المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

Matteo Bottasso
3-5-2017
فوائد وعيوب خف ثمار الزيتون
2024-01-11
تطرّق الخطأ والنسيان إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
29-09-2015
{الذين ينقضون عهد الله}
2024-07-02
فضل الحائر الحسيني
12-6-2019
استيطان العرب في الأندلس
7/11/2022


خصائص الكلاسيكية  
  
11839   05:10 مساءاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : عبد الرزاق الأصفر
الكتاب أو المصدر : المذاهب الأدبية لدى الغرب
الجزء والصفحة : ص19-24
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد الحديث /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-7-2017 12102
التاريخ: 29-09-2015 2127
التاريخ: 29-09-2015 2674
التاريخ: 14-08-2015 13739

1-التعويل على الحقيقة أو ما يشببها:

وهذا يعني الاقتراب من الواقع والابتعاد عن نزوات الخيال والوهم وهذيان العقل مهما تعاظمت فينا مناطق القلق الخفيّ. فالحقيقيّ وحده هو الجميل، وهو الطبيعيّ. إنه الطبيعة النفسيّة العامة والمختارة في آن واحد. فالعمومية لأن العمل الفنيّ يتجه إلى جميع الناس القادرين على التفكير والتصوّر والإحساس، والاختيار لأن الاستثناء والعظمة اللذين يوجدان غالباً في الطبيعة مناقضان للحالة العامة. ونحن لا نصل إلى العام إلا عن طريق الواقع الخاصّ المنتقى وهو في أغلب أحواله نفسيّ نموذجيّ. والأدب الكلاسيكي سيكولوجي لأنه يهتم بداخل الإنسان، أما الإطار الخارجيّ فليس أكثر من زينة لا يُعطىَ وصفُها إلاّ أقل مقدار كما في تحليلات لافونتين. والغاية من هذه السيكولوجية البحث عن الملامح المشتركة التي يلتقي عندها البشر في كلّ العصور.

ومع ذلك لا ينفي الناقد بوالو الاهتمام بتصوير الطبيعة الخارجية تصويراً بديعاً إذا حذفت الملامح الخاصة جداً.

والحقيقيّ وحده هو الممتع والمحبوب، ولما كان هدف الشعر ليس التثقيف والتعليم والبرهنة، بل الإمتاع، فالطبيعة وحدها هي الشيء الممتع، وكل مصطنع مقيت. ولم يكن المجتمع المصطفى في القرن السابع عشر يحتمل الجليل الدائم ولا الواقع التافه المنحطّ بل كان يؤثر أن يشاهد نفسه في مرآة التحليلات والإبداعات الأدبية التي تقدم إليه، ولا يريد أن يقع تحت سيطرة الأمور الغريبة والنادرة والاستثنائية.

2-العقلانية:

إذا كان الأمر كذلك، فما معيار الحقيقيّ أو الطبيعي أو ما يشبههما؟ إن عقلنا وحده هو الحكم الموجّه، وبه نستطيع التمييز بين الحقيقي والمزيف والنسبيّ والمطلق والخاص والعام. وهو الذي يمنعنا من أن ننساق إلى نزوات الخيال والأمور غير الواقعية والمبالغة في التعبير عن آلامنا وأفراحنا. ومن هنا غابت الغنائية المعتمدة على الخيال والأحلام والعواطف القويّة.

إن العقل مرادفٌ للحسّ السليم تقريباً. وهو الملكية المشتركة بين كل الأشخاص في جميع الأزمنة والبلاد، التي تعتمد في أحكامها على ما هو شاملٌ وبسيط في الطبيعة الإنسانية.

3-تقليد القدماء:

رأينا أن الأدباء قبل القرن السابع عشر كانوا ينظرون إلى قدماء اليونان واللاتين نظرة احترام وتقديس، ويعدونهم الأساتذة الشرعيين في الأجناس الأدبية كلها. وقد أكد ذلك ماليرب وبلزاك وكتّاب المأساة الكبار، وبلغ تقديس القدماء أعلى درجاته عند راسين ولافونتين وبوالو. أما موليير فقد بقي أكثر استقلالاً منهم.

ويرى بوالو أن تكوين الملكة العقلية الصائبة لا يكون إلاّ بدراسة القدماء، لأنهم كانوا أقرب منا إلى الطبيعة، ولذلك حللوها بمزيد من البساطة، واستطاعت مؤلفاتهم التي أنجزوها في حضارتهم القديمة المغايرة لحضارتنا أن تصمد أمام الكثير من التغيرات السياسية والدينية والأخلاقية والفنّية، وما ذاك إلا لأنها تحتوي على الكونيّ الحقيقي والإنسانيّ الحقيقي. ففي مدارسهم نتعلم كيف نكتشف الإنسان من خلال الأفراد، وبتقليدهم تستحق مؤلفاتنا بدورها الحياة في الأجيال القادمة ويقول لافونتين: "إنك إذا اخترت طريقاً آخر غير طريق القدماء فسوف تضلّ" وإذا نظرنا إلى موضوعات راسين ألفيناها كلها مستقاة من الإطار القديم باستثناء (بايزيد).

4-التأثير المسيحي:

كان أدباء الكلاسيكية يلتمسون لدى القدماء مساحات مشتركة تاريخية وأخلاقية ليغنوها بما اكتسبته النفس الإنسانية من المسيحية، وأجناساً أدبية ليطوروها بما يوافق العالم المعاصر المهذّب: وإن المسيحية ذاتها تحث الإنسان المخرّب من الداخل إلى تزكية نفسه ومقاومة ميوله السيّئة، ولم يكن لديها مانع من إحياء الآداب القديمة على الرغم من كلّ ما قيل فيها. وقد اندفعت المسيحية إلى الجانسينية(1) مع باسكال وبوالو وراسين، وكان أدب الخطباء مشبعاً بالمسيحية على نحوٍ من الأنحاء. أما الشعراء فقد بقوا يستخدمون الأساطير كعرفٍ وتقليد مع احترامهم للمسيحية.

5-الإتقان الفني:

لا مجال في الكلاسيكية إلى الجموح والخروج عن القواعد. ولا بدّ للكاتب من أن يتقن فنه ويصقله إلى درجة الكمال، ولكن بشرط المحافظة على البساطة وعدم التكلف والتصنّع. والجمال الفني يعني العمل الدؤوب والإخلاص في المهنة ومعاودة العمل بالتهذيب على أن لا تكبح القواعدُ وثباتِ الروح والموهبة. وأوضحُ مثال لهذه المعادلة فن التراجيديا الكلاسيكية التي تقيّدت بنظرية الأجناس والوحدات الثّلاث إطاراً للإبداع.

6-القيم الأخلاقية:

ينبغي ألاّ يغيب عن البال أن الجمال الفني لا يُبتغى لذاته أو لمجرد الإمتاع، بل لا بد معه من مثالٍ أخلاقي وروحيّ يرمي إلى رفع الإنسان إلى حالة أفضل، إن الجمال والخير صنوان لا يفترقان في المعيار المسيحي، ولذلك يجب أن يلتقي الإنساني والإلهي في النص الأدبي، وإن الفصاحة هبة من السماء ينبغي أن تستخدم في حث الإنسان إلى الفضيلة. ولذلك اتجه الكتاب إلى معالجة المشكلات الإنسانية كالحبّ والبغض والهوى والغيرة والعقل والواجب والعاطفة والرياء والبخل.. وهكذا تبلور في الكلاسيكية اتجاه عام يرمي إلى صوغ مثال جماليّ وأخلاقي موحّد، ينطلق من وحدةٍ ذوقية في الشعر والنثر، كانت من أبرز سمات العصر التي عبّر عنها النقاد من بلزاك إلى بوالو.

7-أدب إنساني:

يقول بيير جانيه : "إن أَدبنا الكلاسيكيّ أدب إنسانيّ مطلقاً، نشأ من الإنساني وتوجّه لتلبية حاجات الإنسان" وهذا القول على تعميمه وإطلاقه فيه الكثير من الصحّة. فقد كان الأدباء على اختلاف أنواعهم الأدبية ينطلقون من النفس الإنسانية بعموميتها ويتجهون إلى النفس الإنسانية. ولنأخذ مثالاً على ذلك موضوع الحب الذي عولج بقالب غزلي ممتع، والملهاة التي راحت تصوّر مهازل المجتمع ونقائصه بأسلوبها الممتع بغية حماية المجتمع وإصلاحه. أما الشعر الغنائي فقد تحوّل إلى المحور الاجتماعي مع الحفاظ على تفتيح العواطف الفردّية، وأخذ الشعر التعليميّ والهجائي الصبغة الإنسانية، وحازت الخطابة مستوى عالياً من إقبال الجمهور والتأثير فيه، وغدت الحكاية والرواية أقرب إلى المثالية والمعالجة النفسيّة والمغازي الأخلاقية..

وقد اهتمت هذه الأنواع كلّها بالعواطف المشتركة والأخلاق العامة ونأت عن الحالات الشديدة الخصوصيّة أو الناشزة والنادرة. وكانت تحرص على تلبية الرغائب وإرضاء الأذواق لدى مجتمع مُغْلق صغير يتمتع بالمؤهلات والمستويات العالية إلى جانب المال والسلطة والوجاهة، مع استدراكنا بأن الأنواع التعليمية والخطابية والقصصية والهجائية اتجهت أيضاً إلى فئات أخرى من الشعب.

8-أدب غير شخصيّ:

فالكاتب لا يعبر مباشرة عن آرائه ومشاعره بل يتبع النهج التعليمي أو الدراميّ، وتبدو الذات وكأنها غائبة، ويبقى التعبير من خارج الذات أو بالأحرى، تندغم الذات في الموضوع، فشخوص المسرحية هي التي تتكلم وتعبر عن مقاصد الأديب بطريقة غير مباشرة وبشكل مشابه للواقع، لكن الذات لا تغيب تماماً بل قد تظهر من خلال الأشخاص، وكثيراً ما كانت أعمال موليير وراسين وبوسوييه وكورني تشف عن ذواتهم.

9-التعبير الكامل باللغة الوطنية:

رأينا سابقاً كيف أن طلائع الكلاسيكية عزفوا عن الكتابة باللاتينية ونفروا من استخدام مفرداتها ومصطلحاتها وأصروا على الكتابة باللغة المحلية ودأبوا على إغنائها بالمفردات بطرائق صَرْفيةَ متنوعة، حتى أصبحت لغة غنية متحررة قادرة على التعبير عن كل المقاصد. ولكن اللغة الوطنية تتنوع من كاتب إلى آخر، وتبقى لكل كاتب شخصيته اللغوية الخاصة على الرغم من نداءات فوجولا والأكاديمية والصالونات الأدبية.

أما الأسلوب فكانت له صفات عامة مشتركة، فقد تخلّص من النحو اللاتيني وأصبح يتحلى بالوضوح والبساطة مع الصقل والتهذيب لكنه احتفظ في التراجيديا والمراثي والخطابة بأبّهةٍ تتخللها بعض المقاطع البسيطة، وحتى في الأجناس الأخرى بقي الأسلوب حريصاً على الحوار المهذب ولم يتدنّ إلى المستوى العامّي.

__________

(1) نسبة إلى جانسينيوس اللاهوتي المسيحي في القرن السابع عشر الذي شرح أفكار القديس أوغسطين وجاء بنظرية النعمة الإلهية والقدر الأزلي وحرية الاختيار.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.