إن أول ما يجب أن تنص عليه استراتيجيتنا الإعلامية، هر أهمية الانسياب الحر للمعلومات، حيث إن دول منطقتنا العربية مستهدفة من إعلام شرس معاد لنا، إعلام قادر على التسلل إلى الداخل بذاته. وبدخوله إلى داخل عقولنا، وكنا قادرين دولتا على الصمود أمام معظم تلك الحملات الإعلامية المعادية. ولعل من أسباب استمرارنا وبقائنا أن الإعلام العربي ما زال قادرا على الصمود، وأن الصامدين من المثقفين ومن الإعلاميين ما زال لهم حضور ملموس؛ لانهم الاقوى والاشد حماسا وإيمانا بعدالة قضايانا من هؤلاء الذين سقطوا، والإعلام المعادي لا ييأس مطلقا. ولنضرب مثلا بتجربة دولة من دول العالم النامي أو الواعد تعرضت لحملة دعائية معادية شرسة في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، إنها دولة [تشيلي] في أمريكا اللاتينية عندما اتضح أن (حزب الوحدة الشعبية) على وشك الفوز في انتخابات حرة نظيفة نزيهة، ووصول زعيمه [اللندي] إلى الحكم . سمعنا السفير الامريكي في [تشيلي] يقول؟:

- ما إن يصل [اللندي] إلى الحكم حتى نبذل كافة جهودنا لنحكم على تشيلي بالحرمان والفقر التام .

وقد تبع ذلك حملة معادية شرسة ضد تشيلي، ولكن انتخابات شهر سبتمبر عام ١٩٧٠ الحرة، فاز بها [حزب الوحدة الشعبية؛ بالاغلبية، ووصل [اللندي] إلى الحكم، وما إن جاء ١١ سبتمبر ١٩٧٣ حتى كان [اللندي] قد سقط في انقلاب عسكري.

لقد كانت البداية، بداية الهزيمة، حملات إعلامية معادية مكثفة، ولم يكن الإعلام [التشيلي] ندا لها(1).. لم تكن هناك شفافية إعلامية، لم يكن هناك

مصارحة بوجود أخطار، لم تكن هناك دعوات للصمود، وحملات للرد على الرسائل الإعلامية المعادية. إن حجب المعلومات هو الدمار بعينه.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) من تقرير صحفي لمراسلة مجلة نيوز ويك الامريكية News Week Bittner, John, John R. Brodcating and Beleeommunicat, oof new Jercy, Prentic Hall. Inc. Egglewoodclifs. عن كتابه (بحوث الاتصال الجماهيري... د. محمود علم الدين – دار العربي للنشر، 1990، القاهرة.