المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
عمليات خدمة الكرنب
2024-11-28
الأدعية الدينية وأثرها على الجنين
2024-11-28
التعريف بالتفكير الإبداعي / الدرس الثاني
2024-11-28
التعريف بالتفكير الإبداعي / الدرس الأول
2024-11-28
الكرنب (الملفوف) Cabbage (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-28
العلاقات مع أهل الكتاب
2024-11-28

خطوات التخطيط الإعلامي
13-9-2020
بيعة يزيد
17-11-2016
Boron
31-12-2020
عدّة الوفاة
1/11/2022
نفي النقص الفعلي عنه تعالى
12-4-2018
هل اشتهى النبي زينب بنت جحش ؟
8-11-2014


أسباب ودوافع الثورة الحسينية  
  
2347   06:01 مساءً   التاريخ: 14-7-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 5، ص135- 142
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / قضايا عامة /

إنّه من الصعب أن نقف على جميع الأسباب لثورة امتدّت في عمق الزمن ، ولا زالت تنبض بالدفق والحيويّة مثيرة في النفوس روح الإباء والتضحية ، وتأخذ بيد الثائرين على مرّ الزمن بالاستمرار في طريق الحقّ وبذل النفس والنفيس لبلوغ الأهداف السامية ، إنّها الثورة التي أحيت الرسالة الإسلامية بعد أن كادت تضيع وسط أهواء ورغبات الحكّام الفاسدين ، وأثارت في الامّة الإسلامية الوعي حتّى صارت تطالب بإعادة الحقّ إلى أهله وموضعه .

إنّ أفضل ما نستخلص منه أسباب ودوافع الثورة الحسينية هي النصوص المأثورة عن الحسين الثائر ( عليه السّلام ) وكذا آثار الثورة ، إلى جانب معرفتنا بشخصيّته ( عليه السّلام ) فها هو الحسين ( عليه السّلام ) يخاطب جيش الحرّ بن يزيد الرياحي الذي تعجّل لمحاصرته ولم يسمح له بتغيير مساره قائلا :

« أيّها الناس ، إنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قال : من رأى منكم سلطانا جائرا مستحلّا لحرم اللّه ناكثا لعهد اللّه مخالفا لسنّة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يعمل في عباد اللّه بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقّا على اللّه أن يدخله مدخله . ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام اللّه وحرّموا حلاله وأنا أحقّ من غيّر ، وقد أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم ببيعتكم ، وإنّكم لا تسلموني ولا تخذلوني ، فإن تمّمتم عليّ بيعتكم تصيبوا رشدكم ، فأنا الحسين بن عليّ وابن فاطمة بنت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) نفسي مع أنفسكم ، وأهلي مع أهليكم ، فلكم فيّ أسوة »[1].

وفي خطاب آخر بعد أن توضّحت نوايا الغدر والخذلان والإصرار على محاربة الإمام ( عليه السّلام ) وطاعة يزيد الفاسق قال ( عليه السّلام ) : « فسحقا لكم يا عبيد الامّة وشذّاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ونفثة الشيطان وعصبة الآثام ومحرّفي الكتاب ومطفئي السنن وقتلة أولاد الأنبياء ومبيدي عترة الأوصياء وملحقي العهار بالنسب ومؤذي المؤمنين وصراخ أئمّة المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين ، ولبئس ما قدّمت لهم أنفسهم وفي العذاب هم خالدون . . . » .

ثم قال ( عليه السّلام ) : « ألا وإنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة ، وهيهات منّا الذلّة ! يأبى اللّه لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت وحجور طهرت وأنوف حميّة ونفوس أبيّة لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام . . . »[2].

من هنا يمكن أن نخلص إلى أسباب ثورة الإمام الحسين ( عليه السّلام ) كما يلي :

1 - فساد الحاكم وانحراف جهاز الحكومة :

لم يعد في مقدور الإمام الحسين ( عليه السّلام ) أن يتوقّف عن الحركة وهو يرى الانحراف الشامل في زعامة الامّة الامّة الإسلامية ، فإذا كانت السقيفة قد زحزحت الخلافة عن صاحبها الشرعي وهو الإمام عليّ ( عليه السّلام ) وتذرّع أتباعها بدعوى حرمة نقض البيعة ولزوم الجماعة وحرمة تفريق كلمة الامّة ووجوب إطاعة الإمام المنتخب بزعمهم ، فقد كان الإمام عليّ ( عليه السّلام ) يسعى بنحو أو بآخر لإصلاح ما فسد من جرّاء فعل الخليفة غير المعصوم ، وقد شهد الإمام الحسين ( عليه السّلام ) جانبا من ذلك بوضوح خلال فترة حكم عثمان .

ولقد كانت بنود الصلح تضع قيودا على تصرّفات معاوية الذي اتّخذ أسلوب الخداع والتستّر بالدين سبيلا لتمرير مخطّطاته ، أمّا الآن فإنّ الأمر يختلف ؛ إذ بعد موت معاوية لم يبق أيّ علاج إلّا الصدام المباشر في نظر الإمام المعصوم وصاحب الحقّ الشرعي - الحسين ( عليه السّلام ) - فلم يعد في الإمكان ولو نظريا القبول بصلاحيّة يزيد وبني اميّة للحكم .

على أنّ نتائج انحراف السقيفة كانت تنذر بالخطر الماحق للدين ، فقد قال الإمام ( عليه السّلام ) : « أيّها الناس ! إنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قال : من رأى منكم سلطانا جائرا مستحلّا لحرم اللّه ناكثا لعهد اللّه مخالفا لسنّة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يعمل في عباد اللّه بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بقول ولا بفعل كان حقّا على اللّه أن يدخله مدخله » .

وقد كان يزيد يتصف بكل ما حذّر منه الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) وكان الحسين ( عليه السّلام ) وهو الوريث للنبيّ وحامل مشعل الرسالة - أحقّ من غيره بالمواجهة والتغيير .

2 - مسؤولية الإمام تجاه الامّة :

كان الإمام الحسين ( عليه السّلام ) يمثّل القائد الرسالي الشرعي الذي يجسّد كلّ القيم الخيّرة والأخلاق السامية .

وبحكم مركزه الاجتماعي - حيث إنّه هو سبط الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) ووريثه - فإنّه مسؤول عن هذه الامّة ، وقد وقف ( عليه السّلام ) في عهد معاوية محاولا إصلاح الأمور بطريقة سلمية ، فحاجج معاوية وفضح مخطّطاته[3] ونبّه الامّة إلى مسؤولياتها ودورها[4] ، بل خطا خطوة كبيرة لتحفيز الامّة على رفض الظلم[5] ، وحاول جمع كلمة الامّة في وجه الظالمين[6].

ولمّا استنفد كلّ الإجراءات الممكنة لتغيير الأوضاع الاجتماعية في الامّة تحرّك بثقله وأهل بيته للقيام بعمل قويّ في مضمونه ودلالته وأثره وعطائه لينهض بالامّة لتغيير واقعها الفاسد .

3 - الاستجابة لرأي الجماهير الثائرة :

لم يكن بوسع الإمام الحسين ( عليه السّلام ) أن يقف دون أن يقوم بحركة قوية ، وقد تكاثرت عليه كتب الرافضين لبيعة يزيد بن معاوية تطلب منه قيادة زمام أمورها والنهوض بها ، وقد حمّلته المسؤولية أمام اللّه إذا لم يستجب لدعواتهم ، وكانت دعوة أهل الكوفة للإمام الحسين ( عليه السّلام ) بمثابة الغطاء السياسي الذي يعطي الصفة الشرعية لحركته ، فلم تكن حركته بوازع ذاتي ولا مطمع شخصي ، لا سيّما بعد إتمام الحجّة عليه من قبل هؤلاء المسلمين .

4 - محاولة إرغامه ( عليه السّلام ) على الذلّ والمساومة :

لقد كان الإمام الحسين ( عليه السّلام ) يحمل روحا صاغها اللّه بالمثل العليا والقيم الرفيعة ، ففاضت إباءا وعزّة وكرامة ، وفي المقابل تدنّت نفسيّة يزيد الشريرة ونفسيات أزلامه ، فأرادوا من الإمام الحسين ( عليه السّلام ) أن يعيش ذليلا في ظلّ حكم فاسد : وقد صرّح ( عليه السّلام ) قائلا : « ألا وإنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة ، وهيهات منّا الذلّة ! يأبى اللّه لنا ذلك ورسوله ونفوس أبيّة وأنوف حميّة من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام » .

وفي موقف آخر قال ( عليه السّلام ) : « لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برما » .

بهذه الصورة الرائعة سنّ الإمام الحسين ( عليه السّلام ) سنّة الإباء لكلّ من يدين بقيم السماء وينتمي إليها ويدافع عنها ، وانطلق من هذه القاعدة ليغيّر الواقع الفاسد .

5 - نوايا الغدر الأموي والتخطيط لقتل الحسين ( عليه السّلام ) :

استشفّ الإمام الحسين ( عليه السّلام ) - وهو الخبير الضليع بكلّ ما كان يمرّ في معترك الساحة السياسية والمتغيّرات الاجتماعية التي كانت تتفاعل في الامّة - نوايا الغدر والحقد الأموي على الإسلام وأهل البيت ( عليهم السّلام ) وتجارب السنين الأولى من الدعوة الاسلامية ، ثم ما كان لمعاوية من مواقف مع الإمام علي ( عليه السّلام ) ومن بعده مع الإمام الحسن ( عليه السّلام ) .

وأيقن الحسين ( عليه السّلام ) أنّهم لا يكفّون عنه وعن الفتك به حتى لو سالمهم ، فقد كان يمثّل بقية النبوّة والشخصية الرسالية التي تدفع الحركة الإسلامية في نهجها الحقيقي وطريقها الصحيح .

ولم يستطع يزيد أن يخفي نزعة الشرّ في نفسه ، فقد روي أنّه صرّح قائلا في وقاحة :

لست من خندف إن لم انتقم * من بني أحمد ما كان فعل

وقد أعلن الإمام الحسين ( عليه السّلام ) أنّ بني اميّة لا يتركونه بحال من الأحوال فقد صرّح لأخيه محمد بن الحنفية قائلا : « لو دخلت في جحر هامّة من هذه الهوامّ لاستخرجوني حتى يقتلوني » .

وقال ( عليه السّلام ) لجعفر بن سليمان الضبعي : « واللّه لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة - يعني قلبه الشريف - من جوفي » .

فتحرّك الإمام ( عليه السّلام ) من مكة مبكّرا ليقوم بالثورة قبل أن تتمكّن يد الغدر من قتله وتصفيته ، وهو بعد لم يتمكّن من أداء دوره المفروض له في الامّة آنذاك ، وسعى لتفويت أيّة فرصة يمكن أن يستغلّها الأمويون للغدر به ، والظهور بمظهر المدافع عن أهل بيت النبوّة .

6 - انتشار الظلم وفقدان الأمن :

قام الحكم الأموي على أساس الظلم والقهر والعدوان ، فمنذ أن برز معاوية وزمرته كقوّة في العالم الإسلامي برز وهو باغ على خليفة المسلمين وإمام الامّة بعد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، وأسرف في ممارساته الظالمة التي جلبت الويل للامّة ، فقد سفك الدماء الكثيرة ، واستعمل شرار الخلق لإدارة الأمور يوم تفرّد بالحكم ، بل وقبل أن يتسلّط على الامّة كانت كلّ العناصر الموالية له تشيع الخوف والقتل حتى قال الناس في ولاية زياد بن أبيه : « انج سعد ، فقد هلك سعيد » للتدليل على ضياع الأمن في جميع أنحاء البلاد[7].

ومن جانب آخر أمعنت السلطة الأموية في احتقار فئات وقطاعات كبيرة من الامّة بنظرة استعلائية قبيلة[8] ، كما مارس معاوية في سياسته التي ورثها يزيد أنواع الفتك والتعذيب والتهجير للمسلمين وبالأخص من عرف منه ولاء أهل البيت ( عليهم السّلام )[9].

وبكلّ جرأة على الحقّ واستهتار بالقيم يقول معاوية للإمام الحسين ( عليه السّلام ) : يا أبا عبد اللّه ، علمت أنّا قتلنا شيعة أبيك فحنّطناهم وكفّناهم وصلّينا عليهم ودفنّاهم[10]. أمام هذه المظالم لم يقف الإمام الحسين ( عليه السّلام ) مكتوف اليد ، فقد احتجّ على معاوية ثم ثار على ولده يزيد ، إذ لم ينفع النصح والاحتجاج لينقذ الامّة من الجور الهائل .

7 - تشويه القيم الإسلامية ومحو ذكر أهل البيت ( عليهم السّلام ) :

اجتهد الحكم الأموي أن يغيّر الصورة الصحيحة للرسالة الإسلامية والتركيب الاجتماعي للمجتمع المسلم ، فقد عمد الامويّون إلى إشاعة الفرقة بين المسلمين والتمييز بين العرب وغيرهم وبثّ روح التناحر القبلي ، والعمل على تقريب قبيلة دون أخرى من البلاط وفق المصالح الامويّة في الحكم .

وكان للمال دور مهمّ في إشاعة الروح الانتهازية والازدواج في الشخصيّة والإقبال على اللهو[11].

ولمّا كان لأهل البيت ( عليهم السّلام ) الأثر الكبير في تجذير العقيدة الإسلامية ورعاية هموم الرسالة الإسلامية ؛ فقد عمد الأمويون ومنذ تفرّد معاوية بالحكم بأسلوب مبرمج إلى محو ذكر أهل البيت ( عليهم السّلام ) وقد تكاملت هذه الخطوة في أواخر حكم معاوية ومحاولة استخلافه ليزيد[12].

8 - الاستجابة لأمر اللّه ورسوله ( صلّى اللّه عليه واله ) :

إنّ عقيدة سامية ورسالة خاتمة لكل الرسالات كرسالة الإسلام لا يمكن أن يتركها قائدها الكبير ومبلّغها العظيم ( صلّى اللّه عليه واله ) وهو النبيّ المعصوم والمسدّد من السماء دون تخطيط وعناية ودون قيّم يرعى شؤونها وأحوالها ، يخلص لها في قوله وعمله ، ويوجّهها نحو هدفها المنشود مستعينا بدرايته وبعلمه الشامل بأحكامها ، ويفتديها بكلّ غال ونفيس من أجل أن تحيى وتبقى كلمة اللّه هي العليا . والمتتبّع لسيرة الرسول وأهل بيته - صلوات اللّه عليهم - يلمس بوضوح ترابط الأدوار التي قام بها المعصومون من آل النبيّ وتكاملها ، وهم مستسلمون لأمر اللّه ورسوله غاية التسليم .

وقد أدلى الإمام الحسين ( عليه السّلام ) بذلك حينما أشار المشفقون عليه بعدم الخروج إلى العراق ، فقال ( عليه السّلام ) : « أمرني رسول اللّه بأمر وأنا ماض له »[13].

كما أنّ النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) كان قد أخبر بمقتل الإمام الحسين ( عليه السّلام ) بأيدي الظلمة الفاسقين حين ولادته حتى بات ذلك من الأمور المتيقّنة لدى المسلمين[14].

 

[1] تأريخ الطبري : 4 / 304 ، والكامل في التأريخ : 3 / 280 .

[2] أعيان الشيعة : 1 / 603 .

[3] الإمامة والسياسة : 1 / 284 .

[4] كتاب سليم بن قيس : 166 .

[5] شرح نهج البلاغة : 4 / 327 .

[6] أنساب الأشراف : ق 1 / ج 1 ، وتأريخ ابن كثير : 8 / 162 .

[7] تأريخ الطبري : 6 / 77 ، وتأريخ ابن عساكر : 3 / 222 ، والاستيعاب : 1 / 60 ، وتأريخ ابن كثير : 7 / 319 .

[8] العقد الفريد : 2 / 258 ، وطبقات ابن سعد : 6 / 175 ، ونهاية الإرب : 6 / 86.

[9] شرح النهج : 11 / 44 ، وتأريخ الطبري : 4 / 198 .

[10] تأريخ اليعقوبي : 2 / 206 .

[11] تأريخ الطبري : 8 / 288 ، والأغاني : 4 / 120 .

[12] نهج البلاغة : 3 / 595 و 4 / 61 و 11 / 44 .

[13] البداية والنهاية : 8 / 176 ، وتأريخ ابن عساكر : ترجمة الإمام الحسين ( عليه السّلام ) ، ومقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 218 ، والفتوح : 5 / 74 .

[14] مستدرك الحاكم : 4 / 398 و 3 / 176 ، وكنز العمال : 7 / 106 ، ومجمع الزوائد : 9 / 187 ، وذخائر العقبى : 148 ، وسير أعلام النبلاء : 3 / 15 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.