المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17644 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

نظرية (كريستالر)
7-2-2022
Alpha Radiation
3-4-2017
خَيْثَمة بن عبد الرحمن
19-8-2016
الحمزة بن عبد المطلب (رض)
21-5-2021
لفظ وقراءة سورة الفاتحة
12-6-2016
The subjects on phonology
2024-05-06


تفسير الآية (1-5) من سورة الزمر  
  
4208   03:53 مساءً   التاريخ: 27-4-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الزاي / سورة الزمر /

قال تعالى : {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُو كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) لَو أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُو اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُو الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} [الزمر : 1 - 5]

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

عظّم الله سبحانه أمر القرآن وحث المكلفين على القيام بما فيه واتباع أوامره ونواهيه بأن قال {تنزيل الكتاب من الله العزيز} المتعال عن المثل والشبه {الحكيم} في أفعاله وأقواله فوصف هنا نفسه بالعزة تحذيرا من مخالفة كتابه وبالحكمة إعلاما بأنه يحفظه حتى يصل إلى المكلفين من غير تغيير لشيء منه {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} أي لم ننزله باطلا بغير غرض وقيل معناه بالأمر الحق أي بالدين الصحيح {فاعبد الله} أي توجه بعبادتك إلى الله وحده {مخلصا له الدين} من شرك الأوثان والأصنام والإخلاص أن يقصد العبد بنيته وعمله إلى خالقه لا يجعل ذلك لغرض الدنيا {ألا لله الدين الخالص} والخالص هو الذي لا يشوبه الرياء والسمعة ولا وجه من وجوه الدنيا والدين الخالص الإسلام عن الحسن وقيل هو شهادة أن لا إله إلا الله عن قتادة وقيل معناه إلا لله الطاعة بالعبادة التي يستحق بها الجزاء فهذا لله وحده لا يجوز أن يكون لغيره وقيل هو الاعتقاد الواجب في التوحيد والعدل والنبوة والشرائع والإقرار بها والعمل بموجبها والبراءة من كل دين سواها فهذا تفصيل قول الحسن أنه الإسلام .

 {والذين اتخذوا من دونه أولياء} أي زعموا أن لهم من دون الله مالكا يملكهم وهاهنا حذف يدل الكلام عليه أي يقولون {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} أي ليشفعوا لنا إلى الله والزلفى القربى وهو اسم أقيم مقام المصدر {إن الله يحكم بينهم} يوم القيامة {فيما هم فيه يختلفون} من أمور الدين فيعاقب كلا منهم على قدر استحقاقه {إن الله لا يهدي} إلى طريق الجنة أولا يحكم بهدايته إلى الحق {من هو كاذب} على الله وعلى رسوله {كفار} بما أنعم الله عليه جاحد لإخلاص العبادة لله ولم يرد به الهداية إلى الإيمان لقوله سبحانه {وأما ثمود فهديناهم} .

{لو أراد الله أن يتخذ ولدا} على ما يقوله هؤلاء من أن الملائكة بنات الله أو ما يقوله النصارى من أن المسيح ابن الله أو اليهود أن عزيرا ابن الله {لاصطفى} أي لاختار {مما يخلق ما يشاء} أي ما كان يتخذ الولد باختيارهم حتى يضيفوا إليه من شاءوا بل كان يختص من خلقه ما يشاء لذلك لأنه غير ممنوع من مراده ومثله قوله {لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا} .

ثم أخبر سبحانه أنه منزه عن اتخاذ الأولاد بقوله {سبحانه} أي تنزيها له عن ذلك {هو الله الواحد} لا شريك له ولا صاحبة ولا ولد {القهار} لخلقه بالموت وهو حي لا يموت ثم نبه سبحانه على كمال قدرته فقال {خلق السماوات والأرض بالحق} أي لم يخلقهما باطلا لغير غرض بل خلقهما للغرض الحكمي {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} أي يدخل كل واحد منهما على صاحبه بالزيادة والنقصان فما يزيد في أحدهما ينقص من الآخر عن الحسن وجماعة من المفسرين وقيل يغشى هذا هذا ، كما قال يغشي الليل النهار ويولج الليل في النهار عن قتادة .

{وسخر الشمس والقمر} بأن أجراهما على وتيرة واحدة {كل يجري لأجل مسمى} أي إلى مدة قدرها الله لهما أن يجريا إليها وقيل إلى قيام الساعة وقيل لأجل مسمى أي لوقت معلوم في الشتاء والصيف هو المطلع والمغرب لكل واحد منهما {ألا هو العزيز الغفار} مر معناه وفائدة الآية أن من قدر على خلق السماوات والأرض وتسخير الشمس والقمر وإدخال الليل في النهار فهو منزه عن اتخاذ الولد والشريك فإن ذلك من صفة المحتاجين .

_________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص382-384 .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

 

{تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} . القرآن من عند اللَّه الذي خلق الخلائق بقدرته ، ودبرها بحكمته {إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهً مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ} . قد يقال : ان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) على يقين بأن القرآن من لدن عزيز حكيم ، وانه يعبد اللَّه مخلصا له الدين ، إذن ، فما الغرض من هذا الأمر ، وذاك الإخبار ؟ .

الجواب : لقد أوذي النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، وتحمل الكثير ، فقال له سبحانه : انك تدعو إلى الحق ، ومن دعا إليه في محيط مثل بلدك لا بد أن يدفع الثمن من نفسه أو أهله أو ماله . . وأيضا أنت مخلص للَّه في جميع أقوالك وأفعالك ، ومن أخلص للَّه لاقى الكثير من أعدائه . وبتعبير ثان ليس قوله تعالى : {أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ} مجرد إخبار ، ولا قوله : {فَاعْبُدِ اللَّهً} مجرد أمر ، بل هما شهادة للنبي بالعظمة وتسلية عما يقاسي من أعداء اللَّه والحق .

{أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ} من كل شائبة ، أما الدين المشوب بالرياء والأهواء فهو للشيطان ، لا للرحمن . . ولا يكون هذا الدين الخالص إلا لمن يجعل منه مثله الأعلى ، ويضحي من أجله بنفسه وجميع منافعه ، ولا يضحي به لأجل منفعته ومصلحته {والَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى} .

عاد سبحانه إلى المشركين وأخبر أنهم يتخذون من دون اللَّه أربابا ليشفعوا لهم عنده . وتقدم مثله في الآية 18 من سورة يونس ج 4 ص 144 .

{إِنَّ اللَّهً يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} . لا يختلف المشركون فيما بينهم على الشرك ، وانما يختلف المشركون والموحدون ، واللَّه سبحانه يفصل بين الفريقين فينعم على من وحّد واتقى ، وينتقم ممن أشرك وبغى {إِنَّ اللَّهً لا يَهْدِي مَنْ هُو كاذِبٌ كَفَّارٌ} . انه تعالى يهدي من سلك سبيل الهداية ، ويضل من اختار طريق الضلال ، ويهلك من ألقى بيديه إلى التهلكة ، وينجي من احتاط وتجنب المهالك .

{لَو أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ} . هذا من فرض المحال ، وفرض المحال ليس بمحال ، والوجه في امتناعه ان اتخاذ الولد يستدعي بطبعه الحاجة والافتقار إليه ، واللَّه غني عن كل شيء . . هذا ، إلى أن كل والد فهو موروث ، وكل موروث فهو هالك ، فكل والد هالك ، فكيف يكون اللَّه والدا {سُبْحانَهُ هُو اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ} لا شريك له ولا كفؤ ولا صاحبة ولا ولد . لا شيء إلا هو .

{خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ ويُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ} .

قلنا فيما سبق : ان للَّه كتابين : كتاب ناطق مسطور ، وهو القرآن ، وكتاب صامت منظور ، وهو الكون ، وان هذا الكتاب بما فيه من وحدة التصميم وحكمة التنظيم يدل دلالة قاطعة على وحدة المصمم وحكمة المنظم . . أما الصدفة فإنها ان صدقت في شيء فإنها لا تصدق في كل شيء ، ولا تتكرر مرات في الشيء الواحد .

وقال صاحب الظلال وهو يتكلم عن هذه الآية : ان التعبير بيكوّر يقسرني قسرا على النظر في موضوع كروية الأرض . . انها تدور حول نفسها في مواجهة الشمس ، فالجزء الذي يواجه الشمس من سطحها المكور يغمره الضوء ويكون نهارا ، ولكن هذا الجزء لا يثبت لأن الأرض تدور ، وكلما تحركت بدأ الليل يغمر سطح الأرض الذي كان عليه النهار ، وهذا السطح مكور فالنهار عليه يكون مكوّرا ، والليل يتبعه مكورا ، وهكذا في حركة دائبة) .

وكلمة التكوير غير بعيدة في دلالتها عن كروية الأرض ، ومن أجل هذا فنحن مع صاحب الظلال في قوله : ان التعبير بيكور يستدعي النظر في كروية الأرض .

وقال مصطفى محمود في مجلة (صباح الخير) كما قال صاحب الظلال دون أن يشير إليه ، ولا أدري ان كان هذا من باب توارد الخاطر . وتقدم نظيره في سورة يس الآية 37 ، ولم ترد فيها كلمة التكوير ، وعند شرحها أشرنا إلى دوران الأرض حول نفسها ، وان جانبها الذي يحاذي الشمس حين الدوران يكون نهارا ، وغير المحاذي يكون ليلا .

{وسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُو الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} تقدم في الآية 2 من سورة الرعد ج 4 ص 373 والآية 29 من سورة لقمان و13 من سورة فاطر .

________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص393-396 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

يظهر من خلال آيات السورة أن المشركين من قومه (صلى الله عليه وآله وسلم) سألوه أن ينصرف عما هو عليه من التوحيد والدعوة إليه والتعرض لآلهتهم وخوفوه بآلهتهم فنزلت السورة - وهي قرينة سورة ص بوجه - وهي تؤكد الأمر بأن يخلص دينه لله سبحانه ولا يعبأ بآلهتهم وأن يعلمهم أنه مأمور بالتوحيد وإخلاص الدين الذي تواترت الآيات من طريق الوحي والعقل جميعا عليه .

ولذلك نراه سبحانه يعطف الكلام عليه في خلال السورة مرة بعد مرة كقوله في مفتتح السورة : {فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص} ثم يرجع إليه ويقول : {قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين} - إلى قوله - {قل الله أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه} .

ثم يقول : {إنك ميت وإنهم ميتون} إلخ ثم يقول : {أ ليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه} ثم يقول : {قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل} ثم يقول : {قل أ فغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} إلى غير ذلك من الإشارات .

ثم عمم الاحتجاج على توحده تعالى في الربوبية والألوهية من الوحي ومن طريق البرهان وقايس بين المؤمنين والمشركين مقايسات لطيفة فوصف المؤمنين بأجمل أوصافهم وبشرهم بما سيثيبهم في الآخرة مرة بعد مرة وذكر المشركين وأنذرهم بما سيلحقهم من الخسران وعذاب الآخرة مضافا إلى ما يصيبهم في الدنيا من وبال أمرهم كما أصاب الذين كذبوا من الأمم الدارجة من عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر .

ومن ثم وصفت السورة يوم البعث وخاصة في مختتمها بأوضح الوصف وأتمه .

والسورة مكية لشهادة سياق آياتها بذلك وكأنها نزلت دفعة واحدة لما بين آياتها من الاتصال .

والآيات العشر المنقولة تجمع الدعوة من طريق الوحي والحجة العقلية بادئة بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .

قوله تعالى : {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم} {تنزيل الكتاب} خبر لمبتدأ محذوف ، وهو مصدر بمعنى المفعول فيكون إضافته إلى الكتاب من إضافة الصفة إلى موصوفها و{من الله} متعلق بتنزيل والمعنى هذا كتاب منزل من الله العزيز الحكيم .

وقيل : {تنزيل الكتاب} مبتدأ و{من الله} خبره ولعل الأول أقرب إلى الذهن .

قوله تعالى : {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين} عبر بالإنزال دون التنزيل كما في الآية السابقة لأن القصد إلى بيان كونه بالحق وهو يناسب مجموع ما نزل إليه من ربه .

وقوله : {بالحق} الباء فيه للملابسة أي أنزلناه إليك متلبسا بالحق فما فيه من الأمر بعبادة الله وحده حق ، وعلى هذا المعنى فرع عليه قوله : {فاعبد الله مخلصا له الدين} والمعنى فإذا كان بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين لأن فيه ذلك .

والمراد بالدين - على ما يعطيه السياق - العبادة ويمكن أن يراد به سنة الحياة وهي الطريقة المسلوكة في الحياة في المجتمع الإنساني ، ويراد بالعبادة تمثيل العبودية بسلوك الطريق التي شرعها الله سبحانه والمعنى فأظهر العبودية لله في جميع شئون حياتك باتباع ما شرعه لك فيها والحال أنك مخلص له دينك لا تتبع غير ما شرعه لك .

قوله تعالى : {ألا لله الدين الخالص} إظهار وإعلان لما أضمر وأجمل في قوله : {بالحق} وتعميم لما خصص في قوله : {فاعبد الله مخلصا له الدين} أي إن الذي أوحيناه إليك من إخلاص الدين لله واجب على كل من سمع هذا النداء ، ولكون الجملة نداء مستقلا أظهر اسم الجلالة وكان مقتضى الظاهر أن يضمر ويقال : له الدين الخالص .

ومعنى كون الدين الخالص له أنه لا يقبل العبادة ممن لا يعبده وحده سواء عبده وغيره أو عبد غيره وحده .

قوله تعالى : {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} إلى آخر الآية تقدم أن الوثنية يرون أن الله سبحانه أجل من أن يحيط به الإدراك الإنساني من عقل أووهم أو حس فيتنزه تعالى عن أن يقع عليه توجه عبادي منا .

فمن الواجب أن نتقرب إليه بالتقرب إلى مقربيه من خلقه وهم الذين فوض إليهم تدبير شئون العالم فنتخذهم أربابا من دون الله ثم آلهة نعبدهم ونتقرب إليهم ليشفعوا لنا عند الله ويقربونا إليه زلفى وهؤلاء هم الملائكة والجن وقديسو البشر وهؤلاء هم الأرباب والآلهة بالحقيقة .

أما الأصنام المصنوعة المنصوبة في الهياكل والمعابد فإنما هي تماثيل للأرباب والآلهة وليست في نفسها أربابا ولا آلهة غير أن الجهلة من عامتهم ربما لم يفرقوا بين الأصنام وأرباب الأصنام فعبدوا الأصنام كما يعبد الأرباب والآلهة وكذلك كانت عرب الجاهلية وكذلك الجهلة من عامة الصابئين ربما لم يفرقوا بين أصنام الكواكب والكواكب التي هي أيضا أصنام لأرواحها الموكلة عليها وبين أرواحها التي هي الأرباب والآلهة بالحقيقة عند خاصتهم .

وكيف كان فالأرباب والآلهة هم المعبودون عندهم وهم موجودات ممكنة مخلوقة لله مقربة عنده مفوضة إليهم تدبير أمر العالم لكل بحسب منزلته وأما الله سبحانه فليس له إلا الخلق والإيجاد وهورب الأرباب وإله الآلهة .

إذا تذكرت ما مر ظهر أن المراد بقوله : {والذين اتخذوا من دونه أولياء} اتخاذهم أربابا يدبرون الأمر بأن يسندوا الربوبية وأمر التدبير إليهم لا إلى الله فهم المدبرون للأمر عندهم ويتفرع عليه أن يخضع لهم ويعبدوا لأن العبادة لجلب النفع أو لدفع الضرر أو شكر النعم وكل ذلك إليهم لتصديهم أمر التدبير دون الله سبحانه .

فالمراد باتخاذهم أولياء اتخاذهم أربابا (2) ، ولذا عقب اتخاذ الأولياء بذكر العبادة {ما نعبدهم إلا ليقربونا} فقوله : {والذين اتخذوا من دونه أولياء} مبتدأ خبره {إن الله يحكم} إلخ والمراد بهم المشركون القائلون بربوبية الشركاء وألوهيتهم دون الله إلا ما ذهب إليه جهلتهم من كونه تعالى شريكا لهم في المعبودية .

وقوله : {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} تفسير لمعنى اتخاذ الأولياء من دون الله وهو حكاية لقولهم أو بتقدير القول أي يقولون : ما نعبدهم هؤلاء إلا ليقربونا بسبب عبادتنا لهم إلى الله تقريبا فهم عادلون منه تعالى إلى غيره ، وإنما سموا مشركين لأنهم يشركون به تعالى غيره حيث يقولون بكونهم أربابا وآلهة للعالم وكونه تعالى ربا وإلها لأولئك الأرباب والآلهة ، وأما الشركة في الخلق والإيجاد فلم يقل به لا مشرك ولا موحد .

وقوله : {إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون} قيل : ضمير الجمع للمشركين وأوليائهم أي إن الله يحكم بين المشركين وبين أوليائهم فيما هم فيه يختلفون ، وقيل : الضميران راجعان إلى المشركين وخصمائهم من أهل الإخلاص في الدين المفهوم من السياق ، والمعنى إن الله يحكم بينهم وبين المخلصين للدين .

وقوله : {إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار} الكفار كثير الكفران لنعم الله أو كثير الستر للحق ، وفي الجملة إشعار بل دلالة على أن الحكم يوم القيامة على المشركين لا لهم وأنهم مسيرون إلى العذاب ، والمراد بالهداية الإيصال إلى حسن العاقبة .

قوله تعالى : {لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار} احتجاج على نفي قولهم : إن الله اتخذ ولدا ، وقول بعضهم : الملائكة بنات الله .

والقول بالولد دائر بين عامة الوثنية على اختلاف مذاهبهم وقد قالت النصارى : المسيح ابن الله ، وقالت اليهود على ما حكاه القرآن عنهم : عزير ابن الله وكأنها بنوة تشريفية .

والبنوة كيفما كانت تقتضي شركة ما بين الابن والأب والولد والوالد فإن كانت بنوة حقيقية وهي اشتقاق شيء من شيء وانفصاله منه اقتضت الشركة في حقيقة الذات والخواص والآثار المنبعثة من الذات كبنوة إنسان لإنسان المقتضية لشركة الابن لأبيه في الإنسانية ولوازمها ، وإن كانت بنوة اعتبارية كالبنوة الاجتماعية وهو التبني اقتضت الاشتراك في الشئونات الخاصة بالأب كالسؤدد والملك والشرف والتقدم والوراثة وبعض أحكام النسب ، والحجة المسوقة في الآية تدل على استحالة اتخاذ الولد عليه تعالى بكلا المعنيين .

فقوله : {لو أراد الله أن يتخذ ولدا} شرط صدر بلو الدال على الامتناع للامتناع ، وقوله : {لاصطفى مما يخلق ما يشاء} أي لاختار لذلك مما يخلق ما يتعلق به مشيئته على ما يفيده السياق وكونه مما يخلق لكون ما عداه سبحانه خلقا له .

وقوله : {سبحانه} تنزيه له سبحانه ، وقوله : {هو الله الواحد القهار} بيان لاستحالة الشرط وهو إرادة اتخاذ الولد ليترتب عليه استحالة الجزاء وهو اصطفاء ما يشاء مما يخلق وذلك لأنه سبحانه واحد في ذاته المتعالية لا يشاركه فيها شيء ولا يماثله فيها أحد لأدلة التوحيد ، وواحد في صفاته الذاتية التي هي عين ذاته كالحياة والعلم والقدرة ، وواحد في شئونه التي هي من لوازم ذاته كالخلق والملك والعزة والكبرياء لا يشاركه فيها أحد .

وهو سبحانه قهار يقهر كل شيء بذاته وصفاته فلا يستقل قبال ذاته ووجوده شيء في ذاته ووجوده ولا يستغني عنه شيء في صفاته وآثار وجوده فالكل أذلاء داخرون بالنسبة إليه مملوكون له فقراء إليه .

فمحصل حجة الآية قياس استثنائي ساذج يستثنى فيه نقيض المقدم لينتج نقيض التالي وهو نحو من قولنا : لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى لذلك بعض من يشاء من خلقه لكن إرادته اتخاذ الولد ممتنعة لكونه واحدا قهارا فاصطفاؤه لذلك بعض من يشاء من خلقه ممتنع .

وقد أغرب بعضهم في تقريب حجة الآية فقال : حاصل المعنى لو أراد سبحانه اتخاذ الولد لامتنعت تلك الإرادة لتعلقها بالممتنع أعني الاتخاذ لكن لا يجوز للباري إرادة ممتنعة لأنها ترجح بعض الممكنات على بعض .

وأصل الكلام لو اتخذ الولد لامتنع لاستلزامه ما ينافي الألوهية فعدل إلى لو أراد الاتخاذ لامتنع أن يريده ليكون أبلغ وأبلغ ثم حذف هذا الجواب وجيء بدله لاصطفى تنبيها على أن الممكن هذا لا الأول وأنه لوكان هذا من اتخاذ الولد في شيء لجاز اتخاذ الولد عليه سبحانه وتعالى شأنه عن ذلك فقد تحقق التلازم وحق نفي اللازم وإثبات الملزوم دون صعوبة .

انتهى .

وكأنه مأخوذ من قول الزمخشري في الكشاف ، في تفسير الآية حيث قال : يعني لو أراد اتخاذ الولد لامتنع ولم يصح لكونه محالا ولم يتأت إلا أن يصطفي من خلقه بعضه ويختصهم ويقربهم كما يختص الرجل ولده ويقربه وقد فعل ذلك بالملائكة فافتتنتم به وغركم اختصاصه إياهم فزعمتم أنهم أولاده جهلا منكم به وبحقيقته المخالفة لحقائق الأجسام والأعراض كأنه قال : لو أراد اتخاذ الولد لم يزد على ما فعل من اصطفاء ما يشاء من خلقه وهم الملائكة لكنكم لجهلكم به حسبتم اصطفاءهم اتخاذهم أولادا ثم تماديتم في جهلكم وسفهكم فجعلتموهم بنات فكنتم كذابين كفارين متبالغين في الافتراء على الله وملائكته غالين في الكفر انتهى .

وأنت خبير أن سياق الآية لا يلائم هذا البيان .

على أنه لا يدفع قول القائل بالتبني التشريفي كقول اليهود عزير ابن الله فإنهم لا يريدون بالتبني إلا اصطفاء من يشاء من خلقه .

وهناك بعض تقريبات أخر منهم لا جدوى فيه تركنا إيراده .

قوله تعالى : {خلق السموات والأرض بالحق} لا يبعد أن يكون ما فيه من الإشارة إلى الخلق والتدبير بيانا لقهاريته تعالى لكن اتصال الآيتين وارتباطهما مضمونا وانتهاء الثانية إلى قوله : {ذلكم الله ربكم} إلخ كالصريح في أن ذلك استئناف بيان للاحتجاج على توحيد الربوبية .

فالآية والتي تليها مسوقتان لتوحيد الربوبية وقد جمع فيهما بين الخلق والتدبير لما مر مرارا أن إثبات وحدة الخالق لا يستلزم عند الوثني نفي تعدد الأرباب والآلهة لأنهم لا ينكرون انحصار الخلق والإيجاد فيه تعالى لكنه سبحانه فيما يحتج على توحده في الربوبية والألوهية في كلامه يجمع بين الخلق والتدبير إشارة إلى أن التدبير غير خارج من الخلق بل هو خلق بوجه كما أن الخلق تدبير بوجه وعند ذلك يتم الاحتجاج على رجوع التدبير إليه تعالى وانحصاره فيه برجوع الخلق إليه .

وقوله : {خلق السموات والأرض بالحق} إشارة إلى الخلقة ، وفي قوله : {بالحق} - والباء للملابسة - إشارة إلى البعث فإن كون الخلقة حقا غير باطل يلازم كونها لغاية تقصدها وتنساق إليها وهي البعث قال تعالى : {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا } [ص : 27] .

وقوله : {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} قال في المجمع ، التكوير طرح الشيء بعضه على بعض .

انتهى فالمراد طرح الليل على النهار وطرح النهار على الليل فيكون من الاستعارة بالكناية قريب المعنى من قوله : {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} [الأعراف : 54] والمراد استمرار توالي الليل والنهار بظهور هذا على ذاك ثم ذاك على هذا وهكذا ، وهومن التدبير .

وقوله : {وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى} أي سخر الشمس والقمر فأجراهما للنظام الجاري في العالم الأرضي إلى أجل مسمى معين لا يتجاوزانه .

وقوله : {ألا هو العزيز الغفار} يمكن أن يكون في ذكر الاسمين إشارة إلى ما يحتج به على توحده تعالى في الربوبية والألوهية فإن العزيز الذي لا يعتريه ذلة إن كان فهو الله وهو المتعين للعبادة لا غيره الذي تغشاه الذلة وتغمره الفاقة وكذا الغفار للذنوب إذا قيس إلى من ليس من شأنه ذلك .

ويمكن أن يكون ذكرهما تحضيضا على التوحيد والإيمان بالله الواحد والمعنى أنبهكم أنه هو العزيز فآمنوا به واعتزوا بعزته ، الغفار فآمنوا به يغفر لكم .

________________

1- الميزان ، الطبرسي ، ج17 ، ص189-194 .

2- فالولاية والربوبية قريبا المعنى فالرب هو المالك المدبر والولي هو مالك التدبير او متصدي التدبير .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) 

 

عليك الاخلاص في الدين !

هذه السورة تبدأ بآيتين تتحدثان عن نزول القرآن المجيد : الأولى تقول : إن الله هو الذي أنزل القرآن ، والثانية : تبيّن محتوى وأهداف القرآن .

في البداية تقول : {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم}(2) .

من الطبيعي أنّ كلّ كتاب تتمّ معرفته من خلال مؤلفه أو منزله ، وعندما ندرك أنّ هذا الكتاب السماوي الكبير مستلهم من علم الله القادر والحكيم ، الذي لا يقف أمام قدرته المطلقة شيء ، ولا يخفى على علمه المطلق أمر ، لأيقنّا بلا عناء أن محتوياته حقّ وكلّها حكمة ونور وهداية .

مثل هذه العبارات عندما ترد في بدايات سور القرآن ، ترشد المؤمنين إلى هذه الحقيقة ، وهي أن كلّ ما هو موجود في القرآن المجيد هو كلام الله وليس بكلام الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ورغم كون كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم) بليغاً وحكيماً أيضاً .

ثم تنتقل السورة إلى عرض محتويات هذا الكتاب السماوي وأهدافه {إِنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} .

لا يوجد فيه غير الحقّ ، ولهذا السبب يتبعه طلاب الحقّ ، والباحثون عن الحقيقة مشغولون بالبحث في محتوياته . من هنا ، ولكون هدف نزول القرآن يتحدد في إعطاء الدين الخالص للبشرية ، فإنّ آخر الآية يقول : {فاعبد الله مخلصاً له الدين} .

قد يكون المراد هنا من كلمة (دين) هو عبادة الله ، لأنّ الجملة التي وردت قبلها (فاعبد الله) فيها أمر بالعبادة ، ولذا فإنّ العبارة التي تليها (مخلصاً له الدين)تبيّن شروط صحة العبادة والتي تتمثل في الإخلاص وفي الشرك والرياء .

على كلّ حال فإنّ اتساع مفهوم (الدين) وعدم ذكر قيد أو شرط له ، يعطي معنى واسعاً ، بحيث يشمل العبادات وبقية الأعمال إضافة إلى العقائد ، وبعبارة اُخرى فإنّ (الدين) يتناول مجموعة شؤون الحياة المادية والمعنوية للإنسان ، ويجب على عباد الله المخلصين أن يخلصوا كلّ حياتهم لله وأن يطهروا قلوبهم وأرواحهم وساحة عملهم ودائرة حديثهم عن كل ما هو لغير اللّه ، وأن يفكروا به ويعشقوه ، وأن يتحدثوا عنه ويعملوا من أجله ، وأن يسيروا دائماً في سبيل رضاه ، وهذا هو(إخلاص الدين) .

ولذا لا يوجد أيّ داع أو دليل واضح لتحديد مفهوم الآية في شهادة (لا إله إلا الله) أو بخصوص (العبادة والطاعة) .

الآية التّالية تؤّكد مرّة اُخرى على مسألة الإخلاص ، وتقول : {ألا لله الدين الخالص} وهذه العبارة ذات معنيين :

الأوّل : هو أنّ البارىء عزّوجلّ لا يقبل سوى الدين الخالص ، والإستسلام الكامل له من دون أيّ قيد أو شرط ، ولا يقبل أي عمل فيه رياء أو شرك ، أو خلط للقوانين الإِلهية بغيرها من القوانين الوضعية .

والثّاني : هو أنّ الدين والشريعة الخالصة يجب أخذها من الله فقط ، لأن أفكار الإنسان ناقصة وممزوجة بالأخطاء والأوهام .

ولكن وفق ما جاء في ذيل الآية السابقة فإنّ المعنى الأوّل أنسب ، لأن الذين يؤدون المطلوب منهم بإخلاص هم العباد ، ولهذا فإنّ هذا الخلوص في الآية مورد بحثنا يجب أن يراعى من جانب أُولئك .

وهناك دليل آخر على هذا الكلام ، وهو حديث ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، جاء فيه أن رجلا قال لرسول الله : يا رسول الله! إنّا نعطي أموالنا التماس الذكر ، فهل لنا من أجر؟ فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) : لا ، قال : يا رسول الله! إنّا نعطي التماس الأجر والذكر ، فهل لنا أجر؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إن الله تعالى لا يقبل إلاّ من أخلص له ، ثمّ تلا هذه الآية : (ألا لله الدين الخالص)»(3) .

وعلى أية حال ، فإنّ هذه الآية في الواقع استدلال للآية التي جاءت قبلها ، فهناك تقول : {فاعبد الله مخلصاً له الدين} وهنا تقول : {ألا لله الدين الخالص} .

مسألة الإخلاص تناولتها الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث الإسلامية ، وبدء الجملة مورد بحثنا بـ (ألا) التي تستعمل عادة لجلب الإنتباه ، هو دليل آخر على أهمية هذا الموضوع .

ثم تنتقل الآية إلى إبطال المنطق الواهي الضعيف للمشركين الذين تركوا طريق الخلاص ، وضاعوا في طرق الشرك والإنحراف : {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقربونا إلى الله زلفى ، إنّ الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون}(4) ، وهنا سيتّضح للجميع فساد أفكارهم وأعمالهم وبطلان عقائدهم . .

هذه الآية هي تهديد قاطع للمشركين في أنّ البارىء عزّوجلّ سيحاكمهم في يوم القيامة ، اليوم الذي تنكشف فيه الإلتباسات وتظهر فيه الحقائق ، ليجزوا ويعاقبوا على ما ارتكبوه من الأعمال المحرّمة ، إضافة إلى فضيحتهم أمام الجميع في ساحة المحشر .

منطق عبدة الأصنام واضح هنا ، فأحد أسباب عبادة الأصنام هي أنّ مجموعة كانت تزعم أنّ الله سبحانه وتعالى أجلّ من أن يحيط به الإدراك الإنساني من عقل أووهم أو حس ، فهو منزّه عن أن يكون مورداً للعبادة مباشرة ، فلذا قالوا : من الواجب أن نتقرّب إليه بالتقرب إلى مقربيه من خلقه ، وهم الذين فوض إليهم تدبير شؤون العالم ، فنتخذهم أرباباً من دون الله ثمّ آلهة نعبدهم ونتقرب إليهم ليشفعوا لنا عند الله ويقربونا إليه زلفى ، وهؤلاء هم الملائكة والجن وقديسو البشر .

ولما أحسّوا بأن ليس باستطاعتهم الوصول إلى أولئك المقدسين ، بنوا تماثيل لهم ، وأخذوا يعبدونها ، وهذه التماثيل هي نفسها الأصنام ، ولأنّهم كانوا يزعمون أن لا فرق بين التماثيل وأُولئك المقدسين وأنّ لهما نوعاً من التوحّد ، ، لذا عمدوا إلى عبادة الأصنام واتخاذه آلهة لهم .

وبهذا الشكل فإنّ الأرباب في نظرهم ، هم أُولئك الذين خلقهم الله وقربهم إلى نفسه ، وفوض إليهم تدبير شؤون العالم حسب زعمهم ، وكانوا يعتبرون البارىء عزّوجلّ هو(رب الأرباب) وهو خالق عالم الوجود ، ومن النادر أن يوجد من الوثنيين من يقول بأن هذه الأصنام المصنوعة من الحجر والخشب ، أو حتى آلهتهم الوهمية ـ أي الملائكة والجن وأمثالهم ـ هي التي خلقت هذا الكون وأوجدته(5) .

وبالطبع فإنّ هناك أسباباً اُخرى لعبادة الأصنام ، ومنها أنّ الإحترام الفائق الذي يكنونه في بعض الأحيان للأنبياء والصالحين يتسبب في احترام حتى التمثال الذي ينحت أو يصنع لهم بعد وفاتهم ، ومع مرور الزمن تأخذ هذه لتماثيل طابعاً استقلالياً ، ويتبدل الإحترام إلى عبادة ، ولهذا فإنّ الإسلام نهى بشدّة عن صنع التماثيل .

وقد ورد في كتب التأريخ أنّ عرب الجاهلية كانوا يكنون إحتراماً فائقاً للكعبة الشريفة ولأرض مكّة المكرّمة ، ولهذا كانوا يأخذون معهم قطعة حجر صغيرة من تلك الأرض عندما يذهبون إلى مكان آخر ، ويضفون عليها الإحترام والتقديس ، ومن ثمّ يعمدون إلى عبادتها .

وما ورد في قصة (عمرو بن لحي) التي جاء فيها ، أنّ عمراً في إحدى رحلاته إلى بلاد الشام شاهد بعض مشاهد عبدة الأصنام ، وفي طريق عودته إلى الحجاز ، اصطحب معه صنماً من بلاد الشام ، ومنذ ذلك الحين بدأت عبادة الأصنام في الحجاز هذه القصّة لا تتعارض مع ما ذكرناه لأنّه يبيّن بعض جذور عبادة الأصنام ، وهدف أهل الشام من عبادة الأصنام كان مأخوذاً من أحد تلك الأمور أو نظائرها .

عبادة الأصنام ـ بأي شكل كانت ـ ما هي إلاّ أوهام وخيالات لا صحة لها ترشحت من أفكار ضعيفة وعاجزة ، حرفت الناس عن الطريق الرئيسي الأصيل لمعرفة الله .

والقرآن المجيد يؤكّد بصورة خاصّة على أنّ الإنسان يستطيع أن يتصل بالله من دون أي واسطة ، وأن يتحدث معه ويناجيه ويطلب منه حاجته ، ويطلب العفو والتّوبة ، فكلّ هذه الاُمور من الله وتحت تسلط قدرته . وسورة الحمد توضّح هذه الحقيقة ، لانّ قراءة العباد المستمر لهذه السورة في صلواتهم اليومية ، تجعل العبد على اتصال مباشر مع البارىء ، عزّوجلّ ، إذ أنّه يقرؤها ويطلب من الله ـ دون أي واسطة ـ حاجاته منه .

سبل الاستغفار والتوبة ، وكذلك طلب العون من البارىء ، عزّوجلّ وما ورد في الأدعية ا لمأثورة ، كلها تبيّن أنّ الإسلام لا يرى وجود واسطة في هذا الأمر ، وهذه هي حقيقة التوحيد . حتى أن مسألة الشفاعة والتوسل بأولياء الله مشروطة باذن البارئ عزّوجلّ وسماحه ، وهذا تأكيد على مسألة التوحيد .

ويجب أن تكون العلاقة هكذا ، لأنّ الله سبحانه وتعالى أقرب إلينا من أيّ شيء ، كما يقول بذلك القرآن : {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق : 16] ، { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ } [الأنفال : 24] .

وبهذا الشكل فالبارى ، عزّوجلّ ليس ببعيد عنّا ، ولسنا بعيدين عنه كي تكون هناك حاجة للوساطة بين الطرفين ، إنّه أقرب إلينا من كلّ قريب ، وموجود في مكان وفي أعماق قلوبنا .

وفقأ لهذا فإنّ عبادة الوسطاء من الملائكة والجنّ ونظائرهم ، أو الأصنام الحجرية والخشبية ، عمل باطل لا صحّة له ، إضافة إلى أنّه يعدّ كفراً بنعمة اللّه ، لأنّ الذي يهب النعم أجدر بالعبادة من تلك الموجودات الميتة ، أو المحتاجة إلى الآخرين من أعلى رأسها إلى أخمص قدمها . لذا يقول القرآن المجيد في نهاية الآية : {إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار} .

فلا يهديه إلى الطريق الصحيح في هذا العالم ، ولا إلى الجنّة في العالم الآخر ، لأنّه أوصد بكلتا يديه أبواب الهداية أمامه ، ولأنّ البارىء عزّوجلّ يبعث فيض هدايته إلى من يراه لائقاً ومستعداً لإستقبالها ، ولا يبعثها إلى الذين تعمدوا قتل الإستعدادات الموجودة في قلوبهم وذاتهم .

وقوله تعالى : { لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} [الزمر : 4 ، 5]

 

ما حاجة الله إلى الأولاد ؟

المشركون إضافة إلى أنّهم يعتبرون الأصنام وسيطاً وشفيعاً لهم عند الله ، كما استعرضت ذلك الآيات السابقة ، فقد اعتقدوا ـ أيضاً ـ أن بعض المخلوقات ـ كالملائكة ـ هي بنات الله ، والآية الأولى في بحثنا تجيب على هذا الإعتقاد الخاطىء والتصور القبيح بالقول : {لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار} .

ذكر المفسرون آراء مختلفة في تفسير هذه الآية :

قال البعض : يقصد منها لو أنّ الله كان راغباً في انتخاب ولد له ، فلِمَ ينتخب البنات اللاتي تزعمون أنّهنّ لا قيمة لهنّ؟ فلم لا ينتخب له أبناء؟ وهذا ـ في الحقيقة ـ نوع من أنواع الإستدلال وفق ذهنية الطرف المقابل كي يفهم أن كلامه لا أساس له من الصحة .

وقال آخر : إنّما يقصد منها لو أنّ الله كان راغباً في انتخاب ولد له ، لكان قد خلق موجودات اُخرى أفضل وأرفى من الملائكة .

وبالنظر إلى كون مكانة الأنثى لا تقلّ عن مكانة الذكر عند الباريء عزّوجلّ ، وبالنظر إلى كون الملائكة أو عيسى عليه السلام ـ والذين اعتبرهم بعض المنحرفين أبناء الله ـ من الموجودات الشريفة والمحترمة ، فإنّه لا يعدّ أيّ من التّفسيرين السابقين مناسباً .

والأفضل هو القول بأنّ الآية تريد القول : إنّ الابن مطلوب إمّا لتقديم العون أو لمؤانسة الروح ، وبفرض المحال فإنّ الله عزّوجلّ لوكان محتاجاً لمثل هذا الأمر ، لا صطفى لهذا بعضاً ممّن يشاء من أشرف خلقه ، فلم يتخذ ولداً؟

ولكن لكونه الواحد الذي لا نظير له والقاهر والغالب لكل شيء والأزلي والأبدي ، فإنّه لا يحتاج إلى مساعدة أيّ أحد ، ولا يستوحش من وحدانيته حتى يزيلها عن طريق الأُنس مع الآخرين ، لهذا فهو منزّه ومقدّس عن الولد ، حقيقياً كان أو منتخباً .

وإضافة إلى ما ذكرناه من قبل ، فإنّ أُولئك الجهلة الذين يتصورون أحياناً أن الملائكة هم أبناء الله ، وأحياناً اُخرى يقولون بوجود نسبة بين الباري ، عزّوجلّ والجن ، وأحياناً يقولون بأن (المسيح) أو(العزير) هم أبناء الله ، يجهلون الكثير من الحقائق الواضحة ، فإن كان قصدهم هو الولد الحقيقي :

فأولاً : يجب أن يكون الباري تعالى جسماً .

ثانياً : التركيب من أجزاء (لأنّ الوالد جزء من الأب ينفصل عن وجود أبيه) .

ثالثاً : حتمية وجود شبيه ونظير له (لأنّ الأولاد على الدوام يشبهون الآباء) .

رابعاً : احتياجه لزوجة ، والله منزّه ومقدّس عن كلّ تلك الأُمور .

وإن كان المقصود هو الولد المنتخب أي (المتبنىّ) فإن ذلك إنّما يتمّ لأجل احتياجه لمساعدة جسدية أو لمؤانسة روحية ، والله القادر القاهر لا يحتاج إلى كلّ هذه الأمور . وبهذا فإنّ وصفه بـ (الواحد) و(القهار) هو جواب مختصر على كلّ تلك الإحتمالات .

على أية حال ، فإنّ عبارة (لو) التي تستخدم عادة للشرط المستحيل إشارة إلى أن هذا الفرض محال في أن ينتخب الباريء عزّوجلّ ولداً له ، وبفرض المحال أنّه يحتاج ، فإنّه غير محتاج لما يقولونه من اتخاد الولد ، بل إن مخلوقاته المنتخبة هي التي تؤمن هذا الأمر .

ولإثبات حقيقة أنّ الله لا يحتاج إلى مخلوقاته ، ولبيان دلائل توحيده وعظمته ، يقول الباريء عزّوجلّ : {خلق السموات والأرض بالحق} .

كون تلك الأُمور حقّاً دليل على وجود هدف كبير من وراء خلقها ، وذلك لتكامل المخلوقات وفي مقدمتها الإنسان ، ثمّ لا تنتهي عند البعث .

بعد عرض هذا الخلق الكبير ، تشير الآية إلى جوانب من تدبيره العجيب ، والتغيرات التي تطرأ بحسابات دقيقة ، والأَنظمة الدقيقة أيضاً التي تحكم أُولئك ، إذ يقول القرآن المجيد : {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} .

ما أجملها من عبارة! فلو وقف الإنسان في منطقة تقع خارج نطاق الكرة الأرضية ، ونظر إلى مشهد حركة الأرض حول نفسها وتكون الليل والنهار اللذين يطوقان سطحها المكور ، لشاهد ـ بصورة منتظمة ـ أن سواد الليل يستولي على طرف النهار من جهة ومن الجهة المقابلة يرى بأن ضوء النهار يستولي محركة مستمرة على ظلام الليل .

«يكور» من (تكوير) وتعني الشيء المتكور أو المنحني ، ويعتبر أصحاب اللغة تكوير العمامة على الرأس نموذجاً للتكوير ، وهذا التعبير القرآني الجميل يكشف عن بعض الأسرار ، لكن الكثير من المفسّرين نتيجة عدم التفاتهم إلى كروية الأرض ذكروا مواضيع اُخرى لا تناسب مفهوم كلمة (التكوير) ، فمن هذه الآية يتجلّى لنا أن الأرض كروية وتدور حول نفسها ، ومن جراء هذا الدوران ، يطّوق الأرض دائماً شريطان ، أحدهما سواد الليل ، والثّاني بياض النهار ، ولا يبقى هذان الشريطان ثابتين ، وإنّما يغطي الشريط الأسود الأبيض من جهة والشريط الأبيض يغطي الأسود من جهة اُخرى ، أثناء حركة الأرض حول نفسها .

وعلى أية حال ، فإنّ القرآن المجيد يبيّن ظاهرة الليل والنهار و(النور) و(الظلمات) في عدّة آيات مختلفة ، كلّ واحدة منها تشير إلى نقطة معينة ، وتنظر إلى هذه الظاهرة من زاوية خاصة ، فأحياناً يقول : {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [فاطر : 13] .

الحديث ـ هنا ـ يتطرق لتوغّل الليل في النهار وتوغل النهار في الليل التي تتمّ بصورة بطيئة وهادئة .

وأحياناً اُخرى يقول : {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} [الأعراف : 54] ، وهنا تمّ تشبيه الليل بستائر مظلمة تنزل على ضياء النهار وتحجبه .

ثمّ تنتقل إلى جانب آخر ، ألا وهو التدبير والنظام الدقيق المسير لشؤون هذا العالم ، قال تعالى : {وسخر الشمس والقمر كلّ يجري لأجل مسمى} .

فلا يظهر في حركة الشمس التي تدور حول نفسها ، أو التي تتحرك مع بقية كواكب المجموعة الشمسية نحو نقطة خاصّة في مجرة درب التبانة أدنى خلل ، فهي تتحرك وفق نظام خاص ودقيق جدّاً ، ولا يظهر أي خلل في حركة القمر أثناء دورانه حول الأرض أو حول نفسه ، فالكلّ يخضع لقوانين (الخالق) ويتحرك وفقها ، وسيستمر في التحرك وفق هذه القوانين حتى آخر يوم من أجله .

ويوجد احتمال آخر ، وهو أنّ المراد من تسخير الشمس والقمر هو تسخيرها للإنسان بإذن الله ، كما ورد في الآية (33) من سورة إبراهيم : {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إبراهيم : 33] . ولكن بالإلتفات إلى الجملة السابقة واللاحقة في هذه الآية مورد البحث ، إضافة إلى عدم ورود كلمة (لكم) في الآية ، يجعل التّفسير المذكور أعلاه مستبعداً بعض الشيء .

نهاية الآية كانت بمثابة تهديد وترغيب للمشركين إذ تقول : {ألا هو العزيز الغفار} فبحكم عزّته وقدرته المطلقة لا يمكن لأىّ مذنب ومشرك أن يهرب من قبضة عذابه ، وبمقتضى كونه الغفّار ، فإنّه يستر عيوب وذنوب التائبين ، ويظللهم بظلّ رحمته .

«غفار» صيغة مبالغة مشتقّة من المصدر (غفران) وتعني في الأصل لبس الإِنسان لشيء يقيه من التلوّث ، وعندما تستخدم بشأن الباري ، عزّوجلّ فإنّها تعني ستره لعيوب وذنوب عباده النادمين وحفظهم من عذابه وجزائه ، نعم فهو(غفار) في اوج عزته وقدرته ، وهو(قهار) في أوج رحمته وغفرانه ، والهدف من ذكر هاتين الصفتين في آخر الآية ، هو إيجاد حالة من «الخوف» و«الرجاء» عند العباد ، وهما عاملان رئيسيان وراء كلّ تحرك نحو الكمال .

__________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج11 ، ص453-463 .

2 ـ (تزيل الكتاب) خبر لمبتدأ محذوف والتقدير «هذا تنزيل الكتاب» ، واحتمل بعض المفسّرين أن «تنزيل الكتاب» مبتدأ و «من الله» خير . لكن الرأي الأوّل أصحّ ، و«تنزيل» مصدر بمعنى المفعول . فتكون إضافته إلى الكتاب من باب إضافة الصفة إلى موصوفها ، والمعنى (هذا الكتاب منزل من الله) .

3 ـ روح المعاني ، المجلد 23 ، الصفحة 212 ذيل آيات البحث .

4 ـ من الواضح أنّ في الآية المذكورة أعلاه وقبل عبارة (ما نعبدهم) جملة تقديرها «ويقولون ما نعبدهم» .

5 ـ تفسير الميزان ، المجلد 17 ، الصفحة 247 مع بعض التغييرات .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .