المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



بين صلاح الدين ويعقوب الموحدي  
  
2163   01:35 صباحاً   التاريخ: 13-6-2022
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج1، ص:444-445
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-18 424
التاريخ: 2024-05-28 977
التاريخ: 2024-05-28 962
التاريخ: 2024-02-24 818

 

بين صلاح الدين ويعقوب الموحدي

وهو الذي (1) أرسل له السلطان صلاح الدين (2) بن أيوب شمس الدين بن منقذ يستند به على الفرنج الخارجين عليه بساحل البلاد المقدسة (3) ، ولم يخاطبه بأمير المؤمنين، فلم يجبه إلى ما طلبه، وكل ذلك في سنة 587، ومدحه ابن منقذ بقوله من قصيدة:

سأشكر بحرا ذا عباب قطعته ... إلى بحر جود ما لأخراه ساحل

إلى معدن التقوى إلى كعبة الندى ... إلى من سمت بالذكر منه الأوائل

إليك أمير المؤمنين ولم تزل ... إلى بابك المأمول تزجى الرواحل

قطعت إليك البر والبحر موقنا ... بأن نداك الغمر بالنجح كافل

وحزت بقصديك العلا فبلغتها ... وأدنى عطاياك العلا والفواضل

فلا زلت للعلياء والجود بانيا ... تبلغك الآمال ما أنت آمل وعدتها أربعون بيتا، فأعطاه بكل بيت ألفا، وقال له: إنما أعطيناك لفضلك ولبيتك.

وكان عنوان الكتاب الذي أرسله صلاح الدين إلى أمير المسلمين وفي أوله الفقير إلى الله تعالى يوسف بن أيوب وبعده من إنشاء الفاضل الحمد لله الذي استعمل على الملة الحنيفية من استعمر الأرض، وأغنى من أهلها من سأله القرض، وأجزى من على يده النافلة والفرض، وزين سماء الملة بدراراي الذراري التي بعضها من بعض وهو كتاب طويل سأله فيه أن يقطع عنه مادة البحر، واستنجده على الإفرنج إذ كانت له اليد عليهم، وعاد ابن منقذ من هذه الرسالة سنة 588 بغير فائدة، وبعث معه هدية حقيرة، وأما ابن منقذ فإنه أحسن إليه وأغناه، لا لأجل صلاح الدين، بل لبيته وفضله كما مر، وما وقع من يعقوب في صلاح الدين إنما هو لأجل أنه لم يوفه حقه في الخطاب.

 

__________

(1) هذه رواية ج؛ وفي ق: ولما تغلبت الفرنج على الساحل أرسل السلطان؛ وفي ط: أرسل... ألخ؛ وفي ك: ولما أرسل...

(2) في الروضتين: شمس الدولة؛ واسمه عبد الكريم (انظر مقدمة ابن خلدون: 631).

(3) لدينا من الكتب التي رسلها صلاح الدين للخليفة الموحدي المنصور كتاب تاريخه سنة 585 من إنشاء الفاضل، وفيه يسجيشه على الفرنج أثناء قتاله معهم حول عكا (صبح الأعشى 6: 526 - 530) يلقبه فيه بأمير المؤمنين، يتلوه كتاب ثان في 27 شعبان سنة 586 بقلم الفاضل أيضا إلى شمس الدين بن منقذ (الروضتين 2: 170) يطلب فيه المعاونة بإرسال قطع من الأسطول المغربي أثناء حصار الفرنج لعكا، ويحتوي التعليمات الموجه بها شمس الدين، ثم خطاب مرسل إلى المنصور (الروضتين 2: 171) وهو الذي يشير إليه المقري وبدايته " من الفقير إلى رحمة ربه يوسف بن أيوب " (وتاريخه شعبان سنة 586)؛ وهناك كتاب للقاضي الفاضل رفعه إلى صلاح الدين (الروضتين 2: 174) وهو يحاول فيه أن يقنع صلاح الدين بقبول صيغة " من الفقير إلى الله تعالى " ويستقبح أن يكتب " الخادم " ؛ ومن رأي الفاضل أن لا تتم المكاتة لأن الجواب عنها يستغرق سنتين وفي هذه المدة " فما يتخلى الله عنا ولا تستمر هذه الشدة ولا نسيء الظن بالله " . وأثناء مقام ابن منقذ في المغرب أرسل إليه كتاب يشرح فيه أخبار القتال حو مكا (الروضتين 2: 188).

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.