الاستدلال غير المباشر على أحقية امير المؤمنين بالخلافة مباشرة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله ) |
1114
08:13 صباحاً
التاريخ: 30-07-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-11-2016
1343
التاريخ: 11-4-2017
1117
التاريخ: 30-07-2015
1269
التاريخ: 11-4-2017
1160
|
ليس لأحد أن يقدح في ثبوت إمامته عليه السلام عن الأدلة الواضحة - عقلا وسمعا وفعلا وقولا - بما يدعى من إمامة المتقدمين عليه وفساد القول بالأمرين، لأن هذه الدعوى باطلة على ما اقتضته الأدلة من مذاهبنا الصحيحة، وعلى ما اجتنبوه من المذاهب الفاسدة.
(بطلان خلافة القوم على مقتضى مذهبنا) :
فأما فسادها من مذاهبنا الصحيحة فمن وجوه:
أحدها: ثبوت إمامة أمير المؤمنين عليه السلام حسب ما دللنا عليه، إذ كان ثبوتها يسقط فرض النظر في إمامتهم فضلا عن صحتها، ويقتضي القطع على فسادها.
وليس لأحد أن يقول: لم كنتم (أولى) بأن تمنعوا من إمامة المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام، لدعوى إمامته عليه السلام ممن منع من ثبوت إمامته، لصحة إمامتهم.
لاستناد ثبوت إمامته عليه السلام إلى العقول والأفعال التي لا تحتمل (1)، والكتاب والسنة المتقدمة على ما معه يدعى (2) ثبوت إمامة القوم من الاختيار المتعلق بفعل الأمة بعد النبي الذي لا حكم له مع النص، ولا يحسن فعله مع تقديره، ولا يتوهم مع أدلة العقل وبرهان الفعل، ولا قدح بدعواه في ذلك، كما لا قدح بخلق المؤذيات وذبح الحيوان وإيلام الأطفال في حكمته تعالى، لوجوب تقدم النظر في إثبات فاعل لهذه الأشياء على النظر في حسنها من قبحها، وتقديمه يقتضي إثبات فاعل حكيم لا يجوز معه فعل القبيح ولا إرادته، فيسقط لذلك القدح، ويجب القطع على الحسن، وثبوت الفرض الحكمي في ذلك، وإن لم يتميز كذلك يجب تقديم النظر فيما يدعى من النص على ما يدعى من الاختيار، للوجه الذي ذكرناه، ومتى يفعل ذلك يعلم ثبوت إمامته عليه السلام بالعقل والسمع، فيعلم به فساد إمامة المتقدمين عليه.
وليس لأحد أن يقول: دعوى ثبوت النص على الاختيار وصفته والمختارين وصفتهم تمنع من النظر في دعوى النص على الإمامة.
لأن مدعي ذلك لا يستند (3) إلى كتاب ولا سنة معلومة، وإنما يعول (4) على أخبار آحاد، أو فعل الصحابة يوم السقيفة، ويزعم أن ذلك كاشف عن النص على الاختيار وصفته، وخبر الواحد لا يوجب العلم ولا يصح به العمل، ومجيز العمل به لا يجيزه في مسألتنا هذه، لعموم بلواها، وفعل الصحابة لا حكم له ولا داعي إلى النظر فيه مع دعوى برهان العقل، وثبوت النص من الكتاب والسنة المجمع عليهما على إمامة علي عليه السلام بغير شبهة عند متأمل.
ولأن الأمة في الآيات اللاتي ذكرناها والأخبار المعلومة رجلان: قائل إنها لا تحتمل النص، وهم القائلون بإمامة القوم على اختلافهم، وقائل إنها دلالة على النص، وهم الشيعة بأسرهم، وكل من قال ذلك قطع على فساد إمامتهم.
فعلى هذا يجب على كل مكلف أن ينظر في مقتضى هذه الآيات والأخبار المعلومة، ليعلم هل يدل على النص كما تزعم الشيعة، أو لا يحتمله كما يزعم مخالفوهم، من حيث كان تقدير كونها دالة على الإمامة يمنع من النظر في فعل الصحابة، لحصول الخوف المتقدم للنظر فيها على النظر في أدلتنا وارتكاب الخطر المرتفعين مع تقديم النظر فيها على فعل الصحابة، الذي لا يتقدر فيه ضرر (5)، لما يأمن كونها محتملة للنص، ومتى فعل الواجب عليه من تقديم النظر المتكامل الشروط علم دلالتها على النص المرتفع به احتمال فعل الصحابة، للدلالة على إمامة القوم، فقطع لذلك على فسادها.
على أن لما أسلفناه من البرهان العقلي على إحالة كون الاختيار طريقا إلى الإمامة يسقط فرض النظر عن كل مكلف في إمامة القوم، لوقوف صحتها على الاختيار المعلوم فساد كونه طريقا إليها، ويقتضي قبحه، لتعلقه بما ثبت قبحه بالعقول.
ومنها: قيام الأدلة على وجوب كون الإمام على صفات: من العدالة في الظاهر والباطن وماضي الزمان ومستقبله، والتقدم في العلم والفضل والشجاعة والزهد على الكافة.
وذلك يبطل إمامة القوم من وجهين:
أحدهما: أنه لا أحد من الأمة قطع على ثبوت هذه الصفات لواحد منهم، فتجب له فساد إمامتهم، لعدم القطع فيهم بما يجب ثبوته للإمام.
الثاني: أنه لا أحد قال بوجوب (6) هذه الصفات إلا قطع على فساد إمامتهم، فإذا كانت ثابتة بالأدلة الواضحة وجب بها القطع بصحة فتيا الدائن بها.
ومنها: أنه لا يخلو دليل إمامتهم من أن يكون نصا، أو دعوة، أو ميراثا، أو اختيارا، وقيام (7) الدلالة على أنها لا سبيل على تميز عين الإمام إلا بمعجز أو نص يستند إليه، فتبطل الدعوة والميراث والاختيار على كل وجه.
ويبطل النص، لأنه لا أحد قطع بما قلناه إلا منع من ثبوته للقوم، ولأن الإجماع سابق لدعوى هذه المذاهب عدا الاختيار، وأنه لم يحتج بها يوم السقيفة ولا بعده من ترشح للإمامة أو ادعيت فيه، وإذا خلت أعصار الصحابة والتابعين وتابعيهم من دعوى هذه المذاهب، وجب القطع على فسادها.
ولأن فساد إثبات الإمامة بالدعوى معلوم بأول نظر، لأنه إثبات ما لا دليل عليه إلا مجرد الدعوى التي لا تميز حقا من باطل، ولأنه لا دليل على كون الدعوة طريقا من كتاب ولا سنة، وما لا دليل على إثباته يجب نفيه.
ولأن القول بالدعوى يقتضي وجود عدة أئمة، والإجماع بخلاف ذلك، أو سقوط فرض الإمامة، أو حصول فساد لا يتلافى، من حيث صح أن يدعي الإمامة في وقت واحد عدة نفر في صقع أو بأصقاع، وثبوت الكل يقتضي عدة أئمة، (و) فساد الكل يسقط فرض الإمامة، وإثبات بعض دون بعض اقتراح في الإثبات والنفي، لعدم الفرق، ويقتضي أن يغلب ظن بعض المكلفين كون أحدهم أهلا للإمامة دون غيره، ويغلب ظن آخرين بخلاف ذلك، فيفضي إلى فساد لا يتلافى.
ولأن الميراث منتقض بإجماع الأمة على اعتبار صفات الإمام، واستحقاق الميراث من لم يتكامل فيه، بل لم تثبت له صفة منها، ولأنه لا دليل على كون الميراث طريقا إلى الإمامة، وما لا دليل عليه يجب القطع بنفيه.
ولأن الاختيار مفتقر إلى نص معلوم على تسويغه، ولا سبيل على ذلك، ولأن الإمامة لا يملك التصرف فيما يستحقه الإمام بحق الولاية على الأمة، فمحال أن تثبت إمامته باختيار، لأن ذلك يقتضي تمليكه ما لا يملكه المختارون له، وذلك فاسد بأوائل العقول.
ولأنه يقتضي وجود عدة أئمة، أو انتقاض فرض الإمامة، أو فساد لا يتلافى، لأنه لا يخلو أن يكون العاقدون للإمامة جميع العلماء مع تسليم الكافة لهم من العامة، أو بعضهم.
ووقوفه على الكل يقتضي إيقاف الأمر إلى تجميع علماء الأمة وعامتها في مكان واحد للاختيار، ويتفق رأيهم على واحد بعينه، وذلك كالمتعذر، لأن تقدير اتفاق دواعيهم إلى ذلك، وقطع الأغراض الدينية والدنيوية، وانقياد أهل كل مصر وإقليم لأهل مصر واحد غير جائز في العادة، ولو جاز اتفاق ذلك - مع بعده - لكانت الحال في التعذر على ما بيناه، لتعذر المهتم بهذا الشأن والباعث عليه والجامع للكافة له.
وإذا تعذر حصوله بجميع الأمة لم يبق إلا تعلقه ببعضها، وفعل بعضها ليس بحجة، ولو كان حجة لاقتضى صحة أن يغلب ظن علماء كل إقليم بأنه لا يصلح للأمة إلا من يليهم أو يلي غيرهم.
فإما أن يعقد كل لمن يغلب ظنه بصلاحه للإمامة، أو لا يعقد حتى يتفقوا، واتفاقهم محال على ما بيناه وفرضنا من ورائه (8)، من حيث كانت غلبة ظن كل فريق من العلماء بأنه لا يصلح للإمامة إلا من يليهم أو يلي غيرهم دون ما عداه، يمنع من رجوعه إلى غيره من العلماء بغير (9) خلاف بين المجتهدين.
وعقد كل فريق لمن غلب ظنه بصلاحه للإمامة فاسد من وجوه:
أحدها: أن فيه إثبات عدة أئمة في وقت واحد، والإجماع بخلاف ذلك.
ومنها: أنه يؤدي على استحلال بعضهم قتال بعض، لظنه به خروجه مما وجب عليه الدخول فيه من طاعة إمامه، كما قالوا مثل ذلك في إمامة أبي بكر وعمر وعثمان المعقودة ببعض الأمة، وهذا ظاهر الفساد، ولما فيه من إراقة الدماء، وخراب الديار، والانقطاع عن جميع المصالح الدينية والدنيوية، فبطل القول بالاختيار، لما يؤدي إليه من الفساد.
ولا يجوز أن يكون النص طريقا إلى إمامتهم، لقصوره على دعوى الشذوذ، وتعذر معرفة الدائن به منذ أزمان، وفساد وقوف الحق في ملتنا على فرقة لا تعرف في أكثر الأزمان، ولاستناد دعوى مبنية على خبر واحد لا يجوز إثبات الإمامة به باتفاق، ولو ثبت لم يدل، كخبر الأحجار والصلاة:
من حيث كان وضع النبي صلى الله عليه وآله مسجد قبا - على ما رووه - على حجر وقوله: أبو بكر، وثانيا وقوله: عمر، وثالثا وقوله: عثمان، ورابعا وقوله علي عليه السلام، لا يفيد بظاهره الإمامة ولا دليله، لأنه لو كان فيه حجة لاحتج به القوم يوم السقيفة، ولأحتج به أبو بكر في خلافة عمر، ولاستغنى به عمر عن الشورى، ولأحتج به عثمان يوم الدار، وذلك يدل على أنه مفتعل أو لا حجة فيه.
وصلاة أبي بكر لو كانت بأمر النبي صلى الله عليه وآله لم يكن فيها حجة، لأنها لم تتم له، لخروج النبي صلى الله عليه وآله باتفاق، وعزله وتولى الصلاة بنفسه، مع ما هو عليه من شديد المرض، وذلك يدل على أن تقدمه لم يكن عن أمره فلذلك تلافاه، أو بأمره ونسخه الله، كقصة البراءة.
ولو سلم أن تقديمه للصلاة كان بأمره عليه السلام وأنه تولاها بنفسه - وإن كان فاسدا - لم يدل على الفضيلة فضلا عن الإمامة، لصحة عقد الصلاة عندهم بالفاسق، وعندنا بمن ظاهره العدالة وإن كان فاسقا عند الله، ولأن النبي صلى الله عليه وآله والخلفاء عندهم من بعده قد قدموا للصلاة من لا يصلح للإمامة ولا يرشح لها ولا رشح باتفاق.
(بطلان خلافة القوم على مقتضى مذهبهم) :
وأما فساد إمامة القوم على مقتضى مذاهب القائلين بها مع تقدير تسليمها فهو:
أنهم متفقون على أنه لا يصلح للإمامة إلا: الرجل، الحر، المسلم، العدل، العالم، الشجاع، السديد الرأي، العابد، الزاهد، القرشي على رأي الجمهور، فإذا تكاملت هذه الصفات لم تثبت إمامته إلا بنص من الله تعالى، واختيار من كافة العلماء، وتسليم من الباقين، مستند إلى نص منه تعالى على صفة الاختيار والمختارين، أو دعوة إلى نفس الموصوف، ومتى اختل شيء من الصفات لم يصلح المرء للإمامة، وإن دعي أو اختير لها لم تنعقد إمامته، وإن تكاملت لشخص ولم يحصل نص عليه لاختيار ولا دعوة لم تنعقد إمامته، وإن انعقدت بشيء من ذلك فوقع منه فسق انفسخ العقد وبطلت إمامة المعقود له.
[وللتفصيل في عدم تحليهم بالصفات المطلوبة راجع موضوع عدم تكامل صفات الإمامة للقوم]
____________
(1) كذا.
(2) كذا.
(3) في النسخة: " لا يستنده ".
(4) في النسخة: " يقول ".
(5) في النسخة: " ضرور ".
(6) في النسخة: " يوجب ".
(7) في النسخة: " وقيامه ".
(8) كذا في النسخة.
(9) في النسخة: " بعين ".
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|