أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-10-2017
5639
التاريخ: 2024-11-14
180
التاريخ: 15-3-2022
2647
التاريخ: 2023-02-04
4382
|
أن الغرض الرئيس من قيام الإدارة بنشاطها هو إشباع الحاجات العامة وبالتالي تحقيق المصلحة العامة التي هي هدف النشاط الإداري ولكن قد يحدث في بعض الأحيان أن الإدارة عندما تريد تحقيق هدف معين تصطدم بمصالح معينة لبعض المواطنين مما قد يؤدي إلى الإضرار بهم لذلك كان وضع قرارات الإدارة تحت رقابة معينة أمراً بالغ الأهمية وذلك لتحقيق مبدأ المشروعية (1) . الذي يجب أن يسود أعمال الدولة جميعاً. وكذلك لتحميل الإدارة كافة الأضرار التي قد تصيب المواطنين من جراء تصرفاتها غير المشروعة (2) . ولكي تستكمل العدالة مقوماتها وتكون كلمة القانون هي العليا لابد من وجود رقابة قضائية على أعمال الإدارة تستهدف حماية القانون من جهة وحماية حقوق الناس من جهة أخرى (3) . وقد يقال أن ثمة صوراً أخرى للرقابة على أعمال الإدارة كالرقابة السياسية والرقابة الإدارية إلا أن هذين الشكلين من الرقابة لا يشكلان ضمانات كافية وأكيدة لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم تجاه السلطات العامة وقد أوضح بعض رجـال القانون بالقول أن الحماية التي تحققها كل من الرقابة السياسية و الرقابة الإدارية غير كافيــة لأن الأولى يتحكم فيها حزب الأغلبيــة وتخضع لأهوائــه والثانية تجعـل الأفراد تحت رحمة الإدارة إذ تقيم من الإدارة خصماً وحكماً في آن واحد (4) . وتمارس الرقابة القضائية دوراً هاماً في مجال القرارات الإدارية وتتمثل في التحقق من صحة القرار الإداري ومطابقته للقانون وعليه تكون هذه الرقابة عنصراً فعالاً في تحقيق مفهوم الدولة القانونية (5) .
واهم مزايا هذه الرقابة أنها تمارس بواسطة سلطة تتمتع بالموضوعية والحياد والاستقلال عن السلطات الأخرى السياسية والتنفيذية يضاف إلى هذا أنها تمارس بواسطة قضاة متخصصين بحكم نشأتهم وتكوينهم وانخراطهم في العملية القضائية تتحصل لديهم من التجربة والخبرة والدراية القانونية ما يكفل للأطراف الخصوم صيانة حقوقهم ضد تجاوزات الإدارة (6) .
ومن المعروف انه يوجد نظامان قضائيان نظام القضاء الموحد ونظام القضاء المزدوج يقوم الأول على أساس وجود جهة قضائية واحدة تفصل في المنازعات الثائرة بين الأفراد أنفسهم أو بينهم وبين الإدارة أما الثاني فأنه يقوم على أساس وجود جهتي قضاء قضاء عادي يختص بالمنازعات المدنية وقضـاء إداري يختص بالمنازعات الإدارية (7) .
ويلاحظ أن هناك عدة مظاهر للرقابة القضائية على أعمال الإدارة –ومنها القرارات الإدارية- فيوجد قضاء الإلغاء وقضاء التعويض وقضاء التفسير وقضاء التأديب إلا أن قضاء الإلغاء يعد أهم مظاهر الرقابة القضائية على أعمال الإدارة إذ يعمل هذا القضاء على إلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة وجعلها كأن لم تكن (8) .
وبما أن الرقابة القضائية على أعمال الإدارة هي من اختصاص القضاء الإداري (المحاكم الإدارية) فإن دعواها تخضع للمبادئ المقررة في هذا الصدد وأهمها أن القضاء لا يمارس هذه الرقابة من تلقاء نفسه بل لابد من دعوى يحركها ذو مصلحة (9) . والرقابة القضائية من حيث حدودها هي في الأصل رقابة قانونية تقتصر على بحث مشروعية أعمال الإدارة لمعرفة مدى مطابقتها لأحكام القانون بصفة عامة . ولا يملك القضاء إلا إبطال التصرف المعيب و التعويض عنه (10) . وتتطلب الرقابة القضائية لكي تتم بصورة سليمة أتباع إجراءات معينة ومواعيد محددة يلجأ القانون إلى تحديدها حسب مقتضى الحال في كل نظام من الأنظمـة القضائية وبعكس الرقابة الإدارية فلا تستطيع الجهة القضائية التي ترفع أمامها الدعـــوى إلا النظر فيها والسير في إجراءات التقاضي لأن إنكار ذلك والصمت حياله والامتناع عن الفصل في المنازعة المعروضة يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون تسمى جريمة إنكار العدالة . والمعتاد أن تنهي المحكمة التي تراقب القرار الإداري رقابتها هذه بإصدار حكم نهائي يحوز حجية الشيء المقضي بـه بحيث لا يمكن إثارة النزاع بشأنه من جديد (11) .
ومن المعلوم أن المشرع يسلك في معاملته للإدارة , احد السبيلين, فقد يلزمها بوجوب التصرف على نحو معين , ويطلق عليه اصطلاحاً الاختصاص المقيد للإدارة وقد يترك لها أحياناً قدراً من حرية التصرف وتقدير القيام بالعمل على النحو الذي يتلاءم مع طبيعة نشاطها , ويطلق عليه اصطلاح السلطة التقديرية للإدارة (12) .
إن التفرقة بين القرارات الإدارية المبنية على سلطة مقيدة وتلك المبنية على سلطة تقديرية أمر مهم, فهو مهم من ناحية تطبيق قاعدة تحصين القرارات الإدارية فالقاعدة التي استقر عليها الفقه والقضاء الإداريين في فرنسا ومصر أن القرارات الإدارية الفردية المخالفة للقانون لا يجوز سحبها إلا خلال المدة التي يجوز فيها إلغاؤها قضائياً بحيث إذا انقضى الميعاد اكتسبت حصانة تعصمها من أي إلغاء أو تعديل والاستثناء على هذه القاعدة هو أن لايقوم القرار منعدماً أو نتيجة الغش أو التدليس (13) . والقضاء الإداري أضاف استثناءً أخر هو التفرقة بيـن القرارات المبنية على سلطة تقديرية والقرارات المبنية على سلطة مقيدة حيث جرى قضاء محكمة القضاء الإداري المصرية على هذه التفرقة إذ جاء في احد أحكامها (( يشترط لصحة الاستناد إلى الحصانة التي تكتسبها القرارات الإدارية بفوات مواعيد طلب إلغائها أن تكون تلك القرارات منشئة لمراكز قانونية لأصحاب الشأن فيها صادرة في حدود السلطة التقديرية المخولة للجهة الإدارية بمقتضى القانون أما إذا كانت تلك القرارات ليست إلا تطبيقاً لقواعد آمرة تنعدم فيها سلطتها التقديرية من حيـث المنح أو الحرمان فانه لا يكون ثمة قرار إداري منشئ لمراكز قانونية, وإنما يكون مجرد تنفيذ وتقرير للحق الذي يستمده الموظف من القانون مباشرةً ويجوز للسلطة الإدارية سحب القرارات التي من هذا القبيل في أي وقت متى استبان لها مخالفتها للقانون)) (14) .
ويعتبر عيب المحل في القرار الإداري من أهم أوجه إلغاء القرار الإداري وأكثرها شيوعاً من الناحية العملية لأن مراقبة أركان الاختصاص والشكل والإجراءات هي رقابة خارجية لا تنصب على مضمون القرار أما مراقبة القاضي لركن المحل والتي تؤدي إلى إلغاء القرار لمخالفته للقانون فهي رقابة هدفها التثبت من مراعاة الإدارة للقواعد القانونية الموضوعية وهي رقابة متصلة بمحل القرار الإداري ومضمونه. أي إنها رقابة داخلية تنصب على جوهر القرار الإداري وموضوعه كما هو الحال في رقابة ركنّي السبب والغاية. (15)
من كل ما تقدم فأن القرار الإداري بوصفه عملاً قانونياً يصدر بالإرادة المنفردة للإدارة , وبما أن قرارات الإدارة تخضع للرقابة القضائية لبحث مدى مشروعيتها عندما يطعن بها صاحب المصلحة وان عيب المحل هو احد صور عدم مشروعية القرار الإداري ولما كنا قد سلمنا بأن الإدارة عندما تصدر قراراً ما فأن المشرع قد يقيدها أو يمنحها حرية إصداره فأن الأثر المترتب على هذا القرار أي محله إما أن يكون صادراً بناءً على سلطة مقيدة أو سلطة تقديرية وعليه فأن رقابة القضاء على القرارات الإدارية للتأكد من مدى مشروعية أثارها تكـون بالتالي أما رقابة قضائية على عيب القرار الإداري في محله في مجال سلطة الإدارة المقيدة وهي رقابة مشروعية بطبيعة الحال أو أن تكون رقابة قضائية على عيب المحل في مجال السلطة التقديرية للإدارة ونكون هنـا أمام رقابة تتجاوز المشروعية لتدخل في رقابة الملاءمة ومن المحتم إذا ما أثير هذا العيب أمام القاضي أن يفحص أولاً نوع السلطات التي استعملتها الإدارة وهي تملي قرارها فيما إذا كانت مقيدة أو تقديرية .
____________
1- مبدأ المشروعية يعني أن أعمال الهيئات العامة وقراراتها لاتكون صحيحة ولا منتجة لأثارها القانونية كما لاتكون ملزمة للأفراد المخاطبين بها إلا بمقدار مطابقتها للقانون ولقواعده بمعناه الواسع بحيث متى صدرت بالمخالفة لهذه القواعد فأنها تكون غير مشروعة ويكون من حق الأفراد ذوي المصلحة طلب إلغائها والتعويض عنها أمام المحاكم . د. طعيمة الجرف / مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون / مكتبة القاهرة الحديثة/ 1973 /ص3
2- الأستاذ عبد المجيد فياض/ المطالبة بالتعويض عن القرار الإداري الذي لم يطعن عليه بالإلغاء/مجلة إدارة قضايا الحكومة / العدد 2 / السنة 14/ 1970/ص45
3- الأستاذ ضياء شيت خطاب / رقابة محكمة التمييز على القرار الإداري/ مجلة القضاء/ العدد 4 / السنة 13 /تشرين الثاني/ 1955/ ص28
4- د. فهد عبد الكريم أبو العثم/ القضاء الإداري بين النظرية والتطبيق/ دار الثقافة للنشر والتوزيع/ عمان/ 2005 / ص133 ولمزيد من التفاصيل حول أنواع الرقابة على أعمال الإدارة انظر د. جورجي شفيق ساري/ قواعد وأحكام القضاء الإداري / الطبعة الخامسة/ دار النهضة العربية/ القاهرة/ 2002-2003 / ص44-ص54
5- د. فاروق احمد خماس / محكمة القضاء الإداري في ضوء القانون رقم 106 لسنة 1989 /مجلة العلوم القانونية / العددان 1 و2/ المجلد 9/ 1990/ص220 كذلك محمود خلف حسين/ التنفيذ المباشر للقرارات الإدارية /رسالة ماجستير / كلية القانون/ جامعة بغداد/ 1979/ ص102
6- د. جورجي شفيق ساري /مسؤولية الدولة عن أعمال سلطاتها ( قضاء التعويض)/ الطبعة الخامسة/ دار النهضة العربية / القاهرة / 2000/ص319
7- د. غازي فيصل مهدي/تعليقات ومقالات في نطاق القانون العام / الطبعة الأولى /2004/ص133 وجدير بالذكر أن بريطانيا تعتبر مثالاً لدول القضاء الموحد وفرنسا لدول القضاء المزدوج كذلك تأخذ دول أخرى بالقضاء المزدوج مثل جمهورية مصر العربية وجمهورية العراق انظر في تفاصيل ذلك فارس عبد الرحيم حاتم/ حدود رقابة القضاء الإداري على القرارات التي لها قوة القانون /رسالة ماجستير/ كلية القانون/ جامعة بابل/ 2003/ص41وما بعدها
8- صلاح جبير / القرار الإداري السلبي/ رسالة ماجستير/ كلية الحقوق / جامعة النهرين/1999 / ص105
9- د. سليمان محمد الطماوي/ القضاء الإداري ورقابته لأعمال الإدارة / الطبعة الثالثة/ 1961/ص25
10- إلا أن القضاء الإداري في العراق يملك بالإضافة إلى إلغاء القرارات المعيبة والتعويض عنها فله حق تعديل القرار الإداري المطعون به انظر المادة 7 /ثانياً/ط من قانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 وسوف نبحث هذه الاختصاصات في مكان لاحق من هذه الرسالة.
11- د. محمد كامل ليلة/ الرقابة على أعمال الإدارة (الرقابة القضائية) / 1964-1965/ ص174و175 و د. محمود محمد حافظ / القضاء الإداري / الطبعة السابعة / دار النهضة العربية/ القاهرة /1979 / ص80وما بعدها و د. عبد الرحمن نورجان الأيوبي/ القضاء الإداري في العراق حاضره و مستقبله/ رسالة دكتوراه/ كلية الحقوق/ جامعة القاهرة/ 1965 / ص34 و د. سليمان محمد الطماوي / القضاء الإداري ( قضاء الإلغاء) / الكتاب الأول / دار الفكر العربي/ القاهرة /1967 / ص26
12- القاضي خالد عبد الغني عزوز/ دور القضاء الإداري العراقي في الرقابة على أعمال الإدارة / بحث مقدم إلى المعهد القضائي كجزء من متطلبات الترقية إلى الصنف الأول / 1991/ص49
13- الأستاذ عادل بطرس/ السلطة المقيدة والسلطة التقديرية / مجلة مجلس الدولة المصري / الأعداد (20-25) /1975/ص221
14- حكم محكمة القضاء الإداري المصرية في 15تموز 1952 / نقلاً عن الأستاذ عادل بطرس / المصدر السابق /ص221
15- د. سليمان محمد الطماوي / كتابه في القضاء الإداري (قضاء الإلغاء) وقد سبقت الإشارة إليه/ ص835
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|