أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-1-2021
1809
التاريخ: 10-5-2017
8038
التاريخ: 2023-09-14
1205
التاريخ: 23-3-2022
1494
|
للقاضي الجزائي الحق في ان يأخذ من الدليل ما يراه ثابتاً وينصرف عما يراه معيباً ، ويرجح بذلك دليل الاثبات عن دليل النفي ، وان يحكم بما يؤدي الى اقتناعها على ان تستوفي حكمها في بيان الوقائع (1).
إذ يصل القاضي الى مرحلة الترجيح بعدما تكون الدعوى المعروضة عليه قد استوفت كل عناصرها الواقعية والقانونية ، وبعدما يكون قد تمكّن من كل ما فيها وتأكد من صحتها وسلامتها ، ولا يمكن للقاضي الجزائي تأسيس حكمه على الظن والاحتمال ، فهو مكلف بأن يزن الادلة المعروضة امامه في الدعوى بميزان العدل وان يقابل ويرجح فيما بينهما ، ويبتعد عن اي مظهر من مظاهر التناقض في حكمه والا بات حكمه متسماً بالاستخلاص غير السائغ(2).
ووفقاً لذلك يستطيع القاضي الجزائي ان يستمد اقتناعه من دليل اطمئن اليه وجدانه ويطرح دليلاً اخراً داخلته الريبة فيه ، فقد يأخذ بجزء من الشهادة دون باقي الاجزاء وقد يأخذ بقول الشاهد في اي مرحلة من مراحل التحقيق (3).
و من المقرر في المواد الجنائية ان الادلة إقناعيه وللمحكمة ان تلتفت عن دليل النفي ولو حملته الاوراق الرسمية ، مادام يصح في العقل والمنطق ان تكون غير ملائمة للحقيقة التي اطمأنت اليها من باقي الادلة القائمة في الحكم (4).
ولكن قد يشوب الحكم الفساد في الاستدلال ، إذا استندت المحكمة في تكوين عقيدتها الى بعض عناصر الإثبات من دون غيرها الثابت في الدعوى ، والذي يمكن أن يتغير بها وجه الرأي في الدعوى، من دون أن تبين علة اطراحها لهذه العناصر ، أو إذا أوردت أسبابا غير سائغة لتبرير ذلك (5).
و ان عملية الموازنة والترجيح بين الادلة تستن على كل ما توافر منها بالدعوى ، وعلى القاضي التصدي لقيمتها كل على حدة لينتقل فيما بعد الى عملية المقابلة بين الادلة واستخلاص ما يتماشى مع قواعد العقل والمنطق و ما يؤدي الى الحقيقة كما حصلت في الواقع ، وهو في هذا لا يمارس سلطة تحكمية بالتفضيل غير المنطقي انما يمارس سلطة تقديرية بحتة تتماشى والمنطق العقلي من جهة، وبما يمكن من تطبيق القانون ويحقق العدالة من جهة اخرى (6).
وقد ثار الخلاف بشأن قيمة الادلة في الاثبات ، إذ ذهب رأي الى عد الادلة المادية هي الاساس في الاثبات اما الادلة المعنوية فلا يمكن الاعتماد عليها كثيراً لان اقوال المتهم تحتمل الصدق أو الكذب ، كذلك اقوال الشاهد فهو يرى احياناً نتيجة لعوامل شخصية معينة لا كما تراها العين بل كما تشتهيه النفس ، كما ذهب بعض الفقهاء الى عد الدليل المستمد من الاقرار له صفة السيادة على باقي الادلة الاخرى ، ذلك لأنها ليست من المنطق ان يدين الانسان نفسه ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد ظهرت اتجاهات بعضها يؤيد رجحان حجية الادلة المادية على الادلة المعنوية وبعضها الآخر يعارض ذلك ، فالاتجاه الأول يستندون في قولهم الى اقوال المتهم تحتم الصدق والكذب ، فيما يخص الادلة المادية فأنها لا تحتمل الكذب فوجود تسجيلات صوتية او صور مرئية للمتهم بمحل ارتكاب الجريمة امر لا يمكن ان يكون محل شك ، فأن الادلة المادية تنفرد بمميزات عديدة منها : الثبات والاستقرار لأنه يعتمد في جوهره على النظريات والاسس العلمية ، وكذلك يمتاز بالعمق والدقة اللذان يخرجان عن نطاق الادراكات البشرية فهناك تفاوت وتباين كبير بين الادراك البشري بالحواس والادراك العلمي عن طريق الخبرة والاجهزة الفنية ومن ثم فأن الادراك العلمي حاسم في تقريره القطعي في دلالته الساطعة ، كما ان الادلة المادية تؤدي الى نتيجة واحدة لاحتمل التضارب كالذي يحصل في الادلة المعنوية . ، فضلاً. الحياد والنزاهة والثقة ، فالدليل المعنوي لا يتصف بالحياد وذلك من منطلق العلاقات الظاهرة والمستقرة التي قد تربط الشاهد بأحد اطراف الخصومة بعكس الخبير الذي لا يتم تعينه في هذه الوظيفة الأ وفق شروط بالغة الدقة ، واخيراً خروج الدليل المادي عن نطاق استئثار وتحكم الجاني وان اراك الجاني بعض هذه الادلة فأغلبها في طي الخفاء عنه ومن ثم تكون بعيدة عن الطمس والازالة فتبقى على حالتها لتتلقفها يد الخبير ويكشف عنها ، اما الاتجاه الثاني الذي يعارض رجحان الدليل المادي على المعنوي فيذهب الى ان الدليل المادي لا يصدق احياناً وبالتالي فلا يمكن الاعتماد عليه بصورة مطلقة فقد يستخدم الجاني اساليب الغش والخداع ، فضلاً عن عد الدليل المستخلص من الاقرار قد يعد سيد الادلة (7).
ويرى الباحث ان وضع مراتب الادلة في نطاق الاثبات الجزائي من شانه الاخلال بقواعد الاثبات واهمها حرية القاضي في تكوين عقيدته ، إذ ان تحديد مراتب الادلة فيه إلزام للقاضي لأخذ دليل بعينه ، فضلاً عن ان المشرع الاجرائي العراقي في المادة (213) الاصولية) لم يقيد القاضي في دليل معين بالذات ( وكان موفقاً في ذلك) فالأدلة وتقدير قيمتها امر متروك للقضاء .
وتطبيقاً لذلك قررت محكمة التمييز الاتحادية ، بعد التدقيق والمداولة وُجد أن محكمة الجنايات قد أجرت محاكمة المتهم ( ع ) وفق احكام المادة (410) ق ع ع )(8) ومن ثم ادانته وحكمت عليه بمقتضى ذلك ، والمحاكمة والادانة على هذا النحو يُستدل منها على أن المحكمة قد رجحت ادلة الاثبات التي توفرت ضد المتهم المذكور والتي تأييد منها بأنه قد طعن المجنى عليه الا انها مع ذلك استظهرت من هذه الواقعة نية الايذاء دون نية القتل في حين ان التقرير التشريحي ... ولما كانت ظروف الحادثة موضوع الدعوى ، تدل على توفر نية القتل العمد لدى المتهم (ع) .. الخ (9).
___________
1- جندي عبد الملك ، الموسوعة الجنائية ، الجزء الأول ، ص 555 .
2- نعمون آسيا ، اليقين القضائي وسلطة الرقابة عليه ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة منتوري ، الجزائر ، 2011 ، ص 93
3- د فوزية عبد الستار ، شرح قانون الاجراءات الجنائية، دار النهضة العربية ، الطبعة الثانية، 2010 ، ص 527 .
4- نعمون آسيا ، اليقين القضائي وسلطة الرقابة عليه ، مرجع سابق ، ص 93
5- د امال عبد الرحيم عثمان ، شرح قانون الاجراءات الجنائية ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1991 ، ص 751 .
6- نعمون آسيا ، اليقين القضائي وسلطة الرقابة عليه ، مرجع سابق ، ص 94
7- انوف حسين متروك العجارمة ، حجية المستخرجات الصوتية والمرئية في الاثبات الجنائي ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق جامعة الشرق الاوسط ، الاردن، 2019، ص 28 وما بعدها
8- اشارت المادة (410) من قانون العقوبات العراقي الى : من اعتدى عمداً على آخر بالضرب أو بالجرح او بالعنف أو بإعطاء مادة ضارة او بارتكاب أي فعل اخر مخالف للقانون ولم يقصد من ذلك قتله ولكنه افضى الى موته يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمسة عشر سنة وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشرين سنة اذا ارتكبت الجريمة مع سبق الاصرار أو كان المجنى عليه من اصول الجاني أو كان موظفاً أو مكلف بخدمة عامة ووقع عليه الاعتداء اثناء تأدية الوظيفة أو بسبب ذلك
9- محكمة التمييز، رقم الحكم (1166 / ضرب مفضي الى الموت (1983) في (1983/6/14 ) ، غير منشور .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|