أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-04-2015
3396
التاريخ: 11-4-2016
3023
التاريخ: 30-3-2016
4059
التاريخ: 10-04-2015
3610
|
ذكر المؤرّخون عن شاهد عيان أنّه قال : قدمت الكوفة في المحرّم من سنة احدى وستّين ، منصرف عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) بالنسوة من كربلاء ومعه الأجناد يحيطون بهم ، وقد خرج الناس للنظر إليهم ، فلمّا اقبل بهم على الجمال بغير وطاء جعل نساء الكوفة يبكين ، ويلتدمن[1] ، فسمعت عليّ بن الحسين وهو يقول بصوت ضئيل وقد نهكته العلّة وفي عنقه الجامعة ويده مغلولة إلى عنقه : « إنّ هؤلاء النسوة يبكين فمن قتلنا ؟ ! »[2].
وعندما أدخلوا الإمام السجاد ( عليه السّلام ) على ابن زياد سأله من أنت ؟ فقال :
« أنا عليّ بن الحسين » ، فقال له : أليس قد قتل اللّه عليّ بن الحسين ؟ فقال عليّ ( عليه السّلام ) : « قد كان لي أخ يسمّى عليّا قتله الناس ، فقال ابن زياد : بل اللّه قتله ، فقال عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) : اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ، فغضب ابن زياد وقال :
وبك جرأة لجوابي وفيك بقية للردّ عليّ ؟ ! اذهبوا به فاضربوا عنقه[3].
فتعلّقت به عمّته زينب وقالت : يا ابن زياد ، حسبك من دمائنا ، واعتنقته وقالت : لا واللّه لا أفارقه فإن قتلته فاقتلني معه ، فقال لها عليّ ( عليه السّلام ) : اسكتي يا عمّة حتى اكلّمه ، ثمّ أقبل عليه فقال : أبالقتل تهدّدني يا ابن زياد ؟ أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا من اللّه الشهادة ؟ ثمّ أمر ابن زياد بعلي بن الحسين ( عليه السّلام ) وأهل بيته فحملوا إلى دار بجنب المسجد الأعظم ، ولمّا أصبح ابن زياد أمر برأس الحسين ( عليه السّلام ) فطيف به في سكك الكوفة كلّها وقبائلها ، ولمّا فرغ القوم من الطواف به في الكوفة ردّوه إلى باب القصر[4].
ثمّ إنّ ابن زياد نصب الرؤوس كلّها بالكوفة على الخشب ، كما أنّه كان قد نصب رأس مسلم بن عقيل من قبل بالكوفة .
وكتب ابن زياد إلى يزيد يخبره بقتل الحسين ( عليه السّلام ) وخبر أهل بيته[5].
كما بعث إلى عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة - وهو من بني أمية - يخبره بقتل الحسين ( عليه السّلام ) .
ولمّا وصل كتاب ابن زياد إلى الشام أمره يزيد بحمل رأس الحسين ( عليه السّلام ) ورؤوس من قتل معه إليه ، فأمر ابن زياد بنساء الحسين ( عليه السّلام ) وصبيانه فجهّزوا ، وأمر بعليّ بن الحسين ( عليهما السّلام ) فغلّ بغلّ إلى عنقه ، ثمّ سرّح بهم في أثر الرؤوس مع مجفر بن ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن ، وحملهم على الأقتاب ، وساروا بهم كما يسار بسبايا الكفار ، فانطلقوا بهم حتى لحقوا بالقوم الذين معهم الرؤوس ، فلم يكلّم عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) أحدا منهم في الطريق بكلمة حتى بلغوا الشام[6].
سبايا آل البيت ( عليهم السّلام ) في دمشق :
خضعت الشام منذ فتحها بأيدي المسلمين لحكّام مثل خالد بن الوليد ومعاوية بن أبي سفيان ، فلم يشاهد الشاميّون النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) ولم يسمعوا حديثه الشريف منه مباشرة ، ولم يطّلعوا على سيرة أصحابه عن كثب ، أمّا النفر القليل من صحابة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) الذين انتقلوا إلى الشام وأقاموا فيها فلم يكن لهم أثر في الناس ، فكانت النتيجة أنّ أهل الشام اعتبروا سلوك معاوية بن أبي سفيان وأصحابه سنّة للمسلمين ، ولمّا كانت الشام خاضعة للإمبراطورية الرومية قرونا طويلة ، فقد كانت حكومات العصر الإسلاميّ أفضل من سابقاتها بالنسبة للشاميّين .
ومن هنا ليس أمرا عجيبا أن نقرأ في كتب التأريخ أنّ شيخا شاميا دنا من الإمام السجاد ( عليه السّلام ) عند دخول سبايا آل محمّد ( صلّى اللّه عليه واله ) الشام وقال له : الحمد للّه الذي أهلككم وأمكن الأمير منكم .
فقال له الإمام ( عليه السّلام ) : يا شيخ أقرأت القرآن ؟
فقال الشيخ : بلى .
فقال له الإمام ( عليه السّلام ) : أقرأت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ؟
فقال الشيخ : بلى .
فقال له الإمام ( عليه السّلام ) : فنحن القربى ، يا شيخ !
ثمّ قال له : فهل قرأت وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ؟
قال : قد قرأت ذلك .
قال ( عليه السّلام ) : فنحن القربى يا شيخ ، فهل قرأت هذه الآية : وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ؟
قال : نعم .
قال الإمام ( عليه السّلام ) : نحن القربى .
يا شيخ ! هل قرأت إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ؟
قال الشيخ : بلى .
قال له الإمام ( عليه السّلام ) : نحن أهل البيت الذين اختصّنا اللّه بآية الطهارة .
قال الشيخ : باللّه إنّكم هم ؟ !
قال الإمام ( عليه السّلام ) : تاللّه إنّا لنحن هم من غير شكّ وحقّ جدّنا رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) إنّا لنحن هم .
فبكى الشيخ ورمى عمامته ، ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهمّ إنّي أبرأ إليك من عدوّ آل محمّد[7].
وذكر المؤرّخون أنّه لمّا قدم عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) وقد قتل الحسين بن عليّ ( عليه السّلام ) استقبله إبراهيم بن طلحة بن عبيد اللّه وقال : يا عليّ بن الحسين ، من غلب ؟ وهو مغطّ رأسه وهو في المحمل ، فقال له عليّ بن الحسين : إذا أردت أن تعلم من غلب ودخل وقت الصلاة فأذّن ثمّ أقم[8].
لقد كان جواب عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) أنّ الصراع إنّما هو على الأذان وتكبير اللّه تعالى والإقرار بوحدانيّته وليس على رئاسة بني هاشم ، وأنّ استشهاد الحسين والصفوة من أهل بيته وأصحابه هو سبب بقاء الإسلام المحمّدي وثباته أمام جاهلية بني أميّة ومن حذا حذوهم ممّن لم يذوقوا حلاوة الإيمان والإسلام .
[1] التدمت المرأة : ضربت صدرها في النياحة ، وقيل : ضربت وجهها في المآتم .
[2] الأمالي للطوسي : 91 .
[3] الإرشاد للمفيد : 244 ، ووقعة الطف : 262 ، 263 .
[4] مقتل الخوارزمي : 2 / 43 مرسلا ، واللهوف على قتلى الطفوف : 145 .
[5] الكامل في التاريخ للجزري : 4 / 83 ، وإنّ أوّل رأس حمل في الإسلام هو رأس عمر بن الحمق الخزاعي إلى معاوية .
[6] عن طبقات ابن سعد في ذيل تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين ( عليه السّلام ) : 131 ، وأنساب الأشراف : 214 ، والطبري : 5 / 460 و 463 ، والإرشاد : 2 / 119 واللفظ للأخير .
[7] مقتل الخوارزمي 2 : 61 ، واللهوف على قتلى الطفوف : 100 ، ومقتل المقرم : 449 عن تفسير ابن كثير والآلوسي .
[8] أمالي الطوسي : 677 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|