المدرسة الإمكانية POSSIBILISM

جاءت نظرية المدرسة الإمكانية كرد فعل للنظرية الحتمية، وترى هذه النظرية أن للإنسان إمكانيات يستطيع من خلالها تطويع البيئة الطبيعية Natural environment لخدمته، وأن الإنسان هو الذي يسيطر على البيئة ويخضعها لمتطلباته ورغباته، ويتم تعديلها وفقاً لمشيئته، وأن للبيئة إمكانيات متنوعة يتوقف استغلالها على حرية الاختيار الإنساني، وما يتناسب وطموحات الإنسان وقدراته العلمية، فالبيئة لا تحتوي على ضروريات أو حتميات، وإنما على إمكانيات واحتمالات يستطيع الإنسان ترويضها لخدمته. والجغرافية الاجتماعية ضمن ، هذه المدرسة تتحرر من التأثير البيئي.

لقد ظهرت النظرية الإمكانية على يد فيدال دى لابلاش De La Blasch الذي كان يرى أن البيئة ليست مظهراً أرضياً طبيعياً، بل مظهر أرضى حضاري Cultural، وهذا المظهر الجغرافي هو في الواقع موضوع علم الجغرافيا، وناصر لابلاش بعد ذلك كل من برون Brunhes وقالو Vallaux وغيرهم، وهذه هي المدرسة الفرنسية التي ترفض خضوع الإنسان للبيئة.

إن الأمثلة على الفلسفة الإمكانية تتضح مع التقدم العلمي، أي كلما ازدادت البشرية تقدماً، كلما برزت معالم هذه النظرية. والأمثلة على ذلك كثيرة؛ إذ استطاع الإنسان أن يتغلب على بعض عناصر المناخ من خلال أجهزة التكييف، كما أنه استطاع أن يستصلح المناطق ذات التربة الفقيرة، فضلا عن قيامه بإنتاج المحاصيل الصيفية شتاء وبالعكس من خلال البيوت الزجاجية أو الزراعة المحمية (Under- cover cultivation)، والقائمة تطول في هذا المجال.