أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1696
التاريخ: 1-07-2015
1857
التاريخ: 10-1-2019
2169
التاريخ: 1-07-2015
1685
|
المستفاد من الكتاب والسُنة أنّ لله ـ في عالم الكون ـ كتاباً ذكر فيه جميع الأشياء بتفاصيلها ، وقد اشتهر اسمه ـ على حدّ تفسير القرآن المجيد ـ باللوح المحفوظ ، وإليك نبذة من الآيات الكريمة في هذا الشأن :
1 ـ {وَكُلَّ
شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا } [النبأ: 29].
2 ـ {وَمَا
مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [النمل:
75].
3 ـ { أَلَمْ
تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي
كِتَابٍ} [الحج: 70].
4 ـ {لَا
يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا
أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [سبأ: 3].
5 ـ {وَمَا
مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ
مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود: 6].
6 ـ { بَلْ
هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 21، 22].
والآيات في ذلك
كثيرة جداً ، وتصوّر هذا الكتاب في عصر الكمبيوتر أصبح سهلاً .
فثبت أنّ هذا
اللوح قد ذُكر فيه جميع الأشياء ؛ لمصالح هو سبحانه أعلم بها منّا .
والروايات
الواردة حول الموضوع من طريقنا وطريق العامّة أيضاً كثيرة ، ربّما يبلغ عددها
العشرين ، كما نقلها العلاّمة المجلسي قدّس سره ، في كتاب السماء والعالم من بحار
الأنوار ، وإليك بعضها وهو ما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير،
عن هشام ، عن أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) قال : ( أوّل ما خلق الله القلم
فقال له : اكتب ، فكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ) ، وفي صحيح البخاري
قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( كان الله ولم يكن شيء غيره ، وكان عرشه على
الماء ، وكتب في الذكر كلّ شيء ) .
تتمّة :
قال المجلسي
قدّس سره : ثمّ اعلم أنّ الآيات والأخبار تدلّ ، على أنّ الله خلق لوحين أثبت
فيهما ما يحدث من الكائنات ، أحدهما : اللوح المحفوظ الذي لا تغيّر فيه أصلاً ،
وهو مطابق لعلمه تعالى .
والآخر : لوح
المحو والإثبات ، فيُثبت فيه شيئاً ثمّ يمحوه لحِكم كثيرة ... إلخ (1) .
أقول : قوله
تعالى : {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}
[الرعد: 39] يدلّ على اللوحين المذكورين ، فإنّ اللوح المحفوظ قد كتب فيه كلّ شيء
، فلا يغيب عنه ذكر شيء ... ، فهذا المحو والإثبات لابدّ أن يكونا في لوح آخر ،
ففي صحيحة حفص ابن البختري ، وهشام بن سالم، وغيرهما ، عن أبي عبد الله ( عليه
السلام ) قال في هذه الآية {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} قال :
فقال : ( وهل يُمحي إلاّ ما كان ثابتاً ، وهل يُثبت إلاّ ما لم يكن ؟ ) (2) ، فهذه
الصحيحة دالة على تغاير اللوحين ، فإنّ المحو بعد الإثبات ، والإثبات بعد المحو ،
لا يكونان في اللوح المحفوظ ؛ لِما عرفت من ضبط كلّ شيء فيه بوجهه الكامل من
الأَوّل ، فلا موضوع للتغيّر والتبدّل ، فتحصّل أنّ الإثبات والمحو في لوح ، وأُمّ
الكتاب لوح آخر ، وهو اللوح المحفوظ ، ومثل هذه الصحيحة رواية الأرمني عن العسكري
( عليه السلام ) (3) ، ومرسلة العيّاشي عن جميل عن الصادق (عليه السلام ) (4) .
وممّا يدل على
وجود اللوحين مرسلة عمّار بن موسى ، كما رواه العياشي عن الصادق ( عليه السلام ) ،
سئل عن قول الله : {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ } قال : ( إنّ ذلك الكتاب كتاب
يمحو الله ما يشاء وثبت ، فمن ذلك الذي يرد الدعاءُ القضاءَ ، وذلك الدعاء مكتوب
عليه : الذي يرد به القضاء ، حتى إذا صار إلى أُمّ الكتاب لم يغنِ الدعاء فيه
شيئاً ) (5) ، فهذا ما أحرزنا دلالته على وجود اللوحين ، فما ذكره المجلسي قدّس
سره من دلالة الآيات والأخبار عليه : منظور فيه، فإنّا لم نجد من الكتاب والسُنة
غير ما ذكرنا .
تنبيه :
اللوح عن
الفلاسفة ، هو العقل المفارق ... في كلام المحقّق الطوسي قدّس سره ، وعرّفه في
الأسفار وغيره بالنفس الكلية الفَلكية ، قال بعض أفاضلهم (6) : إن كنّا بحثنا عن
اللوح من جهة العقل ، فالبرهان يثبت في الوجود أمراً نسبته إلى الحوادث الكونية
نسبة الكتاب إلى ما فيه من المكتوب ، ومن البديهي أنّ لوحاً جسمانياً لا يسع كتابة
ما يستقبل نفسه وأجزائه ، من الحالات والقصص ، في أزمنة غير متناهية ، وإن كبر ما
كبر ، فضلاً عن شرح حال كلّ شيء في الأبد الغير المتناهي ، وإن كنّا بحثنا من جهة
النقل ، فالأخبار نفسها تؤوّل اللوح والقلم إلى مَلَكين من ملائكة الله ..
إلخ .
وقال الصدوق في
اعتقاداته : اعتقادانا في اللوح والقلم أنّهما مَلَكان انتهى .
ويظهر من
المجلسي في السماء والعالم من كتاب بحاره الميل إليه وقال : إذ يمكن كونهما
مَلَكين، ومع ذلك يكون أحدهما آلة النقش والآخر منقوشاً فيه .
أقول :
ومستندهما في ذلك روايتان (7) : الأُولى ما عن سفيان الثوري عن الصادق ( عليه
السلام ) قال فيه : ( فنون مَلَك ، يؤدّي إلى القلم ، وهو مَلَك ، والقلم يؤدّي
إلى اللوح ، وهو مَلَك... إلخ ) .
الثانية :
رواية إبراهيم الكرخي قال : سألت جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) عن اللوح والقلم
فقال : ( هما مَلَكان) (8) .
أقول :
ولكنّهما ضعيفان من حيث السند فلا اعتداد بهما ، ولعلّه لأجل هذا قال شيخنا المفيد
(9): وأمّا مَن ذهب إلى أنّ اللوح والقلم مَلَكان فقد أبعد بذلك ، ونأى به عن
الحقّ؛ إذ الملائكة ( عليهم السلام ) لا تسمّى ألواحاً ولا أقلاماً ، ولا يُعرف في
اللغة اسم مَلَك ولا بشر لوح ولا قلم . انتهى.
أقول :
والإنصاف أنّ حقيقة اللوح والقلم غير ثابتة شرعاً ، فلا ينبغي البناء على طرف دون
طرف ، وإنّما الثابت شرعاً أصل وجودهما ، فإنّ الخبرين المتقدّمين مع ضعف سنديهما
لا يخلوان عن المعارض أيضاً ، فلاحظ تفسير البرهان فالصحيح التوقف .
قال بعض
العامّة (10) : اللوح المحفوظ عند جمهور أهل الشرع جسم فوق السماء السابعة، كُتب
فيه ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة ، كما يُكتب في الألواح المعهودة ، وليس هذا
بمستحيل ؛ لأنّ الكائنات عندنا متناهية ، فلا يلزم عدم تناهي اللوح المذكور في
المقدار ، وأمّا عند الفلاسفة فهو النفس الكلّي للفَلَك الأعظم ، يرتسم فيه
الكائنات ارتسام المعلوم في العالِم . انتهى .
أقول : ما نسبه
إلى الجمهور فتوىً لابدّ له من الدليل ، وأمّا ما ذكره من نفي الاستحالة ، فهو
مزيّف بأنّ الكائنات متناهية عندنا من طرف أَوّل ، وأمّا من طرف آخر ، فهي غير
متناهية بالضرورة الإسلامية القائمة على خلو المكلّفين في الجنة والنار .
نعم ما ذكره
الحكماء أيضاً دعوى بلا دليل ، ولا سيما بعد ظهور بطلان الأفلاك الموهومة المذكورة في هذا الأعصار .
فإذا علمت
اللوح وما فيه فقد هان عليك تصديق ما ذكرنا ، من أنّ الأسباب الأربعة المذكورة ،
إنّما هي بكتابتها في اللوح دون مجرّد تقرّرها في العلم القديم ، كما يشهد له عدّ
العلم في قِبال الأُمور المذكورة في رواية المعلّى ، وهذا هو مختار العلاّمة الحلي
قدّس سره في شرح التجريد.
وبالجملة ، هذا
وإن لم يكن بجزمي من ملاحظة الروايات المتقدّمة بنفسها غير رواية المعلّى ، إلاّ
أنّه ممّا يقتضيه الاعتبار العقلي الناشئ من تلك الروايات وغيرها ، ويمكن أن
يستشهد له بصحيحة عبد الله بن سنان (11) عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال :
سمعته يقول : ( إنّ القضاء والقدر خَلقان من خلق الله ، والله يزيد في الخلق ما
يشاء)؛ إذ لا معنى لكونهما مخلوقين إلاّ كونهما مكتوبين ؛ إذ تقرّر حدود الأشياء
في العلم والحكم عليها لا يسمّى مخلوقاً ، فهذه الرواية كقوله تعالى : {يَمْحُو
اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}.
وأمّا ما
احتمله المجلسي رحمه الله من ضمّ حرف الخاء ـ أي صفتان من صفات الله ـ فهو مرجوح ،
لقوله ( عليه السلام ) : ( والله يزيد في الخلق ما يشاء ) فإنّه بمنزلة كبرى
منطبقة على قوله ( خَلقان ) ، ومن الظاهر أنّ صفاته غير مخلوقة ، ولا قابلة
للزيادة والنقصان .
ثمّ إنّ
المجلسي قد نقل هذه الرواية عن التوحيد عن عبد الله بن سلمان ، لا ابن سنان كما في
النسخة الموجودة عندي من التوحيد ، ورواه أيضاً عن تفسير القمي عن حمران عن الصادق
( عليه السلام ) ، وعن البصائر عن جميل عنه ( عليه السلام ) فلاحظ (12) فتدبّر
والله العالم .
________________________
(1) البحار 2 /
136، كتاب بدء الخلق ، في آخر رواية حصين بن عمران .
(2) أُصول
الكافي 1 / 146.
(3) البحار 4 /
115.
(4) المصدر
نفسه / 118.
(5) البحار 4 /
121.
(6) البحار 4 /
131.
(7) البحار 14
/ 76.
(8) البحار 14
/ 76.
(9) شرح عقائد
الصدوق / 29.
(10) شرح
المواقف 3 / 77 ، الحاشية.
(11) توحيد
الصدوق ، الباب 59.
(12) البحار 5
/ 120 و 112.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|