كافة، وهي شهادة حسّية أبعد من الخطأ والغلط من التوثيق ... وكذا لو كان بعضها للوثاقة، وبعضها للأخذ من تلك الاصول كما لعلّه كذلك انتهى ملخّصا. وقد عرفت عدم حصر القرائن في النقل عن الكتب المعتبرة، بل هي كثيرة غير محصورة ولا مضبوطة.

وليس معنى اعتبار الكتب والاصول، صحّة كلّ واحدة من رواياتها، ووثاقة رواتها كما أشرنا إليه في بعض البحوث السّابقة أيضا، فحال تلك الكتب والأصول عند الكليني، حال الكتب الأربعة عندنا.

وثانيا: بما أشار إليه السّيد ابن طاووس وبحر العلوم رحمهما الله في سابق كلامهما من وقوع تأليف الكافي في زمان الغيبة الصغرى وحضور السفراء.

يقول النوري بعد نقل كلام ابن طاووس السّابق: ونتيجة ما ذكره من المقدّمات عرض الكتاب على أحدهم ـ أي: السفراء ـ وإمضائه وحكمه بصحّته وهو عين إمضاء الإمام عليه‌السلام وحكمه ... وهذا وإن كان حدسا غير قطعي يصيب ويخطئ، ولا يجوز التشبّث به في المقام إلّا أنّ التأمّل في مقدّماته يورث الظّنّ القوي والاطمئنان التّام (12) والوثوق بما ذكره.

فمن البعيد غاية البعد أنّه رحمه الله في طول مدّة تأليفه، وهي عشرون سنة لم يعلمهم (النّواب) بذلك، ولم يعرضه عليهم مع ما كان بينهم من المخالطة والمعاشرة. وليس غرضي من ذلك تصحيح الخبر الشّائع من أنّ هذا الكتاب عرض على الحجّة عليه‌السلام، فقال: إنّ هذا كاف لشيعتنا، فانّه لا أصل له ولا أثر له في مؤلّفات أصحابنا، بل صرّح بعدمه المحدّث الاسترابادي ...

أقول: إذا فرضنا الكليني معتقدا بصحّة روايات كتابه، لا ملزم لسؤاله عن صحتّها عن أحد النوّاب على أنّه لو أمضاه الإمام أو أخبر بصحته بتوسط نائبة الخاصّ؛ لشاع وذاع ونقل إلينا ولو بخبر واحد ضعيف، وحيث لا فلا، مع أنّه لو حصل الظّنّ منه لا يغني من الحقّ شيئا.

على أنّ هذا الوجه لو تمّ، لدلّ على اعتبار جميع المؤلّفات في زمن الأئمّة عليهم ‌السلام بطريق أولى إذا كان مؤلفّوها ثقات.

وثالثا: بما ذكره النجّاشي من أنّه أوثق الناس في الحديث، وقد قيل في حقّ جمع من الرّواة أنّهم رووا عن الثّقات، وقد ذكروا في ترجمة جماعة أنّهم صحيح الحديث، وقد مرّ أنّ معناه وثاقة جميع من يروون عنهم، فيكون الكليني كذلك بطريق أولى.

وقد فصّل النوري رحمه الله هذا الوجه بنحو خرج عن حدّ الإنصاف، وبني قوله على الاعتساف، والحقّ أنّ ما ذكره ضعيف جدّا، ولا داعي للجواب عنه تفصيلا، فإنّه من إضاعة الوقت.

وبالجملة: القول بكون روايات الكافي قطعية الصدور، والقول بأنّها موثوق بصدورها، والقول بصحتّها، والقول بحجيّتها، كلّها غلوّ وحسن ظنّ لا يدعمه دليل.

5. روى الكليني رحمه الله عن محمّد بن الحسن وحده في عدّة موارد (13) من كتابه الكافي أو مع علي بن محمّد، وربّما مع محمّد أبي عبد الله أو مع عليّ بن إبراهيم الهاشمي، وروي محمّد بن الحسن ـ أمّا وحده وأمّا مع عليّ بن محمّد ـ عن سهل بن زياد غالبا، وربّما عن عبد الله بن الحسن، العلوي أو عبد الله بن الحسن وقد يروي عن إبراهيم بن إسحاق، أو إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، أو عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر. وقد اختلفوا في تعيين مسمّاه، فقيل: إنّه الصفار المعروف. وقيل: إنّه غيره، ومن أحسن الشّواهد على القول الأوّل، قول الشّيخ في فهرسته في بيان طرقه إلى كتب إبراهيم بن إسحاق أبي إسحاق الأحمري النهاوندي، بعد ذمّه بقوله كان ضعيفا في حديثه متّهما في دينه.

وأخبرنا (ني) أبو الحسين ابن أبي جيّد القمّي، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن إبراهيم الأحمري بمقتل الحسين عليه‌السلام خاصّة.

فإنّه نعم الشّاهد على كون محمّد بن الحسن المبدوء به سند الكافي، هو الصفّار فإنّه روي في جملة من أسناد الكافي عن إبراهيم المذكور.

لكن ابن أبي جيد لم يثبت وثاقته عندي، فلا دليل معتبر على صحّة رواية الصّفار كتاب الأحمري، وقد أورد عليه أيضا المحدّث النوري (14) أنّ هذا لا يعين كون محمّد بن الحسن هو الصفّار مع وجود شريك له في الاسم في طبقته، وجواز روايته عنه، ومع الغضّ عنه، فهو ظنّ ضعيف.

أقول: فإرسال سيّدنا الأستاذ كون الصفّار شيخ الكليني إرسال المسلّمات (15) غير قوي. كما أنّ جزمه بكون الرّاوي عن إبراهيم بن إسحاق هو الصفّار محتاج إلى تدليل، فإنّه إنّما روي كتابا واحدا من كتب إبراهيم لا جميعها، كما عرفت من فهرست الشّيخ. ومن أحسن الشّواهد على القول الثّاني أنّ محمّد بن الحسن المبدوء به السند في الكافي روي غالبا عن سهل مع أنّ الصفّار في بصائره لم يرو، عن سهل أصلا، مع أنّ الكتاب المذكور مقصور على ذكر الفضائل، وسهل مرمي بالغلو الّذي لا منشأ له إلّا ذكرها، ومن البعيد أن يكون من رجاله ولا يروي عنه كما ذكره المحدّث النوري في خاتمة مستدركه (16).

أقول: لكن الصفّار لم يروِ، عن سهل في التهذيب أيضا إلّا في مورد واحد، كما تشهد به نسخة الكمبيوتر من التهذيب، فتأمّل.

ثمّ قال المحدّث المذكور: إنّ في طبقة مشايخ ثقة الإسلام جماعة ممّن شارك الصفّار في الاسم يحتمل روايته عنهم، منهم محمّد بن الحسن بن علي أبو عبد الله المحاربي، ومنهم محمّد بن الحسن القمّي، ومنهم محمّد بن الحسن بن علي أبو المثنى، ومنهم محمّد بن الحسن بن بندار القمّي، ومنهم محمّد بن الحسن البرناني، انتهى مخلصا.

أقول: ويحتمل أنّه محمّد بن الحسن الطاطري المجهول فقد روي الكليني عنه (17) في الكافي، والله العالم بحقيقة الحال.

ثمّ إنّي وقفت حين إعداد الكتاب للطبعة الرابعة 1 / 3 / 1378 ه‍ ش، على ما حقّقه السّيد البروجردي رحمه الله من تعيين هذا الرجل: وقال بعد نقل الآراء ورد دلائلها: والذي حصل لي من تتبّع الأسانيد هو أنّه ـ أي: محمّد بن الحسن الّذي يروي عنه الكليني ـ ليس محمّد بن الحسن الصفار فإنّه لا مشابهة بين أسانيده وأسانيد الصفار فإنّ الصفار شيخ واسع الرّواية كثير الطريق يروي عن نيف وخمسين شخصا من الكوفيّين والبغداديّين والقمّيين والرازيّين، وهذا لا يروي إلّا عن معدود من الرازيّين أو من نزل بها، مع أنّ هذا الرجل جلّ رواياته، عن سهل بن زياد وروايته، عن غير سهل في غاية الندرة.

وأمّا الصفّار، فلم يثبت له رواية، عن سهل، فانّا جمعنا شيوخه في البصائر والتهذيب وغيرهما، فلم نجد فيهم سهل بن زياد إلّا في موردين أحدهما في التهذيب ... والثّاني في الفقيه ... والظّاهر أنّ الأوّل معلول ...

ثمّ، الغالب على ظنّي أنّه محمّد بن الحسن الطائي الرّازي، فإنّه كان رجلا من أهل الحديث بالرّي ... فقال النجّاشي في ترجمة علي بن العبّاس الجراذيني الرازي المرمي بالغلوّ والضعف بعد ما عد كتبه: أخبرنا الحسين بن عبيد الله عن ابن أبي رافع، عن محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن الحسن الطائي الرازي، قال حدثنا علي بن العبّاس بكتبه كلّها.

ويؤيده ما ذكره المصنّف ـ أي: الكليني ـ في كتاب الجهاد من هذا الكتاب في باب من يجب معه الجهاد، حيث قال: محمّد بن الحسن الطائي عمّن ذكره، عن علي بن النعمان، عن سويد القلاء الخ هكذا وجدته في ثلاث نسخ مخطوطة من الكتاب، وهو الموافق لما حكاه صاحبا الوافي والوسائل، ولكن الموجود في نسخة اخرى مخطوطة ونسختين مطبوعتين منه تبديل الطائي بالطاطري.

ويؤيّد ما حكيناه عن النجّاشي، مضافا إلى عدم معهوديّة محمّد بن الحسن الطاطري، نعم، علي بن الحسن الطاطري معروف، ولكنّه رجل من السّابعة (18)

أقول: مراده قدّس سره من جملته الأخيرة أنّ الكليني لا يصحّ أن يروي عنه وعن كلّ من في الطبقة السابعة.

ثمّ اعلم: أنّ ما ذكره السّيد الجليل، وإن كان موافقا لما بنينا عليه أوّلا، لكنّه مجرّد ظنّ لا يثبت به إنّ الرجل المذكور هو الطائي، كما لا يخفى.

وعلى كلّ هو رجل مجهول لا تعتبر الأسانيد المشتملة عليه.

6. قال الشّهيد رحمه الله في محكي أوائل الذّكرى (19): أنّ ما في الكافي من الأحاديث يزيد على ما في مجموع الصّحاح السّتّة للجمهور.

أقول: المنقول عن كشف الظنون أنّ جميع أحاديث صحيح البخاري بالمكرّر سوى المعلّقات والمتابعات على ما حرّرته واتقنته سبعة آلاف وثلاثمائة وسبعة وتسعون / 7397 حديثا، والخالص من ذلك بلا تكرير ألفا حديث وستمائة وحديثان (20) وإذا ضمّ إليه المتون المعلّقة المرفوعة وهي مائة وخمسون حديثا صار مجموع الخالص ألفي حديث وسبعمائة وإحدى وستّين حديثا / 2761.

وعنه أيضا: روي عن مسلم أنّ كتابه أربعة آلاف حديث / 4000، دون المكررّات، وبالمكررّات سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا / 7275.

أقول: وأمّا سنن أبي داود السجستاني، فقد قال في أوّله: وجمعت في كتابي هذا أربعة آلاف حديث وثمانية أحاديث من الصّحيح وما يشبهه وما يقاربه.

وقد كتب في ظهر سنن ابن ماجة المطبوعة في كراتشي أنّ عدّة رواياتها 4341 ومن هذه 3002 حديث أخرجها أصحاب الكتب الخمسة كلّهم، أو بعضهم وباقي الأحاديث عددها 1339، هي الزوائد على ما جاء بالكتب الخمسة.

وفي بعض نسخ سنن ابن ماجة أنّ رواياتها تبلغ: 4234 وأنّ الصّحاح منها: 3101 حديث. وعدد روايات سنن الترمذي حسب الأرقام المطبوعة: 3101 حديث.

ويظهر من أرقام بعض نسخ سنن النسائي المطبوعة أنّ عدد رواياتها بمكرراتها: 5764 حديثا. وقيل: إنّ أحاديث مسند أحمد بن حنبل تبلغ واحد وثلاثين ألف حديث.

7. كثيرا ما يقول الكليني قدّس سره في الكافي: عدّة من أصحابنا عن فلان، ونحو ذلك، فمنها ما بيّنه العلّامة في الخلاصّة مرسلا، عن الكليني أسمائها وهي ما تكرّرت في الأسانيد، كالعدّة عن أحمد بن محمّد بن عيسى (21) والعدّة عن أحمد بن محمّد بن خالد والعدّة عن سهل، ومنها ما لم يظهر أسمائها، وهي معدودة كالعدّة عن البزنطي، والعدّة عن أبان بن عثمان، والعدّة عن الثمالي والعدّة عن أبي جعفر عليه‌السلام، وغيرها. وتفصيل البحث تجده في الخلاصّة (22) والوسائل (23) وجامع الرّواة (24) وخاتمة رجال المامقاني (25) وخاتمة مستدرك النوري (26)، وغيرها.

أقول: تواطؤ جماعة غير كثيرة على الكذب والاختلاق، وإن كان ممكنا عقلا إلّا أنّ الإنسان يطمئن عادة بعدم وقوعه ويثق بصدق نقل العدّة وعدم كذب جميع أفرادها، والموثوق به صدق الخبر ولو بصدق بعض أفرادها، وعلى هذا نحن في سعة من تفصيل الكلام حول تعيين أفراد العدّة أوّلا: وإثبات وثاقتهم أو حسنهم، ثانيا: ولا فرق في ذلك بين الكليني في كتابه الكافي والشّيخ في فهرسته وغيرهما في غيرهما كما لا يخفى. وعلى كلّ تكون أسناد روايات الكافي سليمة من النقاش من هذه الجهة، وكذا بعض روايات ابن أبي عمير، حيث يقول عن رجاله، أو عن عدّة، أو عن غير واحد، ونحو ذلك، فإنّا لا نحتمل كذب جميع هؤلآء الأشخاص، بل نطمئن بصدق الخبر، ولو من جهة صدق بعض أفرادهم، والله الموفّق.

لكن هذا إذا كانت العدّة في طبقة واحدة أي في عرض واحد، كما في العدّة عن أحمد بن محمّد البرقي أو الأشعري، وأمّا إذا كانت في طبقتين، كما في العدّة إلى البزنطي، فإنّه شيخ شيخ شيخ الكليني رحمه الله فيشكل حصول الاعتماد عليها لاحتمال أن يكون أكثر العدّة رووا في الطبقة الأولى وبعضهم كالمجهول أو المجهولين، منهم رويا عن الطبقة الثانية، وعبّر الكليني عن المجموع بالعدّة، وهذا الاحتمال لا دافع له إلّا إذا وجدنا قرينة على خلافه فتفطّن ولا تغفل. ويظهر من فروع الكافي (27) أنّ عدّته بالنسبة إلى أحمد البزنطي هم العدّة بالنسبة إلى أحمد بن محمّد البرقي، أو الأشعري، وإلى سهل، بناء على تعليق سند الثانية على سند الأوّلى في الباب ... وهذا يؤكّد الاحتمال الّذي ذكرنا.

8. أكثر روايات الكافي مسندة وبعضها القليل مرسل، وبعضها مرفوع (28)، وأمّا المعلّقات فهي كثيرة في الكافي وتشخيصها محتاج إلى مهارة ودقّة وهي من المسندات دون المرسلات كما توهم.

9. قال بعض أهل التحقيق: دأب الكليني على ما عرفناه بالتّتبّع في كتابه الكافي ترتيب الرّوايات على حسب مراتبها عنده في الصّحة والاعتبار، والله العالم.

بقي في المقام أمور:

الأوّل: المستفاد من فهرستي الشّيخ والنجّاشي، ومشيختي الفقيه والتهذيب أن جماعة رووا الكافي عن مصنّفه، وإليك بيان أسمائهم:

الرقم

اسم الراوي

حاله

من روى عنه الكليني

حاله

1

أحمد بن إبراهيم الصيمريّ

ثقة

أحمد بن عبدون

مجهول

2

أحمد بن أحمد أبي الحسين

مجهول

جماعة

 

3

أحمد بن علي بن سعيد

مجهول

السيّد المرتضى

ثقة

4

أحمد بن محمد بن سليمان

ثقة

الحسين الغضائري

ثقة

5

إسحاق بن الحسن التمّار

ضعيف في مذهبه

العقرائي وغيره

 

6

جعفر بن محمد بن قولويه

ثقة

جماعة

مجهول

7

عبد الكريم البزّاز

مجهول

أحمد بن عبدون

ثقة

8

علي بن أحمد الدقّاق

حسن

الصدوق

ثقة

9

محمد بن أحمد بن محمد بن سنان

حسن

الصدوق

ثقة

10

محمد بن محمد بن عصام

في حسنه بحث(29)

الصدوق

ثقة

11

محمد بن عبد الله أبو الفضل

ضعيف

الغضائري

ثقة

12

هارون بن موسى

ثقة

الغضائري

ثقة

 

 

والطرق تتّصل بعشرة منهم دون الرجل الثّاني أحمد بن أحمد أبى الحسين، والخامس (إسحاق بن الحسن) إذ لم يرو عنهما أحد ظاهرا.

وأمّا محمّد بن إبراهيم النعماني مؤلّف كتاب الغيبة، فالمتيقّن أنّه روي عن الكليني في كتابه بعض أحاديث الكافي لا تمامه، كما ذكره سيدنا البروجردي رحمه الله في كتاب ترتيب أسانيد كتاب الكافي: الصفحة 114 و115.

الثّاني: في ذكر أسماء مشائخ الكليني الّذين روي عنهم في الكافي وهم سبعة وثلاثون شيخا. فمنهم المكثرون ومنهم المتوسطون ومنهم المقلون جدّا. اما المكثرون فهم:

 

 

 

الرقم

اسم الشيخ

حاله

تعداد رواياته

1

أحمد بن إدريس

ثقة

300 تقريباً

2

الحسين بن محمد بن عامر

ثقة

660 تقريباً

3

حميد بن زياد

موثّق

320 تقريباً

4

علي بن إبراهيم

ثقة

قريب من 3800 باسمه (30)

5

علي بن محمد الكليني (علان)

ثقة

أكثر من 500

6

علي بن محمد بن بندار

ثقة

ورد اسمه في أكثر من 146

7

محمد بن إسماعيل

مجهول (31)

أكثر من 400

8

محمد بن يحيى

ثقة

5985 كلّها

 

 

 

وأمّا المتوسّطون فهم:

الرقم

اسم الشيخ

حاله

تعداد رواياته

1

أحمد بن محمد العاصي الكوفي

ثقة

قريبا من 70 حديث

2

أحمد بن مهران

حسن على الأظهر

قريباً من 50 حديث

3

محمد بن جعفر الأسدي (محمد بن أبي عبد الله)

ثقة

نيّفاً وأربعين حديث

4

محمد بن جعفر الرزّاز

في وثاقته بحث (32)

أكثر من 40 حديث

5

محمد بن الحسن

مجهول

91 حديث

 
وأمّا المقلّون فهم:

الرقم

اسم الشيخ

حاله

تعداد رواياته

1

والد الصدوق علي بن الحسين

ثقة

1

2

أبو بكر الحبّال

مهمل

1

3

أبو داوود

مهمل

19 (33)

4

أحمد بن عبد الله حفيد أحمد البرقي

مجهول

10

5

أحمد بن محمد بن سعيد (ابن عقدة)

موثّق

4 أو 2 (34)

6

أحمد بن محمد عن محمد بن الحسن (35)

مجهول

14 أو 20

7

حبيب بن الحسن

مجهول

3

8

الحسن بن خفيف

مجهول

1

9

الحسين بن أحمد

مجهول

5 على كلام

10

الحسين بن الحسن

مجهول

7

11

الحسين بن علي الهاشمي العلوي

مجهول

8

12

الحسين (الحسن) بن الفضل اليماني

مجهول

1

13

سعد بن عبد الله القمّي (36)

ثقة

 

14

عبد الله بن جعفر

ثقة

7 أو 8 ولعلّه بالوجادة

15

علي بن إبرهيم الهاشمي (37)

ثقة

1

16

علي بن الحسين القمّي السعدآبادي

في حسنه تردد

3

17

علي بن موسى (أحد العدّة)

مجهول

1

18

القاسم بن العلاء

ثقة

2

19

محمد بن أحمد بن علي بن الصلت

ثقة

8 على تردد

20

محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري

ثقة

9

21

محمد بن عقيل

مجهول

1

22

محمد بن علي بن معمر

مجهول

3

23

محمد بن محمود

مجهول

1

24

داوود بن كورة

مجهول

لم يروِ عنه بعنوانه وإنّما روى عنه في ضمن العدّة

 

هذه الجداول كتبت على أساس ما ذكره سيّدنا البروجردي قدّس سره في الجزء الأوّل من موسوعته الرجاليّة (38)، وإن طبّقتها على معجم رجال الحديث للسيد الأستاذ الخوئي رحمه الله تجد بينهما اختلافا.

وعلى كلّ في عد من ذكر بأرقام 14 فلاحظ الكافي (39) ـ مولد علي بن الحسين ـ من شيوخ الكليني، نظر ومحتاج إلى بحث.

ثمّ إنّي لا أرى الباحث غنيا عمّا ذكره السّيد البروجردي رحمه الله في هذا المقام من موسوعته الرجالية (40) من ايضاح الاشتباهات الواقعة حول شيوخ الكليني رحمه الله ولا حاجة إلى تكراره هنا.

الثالث: قال السّيد البروجردي بعد نقل كلام الشّيخ والنجّاشي في تعداد كتب الكافي: قد اختلف كلام هذين الشّيخين في بيان الكتب الّتي يشتمل كتاب الكافي، في عددها وترتيبها. وكلامه هما مخالف لما هو الموجود فيما بأيدينا من نسخه، فإنّ كتبه في النسخ الموجودة في زماننا خمسة وثلاثون كتابا بهذا الترتيب.

الثّاني: كتاب من لا يحضره الفقيه لمحمّد بن علي بن الحسين بن بابويه، المتوفّي 381 ه‍ الصدوق رضي ‌الله ‌عنه والبحث عنه من جهتين:

الاولى: نقل عن التّفرشي في أوّل شرحه على الفقيه عن شيخه أنّ أحاديث هذا الكتاب خمسة آلاف وتسعمائة وثلاثة وستون حديثا (41)، منها ألفان وخمسون حديثا مرسلا. ومثله ما نقل عن الشّيخ البهائي.

ونقل عن بعضهم أنّ الفقيه يشتمل على أربعة مجلّدات تشتمل على ستمائة وستّة وستين بابا.

المجلّد الأول: 87 بابا

المجلّد الثاني: 228 بابا

المجلّد الثالث: 78 بابا

المجلّد الرابع: 173 بابا

لكن المجموع يصير خمسمائة وستّة وستين بابا، لا ما ذكره أوّلا، فبيّن كلاميه تهافت، ثمّ ذكر أنّ في:

المجلّد الأول: 1618 حديثا

المسند: 777

المرسل: 841

المجلّد الثاني: 1637 حديثا

المسند: 1064

المرسل: 573

المجلّد الثالث: 1305 حديثا

المسند: 1295

المرسل: 510

المجلّد الرابع: 903 حديثا

المسند: 777

المرسل: 126

المجموع:

5963

3913

2050

أقول: هكذا في خاتمة المستدرك، لكن الصحيح أنّ عدد أحاديث المجلّد الثالث ألف وثمانمائة وخمسة حديث لا ثلاثمائة وخمسة كما لا يخفى فيكون المجموع، كما ذكره التفرشي والبهائي رحمهما الله.

قيل: ومرادهم من المرسل أعمّ ممّا لم يذكر فيه اسم الرّاوي بأن قال روي أو قال: قال عليه‌السلام أو ذكر الرّاوي ونسى أن يذكر طريقه إليه في المشيخة، وهم على ما صرّح به التقي المجلسي رحمه الله في شرحه الفارسي المسمّى باللوامع أزيد من مائة وعشرين رجلا (42)، وإخبارهم تزيد على ثلاثمائة والكل محسوب من المراسيل عند الأصحاب، وقال ـ أي: المجلسي ـ لكنّا بيّنا أسانيدها، أمّا من الكافي، أو من كتبه، أو من كتب الحسين بن سعيد ... انتهى.

الثانية: يقول السّيد بحر العلوم (43) في ترجمة الصدوق رضي ‌الله‌ عنهما. فإنّه أي الفقيه أحد الكتب الأربعة الّتي هي في الاشتهار والاعتبار، كالشّمس في رابعة النهار، وأحاديثه معدودة في الصحاح من غير خلاف ولا توقّف من أحد (44)، حتّى أنّ الفاضل المحقّق الشّيخ حسن بن الشّهيد الثّاني مع ما علم من طريقته في تصحيح الأحاديث يعد أحاديثه من الصحيح، عنده وعند الكلّ ونقل عنه ـ أي عن الشّيخ حسن ـ تلميذه الشّيخ الجليل عبد اللطيف في رجاله أنّه سمع منه مشافهة: إنّ كلّ رجل يذكره في الصحيح عنده فهو شاهد أصل بعدالته لا ناقل.

ومن الأصحاب من يذهب إلى ترجيح أحاديث الفقيه على غيره من الكتب الأربعة؛ نظرا إلى زيادة حفظ الصدوق رحمه الله وحسن ضبطه وتثبته في الرّواية، وتأخّر كتابه عن الكافي وضمانه فيه لصحّة ما يورده ... وبهذا الاعتبار قيل إنّ مراسيل الصّدوق في الفقيه، كمراسيل ابن أبي عمير في الحجيّة والاعتبار.

وإنّ هذه المزية من خواص هذا الكتاب ولا توجد في غيره من كتب الأصحاب، انتهى.

أقول: والأصل في هذا الاتّفاق المدعى (45) في كلام هذا السّيد المعظّم على تصحيح روايات الفقيه، حتّى مراسيلها بحسب الظاهر، هو كلام الصدوق نفسه، قال قدّس سره في أوّل كتابه: ... وصنّفت له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لئلا تكثر طرقه وان كثرت فوائده، ولم أقصد فيه قصد المصنفين إلى إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتى به، وأحكم بصحته، واعتقد أنّه حجّة بيني وبين ربي عزوجل، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعوّل وإليها المرجع، مثل كتاب حريز بن عبد الله السجستاني، وكتاب عبيد الله بن عليّ الحلبي، وكتب علي بن مهزيار الأهوازي، وكتب الحسين بن سعيد، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى، وكتاب نوادر الحكمة تصنيف محمّد بن أحمد بن عمران الأشعري، وكتاب الرحمة لسعد بن عبد الله، وجامع شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد رضي ‌الله ‌عنه، ونوادر محمّد بن أبي عمير، وكتب المحاسن لأحمد بن أبي عبد الله البرقي، ورسالة أبي رضي ‌الله ‌عنه، إلّيّ وغيرها من الاصول والمصنّفات، الّتي طرقي إليها معروفة في فهرس الكتب الّتي رويتها عن مشايخي وأسلافي رضي ‌الله‌ عنهم.

أقول: ذكرنا فيما سبق أنّ الصحّة عند الصدوق وابن الوليد، وأيّ باحث آخر لا تستلزم تحققها عند الآخرين؛ لعدم الاتّفاق على أسبابها الكثيرة الغير المضبوطة، ولا يجوز للمجتهد تقليد غيره بوجه. (46) نعم، لو أخبر عن وثاقة رواة كتابه لقبلنا في غير فرض التعارض، على أنّه قد ادّعي جمع عدم وفاء الصدوق بالتزامه المذكور في أثناء كتابه في موارد كثيرة (47).

نعم، قد يقال: إنّ وعد الصدوق في غير ما ثبت تخلّفه لا معدل عنه، لكن فيه تأمّل كما أنّ ما ذكر في ترجيح إخباره من التعليل عليل. وعلى كلّ لا ينقضي تعجبي من كلام السّيد بحر العلوم وادّعائه نفي الخلاف في صحّة جميع روايات الفقيه، وأعجب منه مخالفته لكلام نفسه فيما يأتي عن قريب حول التهذيب والاستبصار.

تعقيب وتحقيق:

ثمّ أقول: كلام السّيد بحر العلوم رحمه الله مشتمل على مطالب:

1. أحاديث الفقيه كلّها معدودة في الصحاح من غير خلاف ولا توقف من أحد ومقتضى إطلاقه حجيّة المراسيل والمسندات المشتملة على المجاهيل والضعاف، وبعبارة أخرى: أنّ تجريح من سبق الصدوق ومن تأخر عنه لمن يروي عنه الصدوق في الفقيه، يلغى ولا يلتفت إليه.

وربّما يحتمل استناد هذا التّصحيح العام إلى الإجماع وقرائن خارجية؛ لكن كلام الشّيخ حسن رحمه الله ظاهر في الوجه الأوّل، كما لا يخفى.

2. ترجيح أحاديث الفقيه على غيره من الكافي والتهذيبين عند بعضهم؛ نظرا إلى ما نقله هذا السّيد عن قائله.

3. مراسيل الفقيه كمراسيل ابن أبي عمير في الحجيّة والاعتبار، وهذه المزية خاصّة بالفقيه فقط.

أقول: تخصيص الأمرين الأخيرين بالفقيه بلا مخصّص؛ لأنّ العلّة الموجبة لهما المذكورة في كلامه جارية في جميع مؤلّفات الصدوق قدّس سره، سوى ضمانه الخاص بالفقيه.

ثمّ التعارض قد يكون باختلاف في المتن فقط مع اتّحاد السند في الفقيه وغيره، وقد يكون باختلاف المتن والسند، ومقتضى إطلاق الكلام السّابق شموله لكلا الفرضين.

ثمّ الأمر الأوّل نشأ من حسن ظن قوي شديد بالصدوق رحمه الله خارجا عن مساحة الاستدلال، وقد عرفت ما فيه، من أنّ التّصحيح عملية اجتهاديّة.

ومنه يظهر سقوط الأمر الثّاني أيضا، وأنّ زيادة الحفظ وحسن الحفظ و ... إن تمّت في نفسها لا توجب الترجيح، مع أنّ بعضها لا يجري في حقّ التهذيبين المتأخّرين تأليفا. والأمر الثالث فيه قولان، قول بحجّيّة مرسلاته مطلقا، كما في كلام السّيد وجمع، وقول بحجيتها إذا كانت مستندة إلى المعصوم بصيغة جزمية فقط، يقول السّيد الداماد: لو لم يكن الوسيط الساقط عدلا عند المرسل لما ساغ له أسناد الحديث إلى المعصوم ... كما لو قال المرسل: قال النّبي صلى ‌الله ‌عليه وآله أو قال المعصوم عليه‌السلام ذلك، وذلك مثل قول الصدوق ... في الفقيه: قال عليه‌السلام الماء يطهر ولا يطهر ؛ اذ مفاده الجزم، أو الظّن بصدور الحديث عن المعصوم، فيجب أن تكون الوسائط عدولا في ظنه، وإلّا كان الحكم الجازم بالإسناد هادما جلالته وعدالته (48).

وقد ارتضاه جمع، ومعنى ذلك عدم حجيّتها إذا قال المرسل روي عن النّبيّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله أو الإمام عليه ‌السلام أو روي فلان عنه عليه ‌السلام وكان الرّاوي مجهولا أو ضعيفا. وعلى كلّ هذا القول غير خاص بالفقيه ولا بالصدوق.

أقول: ويضعّف كلا القولين بأنّ اعتقاد المرسل بصحّة رواية وصدورها، قد يكون بوثاقة الرّواة، وقد يكون بقرائن اجتهادية تختلف فيها الآراء، وكلام الصدوق المنقول سابقا كالنصّ بل قصدت إلى إيراد ما أفتى به، وأحكم بصحته، واعتقد أنّه حجّة ... في ذلك.

نعم. لو ثبت أنّ المرسل لا يرسل إلّا عن ثقة لا يرد على مرسلاته هذا الإشكال.

لا يقال: فأمر مرسلات الصدوق أو غيره إذا عبر بصيغة جزميّة دائرة بين الحدس، وما ينتهي إلى الحسّ عن صادق عن صادق عن الإمام عليه‌السلام، وبناء العقلاء قائم على أنّ الإخبار عن الأشياء الحسيّة ـ عند الشّك في كونه مستندا إلى الحسّ أو الحدس يحمل على الحسّ، ونتيجة ذلك حمل مراسيل العلماء على الحسّ، فتكون حجّة.

يقول السّيد الأستاذ الخوئي رحمه الله في مقام الجواب عن إرسال التّوثيقات الصادرة من الشّيخ والنجّاشي وأمثالها، كما مرّ تفصيله في البحث الرابع:

فإنّ قيل: إن أخبارهم عن الوثاقة والحس لعلّه منشأ من الحدس والاجتهاد وإعمال النظر فلا تشمله أدلة حجيّة خبر الثّقة، فإنّها لا تشمل الإخبار الحدسية فإذا احتمل أنّ الخبر حدّسي كانت الشّبهة مصداقيّة.

قلنا: إنّ هذا الاحتمال لا يعتني به بعد قيام السيرة على حجيّة خبر الثّقة فيما لم يعلم أنّه نشأ من الحدس، ولا ريب في أن احتمال الحسّ في أخبارهم، ولو من جهة نقل كابر، عن كابر وثقة، عن ثقة موجود وجدانا كيف؟ وقد كان تأليف كتب الفهارس والتراجم لتمييز الصحيح من السّقيم أمرا متعارفا عندهم، وقد وصلتنا جملة من ذلك، ولم تصلنا جملة أخرى:

وقد بلغ عدد الكتب الرجاليّة من زمن الحسن بن محبوب إلى زمان الشّيخ نيفا ومائة كتاب على ما يظهر من النجّاشي والشّيخ وغيرهما، وقد جمع ذلك البحاثة الشّهير المعاصر الشّيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه مصفي المقال ... وبهذا يظهر أنّ مناقشة الشّيخ الطريحي فخر الدين في مشتركاته: إنّ توثيقات النجّاشي أو الشّيخ يحتمل أنّها مبنية على الحدس فلا يعتمد على الإرسال عليها في غير محلّها. انتهى كلام السّيد الأستاذ رحمه الله (49).

أقول: هذا القول لا بأس به؛ ولذا نقبل المسندات إذا روي ثقة عن ثقة عن الامام عليه‌السلام إذا لم تقم قرينة على إعمال الحدّس من بعضهم؛ ولأجل هذه القرينة لم نقبل أخبار الشّيخ الطوسي رحمه الله بأنّ ابن أبي عمير وجمع آخرون لا يرسلون إلّا عن ثقة، كما مرّ، لكن بناء القدماء في تصحيح الرّوايات لم تكن على مجرّد إخبار الثّقة فقط، بل عليه وعلى الخبر الموثوق به لأجل قرائن اجتهاديّة حدسيّة، وعليه لا وجه لحمل مرسلاتهم، ومنها مراسيل الصدوق على الحس.

يقول الصدوق في محكي العيون (50) حول رواية: كان شيخنا محمّد بن الوليد ... سيء

الرأي في محمّد بن عبد الله المسمعي راوي هذا الحديث، وإنّما أخرجت هذا الحديث في هذا الكتاب؛ لأنّه كان في كتاب الرحمة، وقد قرأته عليه، فلم ينكره ورواه لي، انتهى. وهذا يدلّ على قبول الرواية عن ضعيف، إذا لم ينكر شيخه ورواه لتلميذه وهو مثل الصدوق ومن تتبع كلمات المحدّثين والرجاليّين يقف على جملات عديدة من قبيل عدم العمل بروايات فلان ضعيف، إذا انفرد بها مطلقا أو إذا انفرد فلان عن فلان، وإنّ فلانا يروى عن فلان وفلان، يروي عن الضعفاء إذا خلت رواياتهم عن التخليط والغلوّ والتدليس ونحو ذلك، كما ينقل عن ابن الوليد شيخ الصدوق رحمهما الله.

كلّ ذلك يدلّ على عدم انحصار التّصحيح بوثاقة الرّواة فقط، بل لهم قرائن ومعايير أخرى في قبول الحديث ورده.

وبالجملة الرّواة المجهولون والضعفاء كثيرون في الرّوايات، ولعلّهم أكثر بكثير من الثقات (51) وليس بناء المحدثين على ردّ الإخبار الكثيرة، لأجل جهالة واحد أو اثنين من الرّواة، كما هو المعلوم من مجموع الكلمات، وعليه فلا بدّ أن يكون لهم سبلا غير وثاقة الرّواة، ومع ذلك لا معنى للحمل على الحس.

وأمّا كلام سيّدنا الأستاذ، فقد مرّ نقده في البحث الرابع مفصّلا، والله أعلم.

ثمّ إنّ السّيد السيستاني (طال عمره) قال في كتابه قاعدة لا ضرر ولا ضرار (52): إنّ كتاب من لا يحضره الفقيه كتاب فقهي في الأساس، يتضمّن الفتوى بمتون الأحاديث، فلا يلزم في مثله مراعاة نقل الحديث بتمامه إذا كان بعض فقراته لا يرتبط بما هو مقصود المؤلّف. انتهى.

نقد وتوضيح:

تقدّم في البحث الثّاني برقم: 11، ادّعاء بعضهم إنّ من إليه طريق للشيخ الصدوق من الممدوحين، واجبنا عنه هناك.

ونزيد هنا أنّ جماعة ممّن روي عنهم الصدوق في مشيخة الفقه من الضعفاء، كأحمد بن هلال الّذي نقل جرحه في كمال الدين عن مشايخنا، والسكوني الّذي ضعّفه في ميراث المجوسي، ووهب بن وهب وسماعة بن مهران، الّذي قال في حقّه أنّه لا يعمل بما ينفرد هو به لكونه واقفيا.

وزياد بن المنذر والمفضل بن صالح وعلي بن سالم البطائني، وابنه الحسن بن علي، وجمع آخرين كما نبه عليه بعض المعلّقين (53).

وأمّا مشائخ الصدوق المكثرون منهم والمقلّون في الفقيه، فهم حسب ما استخرجناهم من مشيخة الفقيه، أربعة وعشرون شيخا:

1. أحمد بن الحسين القطان.

2. أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني.

3. أحمد بن محمّد بن يحيى العطار.

4. جعفر بن علي بن الحسن.

5. جعفر بن محمّد بن مسرور.

6. الحسين بن إبراهيم، وحكم في معجم الرجال باتّحاده مع الحسين بن إبراهيم بن أحمد والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام.

والحسين بن إبراهيم الكاتب (المكتب) وترضّى عليه في المشيخة ثلاث مرّات.

7. الحسين بن إبراهيم بن ناتانة، ترضّى عليه مرّتين في المشيخة.

8. الحسين بن أحمد بن إدريس.

9. حمزة بن محمّد العلوي.

10. عبد الواحد بن عبدوس العطار النيسابوري ... الظاهر اتّحاده مع عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس، ترضّى عليه مرّة، قيل إنّ الصدوق ذكره في توحيده مع الترضية والترحّم في غير مورد.

11. علي بن حاتم (إجازة).

12. علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله.

13. علي بن أحمد بن موسى الدّقاق.

14. علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، والده.

15. محمّد بن أحمد السناني، ترضّى عليه في الآخرين في موارد.

16. محمّد بن إبراهيم بن إسحاق ترضّى عليه.

17. محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد.

18. محمّد بن علي ماجيلويه

19. محمّد بن علي شاه بمرو الرود.

20. محمّد بن القاسم الاسترابادي.

21. محمّد بن محمّد بن عصام.

22. محمّد بن موسى بن المتوكّل.

23. المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي، ترضّى عليه.

واعلم: أنّه سيأتي ذكر طرق الصدوق في المشيخة إجمالا في بحث آخر.

وقد يقال: إنّ الصدوق ترك طرقه إلى ما يقرب من: 120 شخصا فيها؛ وربّما اتّفق العكس فذكر الطّريق مع عدم رواية عن ذي الطّريق، وعن المجلسي الأوّل إنّ من صنع الصدوق معه هذه الصنيعة يقرب إلى العشرة.

واعلم: أن من رجع إلى ما ذكرنا في آخر البحث الثّاني عشر من تكرار الترحّم والترضّي في كلام الشّيخ الصدوق عن مشائخه، يعلم حسن جملة من المذكورين في هذا المقام، والله الملهم للصواب.

الثالث والرابع: الاستبصار وتهذيب الأحكام لشيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي رضي ‌الله ‌عنه (385 ـ 460) قيل قد جمعنا عدد الأبواب وأحاديث التهذيب فكان عدد الأبواب ثلاثمائة وثلاثة وتسعين 393 بابا وعدد الأحاديث ثلاثة عشر ألف وخمسمائة وتسعين حديثا (54)، ينقص عن أحاديث الكافي بألفين وستمائة وتسعة 2609 أحاديث (55).

ونقل إنّ الشّيخ شرع في تأليف التهذيب ولما بلغ سنّه ستا وعشرين؛ وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم (56).

يقول السّيد السيستاني (57): إنّ الشّيخ ناقش في موضعين من التهذيبين في بعض مراسيل ابن أبي عمير وردّها بالإرسال (58) مع أنّا نرى حجّية مراسيله اعتمادا على كلام الشّيخ نفسه في العدّة، من أنّه لا يروي ولا يرسل إلّا عن ثقة.

والحلّ أنّ الشّيخ قد تكفّل في التهذيبين لحلّ ظاهرة التعارض بين الإخبار؛ وذلك ممّا ألجأه أحيانا إلى إتباع الأسلوب الاقناعي في البحث المتمثّل في حمل جملة من الرّوايات على بعض المحامل البعيدة، أو المناقشة في حجيّتها ببعض الوجوه الّتي لا تنسجم مع مبانيه الرجالية والأصوليّة المذكورة في سائر كتبه، وهذا ظاهر لمن تتبّع طريقته في الكتابين. انتهى كلامه بأدنى تغيير.

أقول: ما ذكره في الحل متين في الجملة، لكنّه ليس هو بعام ولا يمكن الاعتماد على قوله حول مراسيل ابن أبي عمير في العدّة مع تعارضه بقوله في التهذيبين، لا سيّما أنّه ذكر في أوائل تهذيبه أنّه لا يناقش في الأسناد إلّا نادرا، حيث قال في تهذيبه (59): ومهما تمكنت من تأويل بعض الأحاديث من غير أن أطعن في أسنادها فإنّي لا اتعدّاه ... والعمدة أنّه إذا قلنا بتقدّم التهذيب على العدّة زمانا، كما هو كذلك، لا يبقى لتضعيف مراسيل ابن أبي عمير أثر، بل يقدّم عليه ما في العدّة، فإنّه رجوع منه رحمه الله عمّا في التهذيب، ظاهرا.

تتمّة مهمّة فيها أمور:

الأمر الأوّل: قال السّيد الجليل المعظّم بحر العلوم قدّس سره في آخر كتاب رجاله في الفائدة الرابعة: (60) قد سلك كلّ من مشايخنا الثّلاثة ـ أصحاب الكتب الأربعة رحمهم الله ـ في أسانيد كتابه مسلكا غير ما سلكه الآخر، فالشّيخ الكليني جرى على طريقة القدماء من ذكر جميع السند غالبا ... والصّدوق بنى في الفقيه من أوّل الأمر على اختصار الأسانيد، وحذف أوائل السند، ووضع في آخر مشيخته يعرف بها طريقه إلى من يروي عنه ... وربّما أخلّ فيها بذكر الطريق.

وأمّا شيخ الطائفة قدّس سره فاختلفت طريقته في ذلك، فإنّه قد يذكر في التهذيب والاستبصار جميع السند، كما في الكافي، وقد يقتصر على البعض بحذف الصدور، كما في الفقيه، واستدرك المتروك في آخر الكتابين، فوضع له مشيخته المعروفة، وهي فيهما واحدة غير مختلفة، وقد ذكر فيها جملة من الطّرق إلى أصحاب الاصول والكتب ممّن صدر الحديث بذكرهم، وابتدأ بأسمائهم ولم يستوف الطرق كلّها، ولا ذكر الطريق إلى كلّ من روي عنه بصورة التعليق، بل ترك الأكثر لقلّة روايته عنهم، وأحال التفصيل على فهارس الشّيوخ المصنّفة في هذا الباب، وزاد في التهذيب الحوالة على كتاب الفهرست، الّذي صنفه في هذا المعنى.

وقد ذهبت فهارس الشّيوخ بذهاب كتبهم ولم يبق منها الآن إلّا القليل، كمشيخة الصدوق، وفهرست الشّيخ الجليل أبي غالب الزراري، ويعلم طريق الشّيخ منهما بوصل طريقه إليهما بطريقهما إلى المصنّفين. وقد يعلم ذلك من كتاب النجّاشي فإنّه كان معاصرا للشيخ مشاركا له في أكثر المشائخ، كالمفيد والحسين بن عبيد الله، وأحمد بن عبدون وغيرهم، فإذا علم روايته للأصل أو الكتاب بتوسط أحدهم، كان ذلك طريقا للشيخ الخ.

أقول: إنّما يتمّ ما أفاده إذا حصل الاطمئنان بنقل الشّيخ الرّواية بالطريق المعتبر المذكور في مشيخة الفقيه، أو فهرست الزّراري، أو كتاب رجال النجّاشي (61) وإلّا فلا نافي لاحتمال نقل الشّيخ لها بطريق ضعيف ولا سيّما إنّ ظاهر كلامه في آخر مشيخة التهذيب عدم نقله الرّوايات بغير ما في الفهرست، حيث قال فيه:

وقد ذكرنا نحن مستوفى في كتاب الفهرست الشّيعة. ومحلّ الاستظهار كلمة (مستوفى) كما هو واضح، فتأمّل (62).

وقال العلّامة المجلسي قدّس سره في محكي أربعينه (63): إنّ الشّيخ يروي جميع كتب الصدوق ورواياته بأسانيده المعتبرة، كما صرّح في فهرسته ـ في ترجمة الصدوق ـ فكلّما روي الشّيخ خبرا من بعض الاصول الّتي ذكرها الصدوق في فهرسته (64) بسند صحيح، فسنده إلى هذا الأصل صحيح وإن لم يذكر في الفهرست سندا صحيحا إليه، وهذا أيضا باب غامض دقيق ينفع في الإخبار الّتي لم تصل إلينا من مؤلّفات الصدوق ... الخ.

أقول: صحّة طريق الشّيخ إلى الصدوق وصحة طريق الصدوق قدّس سره إلى أصل، أو كتاب أو أحد لا تنفع لتصحيح رواية الشّيخ عن الأصل، أو الكتاب أو الشّخص المذكور، إذا كان طريقه إليه ضعيفا، لاحتمال تفاوت متنها مع متن الرّواية المرويّة بطريق الصدوق على فرض وصولها إلينا، وهذا الاحتمال لا دافع له سوى وجود الرّواية بطريق الصدوق، وموافقتها مع هذه الرّواية في المتن.

ومعه لا نحتاج إلى تصحيحها، نعم، إذا حصل لنا الاطمئنان بأنّ الشّيخ نقل الرّواية بذاك الطريق نفسه تكون الرّواية معتبرة، لكن الاطمئنان غير حاصل.

وسيأتي بقيّة الكلام في هذا الموضوع في البحث الرابع والأربعين إن شاء الله، كما سنذكر في بيان طرق مشيخة التهذيب ما له نفع في المقام.

وهنا أمر آخر: وهو أنّه لم يثبت أنّ الصدوق نقل أحاديث الفقيه عن كتب من يبدأ الأحاديث بأساميهم، والظاهر أنّه قد ينقل عن كتبهم، وقد ينقل عن كتب غيرهم، والشّيخ نقلها في تهذيبه عن الاصول والمصنّفات، كما ذكره في المشيخة فلا يصحّ الحكم بصحّة طريق الشّيخ؛ لأجل صحّة طريق الصدوق، كما ذكرنا في البحث عن صحّة طريق الصدوق إلى جميل بن درّاج في البحث التّاسع عشر.

الأمر الثّاني: قال التفرشي رحمه الله كما في جامع الرّواة:

اعلم أنّ الشّيخ الطوسي قدّس سره صرّح في آخر التهذيب والاستبصار بأنّ هذه الأحاديث الّتي نقلناها من هذه الجماعة أخذت من كتبهم وأصولهم (65).

والظاهر أنّ هذه الكتب والاصول كانت عنده معروفة، كالكافي والتهذيب وغيرهما عندنا في زماننا هذا، كما صرّح به الشّيخ محمّد بن علي بن بابويه رضي ‌الله‌ عنه في أوّل كتابه من لا يحضره الفقيه، فعلى هذا لو قال قائل بصحّة هذه الأحاديث كلّها، وإن كان الطريق إلى هذه الكتب والاصول ضعيفا إذا كان مصنّفو هذه الكتب والاصول وما فوقها من الرجال إلى المعصوم ثقات، لم يكن مجازفا.

أقول: وفيه:

أوّلا: إنّ هذا الاستظهار منه ظنّ، والظنّ لا يغني من الحقّ شيئا.

وثانيا: عبارة الشّيخ نفسه في مشيخة التهذيب تردّ هذه الدعوى، وهي هذه: ونحن نذكر الطرق الّتي يتوصل بها إلى رواية هذه الاصول والمصنّفات على غاية ما يمكن من الاختصار لتخرج الإخبار بذلك عن حدّ المراسيل، وتلحقّ بباب المسندات. انتهى.

فلو كانت نسبة الكتب إلى أربابها معلومة واضحة لم يحتجّ إلى الأسناد، ولم يضرّه الإرسال، فتأمّل. (66).

وثالثا: لو سلّمنا أنّ نسبة الكتب إلى أربابها قطعية في الجملة، لسألنا ما المؤمّن من احتمال زيادة النسخ ونقيصتها؟ إذ لم تكن الطباعة الحديثة رائجة في تلك الأزمان؛ لتكون النسخ كلّها على وتيرة واحدة، فإثبات تمام ما في الكتاب محتاج إلى النقل المسند؛ ولأجله ذكر طرقه في المشيخة.

وبعد ذلك وقفت على كلام للسيّد بحر العلوم رحمه الله، حيث قال (67): ذهب جماعة من المتأخّرين إلى عدم الحاجة إلى الطريق فيما روي بصورة التعليق من أحاديث الكتب الثّلاثة: الفقيه، التهذيب، الاستبصار لما قاله الصدوق في أوّل كتابه أنّ جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل، وإليها المرجع، وما صرّح به الشّيخ في المشيخة من أنّ ما أورده بحذف الأسناد إلى أصحاب الاصول والكتب قد أخذه من أصولهم وكتبهم. ففي التهذيب: واقتصرنا من إيراد الخبر على الابتداء بذكر المصنف الّذي أخذنا الخبر من كتابه، أو صاحب الأصل الّذي أخذنا الحديث من أصله.

وعلى هذا فلا يضرّ الجهل بالطريق ولا اشتماله على مجهول، أو ضعيف؛ لأنّ الاعتماد على نقل الشّيخين لهذه الإخبار من تلك الأصول والكتب، وقد كانت مشهورة معروفة في تلك الأعصار متواترة النسبة إلى أصحابها عندهما، كاشتهار كتبهما وتواترها عندنا و ...

ولذا لم يتعرّض الشّيخ في مقام الطعن في السند لرجال الواسطة، ولو كانوا من الرّواة لتعرّض لهم في بعض الأحيان.

ثمّ قال في ردّ هذا القول: ويضعّف هذا القول إطباق المحققين من أصحابنا والمحصلّين منهم على اعتبار الواسطة والاعتناء بها، وضبط المشيخة وتحقيق الحال فيها والبحث عما يصحّ وما لا يصحّ منها، وقدحهم في السند بالاشتمال على ضعيف أو مجهول ... ومقتضى كلام الشّيخين في الكتب الثّلاثة الفقيه والتهذيبين، أنّ الباعث على حذف الوسائط قصد الاختصار مع حصول الغرض بوضع المشيخة لا عدم الحاجة إليها كما قيل، وإلّا لما احتيج إلى الاعتذار عن الترك، بل كان الذكر هو المحتاج إلى العذر فإنّه تكلّف أمر مستغنى عنه على هذا التقدير.

وقد صرّح الشّيخ في مشيخة التهذيب بأنّ إيراد الطرق لإخراج الإخبار بها عن حدّ المراسيل وإلحاقها بالمسندات ... وفي كلام الصدوق ما يشير إلى ذلك كلّه، فلا يستغنى عن الوسائط في أخبار تلك الكتب، ودعوى تواترها عند الشّيخ والصّدوق كتواتر كتبهما عندنا ممنوعة، بل غير مسموعة، كما يشهد به تتّبع الرجال والفهارس، والظنّ بتواترها مع عدم ثبوته لا يدخلها في المتواتر، فإنّه مشروط بالقطع، والقطع بتواتر البعض لا يجدي مع فقد التمييز ... على أنا لو سلّمنا تواتر جميع الكتب ؛ فذلك لا يقتضي القطع بجميع ما تضمنته من الإخبار فردا فردا لما يشاهد من اختلاف الكتب المتواترة في زيادة الإخبار ونقصانها واختلاف الرّوايات الموردة فيها بالزيادة والنقيصة والتغييرات الكثيرة في اللفظ والمعنى.

وأيضا فالاحتياج إلى الطريق إنّما يرتفع لو علم أخذ الحديث من كتاب من صدر الحديث باسمه، وهذا لا يفهم من كلام الصدوق، فإنّه إنّما يدلّ على أخذ الأحاديث من الكتب المشهورة الّتي عليها المعوّل وإليها المرجع، وهو غير الأخذ من كتاب الرّاوي، الّذي بدأ بذكره، كما ذكره الشّيخ.

ومن الجائز أن يكون قد أخذ الحديث من كتاب من تأخّر عنه ونسبه إليه؛ اعتمادا على نقله له من كتابه، ثمّ وضع المشيخة ليدخل الناقل في الطريق ويخرج عن عهدة النقل من الأصل ... إلى آخر كلامه الطويل المفيد التامّ المنافي لما مرّ منه حول تصحيح أحاديث الفقيه، والعصمة لأهلها.

الأمر الثالث: إنّ شيخنا البحاثة المتتّبع مؤلّف الذّريعة إلى تصانيف الشّيعة رحمه الله أنهى شروح التهذيب وتعليقاته إلى خمس وعشرين، وشروح الاستبصار وتعليقاته في (ج 2 / 15) إلى ثمانية عشر، كما قيل. ولعلّها زادت على ذلك العدد لحدّ الآن.

كلام آخر حول اعتبار الأحاديث الكتب الأربعة:

نقل عن جمع من المحدّثين أنّ روايات الكتب الأربعة بأجمعها قطعية الصدور (68)، وقيل: لا نقطع بصدورها، ولكن نثق بها ونطمئن بها (69)، وممّن اختار قول هذه الجماعة وأطال في تحكيمه وإبرامه ودافع عنه بكلّ موهون وضعيف، هو المحدّث الحرّ العاملي رحمه الله في آخر كتابه وسائل الشّيعة (70).

واستدلّ عليه باثنين وعشرين وجها، وقال في آخره:

وقد ذكر أكثر هذه الوجوه بعض المحقّقين من المتأخّرين، وإن كان بعضها يمكن المناقشة فيه، فمجموعها لا يمكن ردّه عند الإنصاف.

أقول: وإليك معظم تلك الوجوه في غاية الاختصار مع جوابها في الحاشية:

1. شدّة اهتمام الأئمّة عليهم ‌السلام والأصحاب والعلماء في تدوين وتصحيح الرّوايات المتضمنّة لأحكام الدّين (71).

2. كانت الشّيعة تعمل بأصول صحيحة ثابتة بأمر الأئمّة عليهم ‌السلام. وأصحاب الكتب الأربعة يعلمون عدم جواز الاعتماد على الظّنّ مع التمكّن من تمييز الصحيح عن غيره، فروايات كتبهم كلّها صحيحة، أي: معلومة الصّدور (72).

3. الحكمة الرّبانيّة وشفقة الأئمّة عليهم ‌السلام: تقتضي ألّا يضيع من في أصلاب الرجال في زمن الغيبة، ومصداق ذلك هو ثبوت الكتب المشار إليها (73).

4. أمر الأئمّة عليهم السلام أصحابهم بكتابة ما يسمعونه منهم والعمل به (74).

5. الرّوايات الدّالة على صحّة الكتب، وأنّها عرضت على الأئمّة عليهم ‌السلام فما الظّنّ بأصحاب الكتب الأربعة (75).

والحاصل أنّ الأحاديث المتواترة دالّة على وجوب العمل بأحاديث الكتب المعتمدة، ووجوب العمل بأحاديث الثقات (76).

6. أكثر أحاديثنا كان موجودا في كتب الجماعة الّذين أجمعوا على تصحيح ما يصحّ عنهم وتصديقهم، وأمر الأئمّة بالرجوع إليهم والعمل بحديثهم ونصّوا على توثيقهم(77).

7. لو لا أخذ الرّوايات من الاصول المجمع على صحّتها، والكتب الّتي أمر الأئمّة عليهم ‌السلام بالعمل بها لزم أن يكون أكثرها غير قابل للاعتماد عليها، لكن الأئمّة عليهم ‌السلام وعلماءنا لم يتسامحوا إلى هذه الغاية في الدين .... (78).

8. إنّ الشّيخ وغيره كثيرا ما يطرحون الأحاديث الصّحيحة عند المتأخّرين، ويعملون بالأحاديث الضعيفة؛ وذلك ظاهر في صحّة تلك الأحاديث بوجوه اخر من غير اعتبار الأسانيد (79).

9. شهادة الكليني والصّدوق والشّيخ وغيرهم بصحّة هذه الكتب وبكونها منقولة من الاصول والكتب المعتمدة، ونحن نقطع بأنّهم لم يكذبوا، ولو لم يجز لنا قبول شهادتهم هذه لم يجز قبول شهادتهم في التّوثيق والمدح أيضا (80).

10. طريق القدماء موجبة للعلم مأخوذة عن أهل البيت، وعمل بها الإماميّة في مدّة تقارب سبعمائة سنة منها في زمان ظهور الأئمّة عليهم‌ السلام قريب من ثلاثمائة سنة (81)، وهي مبائنة لطريقة العامّة، وليس كذلك الاصطلاح الجديد المأخوذ من العامّة المستلزم لتخطئة الطائفة في زمن الأئمّة عليهم ‌السلام وزمن الغيبة (82) والمستلزم لضعف أكثر الإخبار الّتي علم نقلها من الاصول المجمع عليها (83)؛ لأجل ضعف بعض رواتها أو جهالتهم، فيكون تدوينها عبثا محرّما (84) وشهادتهم لصحتها كذبا وزورا.

11. إجماع الطائفة الّذي نقله الشّيخ والمحقّق وغيرهما على نقيض هذا الاصطلاح واستمرار عملهم على خلافه إلى زمان العلّامة (85).

12. إنّ أصحاب الكتب الأربعة وغيرهم، شهدوا بصحّة أحاديث كتبهم، ونقلها من الاصول المجمع عليها، فإنّ كانوا ثقات تعين قبول قولهم؛ لأنّه شهادة بمحسوس ولا فرق في الحجيّة بين قولهم هذا وبين دعواهم أنّهم سمعوها من الإمام، وإلّا صارت كتبهم كلّها ضعيفة؛ لضعف مؤلّفيها (86).

13. الاصطلاح الجديد حادث ظنيّ وشرّ الأمور محدثاتها، والأصل في الظّنّ عدم الحجيّة (87).

14. مورد التقسيم الرباعي: الصحيح والحسن والموثق والضعيف، هو الخبر الواحد الخالي عن القرينة، وإخبار كتبنا المشهورة محفوفة بالقرائن، فلا موضوع للتّقسيم المذكور (88).

15. لا نزاع في الإخبار الصحيحة باصطلاح المتأخّرين، والتي لا تصحّ باصطلاحهم إمّا أن تكون موافقة للأصل فهم يعملون بالأصل، ويعملون بها لموافقتها له، ونحن نعمل بها، للأمر بها ومآل الأمرين واحد (89).

وإمّا أن تكون مخالفة للأصل، فهي موافقة للاحتياط، ونحن مأمورون بالعمل به، ولم يخالف أحد من العقلاء في جواز العمل به (90).

هذه خلاصّة دلائله، وهي عشرون دليلا، ثمّ أغرب المحدّث المذكور فنّكر ظنّيّة دلالة الإخبار، وإنّ القرائن صيّرت دلالة أكثرها قطعيّة (91).

ثمّ أراد أن ينفي احتمال سهو الرّواة ونسيانهم بتناسب أجزاء الحديث وتناسقها (92) وأجاب عن تضعيف الشّيخ بعض الرّوايات بأنّ مراده من الضعيف بالنسبة إلى معارضه، لا بالنسبة إلى أصل صدوره (93).

ثمّ أورد على نفسه (94) بأنّه كيف يجب على المتأخّرين تقليد القدماء في دعواهم القرائن؟ أجاب عنه بأنّ أكثر القرائن قد بقيت إلى الآن (95)، وقد تجدّد قرائن اخر، وما لم يبق فشهادتهم به قرينة؛ لأنّه خبر واحد محفوف بالقرينة ... واعترافهم بالقرائن من جملة القرائن عندنا (96).

وخلاصّة كلامه وكلام أمثاله (97) أنّ أكثر كتب الإخبار متواترة لا نزاع فيها، وأقلّها على تقدير عدم ثبوت تواتره، خبر محفوف بالقرينة القطعيّة، ومعلوم قطعا بالتتبّع والتواتر أنّ تواتر تلك الكتب السّابقة وشهرتها أوضح من تواتر كتب المتأخّرين، وعلى تقدير عدمه في بعض الأفراد، فلا شكّ في كونه من قسم الخبر المحفوف بالقرائن(98).

وأمّا تفاصيل الألفاظ، فلا فرق بينهما وبين تفاصيل ألفاظ القرآن في الاعتبار؛ وذلك يعلم باتّفاق النسخ، كما في القرآن فيحصل العلم بذلك (99).

خاتمة الكلام:

قد ثبت إلى الآن عدم قطعية الرّوايات الموجودة في الكتب المتداولة، وأنّ الأدلّة الّتي ذكروها غير لائقة لإفادة اليقين، وإن كان القاطعون منها في عذر؛ لأنّ طريقة القطع ذاتيّة ووجوده وجداني وحجيّته لا تقبل الإنكار، وعلى كلّ حال لم يثبت دليل على حجيّة جميع تلك الإخبار.

بل هناك شواهد يمكن أن يستدلّ بها الاصوليّون على عدم كونها مقطوعة، أو موثوقا بها، وبالتالي لا يكون جميعها حجّة، وأنّه لا بدّ لبيان حجيّة بعض أقسامها من تحقيق وتفصيل وتقسيم.

فمنها قول الشّيخ الطّوسي في العدّة: ... إجماع الفرقة المحقّة على العمل بهذه الإخبار بالتي رووها في تصانيفهم، ودوّنوها في أصولهم، لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعونه، حتّى إنّ واحدا منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه، سألوا من أين قلت هذا؟ فإذا أحالهم إلى كتاب معروف أو أصل مشهور، وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا .... (100).

يدلّ هذا الكلام على عدم قطعيّة الاصول والتصانيف، وأنّ شرط قبول الرّوايات الموجودة فيها وثاقة راويها لا غير، وهذا يهدم أكثر ما بناه المحدّثون.

ومنها: إنّه لو كان روايات الكافي كلّها معتبرة؛ لما احتاج الشّيخ الصدوق إلى تأليف كتاب يرجع إليه ويعتمد عليه، إجابة لطلب السيّد نعمة الله، فإنّ له أن يحيله على كتاب الكافي الّذي هو أوسع من كتابه من لا يحضره الفقيه، لكنّه رأى نفسه محتاجة إلى تأليفه، بل احتاج إلى تعريض به، كما قال: ولم أقصد فيه قصد المصنّفين من إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتى به، وأحكم بصحته، وأعتقد أنّه حجّة فيما بيني وبين ربّي.

من هؤلآء المصنّفون يا ترى؟ أليس هذا الكلام صريحا، أو ظاهرا في أن مطالب المصنّفات ـ أي: مصنّف كان ـ ليست بأجمعها معتبرة، حتّى عند مصنّفيها، افتونا يا أيّها المحدّثون؟ ومنها: إنّ ثقة الإسلام الكليني جمع روايات الكافي في عشرين سنة (101)، فلو كانت الكتب والاصول المصنّفة السّابقة على زمانه الموجودة بيده متواترة ورواياتها قطعية، أو ـ على الأقلّ ـ معتبرة لم يفتقر في تأليفه إلى تلك المدّة الطّويلة، فيعلم أنّ أحاديث الاصول والكتب لم يتميّز غثها وسمينها، وضعيفها وقويها، باطلها وصحيحها، ومرويها ومجعولها، فاستدعى التمييز المذكور تلك المدّة، لكن التمييز المزبور ليس أمرا قطعيّا حسيّا، وإنّما هو مستند إلى قرائن وأمارات نظريّة اعمل فيها الرأي والاجتهاد، وكلّ ميسر لما خلق لأجله.

ومنها: تضعيف الشّيخ بعض روايات الكافي وغيره، كقوله بعد نقل حديثين: إنّهما خبر واحد لا يوجبان علما ولا عملا؛ ولأنّ راويها عمران الزعفراني، وهو مجهول، وفي أسناد الحديثين قوم ضعفاء لا نعمل بما يختصون بروايته (102)، ونحو ذلك (103).

ومنها: قول الشّيخ في آخر التهذيب ـ أوائل المشيخة ـ: والآن، فحيث وفّقنا الله تعالى للفراغ من هذا الكتاب، فنحن نذكر الطرق الّتي يتوصل بها إلى رواية هذه الاصول والمصنّفات، ونذكرها على غاية من الاختصار؛ لتخرج الإخبار بذلك عن حدّ المراسيل، وتلحقّ بباب المسندات.

فلو كانت روايات كتابه قطعيّة أو معتبرة من غير جهة الأسناد، لم يحتج الشّيخ إلى ذكر الأسناد ولم يضرّها الإرسال.

ومنها: وجود بعض روايات غير قابل للتصديق، كرواية أبي بصير عن الصّادق عليه‌السلام في قول الله عزوجل: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ} فرسول الله صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله الذّكر، وأهل بيته المسؤولون، وهم أهل الذكر (104) أي: الرسول ذكر لنفسه.

ومنها: اهتمام العلماء قديما وحديثا بالبحث عن وثاقة الرّواة، وصدقهم وكذبهم، وتدوين علم الرجال والتدقيق في مسائلها، ولو كانت الرّوايات قطعيّة لم يستحقّ العلم المذكور ذاك الاعتناء.

يقول الحرّ العاملي في ضمن فوائد علم الرجال: ومنها معرفة أحوال الكتب الّتي نريد النقل منها، والعمل بها، فإن كان راوي الكتاب ومؤلّفه ثقة عمل به، وإلّا فلا (105).

وهذا منه متناقض مع قوله بقطعية الرّوايات، فتأمّل؛ إذ يمكن إنّ يقال ان وثاقة الرّواة أحد القرائن المفيدة للقطع، أو الاطمئنان، فلذا اهتموا بعلم الرجال، فافهم.

أو أنّ المقطوع بها غير المتعارضات، وفيها يرجع إلى المرجّحات، ومن جملتها عند جمع الترجيح بالأعدليّة، فتأمّل.

ومنها قول الشّيخ في أوّل الفهرست: فإذا ذكرت كلّ واحد من المصنّفين وأصحاب الاصول، فلا بدّ أن أشير إلى ما قيل فيه من التّعديل والتّجريح، وهل يعول على روايته أم لا؟ يظهر منه عدم قطعيّة الرّوايات، بل يظهر منه أنّ الملاك في التعويل عليها هو حسن حال الرّاوي، لكن فيه بحث تقدّم في البحث الرابع والثلاثين.

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) خاتمة المستدرك: 3 / 532.

(2) هذا الّذي نقل عن ابن طاووس هو مختار الشّيخ في الفهرست، واختاره ابن الأثير في محكي الكامل، وابن حجر في محكي لسان الميزان، لكن ذكر النجّاشي وفاته في سنة، تسع وعشرين وثلاثمائة سنة تناثر النجوم وهي السنة الّتي توفّى فيها أبو الحسين السمري آخر السفراء الأربعة، واختاره الشيخ في محكي رجاله.

(3) رجال بحر العلوم: 3 / 330.

(4) حديث: «إن الله يبعث لهذه الامة على رأس كلّ مائة سنة من يجدد لها دينها». لم أجده من طريقنا، فالظاهر أنّه عامّي، لاحظ: رجال السّيد بحر العلوم وحواشيها: 3 / 123.

(5) قال المحدّث النوري والظاهر إنّ المراد من القوي ما كان بعض رجال سنده، أو كلّه الممدوح من غير الإمامي، ولم يكن فيه من يضعف الحديث وله إطلاق آخر يطلب من محله.

أقول: بل له إطلاقات لاحظ: مقباس الهداية: 35، وقد تقدّمت في البحث الثاني والثلاثين من هذا الكتاب.

(6) ولعلّ الاختلاف يرجع إلى عدّ بعض المراسيل والقملات من الأحاديث وعدم عدّها.

(7) خاتمة المستدرك: 3 / 541.

(8) نقل عن أبي القاسم بن روح بعد قراءته كتاب الشّلمغاني: ما فيه شيء إلّا وقد روي عن الأئمّة عليهم ‌السلام إلّا موضعين أو ثلاثة، فإنّه كذب عليهم في روايتها لعنه الله، خاتمة المستدرك: 3 / 533.

لكن في شرح اللمعة بعد نقل قوله في مسألة من باب الشّهادة ورده، قال: وذكر الشّيخ المفيد إنّه ليس في الكتاب ما يخالف الفتوى سوى هذه المسألة.

(9) لاحظ: في البحث الثالث والثلاثين من هذا الكتاب تفصيل هذه الأمارات والقرائن.

(10) خاتمة مستدركه: 3 / 536.

(11) ليس مفاد توثيقه العام ـ إن صحّ ـ اعتبار جميع روايات الكافي؛ لأنّ جملة كثيرة من الرّوايات تسقط عن الاعتبار لأجل تعارض توثيق الكليني بجرح غيره كالشّيخ والنجاشي، ولأجل الإرسال، على أنّ في إسناد روايات الكافي من هو مجهول، كما في المراسيل والمرفوعات ومعرفة وثاقة رواتها محتاجة إلى علم الغيب، واحتمال وجود سند آخر صحيح للكليني في هذه الموارد مجرّد احتمال لا يجوز البناء عليه، بحسب بناء العقلاء.

(12) دعوى الاطمئنان التامّ مع عدم جواز التشبّث متناقضة، فإنّ الاطمئنان حجّة عقلائيّة ممضاة عند الشّارع.

(13) قيل: إنّ الكليني روي عنه إحدى وتسعين رواية، وإنّ وقع التصحيف في عشرة منها، وهو أحد عدّة سهل ابن زياد، فتزيد رواياته بذلك.

(14) خاتمة المستدرك: 545، الفائدة الرابعة.

(15) معجم رجال الحديث: 15 / 216.

(16) خاتمة المستدرك: 543 و544.

(17) الكافي: 20 / 502، نسخة الكمبيوتر.

(18) الموسوعة الرجاليّة: 1 / 121 ـ 122، (ترتيب أسانيد كتاب الكافي).

(19) الذكري: 6.

(20) قيل: الخالص: 2762 حديثا وعن النووي إنّها 4000 حديثا، لكنّه غلط، ثمّ لا نجد بين المؤلّفين العقلاء تكرارا، بهذه المرتبة وللبخاري نواقص أخرى نبّه عليها مؤلّف نظرة عابرة إلى الصّحّاح السّتّة.

(21) هذا المورد بينه النجّاشي أيضا.

(22) الخلاصة: 133.

(23) وسائل الشيعة: 20 / 32.

(24) جامع الرّواة: 2 / 465.

(25) خاتمة رجال المامقاني: 3 / 83.

(26) خاتمة مستدرك النوري: 3 / 541.

(27) فروع الكافي: 4 / 506 باب صوم المتمتع إذا لم يجد الهدى.

(28) لاحظ: الكافي: 1 / 90؛ 4 / 437؛ 8 / 327؛ 1 / 25، 120، 59؛ 3 / 6؛ 6 / 406؛ 8 / 243؛ 1 / 11، 12، 13، 20، 26.

(29) لاحظ: أواخر البحث الثّاني عشر.

(30) وقع في أسناد كثير من الروايات تبلغ سبعة آلاف ومائة وأربعين مورداً.

وروى عن أبيه 6214 حديثاً، كما في معجم رجال الحديث: 12 / 213، ط 5، كما مرّ في البحث 27.

(31) لكنّه شيخ إجازة لا تضر جهالته باعتبار السند والعمدة اعتماد الكليني على سلامة كتب ابن شاذان، إذا كانت مشهورة إلى زمانه.

(32) موسوعة البروجردي: 1 / 121): قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ هذا الشّيخ من أجلة أصحاب الحديث من أصحابنا، لكنّه لما يذكر في الفهرستين ...

(33) لاحظ: ما يتعلّق بأبي داود في باب الكنى من معجم الرجال، برقم: 14262.

(34) الموسوعة الرجاليّة: 1 / 117، وليس للمصنف (الكليني) عنه في هذا الكتاب الّا أربع روايات جنت أقلام الناسخين على سند اثنين منها، وبقت اثنتان.

(35) يقول السّيد البروجردي أنّ محمّد بن الحسن هو الصفار، فليس (احمد) هو بالعاصمي ولا بابن عقدة؛ لأنّهما لا يرويان عن الصّفار. وقال أيضا ان الكليني روي عن محمّد بن الحسين ستّة أحاديث، ثمّ استظهر أنّ الحسين مصحف الحسن، وعلى كلّ أحمد بن محمّد مجهول.

(36) لم يطمئن السّيد البروجردي بكونه شيخا للكليني: 1 / 183، ولم يذكره السّيد الخوئي فيمن روي الكليني عنه. لاحظ: الموسوعة الرجاليّة: 1 / 183، لتفصيل ذلك.

(37) قال السّيد البروجردي في المجلد 1 / 19، وقد روي الكليني عنه تسع روايات بواسطة محمّد بن يحيى ويحتمل سقوطه من تلك الرّواية الواحدة.

(38) الموسوعة الرجاليّة: 116 ـ 123.

(39) الكافي: 1 / 467، 29، 27، 28، 32.

(40) الموسوعة الرجاليّة: 1 / 123.

(41) لكن في آخر نسختي، وهي من منشورات جماعة المدرسين بقم، وصل الرقم المسلسل العامّ إلى 5923، وهو ينقص ممّا ذكر التفرشي بأربعين حديثا. ولعلّ الاختلاف لأجل بعض المرسلات وبعض الجملات وعدّها حديثا وعدم عدّها حديثا.

(42) نقل أسمائهم المحدّث النوري، عن شرح المجلسي في خاتمة المستدرك: 3 / 717.

(43) رجال السّيد بحر العلوم: 3 / 299 و300.

(44) وكأنّ السيد رحمه الله لم يقف على كتب الشّيخ المفيد، أو نسيها حين كتابة هذه الكلمات وإلّا لم يجرء على كلامه، هذا فإنّ المفيد رحمه الله ردّ بعض أحاديث الفقيه بصراحة وشدّة. فلاحظ: رسالته العدّدية مثلا، حتّى تعرف حقيقة الحال.

(45) لاحظ: ما يضعّف هذه الدعوى في كلام صاحب التكملة، مقباس الهداية: 49.

(46) ربّما قيل: إنّ الوثاقة هي الّتي يدور عليها صحّة الرّوايات عند الصدوق لا غير، لكن الفقيه كتاب فقهي، وللفقيه قرائن أخرى للصحة ولا نافي لاحتمالها.

(47) لاحظ: الحدائق الناضرة. وقال سيّدنا الأستاذ الحكيم قدّس سره: بل ذكر الصدوق الرّواية، لا يدلّ على عمله بها، لشهادة غير واحد من الأساطين بعدوله عمّا ذكره في صدر كتابه من أنّه لا يذكر فيه إلّا ما يعتمد عليه، ويكون حجّة بينه وبين ربه، وإن كان ذلك بعيدا. انظر: المستمسك: 2 / 257 ـ 258.

(48) محكي الرواشح السّماوية: 174.

(49) معجم رجال الحديث: 1 / 41 ـ 42، الطبعة الخامسة.

(50) العيون: 2 / 20 ـ 21.

(51) خصوصا ان صحّة الخبر بصدق تمام رواته وعدم اعتباره بجهالة واحد منهم أو ضعفه.

(52) قاعدة لا ضرر ولا ضرار: 58.

(53) من لا يحضره الفقيه: 4 / 449.

(54) وقيل: 13929 حديثا كما في: 6 / 416 من خاتمة المستدرك، الطبعة الحديثة.

(55) خاتمة المستدرك: 3 / 756.

(56) المستدرك: 6 / 13.

(57) قاعدة لا ضرر ولا ضرار: 20.

(58) انظر: 8 / ح 932.

(59) التهذيب: 3.

(60) رجال بحر العلوم: 4 / 73، طبع النجف سنة 1386 ه‍. ش.

(61) مرّ أن الأنسب تسميته بفهرس النجّاشي دون رجاله.

(62) وجهه عدم المنافاة بينه وبين نفي الشّيخ ضمان الاستيفاء في أوّل فهرسته، فإنّه بالنّسبة إلى ما لم يعرفه، الشّيخ من الطرق دون ما يعرفه. لكن سيأتي في بحث مستقلّ أن تصحيح أسناد التهذيبين، لا يمكن بأسناد الفهرست، فضلا عن غيره، ولا بدّ من الاختصار على المشيخة.

(63) في ذيل الحديث الخامس والثلاثين على ما في قوانين الاصول: 2 / 283.

(64) لعلّه أراد بها مشيخة الفقيه.

(65) جامع الرواة: 2 / 548.

(66) وجهه أنّ ذكر الطرق، لأجل نفي الإرسال لا ينافي اعتماد الشّيخ على صحّة تلك الكتب، إذ الوجادة والإرسال بنفسه نوع عيب عند المحدّثين، فالعمدة هو إحراز شهرة تلك الكتب إلى زمان الشّيخ، ولا دليل معتبر عليه.

(67) خاتمة رجاله في ضمن الفوائد الرجاليّة: 4 / 76.

(68) لاحظ: فرائد الاصول؛ ومعجم رجال الحديث وغيرهما.

(69) يظهر هذا من المحدّث النوري، لاحظ: مستدرك الوسائل: 3 / 535.

(70) وسائل الشيعة: 20 / 61 ـ 78 و93 ـ 112؛ معجم رجال الحديث: 1 / 17 ـ 31 و80 ـ 85.

(71) شدّة الاهتمام مانعة عن شيوع الدس والكذب لا عن أصلهما، ولا سيّما أنّ التقية الشّديدة كانت مانعة عن تأثير الاهتمام المذكور، ولا عن الزيادة والنقيصة الشهوية في تفاصيل ألفاظ الرّوايات ونحو ذلك، نعم لو كان اهتمام الأئمّة عليهم ‌السلام ضمن أسباب قهريّة فوق أسباب عادية لتمّ ما ذكره، لكن من المعلوم عدم تحقّق ذلك وجريان أمر الدين وفق السببيّة العامّة.

(72) نمنع صحّة الوصول بنحو الموجبة الكليّة ولا أقلّ من عدم الدّليل على صحتّها، ونمنع تمكّن أصحاب الكتب الأربعة من تمييز الصحيح عن غيره ـ أن اريد بالصحيح ـ الصحيح الواقعي وإن أريد به الصحيح بحسب اجتهادهم ففيه ما يأتي. وبالجملة: المعمول به عندهم هو العمل بأخبار الأحاد، وهي لا تفيد العلم.

(73) الحكمة الرّبانيّة لم تشأ وصول خصوص الأحكام الواقعيّة إلى عامّة المكلّفين قطعا، وهذا محسوس للمتفقهين، وإنّما شاءت إيصال ما يعمّ الأحكام الواقعيّة والظّاهريّة، إليهم.

(74) هذ يبطل السلب الكلّي، الّذي لم يقل به أحد، ولا ينفى كلّي السلب.

(75) إن وجدت رواية معتبرة سندا على صحّة كتاب، نعمل بها، وأين هي من صحّة تمام الكتب.

ولا رواية على صحّة الكتب الأربعة والأولوية ممنوعة، وقد تقدّم في أوائل هذا البحث ما يتعلّق بالمقام

(76) تواتر الإخبار على وجوب العمل بأحاديث الكتب المعتمدة ممنوع جدّا، والمدّعي مطالب بإرائتها، ولو في حقّ بعض الكتب، ووجوب العمل بأخبار الثقات غير منكر، وبين الأمرين فرق كبير وإن شئت فقل بينهما عموم من وجه.

(77) ممنوع صغرى وكبرى، أمّا الصغرى فلعلّها واضحة، ولا أقلّ من كونها مشكوكا فيها؛ وأمّا الكبرى، فإنّ أريد بأمر الأئمّة ونصهم على التّوثيق إجماع الكشّي على خلاف ظاهر العبارة، فقد مرّ ضعفه، وإلّا فلا أمر ولا نصّ إلّا في بعض أفراد الجماعة وهو أعلم بما قال.

(78) الملازمة ممنوعة وعلى فرض صحّتها فبطلان اللازم ممنوع، إذ عدم الاعتماد لا يستلزم تسامح المعصوم والعلماء لاستناده إلى التقية ووجود الظالمين، وسائر الأسباب القهريّة في المجتمع، كالأسباب المانعة عن إقامة حكومة إسلاميّة.

(79) لا ننكر القرائن المفيدة للصحّة عند القدماء، لكنّها لا تثبت الكليّة أوّلا، ولا اتّباعنا لهم ثانيا.

(80) قد مرّ أنّ اجتهاد أرباب الكتب في دعوى صحّة رواياتها لا يكون حجّة في حقّ غيرهم، وهل هو إلّا من تقليد الميّت ابتداء، وهو ممنوع في حقّ العوام، فضلا عن لزومه على المجتهدين، نعم، إخبارهم بالتوثيق لكونه حسيّا، معتبر في حقّنا؛ لأنّهم ثقات أجلاء.

(81) طريقة القدماء متكئة على القرائن، وهي قد تكون قطعيّة، وقد تكون ظنيّة، ويبعد جدّا حصول العلم لهم في كلّ مورد حتّى في زمان حضور الأئمّة عليهم ‌السلام.

(82) ليس الاصطلاح الجديد إلّا حصر الحجيّة في قول العادل أو مطلق الصّادق، وفي هذا ليس تخطئة لأحد من الطائفة؛ لأنّه من جهة خفاء القرائن لا من جهة ردّها.

(83) مرّ جوابه. ثمّ دعوى العلم بنقلها من الاصول المجمع عليها ممنوعة، وإلّا لم يقع فيه التنازع، وبالجملة فيه خلط بين الموجبة الجزئيّة والكليّة، والأوّل حقّ.

(84) العبث ممنوع فضلا عن الحرمة ولنقلها فوائد.

(85) الإجماع ممنوع، والشّيخ نفسه يعتبر الوثاقة ملاكا لاعتبار الرّوايات.

(86) يظهر ممّا سبق ضعفه، وبالجملة هو خلط بين الاجتهاد الحدّسي والإخبار الحسيّ.

(87) هذا منه عجيب، فانّه ادّعى فيما سبق دعوى تواتر الإخبار على اعتبار قول الثّقات، وصرّح في موضع آخر بأنّ الثّقة أعمّ من العادل من وجه، وهذا يثبت الاصطلاح الجديد بالتواتر.

(88) مرّ أنّ القرائن المتوفرة عند القدماء قد خفيت في الأزمنة المتأخّرة، ولم يبق منها سوى وثاقة الرّواة، وبعض القرائن القليل نفعها، كالشّهرة ونحوها، فمعظم الإخبار خالية عن القرينة المعتبرة.

(89) وكم فرق بين العمل بالأصل، والعمل بالخبر المعتبر، أي الدّليل الاجتهادي؟

(90) لكن البحث في وجوب العمل به دون جوازه.

(91) وسائل الشيعة: 20 / 105، وهو واضح الفساد.

(92) هذا فليكن مفروغ البطلان، وواضح الفساد.

(93) المصدر: 108، وإطلاق ما ذكره تحكم وتعسف.

(94) المصدر: 109.

(95) فات بهذه القرائن والعرف ببابك.

(96) اعترافهم حدّسي لا حسيّ، فليس بحجّة تعبدا، أو نقول اعترافهم بأمر حدسي لا يوجب علينا شيئا، بل نحن عالمون بأنّهم لم يعملوا من دون قرينة، ولكن لا أثر للعلم المذكور بعد بطلان تقليد المجتهد الميّت حتّى بالنسبة إلى العوام.

(97) الوسائل: 20 / 107.

(98) هذا في الجملة مسلّم، لكن بالنسبة إلى أرباب الكتب، لا بالنسبة إلى الأئمّة عليهم ‌السلام.

(99) سبحانك اللهم من هذه المبالغة، فإنّ أفراد الرّوايات أما غير ثابتة بطريق معتبر أو ثابتة تعبدا، وهما الأكثر الكثير، أو ثابتة بالتواتر أو القرينة القطعيّة، وهي الأقلّ الأندر. ومنه يظهر حال تفاصيل الألفاظ ولا معنى لقياسها على ألفاظ القرآن؛ إذ أين التراب من ربّ الأرباب، وأين الشّمع من الشّمس؟

يقول صاحب الحدائق رحمه الله وهو من المحدّثين في حقّ كتاب التهذيب: قلّما يخلو حديث فيه من التحريف والتصحيف والزيادة والنقصان. انظر: الحدائق: 4 / 209. وهذا الكلام وإن كان فيه مبالغة لا نقبلها، لكنّه نعم، الجواب لهذا القائل وأمثاله رحمة الله عليهم وعلينا وعلى جميع المؤمنين، ولا سيّما علمائنا المجاهدون بالسّيف والقلم.

(100) العدّة: 1 / 338، المطبوعة بقمّ حديثا.

(101) رجال النجاشي: 266.

(102) الاستبصار: 2، باب ذكر جمل من الإخبار.

(103) معجم الرجال الحديث: 1 / 27.

(104) الكافي: 1 / 303.

(105) وسائل الشيعة: 20 / 112.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)




بالصور: ستفتتحه العتبة الحسينية الاسبوع المقبل.. شاهد ما يحتويه مستشفى الثقلين لعلاج الاورام في البصرة من اجهزة طبية
صممت على الطراز المعماري الإسلامي وتضم (16) قبة.. تعرف على نسب الإنجاز بقاعة علي الأكبر (ع) ضمن مشروع صحن عقيلة زينب (ع)
عبر جناحين.. العتبة الحسينية تشارك في معرض طهران الدولي للكتاب
بالفيديو: بحضور الامين العام للعتبة الحسينية وبالتعاون مع جامعتي واسط والقادسية.. قسم الشؤون الفكرية والثقافية يقيم المؤتمر العلمي الدولي الثالث تحت عنوان (القرآن الكريم والعربية آفاق و إعجاز)