أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-11
216
التاريخ: 2024-03-18
899
التاريخ: 2024-04-05
911
التاريخ: 2024-03-24
741
|
بداية انتصارات ملك الوجه القبلي والوجه البحري «وسر ماعت رع ستبن رع» ابن الشمس، محبوب «آمون رعمسيس» معطي الحياة مخلدًا، وقد أحرزها على بلاد «خيتا «(1)، وبلاد «نهرينا «(2)، وبلاد «إرثو «(3)،» وبدس «(4). وبلاد «دردني «(5)، وأرض «ماسا «(6)، وأرض «قرقيشا «(7)، وأرض «لك» أو «لوكي «(8)، وبلاد «كركميش «(9)، (أو جرجميش)، وأرض «قدي «(10)، وأرض «إركاثا «(11)، وبلاد «موشتات «(12). وعندما كان جلالته سيدًا غض الشباب شجاعًا لا مثيل له، قوي الساعدين، ثابت القلب كالجدار، يماثل الإله «مونتو» في قوته الجسمية في ساعته؛ أي ساعة غضبه، جميل الطلعة مثل الإله «آتوم»، والنظر إلى جماله يبعث السرور، عظيم الانتصارات على كل البلاد الأجنبية، ومن لا يعرف أحد كيف يأخذه لينازله، وإنه جدار قوي يحمي جنوده ودرعهم في يوم القتال، ولا مثيل له في الرماية، وقوته تفوق مئات الألوف مجتمعين، وهو الزاحف في المقدمة موغلًا في الجموع وقلبه مفعم بالشجاعة، قوي حين ينازل القرن كالنار عندما تلتهم؛ ثابت القلب كالثور المتأهب لساحة القتال لا يجهله أحد في الأرض قاطبة، ومن لا يقدر ألف رجل أن يثبت أمامه، ومن يتخاذل مئات الألوف عند رؤيته، وهو رب الخوف، وذو الزئير الهائل الذي يدوي في قلوب البلاد كلها، عظيم الرهبة التي يبعثها في قلوب الأجانب الخاسئين، وكالأسد الهصور في وادي البهم، ومن يغزو مظفرًا، ويعود منتصرًا أمام الناس من غير مفاخرة، تدابيره ممتازة، ونصيحته حسنة، سديد في جوابه، حامٍ مشاته يوم النزال … والفرسان والقائد لأتباعه، ومن يحمي مشاته، وقلبه كجبل من البرنز، السيد ملك الوجه القبلي والوجه البحري «وسر ماعت رع ستبن رع» ابن الشمس «مري آمون رعمسيس» معطي الحياة، ولقد جهز جلالته مشاته وخيَّالته «شردانا»، وهم من سبي جلالته، وقد أحضرهم بانتصارات سيفه مدججين بكل أسلحتهم، وقد أعطاهم التعليمات للواقعة، ولما وصل جلالته إلى جهة الشمال، كان معه مشاته وفرسانه بعد أن سلك الصراط السوي في سيره. وفي السنة الخامسة، الشهر الثاني من فصل الصيف، اليوم التاسع، اجتاز جلالته قلعة «ثارو» (تل أبو صيفه الحالية)، وكان شديد القوى مثل الإله «منتو» في طلعته، في حين كان كل بلد أجنبي يرتعد أمامه، وقد حمل إليه كل الأمراء جزيتهم، وكان الثائرون منهم يأتون مطأطئي الرؤوس خوفًا من بطش جلالته، وكان مشاته يسيرون في طرق ضيقة، وكأنهم يسيرون على طرق مصر المعبدة.
شكل 1: خريطة الفتوح المصرية والأمم التي حاربتها مصر في آسيا الصغرى في عهد «سيتي» و«رعمسيس الثاني».
وبعد مضي أيام على ذلك كان جلالته — له الحياة والسعادة والصحة — في بلدة «مري آمون رعمسيس» — له الحياة والسعادة والصحة، وهي المدينة التي في وادي الأرز (مدينة في لبنان)، ثم تقدم جلالته نحو الشمال، وبعد أن وصل جلالته إلى هضبة «قادش»، تأمل! كان جلالته يتقدم جيشه مثل والده «منتو» رب «طيبة»، وعبر نهر الأرنت خوضًا بجيش «آمون الأول» المنتصر لسيده «وسر ماعت رع ستبن رع» — له الحياة والسعادة والصحة — ابن الشمس «مري آمون رعمسيس»، ثم اقترب جلالته من مدينة قادش، وكان أمير «خيتا» الخاسئ قد أتى وجمع حوله البلاد الأجنبية كلها من أقصى حدود البحر، وقد جاءت أرض «خيتا» قاطبة، وكذلك «نهرين»، وبلاد «إرثو»، وبلاد «دردني»، وبلاد «كشكش«(13)، وبلاد «ماسا»، وبلاد «بداسا»، وبلاد «آرون«(14)، وبلاد «قرقيشا»، وبلاد «لك»، وبلاد «قزودا«(15)، و«كركميش»، و«إكريث«(16)، وبلاد «قدي»، وأرض «نجس«(17) كلها، و«موشنات»، و«قادش»، ولم يترك أرضًا واحدة دون إحضارها معه، وكذلك كان معه رؤساؤهم، وكان كل واحد يقود مشاته، وكان خيالته كثيرين جدًّا يخطئهم العد، وقد غطوا بكثرتهم الجبال والوديان كأنهم جراد منتشر، ولم يترك في أرضه ذهبًا ولا فضة، وقد جرَّد نفسه من كل متاعه إذا أعطاه البلاد الأجنبية ليحضرها معه للقتال، ولكن كان أمير «خيتا» الخاسئ، والممالك الأجنبية العديدة معه، وقد وقفوا مختبئين على استعداد للقتال في الشمال الشرقي من «قادش»، وعندما كان جلالته — له الفلاح والصحة — وحيدًا مع حرسه كان جيش «آمون» يسير خلفه، وجيش «رع» يعبر مخاضة بالقرب من جنوب مدينة «شبتون» على مسافة فرسخ واحد من المكان الذي كان فيه جلالته، أما جيش «بتاح» فكان جنوب بلدة «إرنام»، وجيش «ستخ» كان لا يزال سائرًا على الطريق، وكان جلالته قد نظم أول قوة للميدان من كل ضباط جنوده الخواص حينما كانوا لا يزالون بالقرب من شاطئ أرض «آمون«(18)، وعندئذ أمر أمير «خيتا» الذي كان يقف بين جنوده الذين كانوا معه، ولم يخرجوا للقتال خوفًا من جلالته، بإحضار رجال وعربات كثيرة العدد كالرمال. وكان لكل عربة ثلاثة فرسان، وقد نظموا فرقًا، وكان كل محارب من «خيتا» الخاسئة مجهزًا بكل أسلحة القتال، وجعلهم يقفون كامنين خلف مدينة «قادش» في الشمال الغربي، ثم خرجوا من الجهة الجنوبية من «قادش»، واخترقوا قلب فيلق «رع» الذي كان يتابع السير، ولم يعرفوا المكان الذي كانوا فيه، ولم يكونوا على استعداد للحرب، عندئذ تخاذل مشاة جلالته، وفرسانه أمامهم، وكان جلالته عسكر شمالي «قادش» على الشاطئ الأيمن من نهر «الأرنت»، وفي هذه اللحظة جاء رجل، وأخبر جلالته بذلك، وظهر جلالته آنئذ مثل «منتو» (إله الحرب) بعد أن أخذ عدة الحرب ولبس درعه، فكان مثل «بعل» في ساعته، وكانت العربة العظيمة التي تقل جلالته المسماة «النصر في طيبة» من الإصطبل العظيم للسيد «وسر ماعت رع ستبن رع» محبوب «آمون»، وقد ركب جلالته مسرعًا، واندس في أعماق الأعداء من «خيتا»، وكان وحده — ولم يكن معه إنسان آخر — ولما تقدم جلالته، ونظر خلفه وجد أن طريق مخرجه قد أحيطت بألفين وخمسمائة عربة مع كل نوع من محاربي بلاد «خيتا» الخاسئة، وكذلك الممالك العديدة التي كانت معهم، وبخاصة بلاد «إرثو»، وبلاد «ماسا»، و«بداسا»، و«كشكش»، و«أرونا»، و«كزواتنا»، و«حلب»، و«أكارثي»، أو (جاريت)، و«قادش» و«لك»، وكان في كل عربة ثلاثة رجال، وقد نُظموا فصائل، ولم يكن معي رئيس ولا قائد عربة، ولا ضابط مشاة، ولا حامل درع، ومشاتي وخيَّالتي قد تركوني فريسة أمامهم، فلم يثبت واحد من بينهم لمحاربتهم، وعندئذ قال جلالته: «ماذا جرى يا والدي «آمون»؟ هل من عمل الوالد أن يهمل الابن؟ أم هل عملت شيئًا بغير علم منك؟ هل مشيت أو وقفت إلا على حسب قولك؟ هل تعديت الخطط التي أمرت بها (من فمك)؟» وإنه لأمر جلل إذ جعل الأجانب يقتربون من حافة طريق سيد مصر العظيم — أي بالقرب منها — فأين هم من قلبك أولئك الأسيويون التعساء الذين ينكرون الإله؟ يا «آمون»، ألم أُقِم لك آثارًا عدة جدًّا لأملأ معبدك بأسلابي، وبنيت لك معبدي لملايين السنين، ووهبتك كل أملاكي بوصية؟ وأدرت (قدتُ) لك الأرض قاطبة لإمداد قربانك، وعملت على أن تعطي عشرات الآلاف من الثيران مع كل أنواع النباتات الزكية الرائحة! ولم أهمل شيئًا واحدًا طيبًا دون أن أجعله يعمل في ردهة معبدك، وأقمت لك بوابات ضخمة من الحجر، ونصبت لك عمد أعلام بنفسي، وجلبت لك مسلات من «إلفنتين»، وإني أنا الذي أمر بإحضار الحجر، وقد جعلت السفن تسير من أجلك في البحر لتنقل لك جزية البلاد الأجنبية، والناس يقولون ليحق الويل بمن يتصدى لخططك، والطيبات تعمل لمن يؤمن بك يا «آمون «. نعم إن الناس سيعملون لك بقلب محب، وقد ناديتك يا والدي «آمون» عندما كنت في وسط الأعداء، وأنا لا أعرف الممالك الأجنبية التي قد تجمعت عليَّ حين كنت وحيدًا دون أن يكون فرد آخر معي، وكان جنودي العديدون، قد نبذوني دون أن يلتفت نحوي واحد من فرساني، ولقد ناديتهم ولكن لم يصغِ إلي واحد من بينهم، وعندما دعوت وجدت «آمون» أكثر نفعًا من ملايين الجنود، وكثير من مئات آلاف العربات، وأكثر من عشرات آلاف الرجال، ومن كل الإخوة والأطفال الذين يكونون على وئام فيما بينهم متحدين في قلب واحد، على أن مجهودات الرجال العديدين تتبدد؛ لأن «آمون» أكثر منهم نفعًا، وبعد أن وصلت إلى هنا على حسب نصيحة فمك يا «آمون» لم أتعدَّ خططك، وعندما وجهت نداءاتي من أقصى أعماق البلاد الأجنبية انطلق صوتي حتى «أرمنت»، وإذ ذاك وجدت «آمون» قد أتى على إثر ندائي له، ومد إلي يده، وحينما كنت في ابتهاج كان يصيح خلفي: إلى الأمام أمامك يا «مري آمون رعمسيس» إني معك، وإني والده، ويدي معك، إني أكثر نفعًا من مائة ألف رجل مجتمعين معًا في مكان واحد، وإني سيد الانتصار الذي يحب الشجاعة، ولقد وجدت لبي ثابتًا، وقلبي مبتهجًا، وكان الفلاح نصيب كل ما فعلته؛ لأني كنت مثل «منتو» عندما أشد قوسي بيميني، وعندما كنت أحارب بيدي اليسرى، لأني كنت مثل «بعل» في لحظته أمامهم — أي الأعداء — وقد وجدت الخمسمائة والألف العربة التي كنت في وسطها قد تحولت إلى كومة أمام خيلي، ولم يكن في مقدور واحد منهم أن يجد (يستعمل) يده ليحارب بها؛ لأن قلوبهم سقطت في جوفهم خوفًا مني، وأذرعتهم قد شُلت، فلم يكن في مقدورهم أن يفوِّقوا السهام، وكان من المستحيل عليهم أن يستردوا قلوبهم ليقبضوا على حرابهم، وقد جعلتهم يتساقطون في الماء كما يسقط التمساح، وقد خرُّوا على وجوههم الواحد فوق الآخر، وذبحت منهم من أردت، ولم يلتفت أحد منهم وراءه، وكذلك لم يعد واحد منهم، ومن سقط منهم لم يقُم ثانية، وعندما وقف رئيس «خيتا» الخاسئ في وسط مشاته وخيالته ليشاهد جلالته يقاتل وحيدًا بدون مشاته وخيالته معه، ظل واقفًا متلفتًا بوجهه، ومرتعدًا، وخائفًا يترقب، فأمر بإحضار رؤسائه العديدين، ومع كل منهم عرباته، وكانوا مدججين بأسلحتهم الحربية، وهم: أمير «إرثو»، وأمير «ماسا»، وأمير «أرون»، وأمير «لوكي» = «لسيا»، وأمير «بداسا»، وأمير «دردني»، وأمير «كركميش»، وأمير «قرقاشا»، وأمير «حلب»، وأخوه أمير «خيتا» كلهم مجتمعون في مكان واحد، ومعهم فيلق مؤلف من ألف عربة أتت أمامهم نحو النار، (الورقة = من ألفين وخمسمائة عربة). وقد انقضضت عليهم مثل «منتو»، وجعلتهم يذوقون يدي في لحظة، وقد حاربتهم (الورقة = قتلتهم) في مكانهم حينما كان الواحد يصيح على صاحبه قائلًا: إن الذي بيننا ليس بشرًا، إنه «ستخ» صاحب القوة العظيمة، و«بعل» في أعضائه — أي بعل نفسه — إذ إن البشر لا يمكنهم أن يأتوا بما يأتيه من الأعمال، فعمله فرد وحيد يصد — أي يمكنه أن يصد مئات الآلاف دون أن تكون معه مشاة أو خيالة — هلموا نسرع، ونولِّ الأدبار أمامه، ونبحث لأنفسنا عن الحياة حتى نستطيع أن نستنشق الهواء! تأمل! إن مما لا شك فيه أن الخور منه سيصيب يد، وجميع أعضاء من يقترب منه، فالإنسان لا يمكنه أن يقبض على القوس، ولا على الحربة عندما يراه من بعيد آتيًا يعدو بسرعة؛ لأن جلالته كان خلفهم مثل المارد المجنح «جرفون»، وقد أعملت السيف فيهم دون هوادة، ورفعت السوط، وصحت على مشاتي وخيالتي قائلًا: قفوا وثبتوا قلوبكم يا مشاتي ويا خيالتي، شاهدوا انتصاراتي عندما كنت وحيدًا، و«آمون» كان حاميَّ، ويده معي، ما أشد ضعف قلوبكم يا فرساني، لهذا لا يحق أن يملأ الإنسان قلبه بكم (أي أن يهتم بأمركم)، حقًّا إنه ليس بينكم واحد سأعمل لخيره في بلادي، ألم أقم فيكم سيدًا في حين كنتم بين اليائسين؟ ومع ذلك رضيت عن طيب خاطر أن تصبحوا عظماء بوساطة حضرتي كل الأيام، فقد ورَّثت الابن متاع الوالد، وأبعدت كل الظلم الذي كان في هذه الأرض، وتركت لكم جزية أرضكم، ومنحتكم أخرى إذا اغتصبت منكم، وأنصفت من استنصفني، وكنت أقول له كل يوم تأمل، وليس هناك سيد عمل لجنوده ما عمل جلالتي على حسب ما تهوى قلوبكم، وقد منحتكم أن تبقوا في مدنكم دون القيام بمهام الجندية، وكذلك جعلت لخيالتي طريقًا إلى مدنهم — أي سمحت لهم بالعودة إلى مدنهم — على شرط أن أستدعيهم لمثل هذا اليوم، وقت خوض المعارك؛ ولكن انظروا فقد أتيتم جميعكم أفرادًا؛ إذ لم يقف رجل واحد منكم ليمد يده لي وأنا أحارب، وإني أقسم بروح والدي «آمون-آتوم» ليتني كنت مثل والد آبائي الذين لم يرَهم السوريون، والذين لم يشنوا حربًا عليهم في مصر؛ أرقص — يقصد بذلك إخناتون الذي لم يرَ سوريا قط، ولم يشن حربًا هناك — على أن ليس بينكم واحد سيأتي مصر ليقص مفاخره (أحواله). ما أجملها من فرصة لإنشاء آثار عدة في «طيبة» بلد «آمون»! لأن الجريمة التي ارتكبها مشاتي وخيالتي أعظم بكثير من أن أقصها، ولكن انظروا فإن «آمون» قد وهبني قوته دون أن يكون معي المشاة أو الخيالة، وقد جعل البلاد كلها ترى انتصاراتي وشجاعتي عندما كنت وحيدًا دون أن يكون عظيم خلفي، يشد أزري، لا سائق عربة، ولا جنديًّا من الجيش، أو أي ضابط، وقد نظرت إلى الممالك الأجنبية لدرجة أنهم تحدثوا باسمي حتى البلاد النائية التي لم تكن معروفة، أما أولئك الذين أفلتوا من يدي منهم، فإنهم إذا وقفوا متطلعين وراءهم رأوا ما كنت أعمله، فإني كنت أزحف على ملايين عدة من بينهم، وسيقانهم لا تستطيع الوقوف في مكانها، بل كانوا يولون الأدبار، وكل من كان يفوق سهمًا نحوي طاش، وسهامهم كانت تسقط إذا صُوبت إليَّ، ولكن عندما رأى «مننا» سائق عربتي أن عددًا عظيمًا من العربات قد أحاط بي تخاذل واستولى الخور على قلبه، ودخل الخوف قلبه، وعندئذ قال لجلالتي: يا سيدي الطيب، يأيها الحاكم الشجاع، يأيها الحامي العظيم لمصر في يوم الواقعة؛ عندما نقف وحيدين وسط الأعداء، انظر؛ لقد نبذنا المشاة والخيالة، فلماذا نقف لننجيهم؟ ليتنا نوهَب الخروج سالمين! نجنا يأيها السيد «وسر ماعت رع ستبن رع» له الحياة والسعادة والصحة (يا سيدي الطيب). وعندئذ قال جلالته للسائق: قف وثبِّت قلبك يا سائق عربتي، إني أريد أن أدخل بينهم كما ينقض الصقر مذبحًا ومقتلًا ومجدلًا من على الأرض، من هؤلاء المخنثون الذين لا يمكن أن يصفر وجهي أمام مليون منهم؟ وعلى أثر ذلك كرَّ جلالته بخطًى واسعة في وسط الأعداء (من الخيتا الخاسئة) حتى الكرَّة السادسة، وهو يدخل وسطهم، وقد كنت خلفهم مثل «بعل» في ساعة شدة بأسه، وأعملت السيف فيهم دون أن أخطئ، وعندما رأى مشاتي وخيالتي أني مثل الإله «منتو» القوي الشديد البأس، وأن الإله «آمون» والدي في الوقت نفسه كان معي، وقد جعل البلاد الأجنبية كالهشيم أمامي، أخذوا يقتربون واحدًا فواحدًا متسللين نحو المعسكر في وقت الغروب، وقد وجدوا أن الأقوام الأجانب كلهم الذين شققت طريقي بينهم قد جدلوا أرضًا مضرجين بدمائهم، وبخاصة خيرة محاربي «خيتا»، وكذلك أطفال أميرهم وإخوته، وقد جعلت ميدان قتال «قادش» أبيض اللون؛ أي بالجثث، وملابسها البيضاء — حتى لم يستطع أحد أن يجد مكانًا يمشي عليه لكثرة جموعهم من القتلى. وعندئذ جاء جنودي يدعون الله باسمي، وشاهدوا ما فعلت، وقد أتى عظمائي ليمجدوا قوتي، وأتى خيالتي ليشيدوا باسمي قائلين: «يأيها المحارب الجميل الذي يثبت القلب؛ لقد نجيت مشاتك وخيالتك لأنك ابن «آمون» الذي يعمل (يحارب بساعديه)، لقد خربت أرض «خيتا» بسيفك البتار؛ لأنك محارب جميل منقطع النظير، وملك يحارب لمشاته يوم القتال؛ لأنك واحد عظيم القلب، والمقدام في المعمعة، ولا تستطيع الأرض قاطبة أن تحيطك بالنظر؛ لأنك واحد عظيم الظفر أمام الجيش، وأمام وجه الأرض قاطبة من غير إسراف في القول، وإنك حامٍ لمصر، وقاهر للبلاد الأجنبية، وإنك قصمت ظهر «خيتا» أبدًا.» وعلى ذلك قال جلالته لمشاته، وعظمائه، وكذلك لخيالته: «من هم إذن عظمائي ومشاتي وخيالتي الذين يعرفون كيف يقاتلون؟ أليس في استطاعة الرجل أن يجعل نفسه عظيمًا في بلدته إذا عاد أمام سيده آتيًا بعمل شجاع؟ وبذلك يكون صاحب سمعة طيبة؛ لأنه قد حارب بشدة بأس؛ لأن الرجل يمدح بشجاعته منذ القدم. ألم أعمل عملًا صالحًا لواحد من بينكم حتى تنبذوني وحيدًا بين الأعداء؟ هل استطبتم جمال الحياة، واستنشاق النسيم عندما كنت وحيدًا؟ ألا تعلمون في قرارة نفوسكم أني سياجكم الحديدي بخاصة؟ سيتحدث الناس بترككم إياي وحيدًا لا رفيق لي، ولا عظيم معي، ولا ضابط صف يمد يده إليَّ، وكنت أحارب الملايين من البلاد الأجنبية منفردًا، وكان معي «النصر في طيبة»، و«موت الراضية»، وهما جواداي العظيمان؛ لأنهما اللذان وجدتهما قد أتيا ليأخذا بيدي = (لمساعدتي) حينما كنت وحيدًا أحارب ممالك أجنبية عدة، والواقع أني كنت متمسكًا بإعطائهما علفهما من الشعير في حضرتي يوميًّا حين كنت في قصري؛ لأنهما هما اللذان وجدتهما عضدًا لي وسط الأعداء، وكذلك سائق عربتي «مننا»، والساقون في البلاط الذين كانوا إلى جانبي وشاهدوا القتال. تأملوا! لقد وجدتهم، وقد عاد جلالتي في قوة ونصر بعد أن كنت جدَّلت بسيفي البتار مئات الآلاف مجتمعين في مكان واحد، وعند الفجر نظمت الصفوف للقتال، وكنت مستعدًا للنزال كالثور المتأهب، وظهرت أمامهم مثل «منتو» عندما يكون مدججًا بآلات الشجاعة والنصر لهجمة كالصقر، وكان صلِّي الذي على جبيني يجدل العدو، ويرسل لهيبًا من النار في وجه أعدائي، وكنت مثل «رع» (الشمس) عند إشراقي في الصباح المبكر يحرق شعاعي أعضاء العدو، وكان الواحد من بينهم ينادي صاحبه قائلًا: «استعدوا، خذوا حذركم، ولا تقتربوا؛ لأنها «سخمت» العظيمة التي معه على فرسه، ويدها معه، ومن يقترب منه يقابل لهيبًا من النار يحرق أعضاءه.» من أجل ذلك وقف رجال «خيتا» بعيدًا مقبِّلين الأرض، وأيديهم متجهة نحوي، ولكن جلالتي هجم عليهم، وأعملت فيهم السيف دون أن يفلتوا مني، وقد صاروا كومة من الجثث أمام جيادي مجدلين مضرجين بدمائهم، فأرسل أمير «خيتا» الخاسئ متضرعًا لاسم جلالتي العظيم، كما يتضرع الإنسان لاسم «رع» قائلًا: «إنك «ستخ»، و«بعل» في أعضائه، والفزع منك كالنار في أرض «خيتا»، فقصمت ظهر هؤلاء الخيتا إلى الأبد.» ثم أرسل بعد ذلك رسوله بخطاب سار للقلب في يده باسم جلالتي العظيم، واتجه به إلى جلالة قصر «حور» له الحياة والسعادة والصحة (الثور القوي محبوب العدالة)، الملك الذي يحمي جيشه، والقوي بساعده، والجدار لجيشه يوم القتال، والسيد، وملك الوجه القبلي والوجه البحري، سيد الأرضين، فرح القلب (الغني في قوته، والعظيم الفزع) «وسر ماعت ستبن رع» ابن الشمس، عظيم النصر، وسيد السيف «رعمسيس مري آمون» الذي يمنح الحياة أبدًا.» إن الخادم (19) هنا يقول ويعلن، ويجعل الناس يعرفون: أنك ابن «رع»، وخارج من صلبه (أعضائه)، ومن أجل ذلك أعطاك كل الأراضي موحدة جميعًا، ولما كانت أرض مصر وأرض «خيتا» خدمك حقًّا، وتحت قدميك، وهبك «رع» والدك المفخم إياهما، فلا تعاملني بقسوة؛ إن قوتك عظيمة، وسلطانك عظيم في الأرض (خيتا)، فهل من الخير أن تقتل عبيدك، وأن يكون وجهك عابسًا لهم، ولا تأخذك الشفقة بهم؟ إنك قد قمت بمذبحتك أمس، وأعملت السيف في رقاب مئات، وقد جئت اليوم دون أن تترك لنا وارثين، لا تتباطأ في قرارك أيها الملك القوي، إن السلام أكثر خيرًا من الحرب، امنحنا النفس، وبعد ذلك عاد جلالتي في حياة ورضى، وعملت مثل «منتو» في ساعته، وهو المظفر في هجومه، وعندئذ أمر جلالتي أن يؤتى بكل قواد المشاة والفرسان، وجمعت عظمائي لأجعلهم يسمعون السبب الذي من أجله بعث «ملك خيتا» رسالة، وبعد ذلك أسمعتهم الكلام الذي أرسله إليَّ رئيس «خيتا» الخاسئ، فنطقوا بصوت واحد: إن السلام شيء ممتاز جدًّا أيها الملك يا سيدنا، فلا ضرر في الصلح الذي ستبرمه، فما من أحد يستطيع أن يرجوك في اليوم الذي تكون غاضبًا فيه، وعند ذلك أمر جلالته أن يسمع كلامهم؛ أي يصلح مع ملك خيتا، ثم توجه في سلام نحو الجنوب، وعاد جلالته في أمان نحو أرض الكنانة، ومعه مشاته وخيالته، ويرافقه كل الحياة، وكل الثبات وكل الرضى، كما كان الآلهة والإلهات يحفظون جسمه بعد أن صد الأراضي كلها بالفزع الذي كان يبعثه عليهم، وبعد أن حمت شجاعته جيشه، في حين كانت كل البلاد الأجنبية تتعبد إلى وجهه الوضاء، واقترب في سلام نحو أرض مصر إلى بيت «رعمسيس» محبوب «آمون» عظيم النصر، ونزل في قصره «طيبة» مثل «رع» في أفقه، في حين كان آلهة هذه الأرض كانوا يحيونه قائلين: «تعال، تعال يابننا الذي نعزه يا سيد الأرضين، يا ملك الوجه القبلي والوجه البحري، يا «وسر ماعت رع ستبن رع»، وابن الشمس «رعمسيس» محبوب «آمون».» وقد وهبوه ملايين أعياد ثلاثينية مخلدًا على عرش والده «رع»، والأراضي المختلفة، والممالك الأجنبية كلها قد خرَّت تحت نعليه طول الحياة، وإلى الأبد.
...........................................
1- أرض «خيتا»، وتُنطق بالمصرية «خت»، وقد جاء ذكرها في المتون المصرية لأول مرة في عهد «تحتمس الثالث» (راجع Urk IV, p. 701, L 11)، حيث نجد ذِكر هدايا من أميرها لفرعون مصر، ومعنى مثل هذه الهدايا يظهر لنا من فقرة على لوحة «منف» العظيمة التي أقامها «أمنحتب الثاني»، وهي التي كشف عنها حديثًا الدكتور «أحمد بدوي»؛ حيث نجد أمراء «نهرين»، و«ختي»، و«سنجار»، أي أعظم ملوك ثلاثة في شمال آسيا قد مثلوا حاضرين لمصر لوضع أسس المصادقة مع الفرعون على إثر سماعهم بانتصاراته في سوريا، وفي عهد «رعمسيس الثاني» نجد أن هذه البلاد تُذكر باسم بلاد «ختي»، كما نجد في المتن الذي نحن بصدده الآن. وهذه البلاد العظيمة عاصمتها «خاتوشا» (بوغازكوي)، وتقع على الهضبة المرتفعة التي في أواسط آسيا الصغرى شرقي نهر «هاليس» (راجع Gardiner Onomastica I, p. 127)، وتُعرف باسم «ختوشا» (راجع الجزء الخامس).
2- أرض «نهرين أو نهرن»، وهي البلاد التي يقع معظمها بالقرب من شرقي نهر الفرات في مجراه العلوي، وتنطق بالبابلية «نخريما»، أو «ناريما»، وبالعبرية «نهرايم»، وقد جاء أول ذِكر لها في المتون المصرية في عهد «تحتمس الأول» (راجع Urk. IV, p. 9, 10)، ويقصد بها المصريون بلاد «متن» في عهد الأسرة الثامنة عشرة من أول عهد «تحتمس الثالث» وما بعده، وفي عهد الأسرة التاسعة عشرة؛ أي بعد سقوط بلاد «متني» في عهد «حور أمحب» أو قبله، توجد لدينا براهين تدل على أن امتداد بلاد نهرين قد وصل إلى بلدة «حلب»، أو ما بعدها غير أننا لا نعرف سبب ذلك بالضبط (راجع Gardiner Onomastica I, 171 ff.) (راجع الجزء الخامس).
3- أرض «إرثو» (إرزاوا) بالبابلية: وهي معروفة تمامًا من خطابات تل العمارنة وسجلات «بوغازكوي»، وليست بلدة، بل أرضًا أو عدة أراضٍ، وتقع على حسب رأي «جوتس» على ساحل البحر الأبيض المتوسط في الجهة الغربية من الجنوب الغربي من بلاد «خيتا» وهي تشغل بوجه عام مكان إقليم «بامفيليا« Pamphlia الذي ظهر فيما بعد، ولغة هذه البلاد؛ أي (إرزاوا)، وقد عُرفت للمرة الأولى من خطابين من «تل العمارنة» — تُنسب إلى اللغة الهندية الأوروبية، وتُنسب إلى اللغة الخيتية أيضًا، وهي تعرف الآن باللغة اللرية (راجع Ibid. p. 129).
4- »بدس» = «بداسا» وبالخيتية «بتاشتا»، ويقول عنها «سمث» إنها تقع في الجنوب الشرقي من «خاتوشا» أي «بوغازكوي» وشمالي «إرزاوا»، وفي المصور الذي وضعه «جوتس» حديثًا في كتابه عن إقليم «كزواتنا» تقع بالقرب من أرض «إيكونيم« Iconuium خلف الحدود الشمالية الشرقية من بزيديا (Ibid. p. 128-9).
5- بلاد «دردني» (أي الدردنيل) حاليًّا.
6- »ماسا» تقع في «كاريا» جنوبي نهر «مياندر» على الشاطئ الجنوبي الغربي لآسيا الصغرى.
7- أرض «قرقيشا» تقع كذلك في إقليم «كاريا» جنوبي نهر «مياندر» على الساحل الجنوبي الغربي لآسيا الصغرى (راجع Onomastica I, p. 128).
8- أرض «لك» أو «لوكي» موقعها في إقليم «ليسيا» الإغريقي، ولا تبعد كثيرًا عن «كركميش» من الجنوب الشرقي على الشاطئ الجنوبي (Ibid. 128).
9- »كركميش» وهي المدينة المشهورة على أعالي نهر الفرات على مسافة تربى بقليل على مائة كيلومتر من الشمال الشرقي من حلب (Ibid. p. 132).
10- »قدي»: يقع إقليم قدي في شمال بلاد سوريا، غير أنه لا يصل إلى خليج «إيسوس»، ولكن يظهر أنه يمتد إلى مسافة بعيدة نحو الشرق من «كزواتنا»، كما عين موقعها كل من «سمث»، و«جوتس» (راجع Ibid. p. 136).
11- »إكارثا» إقليم في سوريا شمالي «قادش» شرقي نهر الأرنت (العاص).
12- »موشتات» إقليم في شمالي سوريا لا يعرف موقعه بالضبط.
13- كشكش: يوحدها جوتس ببلاد «جشجش» التي ذُكرت في خطابات «تل العمارنة»، وفي لوحة «بوغازكوي» وهذه الأرض تقع على حدود «خيتا» و«إزي»، والأخيرة تقع شمالي المنحنى العظيم في نهر الفرات أسفل «خربوت» ويقول جوتس: إن موقع «جشجش» في الشمال الشرقي من «خاتوشا» أي (بوغاركوي)، ويحتمل على ساحل البحر الأسود شرقي «سمسون« (Onomastica 1, p. 129 & Goetze. Kizzuwatna p. 22 ff, & 40).
14- بلاد «أرون» = طروادة (؟).
15- »قزودنا» = «كلكيا» أو «سلسيا«. (Onomastica Ibid. p. 129).
16- »إكريث» = أو جاريت وهي «رأس الشمرة» الحالية شمالي «اللاذقية» على البحر الأبيض.
17- »نجس» هي «نوخشي» المذكورة في «تل العمارنة» وهي بلاد تشغل مساحة غير معروفة بالضبط بين حمص وحلب (Ibid. p. 178).
18- هذه البلاد قد جاء ذكرها كثيرًا في خطابات «تل العمارنة» وقوم العموريين أو الأموريين كانوا يسكنون بلاد «يوده» وكذلك في ما وراء نهر «الأردن» غير أننا هنا لا نبحث عن حالهم في ذلك الوقت. ويقول الأستاذ «سدني سمث« (Sidney Smith Early Hist. Of Assyria p. 43.) عند كلامه على كلمة «آمور» إنها كانت تستعمل طوال التاريخ لتدل على هضبة صحراء «سوريا»، وكان يختلف امتدادها عندما يتحدث الإنسان عنها بوصفها وحدة سياسية في خلال الألف الثانية ق.م فقد كانت حدودها أحيانًا تنحصر في الإقليم الجبلي المعروف الآن بجبل «الدروز»، وأحيانًا كانت تشمل أراضي من البحر الأبيض المتوسط حتى «حت»، ونحن نتكلم هنا عن هذه البلاد في طورها الأخير من عهد «تل العمارنة» وما بعده، ومع ذلك لا يمكننا أن نحددها بصورة أكيدة لأن هذا الموضوع خاص بالمصادر المسمارية، ففي خطابات «تل العمارنة»، كانت بلاد «آمور» كما ذكرنا بلادًا معروفة وميناؤها «سميرة» وهي أهم مدنها، وكان لها حاكمها الخاص أو أميرها، وهو «عبدي أشرتا» وكان يعترف بالخضوع والطاعة للفرعون، غير أنه في واقع الأمر كان يخضع لنفوذ ملك «خيتا» القوي، وكان ابن «عبدي أشرتا» المسمى «أزيرو» في أول أمره يميل كل الميل إلى جانب مصر، ولكنه لما يئس فيما بعد من وصول أية مساعدة من «إخناتون» الذي كان منهمكًا في إصلاحه الديني؛ أبرم معاهدة مع الفاتح الخيتي «شوبيليوليوما»، وقد استمر «أزيرو» في حدود بلاد «آمور» حتى استولى على بلدة «تونب»، ولكنه فيما بعد خضع للفرعون وبقي سجينًا في مصر مدة، ثم عاد فيما بعد ملكًا على بلاده، ومن ثم بقي محافظًا على ولائه «للخيتا«.
وقد كان أول ذكر في المتون المصرية لبلاد «آمور» في نقوش «سيتي الأول» أي بعد عهد «إخناتون» بنحو نصف قرن تقريبًا، فعلى الجدار الشمالي لمعبد «الكرنك» نجد العبارة المقتصرة القائلة إن هذا الفرعون قد سار لتخريب بلاد «قادش» وبلاد «آمور» (إمعور)، وقد عثر على معاهدتين في سجلات «بوغازكوي» تقص علينا معاملات ملوك «خيتا» لأمراء «آمور» في تلك الفترة (راجع Ed. Meyer Gesch II, 1p. 151) أما في متون موقعة «قادش» التي نحن بصددها الآن فقد ذكرت بلاد «آمور» مرتين ولكن لما لم تكن هذه الإمارة ضمن الحلف الخيتي فلا بد أنها إذن كانت إما موالية لمصر أو على الحياد — وذلك كما جاء في المتن بعد وصف مواقع الفرعون وفيالقه الأربعة قبل نشوب المعركة — ويلاحظ هنا أنه قبل ذكر حضور «خيتا» في وسط جيشه قد حشرت الجملة الغامضة التالية وهي التي قد ترجمها «برستد» (Br. A. R. III § 310)، (وقد ألف جلالته الصف الأول من كل قواد جيشه عندما كانوا على الشاطئ في أرض «آمور» وهو في هذا يشير إلى التوزيع المبدئي الذي قام به «رعمسيس» في جيشه في جنوبي «لبنان» في نقطة ما حيث سار من هناك إلى الداخل، ولكن يقول «جاردنر» في ذلك، إنه يخيل لي أن هذه الجملة تشير إلى القوة التي صوِّرت على كل مناظر المعابد وهي القوة التي وصلت — على حين غفلة — إلى المعركة، ولما وجدوا أن معسكر الفرعون محاط بالعدو هجموا على جنود «خيتا» من الخلف وقد كتب فوق صورة هذه القوة العبارة التالية: «وصول جنود الفرعون الشباب من أرض «آمور».» وقد فسر وصول هؤلاء الجنود الجدد بآراء مختلفة (Br. Battle of Kadesh p. 8)، ومن الجائز أنهم كانوا ضمن الفارِّين من فيلق «آمون» وقد عادوا الآن بعد أن رأوا العدو لم يقتفِ أثرهم بعد، وقد ظن الميجر «برن» — كما سترى بعد — أنهم كانوا تابعين لمؤخرة فيلق «رع» غير أن «برستد» نفسه قد عارض كلا الظنين، فقال: لماذا يقال عن هؤلاء الجنود إنهم حضروا من أرض «آمور»؟ والجواب الوحيد الذي يمكن قبوله في هذا الصدد هو ما قاله المؤرخ (إدورد مير) (Ed. Meyer Ibid. p. 142)، إذ يقول: إنهم كانوا جنود ميدان خاصين وهو ما عبر عنه في المتن المصري بجملة (أول قوة ميدان) وهذه الترجمة يمكن وضعها بدلًا من ترجمة «برستد» (الصف الأول) وهذه الفرقة هي التي اندفعت على الساحل إلى ما وراء «طرابلس»، ومن ثم سارت في الداخل على الطريق الهام الذي يعبر النهر الكبير ويوصل إلى «حمص»، أو بطريق أخرى على بُعد قليل جنوبًا. وإنه لمن الطبعي أن نرى «رعمسيس» يريد هنا أن ينتهز هذه الفرصة إلى أقصى حد في وصف أعمال شجاعته فيقدم لنا تفاصيل قليلة بقدر المستطاع عن القوة التي كانت سببًا في نجاته. والظاهر أن بلاد «خيتا» قد أخضعت بلاد «آمور» (أو «عمور») في السنين التي تلت موقعة «قادش»؛ ولذلك نرى «رعمسيس» في السنة الثامنة من حكمه حكمت عليه الضرورة أن يحاصر بلدة «دابور»، وهي إحدى بلاد «آمور»، وتقع على ما يظهر في إقليم «حلب«.
19- يقصد رسول «خيتا» الذي حمل الرسالة للفرعون.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|