[حديث الأركاح]

قال الكلبي: كان هاشم [1] بن عبد مناف أوصى إلى أخيه المطلب بن عبد مناف فبنو المطلب وبنو هاشم يد إلى اليوم، وبنو عبد شمس وبنو نوفل يد إلى اليوم، فلما هلك المطلب وثب نوفل بن عبد مناف على ساحات كانت لهاشم وهي الأركاح فوهبها لابنه عبد المطلب فأخذها، فاستنصر عبد المطلب قومه فلم يجبه [2] منهم كبير [3] أحد، فلما رأى عبد المطلب خذلان قومه بعث إلى أخواله من بني النجار، وكانت أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد أحد بني عامر بن غنم بن عدي بن النجار بن ثعلبة بن عمرو من الخزرج، وكان في كتاب عبد المطلب بن هاشم إليهم هذا الشعر: (البسيط)

يا طول ليلي وأحزاني وأشغالي ... هل من رسول إلى النجار أخوالي

ينبئ [4] عديا وذبيانا [5] ومازنها ... ومالكا [6] عصمة الجيران [7] عن حالي

قد كنت فيكم ولا أخشى ظلامة ذي ... ظلم عزيزا منيعا ناعم البال

حتى ارتحلت إلى قومي وأزعجني ... عن ذاك [8] مطّلب عمي بترحال

قد كنت ما كان حيا ناعما جذلا ... أمشي العرضنة [9] سحّابا بأذيال

فغاب مطلب في قعر مظلمة ... وقام [10] نوفل كي يعدو [11] على مالي

أأن رأى رجلا غابت عمومته ... وغاب أخواله عنه بلا وال [12]

أنحى عليه ولم يحفظ له رحما ... ما أمنع المرء بين العم والخال

فاستنفروا وامنعوا ضيم ابن أختكم [13] ... لا تخذلوه فما أنتم بخذّال [14]

ما مثلكم في بني قحطان قاطبة ... حيّ لجار وإنعام وإفضال

أنتم ليان [15] لمن لانت عريكته ... سلم لكم [16] وسمام الأبلخ [17] الغالي [18]

فأقبلوا على كل صعب وذلول[19] حتى انتهوا إلى مكة فكلموا نوفلا حتى رد على عبد المطلب أركاحه فأنشأ عبد المطلب يقول: (الوافر) .

تأبّى [20] مازن وبنو عدي ... وذبيان [21] بن تيم اللات ضيمي

وذادت [22] مالك حتى تناهى [23] ... ونكب بعد نوفل [24] عن حريمي

بهم رد الإله علّي ركحي ... فكانوا في التنصر [25] دون قومي

وقال أيضا عبد المطلب لأخواله بني النجار: (السريع)

أبلغ بني النجار إن جئتهم ... أني منهم وابنهم والخميس [26]

رأيتهم قوما إذا جئتم ... هووا لقائي وأحبوا حسيس [27]

قال فأخبرني ابن الكلبي [28] قال: لما بعث عبد المطلب إلى أخواله بني النجار أقبل منهم ثمانون رجلا قد تقلدوا وتنكّبوا القسي وعلقوا التراس في مناكبهم فأناخوا بفناء الكعبة، فلما رآهم [29] نوفل قال: ما أشخص هؤلاء إلا الشر، فخافهم فردّ على ابن أخيه الأركاح وأحسن إليه، فقال شمر [30] بن عويمر [31] الكناني [32] : يمدح بني النجار لنصرهم عبد المطلب على عمه: (الطويل)

لعمري لأخوال ابن هاشم نصرة [33] ... من أعمامه الأدنين [34] أحسن [35] أفضل [36]

أجابوا على نأي [37] دعاء ابن أختهم ... وقد رامه بالظلم والغدر نوفل [38]

فما برحوا حتى تدارك حقه ... وردّ عليه بعد ما كاد يؤكل

جزى [39] الله خيرا عصبة خزرجية ... تواصوا على بر وذو البر أفضل

________________

[1] في الأصل: هشام.

[2] في الأصل: يحبه.

[3] في أنساب الأشراف 1/ 69: فلم ينهض كبير أحد منهم.

[4] في الأصل: يا بني.

[5] في أنساب الأشراف 1/ 69 وتاريخ الطبري 2/ 179: دينارا، وهو خطأ.

[6] في الأصل: هالكا.

[7] في الأصل: الجران.

[8] في أنساب الأشراف 1/ 58: لذلك، وهو خطأ.

[9] العرضنة بكسر العين وفتح الراء والنون زائدة، ومعنى أمشي العرضنة: أمشي بالنشاط والمرح والتبختر.

[10] في أنساب الأشراف 1/ 69: ثم انتزى.

[11] في الأصل: يغدوا- بالغين.

[12] في أنساب الأشراف 1/ 69: والي- بالياء، وهو خطأ.

[13] في الأصل: أخيكم.

[14] في الأصل: نجذال- بالنون والجيم.

[15] في أنساب الأشراف 1/ 69: شهاد.

[16] في أنساب الأشراف 1/ 69: من سلمكم.

[17] الأبلخ بالخاء المعجمة: الأحمق والمتكبر.

[18] في الأصل: الغال- بدون الياء.

[19] في الأصل: ذيول- بالياء المثناة.

[20] في أنساب الأشراف 1/ 70: ستأبى، وهو خطأ.

[21] في أنساب الأشراف 1/ 70: دينار، وكذا في تاريخ الطبري 2/ 178، وهو خطأ.

[22] في الأصل: ذاوت- بالواو، وفي تاريخ الطبري 2/ 178: وسادة.

[23] في الأصل: تناهت.

[24] في الأصل: نوفل- بتنوين اللام.

[25] في الأصل التنصب، وفي أنساب الأشراف 1/ 70: التناصر، وفي تاريخ الطبري 2/ 178: التنسب، وهذا أرجح من التنصر والتناصر.

[26] على هامش الكتاب: الخميس صنم أقسم به، ولم نجد الخميس في مراجعنا بهذا المعنى.

[27] الحسيس: الصوت الخفي، والمراد: حسيسي.

[28] يعني هشام بن محمد بن السائب الكلبي.

[29] في الأصل: رأى هم.

[30] في تاريخ الطبري 2/ 178: سمرة.

[31] في تاريخ الطبري 2/ 178: عمير، وفي أنساب الأشراف 1/ 70: نمر.

[32] في أنساب الأشراف 1/ 70: الداني، وهو خطأ.

[33] في أنساب الأشراف 1/ 70: الأغر ابن هاشم، وفي تاريخ الطبري 2/ 178: لشيبة قصرة.

[34] في تاريخ الطبري 2/ 178: دنيا.

[35] في تاريخ الطبري 2/ 178: أبر، وفي الأصل: احنى و (مدير) .

[36] في تاريخ الطبري 2/ 178: أوصل، وهكذا في أنساب الأشراف 1/ 70.

[37] في تاريخ الطبري 2/ 178: بعد.

[38] وعجز البيت في تاريخ الطبري 2/ 178: ولم يثنهم إذ جاوز الحق نوفل، وفي أنساب الأشراف 1/ 70: وقد ناله بالظلم.

[39] في الأصل: جزا.