أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-7-2017
2200
التاريخ: 2-2-2017
3242
التاريخ: 2024-09-03
356
التاريخ: 4-1-2017
2153
|
بالإسناد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن ضريسٍ الكُناسيَّ عن ابي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: (اذكروا من عظمة الله ما شئتم ولا تذكروا ذاته فإنكم لا تذكرون منه شيئاً إلا وهو أعظم منه) (1).
لأن الحديث عن الذات المقدسة تقود إلى العمى والانحراف والتيه ولا يخرج بنتيجة بل قد يكفر خصوصاً إذا لم يكن من العلماء الذين لهم القدرة على رد الشبهات.
أما الحديث عن آثار عظمته من السماوات والأرض والإنسان وبقية ما في الكون فيقوده إلى اليقين بالله سبحانه، قال ابن ميثم البحراني في سبب انكشاف عظمة الله: وذلك بحسب الجواذب الإلهية إلى الاستغراق في معرفته ومحبّته، وبحسب تفاوت ذلك الاستغراق يكون تفاوت تصوّر العظمة، وبحسب تصور عظمته تعالى يكون تصورهم لأصغريّة ما دونه ونسبته إليه في اعين بصائرهم (2).
العظيم لا يعرفه الا العظيم
العظمة درجة رفيعة وقد لا يعرفها الا أولئك الذين سلكوا طريق العظمة والعزة والكرامة من الانبياء والرسول (صلى الله عليه وآله) والائمة (عليهم السلام) والصالحين ومن هو في طريقهم من العلماء الذين لا يخشون إلا الله. صحيح لا أحد يعرف حقيقة الله إلا هو وحده، ولكن يتجلى بعظمته لمن يشاء من عباده الكمال ومن سبقت عنايته به من عباده.
حال إبراهيم الخليل
حال إبراهيم خليل الرحمن مع الله كبيرة وعظيمة حيث تجلت له عظمة الله في المعجزة التي شاهدها وحس بها عندما ألقاه نمرود في النار وكانت برداً وسلاماً عليه بقدرة الله. وكان لإبراهيم حالة خاصة مع الله في أثناء صلاته ومناجاته لله.
فقَدْ رُوِيَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ (عليه السلام) كَانَ يُسْمَعُ تَأَوَّهُهُ عَلَى حَدٌ مِيلٍ حَتَّى مَدَحَهُ اللهُ تعالى بِقَوْلِهِ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود: 75].
وَكَانَ فِي صَلَاتِهِ يُسْمَعُ لَهُ أَزِيز كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ وَكَذَلِكَ كَانَ يُسْمَعُ مِنْ صَدْرٍ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) مِثْلُ ذَلِكَ (3).
حال رسول الله
رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكمل البشر على الإطلاق ممن تقدم عليه أو تأخر عنه فهو أفضل الأنبياء وخاتمهم، وهو أعرف إنسان بالله سبحانه ومع هذا يذكر العجز عن معرفة الله حق معرفتها بل وحتى عبادته حق عبادته فالاعتراف بالعجز فضيلة، فقد روي عنه أنه قال: (ما عبدناك حق عبادتك، وما عرفناك حق معرفتك) (4) فإذا كان هكذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكيف بغيره.
قَالَتْ عَائِشَةُ زوجته: كَانَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله): يُحَدِّثنَا وَنُحَدِّثهُ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْرفنَا وَلَمْ نَعْرِفُهُ (5).
في التسبيحات الأربع:
وروى الصدوق بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَقَالَ لِأَي عِلَّةٍ صَارَ التَّسْبِيحُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ أَفْضَلَ مِنَ الْقِرَاءَةِ قَالَ: إِنَّمَا صَارَ التَّسْبِيحُ أَفْضَلَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِأَنَّ النَّبِي لَمَّا كَانَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ ذَكَرَ مَا رَأي مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَدَهِشَ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَلِذَلِكَ صَارَ التَسبِيحُ أَفْضَلَ مِنَ الْقِرَاءَةِ) (6) .
في الركوع والسجود:
وروى الصدوق بسنده عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام) فِي حَدِيثٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ لِأَي عِلَّةٍ يُقَالُ فِي الرُّكُوعِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ وَيُقَالُ فِي السُّجُودِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ؟
قَالَ: يَا هِشَامُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ وَصَلَّى وَذَكَرَ مَا رأي مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُ فَابْتَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَأَخَذَ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ فَلَمَّا اعْتَدَلَ مِنْ رُكُوعِهِ قَائِمَا نَظَرَ إِلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ أَعْلَى مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ.
فَلَمَّا قَالَهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ سَكَنَ ذَلِكَ الرُّعْبُ فَلِذَلِكَ جَرَتْ بِهِ السنة (7).
حال علي بن أبي طالب (عليه السلام)
في المناجاة:
روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (إِلَهِي كَفَى بِي عِزّاً أَنْ أَكُونَ لَكَ عَبْداً وَكَفَى بِي فَخْراً أَنْ تَكُونَ لِي رَبِّاً أَنْتَ كَمَا أُحِبُّ فَاجْعَلْنِي كَمَا تُجب) (8).
وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) إِذَا أَخَذَ فِي الْوُضُوءِ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ مِنْ خِيفَةِ الله تعالى
وعَنْ سَعِيدِ بْنِ كُلْثُومٍ قَالَ كُنتُ عِنْدَ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليه السلام) فَذَكَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) فَأَطْرَاهُ وَمَدَحَهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ.
ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَكَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) مِنَ الدُّنْيَا حَرَاماً قط حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ وَمَا عُرِضَ لَهُ أَمْرَانٍ قَط هُمَا لِلَّهِ رِضًا إِلَّا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا عَلَيْهِ فِي دِينِهِ وَمَا نَزَلَتْ بِرَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) نَازِلَةٌ قطُ إِلَّا دَعَاهُ ثِقَةٌ بِهِ وَمَا أَطَاقَ عَمَلَ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ رَجُلٍ كَأَنَّ وَجْهَهُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ يَرْجُو ثَوَابَ هَذِهِ وَيَخَافُ عِقَابَ هَذِهِ وَلَقَدْ أَعْتَقَ مِنْ مَالِهِ أَلْفَ مَمْلُوكٍ فِي طَلَب وَجْهِ اللَّهِ وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ مِمَّا كَدَّ بِيَدَيْهِ وَرَشَحَ مِنْهُ جَبينُهُ وَإِنْ كَانَ لَيَقُوتُ أَهْلَهُ بِالزَّيْتِ وَالْخَلِّ وَالْعَجْوَةِ وَمَا كَانَ لِباسهُ إِلَّا الْكَرَابِيسَ إِذَا فَضَلَ شَيْءٍ عَنْ يدِهِ مِنْ كُمِّهِ دَعَا بِالْجَلَمِ فَقَصَّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ وُلْدِهِ وَلَا أَهْلِ بَيْتِهِ أَحَدٌ أَقْرَبُ شَبَهَاً بِهِ فِي لِبَاسِهِ وَفِقْهِهِ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) وَلَقَدْ دَخَلَ أَبُو جَعْفَرٍ ابْنهُ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ بَلَغَ مِنَ الْعِبَادَةِ مَا لَمْ يَبْلُغُهُ أَحَدٌ فَرَاهُ وَقَدِ اصْفَر لَوْنُهُ مِنَ السهَرِ وَرَمِضَتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْبُكَاءِ وَدَبِرَتْ جَبْهَتُهُ وَانْخَرَمَ أَنْفُهُ مِنَ السُّجُودِ وَقَدْ وَرِمَتْ سَاقاهُ وَقَدَمَاهُ مِنَ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): فَلَمْ أَمْلِكُ حِينَ رَأَيْتُهُ بِتِلْكَ الْحَالِ الْبُكَاءَ فبكَيْتُ رَحْمَةٌ لَهُ فَإِذَا هُوَ يُفَكِّرُ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ بَعْدَ هُنَيْئةٍ مِنْ دُخُولِي.
فَقَالَ يَا بُنَيَّ أَعْطِنِي بَعْضَ تِلْكَ الصُّحُفِ الَّتِي فِيهَا عِبَادَةُ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب (عليه السلام) فَأَعْطَيتُهُ فَقَرَأَ فِيهَا شَيْئاً يسِيراً ثُمَّ تَرَكَهَا مِنْ يَدِهِ تَضَجراً.
وَقَالَ: مَنْ يَقْوَى عَلَى عِبَادَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) (9).
حال الإمام الحسن (عليه السلام)
وَكَانَ الْحَسَنُ إِذَا فَرَغَ مِنْ وُضُوئهِ يَتَغَيَّرُ لَوْنُهُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: (حَقُّ عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى ذِي الْعَرْشِ أَنْ يَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ)، وَيُرْوَى مِثْلُ هَذَا عَنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ (عليه السلام) (10).
روى الشيخ الصدوق بسنده، عَنِ الْمُفَضْلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ (عليه السلام) حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب (عليه السلام):
كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ فِي زَمَانِهِ، وَأَزْهَدَهُمْ، وَأَفْضَلَهُمْ، وَكَانَ إِذَا حَجَّ حَجَّ مَاشِياً، وَرُبَّمَا مَشَى حَافِياً، وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ الْمَوْتَ بَكَى، وَإِذَا ذَكَرَ الْقَبْرَ بَكَى، وَإِذَا ذَكَرَ الْبَعْثَ وَالنُّشُورَ بَكَى وَإِذَا ذَكَرَ الْمَمَرَّ عَلَى الصِّرَاطِ بَكَى، وَإِذَا ذَكَرَ الْعَرْضَ عَلَى اللهِ تعالى ذِكْرُهُ شَهَقَ شَهْقَةٌ يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْهَا.
وَكَانَ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ تَرْتَعِدُ فَرَائِصُهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ اضْطَرَبَ اضْطِرَابَ السَّلِيمِ وَسَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَتَعَوَّذَ بِهِ مِنَ النَّارِ.
وَكَانَ (عليه السلام) لَا يَقْرَأُ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104]. إِلَّا قَالَ لَبيكَ اللهُمْ لَبيكَ.
وَلَمْ يُرَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِهِ إِلَّا ذَاكِراً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ.
وَكَانَ أَصْدَقَ النَّاسِ لَهْجَةً وَأَفْصَحَهُمْ منطقاً (11).
وروى أبو نعيم في حليته بسنده أنه قال (عليه السلام): إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمشِ إلى بيته (12) فمشى عشرين مرة من المدينة إلى مكة على قدميه (13).
حال الإمام الحسين
1ـ خوفه من الله
قيل له: ما أعظم خوفك من ربك؟
فقال: (لا يأمن يوم القيامة إلا من خاف الله تعالى في الدنيا) (14).
لقد كان الله تعالى نصب عينيه في جميع حالاته، فلم يقم بأي عمل من أعمال الخير إلا لوجه الله تعالى.
2- صلاته وصومه:
كان الإمام في معظم أوقاته مشغولاً بالصلاة والصوم (15).
وقد حدث ولده الإمام زين العابدين (عليه السلام) عن كثرة صلاته، وأنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة (16)، وأكد ذلك ابن الزبير حينما علم بقتله فقال:
أما والله لقد قتلوه، طويلاً بالليل قيامه، كثيراً في النهار صومه (17).
3- حجّه
حج سيد الشهداء بيت الله الحرام خمساً وعشرين حجّة ماشياً على قدميه (18)، وكانت النجائب تقاد بين يديه (19)، وكان معظم حجّه مع أخيه الزكي الإمام الحسن (عليه السلام)، وكان يمسك الركن الأسود ويناجي الله تعالى قائلاً:
إلهي أَنْعَمْتَني فَلَمْ تَجِدْني شاكراً، وَابْتَلَيْتَنِي فَلَمْ تجِدْني صابراً، فَلا أَنْتَ سَلَبْتَ النّعْمَةَ بِتَرْكِ الشَّكْرِ، وَلَا أَدَمْتَ الشِّدَّةَ بِتَرْكِ الصَّبْرِ. إلهي ما يكونُ مِنَ الكريم إِلَّا الْكَرَمُ (20).
الإمام الحسين (عليه السلام) له عدة أدعية ومناجاة مع الله سبحانه وانقطاعه إليه ومن أشهرها دعاؤه في يوم عرفة، هذا الدعاء الذي يعج به أصوات مئات الآلاف من حجاج بيت الله الحرام وعشرات الملايين من شيعة أهل البيت (عليهم السلام) في يوم عرفة ومن رجع إلى هذا الدعاء، وأمعن النظر فيه وتدبره علم حال الإمام الحسين (عليه السلام) مع الله.
ورئي الحسين بن علي (عليه السلام) يطوف بالبيت ثم صار إلى المقام فصلى ثم وضع خده على المقام فجعل يبكي ويقول: عبيدك ببابك خويدمك ببابك سائلك ببابك مسكينك ببابك يردد ذلك مراراً (21).
ومن دعائه في سجوده في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) في المدينة:
قال أبو المؤيد موفق بن أحمد أخطب خوارزم روى في المراسيل أن شريحاً قال: دخلت مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا الحسين بن علي فيه ساجد يعفر خده على التراب وهو يقول:
سيدي ومولاي ألمقامع الحديد خلقت أعضائي؟ أم لشرب الحميم خُلِقَتْ أمعائي، إلهي لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بكرمك، ولتن حبستني مع الخاطئين لأخبرتهم بحبي لك، سيدي إن طاعتك لا تنفعك ومعصيتي لا تضرك فهب لي ما لا ينفعك واغفر لي ما لا يضرك فإنك أرحم الراحمين (22).
حال علي بن الحسين (عليه السلام) مع الله
روى الطوسي في (تهذيب الاحكام) عن الصادق (عليه السلام) كان علي بن الحسين إذا قام الى الصلاة تغير لونه فاذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقاً.
وقال الْبَاقِرُ (عليه السلام): كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ.
وَكَانَتِ الرِّيحُ تُمِيلُهُ بِمَنْزِلَةِ السُّنْبُلَةِ وَكَانَتْ لَهُ خَمْسُمِائَةِ نَخْلَةٍ فَكَانَ يُصَلِّي عِنْدَ كُلِّ نَخْلَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ غَشِيَ لَوْنَهُ لَوْنْ آخَرُ.
وَكَانَ قِيَامُهُ فِي صَلَاتِهِ قِيامَ الْعَبْدِ الذلَّيلِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ.
كَانَت أَعْضَاؤُهُ تَرْتَعِدُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَكَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ مُوَدِّعٍ يَرَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بَعْدَهَا أَبَداً.
وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلى الصَّلَاةِ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَأَصَابَتْهُ رِعْدَةً وَحَالَ أَمْرُهُ فَرُبَّمَا سَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ مَنْ لَا يَعْرِفُ أَمْرَهُ فِي ذَلِكَ فَيَقُولُ:
إنِّي أُرِيدُ الْوُقُوفَ بَيْنَ يَدَيْ مَلِكِ عَظِيمٍ.
وَكَانَ إِذَا وَقَفَ فِي الصَّلاةِ لَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يَسْمَعْ شَيْئًا لِشُغْلِهِ بِالصَّلَاةِ وَسَقَطَ بَعْضُ وُلْدِهِ بَعْضَ اللَّيَالِي فَانْكَسَرَتْ يَدُهُ فَصَاحَ أَهْلُ الدَّارِ وَأَتَاهُمُ الْجِيرَانُ وَجِيءَ بِالْمُجَبْرِ فَجَبَّرَ الصَّبِيَّ وَهُوَ يصِيحُ مِنَ الْالَمِ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَسْمَعُهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ رَأي الصَّبِيَّ يَدَهُ مَرْبُوطَةٌ إِلَى عُنُقِهِ فَقَالَ مَا هَذَا فَأَخْبَرُوهُ.
وَوَقَعَ حَرِيقٌ فِي بَيْتٍ هُوَ فِيهِ سَاجِدٌ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ النَّارَ النَّارَ فَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى أُطْفِئَتْ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ قُعُودِهِ مَا الَّذِي أَلْهَاكَ عَنْهَا قَالَ أَلْهَتْنِي عَنْهَا النَّارُ الْكُبْرَى
متعلق بأستار الكعبة
قال الْأَصْمَعِيُّ: كُنْتُ أَطُوفُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ لَيْلَةٌ فَإِذَا شَابٌ ظَرِيفٌ الشَّمَائِلِ وَعَلَيْهِ ذُؤابْتَانِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ يَقُولُ نَامَتِ الْعُيُونُ وَعَلَتِ النُّجُومُ وَأَنْتَ الْمَلِكُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ غلَّقَتِ الْمُلُوكُ أَبْوَابَهَا وَأَقَامَتْ عَلَيْهَا حُرَّاسَهَا وَبَابُكَ مَفْتُوحٌ لِلسَّائِلِينَ جِئْتُكَ لِتَنْظُرَ إِلَيَّ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
يَا مَنْ يُجِيبُ دُعَاء الْمُضْطَرُ فِي الظُّلَمِ يَا كَاشِفَ الضُّرُ وَالْبَلْوَى مَعَ السَّقَم
قَدْ نَامَ وَفدُكَ حَوْلَ الْبَيْتِ قَاطِبَةً وَأَنْتَ وَحْدَكَ يَا قَيُّومُ لَمْ تَنَمْ
أَدْعُوكَ رَبِّ دُعَاء قَدْ أَمَرْتَ بِهِ فَارْحَمْ بُكَائِي بِحَقِّ الْبَيْتِ وَالْحَرَمِ
إِنْ كَانَ عَفْوُكَ لَا يَرْجُوهُ ذُو سَرَفٍ فَمَنْ يَجُودُ عَلَى الْعَاصِينَ بِالنِّعَمِ
قَالَ فَاقْتَفيْتُهُ فَإِذَا هُوَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ (عليه السلام) (23).
مناجاته في الطواف
وقال طاوُسَ الْفَقِيهُ رَأَيْتُهُ يَطُوفُ مِنَ الْعِشَاءِ إِلَى سَحَرٍ وَيَتَعَبَّدُ فَلَمَّا لَمْ يَرَ أَحَداً رَمَقَ السَّمَاءَ بِطَرْفِهِ وَقَالَ: إِلَهِي غارَتْ نُجُومُ سَمَاوَاتِكَ وَهَجَعَتْ عُيُونُ أنَامِكَ وَأَبْوَابُكَ مُفَتَّحَاتٌ لِلسَّائِلِينَ جِئْتُكَ لِتَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمْنِي وَتُرِيَنِي وَجْهَ جَدِّي مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ بَكَى وَقَالَ:
(وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِيَتِي مُخَالَفَتَكَ وَمَا عَصَيتُكَ إِذْ عَصَيْتُكَ وَأَنَا بِكَ شَاكٌ وَلَا بِنَكَالِكَ جَاهِلٌ وَلَا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ وَلَكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي وَأَعَانَنِي عَلَى ذَلِكَ سَتْرُكَ الْمُرْخَى بِهِ عَلَيَّ فَالْآنَ مِنْ عَذَابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُنِي وَبِحَبْلٍ مِنَ أَعْتَصِمُ إِنْ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنِّي فَوَاسَوْأَتاهُ غَداً مِنَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْكَ إِذَا قِيلَ لِلْمُخِفِّينَ جُوزُوا وَلِلْمُثْقِلِينَ حُطُوا أَمَعَ الْمُخِفِّينَ أَجُوزُ أَمْ مَعَ الْمُثْقِلِينَ أَحُطُ وَيْلِي كُلَّمَا طَالَ عُمُرِي كَثُرَتْ خَطَايَايَ وَلَمْ أَتُبْ أَمَا آنَ لِي أَنْ أَسْتَحِيَ مِنْ رَبِّي ثُمَّ بَكَى وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
أَتُحْرِقُنِي بِالنَّارِ يَا غَايَةَ الْمُنَى فَأَيْنَ رَجَائِي ثُمَّ أَيْنَ مَحَبَّتي
أَتَيتُ بِأَعْمَالِ قِباحٍ زَرِيَّةٍ وَمَا فِي الْوَرَى خَلْقٌ جَنَى كَجِنَايَنِي
ثُمَّ بَكَى وَقَالَ سُبْحَانَكَ تُعْصَى كَأَنَّكَ لَا تَرَى وَتحْلُمُ كَأَنَّكَ لَمْ تُعْصَ تَتَوَدَّدُ إلى خَلْقِكَ بِحُسْنِ الصَّنِيعِ كَأَنَّ بِكَ الْحَاجَةَ إِلَيْهِمْ وَأَنْتَ يَا سَيِّدِي الْغَنِيُّ عَنْهُمْ ثُمَّ خَرَّ إِلَى الْأَرْضِ سَاجِداً.
قَالَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَشلْتُ بِرَأْسِهِ وَوَضَعْتُهُ عَلَى رُكْبَتِي وَبَكَيْتُ حَتَّى جَرَتْ دُمُوعِي عَلَى خَدِّهِ فَاسْتَوَى جَالساً وَقَالَ:
مَنِ الَّذِي أَشْغَلَنِي عَنِ ذِكْرِ رَبِّي!
فَقُلْتُ: أَنَا طَاوُسٌ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ مَا هَذَا الْجَزَعُ وَالْفَزَعُ وَنَحْنُ يَلْزَمُنَا أَنْ نَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا وَنَحْنُ عَاصُونَ جَانُونَ أَبُوكَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَأُمُّكَ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ وَجَدُكَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) قَالَ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ:
هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ يَا طَاوُسُ دَعْ عَنِّي حَدِيثَ أَبِي وَأُمِّي وَجَدِّي خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَأَحْسَنَ وَلَوْ كَانَ عَبْداً حَبَشِياً وَخَلَقَ النَّارَ لِمَنْ عَصَاهُ وَلَوْ كَانَ وَلَداً قُرَشِيّاً أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَهُ تعالى؟: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101، 102]، وَاللَّهِ لَا يَنْفَعُكَ غَداً إِلَّا تَقْدِمَةٌ (أي هدية) تُقَدِّمُهَا مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ (24).
شفقة الآخرين عليه من شدة العبادة
روى الطوسي في الأمالي بسنده عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِنْدِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليه السلام) أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا نَظَرَتْ إلى مَا يَفْعَلُ ابْنُ أَخِيهَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بِنَفْسِهِ مِنَ الدَّأْبِ فِي الْعِبَادَةِ أَتتْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامِ الْأَنْصَارِيَّ فَقَالَتْ لَهُ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ إِنَّ لَنَا عَلَيْكُمْ حُقُوقاً مِنْ حَقْنَا عَلَيْكُمْ أَنْ إِذَا رَأَيْتُمْ أَحَدَنَا يُهْلِكُ نَفْسَهُ اجْتِهَاداً أَنْ تُذَكَّرُوهُ اللَّهَ وَتَدْعُوهُ إلَى الْبُقْيَا عَلَى نَفْسِهِ وَهَذَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بَقِيَّةُ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ قَدِ انْخَرَمَ أَنْفُهُ وَثَفِنَتْ جَبْهَتُهُ وَرُكْبَتَاهُ وَرَاحَتَاهُ إِدْءَاباً مِنْهُ لِنَفْسِهِ فِي الْعِبَادَةِ.
فَأَتَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بَابَ عَلِي بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) وَبِالْبَابِ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (عليه السلام) وقال - في حديث طويل إلى أن قال –
ثُمَّ أَذِنَ لِجَابِرٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي مِحْرَابِهِ قَدْ أَنْضَتْهُ الْعِبَادَةُ فَنَهَضَ عَلي (عليه السلام) فسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ سُؤالًا حَفِياً ثُمَّ أَجْلَسَهُ بِجَنْبِهِ فَأَقْبَلَ جَابِرٌ عَلَيْهِ يَقُولُ:
يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ تعالى إِنَّمَا خَلَقَ الْجَنَّةَ لَكُمْ وَلِمَنْ أَحَبَّكُمْ وَخَلَقَ النَّارَ لِمَنْ أَبْغَضَكُمْ وَعَادَاكُمْ فَمَا هَذَا الْجَهْدُ الَّذِي كَلَّفْتَهُ نَفْسَكَ.
قَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام): يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ أَمَا عَلِمْتَ جَدِّي رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) قَدْ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ فَلَمْ يَدَعِ الاجْتِهَادَ وَتَعَبَّدَ - بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي - حَتَّى انْتَفَخَ السَّاقُ وَوَرِمَ الْقَدَمُ وَقِيلَ لَهُ أَتَفْعَلُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟
قَالَ أَفَلا أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً.
فَلَمَّا نَظَرَ جَابِرٌ إِلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) وَلَيْسَ يُغْنِي فِيهِ قَوْلُ مَنْ يَسْتَمِيلُهُ مِنَ الْجَهْدِ وَالتَّعَبِ إلى الْقَصْدِ قَالَ لَهُ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ الْبُقْيَا عَلَى نَفْسِكَ فَإِنَّكَ مِنْ أَسْرَةٍ بِهِمْ يُسْتَدْفَعُ الْبَلاءُ وَيُسْتَكْشَفُ اللَّأَوَاء وَبِهِمْ يُسْتَمْطَرُ السَّمَاءُ فَقَالَ لَهُ: يَا جَابِرُ لَا أَزَالُ عَلَى مِنْهَاجِ أَبَوَيَّ مُؤْتَسِياً بِهِمَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا حَتَّى أَلْقَاهُمَا.
فَأَقْبَلَ جَابِرٌ عَلَى مَنْ حَضَرَ فَقَالَ لَهُمْ: وَاللَّهِ مَا أَرَى فِي أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ بِمِثْلِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ إِلَّا يُوسُفَ بْنَ يَعْقُوبَ (عليه السلام) وَاللَّهِ لَذُرِّيَةُ عَلِي ابْنِ الْحُسَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ ذُرِّيَّةِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ إِنَّ مِنْهُمْ لَمَنْ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً (25).
وعَن حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عليه السلام) قالَ : كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) كَانَتْ لَهُ خَمْسُمِائَةِ نَخْلَةٍ فَكَانَ يُصَلِّي عِنْدَ كُلِّ نَخْلَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ غَشِيَ لَوْنَهُ لَوْنْ آخَرُ وَكَانَ قِيَامُهُ فِي صَلَاتِهِ قِيامَ الْعَبْدِ الذَلِيلِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ تَرْتَعِدُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ مُوَدِّعٍ يَرَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بَعْدَهَا أَبَداً وَلَقَدْ صَلَّى ذَاتَ يَوْمٍ فَسَقَطَ الرِّدَاءُ عَنْ أَحَدٍ مَنْكِبَيْهِ فَلَمْ يُسَوِّهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَسَأَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَيْحَكَ أَتَدْرِي بَيْنَ يَدَيْ مَنْ كُنتُ؟
إِنَّ الْعَبْدَ لَا تُقْبَلُ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا مَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ مِنْهَا بِقَلْبِهِ.
فَقَالَ الرَّجُلُ هَلَكْنَا فَقَالَ كَلَّا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُتَمِّمُ ذَلِكَ بِالنوَافِل (26).
وفي الكافي بسنده عَنْ جَهْمِ بْنِ حُمَيْدٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عليه السلام)، قَالَ: كَانَ أَبِي (عليه السلام) يَقُولُ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا - إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ (27) كَأَنَّهُ سَاقُ شَجَرَةٍ، لَا يَتَحَرَّكُ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا حَرَّكَتِ (28) الرِّيحُ مِنْهُ (29).
وعَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عليه السلام)، قَالَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا - إِذَا قَامَ فِي (30) الصَّلَاةِ، تَغَيَّرَ لَوْنهُ، فَإِذَا سَجَدَ، لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى يَرْفَضٌ عَرَقاً (31)، (32).
وعَنِ الثَّمَالِيِّ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) يُصَلِّي فَسَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ أَحَدٍ مَنْكِبَيْهِ فَلَمْ يُسَوِّهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَيْحَكَ أَتَدْرِي بَيْنَ يَدَيْ مَنْ كُنْتُ إِنَّ الْعَبْدَ لَا يُقْبَلُ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا مَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ مِنْهَا بِقَلْبِهِ (33).
وعَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِنِّي رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ غَشِيَ لَوْنَهُ لَوْنْ آخَرُ فَقَالَ لِي وَاللَّهِ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ يَعْرِفُ الَّذِي يَقُومُ بَيْنَ يَدَيْهِ (34).
وفي دَعَوَاتِ الرَّاوَنْدِي، عَنِ الْبَاقِرِ (عليه السلام) قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) مَرِضْتُ مَرَضاً شَدِيداً فَقَالَ لِي أَبِي (عليه السلام) مَا تَشْتَهِي فَقُلْتُ أَشْتَهِي أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ لَا أَقْتَرِحُ عَلَى اللَّهِ مَا يُدَبِّرُه لي. (35) ما يدبره لي.
فَقَالَ لِي أَحْسَنْتَ ضَاهَيْتَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ (عليه السلام) حَيْثُ قَالَ جَبْرَائِيلُ (عليه السلام) هَلْ مِنْ حَاجَةٍ فَقَالَ: لَا أَقْتَرِحُ عَلَى رَبِّي، بَلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (36).
وفي (إعلام الورى) و(الإرشاد) عن مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِي قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) إِذَا تَوَضَّأَ اصْفَرَّ لَوْنُهُ فَيَقُولُ لَهُ أَهْلُهُ مَا الَّذِي يَغْشَاكَ فَيَقُولُ أَتَدْرُونَ لِمَنْ أَتَأَهَبُ لِلْقِيَامِ بَيْنَ يَدَيْهِ؟ (37).
وفي (إعلام الورى) و(الإرشاد) رَوَى عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيٌّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ وَكَانَتِ الريحُ تُمِيلُهُ بِمَنْزِلَةِ السُّنْبُلَةِ (38).
وفي المناقب لابن شهر آشوب فِي زُهْدِهِ (عليه السلام) حِلْيةُ الْأَوْلِيَاءِ، وَفَضَائِلُ الصَّحَابَةِ، كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ إِذَا فَرَغَ مِنْ وُضُوءِ الصَّلَاةِ وَصَارَ بَيْنَ وُضُوئهِ وَصَلَاتِهِ أَخَذَتْهُ رِعْدَةٌ وَنُفَضَةٌ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ وَيْحَكُمْ أَتَدْرُونَ إلى مَنْ أَقُومُ وَمَنْ أُرِيدُ أَنَاجِي (39).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ وسائل الشيعة، ج16، ص198، رقم21337.
2ـ شرح ابن ميثم البحراني، ج3، ص415.
3ـ بحار الأنوار، ج 67، ص 400.
4ـ المصدر السابق، ج 68، ص 23.
5ـ المصدر السابق، ج67، ص400.
6ـ وسائل الشيعة، ج 6، ص 123، رقم 7511، عن من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 309، رقم 964، ورواه في علل الشرائع، ج 2، ص 323، رقم 12، باب العلة التي من أجلها يجهر بالقراءة، ح 1 بسند أخر.
7ـ المصدر السابق، ص 328، رقم 8102.
8ـ بحار الأنوار، ج 74، ص 402.
9ـ المصدر السابق، ج 46، ص 75.
10ـ المصدر السابق، ج 67، ص 400.
11ـ المصدر السابق، ج 13، ص 321، باب .16
12ـ حلية الأولياء، ج 2، ص 37، الفصول المهمة في معرفة الأئمة (عليهم السلام) لابن الصباغ، ج 2، ص 705.
13ـ المصدر السابق، ج 2، ص 37.
14ـ مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب، ج 3، ص 206، بحار الأنوار، ج 44، ص 192.
15ـ تهذيب الأسماء: ج 1، ص 163. خطط المقريزي: ج 1، ص 173.
16ـ تاريخ اليعقوبي: ج 2، ص 19. تاريخ ابن الوردي: ج 1، ص 173، (المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء)، (ج 1، ص 191 طبعة مصر) (الصواعق المحرقة) لابن حجر الهيثمي (ص 198، طبعة الميمنية بمصر).
17ـ تاريخ الطبري: ج 4، ص 364، وفي طبع آخر، ج 6، ص 273، والكامل لابن الأثير، ج 1، ص 99، والبداية والنهاية لابن كثير، ج 8، ص 231.
18ـ تاريخ ابن عساکر: ج 13، ص 254، سير أعلام النبلاء: ج 3، ص 193، مجمع الزوائد: ج 9، ص 201. تهذيب الأسماء: ج 1، ص 163، (أسد الغابة) لابن الأثير (ج 2، ص 20 طبعة مصر) (مقتل الحسين للخوارزمي) (ج 1، ص 155 طبعة الغري) (العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي) (ج 2، ص 220 طبعة مصر) قال: علي بن عبد العزيز عن الزبير عن مصعب بن عبد الله قال: حج الحسين خمسة وعشرين حجة ملبياً ماشيا (الطبقات المالكية لمحمد بن محمد مخلوف المالكي، ج 2، ص 89، طبعة القاهرة، قال أما الحسين فكان فاضلاً كثير الصوم والصلاة، حج خمساً وعشرين حجة ماشياً.
19ـ صفوة الصفوة لابن الجوزي (ج 1 ص 321 طبعة حیدر آباد) طبقات الشعراني: ج 1، ص 63. (البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي) (ج 8، ص 207 طبعة القاهرة). (مختصر تذكرة القرطبي لعبد الوهاب الشعراني) (ص 120 طبعة مصر).
20ـ الكواكب الذرية: ج 1، ص 58، حياة الإمام الحسين القرشي، ج 1، ص 134، بحار الأنوار ج 96، ص 197، ح 13، عن الإمام الحسن (عليه السلام).
21ـ ربيع الابرار، ج 2، ص149.
22ـ (مقتل الحسين للخوارزمي)، (ج 1، ص152، طبعة الغري)، فرائد السمطين للحمويني، ج 2، ص 262، يبع بيروت.
23ـ بحار الأنوار، ج 46، ص 81.
24ـ المصدر السابق: ص 82.
25ـ المصدر السابق، ص 61.
26ـ المصدر السابق: ص62، عن الخصال للشيخ الصدوق ج 2، ص 100.
27ـ في البحار، ج 46، إلى الصلاة.
28ـ هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والبحار وفي المطبوع: (حركة).
29ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 6، ص 111، رقم 4921، وفي الطبع القديم ج 3، ص 300، الوافي، ج 8، ص 845، ح 7229، الوسائل، ج 5، ص 474، ح 7098، البحار، ج 46، ص 64، ح 22، وج 84، ص 284، ذيل ح 39.
30ـ في نسخة (ى) وحاشية (بح، بخ، جن) والبحار (إلى).
31ـ (يرفض عرقاً)، أي ترشش عرقه وجرى وسال. راجع الصحاح، ج 3، ص 1079؛ النهاية، ج 2، ص 243 (رفض).
32ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج1، ص 111، رقم 4922، وفي الطبع القديم ج 3، ص 301، التهذيب، ج 2، ص 286، ح 1145، معلقاً عن محمد بن إسماعيل. الكافي، كتاب الروضة، ح 14987، بسند آخر، مع اختلاف يسير وزيادة، الوافي، ج 8، ص 846، ح 7230، الوسائل، ج 5، ص 474، ح 7097، البحار، ج 46، ص 64، ح 23.
33ـ بحار الأنوار، ج 46، ص 66، عن علل الشرائع للصدوق
34ـ المصدر السابق.
35ـ في البحار كلمة (الله) غير موجودة. وفي المصدر لا أقترح على ربي سوى ما
يبره لي.
36ـ سلوة الحزين وتحفة العليل المشتهر بالدعوات للقطب الراوندي المتوفى 573 هـ ص 188، بتحقيق عبد الحليم عوض الحلي، بحار الأنوار ج 46، ص 67.
37ـ بحار الأنوار، ج 46، ص 74.
38ـ المصدر السابق.
39ـ المصدر السابق.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|