ما معنى قول الشريف المرتضى في كتاب تنزيه الانبياء عن النبي يوسف عليه السلام: وهو لا يبرئ نفسه مما لا تعرى منه طباع البشر ؟ |
1310
10:19 صباحاً
التاريخ: 2023-07-08
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-11
975
التاريخ: 6-9-2020
1183
التاريخ: 2023-09-07
1174
التاريخ: 2023-07-15
1083
|
السؤال : أتقدم إليكم بهذا السؤال, حول مقطع من كتاب تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى رضوان الله تعالى عليه..
حيث يقول في تفسير آية: {وَمَا أبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[ الآية 53 من سورة يوسف].
قلنا: إنما أراد الدعاء والمنازعة والشهوة، ولم يرد العزم على المعصية، وهو لا يبرئ نفسه مما لا تعرى منه طباع البشر..
وما معنى قوله: وهو لا يبرئ نفسه مما لا تعرى منه طباع البشر.
الجواب : إن الشريف الرضي رحمه الله قد ذكر في تفسير هذه الآية وجوهاً :
أحدها: ما أشار إليه الحسن البصري، وحاول السيد الشريف توضيحه وشرحه، إلى أن قال في آخره العبارة التي ذكرتموها في السؤال..
وهو جواب يحتاج ـ لكي يصبح مقبولاً ـ إلى المزيد من التوضيح والبيان، والتأكيد على أن هذا كقول أمير المؤمنين عليه السلام: لست ـ في نفسي ـ بفوق أن أخطئ إلا أن يتداركني الله بلطف منه. وكتعليق النبي إسماعيل عليه السلام صبره على مشيئة الله سبحانه، حين قال لأبيه: {سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}[ الآية 102 من سورة الصافات].
أي أنه عليه السلام، إذا انقطع عنه التسديد والتأييد، وحجبت عنه الألطاف، وحرم من المعرفة الحقيقية بالله تعالى، ووكله الله إلى نفسه، وإلى طبيعته البشرية، فإنه سيكون ضعيفاً في المواجهة، ولأجل ذلك ورد في الدعاء: «ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً».. فإن جعل زمام أمره بيد نفسه، لن يكون في صالحه، لأن نفسه لن تحصنه من المآثم، بل هي قد تدعوه إليها..
والذي يحصنه منها هو معرفته بالله وإيمانه، وتعلقه به تعالى..
الثاني من أجوبة السيد المرتضى قوله: «وفي ذلك جواب آخر اعتمده أبو علي الجبائي واختاره، وإن كان قد سبق إليه جماعة من أهل التأويل وذكروه، وهو: أن هذا الكلام، الذي هو: {وَمَا أبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}.. إنما هو من المرأة، لا من كلام النبي يوسف عليه السلام، واستشهدوا على صحة هذا التأويل بأنه منسوق على الكلام المحكي عن المرأة بلا شك»..
إلى أن قال:
«.. وعلى هذا التأويل يكون التبرؤ من الخيانة الذي هو {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْب}[ الآية 52 من سورة يوسف] من كلام المرأة، لا من كلام النبي يوسف عليه السلام.
ويكون المعنى المكنى عنه في قوله: { أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْب} هو يوسف عليه السلام، دون زوجها، لأن زوجها قد خانته في الحقيقة بالغيب.
وإنما أرادت: أني لم أخن يوسف عليه السلام وهو غائب في السجن، ولم أقل فيه لما سئلت عنه، وعن قصتي معه، إلا الحق..
ومن جعل ذلك من كلام يوسف عليه السلام جعله محمولاً على: أني لم أخن العزيز في زوجته بالغيب..
وهذا الجواب كأنه أشبه بالظاهر، لأن الكلام معه لا ينقطع عن اتساقه وانتظامه»(1).
فالشريف المرتضى يرى إذن: أن هذا الوجه هو الأنسب بسياق الكلام..
الثالث: الجواب الذي يؤكد فيه رحمه الله، على أنه يلتزم بعدم صدور الهم بالمعصية من قِبَل النبي يوسف عليه السلام حتى على مستوى خطورها بباله، فضلاً عن الدعاء والمنازعة، والشهوة، وهو أن يحمل الكلام على التقديم والتأخير، أي: لولا أن رأى برهان ربه لهمَّ بها، فهو كقولك: «لولا أن تداركتك، لهلكت»..
وإذا جاز عندهم حذف جواب «لولا» لئلا يلزم تقدم جوابها عليها، فلماذا لم يجز: تقديم الجواب، لئلا يلزم حذفه من الكلام؟!(2).
وبذلك يعلم: أنه رحمه الله إنما أراد أن يجيب بأجوبة مختلفة، يجري بعضها على مشربه في تنزيه الأنبياء عليهم السلام، ويجري بعضها الآخر على مشرب غيره..
وفي جميع الأحوال نقول:
إن عصمة الأنبياء هي الأصل الأصيل، الذي لا مجال للتنازل عنه، ولا للمجاملة فيه..
وقد تكون للجواد كبوة، ولكن المهم هو النظر إلى الأصول التي يعتمد عليها العالم ويتبناها، وليس المعيار هو بعض الهفوات والكبوات التي قد تحصل في مجال التطبيق، حتى إذا نبهته إليها، وعرَّفته وجه الخلل فيها، تراجع عنها، ولم يصر عليها، بل هو يتبرأ منها معترفاً شاكراً..
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله..
______________
(1) تنزيه الأنبياء ص51 و52.
(2) راجع: تنزيه الأنبياء ص52 ط سنة 1250 هـ
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|