أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-6-2019
2772
التاريخ: 16-5-2021
2948
التاريخ: 2023-06-12
1352
التاريخ: 13-5-2021
2690
|
زواجه صلّى الله عليه وآله بخديجة :
ولقد كانت خديجة «عليها السلام» من خيرة نساء قريش شرفا ، وأكثرهن مالا ، وأحسنهن جمالا ، وكانت تدعى في الجاهلية ب (الطاهرة) ، (1) ويقال لها : (سيدة قريش) ، وكل قومها كان حريصا على الاقتران بها لو يقدر عليه (2).
وقد خطبها عظماء قريش ، وبذلوا لها الأموال.
وممن خطبها عقبة بن أبي معيط ، والصلت بن أبي يهاب ، وأبو جهل ، وأبو سفيان (3) فرفضتهم جميعا ، واختارت النبي «صلى الله عليه وآله» ، لما عرفته فيه من كرم الأخلاق ، وشرف النفس ، والسجايا الكريمة العالية. ونكاد نقطع ـ بسبب تضافر النصوص ـ بأنها هي التي قد أبدت أولا رغبتها في الاقتران به «صلى الله عليه وآله».
فذهب أبو طالب في أهل بيته ، ونفر من قريش إلى وليها ، وهو عمها عمرو بن أسد ؛ لأن أباها كان قد قتل قبل ذلك في حرب الفجار أو قبلها (4).
وأما أنه خطبها إلى ورقة بن نوفل ، وعمها معا ، أو إلى ورقة وحده (5) فمردود ، بأنه : قد ادعي الإجماع على الأول (6).
وأما أنا فلا أدري ما أقول في ورقة هذا. وفي كل واد أثر من ثعلبة ، فهو يحشر في كل كبيرة وصغيرة ، فيما يتعلق بالرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» ، وإن ذلك ليدعوني إلى الشك في كونه شخصية حقيقية ، أو أسطورية.
ويلاحظ : أن نفس الدور الذي يعطى لأبيها تارة ، ولعمها أخرى ، يعطى لورقة بن نوفل ثالثة حتى الجمل والكلمات ، فضلا عن المواقف والحركات ، فلتراجع الروايات التي تحكي هذه القضية ، وليقارن بينها (7) ، وسيأتي إن شاء الله مزيد من الكلام حول ورقة هذا.
نعود إلى القول : إن أبا طالب قد ذهب لخطبة خديجة ، وليس حمزة الذي اقتصر عليه ابن هشام في سيرته (8) لأن ذلك لا ينسجم مع ما كان لأبي طالب من المكانة والسؤدد في قريش ، من جهة ، ولأن حمزة كان يكبر النبي «صلى الله عليه وآله» بسنتين أو بأربع (9) كما قيل من جهة أخرى.
هذا بالإضافة إلى مخالفة ذلك لما يذكره عامة المؤرخين في المقام.
وقد اعتذر البعض عن ذلك : بأن من الممكن أن يكون حمزة قد حضر مع أبي طالب ؛ فنسب ذلك إليه (10).
وهو اعتذار واه ؛ إذ لماذا لم ينسب ذلك إلى غير حمزة ، ممن حضر مع أبي طالب من بني هاشم وغيرهم من القرشيين؟!.
ويظهر : أن ثمة من يهتم بسلب هذه المكرمة عن أبي طالب «عليه السلام» ، وإعطائها لأي كان من الناس سواه ، سواء لحمزة ، أو لغيره ، ولا ضير في ذلك عنده ما دام أنه قد استشهد في وقت مبكر.
خطبة أبي طالب رحمه الله :
وعلى كل حال فقد خطبها أبو طالب له «صلى الله عليه وآله» قبل بعثته «صلى الله عليه وآله» بخمس عشرة سنة ، على المشهور.
وقال في خطبته ـ كما يروي المؤرخون ـ : «الحمد لرب هذا البيت ، الذي جعلنا من زرع إبراهيم ، وذرية إسماعيل ، وأنزلنا حرما آمنا ، وجعلنا الحكام على الناس ، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه.
ثم إن ابن أخي هذا ـ يعني رسول الله «صلى الله عليه وآله» ـ ممن لا يوزن برجل من قريش إلا رجح به ، ولا يقاس به رجل إلا عظم عنه ، ولا عدل له في الخلق ، وإن كان مقلا في المال ؛ فإن المال رفد جار ، وظل زائل ، وله في خديجة رغبة ، وقد جئناك لنخطبها إليك ، برضاها وأمرها ، والمهر علي في مالي الذي سألتموه عاجله وآجله.
وله ـ ورب هذا البيت ـ حظ عظيم ، ودين شائع ، ورأي كامل» (11).
نظرة في كلمات أبي طالب :
وخطبة أبي طالب المتقدمة تظهر مكانة الرسول الفضلى في قلوب الناس ، وهي صريحة في أن الناس كانوا يجدون في الرسول علامات النبوّة ونور الهداية ، ويتوقعون أن يكون هو الذي بشر به عيسى وموسى «عليهما السلام» ، وأنه كان لا يوزن به أحد إلا رجح به ، ولا يقاس به رجل إلا عظم عنه.
ثم إن كلمات أبي طالب تدل دلالة واضحة على ما كان يتمتع به بنو هاشم ، من شرف وسؤدد ، حتى ليقول «رحمه الله» : وجعلنا الحكام على الناس.
وتدل أيضا : على أن العرب كانت تعتبر الحرم موضع أمن للقاصي والداني ، وقد تقدم ما يدل على ذلك أيضا.
ثم إن حديثه عن فقر النبي «صلى الله عليه وآله» ، وإعطاء الضابطة للتفضيل بين الرجال ، يدل على واقعية أبي طالب ، وأنه ينظر إلى الإنسان بمنظار سام ونبيل ، كما أنه يتعامل مع الواقع بحنكة ووعي وأناة.
وبعد ، فإن كلماته تلك تدل أيضا : على أن قريشا كانت تعتبر انتسابها إلى إبراهيم وإسماعيل ، وسدانتها للبيت ، كل شيء بالنسبة لها ، وقد أشرنا إلى هذا الأمر في الفصل الأول.
ولتراجع خطبة أبي طالب «رحمه الله» حين موته ، والتي يخاطب بها قريشا ، فإنها خطبة جليلة ، لا تبتعد عن هذه الخطبة في مراميها وأهدافها.
ودين شائع :
ويتساءل بعض المحققين هنا : أنه كيف يمكن الجمع بين قوله : «ودين شائع» ، وبين قوله تعالى : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ)(12) ، وقوله : (وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ)(13).
وجوابه :
أولا : قد يقال : إن الآيات ربما تكون ناظرة إلى المراحل الأولى من حياة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» فهو لم يكن يعلم ، ثم علم ، وأما متى علم ؛ فالآيات لا تحدد لنا ذلك ؛ فلربما يكون قد علم حينما كان في سن العشرين مثلا ، أو قبل ذلك أو بعده.
بل لعله علمه منذ صغره ، فقد دلت الروايات على أنه «صلى الله عليه وآله» كان نبيا منذ ذلك الحين ..
بل في الروايات : «كنت نبيّا وآدم بين الروح والجسد» أو نحو ذلك.
وثانيا : إن السيد الطباطبائي يقول : إن الآيات ناظرة إلى نفي العلم التفصيلي ، أما العلم الإجمالي فقد كان موجودا ، لأن عبد المطلب وأبا طالب وغيرهما كانوا مؤمنين بالله ، وكتبه إجمالا ، والنبي أيضا كذلك (14) ، لا سيما إذا قوّينا أنه «صلى الله عليه وآله» كان نبيّا منذ صغره ـ كما ذهب إليه البعض ـ ولسوف يأتي ذلك إن شاء الله تعالى في فصل بحوث تسبق السيرة.
وثالثا : إن من معاني الدين : «السيرة ، والتدبير ، والورع ، والعادة ، والشأن» ؛ فلعل القصد في هذه العبارة كان إلى أحد هذه المعاني.
ورابعا : إن هذه الآيات بمثابة قضية شرطية مفادها : أنه «صلى الله عليه وآله» لو لا لطف الله به لم يكن يدري ما الكتاب ولا الإيمان ، لأنك أنت بنفسك وبما لديك من قدرات ذاتية لست قادرا على شيء وكذلك هو «صلى الله عليه وآله» لم يكن يرجو ذلك لو لا الله سبحانه.
وخامسا : لماذا لا يكون المقصود بالدين الشائع هو دين إبراهيم «عليه السلام»؟!
وسادسا : قد يكون المقصود هو التنبؤ بما سيكون له في المستقبل من حيث إن أبا طالب أدرك مما يراه له من معجزات أنه نبي ، وأنه سيكون خاتم الرسل والأنبياء.
مهر خديجة :
وعلى كل حال ، فإن أبا طالب قد ضمن المهر في ماله ، كما هو صريح خطبته ، ولكن خديجة رضوان الله تعالى عليها عادت فضمنت المهر في مالها ، فقال البعض : يا عجبا! المهر على النساء للرجال؟!
فغضب أبو طالب ، وقال : إذا كانوا مثل ابن أخي هذا طلبت الرجال بأغلى الأثمان ، وأعظم المهر ، وإن كانوا أمثالكم لم يزوجوا إلا بالمهر الغالي.
ولكن يبقى : أن بعض الروايات تفيد : أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» نفسه قد أمهرها عشرين بكرة (15) وذلك ينافي أن يكون أبو طالب قد ضمن المهر ، أو هي ضمنته دونه ، أو هي لأبي طالب.
إلا أن يكون المراد : أنه «صلى الله عليه وآله» قد أمهرها بواسطة أبي طالب.
وقيل : إن عليا «عليه السلام» هو الذي ضمن المهر ، قالوا : «وهو غلط ، لأن عليا «عليه السلام» لم يكن ولد على جميع الأقوال في مقدار عمره» (16).
ويرد عليه : أن ثمة أقوالا ـ وإن كنا نقطع بعدم صحتها ـ تفيد : أنه «عليه السلام» قد ولد قبل البعثة بعشرين ، أو بثلاث وعشرين سنة ، ولذا قال مغلطاي : «وهو غلط ، كان علي إذ ذاك صغيرا لم يبلغ سبع سنين» (17).
ونحن نغلط هذه الأقوال ، ونستغربها ، إذ إن ذلك معناه : أنه «عليه السلام» قد استشهد وعمره ست وسبعون سنة ، وهو ما لم يقل به أحد.
فنحن لا نقبل قول مغلطاي ، ولا نقبل قول أولئك الذين يزعمون أنه قد ضمن المهر ، وذلك لما سيأتي في تاريخ ميلاده «عليه الصلاة والسلام».
ثم نقول : إن أبا هلال العسكري ذكر أنه لما قيل : من يضمن المهر؟
قال علي وهو صغير : «أبي فلما بلغ الخبر أبا طالب جعل يقول : بأبي أنت وأمي» (18).
ولربما يمكن تقريب هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار ما يقال : من أن عليا «عليه السلام» قد ولد قبل البعثة بعشر أو بخمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة ، بل بثلاث وعشرين سنة ، حسب بعض الأقوال النادرة ، ثم قارنا بينها وبين الأقوال التي تقرر : أنه «صلى الله عليه وآله» قد تزوج خديجة وهو ابن ثلاثين سنة ، أي قبل البعثة بعشر سنوات ، سنة ولادة علي «عليه السلام» ، أو وهو ابن سبع وثلاثين سنة ، كما عن ابن جريج (19) أي قبل البعثة بثلاث سنوات ، وقيل : تزوجها قبل البعثة بخمس سنين (20).
فلعله «عليه السلام» قد قال ذلك وهو طفل صغير فاستحسن ذلك منه أبوه أبو طالب.
وعن مقدار المهر ، قيل : إنه عشرون بكرة ، وقيل : إثنا عشر أوقية ونش ، أي ما يعادل خمس مئة درهم ، وقيل غير ذلك (21).
عمر خديجة حين الزواج :
ويلاحظ هنا : مدى الاختلاف والتفاوت في عمر خديجة حين اقترانها بالرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله».
وهو يتراوح ما بين ال ٢٥ سنة إلى ال ٤٦ سنة وهو على النحو الآتي :
ألف ـ ٢٥ سنة وصححه البيهقي (22).
ب ـ ٢٨ سنة هو ما رجحه كثيرون (23).
ج ـ ٣٠ سنة (24).
د ـ ٣٥ سنة (25).
ه ـ ٤٠ سنة (26).
و ـ ٤٤ سنة (27).
ز ـ ٤٥ سنة (28).
ح ـ ٤٦ سنة (29).
وقد تقدم : أن الكثيرين قد رجحوا القول الثاني ، كما ذكره ابن العماد ، أما البيهقي فقد صحح القول الأول ، حيث قال : «بلغت خديجة خمسا وستين سنة ، ويقال : خمسين سنة ، وهو أصح» (30).
فإذا كانت «رحمها الله» قد تزوجت برسول الله قبل البعثة بخمس عشرة سنة كما جزم به البيهقي نفسه (31).
فإن ذلك معناه : أن عمرها حين زواجها كان خمسا وعشرين سنة ، ورجح هذا القول غير البيهقي أيضا (32).
أما الحاكم ، الذي روى لنا القول الثاني المتقدم عن ابن إسحاق ، فإنه لم يوضح لنا حقيقة ما يذهب إليه ، غير أنه حين روى عن هشام بن عروة قوله : إن خديجة قد توفيت وعمرها خمس وستون سنة ، قال : «هذا قول شاذ ، فإن الذي عندي : أنها لم تبلغ ستين سنة» (33).
فكلامه هذا يدل على أنه يعتبر القول بأنها قد تزوجت بالنبي وعمرها أربعون سنة ، شاذ.
ويرى : أن عمرها كان أقل من خمس وثلاثين حينئذ ، ولكنه لم يبين القول الذي يذهب إليه ، هل هو ثلاثون؟.
أو ثمان وعشرون؟.
أو خمس وعشرون؟.
يتيم قريش ، أكذوبة مفضوحة :
وعن ابن إسحاق : أن خديجة قالت له «صلى الله عليه وآله» : يا محمد ، ألا تتزوج؟
قال : ومن؟
قالت : أنا.
قال : ومن لي بك؟ أنت أيّم قريش ، وأنا يتيم قريش؟.
قالت : إخطب إلخ .. (34).
بل يذكر البعض : أن أبا طالب قال للنبي «صلى الله عليه وآله» : أخاف ألا يفعلوا ، أيّم قريش ، وأنت يتيم قريش ، ثم إن أبا طالب أرسل بدلا عنه حمزة ؛ لأنه خاف إن ذهب بنفسه أن يردوه فتكون الفضيحة (35).
وفي نص آخر : أن خديجة حين طلبت من أبي طالب أن يخطبها لمحمد من عمها ، قال أبو طالب لها : «يا خديجة ، لا تستهزئي» (36).
ونحن لا نشك في كذب كل ذلك ؛ إذ كيف يمكن أن يصدر ذلك من رجل يزيد عمره على الخمس وعشرين عاما : أن يصف نفسه بأنه : يتيم ، هذا مع العلم بأنه قد نشأ وتربى في أعرق بيت في العرب ؛ فكيف لم يكن يعرف أن اليتيم لا يطلق في لغة العرب إلا على غير البالغ؟!.
وأيضا ؛ فإن صدور ذلك من رجل هو في عقل وإدراك ، وشخصية النبي «صلى الله عليه وآله» ، والذي هو من أعرق عائلة عربية ، وأشرفها ، والذي كان في إبائه وسمو نفسه يفوق كل وصف ، ويتجاوز كل حد ـ إن صدور ذلك منه ـ يكاد يلحق بالمستحيلات والممتنعات.
ثم إنه لماذا اتصف محمد «صلى الله عليه وآله» فقط باليتم؟ مع أن عبد المطلب قد مات وابناه العباس وحمزة صغيران لم يبلغا الحلم؟! (37).
والظاهر هو : أن هذا من مجعولات أعداء الدين ، أو من أهل الكتاب ، أو من أذناب بني أمية ، الذين كانوا يحاولون الحط من شأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كما قدمناه في الجزء الأول من هذا الكتاب.
وهكذا يقال تماما بالنسبة لما ينسب لأبي طالب «عليه السلام» ، لا سيما وأنه هو نفسه يقرّض النبي بذلك التقريض العظيم المتقدم.
ولعل الأصح هو : أن القائل لذلك هو نساء قريش ، كما سيأتي حين الحديث عن عدم صحة ما يقال من زواجها من رجلين قبله «صلى الله عليه وآله».
وهكذا يقال تماما بالنسبة لما يقال : من أن عمها كان يأنف من أن يزوجها من محمد ، يتيم أبي طالب (38) ؛ فاحتالت هي عليه حتى سقته الخمر ، فزوجها في حال سكره ؛ فلما أفاق ، ووجد نفسه أمام الأمر الواقع لم يجد بدا من القبول.
وكذا قولهم : إنه «صلى الله عليه وآله» قد دخل على خديجة قبل التزويج ، فأخذت بيده فضمتها إلى صدرها (39) ، إلى غير ذلك من كلام عجيب وغريب ، يتناقض تماما مع كل أخلاق وسجايا النبي «صلى الله عليه وآله» وسيرته ، فإن كل ذلك كذب ، ليس الهدف منه إلا الحط من كرامة النبي «صلى الله عليه وآله» وتنقصه من قبل أعداء الإسلام ، ومصائد الشيطان ، نعوذ بالله من الخذلان.
هل تزوج صلّى الله عليه وآله خديجة طمعا في مالها؟!
هذا ، وقد جاء في كلمات بعض المتهمين على الإسلام كلام باطل ، تكذبه كل الشواهد التاريخية ، وهو أنه «صلى الله عليه وآله» إنما تزوج خديجة طمعا في مالها (40).
ولسنا نريد الإسهاب في الإجابة على هذا الهذيان ، فإن حياة النبي «صلى الله عليه وآله» من بدايتها إلى نهايتها لخير شاهد على أنه «صلى الله عليه وآله» ما كان يقيم للمال وزنا.
وقد أنفقت خديجة سلام الله عليها كل أموالها طائعة راغبة ، ليس على النبي «صلى الله عليه وآله» وملذاته ، وإنما على الدعوة إلى الإسلام ، وفي سبيل هذا الدين.
وأيضا ، فإن خديجة هي التي عرضت نفسها على النبي «صلى الله عليه وآله» (41) ولم يتقدم هو «صلى الله عليه وآله» بطلب يدها ، ليقال : إنه إنما فعل ذلك طمعا في مالها.
ويرى الشيخ محمد حسن آل ياسين أن حبه «صلى الله عليه وآله» وتقديره لها في أيام حياتها بل وبعد مماتها ، حتى لقد كان ذلك منه يثير بعض زوجاته اللواتي ما رأين ولا عشن مع خديجة ، دليل واضح على بطلان هذا الزعم (42).
خديجة مثل أعلى :
وبالنسبة لعرض خديجة نفسها عليه «صلى الله عليه وآله» نقول : هكذا تفعل الحرة العاقلة اللبيبة ، فلا تغرها زبارج الدنيا وبهارجها ، ولا تبحث عن اللذة لأجل اللذة ، ولا عن المال والشهرة ، وإنما تبحث عما يخدم هدفها الأسمى في الحياة ، فتفعل كما فعلت خديجة : ترد زعماء قريش ، أصحاب المال والجاه ، والقدرة ، والسلطان ، وتبحث عن رجل فقير لا مال له ، تبادر هي لعرض نفسها عليه ؛ لأن كل ذلك لا يملأ عينها ، لأنه كله ربما يكون سببا في تدمير الحياة والإنسان ، وحتى الإنسانية جمعاء ، وإنما هي تنظر فقط إلى الأخلاق الفاضلة ، والسجايا الكريمة ، وإلى الواقعية في التعامل ، والسمو في الهدف.
لأن كل ذلك هو الذي يسخر المال ، والجاه ، والقوة ، وكل شيء لخدمة الإنسان والإنسانية ، وتكاملها في الدرجات العلى.
__________________
(1) راجع الإصابة ج ٤ ص ٢٨١ ـ ٢٨٢ والبداية والنهاية ج ٢ ص ٢٩٤ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ الترجمة النبوية ص ١٥٢ وقسم السيرة النبوية ص ٢٣٧ وتهذيب الأسماء ج ٢ ص ٣٤٢ والاستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٤ ص ٢٧٩ والإصابة ج ٤ ص ٢٨١ وسيرة مغلطاي ص ١٢ وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ١١١ والمواهب اللدنية ج ١ ص ٣٨ و ٢٠٠ والروض الأنف ج ١ ص ٢١٥ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٤ وأسد الغابة ج ٧ ص ٧٨ ط دار الشعب والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٧ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٥٥ والثقات ج ١ ص ٤٦.
(2) راجع : البداية والنهاية ج ٢ ص ٢٩٤ وبهجة المحافل ج ١ ص ٧ ، والسيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ٢٠١ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٣ وطبقات ابن سعد ج ١ ص ١٣١ ط دار صادر والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٧ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٥٥.
(3) البحار ج ١٦ ص ٢٢.
(4) كشف الغمة ج ٢ ص ١٣٩ ، والبحار ج ١٦ ص ١٢ عنه وص ١٩ عن الواقدي ، وراجع : الأوائل ج ١ ص ١٦٠ وفي السيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٨ : أن المحفوظ عن أهل العلم أنه مات قبل الفجار ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٤ ، وتهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ٣٠٣ عن الواقدي ، والإصابة ج ٤ ص ٢٨٢ والبداية والنهاية ج ٢ ص ٢٩٦.
(5) البحار ج ١٦ ص ١٩ عن الواقدي والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٢٩ والكافي ج ٥ ص ٣٧٤ ـ ٣٧٥ ، وفيه أن ورقة كان عم خديجة وكذا في البحار ج ١٦ ص ١٤ و ٢١ عنه وعن البكري ، وهو غير صحيح لأن ورقة هو ابن نوفل بن أسد وخديجة هي بنت خويلد بن أسد.
(6) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٧.
(7) راجع المصادر المتقدمة والآتية.
(8) راجع : سيرة ابن هشام ج ١ ص ٢٠١ والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٨ ونقل أيضا عن المحب الطبري.
(9) تقدمت مصادر ذلك حين الحديث حول إرضاع ثويبة لرسول الله «صلى الله عليه وآله».
(10) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٩.
(11) الكافي ج ٥ ص ٣٧٤ ـ ٣٧٥ ، والبحار ج ١٦ ص ١٤ عنه وص ١٦ عمن لا يحضره الفقيه ص ٤١٣ ، وفي ص ٥ عن شرف المصطفى ، والكشاف ، وربيع الأبرار والإبانة لابن بطة ، والسيرة للجويني ، عن الحسن والواقدي ، وأبي صالح والعتبي ، والمناقب ج ١ ص ٤٢ ، والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٩ ، وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢٠ ، والأوائل لأبي هلال ج ١ ص ١٦٢ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٤ والمواهب اللدنية ج ١ ص ٣٩ وبهجة المحافل ج ١ ص ٤٨ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٥٥.
(12) الآية ٥٢ من سورة الشورى.
(13) الآية ٨٦ من سورة القصص.
(14) راجع : تفسير الميزان ج ١٨ ص ٧٧.
(15) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٨ وراجع : تاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٥ والسيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ٢٠١ والسيرة النبوية لابن كثير ج ١ ص ٢٦٣ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ١٠٧.
(16) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٩ عن الفسوي في كتاب : ما روى أهل الكوفة مخالفا لأهل المدينة ، وسيرة مغلطاي ص ١٢ ، والأوائل ج ١ ص ١٦١.
(17) سيرة مغلطاي ص ١٢.
(18) الأوائل لأبي هلال العسكري ج ١ ص ١٦١.
(19) راجع تاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٤ ، وراجع : مجمع الزوائد ج ٩ ص ٢١٩.
وذكرت بعض الأقوال في التبيين في أنساب القرشيين ص ٦٢ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢٠ ومختصر تاريخ دمشق ج ٢ ص ٢٧٥ قيل : تزوجها وهو ابن ثلاثين سنة وكذا في الاستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٤ ص ٢٨٨ وسيرة مغلطاي ص ١٢ ومثله في المواهب اللدنية ج ١ ص ٣٨ و ٢٠٢ والروض الأنف ج ١ ص ٢١٦.
(20) الأوائل ج ١ ص ١٦١.
(21) راجع : السيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٨ و ١٣٩.
(22) دلائل النبوة للبيهقي ط دار الكتب العلمية ج ٢ ص ٧١ والبداية والنهاية ج ٢ ص ٢٩٤ و ٢٩٥ ومحمد رسول الله ، سيرته وأثره في الحضارة ص ٤٥ وراجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ١ ص ٢٦٥ والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠.
(23) شذرات الذهب ج ١ ص ١٤ واقتصر عليه في بهجة المحافل ج ١ ص ٤٨. ورواه عن ابن عباس كل من : أنساب الأشراف (قسم حياة النبي «صلى الله عليه وآله») ص ٩٨ وتهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ٣٠٣ وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ١١١ ومختصر تاريخ دمشق ج ٢ ص ٢٧٥ ، والبحار ج ١٦ ص ١٢ عن الجنابذي ، كلهم عن ابن عباس.
ورواه في مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٨٢ عن ابن إسحاق ، دون أن يذكر له قولا آخر ، وراجع سيرة مغلطاي ص ١٢ والمحبر ص ٧٩ وتهذيب الأسماء ج ٢ ص ٣٤٢ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٤ والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠.
(24) راجع : السيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٤ وسيرة مغلطاي ص ١٢ وتهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ٣٠٣.
(25) البداية والنهاية ج ٢ ص ٢٩٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ١ ص ٢٦٥ وراجع : السيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠.
(26) أنساب الأشراف (قسم حياة النبي «صلى الله عليه وآله») ص ٩٨ وسيرة مغلطاي ص ١٢ والمحبر ص ٤٩ والمواهب اللدنية ج ١ ص ٣٨ و ٢٠٢ وشذرات الذهب ج ١ ص ١٤ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٤ وأسد الغابة (دار الشعب) ج ٧ ص ٨٠ والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٥٥ ط دار المعرفة وراجع : تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ١٥٢ ومختصر تاريخ دمشق ج ٢ ص ٢٧٥ وتهذيب الأسماء ج ٢ ص ٣٤٢ والطبقات الكبرى لابن سعد ط صادر ـ ج ١ ص ١٣٢ ، والبحار ج ١٦ ص ١٩ و ١٢ وتهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ٣٠٣ ، عن حكيم بن حزام.
(27) تهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ٣٠٣ عن الواقدي.
(28) تهذيب الأسماء ج ٢ ص ٣٤٢ ومختصر تاريخ دمشق ج ٢ ص ٢٧٥ عن الواقدي والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠ وراجع : سيرة مغلطاي ص ١٢ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٠١.
(29) راجع : أنساب الأشراف (قسم حياة النبي «صلى الله عليه وآله») ص ٩٨.
(30) دلائل النبوة ج ٢ ص ٧١.
(31) دلائل النبوة ج ٢ ص ٧٢ ط دار الكتب العلمية والبداية والنهاية ج ٢ ص ٢٩٥ ، وغير ذلك كثير.
(32) محمد رسول الله : سيرته ، وأثره في الحضارة ص ٤٥.
(33) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٨٢.
(34) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٨.
(35) الأوائل لأبي هلال العسكري ج ١ ص ١٦٠ ـ ١٦١.
(36) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٨.
(37) هذا ما ذكره المحقق البحاثة السيد مهدي الروحاني حفظه الله.
(38) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٨ وتاريخ الإسلام (السيرة النبوية) ص ٦٥ ط دار الكتاب العربي ، ومسند أحمد ج ١ ص ٣١٢ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٢٢٠.
(39) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠.
(40) النبوة ، للشيخ محمد حسن آل ياسين ص ٦٣.
(41) البداية والنهاية ج ٢ ص ٢٩٤ والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٧ والسيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ٢٠٠ ـ ٢٠١ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٤.
(42) كتاب النبوة ص ٦٣.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|