أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-7-2019
1891
التاريخ: 19-7-2019
2655
التاريخ: 20-5-2021
2508
التاريخ: 26-6-2019
1739
|
لماذا السرايا؟!
لقد عرفنا فيما سبق أن بعض تلك السرايا كان هدفه الاستطلاع ، ومراقبة تحركات قريش في المنطقة.
وبعض آخر كان هدفه تعقب المغيرين على سرح المدينة ، كتعقبهم لكرز بن جابر.
وعرفنا أيضا : أن تلك السرايا ، التي لم يلق المسلمون فيها كيدا ، قد جرأت المسلمين ، وأعادت لهم الثقة بأنفسهم ، وأعدتهم ليواجهوا ـ على قلة العدد والعدة ـ ألف فارس من قريش ، وهي في أوج خيلائها وعزتها ، ولم يعد ذلك مفاجأة للمسلمين ، ولا مرهبا لهم.
ولكننا مع ذلك نرى أن علينا أن لا نقنع بما ذكر ؛ وأن علينا أن نعيد النظر بدءا وعودا لنعرف الجديد مما كانت تهدف إليه تلك السرايا التي كان الهدف المعلن لها هو اعتراض عير قريش ، والذي يلفت نظرنا هنا هو الأمران التاليان :
الأول : الموادعات والتحالفات :
فقد نتج عن تلك السرايا مهادنات وموادعات ، وتحالفات على النصر ضد العدو ، بين المسلمين وبين كثير من القبائل المتواجدة في المنطقة ، حينما شعرت تلك القبائل بقوة المسلمين ، وقدرتهم على التحرك ، وبتصميمهم على مواجهة حتى قريش بالحرب.
ومن الطبيعي أن ينتج عن هذه المعاهدات والتحالفات تخوف ورعب في قلوب سائر القبائل القريبة من المدينة ، بحيث لا بد لتلك القبائل من التفكير مليا قبل أن تقدم على أي عمل ضد المدينة مباشرة ، أو بواسطة التحالف مع أعداء المسلمين.
وذلك لأنها ترى بالفعل : أن ثمة قوة ضاربة ، لا بد من صياغة التعامل معها بحيث لا يضر بمستقبل مصالحها في المنطقة.
وبهذا يتحقق للمدينة نوع من الشعور بالأمن والاستقرار ، ويمكن المسلمين ـ من ثم ـ من أن يتحركوا بحرية أكثر ، في مواجهاتهم لقريش ، ومناهضاتهم لها ، وهو ما ظهر في حرب بدر ، وبعدها.
كما أن هذه الموادعات والتحالفات كانت بمثابة صدمات نفسية ، بل هي صفعات مؤلمة لقريش ، التي ترى الآن كيف أن المسلمين قد أصبحوا قوة يرهب جانبها ، ويسعى الكثيرون إلى عقد التحالفات الدفاعية معها ، وعلى الأخص من القبائل التي تقع على طريق تجارة مكة ، وكانت تعتبرها قريش سندا وعونا لها ، كلما أهمها أمر ، أو تعرضت لخطر.
أضف إلى ذلك كله ، أنه لم يعد باستطاعة قريش أن تعقد تحالفات مع تلكم القبائل القريبة من المدينة ، وتتخذ منها قوة ضاغطة على المدينة ، ووسيلة لمضايقتها.
الثاني : مضايقة قريش :
إن هذه السرايا كانت تهدف إلى الضغط على قريش اقتصاديا ، وكذلك نفسيا أيضا ، وتعريفها : أن المسلمين سوف لن يتركوها حرة في المنطقة ، ما دامت قد شردتهم ، وآذتهم وسلبتهم أموالهم ، وقتلت منهم.
وقد شرط النبي «صلى الله عليه وآله» على المشركين في وثيقة العهد المتقدمة ، أن يقطعوا صلاتهم بالمشركين الآخرين.
ويلاحظ : أنه لم يكن ثمة إصرار على قتال قريش ، ومناجزتها الحرب ، ولذلك قبل حمزة بوساطة الجهني ، وتقدم أن عبيدة بن الحارث لم يتعقب القافلة التي تجاوزته.
كما أن ثمة ثلاث خرجات أخرى تمر عير قريش فيها بسلام ، ولم يصل إليها المسلمون في الوقت المناسب ، بل وحتى في وقعة بدر نفسها لم يفز المسلمون بعير قريش ، وإنما كانت قريش هي التي تصدت لقتال المسلمين كما سنرى إن شاء الله تعالى.
وهذا يعزز الاستنتاج القائل : إن المقصود من تلك السرايا هو تعريف قريش : أنها لم تعد تملك حرية الحركة في المنطقة ، ولا هي سيدة الموقف ، ولا تستطيع بعد الآن أن تأمن على قوافلها التجارية إلى الشام ، إلا بالعودة إلى منطق التعقل ، والروية ، والحكمة ، والتخلي عن منطق الظلم والغطرسة والتجبر ، وأن عليها مراجعة حساباتها ، لتقتنع بأنه إذا كان حسم الموقف عسكريا صعبا جدا بالنسبة إليها ، فما عليها إلا أن ترضخ للأمر الواقع ، وتعترف بما لا بد لها من الاعتراف به ، إن عاجلا ، وإن آجلا.
وإلا ، فلتأذن بحرب من الله ورسوله لا تنتهي إلا بتدمير عنفوانها ، وتحطيم كبريائها ، وهكذا كان.
وإنما اكتفى المسلمون بالتعرض إلى قوافل قريش ، دون أن يصروا على أخذها ، ومصادرتها ، وإن كان من حقهم ذلك ، لأنه قصاص عادل لقريش ، التي بدأت بالعدوان ، وتمادت في الظلم والطغيان ، ولا مانع من ممارسة هذا الحق إذا لم يكلف ذلك المسلمين غاليا ـ إنما اكتفى المسلمون بذلك ـ من أجل أن يبقوا الباب مفتوحا أمام قريش ، ويعطوها الفرصة للتأمل والتدبر في الأمر.
وأما ما ذكره البعض من أن المقصود من تلك السرايا لم يكن هو الحرب ، بدليل قلة عدد المقاتلين المسلمين المرسلين.
فلا نراه مقنعا ولا كافيا في فهم حقيقة الدوافع لإرسال تلك السرايا ؛ لأن الإغارة على قافلة تجارية لم يكن يحتاج إلى عدد كبير من المقاتلين.
ويكفي أن نذكر هنا : أن أكبر قافلة تجارية ترسلها قريش بعد تحرشات المسلمين بتجاراتها (وذلك يدفعها طبعا لزيادة عدد المحافظين عليها) ، هي القافلة التي سببت حرب بدر ، وكانت بقيادة أبي سفيان ، وهي لم يكن معها إلا بضعة وعشرون رجلا فقط ، مع أن فيها أكثر من ألفي بعير ، وفيها أموال قريش.
٣ ـ وصاياه صلّى الله عليه وآله لبعوثه :
وأما ما تقدم مما كان يوصي به البعوث والسرايا ، فإنه يؤكد على أن هذا النبي لم يبعث إلا ليعمر الأرض ، وليقطع دابر الفساد فيها ؛ وليس جهاده للمنحرفين والظالمين إلا من هذا المنطلق ، وفي هذا السبيل ، على اعتبار أن : آخر الدواء الكي.
وعليه فكل تصرف لا يأخذ بنظر الاعتبار ذلك الهدف ؛ فهو مرفوض عنده حتى وإن كان من أصحابه ، ومن أقرب الناس إليه.
وإن وصاياه «صلى الله عليه وآله» تلك تحتاج إلى دراسة معمقة ، للتعرف على الكثير من الحقائق التي يهم الإنسان المنصف ذا الضمير الحي ، والوجدان المتيقظ ، أن يتعرف عليها ، ويستفيد منها منهاجا ونبراسا له في سلوكه ، وأعماله ، ومواقفه.
وقد سار علي «عليه السلام» في وصاياه لجيوشه على هذا النهج أيضا فليراجع (١).
٤ ـ لماذا المهاجرون فقط؟!
ويلاحظ : أنه «صلى الله عليه وآله» كان قبل بدر لا يخرج في غزواته ، ولا يرسل في سراياه إلا المهاجرين.
وهنا يرد سؤال : لماذا يتعمد النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ذلك؟ وما هي الحكمة فيه؟!.
لربما يقال في مقام الإجابة على ذلك : إنه «صلى الله عليه وآله» يريد أن يفهم الأنصار : أنه مصمم على الوصول إلى أهدافه ، ولو لم يعاونوه ؛ فلا يجب أن يظنوا : أنه يريد أن يجعلهم وسيلة لمآربه وغاياته ، مع احتفاظه بأصحابه المهاجرين ؛ الأمر الذي يولّد عند الأنصار الشعور بالمظلومية والغبن.
__________________
(١) راجع : تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٨٢ و ١٨٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ١ ص ٢٣ والفتوح لابن أكتم ج ٣ ص ٤٥ و ١٣٥ وأنساب الأشراف بتحقيق المحمودي ج ٢ ص ٢٦٢ و ٢٤٠ و ٣٠٢ و ٣٣١ و ٤٧٩.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|