أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-12-2016
1803
التاريخ: 12-7-2019
2184
التاريخ: 24-7-2019
1737
التاريخ: 4-12-2016
2128
|
غزوة بدر الموعد
وكانت لهلال ذي القعدة على رأس خمسةٍ وأربعين شهراً، وغاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيها ست عشرة ليلة، ورجع إلى المدينة لأربع عشرة بقيت من ذي القعدة، واستخلف على المدينة ابن رواحة.
حدثني الضحاك بن عثمان، ومحمد بن عمرو الأنصاري، وموسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث، وأبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة، ومعمر بن راشد، وأبو معشر، وعبد الله بن جعفر، ومحمد بن عبد الله بن مسلم، وعبد الحميد بن جعفر، وابن أبي حبيبة، ومحمد بن يحيى بن سهل، وكل قد حدثني بطائفة من هذا الحديث، وغيرهم ممن لم أسم، قالوا: لما أراد أبو سفيان أن ينصرف يوم أحد نادى: موعدٌ بيننا وبينكم بدر الصفراء رأس الحول، نلتقي فيه فنقتتل. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لعمر: قل نعم إن شاء الله.
ويقال قال أبو سفيان يومئذ: موعدكم بدر الصفراء بعد شهرين. قال ابن واقد: والأول أثبت عندنا. فافترق الناس على ذلك، ورجعت قريش فخبروا من قبلهم بالموعد وتهيئوا للخروج وأجلبوا، وكان هذا عندهم أعظم الأيام لأنهم رجعوا من أحد والدولة لهم، طمعوا في بدر الموعد أيضاً بمثل ذلك من الظفر. وكان بدر الصفراء مجمعاً يجتمع فيه العرب، وسوقاً تقوم لهلال ذي القعدة إلى ثمان ليالٍ خلون منه، فإذا مضت ثماني ليال منه تفرق الناس إلى بلادهم. فلما دنا الموعد كره أبو سفيان الخروج إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وجعل يحب أن يقيم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأصحابه بالمدينة ولا يوافقون الموعد. فكان كل من ورد عليه مكة يريد المدينة أظهر له: إنا نريد أن نغزو محمداً في جمعٍ كثيف. فيقدم القادم على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيراهم على تجهز فيقول: تركت أبا سفيان قد جمع الجموع، وسار في العرب ليسير إليكم لموعدكم. فيكره ذلك المسلمون ويهيبهم ذلك.
ويقدم نعيم بن مسعود الأشجعي مكة، فجاءه أبو سفيان بن حرب في رجالٍ من قريش فقال: يا نعيم، إني وعدت محمداً وأصحابه يوم أحد أن نلتقي نحن وهو ببدر الصفراء على رأس الحول، وقد جاء ذلك. فقال نعيم: ما أقدمني إلا ما رأيت محمداً وأصحابه يصنعون من إعداد السلاح والكراع، وقد تجلب إليه حلفاء الأوس من بلى وجهينة وغيرهم، فتركت المدينة أمس وهي كالرمانة. فقال أبو سفيان: أحقاً ما تقول؟ قال: إي والله. فجزوا نعيماً خيراً ووصاوه وأعانوه، فقال أبو سفيان: أسمعك تذكر ما تذكر، ما قد أعدوا؟ وهذا عام جدب قال نعيم: الأرض مثل ظهر الترس، ليس فيها لبعير شيءٌ وإنما يصلحنا عام خصب غيداق ترعى فيه الظهر والخيل ونشرب اللبن، وأنا أكره أن يخرج محمدٌ وأصحابه ولا أخرج فيجترئون علينا، ويكون الخلف من قبلهم أحب إلي. ونجعل لك عشرين فريضة، عشراً جذاعاً وعشراً حقاقاً، وتوضع لك على يدي سهيل بن عمرو ويضمنها لك. قال نعيم: رضيت. وكان سهيل صديقاً لنعيم فجاء سهيلاً فقال: يا أبا زيد، تضمن لي عشرين فريضة على أن أقدم المدينة فأخذل أصحاب محمد؟ قال: نعم. قال: فإني خارج. فخرج على بعير حملوه عليه، وأسرع السير فقدم وقد حلق رأسه معتمراً، فوجد أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يتجهزون، فقال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): من أين يا نعيم؟ قال: خرجت معتمراً إلى مكة. فقالوا: لك علمٌ بأبي سفيان؟ قال: نعم، تركت أبا سفيان قد جمع الجموع وأجلب معه العرب، فهو جاءٍ فيما لا قبل لكم به، فأقيموا ولا تخرجوا فإنهم قد أتوكم في داركم وقراركم، فلن يفلت منكم إلا الشريد، وقتلت سراتكم وأصاب محمداً في نفسه ما أصابه من الجراح. فتريدون أن تخرجوا إليهم فتلقوهم في موضعٍ من الأرض؟ بئس الرأي رأيتم لأنفسكم وهو موسم يجتمع فيه الناس والله ما أرى أن يفلت منكم أحد! وجعل يطوف بهذا القول في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) حتى رعبهم وكره إليهم الخروج، حتى نطقوا بتصديق قول نعيم، أو من نطق منهم. واستبشر بذلك المنافقون واليهود قالوا: محمدٌ لا يفلت من هذا الجمع! واحتمل الشيطان أولياءه من الناس لخوف المسلمين، حتى بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ذلك، وتظاهرت به الأخبار عنده، حتى خاف رسول الله ألا يخرج معه أحد. فجاءه أبو بكر بن أبي قحافة ، وقد سمعا ما سمعا فقالا: يا رسول الله إن الله مظهرٌ دينه ومعزٌ نبيه، وقد وعدنا القوم موعداً ونحن لا نحب أن نتخلف عن القوم، فيرون أن هذا جبن منا عنهم، فسر لموعدهم، فوالله إن في ذلك لخيرة! فسر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بذلك ثم قال: والذي نفسي بيده، لأخرجن وإن لم يخرج معي أحد! قال: فلما تكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) تكلم بما بصر الله وعز وجل المسلمين، وأذهب ما كان رعبهم الشيطان، وخرج المسلمون بتجارات لهم إلى بدر.
فحدثت عن يزيد، عن خصيفة، قال: كان عثمان بن عفان رحمه الله يقول: لقد رأيتنا وقد قذف الرعب في قلوبنا، فما أرى أحداً له نية في الخروج، حتى أنهج الله تعالى للمسلمين بصائرهم، وأذهب عنهم تخويف الشيطان. فخرجوا فلقد خرجت ببضاعة إلى موسم بدر، فربحت للدينار ديناراً، فرجعنا بخير وفضلٍ من ربنا. فسار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في المسلمين وخرجوا ببضائع لهم ونفقات، فانتهوا إلى بدر ليلة هلال ذى القعدة، وقام السوق صبيحة الهلال، فأقاموا ثمانية أيامٍ والسوق قائمة.
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قد خرج في ألق وخسمائة من أصحابه وكانت الخيل عشرة أفراس: فرس لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وفرس لأبي بكر، وفرس لعمر، وفرس لأبي قتادة، وفرس لسعيد بن زيد، وفرس للمقداد، وفرس للحباب، وفرس للزبير، وفرس لعباد بن بشر.
فحدثني علي بن زيد، عن أبيه، قال: قال المقداد: شهدت بدر الموعد على فرسي سبحة، أركب ظهرها ذاهباً وراجعاً، فلم يلق كيداً. ثم إن أبا سفيان قال: يا معشر قريش، قد بعثنا نعيم بن مسعود لأن يخذل أصحاب محمد عن الخروج وهو جاهد، ولكن نخرج نحن فنسير ليلة أو ليلتين ثم نخرج، فإن كان محمدٌ لم يخرج بلغه أنا خرجنا فرجعنا لأنه لم يخرج، فيكون هذا لنا عليه، وإن كان خرج أظهرنا أن هذا عام جدب لا يصلحنا إلى عامٌ عشب. قالوا: نعم ما رأيت. فخرج من قريش، وهم ألفان ومعهم خمسون فرساً، حتى انتهوا إلى مجنة ثم قال: ارجعوا، لا يصلحنا إلا عام خصب غيداق، نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن، وإن عامكم هذا عام جدب، وإني راجع فارجعوا. فسمى أهل مكة ذلك الجيش جيش السويق، يقولون: خرجوا يشربون السويق.
وكان يحمل لواء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) الأعظم يومئذٍ علي بن أبي طالب عليه السلام. وأقبل رجلٌ من بني ضمرة يقال له مخشى بن عمرو، وهو الذي حالف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على قومه في غزوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) الأولى إلى ودان فقال والناس مجتمعون في سوقهم وأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أكثر أهل ذلك الموسم فقال يا محمد، لقد أخبرنا أنه لم يبق منكم أحد، فما أعلمكم إلا أهل الموسم.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، ليرفع ذلك إلى عدوه من قريش: ما أخرجنا إلا موعد أبو سفيان وقتال عدونا، وإن شئت مع ذلك نبذنا إليك وإلى قومك العهد، ثم جالدنا كم قبل أن نبرح من منزلنا هذا. فقال الضمري: بل، نكف أيدينا عنكم ونتمسك بحلفك، وسمع بذلك معبد ابن أبي معبد الخزاعي فانطلق سريعاً، وكان مقيماً ثمانية أيام، وقد رأى أهل الموسم ورأى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وسمع كلام مخشى، فانطلق حتى قدم مكة، فكان أول من قدم بخبر موسم بدر. فسألوه فأخبرهم بكثرة أصحاب محمد، وأنهم أهل ذلك الموسم، وما سمع من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) للضمري، وقال: وافى محمدٌ في ألفين من أصحابه، وأقاموا ثمانية أيام حتى تصدع أهل الموسم. فقال صفوان بن أمية لأبي سفيان: قد والله نهيتك يومئذٍ أن تعد القوم، وقد اجترأوا علينا ورأوا أن قد أخلفناهم، وإنما خلفنا الضعف عنهم. فأخذوا في الكيد والنفقة في قتال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) واستجلبوا من حولهم من العرب، وجمعوا الأموال العظام، وضربوا البعث على أهل مكة، فلم يترك أحدٌ منهم إلا أن يأتي بما قل أو كثر، فلم يقبل من أحدٍ منهم أقل من أوقية لغزوة الخندق. وقال معبد: لقد حملني ما رأيت أن قلت شعراً:
تهوى على دين أبيها الأ تلد ... إذ جعلت ماء قديدٍ موعد
وماء ضجنان لها ضحى الغد ... إذ نفرت من رفقتي محمد
وعجوةٍ موضوعةٍ كالعنجد
ويزعمون أن حماماً قالها.
وأنزل الله عز وجل: " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم " الآية، يعني نعيم بن مسعود.
وقال كعب بن مالك قال الواقدي: أنشدنيها مشيخة آل كعب وأصحابنا جميعاً:
وعدنا أبا سفيان بدراً فلم نجد ... لموعده صدقاً وما كان وافيا
فأقسم لو وافيتنا فلقيتنا ... رجعت ذميماً وافتقدت المواليا
تركنا بها أوصال عتبة وابنة ... وعمراً أبا جهلٍ تركناه ثاويا
عصيتم رسول الله أفٍّ لدينكم ... وأمركم السيء الذي كان غاويا
وإني وإن عنفتموني لقائلٌ ... فدىً لرسول الله أهلي وما ليا
أطعنا فلم نعدل سواه بغيره ... شهاباً لنا في ظلمة الليل هاديا
وقال حسان بن ثابت الأنصاري ثبت ابن أبي الزناد وابن جعفر وغيرهما:
أقمنا على الرس النزوع ثمانيا ... بأرعن جرارٍ عريض المبارك
بكل كميتٍ جوزه نصف خلقه ... وأدمٍ طوالٍ مشرفات الحوارك
ترى العرفج العامي تبدى أصوله ... مناسم أخفاف المطى الرواتك
إذا هبطت خورات من رمل عالجٍ ... فقولا لها ليس الطريق هنالك
ذروا فلجات الشام قد حال دونها ... ضرابٌ كأفواه المخاض الأوارك
بأيدي رجالٍ هاجروا نحو ربهم ... وأنصار حقٍّ أيدوا بملائك
فإن نلق في تطوافنا والتماسنا ... فرات بن حيانٍ يكن رهن هالك
وإن نلق قيس بن امرىء القيس بعده ... نزد في سواد وجهه لون حالك
فأجابه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب. هكذا كان.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|