أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-8-2016
1335
التاريخ: 31-8-2016
1545
التاريخ: 29-8-2016
1555
التاريخ: 2024-02-24
857
|
الخبر المتواتر:
البحث في الخبر معلوم الصدق دون خبر الآحاد سيقدّم لنا صنفان من الأخبار؛ أحدهما الخبر المتواتر والثاني الآحاد.
أمّا الخبر المتواتر فإنَّ التواتر لغةً: هو التتابع والترتيب كما في قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 44].
وفي الآية الكريمة بيان لمعنى التتابع، فإنّ الله تعالى يخبر عن حال الأمم المكذّبة لرسلها بالرغم من تواتر الرسل وتتابعهم إلّا أنَّ ذلك لا ينفع مع هؤلاء وهذا تعريفه اللغويّ، وقد عرّفوه اصطلاحاً.
أولاً: أنّه الخبر الذي يفيد بنفسه القطع بصدقه، وعلى هذا فلا يشمل التعريف الخبر الذي لا يُقبل إلا بالقرائن على أنّ القرائن التي تعين على قبول الخبر هي:
أ) قرائن داخليّة:
1 ـ ما له علاقة بحال المخبر كونه معروفاً بالوثاقة مشهوراً بالصدق.
2 ـ ما له علاقة بالمتلقّي للخبر من حيث عدم تأثّره بمؤثّرات خارجيّة تؤثّر على قبوله للخبر أو عدم قبوله.
3 ـ ما له علاقة بالمُخبر به من حيث [أنّه] يُتعقّل وقوعه أو لا يُتعقّل.
4 ـ ما له علاقة بحالة وهيئة الخبر، كونه يشتمل على نوع التأكيد أو القسم وغير ذلك.
ب) قرائن خارجيّة:
وهو ما يُطلق عليه الخبر المحفوف بالقرائن، كما لو أخبر أحدهم بوجود حريق بالبيت الفلاني وشُوهدت ألسنة اللهب والدخان تتصاعد منها.
ثانياً: ومن التعريفات التي عُرّف بها الخبر المتواتر، كونه خبر جماعة يؤمن تواطؤهم على الكذب عادة وإن كان للوازم الخبر دخل في إفادة تلك الكثرة العلم (1).
ثالثاً: وقد جمع الشيخ البهائيّ بين التعريفَينِ، فقال: "فإن بلغت سلاسله في كُلّ طبقة حدّاً يؤمن معه تواطؤهم على الكذب، ويرسم بأنّه خبر جماعة يفيد بنفسه القطع بصدقه، وإلا فخبر آحاد" (2).
رابعاً: ما عرّفه الشهيد العامليّ بقوله: "بلغت رواته في الكثرة مبلغاً أحالت العادة تواطأهم على الكذب استمر ذلك الوصف في جميع الطبقات حيث تتعدّد فيكون أوّله كآخره ووسطه كطرفَیهِ" (3).
شروط التواتر:
أمّا ما يُشتَرط فيه تحقّق التواتر:
1 - أن يكون المخبرين بلغوا حقاً من الكثرة يمتنع معه، عادة تواطؤهم على الكذب فلا حدّ لعدد معيّن، بل يتحقّق هذا الشرط فيما إذا تحقّق كون المخبرين يبلغون من الكثرة بما لا مجال معه أن يتّفقوا على الكذب.
2 - أن يستند علمهم على الحسّ وليس على النقل الذي يتلقّاه عن طريق نظريّ، فإنّ ذلك موجب للاشتباه، كما في كثير من الأخبار المنقولة بين الجميع حتّى بلغ أمرها إلى حد الشياع: فمثلاً لو أنّ كلّ مَن مرّ بالطريق الفلانيّ يُفقَد فظنّ النّاس أنّ هناك سبعاً في الطريق اعتماداً عن فقه الكثير من السالكين لهذا الطريق وصار ذلك شائعاً بين الناس، ثمّ تبيّن بعد فترة أنّ سبب فقدان مَن يسلك هذا الطريق هو وجود قطّاع طريق فصار الاشتباه والظنّ بسبب الدلائل النظريّة والاحتمال سبباً لهذا الشراع الخاطئ.
فإذن الاعتماد في التواتر هو عن طريق حسّي وليس حدسيّاً معتمداً على النظر والاحتمال فقط.
3- استواء الطرفَين والوسط أي بلوغ كلّ الطبقات هذه الكثرة التي معها لا يمكن التواطؤ على الكذب لكن لو حصل التواتر في الطبقة الأولى فلا بأس بالاعتماد على الخبر وعلى الخبر الواحد المحفوف بالقرائن المفيدة للعلم، وهنا يحصل العلم دون الاعتماد على التواتر في كلّ الطبقات.
4 ـ كون إخبارهم عن علم: فلو أخبر أهل بغداد عن طائر: أنّهم ظنّوه حماماً أو عن شخص أنّهم ظنّوه زيداً لم يحصل لنا العلم بكونه حماماً أو زيداً، وليس هذا معلّلاً بل حال المخبر لا يزيد على حال المخبر، وهذا ما اشترطه الغزالي في المستصفى ولم يصرّ عليه المحقّق القمّي في قوانينه، بل اكتفى بكون الباقين عالمين وإن كان بعضهم ظانّين.
ما يُشتَرط لحصول العلم:
إنّ تحقّق العلم وحصوله بسبب التواتر يعتمد على أمور:
أولاً: أن يكون السامع غير عالم بما أُخبر به؛ لأنّه تحصيل حاصل، وهو ما لا يمكن حصوله عند غير التواتر.
ثانياً: ألّا يكون المتلقّي مسبوقاً بشبهة أو تقليد أو عناد في نفي الخبر وعدم التصديق به، كما حصل ويحصل لمنكري فضائل الإمام علي (عليه السلام) لقناعاتهم المسبقة بعدم قبول ذلك أو التسليم له، ولو تظافرت أخبار متواترة في النصّ على الوصاية لعلي من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) لمشركي قريش فإنّه لا يحدث عند مثل هؤلاء علم لارتكازهم على خلاف ذلك، ومثله فيما نقل عن معجزات النبي (صلى الله عليه وآله) لمشركي قريش فإنّ ذلك لا يوجب علماً لاعتقاد الخلاف والتقليد في ذلك.
هل هناك عدد في أقل التواتر؟
قلنا: إنّه لم نتّفق على عدد مقرّر يحصل به التواتر، فإنّ حصول التواتر يحقّقه أيّ عدد يضمن معه التواتر، بحيث ألّا يكون ما يوجب التواطؤ على الكذب ويؤمن معه التعمّد على الكذب، والعدد يختلف من قضية إلى أخرى، فهناك قضايا يحتاج معها إلى عددٍ ما، وأخرى يحتاج إلى أقلّ من ذلك أو أكثر وهكذا، فإذن لم يُحدّد عدد معيّن في تحقّق التواتر وعندها فلا يمكن أن يكون هناك أقلّ عدد يحصل فيه التواتر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قوانين الأصول للمحقّق القمّي: 1 / 421.
(2) الوجيزة للشيخ البهائي: ص2.
(3) الدراية للشهيد العامليّ الثاني: ص 12.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|