المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Reaction of alkenes with carbenes – cyclopropanation
ماكروسكوبي – عياني macroscopic
10-6-2017
النظريات الخاصة بنشأة الشعاب المرجانية
13-4-2016
ما هو الوعي
27-1-2023
نصوص روائيّة عن ذي اللسانَينِ.
22/12/2022
Isracidin
15-10-2018


الجناس  
  
8649   04:55 مساءاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : ابن رشيق القيرواني
الكتاب أو المصدر : العمدة في محاسن الشعر وآدابه
الجزء والصفحة : ص106-109
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2015 2360
التاريخ: 25-03-2015 1590
التاريخ: 26-03-2015 1980
التاريخ: 26-03-2015 21278

التجنيس ضروب كثيرة: منها المماثلة، وهي: أن تكون اللفظة واحدة باختلاف المعنى، نحو قول زياد الأعجم، وقيل: الصلتان العبدي يرثي المغيرة ابن المهلب:

فانع المغيرة للمغيرة إذ بدت ... شعواء مشعلة كنبح النابح

فالمغيرة الأولى: رجلن والمغيرة الثانية: الفرس، وهو ثانية الخيل التي تغير.

وقال صاحب الكتاب: قال الله تعالى: " وأسلمت مع سليمان " وقال تعالى: " ثم انصرفوا صرف الله قلوبكم " وفي كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم " سليم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله ورسوله " وإن كان من غير هذا الباب.. وأنشد سيبويه:

أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة ... قليل بها الأصوات إلا بغامها

البلدة الأولى: صدر الناقة، والثانية: المكان من الأرض.

ومثله ما أنشده ثعلب:

وثنية جاوزتها بثينة ... حرف يعارضها ثني أدهم

فالثنية الأولى: عقبة، والثانية: ناقة، والثني الأدهم: الظل، استعار له هذا الاسم.. ويروى " حبيب أدهم ".

ومثله أنشده أبو عمرو بن العلاء: عود على عود على عود خلق وقال: الأول الشيخ، والثاني: الجمل المسن، والثالث: الطريق القويم قد ذلل بكثرة الوطء عليه.

ويجري هذا المجرى قول الأودي:

وأقطع الهوجل مستأنساً ... بهوجل عيرانة عيطموس

أنشده قدامة على أنه طباق، وسائر الناس يخالفونه في هذا المذهب، وقد جاء رد الأخفش علي بن سليمان عليه في ذلك وإنكاره على رأي الخليل والأصمعي في كتاب حلية المحاضرة للحاتمي.

وعلى القول الأول قال أبو نواس في ابن الربيع:

عباس عباس إذا حضر الوغى ... والفضل فضل والربيع ربيع

وقال أبو تمام:

ليالينا بالرقمتين وأهلنا ... سقى العهد منك العهد والعهد والعهد

فالعهد الأول المسقي: هو الوقت، والعهد الثاني: هو الحفاظ، من قولهم " فلان ماله عهد " والعهد الثالث: الوصية من قولهم " عهد فلان إلى فلان، وعهدت إليه " أي: وصاني وصيته، والعهد الرابع: المطر، وجمعه عهاد، وقيل: أراد مطراً بعد مطر بعد مطر، وفسر ذلك بقوله:

سحاب متى يسحب على النبت ذيله ... فلا رجل ينبو عليه ولا جعد

واستثقل قوم هذا التجنيس، وحق لهم.

ومن مليح هذا النوع قول ابن الرومي:

للسود في السود آثار تركن بها ... لمعاً من البيض تثني أعين البيض

فالسود الأول: الليالي، والسود الآخر: شعرات الرأس واللحية، " و " والبيض الأول: الشيبات، والبيض الآخر: النساء..

وزعم الحاتمي أن أفضل تجنيس وقع لمحدث قول عبد الله بن طاهر:

وإني للثغر المخيف لكاليء ... وللثغر يجري ظلمه لرشوف

فهذا وما شاكله التجنيس المحقق، والجرجاني يسميه المستوفي.

ويقرب منه وليس محضاً قول ابن الرومي:

له نائل ما زال طالب طالب ... ومرتاد مرتاد وخاطب خاطب

أدخل الترديد، والترديد: نوع من المجانسة يفرد له باب إن شاء الله تعالى.

والتجنيس المحقق: ما اتفقت فيه الحروف دون الوزن، رجع إلى الاشتقاق أو لم يرجع، نحو قول أحد بني عبس:

وذلكم أن ذل الجار حالفكم ... وأن أنفسكم لا يعرف الأنفا

فاتفقت الأنف مع الأنف في جميع حرفها دون البناء، ورجعا إلى أصل واحد، هذا عند قدامة أفضل تجنيس وقع، ومثله في الاشتقاق قول جرير والجرجاني يسميه التجنيس المطلق، قال: وهو أشهر أوصافه:

وما زال معقولاً عقال من الندى ... وما زال محبوسا عن الخير حابس

وقال جرير أيضاً، وفيه المضارعة والمماثلة والاشتقاق، وأنشده ابن المعتز:

تقاعس حتى فاته المجد فقعس ... وأعيا بنو أعيا وضل المضلل

وقال خلف بن خليفة الأقطع:

فإن يشغلونا عن أذان فاننا ... شغلنا وليداً عن غناء الولائد

يعني الوليد بن زياد بن عبد الملك. وقال أبو تمام فأحكم المجانسة بالاشتقاق:

بحوافر حفر وصلب صلب ... وأشاعر شعر وخلق أخلق

فجنس بثلاث لفظات. ومثله قول البحتري:

صدق الغراب، لقد رأيت شموسهم ... بالأمس تغرب عن جوانب غرب

ويقرب من هذا النوع قول ذي الرمة واسترجعت هامها الهيم الشعاميم فالهيم والهام قريبان في اللفظ بعيدان في الاشتقاق، وربما جعلهما بعض الناس من أصل واحد، وكذلك قوله:

كأن البرى والعاج عيجت متونها ... على عشر نهى به السيل أبطح

قال ابن المعتز " نهى به السيل " أي: بلغ به إليه فهو أنعم له وأكثر لدونةً.

وأنا أقول: معناه ترك به السيل نهياً، وهو الغدير، وذلك أتم لما أراد ابن المعتز، اللهم إلا أن يكون معناه جعل نهايته هناك فإنه أتم وأجود، أي: لم يجد منصرفاً فأقام. وقال البحتري:

وذكرنيك والذكرى عناء ... مشابه منك بينه الشكول

نسيم الروض في ريح شمالٍ ... وصوب المزن في راح شمول

وقال أبو تمام:

مليتك الأحساب، أي حياة ... وحيا أزمةٍ وحية واد

ويقرب من هذا النوع نوع يسمونه المضارعة، وهو على ضروب كثيرة: منها أن تزيد الحروف وتنقص، نحو قول أبي تمام والجرجاني يسميه التجنيس الناقص: يمدون من أيدٍ عواص عواصم وهما سواء لولا الميم الزائدة. وكذلك قوله قواض قواضب سواء لولا الباء، ومع ذلك فإن الباء والميم أختان. ومثله قول البحتري:

فيا لك من حزم وعزم طواهما ... جديد البلى تحت الصفا والصفائح

ومنها أن تتقدم الحروف وتتأخر، كقول الطائي:

بيض الصفائح لا سود الصحائف، في ... متونهن جلاء الشك والريب

فقوله " الصفائح، لا سود الصحائف " هو الذي أردت. وقال البحتري:

شواجر أرماح تقطع بينهم ... شواجر أرحامٍ ملوم قطوعها

ومثله قول أبي الطيب:

ممنعة منعمة رداح ... يكلف لفظها الطير الوقوعا

وحكى ابن دريد أن أعرابياً شتم رجلاً فقال: لمج أمه، فقدم إلى السلطان فقال: إنما قلت: ملج أمه، فدرأ عنه..

قال أبو بكر: لمجها: أتاها، وملجها: رضعها.

وأصل المضارعة أن تتقارب مخارج الحروف، وفي كلام العرب منه كثير غير متكلف، والمحدثون إنما تكلفوه؛ فمن المعجز قول الله عز وجل: " وهم ينهون عنه وينأون عنه " وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لرجل سمعه وهو ينشد على سبيل الافتخار وقيل: بل سأله عن نسبه فقال:

إني امرؤ حميري حين تنسبني ... لا من ربيعة آبائي ولا مضر

فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " ذلك والله ألأم لجدك، وأضرع لخدك، وأفل لحدك، وأقل لعدك، وأبعد لك عن الله ورسوله " وقوله عليه الصلاة والسلام: " نعوذ بالله من الأيمة والعيمة والغيمة والكزم والقزم " الأيمة: الخلو من النساء، والعيمة: شهوة اللبن، والغيمة: العطش، والكزم: قصر اللبان خلقة أو من بخل، ويقال: الكزم شدة الأكل، والقزم: شهوة اللحم.

وهذا النوع يسميه الرماني المشاكلة، وهي عنده ضروب: هذا أحدها، وهي المشاكلة في اللفظ خاصة، وأما المشاكلة في المعنى فننبه عليها في أماكنها إن شاء الله تعالى..

وقال ابن هرمة:

وأطعن للقرن يوم الوغى ... وأطعم في الزمن الماحل

وقال أبو تمام:

رب خفضٍ تحت الثرى وغناء ... من عناء ونضرةٍ من شحوب

وأبعد من هذا قليلاً قول ساعدة بن جؤية الهذلي:

رأى شخص مسعود بن بشر بكفه ... حديد حديث بالوقيعة معتد

ومن المضارعة بالتصحيف ونقص الحروف قول بعضهم:

فإن حلوا فليس لهم مقر ... وإن رحلوا فليس لهم مفر

وقال البحتري يمدح المعتز بالله:

ولم يكن المعتز بالله إن سرى ... ليعجز والمعتز بالله طالبه

فجاء بتصحيف مستوف. وقال:

ما بعيني هذا الغزال الغرير ... من فتون مستجلب من فتور

وقال غيره وأظنه قابوس بن وشمكير:

إن المكارم في المكا ... ره والغنائم في المغارم

وقال بعض العلماء: ربما أسفر السفر عن الظفر، وتعذر في الوطن قضاء الوطر. وقال آخر: خلف الوعد خلق الوغد. وقال ابن المعتز:

لئن نزهت سمعك عن كلامي ... لقد نزهت في خديك طرفي

له وجه به يصبى ويضني ... ومبتسم به يشقي ويشفي

وقال آخر أيضاً في مثل ذلك، وفيه تغيير كثير بتصحيف:

فمن داع ومن راعٍ ... ومن مطرٍ ومن مطرق

وكل خاشع الطرف ... لديه خاضع المنطق

أعني بالتغيير ضاد " خاضع " ليست مناسبة لشين خاشع فيكون تصحيفاً، وإنما التصحيف فيما تناسب من الخط، ومن هذا قوله " داع " و " راع " لبعد ما بينهما في اللفظ والهجاء.

ومن الإسقاط الذي لا يظهر إلا في الخط قول شمس المعالي قابوس بن وشمكير:

ومن يسر فوق الأرض يطلب غاية ... من المجد نسري فوق جمجمة النسر

ومن يختلف في العالمين نجاره ... فإنا من العلياء نجري على نجر

فياء الوصل في النسر جانست به نسري وصار لقاء النون كسرة الهاء من جمجمة كالتنوين في الهاء، وكذلك صلة نجر جانست به نجري فإذا صرت إلى الخط زالت المجانسة.

وقد أحدث المولدون تجانساً منفصلاً يظهر أيضاً في الخط كقول أبي تمام:

رفدوك في يوم الكلاب وشققوا ... فيه المزاد بجحفل كاللاب

الكاف للتشبيه، واللاب: جمع لابة، وهي الحرة ذات الحجارة السود.. هذا أصح الروايتين، وأما قوله بجحفل كلاب أي كأن به كلباً فليس بشيء، وإنما القول ما قدمناه، وليس بتجانس صحيح على ما شرطه المتقدمون، ولكنه استظرف فأدخل في هذا الباب تملحاً.. وأكثر من يستعمله: الميكالي، وقابوس، وأبو الفتح البستي، وأصحابهم؛ فمن ذلك قوله:

عارضاه بما جنى عارضاه ... أو دعاني أمت بما أودعاني

فقوله " أو دعاني " إنما هي أو التي للعطف، نسق بها " دعاني " وهو أمر الاثنين من دع على قوله " عارضاه " الذي في أول البيت، وقوله " أودعاني " الذي في القافية فعل ماض من اثنين، تقول في الواحد " أودع يودع " من الوديعة. وقال أيضاً:

وإن أقر على رق أنامله ... أقر بالرق كتاب الأنام له

وربما صنعوا مثل هذا في القوافي فتأتي كالإيطاء وليس بإبطاء إلا في اللفظ مجازاً، ولا بتجنيس إلا كذلك.. قال عمر بن علي المطوعي:

أمير كله كرم سعدنا ... بأخذ المجد منه واقتباسه

يحاكي النيل حين يسأم نيلاً ... ويحكي باسلاً في وقت باسه

أراد أن يناسب فجاء القافيتان كما نرى في اللفظ، وليس بينهما في الخط إلا مجاورة الحروف، وهذا أسهل معنى لمن حاوله، وأقرب شيء ممن تناوله، من أبواب الفراغ وقلة الفائدة، وهو مما لا شك في تكلفه، وقد أكثر منه هؤلاء الساقة المتعقبون في نثرهم ونظمهم حتى بردوا، بل تدركوا، فأين هذا العمل من قول القائل، وهو أبو فراس:

سكرت من لحظه لا من مدامته ... ومال بالنوم عن عيني تمايله

وما السلاف دهتني بل سوالفه ... ولا الشمول زهتني بل شمائله

ألوي بصبري أصداغ لوين له ... وغل صدري ما تحوي غلائله

فما كان من التجنيس هكذا فهو الجيد المستحسن، وما ظهرت فيه الكلفة فلا فائدة فيه.

وقد يجيئ التجنيس على غير قصد كقول أبي الحسن في مقطعاته التي ترد فيما بعد:

ما ترى الساقي كشمس طلعت ... تحمل المريخ في برج الحمل

فبهذا التجنيس تم المعنى وظهر حسنه؛ إذ كان برج الحمل بيت المريخ وموضع شرف الشمس، فصار بعض الكلام مرتبطاً ببعضه، ومظهراً لخفي محاسنه، وحصل التجنيس فضلة على المعنى؛ لأنه لو قال في موضع الحمل " النطح " أو الكبش " لكان كلاماً مستقيماً؛ فهذا التجنيس كما ترى من غير تكلف ولا قصد، ولكن الأكثر أن يكون التجنيس مقصوداً إليه، مأخوذاً منه ما سامحت فيه القريحة، وأعان عليه الطبع..

وقد يعد قوم من المضارعة ما ناسب اللفظ في الخط فقط، كقوله تعالى: " وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً " وهي مضارعة بعيدة لا يجب أن يعد مثلها.. واختلف الناس في قول الأعشى:

إن تسد الحوص فلم تعدهم ... وعامر ساد بني عامر

فقال الجرجاني علي بن عبد العزيز القاضي: هو مجانسة؛ لأن أحدهما رجل، والآخر قبيلة، وقال غيره: بل معناهما واحد، وأنا على خلاف رأي الجرجاني لأن الشاعر قال بني عامر وأضاف بني إليه، ولو قال ساد عامراً يعني القبيلة لكان تجنيساً غير مدفوع. قال الجرجاني: وأراه يعني بيت الأعشى يخالف قول الآخر:

قتلنا به خير الضبيعات كلها ... ضبيعة قيس لا ضبيعة أضحما

لأن كلتيهما قبيلتان، فكأنه جمع بين رجلين متفقي الاسم، انتهى كلامه، وهو يشهد بما قلته في بيت الأعشى إذا حققه من له ميز وتدبير..

وقد ذكروا تجنيساً مضافاً، أنشده جماعة من المتعقبين منهم الجرجاني:

أيا قمر التمام أعنت ظلماً ... علي تطول الليل التمام

فهذا عندهم وما جرى مجراه إذا اتصل كان تجنيساً، وإذا انفصل لم يكن تجنيساً، وإنما كان يتمكن ما أراد لو أن الشاعر ذكر الليل وأضافه فقال " ليل التمام " كما قال " قمر التمام " والرماني سمى هذا النوع مزواجاً، ومثله عنده قول الآخر:

حمتني مياه الوفر منها مواردي ... فلا تحمياني ورد ماء العناقد

ومن المزاوجة عندهم قول الله تعالى: " يخادعون الله وهو خادعهم " وقوله: " من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " وقوله: " إنما نحن مستهزئون الله يستهزئ بهم " وكل هذه استعارات ومجاز؛ لأن المراد المجازاة فزاوج بين اللفظين.

وكان الأصمعي يدفع قول العامة " هذا مجانس لهذا " إذا كان من شكله، يقول: ليس بعربي خالص، حكى ذلك ابن جني.. فأما ابن المعتز فقال وهو أول من نحا هذا النحو وجمعه والمجانسة: أن تشبه اللفظة اللفظة في تأليف حروفها على السبيل الذي ألف الأصمعي كتاب الأجناس عليها، قال: والجنس أصل لكل شبء: تتفرع منه أنواعه، وتعود كلها إليه، وكالإنسان وهو جنس وأنواعه عربي ورومي وزنجي، وأشباه ذلك، ولم تكن القدماء تعرف هذا اللقب أعني التجنيس يدلك على ذلك ما حكى عن رؤبة بن العجاج وأبيه، وذلك أنه قال له يوماً: أنا أشعر منك، قال: وكيف تكون أشعر مني وأنا علمتك عطف الرجز؟ قال: وما عطف الرجز؟ قال عاصم يا عاصم لو اعتصم قال: يا أبت، أنا شاعر ابن شاعر، وأنت شاعر ابن معجم، فغلبه، فأنت ترى كيف سماه عطفاً، ولم يسمه تجانساً، اللهم إلا أن يذهب بالعطف إلى معنى الالتفات فنعم.

ومن أناشيد هذا الباب قول الشنفرى واسمه عامر بن عمرو الأزدي:

وبتنا كأن البيت حجر فوقنا ... بريحانة ريحت عشاء وظلت

وقال علي بن محمد بن نصر بن بسام:

فاشرب على الورد من وردية عتقت ... كأنها خد ريم ريم فامتنعا

وقال الفرزدق:

ألم يأته أني تخلل ناقتي ... بنعمان أطراف الأراك النواعم

وحقيقة المجانسة عند الرماني المناسبة بمعنى الأصل، نحو قول أبي تمام: في حده الحد بين الجد واللعب قال: لأن معناهما جميعاً أبلغ، وأما قولك قرب واقترب، والطلوع والمطلع، وما شاكل هذا؛ فهو عنده من تصرف اللفظ، ولا يعده تجنيساً، ومن تصرف المعنى عنده قولك: عين الميزان، وعين الإنسان، وعين الماء، ونحو ذلك.. ومن التصرف في اللفظ والمعنى جميعاً قولك: الضرب والمضاربة والاستضراب، وما أشبه ذلك، كل هذه الأنواع عنده من باب التصرف.

وما أكثر ما يستعمل هذا النوع بعض شعراء وقتنا المذكورين، ويظن أنه قد أتى بشيء من غرائب التجنيس.

وأما قول دعبل في امرأته سلمى:

أحبك حباً لو تضمنه سلمى ... سميك ذاك الشاهق الرأس

فقد جنس من غير جنس؛ لأن قوله سميك دال على مراده.

ومثله قول آخر:

ضيعتي مثل اسمها العا ... م وداري مسترمه

أنشده الرماني. وقال الآخر، وهو أبو تمام:

إذ لا صدوق ولا كنود اسماهما ... كالمعنيين ولا النوار نوارا

المراد صدر البيت لا عجزه.

وإذا دخل التجنيس نفي عد طباقاً، وكذلك الطباق يصير بالنفي تجنيساً، وسأفرد لهما باباً إن شاء الله تعالى فيما بعد باب الترديد.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.