الاستخدامات الصناعية

ما من مدينة عصرية – في وقتنا الحالي – إلا وتشكل الاستخدامات الصناعية فيها حصة رئيسية في تكوينها. وبقدر ما تساهم الصناعة في اقتصاد الدول، سواء النامية أم المتقدمة، بقدر ما ينعكس ذلك بطريقة مباشرة على النمو العمراني الحضري فيها. وكلما ارتفعت نسبة مساهمة الصناعة في مدن إحدى الدول أدى ذلك لارتفاع حجمها السكاني.

وحينما حلت الآلة بدل المصانع والحرفي، وأصبح الإنتاج الصناعي بكميات هائلة تزيد عن حاجة المدينة زاد حجم المصنع، وتحولت الصناعة من صناعة حرفية صغيرة داخل المسكن إلى ضواح صناعية كبرى على أطراف الكتلة السكنية

وأصبحت مهمة الجغرافي في اختيار المواقع الجغرافية المناسبة لإقامة الصناعات الثقيلة خاصة على حواف المدن، وبالقرب من شرايين النقل، كالسكك الحديدية وطرق السيارات الرئيسة والطرق المائية، وبالتالي توطين الصناعة التي ينجم عنها الدخان، والأتربة والغبار، والمخلفات السامة في الأماكن الواقعة في منصرف الرياح السائدة، أي إن كانت رياح غربية تتوطن الصناعة في الجهة الشرقية من المدينة كالصناعات في المدن الأوروبية. وإن كانت رياح موسمية شمالية شرقية توطن الصناعة في الجهة الجنوبية الغربية كمدينة راولبندي - إسلام أباد عاصمة الجمهورية الباكستانية .

شكل رقم (50) يوضح توزيع مواقع المقترحات الجديدة على خريطة راوليندي إسلام أباد المتروبولية وقد أصبحت مشكلة تلوث البيئة تأتي على رأس اهتمامات رجال التخطيط، بما ينجم عن الصناعة ، من مضار خطيرة على المجاري المائية والسواحل البحرية، وبما تنفثه مداخنها من آلاف الأمتار المكعبة من أكاسيد الكربون والكبريت والكربوهيدرات من غازات سامة. بالإضافة إلى ما تطرحه الصناعة والمدن من مواد صلبة، تؤثر على الصحة العامة وعلى الكائنات والحيوانات البحرية والإنسان أيضا. ويلاحظ أن الأستاذ بارثولوميو، قد أدخل في الصناعة الثقيلة، كل الأنشطة التي يرى أنها تمثل الجيرة غير المستحبة Bad Neighbors، حتى ولو كان إنتاجها يدخل في الصناعة الخفيفة اصطلاحا. ويقصد بالجيرة المكروهة ما ينبعث عنها من الأدخنة الكريهة والروائح الكريهة والضجيج والضوضاء، بحيث لا تستحب مجاورتها لبقية صور الاستخدام الأخرى.

ويفضل أن تختار مناطق الصناعة، في أماكن واسعة لاستيعاب الخدمات الصناعية من مخازن ومستودعات وشون للمواد الخام اللازمة للتصنيع، مع إحاطة المنطقة الصناعية بحزام أخضر كرئة خضراء، وتخفيف مضار البخار الصناعي والدخان والأتربة على مساكن العمال والعمالة أيضا داخل البيئة الصناعية التي يعملون فيها.

وتعتبر مناطق التخزين والتشوين الشون في كثير من الأحيان، نشاطا مكملا للصناعة. حيث أن الصناعة يلزمها عادة مواد خام بكميات تكفي لاستمرار عملية الإنتاج دون تهديد بالتوقف، ولهذا فكثير ما توجد مخازن واسعة ملحقة بالمصانع تشون فيها المواد الخام، ومخازن أخرى للسلع المنتجة كالسيارات بعد إتمام صناعتها، وقبل نقلها إلى مراكز التوزيع. وهذا يقتضي مساحات إضافية في موضع الضاحية الصناعية لاستيعاب المواد الخام والمنتجات الصناعية معا.