المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

أحكام الوضوء
26-1-2020
اقوام قديمة ذكرت في القرآن
6-11-2016
Baguenaudier
16-10-2021
Joseph Jean Baptiste Neuberg
31-1-2017
معنى الخلاق
2024-06-19
أحمد بن العباس بن محمد الطيالسي
25-8-2016


مضي المدة بغير انقطاع ( مشكلة انقطاع التقادم ) لانقضاء الدعوى العمومية  
  
6102   11:13 صباحاً   التاريخ: 16-1-2021
المؤلف : جلال ثروت – سليمان عبد المنعم
الكتاب أو المصدر : اصول المحاكمات الجزائية
الجزء والصفحة : 249-263
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون اصول المحاكمات الجزائية /

 - تمهيد 

لكي يحقق التقادم اثره في انقضاء الدعوى العامة لا بد ان تمضي المدة المقررة - منذ وقوع الجريمة - بغير انقطاع . ومعنى هذا أن ثمة اعمالا اجرائية يترتب عليها زوال اثر المدة السابقة وبدء مدة التقادم من جديد . وعندما يزول اثر المدة السابقة على الأجراء وتبدأ مدة جديدة من تاريخ اتخاذه يقال ان التقادم قد انقطع .

- ماذا يقطع التقادم ؟

والآن يجدر بنا أن تتساءل عن ذلك الاجراء الذي ينقطع به التقادم ، فيزول اثر المدة السابقة في اسقاط الدعوى العامة ويبدأ حساب المدة من جديد .

وفي القانون المصري ( والليبي ) ، لم يحدد المشرع طبيعة ذلك الاجراء ، وانما عدد نماذج للإجراءات القاطعة للتقادم . فذكرت المادة 17 اجراءات جنائية (م 108 عقوبات ليبي ) بأنه « تنقطع المدة بأجراء التحقيق او الاتهام أو المحاكمة ، وكذلك بالأمر الجنائي او بإجراءات الاستدلال اذا اتخذت بوجه رسمي » .

اما القانون اللبناني ، فقد ميز بين الاجراءات القاطعة للتقادم في الجناية والجنحة من ناحية والاجراءات القاطعة له في المخالفة من ناحية اخرى •

فالمادتان 438 و 439 من قانون الاصول الجزائية حصرنا الاجراءات القاطعة للتقادم في الجناية والجنحة في اقامة الدعوى واجراء التحقيق . اما المادة (440) فلا تكتفي - لقطع التقادم في المخالفة - بتنظيم المحضر او اجراء التحقيق وانما تشترط أن يكون قد صدر حكم قابل للاستئناف .

والمتأمل في هذه النصوص يلاحظ انها تصور فكرة محددة . فذلك الاجراء الذي يقطع التقادم لا بد أن يكون اجراء معبرا عن ارادة المشرع في التمسك بحق العقاب . فهو اجراء د ناف » لفكرة النزول عن الحق الذي هو دلالة التقادم في القانون .

واذا اردنا أن نحدد هذه الفكرة تحديدا ادق لقلنا ان العمل القاطع للتقادم هو عمل اجرائي تتوافر فيه مقومات " العمل القضائي " في قانون الاصول الجزائية ، وذلك لان العمل القضائي هو وحده العمل الاجرائي الذي يعبر به القضاء عن ارادة تطبيق القانون من اجل فض النزاع و بالتالي الوصول الى تحديد صاحب الحق وصاحب الالتزام(1).

ونحن نعلم من دراستنا للعمل القضائي ان له معنيين : معنى ضيق ومعنى واسع •

فهو بالمعنى الضيق ، ذلك العمل الذي يتضمن الخصائص الجوهرية للعمل القضائي بشكل دقيق . ولذا فهو ينحصر في اعمال التحقيق واجراءات المحاكمة .

اما بالمعنى الواسع فهو يشمل - فضلا عن المعنى السابق - اي عمل سابق عليه او تال له اذا كان لازما لإتمامه . وبهذا المعنى يشمل فضلا عن التحقيق والمحاكمة اجراءات الاستدلال ( او الاستقصاء ) والادعاء ( وهي سابقة) كما يشمل اجراءات الطعن ( وهي تالية ) .

كذلك فلان العمل القضائي ( عمل ارادي ، اذ يعبر عن ارادة تطبيق القانون في الواقعة محل الادعاء - فلابد اذن ان يكون د صحيحا ) . فاذا كان معدوما ( لغياب الارادة ) او باطلا ( لتعيب الارادة ) فلا يرتب اثره في قطع التقادم .

وهكذا نخلص - بصورة مبدئية - الى ان اجراءات قطع التقادم تتجمع في فكرة العمل القضائي الجزائي الصحيح .

واذا كانت المادتان 438 و 439 اصول جزائية قد ذكرت اجراءات التحقيق والحكم وحدها باعتبارها قاطعة للتقادم في الجنايات والجنح فهذا واضح انها ذكرت نماذج للعمل القضائي بالمعنى الضيق .

اما المادة (440) اصول فقد غالت في التضييق فحصرت الاجراء القاطع للتقادم - في المخالفات - في صورة واحدة ، هي صورة الحكم القابل للاستئناف .

بيد ان ذلك لم يمنع الفقه والقضاء من التوسع في تفسير هذه النصوص باعتبارها كاشفة عن قصد المشرع في التعبير عن فكرة العمل القضائي الجزائي . ولذا اصبح مستقرا الآن فقها وقضاء أن الاجراءات القاطعة للتقادم الى جانب اجراءات التحقيق ورفع الدعوى ، اجراءات سابقة غليها ( كالاستدلال والاتهام ) واجراءات تالية لهما كالحكم ( ويساريه الأمر الجنائي ) وطرق المراجعة ( طرق الطعن )(2) .

- شروط العمل القاطع للتقادم :

من هنا نفهم الشروط الواجب توافرها في ذلك الاجراء الذي يقطع التقادم ."

فهو اولا : عمل قضائي : وبناء على ذلك فان العمل الاداري ( او التأديبي ) لا يقطع التقادم . فاذا ارتكب موظف جريمة واتخذت معه اجراءات التحقيق والمحاكمة التأديبية فان هذه الإجراءات لا يترتب عليها قطع التقادم بالنسبة لسقوط الدعوى العامة ، وذلك لان الاجراءات ليست " قضائية "  وانما هي اجراءات ادارية .

- وهو ثانيا : عمل جزائي : فنحن لا نفل الا بالأعمال القضائية المؤثرة على سقوط الدعوى العامة . ومعنى ذلك أنها لا بد ان تكون اعمالا قضائية د جزائية •

وهكذا فرفع دعوى مدنية - امام القضاء المدني - للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق الشخص من الجريمة ، لا يترتب عليه قطع التقادم في سقوط الدعوى العامة(3) . كما أن التحقيق الذي تجريه المحكمة المدنية او الادارية او الشرعية في عقد مطعون فيه بالتزوير لا يترتب عليه تطع التقادم بالنسبة للدعوى الجزائية (4) . وكذلك الشأن لو اقتصرت المحكمة الجزائية على نظر الدعوى المدنية او طعن المدعي المدني في الحكم الصادر من المحكمة الجزائية(5) .

- وهو ثالثا : عمل صحيح :(6) العمل القضائي عمل ارادي ، يتمثل في ارادة القضاء فض النزاع طبقا لإجراءات القانون ، بصورة باتة للنزاع وملزمة لأطرافه(7) .

ولكي يحدث اثره - في الزام الخصوم بحكم القانون - لا بد ان يكون العمل صحيحا(8) .

وهو لا يكون كذلك عندما يصيب العمل عيب من عيوب الارادة(9) او عندما يصدر العمل عن غير الشخص الصحيح ولاية واختصاصا(10) .

فالتحقيق الذي يجريه شخص غير مختص مكانيا او بناء على ندب صادر من غير من يملكه او الغير من يجوز ندبه ، يجعل التحقيق باطلا وبالتالي لا يقطع المدة .

ورفع الدعوى في جريمة يتوقف تحريك الدعوى فيها على شكوى او اذن او طلب بغير تقدم صاحب الحق في الشكوى او الاذن او الطلب يعتبر عملا اجرائيا باطلا .

وكذلك لا يقطع التقادم رفع الدعوى المباشرة من غير ذي صفة ، او الادعاء مدنيا أمام القضاء الجزائي من شخص غير متضرر(11).

- نماذج الأعمال التي تقطع التقادم :

ان هذه الأعمال هي جميعا من قبيل الاعمال القضائية . بيد ان القانون ذكر نماذج لها في خصوص الجنايات والجنح وحصرها في اعمال محددة في المخالفات .

(أ) فبالنسبة للجنايات والجنح :

ذكرت المادتان 438 و 439 اصول جزائية ان الاجراءات التي تقطع التقادم هي اقامة الدعوى واجراء التحقيق . بيد أن الفقه والقضاء متفق على ان ثمة اعمالا تسبقها او تعاصرها او تلحقها يترتب عليها نفس الاثر .

وعلى هذا فالإجراءات التي تقطع التقادم هي :

(1) اجراءات الاستقصاء ( او الاستدلال ): الأصل أن هذه الاجراءات لا تكون اعمالا قضائية بالمعنى الدقيق ، اذ ينقصها الكثير من عناصر العمل القضائي ، شكلا وموضوعا .

ومع هذا فان اجراءات الاستقصاء تعتبر لازمة كمرحلة اولية او تحضيرية لممارسة التحقيق ، اي تعتبر لازمة لإتمام عمل قضائي بالمعنى الصحيح .

ومن اجل هذا يقرر القانون المصري أنها تقطع التقادم اذا اتخذت في مواجهة المتهم او اخطر بها بوجه رسي(12) . ويوافق الفقه والاجتهاد اللبناني على ذلك معتبرا ان اجراءات ضبط الجريمة وجمع الاستدلالات اذا اثبتت بمحاضر منظمة حسب الأصول تقطع المدة ، سواء اجريت بناء على امر النيابة العامة او اجراها الضابط العدلي من تلقاء نفسه (13). وعلى العكس من ذلك فاذا صدرت تعليمات من النيابة العامة بأجراء تحقيق اولي ولم تنفذ فأنها لا تقطع المدة(14) .

(2) اجراءات التحقيق : اجراءات التحقيق نوعان: اجراءات جمع ادلة، كاستجواب المتهم او الشهود  التفتيش والمعاينة وندب الخبراء ، واجراءات احتياطية ضد المتهم كأوامر الجلب والاحضار والتوقيف (وهي تسمى في القانون المصري امر الحضور وأمر الضبط و الاحضار وأمر الحبس). وهذه الاجراءات جميعا من قبيل الاعمال القضائية التي تقطع التقادم . وسواء أكان القائم بها قاضي التحقيق او قاضي النيابة ( في الحالات التي يخول فيها بالتحقيق ندبا او قانونا ) فأنها ترتب اثرها في قطع التقادم .

كذلك فان قرارات التصرف بعد التحقيق بالإحالة إلى المحكمة او منع المحاكمة تعد قاطعة للتقادم .

(3) اجراءات الادعاء : سواء أكانت من قبل النيابة العامة او المدعي بالحق المدني او القاضي المنفرد تعتبر جميعا اعمالا قاطعة للتقادم . فبرغم ان الادعاء ليس عملا قضائيا الا انه هو « المحل » في كل عمل قضائي . وهو بالذات المحرك للخصومة أمام القضاء .

من اجل هذا فاذا كان الاجراء المتخذ مجرد « نبا للجريمة » كالأخبار والشكوى فانه لا يعد « ادعاء قانونيا » وبالتالي لا يترتب عليه قطع التقادم(15) . ولكن بعد اجراء قاطعا للتقادم طلب النيابة العامة إلى قاضي التحقيق تجديد التحقيق لظهور ادلة جديدة .

ويلاحظ -  ان اجراءات الادعاء او الاتهام لم يذكرها المشرع اللبناني صراحة بوصفها قاطعة للتقادم ( على عكس القانون المصري والليبي) ولكن الفقه والقضاء متفق عليها (16) .

(4) اجراءات المحاكمة : وهذه تقطع التقادم بداهة . فإجراءات رفع الدعوى او تحقيق الادلة او سير الخصومة ( ومنها قرار بتأجيل المحاكمة الى جلسة تالية بعد التنبيه على المتهم بالحضور)(17) ، والاحكام التمهيدية والتحضيرية والاحكام الصادرة في الموضوع والطعن في الأحكام بطرق الطعن ( المراجعة ) المختلفة كلها من قبيل الاجراءات القاطعة للمدة(18) .

(6) الأصول الموجزة ( الامر الجنائي ) :(18) تقطع الأصول الموجزة المقررة في بعض الجرائم البسيطة مدة التقادم ، اذا توافرت الشروط التي نصت عليها المادة 184 اصول جزائية . ومجمل هذه الشروط انه لا بد أن يكون الاجراء ثابتا بورقة الضبط على نحو اصولي وان تكون الورقة قد رفعت الى القاضي المختص . وقد يقال ان الاصول الموجزة لا تنطوي على الإجراءات العادية في الدعوى العمومية ، اذ يصدر القرار القاضي بالعقوبة ( الامر الجنائي ) بغير دعوة المدعى عليه و بغير تحقيق او مرافعة ، ولذا كان الواجب الا يقطع مدة التقادم . بيد انه قول مردود . فالأصول المختصرة نظام له ما يبرره في حياتنا العصرية بالنسبة لبعض الجرائم الشكلية التي تتطلب فصلا سريعا من القضاء . كما انها تكون « عملا قضائيا » بالمعنى الدقيق ، وهي لا تعدو ان تكون شكلا استثنائيا من اشكال الخصومة الجزائية ، والدليل على ذلك انه اذا لم تتوافر شروطها او اعترض على القرار امكن رفع الدعوى بالطرق العادية .

ب) بالنسبة للمخالفات :

- حصرت المادة 440 من قانون الاصول الجزائية اعمال قطع التقادم بالنسبة للمخالفات في عملين :

اولهما : الحكم القابل للاستئناف .

وثانيهما : استئناف الحكم في خلال سنة من تاريخ تقديم استدعاء الاستئناف .

وواضح مما تقدم أن المشرع يريد ان يضيق من نطاق الأعمال القضائية التي يترتب عليها قطع التقادم في المخالفات . والمادة 440 صريحة في ذلك اذ تقرر أن تنظيم المحضر او اجراء التحقيق او القاء الحجز - خلال مدة السنة من وقوعها - لا يترتب عليها قطع التقادم . كذلك فان الحكم الاعدادي ( او التحضيري ) لا يقطع المدة . والحكم النهائي الذي يصدر بعد فوات سنة من تاريخ ارتكاب الجرم لا يقطع المدة كذلك لأنه صدر في دعوى سقطت من قبل بمرور الزمن .

ومن باب اولي فان الاحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ( التمهيدية ) كالحكم الصادر بتعيين خبير او اجراء معاينة او دعوة شهود والحكم الصادر بعدم الاختصاص ، هذه الأحكام كلها لا يترتب عليها قطع التقادم في المخالفات .

كذلك فانه اذا صدر حكم على المخالف فاستأنفه في خلال سنة فان ذلك يقطع التقادم اما اذا مضى عام - من تاريخ تقديم استدعاء الاستئناف - فان الدعوى تسقط بمضي المدة .

- اثر الانقطاع :

يترتب على الانقطاع زوال اثر المدة السابقة بالنسبة للجريمة التي اتخذ فيها اجراء من اجراءات الادعاء او الاستدلال او التحقيق او المحاكمة ( في الجنايات والجنح ) او صدر فيها حكم قابل للاستئناف وحصل استئنافه فعلا ( في المخالفات ) . ومعنى ذلك أنه يبدأ حساب التقادم مرة اخرى من تاريخ اتخاذ الاجراء القاطع للتقادم .

واثر الانقطاع عيني لا شخصي . بمعنى انه يتعلق بالجريمة لا بالمتهمين فيها فاعلين كانوا او شركاء او متدخلين . ومؤدى هذا انه يسري على جميع المتهمين سواء اكانوا معروفين او مجهولين ، وسواء اتخذ بإزائهم او بإزاء غيرهم(20) . هذا بداهة فيما عدا حالة الاصول الموجزة واجراءات الاستقصاء فلا بد أن يتخذ فيها الاجراء بموجب محضر رسمي(21) .

ويلاحظ اخيرا ان الاجراءات التي تقطع التقادم قد تتعدد ، وهنا يكون جائزا أن يتكرر انقطاع التقادم . والرأي مختلف على جواز ذلك . بيد اننا نرى انه - في القانون المطبق - ليس هناك ما يمنع تكرار الانقطاع بتكرار الاجراء القاطع للمدة . وليس من سبيل الى اصلاح ذلك الا بتدخل جريح من المشرع(22) .

- وقف التقادم :

ثمة فارق بين انقطاع التقادم وايقافه فالانقطاع معناه زوال اثر المدة السابقة وبدء مدة التقادم من جديد . اما وقف التقادم فمعناه سقوط الفترة التي اوقف التقادم فيها فقط ومعنى ذلك أن المدة السابقة على الوقف لا نسقط .

وفي القانون المصري - طبقا للمادة 16 من قانون الإجراءات ۔ لا يوقف سريان التقادم في الدعوى العمومية لأي سبب كان ، ماديا كان المانع او قانونيا .

اما في القانون اللبناني فلا يوجد نص من هذا القبيل ، ولذا اصبح وقف التقادم في الدعوى الجزائية - تأثرا بالفقه الفرنسي - موضع خلاف (23) .

بيد ان الراجح فقها وقضاء أن وقف التقادم جائز كلما وجد مانع قانوني او واقعي ، والموانع القانونية او الواقعية التي توقف التقادم هي ذاتها الموانع القانونية او المادية التي توقف الدعوى (24) .

على اننا نلاحظ أن نظام التقادم - في المسائل الجزائية - لا يتلاءم مع فكرة الايقاف ، وانه لا علاقة بين الدعوى ونظام التقادم ، لاختلاف و العلة ، في كل منهما .

فعلة التقادم هي في تحقيق الاستقرار لجهاز القضاء وذلك بوضع حد للدعاوى التي تقادم عليها العهد ومضت عليها فترة معينة . اما علة وقف الدعاوى فهي وجود مانع قانوني او فعلي يجعل بلوغ غايتها ( بإصدار الحكم) مستحيلا . ومن هنا نفهم انه حتى في حالات وقف الدعوى ( لمانع قانوني او فعلي ) تتحقق « حكمة » التقادم في نسيان الجريمة والإعراض عن الدعوى حتى يتوفر لسلطة القضاء مكنة الفصل في سائر الدعاوى وهي متجددة ابدا . والمبرر الوحيد للتشبث بالدعوى هي في اتيان اجراء ارادي اي عمل قضائي يترتب عليه « قطع التقادم » كأجراء اتهام او تحقيق او محاكمة . اما ان يوقف التقادم كلما توافر سبب قانوني في الدعوى ( كجنون المتهم او قيام مسألة عارضة او ضرورة تعيين المرجع) او فعلي ( كحرب او فيضان او ثورة او سيول ) فأمر بهدم الأساس الذي يقوم عليه نظام التقادم . بأسره في قانون الأصول الجزائية (25) .

- وبرغم قناعتنا بعدم جواز « وقف التقادم » في الدعاوى العامة الا اننا نرى أن الحجج التي قدمناها قد تثير جدالا ولذا فالمسألة يجب حسمها بنص تشريعي ، وحتي يتدخل المشرع فلا مناس من التسليم بما استقر عليه القضاء في فرنسا ولبنان من ان التقادم يوقف كلما توقفت الدعوى بسبب قانوني او واقعي(26) .

ومثال الموانع القانونية ، وجود مسالة معترضة يتوقف على نتيجة الفصل فيها الفصل في الدعوى العمومية ، وجنون المتهم بعد اقتراف الجريمة ، وطلب رفع الحصانة عن النائب ، وتقديم طلب تعيين المرجع ، وحالات تنازع الاختصاص بين محكمتين عاديتين او بين محكمة عادية ومحكمة استثنائية ، وتقديم استدعاء التمييز .

اما الموانع الفعلية : فمثالها قيام حالة قاهرة كثورة او حرب او فيضان او سيول تحول دون امكان التحقيق او المحاكمة . وكذلك امتناع دولة اجنبية عن تسليم المتهم المطلوب استرداده ، حتى يتم تنفيذ العقوبة المقضي بها من محاكمها .

- الاثر القانوني للتقادم :

اثر التقادم هو سقوط الدعوى العمومية والدعوى المدنية المتعلقة بها . ذلك أنه في قانون الاصول اللبناني - خلافا للقانون المصري - يرتبط مصير الدعوى المدنية بمصير الدعوى العمومية التابعة لها . وقد امردت هذا الحكم صراحة المواد 38 و 39 و 440 من قانون الاصول الجزائية اللبناني .

وأثر التقادم . عيني ، بمعنى انه يتعلق بالجريمة التي سقطت الدعوى فيها بالتقادم . وهذا من مقتضاه أن يفيد من سقوط الدعوى كل من ساهم في الجريمة فاعلا او شريكا او متدخلا .

وسقوط الدعوى بمعنى المدة يتعلق بالنظام العام ولذا كان التمسك به حقا لكل ذي مصلحة كما أن المحكمة تستطيع ان تقضي به من تلقاء نفسها .

_______________

1- راجع  فقره 14 صفحة 24.

2- وفي تأييد ذلك بالنسبة للقانون اللبناني راجع عاطف النقيب ، صفحة 94 وما بعدها .

3-نقض 21/2/1929 ، المحاماة س 9 رقم 274 .

4- نقض 1/5/1923 المجموعة الرسمية س 35 ص 113 ، كذلك فان التحقيقات المدنية التي تجربها المحكمة المدنية - في دعوى التزوير الفرعية - لا لقطع المادة بالنسبة الدعوى التزوير الجنائية ، نقض 21/2/1929 مجموعة القواعد جـ 1 ص 179 رقم 181 .

5- راجع محمود مصطفى ، شرح قانون الإجراءات ، صفحة 129 وعبد الفتاح الصيفي ، تأصيل الإجراءات ، صفحة 147 .

6- يرى الدكتور الصيفي انه يشترط كذلك الا يضار المتهم بالإجراء القاطع للتقادم . بيد أن هذا الشرط غير معقول ، لان الفرض في كل اجراء قاطع للتقادم انه يضر بالمتهم . اما اذا كان بقصد الاشارة الى صورة الطعن المقدم من النوم وحده ، فان هذا الإجراء لا بقطع التقادم بناء على مبدا آخر مقتضاه الا يضار الطاعن بطعنه .

7- راجع ما سبق فقرة 14 .

8- وقولنا انه لا بد أن يكون العمل صحيحا يفترض اولا ان يكون موجودا . فاذا لم لكن هناك ارادة ار ظهرت في غير الشكل ، الذي رسمه القانون ، فان العمل يكون معدوما لا يترتب عليه اثر في قانون الأصول .

ولدي الدكتور وجدي راغب ان اركان الوجود بالنسبة للعمل القضائي قسمان : اركان جوهرية للعمل الإرادة والمحل والسبب . واركان شكلية ، تشمل الشخص والمفترض والشكل بالمعنى الدقيق . والارادة تمني ارادة القاضي تقييد الخصوم برأيه .

والمحل هو" الادعاء بواقعة " في موضوع النزاع ،. أما السبب فهو وجود النموذج القانوني المطابق لواقعة النزاع . وبالنسبة للشخص فهو القاضي بوصفه مضوا في جهاز  السلطة القضائية ، والمفترض هو المطالبة القضائية التي تم وفقا لأوضاع القانون . اما الشكل لمسنا، ضرورة تسبيب الاحكام . و يترتب على الخلف عنصر من هذه العناصر ، سواء أكانت جوهرية او شكلية ، انعدام العمل القضائي .

راجع وجدي راغب ، نظرية العمل القضائي ، رسالة غير مطبوعة ، ص 301 وما بعدها .

9-  فاذا احال قاضي التحقيق الي المحكمة المختصة نهما لم يحدد نخبه مما اوجد لبسا بينه وبين غيره فان اجراءات المحاكمة بحق " متهم غير معين " لكون باطلة ولا تقطع بالتالي مدة التقادم . راجع نقض فرنسي 2/12/ 1955دالوز 1955 ، 147 .

10- راجع دروسنا في قانون الإجراءات الجنائية المصري ، صفحه 139 ، محمود مصطفى الإجراءات ، صفحة 131 وعبد الفتاح الصيفي، تاصيلل الإجراءات ، صفحة 147.

11- نقض مصري 17 ابريل 1940 المحاماة م 21 رقم 834 رقم  819.  

12- وفي هذا المعنى تقرر محكمة النقض المصرية أن اجراءات الضبطية القضائية في جمع الاستدلالات لا تقطع المدة . اذ هي لا تدخل في اجراءات التحقيق والمحاكمة . ولكن راي المشرع أن يرتب عليها انقطاع المدة واشترط لذلك بخلاف اجراءات التحقيق التي تصدر من سلطة مختصة بالتحقيق الجنائي ، ان لا تحصل في غيبة المتهم وعلى غير علم منه . راجع نقض 18/12/1956  مجموعة احكام النقض س 7 رقم 250 س1268 .

13- راجع عاطف النقيب ، المرجع السابق ، صفحة 95.

14- قضت محكمة النقض المصرية بان احالة الشكوى بمعرفة النيابة العامة على الشرطة لفحصها دون ندب المباشرة اجراء معين ، فهذا لا يكفي لقطع التقادم ، اذ لا تكون لرجال الشرطة سلطة التحقيق الا اذا كان الأمر بالندب صريحا بانتدابهم ، فعندئذ يكون الأمر قاطعا للمدة . راجع نقض 14/1/1932  مجموعة القواعد القانونية ج 2 رقم 312 صفحة 410

15- ويلاحظ أن التقرير بالطعن اذا كان صادرا من النيابة العامة فلا شك هنا أنه يعد من اجراءات الاتهام القاطعة للتقادم . لكن الخلاف بثور فيما اذا كان التتر بر بالطعن قد صدر من المتهم وحده، والراي الذي بأخل به الفقه والقضاء انه لا يعد قاطعا للمدة على اساس المبدأ القائل بأنه لا يجوز أن يضار المتهم بطعنه . راجع نقض 11/1/1934 مجموعة القواعد جـ 3 ص 249 رقم 182 ونقض 14/6/1948 ج 7 رقم 633 صفعة 602 وراجع ابضا عبد الفتاح الصيفي ، المرجع السابق ، صفحة 148 . ولدينا أن القادم لا ينقطع ليس فقط على اساس المبدأ السابق وانما على أساس أنه لا يعد " عملا قضائيا ، بالمرة.

16- عاطف النقيب ، المرجع السابق ، ص 25 .

17- نقض 24/5/1960  مجموعة احكام النقض س 11 صفحة 498 .

18- هذا فيما عدا الطعن الصادر من المتهم وحده فهو لا يعتبر عملا  قضائيا ، كما لا يجب ان ينقلب تظلم المرء وبالا علبه . راجع محمود مصطفى ، المرجع السابق ، صفحة 129 فقرة 105 .

19- تجد فكرة الأصول الموجزة مبرزا للأخذ بها في بعض الجرائم الكلية البسيطة التي هي نتاج المجتمع الحديث ، كمخالفات السير والانظمة الصحية والبلدية التي تستوجب عقوبة تكديريه او جناحية (م182  اصول جزائية ) واذا كان سببها الأساسي انها تفوت على المدعي معلبه فرمة الدفاع، فان التشريعات تفادي ذلك العيب لأنها تسطي للمحكوم عليه حق الاعتراض على الأمر ليسقط كله وتماد الحاكمة بالطرق العادية ( راجع المادة 186 اصول جزائية لبناني و 327 اجراءات مصري ).

20- وفي هذا المعنى تقرر محكمة النقض المصرية أن مفاد المادتين 17 و 18 من قانون الإجراءات أن المدة السلطة للدعوى الجنائية تنقطع باي اجراء يتم في الدعوى بمعرفة السلطة المنوط بها القيام به سواء اكان من اجراءات التحقيق او الاتهام او المحاكمة وسوار اجريت في مواجهة المتهم أو في غيبنه ، وان هذا الانقطاع عيني يمتد اثره الى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفا فبها , اما بالنسبة للأمر الجنائي واجراءات الاستدلال فأنها لا تقطع المدة الا اذا اتخذت في مواجهة المتهم او اذا اخطر بها بوجه رسمي " نقض 11/6/1962  مجموعة أحكام النقض س 13 رقم 132 ص524 .

21-راجع ما سبق فقره 172 .

22- تضمنت المادة 17 من قانون الإجراءات المصري لدى صدور القانون سنة 1950 فقرة تقضي بأنه لا يجوز في اية حال ان تطول المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بسبب الانقطاع لأكثر من نصفها "

بيد أن هذه الفقرة الغيت بعد ذلك عام 1952 على اساس انها كانت 1 تغري المتهمين بالتماس اسباب المطل والتأجيل بالعمل بأقصى جهدهم على تأخر الفصل في الدعاوى وسلوك كل سبل الطعن فيها ولو بغير حق تعلقا بالأمل في الفوز بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ".

23- فبينما يرى الاستاذ جارو عدم جواز التقادم لأي سبب كان لان التقادم مبني على ازالة آثار الجريمة بمرور الزمن ( جارو رقم 736) يرى الاستاذ قستان هيلي انه بجب التفرقة بين الموانع القانونية والموانع الواقعية , فالأولى توقف التقادم اما الثانية فلا توقفه " فستان هيلي "  ، الجزء الثاني رقم 107) واخيرا يرى الأستاذان ستيفاني وليفاسير انه تمشيا مع موقف القضاء يجب وقف التقادم كلما اوقفت الدعوى بسبب قانوني او واقعي " ستيفاني وليفاسير ، الجزء الثاني ، رقم 141 ).

24- راجع عاطف النقيب ، المرجع السابق ، صفحة 99.

25- ومع ذلك القانون الايطالي بنص في (159) عقوبات على وقف التقادم في الحالات التي يوجب فيها القانون من الدعوى .

26 - عاطف النقيب ، المرجع السابق ، صفحة 99 وما بعدها . ومع ذلك فنحن نتساءل عن حكم الموانع الاتية : عدم منع الأذن للسير في الدعوى العمومية ، أو عدم تقديم الشكوى ممن يملكها في الحالات التي يتوقف فيها لحريك الدعوى على اذن او شكوى ، وهذه موانع قانونية . وكذلك في حالة ضباع أوراق القضية او عدم التعرف على المتهم ( موانع مادية او واقعية ) هل يوقف التقادم وتظل الدعوى معلقة؟

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .