أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-1-2021
6439
التاريخ: 1-8-2022
1580
التاريخ: 1-2-2016
2101
التاريخ: 2-2-2016
2355
|
- تأصيل هذا السبب :
يترتب على وقوع الجريمة نشوء حق للدولة في عقاب. مرتكبها . وهذا الحق لا تستطيع الدولة اضاءه الا عن طريق الدعوى ، لان الدعوى هي الوسيلة التي رسمها القانون، لاقتضاء الحقوق امام القضاء
ومن هنا فانه بوقوع الجريمة تنشا رابطة قانونية طرفها الايجابي صاحب الحق) هو الدولة وطرفها السلبي ( من يقع عليه الالتزام ) هو مرتكب الجريمة(1) .
ولان المسئولية الجنائية تقوم على مبدا و الشخصية ، فان هذه الرابطة القانونية لا بد أن تكون د رابطة شخصية ، ومن ثم فلا يستطيع شخص آخر غير الدولة ان يقتضي ذلك الحق(2) ، ولا يمكن الشخص آخر غير المتهم أن يؤدي ذلك الالتزام .
على هذا الأساس فان وفاة الجاني تجعل اقتضاء الحق مستحيلا الان " شخص "الملتزم لم يعد له وجود ، فاذا كان الحق لم يعد له وجود ، فان وسيلة اقتضائه ايضا ( الدعوى ) تنقضي بالضرورة . وهكذا فان وفاة المدعى عليه يترتب عليها انقضاء الدعوى العامة تأسيسا على انقضاء الحق في العقاب .
- الوفاة في المراحل المختلفة للدعوى :
الوفاة واقعة مادية ترتب اثرا في نطاق قانون الاصول ( الاجراءات ) الجزائية هو القضاء الدعوى العامة ، بما يترتب عليها من آثار . ولا فهو من قبيل " الوقائع القانونية " وهذا ما قررته المادتان 435 و 436 عندما قضت الاولى بانه « تسقط دعوى الحق العام بوفاة المدعى عليه ». وقضت به الثانية بقولها « تسقط دعوى الحق العام بوفاة المدعى عليه سواء اكان لجهة تطبيق العقوبة الاصلية او العقوبة الاضافية أو الفرعية »(3)
ومقتضى ذلك أن الأثر القانوني لوفاة المدعى عليه ( او الظنين او المتهم ) هو د انقضاء الدعوى العمومية . وهذا الأثر يجب القضاء به وذلك بإصدار القرار الملائم في المرحلة التي بلغتها الدعوى العمومية ، ففي مرحلة الملاحقة ، يجب اصدار قرار بالحفظ . وفي مرحلة التحقيق يجب اصدار قرار بمنع المحاكمة ( قرار بالأوجه لإقامة الدعوى ) . وفي مرحلة المحاكمة ( ومراجعة الأحكام ) يجب اصدار قرار بانقضاء الدعوى(4) ، (5) .
وهذا الأثر انما ينصرف بداهة الى الدعوى العامة ، لان الدعوى العامة هي وحدها التي يستحيل عندئذ اقتضاء الحق فيها (حق العقاب). ومعنى ذلك أن الدعوى المدنية تظل قائمة ومن الممكن أن يحكم فيها بالتعويض (6) .
كما أن هذا الأثر انما ينصرف الى كل ما هو د شخصي ) من عقوبة او تدبير احترازي . ولذا فان وفاة المدعى عليه لا تمنع من المصادرة العينية لان المصادرة العينية ليست عقوبة او تدبيرا شخصيا وانما هي تتعلق بشيء ممنوع حيازته في اي بد تكون ( راجع المادة 436 من قانون الاصول الجزائية اللبناني والمادة 14 اجراءات مصري معطوفة على المادة 30 عقوبات مصري (7)
كما أن هذا الأثر ينصرف الى المتهم المتوفي وحده دون غيره من الفاعلين او الشركاء او المتدخلين في الجريمة . ولا يرد على ذلك المبدأ استثناء الا في خصوص جريمة الزنا . فمن المسلم به فقها وقضاء أن الشريك في الزنا يفيد من موقف الزوجة ويرتبط مصيره - في الدعوى - بمصيرها . فعدم تقديم الشكوى في حقها يمنع تحريك الدعوى في مواجهته . والتنازل عن عقوبة الزوجة يفيد معنى التنازل عن عقوبته أيضا ، والحكم بانقضاء الدعوى - لسبب أو لآخر . يمنع من استمرار الخصومة قبله . ذلك أن الزنا ليست جريمة ضد فرد ( الزوج) ولكنها ايضا جريمة في حق الأسرة ، ومن ثم فلا يسوغ التحايل على اثارتها في مواجهة الشريك عندما تكون اثارتها في مواجهة الزوجة ممتنعة .
- الغلط في واقعة « الوفاة »:
هذا الأثر القانوني ( انقضاء الدعوى العامة ) يفترض بداهة أن تكون واقعة " الوفاة " حقيقية . بيد انه قد يحدث أن يقع القاضي في " الغلط " بصدد هذه الواقعة القانونية ، فيعتقد أن المتهم لا زال حيا ( والحقيقة أنه قد توفي قبل صدور حكم في الموضوع بالإدانة او البراءة).
او يحدث العكس ، فيعتقد أن المتهم قد توفي ( فيحكم بانقضاء الدعوى ) ثم يظهر بعد ذلك انه لا زال حيا . فما حكم الغلط في هذين الفرضين ؟
(أ) في الفرع الأول : اذا صدر حكم في الموضوع يقضي بالإدانة أو البراءة لان القاضي لا يعلم أن المحكوم عليه قد توفي قبل صدور الحكم ، فان الحكم يكون قد صدر " معدوما " ، لان من شرائط الحكم " وجود " اطراف الخصومة ، ومنهم المتهم حتما (8) .
ومن المعلوم أن " المعدوم " لا حكم له في القانون ، ومن هنا فالدقة تقضي بعدم جواز الطعن فيه ولا اعادة عرضه أمام المحكمة التي اصدرته لتصحيحه . ومع هذا فان القضاء في مصر ( وفي ليبيا ) ، يميل الى اعتبار هذه الحالة من حالات "الخطأ المادي" التي يتيح للمحكمة التي اصدرت الحكم سلطة تصحيحه (م 337 اجراءات مصري و 310 اجراءات ليبي )(9).
وبرغم أن « الغلط في الواقع ، لا يمكن اعتباره من قبيل و الخطأ المادي » faute de plume أن الوقائع التي استند اليها القاضي في حكمه ليست وقائع صحيحة وانما مغلوطة ، الا اننا نرى أن الحل الذي ارتضته محكمة النقض هو اقرب الحلول الى الواقع وذلك حتى يتدخل المشرع فيعطي للمحكمة التي أصدرت الحكم سلطة تصحيحه في حالة الخطأ المادي والغلط في الواقع على حد سواء .
(ب) في الفرض الثاني : هنا وقعت المحكمة ايضا في غلط و غلط دفعها الى ان تعلن « انقضاء الدعوى » تبعا لانقضاء حق الدولة في العقاب بوفاة الجاني .
وقد يكون وقوعها في الغلط نتيجة تدليس ( غش او تزوير او شهادة زور ) وهي من الحالات التي تبرر اعادة المحاكمة ( الالتماس بأعاده النظر ) في القانون(10) .
وقد لا يكون الغلط نتيجة تدليس من احد ، وهنا لا سبيل إلى اعادة المحاكمة من جديد . بيد أن مثل هذا الحل يعتبر حلا قلقا : فهو من ناحية يتطلب قيام حالة محددة من حالات اعادة النظر . وهو من ناحية ثانية يتطلب ان يكون ثمة « حكم نهائي » ولا يمكن اعتبار الحكم بانقضاء الدعوى " حكما نهائيا " و لأنه حكم لا يصدر في الموضوع لا بالإدانة أو البراءة .
ومن اجل هذا فنحن نوافق على الحل الذي انتهت اليه محكمة النقض من ان الحكم بانقضاء الدعوى ليس حكما في موضوع الدعوى ، وانما هو مجرد و اعلان ، عن قرار المحكمة بالوقوف بالدعوى عند ذلك الحد(11) . اي اعلان من المحكمة و " بالكف " عن نظر الخصومة لغياب طرف من أطرافها .
والنتيجة المنطقية التي تبني على ذلك انه اذا ظهر فيما بعد ان المتهم لا زال حيا فلا بد للمحكمة أن تعود الى الخصومة التواصل نظرها لأنها لم تصدر في الحقيقة بعد حكما في الموضوع ، في حين انها ملزمة بأن تفصل في موضوع النزاع (12) .
__________
1- راجع فقرة 57 ، وراجع ايضا ، عبد الفتاح الصيفي ، تأصيل الاجراءات الجنائية، فقرة53 ص126 .
2- ما لم يتم ذلك بناء على " تفويض " من الدولة ذاتها لدولة أخرى لمعاقبة الجاني ، كما هو الشأن في معاهدات سليم المجرمين ( الاسترداد ).
3- وهذا ما تقتضي به ايضا المادة 14 من قانون الإجراءات المصري :" تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة التهم ولا يمنع من ذلك الحكم بالصادرة في الحالة المنصوص عليها بالفترة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات اذا حدثت الوفاة نظر الدعوى ".
4-وهذا القضاء واجب حتى ولو تجمعت لدى القاضي - قبل وفاة المتهم - ادلة كافية على البراءة او على أن الفعل لا بكون جريمة في القانون ، ذلك أنه - طبقا للقانون اللبناني والمصري والليبي - لا يستطيع القاضي الا أن يقضي بانقضاء الدعوى لوفاة المتهم فلا يملك ادن آن بحكم في الموضوع خلافا لما هو مقرر في القانون الإيطالي ( راجع المادة 152 من قانون الإجراءات الايطالي ،، ولدينا ان حكم القانون المصري واللبناني والليبي اكثر استقامة من حكم القانون الايطالي . الك انه اذا كان المتهم قد توفي قبل صدور حكم يعلن براءته ، لان الحكم بانقضاء الدعوى لا ينتقض من تلك البراءة استنادا الى قرينة البراءة التي اثبت لكل منهم حثي بصدر حكم بإدانته والحكم بانقضاء الدعوى هنا يعني أن المتهم قد مات بريئا .
5- وفي هذا المعنى لقضي المحكمة الليبية العليا بانه " اذا توفى المتهم قبل رفع الدعوى العمومية لسقط الدموي ، فلا يجوز تحريكها من النيابة العامة او من المجني عليه . اما اذا كانت النيابة قد اقامت الدعوى العمومية ولو في المتهم او المحكوم عليه في اية مرحلة من مراحل المحاكمة، وجب الحكم بانقضاء الدعوى .
راجع : المحكمة العليا في 11 مارس 1955 ، قضاء المحكمة الليبية العليا جـ 1 ص 91 رقم 6.
6- وفي هذا المعني تقضي محكمة النقض المصرية بان انقضاء الدعوى العمومية ليس من شانه ان يوثر حتما في المسئولية المدنية ، فان نقض الحكم في الدعوى الجنائية لا يمس المسئولية المدنية (نقض 2 ديسمبر 1952 مجموعة أحكام النقض السنة ) ص 180 رقم 72.
وراجع مع دلك نص المادة 157 من قانون الاول اللبناني حيث يربط المشرع بين دعوى الحق العام الدعوى الجزائية ودعوى الحق الشخصي الدعوى المدنية في بعض الجرائم .
7- وفي مدا لنص المادة 436 من قانون الاصول الجزائية اللبناني على انه " اذا كانت الأشياء المضبوطة من المواد الممنوعة قانونا بحد ذاتها فلا تعاد الى ورثة المتوفي.
8- يعتبر كلا من " الانعدام " و " البطلان " من صور " الجزاء " في نظرية العمل الإجرائي . بيد أن هناك فارقا بين " الانعدام " والبطلان . فالأول وصف ما هو " غير موجود" قانونا ، أما الثاني فوصف لما هو" غير صحيح " ومعنى ذلك ان " الانعدام " جزاء العمل الذي لم يستكمل مقومات وجوده قانونا . أما الثاني فجزاء للعمل الإجرائي الذي لم يستكمل شرائط صحته . ومن ثم فان الحكم ( وهو عمل اجرائي من الدرجة الأولى ) لا بد لقيامه من وجود اطراف الرابطة الإجرائية في الخصومة فتخلف القاضي او النيابة العامة أو المتهم بتركب عليه تخلف شرط من شروط " الوجود " وبالتالي فهو " حكم معدوم ". اما اذا خولفت قاعدة من قواعد الاجراءات الجوهرية في الخصومة ( كصدور الحكم بغير اسباب ) فهنا نكون بصدد حالة من حالات البطلان ( المطلق ) ، وهنا - برغم وجود الحكم - فان شرطا جوهريا من شرائط "صحته "يتخلف .
والنتيجة العملية التي تترتب على التفرقة بين الانعدام والبطلان ، أن الحكم المنعدم لا حجية له ولا يجوز التمسك بما جاء فيه ، لا شكلا ولا موضوعا . اما الحكم الباطل ( ولو بطلانا مطلقا ) فانه حكم حائز لحجية الامر المقضي فهو يرتب آثاره القانونية حتى بتقضي ببطلانه .
وراجع في التفرقة بين الانعدام والبطلان : وجدي راغب ، نظرية العمل القضائي ، رسالة غير مطبوعة . صفحة 297 وفي نقد هذه التفرقة ، فتحي والي ، نظرية البطلان في المرافعات ، صفحة .
9- راجع نقض مصري 4/12/1962 مجموعة احكام النقض س13 رقم 198 ، والمملكة الليبية العليا في 6/3/1955مجموعة نضاء المحكمة العليا ج1 ص 91رقم 6. وقضاء محكمة النقض المصرية الأخير يعد تحولا من فضاء سابق ، فقد كانت المحكمة تعتبر الحكم هنا معدوما ، والمعدوم لا حكم له في القانون ، وبالتالي فلا يجوز الطعن فيه لا من النيابة ولا من الورثة وكذا لا يجوز تصحيه بعرضه على ذات المحكمة . وفي هذا المعنى القول محكمة النقض المصرية : أن الإجرام لا يحتمل الاستنابة في المحاكمة وان العقاب لا تحتمل الاستنابة في التنفيذ وان المرء اذا توفاه الله سقطت تكاليفه الشخصية ، فان كان قبل الوفاة جانبا لما يحاكم ، محيت جريمته ، وان كان محكوما علبه سقطت عقوبته لا يرثه في هذه التكاليف احد . وبما أن طرق الطعن في الأحكام الجنائية مقصود بها أما الغاء هذه احكام واما التخفيف من شدتها وذلك بغض النظر في الأحكام ذاتها وفي صحتها من جهة الموضوع او من جهة القانون. وبما أن هذه الأحكام في صورة وفاة المحكوم عليه قد سقطت قانونا والساقط المعدوم قانونا يمتنع قانونا امكان النظر فيه لذلك لا يقبل الطعن من احد بعد وفاة المحكوم عليه .
راجع نقض 20/11/1930 مجموعة القواعد القانونية ج1 رقم 104 .
10- ذلك أن المتأمل في حالات اعادة المحاكمة (م 349 ق. اصول جرائية لبناني ) او الالتماس بأعاده النظر (م 11) من قانون الإجراءات المصري ) يلاحظ انها تنبع جميعا من فكرة الغلط في الواقع الذي دفع اليه غش او تزوير او شهادة زور .
11- راجع نقض مصري 15/1/1945 مجموعة القواعد القانونية ج 6 رقم 461
12- وفي هذا المعنى تقرر محكمة النقض المصرية بانه ( اذا قضى بسقوط الدعوى لوفاة المتهم لم تبين انه لا يزال على قيد الحياة ، كان ما و نسبت به المحكمة هو مجرد خطا مادي من سلطة محكمة الموضوع اصلاحه بالرجوع اليها بالطعن في الحكم بأية طريقة من طرق الطعن العادية ما زال ولك ميسورا ، والا فالرجوع الى المحكمة نفسها التي اصدرته لتستدرك هي خطاها ولا يجوز أن يلجا الى محكمة النقض لتصحيح مثل هذا الخطأ . راجع نقض مصري 24/4 1939 المحاماة س 2۰ رقم 19. بيد اننا لا نوافق محكمة النقض المصرية رايها باعتبار هذه الحالة من قبيل الخطأ المادي ولا باعتبار هذا " حكما " يجوز الطعن فيه . ولك اننا هنا بصدد خصومة لم تتم بالنظر الى " الغلط " الذي وقعت به المحكمة وادى بها الى الحكم بانقضاء الدعوى . فاذا ارتفع الغلط كان من واجب المحكمة ذاتها أن "تواصل " ، نظر الدعوى حتي تنقضي انقضاء طبيعيا بصدور حكم فيها .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|