أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-2-2016
6143
التاريخ: 2023-09-06
875
التاريخ: 9-5-2017
4328
التاريخ: 17-5-2017
4358
|
للشرعية الإجرائية أساسين يتمثل الأول بإعلانات حقوق الإنسان, ويتمثل الثاني بالدساتير الوطنية, وهذان الأساسان هما من يقوم برسم نطاق شرعية الإجراءات الجنائية, لذلك سيتم بحث كل منهما على انفراد:
أولاً: إعلانات حقوق الإنسان
تشكل إعلانات حقوق الإنسان وما تتضمنه من مبادئ وضمانات عنصراً أساسياً تستمد منه التشريعات الجنائية الإجرائية أحكامها في حماية حقوق الفرد.
ففي إنكلترا قد صدر عدداً من إعلانات الحقوق في صورة وثائق تاريخية قديمة تحد من سلطات الملك كالعهد الأعظم (الماكناكارتا) سنة 1215م, ولائحة الحقوق سنة 1689م، وقانون التسوية سنة 1701م، وملتمس الحقوق سنة 1928(1). كما عرفت الولايات المتحدة الأمريكية عدداً من إعلانات حقوق الإنسان, منها إعلان الاستقلال سنة 1776م, وإعلان الحقوق في السنة ذاتها, وكذلك هو الحال في فرنسا عندما نما وبرز الوجه التقدمي لهذه الحقوق في ظل الثورة الفرنسية فصدر إعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي الصادر سنة 1789م, وفي روسيا أصدر الحزب السوفيتي الملغى سنة 1918 إعلان حقوق جماهير العمال(2). وتأكدت مبادئ حقوق الإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 / 12/ 1948 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة, والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادرة سنة 1966م, والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية(3) الصادر عن ذات الجمعية وفي ذات السنة. كما أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي لمنظمة الأمم المتحدة سنة 1957 إقراراً باعتماد مجموعة الحد الأدنى لمعاملة المسجونين, وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1985 المبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية التي اقرها مؤتمر الأمم المتحدة السابع المنعقد في مدينة ميلانو لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين. وعلى صعيد الدول العربية, فقد أعدت مجموعة من الخبراء مشروع ميثاق حقوق الإنسان في الوطن العربي بعد اجتماعهم في مدينة سيراكوزا الإيطالية سنة 1981, وقد تبنى هذا المشروع بالإجماع المؤتمر السادس عشر لاتحاد المحامين العرب في الكويت سنة 1987م(4). وهذه الإعلانات على الرغم من ورودها في وثائق قد تكون وطنية أو إقليمية أو دولية, لكن الصفة الإلزامية لم تكن لجميعها, فكان للغالبية العظمى منها مجرد تأثير فلسفي وأدبي دون أن تكون لها صفة الإجبار, فقد انحصرت صفة الإلزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 رغم القول بأنه لم تكن له هذه الصفة كونه لم ينص على طريقة تنفيذه ولم يكن محلاً للتصديق عليه من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة, لكن هذا الرأي لم تأخذ به محكمة العدل الدولية, ففي رأي لها حول هذا الإعلان بأنه: "يبين المبادئ الأساسية للقانون الدولي"(5), كما تميز العهدين الدوليين بالصفة الملزمة بالإضافة إلى بعض الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان.
ثانياً: الدساتير الوطنية للدول
لما كان توفير الحريات العامة والشخصية ومراعاة حرمة المسكن وعدم ضبط الأموال أو الأشياء الخاصة أو الاستيلاء عليها إلا بموجب قانون ومحاكمة الفرد أمام محاكم وهيئات قضائية مختصة ومستقلة عن سلطات الدول الأخرى, أموراً ذات أهمية بالغة, فإن أغلب الدساتير تكفل وبنصوص واضحة وصريحة ضمان توفيرها وعدم تقييدها أو الحرمان منها ومنع التمتع بها إلا بالقوانين وخاصة قانون الإجراءات الجنائية(6). فيتبع المشرع الدستوري في صياغته للشرعية الإجرائية لكونها لا ترتفع إلى مستوى القوة الملزمة بدون صياغتها في إطار دستوري إحدى الأسلوبين:
الأسلوب الأول: بأن يكفل الدستور الحريات العامة بصورة مطلقة دون الإحالة إلى قانون ما لتحديد شروط التمتع بها, وفي هذه الحالة لا يجوز الحد من نطاق الحريات إلا بموجب نص دستوري مماثل.
أما الأسلوب الثاني: هو كفالة الحريات العامة في الدستور من حيث المبدأ وترك مهمة تحديد مضمون المبدأ أو نطاقه للقانون, ويتم ضمان صدور القانون في إطار الدستور عن طريق الرقابة القضائية على دستورية القوانين.
فدساتير الدول قد تعرضت للشرعية الإجرائية بوصفها الشرعية الدستورية في الإجراءات الجنائية, فقد نص الدستور المؤقت لعام 1970 والدستور الصادر عام 2005 على الحقوق والحريات العامة والفردية(7), فنصت بأجمعها على وجوب عدم الاعتداء على حقوق الفرد حيث أنها دعامة أساسية لصيانة حقوق المجتمع, ومنعت كل من يخالف ضمان توفير هذه الحريات أو الحقوق إلا بموجب أحكام القانون المشرَع وغير المخالف لنصوص الدستور, فالقيود الواردة على الحقوق والحريات العامة وإن أجاز المشرع وجودها في القانون فيجب أن لا يتعدى مداها وطبيعتها القواعد المنصوص عليها في صلب الدستور, فكل نص يورده المشرع في القانون ويخالف به قواعد الدستور يعتبر نصاً غير دستوري يجب العمل على إلغائه من قبل المشرع أو على الأقل عدم تطبيقه من قبل القاضي, وذلك حسب الأحوال التي ينظمها الدستور والقواعد العامة لمبدأ عدم دستورية القوانين والسلطات التي لها الحق في إقرار عدم الدستورية(8).
والنص على الحقوق والحريات الفردية العامة لم يقتصر على الدساتير العراقية, فهناك دساتير عربية وعالمية قد نصت على هذه الحقوق في صلبها, ومنها الدستور المصري(9) والدستور الأردني(10) والدستور السـوري(11) , وغيرها من الدساتيـر العالمية(12), وفي توقف لمجلس الدولة الفرنسي في توسيعه لمدلول (الحرية الشخصية) لكي ينصرف أيضاً إلى مجموعة من حقوق الإنسان, فحددها بأنها تلك التي أشارت إليها مقدمة الدستور الفرنسي الصادر سنة 1958م, وهذا ما يتفق بدوره مع قضاء المحكمة الدستورية في مصر الذي اعتنق المسار الواسع لفكرة الحرية الشخصية(13). وبهذا تكون الدساتير الدولية قد تضمنت عدد من النصوص التي تستمد منها شرعية الإجراءات الجنائية مبادئها التي تتعلق بكفالة الحقوق والحريات العامة, وأهمها مبدأ افتراض براءة المتهم واعتبار جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية, وحق محاكمة الفرد أمام قاضيه الطبيعي, ومبدأ لا عقوبة بغير دعوى جنائية, وقانونية الإجراءات الجنائية. ومهما يذكر بشان أساس الشرعية الجنائية الإجرائية, فإنه ينحصر في إطار الأساس الوضعي لها, فالشريعة الإسلامية الغراء قد نصت عليها من قَبل حيث كفل الإسلام الحق في الحياة الخاصة, فقال تعالى "يأيها الذي آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون,فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم"(14).
وقوله تعالى "يأيها الذي آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن أثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم"(15).
___________
1- ينظر: د. أحمد فتحي سرور, الشرعية الدستورية وحقوق الإنسان في الإجراءات الجنائية, دار النهضة العربية, القاهرة 1995, ص133.
2- ينظر: حسن يوسف مقابلة, الشرعية في الإجراءات الجنائية, الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع, عمان 2003, ص50.
3- ينظر: Thomas Buergenthal, un norel examen tustatut juvidrque de la convention Europeene, Revuede la commission interhatishale des jurists 1960.
p. 57
أشار إليه حسن يوسف مقابلة, المرجع السابق, ص50.
4- ينظر: Gerald counther, individual rightsin constitutional lqw, 1992, p.254.
أشار إليه حسن يوسف مقابلة, المرجع السابق, ص51.
5- ينظر: حسن يوسف مقابلة, المرجع السابق, ص52.
6- ينظر: الأستاذ عبد الأمير العكيلي, أصول الإجراءات الجنائية في قانون أصول المحاكمات الجزائية, الجزء الأول, مطبعة المعارف, بغداد 1975، ص14-15.
7- ينظر: نصوص المواد (15, 17, 19) من الدستور العراقي الصادر عام 2005, ونصوص المواد (20, 22, 23, 24) من الدستور العراقي الملغى لعام 1970.
8- ينظر: المادة (91/أولاً) من الدستور العراقي لعام 2005, وللتفصيل في ذلك ينظر: الأستاذ عبد الأمير العكيلي, المرجع السابق, ص15.
9- ينظر: المواد (41, 44, 45) من الدستور المصري الصادر عام 1971.
10- ينظر المواد (8, 18) من الدستور الأردني الصادر سنة 1952.
11- ينظر المواد (28, 31, 32, 35) من الدستور السوري الصادر عام 1973.
12- ومنها دستور اليابان لعام 1963 حيث نصت المادة (31) منه على أنه: "لا يجوز حرمان أحد من حقه في الحياة أو الحرية, كما لا يجوز توقيع عقوبات جنائية على أحد ما لم يكون وفقاً لإجراءات يحددها القانون", ونص الدستور الهندي لعام 1948 في المادة (21) منه على أنه: "لا يجوز أن يحرم شخص من حياته أو حريته الشخصية إلا طبقاً للإجراءات التي ينص عليها القانون", وقد نص الدستور الفرنسي الصادر عام 1958 في مادته (34) على أن: "يحدد القانون القواعد التي تخص المسائل الآتية: تحديد الجنايات والجنح والعقوبات المقررة لها والإجراءات الجنائية والعفو وإنشاء لأنواع ا لجديدة للمحاكم ونظام القضاء", ينظر في ذلك د. محمد زكي أبو عامر, الإجراءات الجنائية, منشأة المعارف, الإسكندرية 1994, ص34.
13- ينظر: د. أحمد فتحي سرور, الشرعية الدستورية وحقوق الإنسان في الإجراءات الجنائية, المرجع السابق, ص139.
14- سورة النور, الآيات (27-28)
15- سورة الحجرات, الآية (12)
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|