أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-10
957
التاريخ: 2024-08-06
462
التاريخ: 2023-08-12
1351
التاريخ: 2024-06-10
524
|
لقد مر في المباحث التفسيرية أن نجاة بني إسرائيل من آل فرعون كانت بلاءً وابتلاء ووسيلة للامتحان الإلهي مما يستلزم أنه حتى الخلاص من أعباء الظلم لن يكون مجرد جزاء خال من المسؤولية بل إن الله عز وجل أورث أولئك (أي المستضعفين الأرض كي ينظر كيف يصنعون وهذا ما صرح به في آية أخرى بقوله: {قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلَفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}. فالمهم هو أن ينظر {كيف تعملون}؛ مثلما أن الممتحن، في أي امتحان ينظر بدقة فيما أنجزه الممتحن.
لذا فإن السر في تبيين نجاة بني إسرائيل من آل فرعون وسائر النعم المتعلقة بالماضين لأولئك المعاصرين للرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) هو هذا أيضاً؛ فالقرآن ليس كتاب قصة وليس تاريخاً يحصي مفاخر قوم أو عشيرة، بل هو كتاب نور وهداية وتبيان للقوانين والسنن الإلهية المهيمنة على العالم، وليبيّن أن الكل سواسية أمامها؛ فالماضون كانوا مسؤولين تجاه تلك السنن، وأنتم أيضاً تتحملون المسؤولية تجاهها. فكل من صارع الحق واشتبك مع حقائق الكون فشل وصرع: "من صارع الحق صرعه" (1)، سواء كانوا آل فرعون أو بني إسرائيل أو آخرين، وكل من خضع بين يدي الحق واتخذ مسلك الطاعة نال السيادة وبلغ النعم المادية منها والمعنوية سواء كانوا بني إسرائيل أو سائر الأقوام والملل.
فالسنة الإلهية الثابتة تقضي أن لا تغيّر نعمة أسبغتها على قوم إطلاقاً، اللهم إلا أن يغيّر المتنعم نهجه في مجال العقيدة والأخلاق. المنطلق، فبعد بيان القانون العام {وذلك بأنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، وفي مقام تطبيقه أثناء قصة فرعون وموسى، يقول عز من قائل: {كدأب ال فرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا الَ فرْعَوْنَ وَكُلِّ كَانُوا ظَالمين}، أي إن ما جر آل فرعون إلى الهلاك كان تكذيبهم وذنوبهم. وأنتم أيضاً يا بني إسرائيل إن قمتم بذلك فستؤولون إلى ذات المآل إذن فليس الغرض من سرد هذه الحكايات هو تكريم قوم وتحقير قوم آخرين، بل الهدف هو أن يعتبر المخاطبون وأن يعبر المكلفين من الخصائص الموجودة إلى فضائل أسمى وأرفع.
وفقاً لهذه القاعدة فإن القرآن الكريم لا يتطرّق حين روايته للقصص إلى تاريخ وقوعها وتفاصيل الواقعة، بل إنّه يشير فقط إلى روح القضية التي هي روح التاريخ وفيها النور والهداية؛ تماماً مثلما أنه يستند في سرده لقصة سجن النبي يوسف وما رافقه وأعقبه من أحداث إلى قوله : {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} وما أجاب به صاحبيه في السجن عندما طلبا منه إنباءهما بتأويل رؤياهما: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ باللهِ وَهُمْ بالآخرَةِ هُمْ كَفَرُونَ * وَاتَّبَعْتُ ملَّةَ اباءي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِالله مِنْ شَيْءٍ}؛ أَي إِنه يتطرق إلى نقاط التاريخ الحساسة التي تظهر السنة الإلهية من جهة، وتكون منزهة عن التزمن بزمان خاص والتمكن بمكان معين من جهة أخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. نهج البلاغة، الحكمة 408.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|