أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2017
3456
التاريخ: 1-2-2016
4486
التاريخ: 2023-08-17
992
التاريخ: 9-5-2017
4195
|
الشكوى لا تعدو أن تكون بلاغا (أو اخبارا) في جريمة معينة يتقدم به المجني عليه الى سلطة الادعاء ( النيابة العامة )(1) .
بيد أن هذا التعريف لا يكشف لنا عن مضمون الشكوى وطبيعتها القانونية . فالحق أنه من الجائز أن تصل الجريمة الى علم السلطات العامة قبل أن يتقدم المجني عليه ببلاغه . وبهذا لا يضيف هذا البلاغ من هذه الوجهة جديدا . لكن ما يضيفه حقيقة هو أنه يحرر ارادة النيابة من ذلك القيد الذي يعلها ويمنعها من رفع الدعوى الجنائية عن هذه الجريمة .
فالشكوى اذن تعبير عن ارادة المجني عليه يرتب أثرا قانونيا في نطاق الاجراءات الجنائية هو رفع العقبة الاجرائية من أمام النيابة العامة بقصد تحريك الدعوى العمومية فيها (2) .
والاثر القانوني المترتب على تقديمها هو استرداد النيابة العمومية الحقها في تحريك الدعوى الجنائية والسير في اجراءاتها حتى صدور حكم فيها .
- صاحب الحق في تقديمها :
وصاحب الحق في تقديم الشكوى هو المجنى عليه في الجريمة التي يتطلب فيها القانون تقديم شكوى . ومن أجل هذا فتحديد صاحب الحق في الشكوى يدور مع تحديد المجنى عليه في الجريمة المعينة هذه ، وجودا وعدما .
........ أن المجني عليه في الجريمة هو من وقع عليه العدوان فيها ، فأصابه في شخصه أو ماله أو شرفه أو حريته . وبهذا تبين أننا نقصد المجني عليه « المباشر » في جرائم بعينها ( هي الجرائم الواقعة على حقوق الانسان المادية أو المعنوية ) ذلك لان المجني عليه في جميع الجرائم هو « المجتمع » ، ومع ذلك فلا يفيدنا « المجتمع » شيئا في تحديد صاحب الحق في الشكوى لان المجتمع هو المجني عليه و غير المباشر » في جميع الجرائم .
- طبيعة الشكوى والحق في تقديمها :
ولان الشكوى تعبير عن ارادة المجني عليه يرتب التقدم . بها آثارا قانونية في نطاق الاجراءات ، فأنها تأخذ في الفقه وصف « التصرف القانوني »(3). على أن فكرة التصرف القانوني، negozio giuridico فكرة لها مجال في فقه القانون الخاص ، أما قيمتها في مجال النظرية العامة للإجراءات فموضع جدل كبير (4) . وهي في مجال الاجراءات الجنائية بالذات تنبع عن ذلك التيار الفقهي باستعارة أفكار هي من صميم نظام القانون الخاص في وقت أخذت تتضح فيه بجلاء « ذاتية القانون الجنائي ، بالنظر الى تباين المصالح القانونية التي يحميها وبالتالي اختلاف الاهداف التي يبتغيها في مجال التجريم والعقاب (5) . ان حق الشكوى هو في الدرجة الأولى « تعبير عن ارادة » . وهذا التعبير الارادي يهدف الى ترتيب آثار قانونية « في مجال قانون الإجراءات » الا في مجال سواه . ومن أجل هذا ، كان الموضع الطبيعي لهذا الحق هو النظرية العامة «للعمل الاجرائي» Tatto processuale وهذه النظرية تستوعب كل فكرة تنطوي على تعبير عن ارادة بهدف ترتیب آثار قانونية في مجال الاجراءات ، كما تحكم شرائط الوجود والصحة لهذا التعبير الارادي والجزاء المترتب على تخلف هذه الشروط(6) .
ووضع الحق في الشكوى في اطار النظرية العامة للعمل الاجرائي لا في اطار نظرية « التصرف القانوني » تظهر أهميته بصدد مسألتين :
الأولى : بصدد الاهلية اللازمة لممارسة هذا الحق • والثانية : بصدد تحديد طبيعة هذا الحق •
- (أ) وفيما يتعلق بالأهلية فهي بداهة أهلية ممارسة الأعمال الاجرائية وليست الأهلية اللازمة لممارسة التصرفات القانونية .
ولقد تدخل المشرع المصري ( والليبي ) فحدد أهلية المجني عليه التقديم الشكوى ببلوغه خمس عشرة سنة وبشرط ألا تكون به عاهة عقلية (7) .
ومعنى ذلك أنه حدد أهلية لممارسة هذا العمل، تختلف عن الاهلية اللازمة لممارسة التصرفات القانونية ، أو لتحمل أعباء المسؤولية الجنائية (8) . أما المشرع اللبناني فلم يتدخل بنص صريح ومن ثم ترك الامر المطلق الاجتهاد الفقهي .
ولدينا أن أهلية المجني عليه للتقدم بشكواه - في القانون اللبناني - ليست « أهلية الأداء اللازمة لأجراء التصرفات القانونية ( وتحدد بلوغ الشخص ثمانية عشر عاما يفرض خلوه من الآفات العقلية (9)، كما أنها ليست أهلية الاسناد في المسؤولية الجنائية (وتحدد ببلوغ الشخص سبع سنوات (10) ) . وانما هي - على ما رأينا - أهلية أداء بالنسبة للأعمال الاجرائية . ونستطيع أن تتلمس - في المادة 83 من قانون الاصول الجزائية - هديا لهذه الأهلية . فطبقا للمادة المذكورة د يستمع على سبيل المعلومات لإفادة الذكور والاناث الذين لم يبلغوا الخامسة عشرة من عمرهم بدو ان يحلفوا اليمين ) . ومعنى ذلك أن المشرع يحدد في هذا النص أهلية الذكور والاناث لممارسة « عمل اجرائي ، معين ألا وهو أداء الشهادة التي تصلح دليلا في الدعوى . ونستطيع أن نستخلص من هذا النص « قاعدة عامة و تصلح أساسا الممارسة و جميع الاعمال الإجرائية ، ومنها حق الشكوى . وعلى ذلك ، فلدينا أن الأهلية اللازمة لممارسة المجني عليه لحق الشكوى تتحقق - في القانون اللبناني - ببلوغ الشخص خمسة عشر عاما ( بفرض أنه سليم الادراك والعقل ) .
واشتراط أهلية خاصة في المجني عليه كي يتمكن من ممارسة حقه في الشكوى تظهر - في القانونين المصري والليبي - من تنظيم المشرع الحالة قص الأهلية أو فقدها . في هذه الحالة ينتقل هذا الحق الى الولي .
لكن اذا كانت الجريمة واقعة على المال فتقبل – أيضا – من الوصي أو القيم .
وكل ما تقدم يفترض أنه لا يوجد تعارض بين مصلحة الولي أو الوصي أو القيم وصاحب الحق الأصيل في الشكوى . فاذا وجد مثل هذا التعارض قامت النيابة العامة مقامه(11) .
هذه القواعد التي تبنها المشرع المصري والليبي - لم ترد في قانون الاصول اللبناني . بيد أننا نرى أنها تسري بغير حاجة الى النص عليها ، اذ من المنطقي أنه حيث تتخلف الاهلية اللازمة لممارسة العمل الاجرائي أن يقوم « ممثل » المجني عليه بممارسته .
وعندئذ تسري على الشكوى المقدمة منه نفس القواعد التي تسري على الشكوى المقدمة من الاصيل . وكل هذا بافتراض أن مصلحة المجني عليه تلتقي مع مصلحة ممثله ، فان تعارضت المصلحتان قامت النيابة العامة مقامه لأنها صاحبة الحق الأصيل في تحريك الدعوى العمومية على أية حال (12) .
(ب) أما المسألة الثانية ، فخاصة بتحديد الطبيعة القانونية لهذا العمل الاجرائي .
ولقد رأينا أن الشكوى تعبير عن ارادة المجني عليه في ترتيب آثار قانونية معينة في مجال الاصول الجزائية ، وهذا هو الذي حدا بالفقه الى القول بأنها من قبيل « التصرف القانوني » وحدا بنا إلى التحفظ والقول بأنها « عمل قانوني اجرائي ».
لكننا لا تنظر إلى الشكوى من هذه الزاوية الإجرائية . ولكن من زاوية أخرى (موضوعية ) . وبالذات من حيث « القدرة أو السلطة ، التي منحها القانون للشاكي في تحريك الدعوى أو عدم تحريكها . هذه السلطة التي تنتهي - من الناحية العملية – بأنزال العقاب أو بإصدار و العفر ، على شخص مرتكب الجريمة(13) .
فمن حيث أنها " سلطة " للشاكي اذن فهي " حق " . لكن الحق يفترض - في طرف مقابل به وجود « التزام » . وهنا لا يعد المتهم ملتزما وانما هو موضع و " خضوع " soggezione اذا ما استعمل الشاكي حقه . فالشكوى اذن « حق ترخيصي » أو « حق ارادي » (14) .
لكن هذا التحديد لا يكفي . فهذا الحق الترخيص مرتبط بشخص معين هو « المجنى عليه ، في الجريمة . ومن هنا يصح القول بأن هذا الحق هو من قبيل « حقوق الشخصية ، لا الحقوق المالية . وهذا يؤدي إلى القول بأن الأصل فيه أنه لا يورث ولا ينتقل الى الغير الا بتوكيل خاص (15) .
- شكل الشكوى :
لم يتعرض القانون اللبناني لتحديد شكل خاص بالشكوى التي يتقدم بها المجني عليه ، وانما عني بتحديد الشكل الخاص بشكوى المتضرر . مثل هذه الشكوى الأخيرة يتطلب القانون أن تكون مكتوبة (راجع المادة 60 معطوفة على المادة 26 أصول جزائية ) (16)
على أننا نرى أن « الكتابة » شرط في شكوى المجني عليه أيضا في القانون اللبناني ، لان الشكوى - ان تجردت من الادعاء المدني - لا تعدو أن تكون بلاغا أو اخطارا بالجريمة . والأخطار لا بد أن يكون مكتوبة طبقا للمادة 26 من قانون الاصول اللبناني .
وهي تقدم - طبقا للمادة 50 - للمدعي العام أو لاحد الضباط العدليين ، فيقوم هذا بإيداعها قاضي التحقيق مشفوعة بادعائه أو يتقدم بها مباشرة إلى محكمة الجزاء المختصة . وبعبارة أخرى تقوم النيابة بتحريك الدعوى العمومية في موضوع الشكوى (ان كان لذلك محل).
- الجرائم التي يتوقف تحريك الدعوى فيها على شكوى المجني عليه :
هذه الجرائم قد أوردها الشارع ( اللبناني ) على سبيل الحصر ، في قانون العقوبات وفي غيره من القوانين الخاصة(17).. وبرغم أن القانون يعبر في كثير من الأحيان عن صاحب الحق في الشكوى بتعبيرات عدة ، الا أنه من الواضح أنه يقصد من أصابه العدوان في الجريمة ، أي يعني « المجني عليه » فيها . ومثال ذلك : جريمة تحقير دولة أجنبية (م 292) واستيفاء الحق بالذات (م 429 وما بعدها ) والسفاح بين الاصول والفروع (م 490 و 491) مع ملاحظة أن المشرع قد اعتبر «مجنيا عليه» في الجريمة السابقة أي قريب أو صهر لاحد المجرمين حتى الدرجة الرابعة ، والإيذاء المقصود ، اذا لم ينجم عنه مرض أو تعطيل عن العمل المدة تزيد على 10 أيام (م 554 ) وكذلك الايذاء غير المقصود اذا لم ينجم عن الايذاء مرض أو تعطيل لمدة تجاوز العشرة أيام ( 565 ) وجرائم خرق المنزل والاماكن التي تخص الغير ( 571 ، 572 ) والتهديد. با نزال ضرر غير محق (م 578 ) ، وكذلك في جرائم السرقة والاحتيال واساءة الائتمان والاختلاس اذا وقعت اضرارا بالأصول أو الفروع أو الأب أو الأم ( أو الابن التبني أو الزوج غير المفترق عن زوجته قانونا ، اذا عاود المجرم جرمه في خلال خمس سنوات (م 674 ).
أما جريمة الزنا وجرائم الذم والقدح والتحقير ( المنصوص عليها بالمواد 582 ، 583 و 586 ) فلا تكفي فيها مجرد شكوى المجنى عليه) بل لا بد أن يصيبه من الجريمة «ضرر ، ولهذا اشترط القانون أن تتضمن الشكوى ادعاء بالحق المدني .
_______________
1-LEONE, op. cit., p. 324.
2- المرجع السابق ، صنعة 321
3-G. LEONE, op. cit., p. 326.
وأهمية هذا التكييف تظهر بصدد تحديد الأهلية اللازمة لممارسة حق الشكوى . واذا كان المشرع المصري ( والليبي ) نه عدد هذه الأهلية ببلوغ المجني عليه الخامسة عشرة من عمره، وبشرط الا تكون به عاهة مقلية - ( راجع المادة 3 اجراءات مصري و5 اجراءات ليبي ) فان المشرع اللبناني لم يحدد الأهلية اللازمة للتقدم بالشكوى ومن هنا بصح أن يقال ان اهلية ممارسة حق الشكوى في الأهلية اللازمة لممارسة التصرفات القانونية .
4-راجع نقدا لهذا التصوير ، فتحي والي ، نظرية البطلان في قانون المرافعات ، صفحة 105وما بعدها .
5-T. DELOQU, LA lol penale et son application, Universités et 1956 -1956 , p 121 n 36
والواقع أن المصالح التي يحبها قانون العقوبات بصورة مبادرة هي من قبيل : المصالح العامة ، بينما يحمي القانون الخاص مصالح الافراد الخاصة. واذا كان قانون الإجراءات الجنائية تابعا لقانون العقوبات ، فانه يكون واضحا أن هدف قانون الإجراءات الجزائية انه " وسيلة ، الدولة في اقتضاء العناب أي وسيلة الدولة في تحقيق المصالح موضع الحماية القانونية في قانون العقوبات .
6- A. DE MARSICO, op. cit., p. 105 e segg.
7- راجع المادة (5) من قانون الإجراءات المصري والمادة (5) من قانون الإجراءات الليبي.
8- وقبل هذا التحديد كان القضاء المصري في حيرة . وقد قضت محكمة النقض المصرية في أحد أحكامها القديمة بأن أهلية الشخص للشكوى تتحدد ببلوغه ثلاث عشرة سنة لأنه يعد بألفا - طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية - في هذه السن ومن ثم يكون له حق الشكوى في جريمة الزنا . لكن من الواضح أن المحكمة ند خلطت بين الأهلية اللازمة للزواج ، واهلية ممارسة الأعمال الإجرائية ، وجاء المشرع ليخلصها من هذه الحيرة.
9- راجع حسن كيړة، المدخل الى القانون، بيروت 1967، ج 739 فقرة ) 204 .
10- راجع المادة 237 من قانون العقوبات اللبناني والمادة 64 من قانون العقوبات المصري والمادة 80 من قانون العقوبات الليبي. "
11- راجع المادتان 5 و6 من قانون الإجراءات المصري والمادتان 5و6 من قانون الاجراءات الليبي .
12- في القانون الايطالي بعين القاضي نقلا عن المجني علبه عند العارض مصلحه مع مصلحة من يمثله قانونا (راجع المادة 121 من قانون العقوبات ).
13- وفي هذا الصدد يقرر الاستاذ مانزيني أن حق الشكوى - منظورا اليه من زاوية موضوعية - بنبر اشرط عقاب ، فأناcondizione di punibl ، كما أن عدم استعماله أو الرجوع فيه او التنازل عنه مسناه انه في حقبقه من نبيل . العفو الخاص .
V. MANZINI, Istituzioni di diritto processuale penale, Padova el 1984, n 127 p. 229.
14- راجع ما سبق فقرة 55
15- وفي مدا لنص المادة 3 من قانون الإجراءات المصري بأنه لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية الا بناء على شكوى شفهية او كابية من المجني عليه ار من وكيله الخاص... الخ..
16- وهذا خلافا للوضع في القانون المصري والليبي ، فطبقا لمدين القانونين بصح أن لكون الشكوى شفهية أو كتابية ، صريحة أو ضمنية . وفي صدد الشكوى الفنية لقرر المحكمة الليبية العليا في أحد أحكامها انه لا ينبغي لسلامة الشكوى آن بفصح مقدمها عن طلب المحاكمة بعبارة مربحة او الفاظ معينة ، وانما يكفي أن تستخلص هذه الرغبة من ظروف الشكوى او من عباراتها دون حاجة الى ذكرها صراحة فيها ، اذ أن المجني عليه الذي اصابه ضرر من الجريمة لا يتقدم بشكواه الى السلطة المختصة لمجرد التلهي او التبليغ المجرد من كل رغبة أو هدف، وانما هو يفزع الى السلطة المخنة لتقني له من الجاني . ولا يمكن تفسير ارادة المجني عليه على غير هذا الوجه الا اذا استبان من الشكوى - على نحر واضح - انصراف رغبة الثاني من المحاكمة ، كأن يقرر او يذكر صرحة في شكواه انه لصالح مع الجاني او صفح عنه او انه تجاوز عن عقابه " راجع حكم المحكمة الليبية العليا في 15/12/1956 قضاء المحكمة العليا جـ 1 ص 385 رقم 57 .
17- في هذا تنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات المصري على أنه لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية الا بناء على شكوى شفهية او كابية من المجني علبه ، او من وكيله الخاص ، الى النيابة العامة او الى احد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في الواد 185، 274 ، 277 ، 279، 293، 303، 306 ، 307 ، 308 ، من قانون العقوبات ، وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون .
ما القانون الليبي نتدر اورد في المادة الثالثة عبارة عامة بقوله « الجرائم التي يستلزم فيها قانون العقوبات المساءلة الجاني شكوى الطرف المتضرر.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|