المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

حد التكلم بما لا يعنى‏
6-10-2016
حركة مبيدات الحيوية (Mobility of biocides)
2024-01-11
وحدات المعنى
20-8-2017
حَيص بَيص
27-1-2016
النمو الحضري في الولايات المتحدة الأمريكية
21-2-2022
المصادر الداخلية للقانون الدولي الخاص
17-3-2021


فتح مكة: طراز الفتوحات الكبرى  
  
2237   02:57 مساءً   التاريخ: 23-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 428-432.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

لو اردنا ادراك اهمية «فتح مكة» باطار الفهم المعاصر الحديث، لافترضنا اننا يجب ان نفهم آثارها او مقتضياتها بنفس درجة فهم اسبابها او عللها. فمع ان شجاعتي رسول الله (صلى الله عليه واله) وامير المؤمنين (عليه السلام) الفائقتين كانا من اهم عللها، فان آثارها كانت خطيرة للغاية. ذلك ان فتح مكة وضع القيادة الدينية الاجتماعية للعالم بيد المسلمين بعد ان كان المشركون يعيثون في الارض فساداً. فدخل الناس، مؤمنين باطناً او ظاهراً، في دين الله افواجاً. وقد تنبأ كتاب الله المجيد بتلك الاحداث بالقول: {نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 1، 2].

وتلك سورة مدنية نزلت بعد صلح الحديبية وقبل فتح مكة. حيث كانت السورة إخباراً بتحقق أمر لم يتحقق بعد. وهو الوعد الجميل بالنصر والفتح. وتلك السورة تنطبق على فتح مكة الذي هو اُمّ فتوحاته (صلى الله عليه واله) في حياته، حيث تكلل ذلك النصر بهدم بنيان الشرك في جزيرة العرب. ولذلك طلب الله عزّوجلّ من رسوله (صلى الله عليه واله) ان يسبحه وينـزهه بقوله: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3] الآية. حيث تم اذلال الشرك وتعزيز التوحيد وابطال الباطل واحقاق الحق.

واصبح الاسلام بعد فتح مكة قوة عالمية تستطيع مواجهة قوى الفرس او الروم والانتصار عليهما، وتثبيت الامن العالمي في ذلك الوقت تحت شعار: لا اله الا الله، محمد رسول الله. وهذا كله يمثّل مصداقاً من مصاديق المقولة القرآنية: جاء الحق وزهق الباطل، ان الباطل كان زهوقاً. 

أ - بدء عصر جديد:

ولاشك ان فتح مكة لم يكن مجرد عملية انهيار قوة عالمية وهي قوة المشركين، وانتصار قوة اعظم في المبدأ والعقيدة وهي قوة المسلمين. بل كانت عملية بدء عصر جديد يستمر فيه الاسلام حياً نابضاً فعّالاً الى يوم القيامة. لان الاسلام بطبيعته دين عالمي وليس ديناً محلياً يهتمّ بعرق معين او طائفة معينة. ويؤيده قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: 28].

وقد كان للبطولة الخارقة دور حاسم في فتح مكة وتحطيم الاصنام فوق الكعبة وحولها، كما بحثنا ذلك سابقاً. وبتحطيم الاصنام أزف الوقت لإعلان عدم شرعية الشرك في معقل المشركين بمكة بقوة السلاح والايمان، واعلان انتقال السلطة العالمية من يد الشرك الى يد الايمان، وانتهاء التحدي الفكري الذي قاده الشرك القرشي ضد الاسلام.

ومن منطلق تلك الاحداث لابد من ادراك مقدار المكاسب التي حققتها بطولة اهل بيت النبوة (عليه السلام) في المعارك الاسلامية الكبرى. فقد دمر ذلك التفاني العجيب من اجل الدين، كل احكام الوثنية في البقاء. فلم تكن تلك المعارك صراعاً شخصياً بين بني هاشم وبني امية. ولم تكن تلك مواجهة شخصية بين رسول الله (صلى الله عليه واله) وأبي سفيان، او بين حمزة وابي جهل، او بين علي (عليه السلام) ومعاوية.

بل كان الصراع بين الخير والشر او الحق والباطل صراعاً تأريخياً بين معسكرين ذَوَي مبدأين متصارعين الى ابد الدهر. ولم يكن تسامح رسول الله (صلى الله عليه واله) مع اهل مكة الطلقاء ليغير من موقف النخبة الجاهلية. فحتى مع اظهار اسلامه، لا يزال ابو سفيان في قلبه شيء من رسالة محمد (صلى الله عليه واله)، ولا يزال يؤمن بأنه المُلك الذي حازه محمد (صلى الله عليه واله) واصبح به عظيماً، لا النبوة الخاتمة ولا وحي السماء. ولا يزال خالد بن الوليد يتصرف على ضوء عنجهيته الجاهلية فيقتل من لا يجوز قتله، وعنندها يتبرأ رسول الله (صلى الله عليه واله) من افعاله.

ان العداء التأريخي الذي كانت تكنّه قريش للاسلام ولرسول الله (صلى الله عليه واله) ولعلي (عليه السلام) لم يكن ليزول باعلان الشهادتين على اللسان دون القلب. ذلك ان فتح مكة كان اظهار قدرة الله سبحانه على اعزاز الاسلام وتكريمه وتجليل خاتم الانبياء (صلى الله عليه واله). وقد نصر الله الاسلام على رغم انوف صناديد قريش من الذين تشربت في قلوبهم عبادة الاوثان والاصنام.

ولذلك كانت النبوة امراً لا تستطيع قريش هضمه او استيعابه. فما هي تلك القوة الهائلة التي تستطيع ان تحرك القلوب نحو الله ضد الشيطان والشرك والرجس؟ وما هو سر ذلك التسامي العظيم لرسالة محمد (صلى الله عليه واله) بين الامم؟ وما هو سر شجاعة علي (عليه السلام) الفائقة وتفانيه في حماية الرسالة السماوية؟ وما هو السر في استبسال تلك النخبة المؤمنة التي كانت تحيط برسول الله (صلى الله عليه واله) وتصحبه؟ لا شك ان تلك النخبة كانت اشدّ تماسكاً في اتباع قائدها (صلى الله عليه واله) من غيرها من نخب الملل والمذاهب، فهذا علي (عليه السلام) يصعد على كتف رسول الله (صلى الله عليه واله) ليحطم الاصنام، في وقت كان شعارهما: جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقاً. وكان حمزة (رض) متفانياً في الدفاع عن الاسلام ونبيه (صلى الله عليه واله)، وكان ابو طالب ومواقفه الاجتماعية العظيمة تفصح عن عمق ايمانه برسالة محمد (صلى الله عليه واله)، وكان تفاني جعفر بن ابي طالب مشهوداً من اجل الاسلام ورسالته السماوية للبشرية. 

ب - إعادة تركيب العالم:

وبذلك فقد كان الشعور الوجداني بين النخبة المؤمنة هو ان يزدهر الخير بين البشر وتتحقق كلمة التوحيد وعبادة الله سبحانه. وبذلك كان فتح مكة اعادة لبناء التركيب السياسي والاجتماعي للعالم على ضوء الدين الجديد. في وقت كان العالم يبحث فيه عن قيادة جديدة تحقق العدل الاجتماعي والامان والتوحيد، فكانت قيادة رسول الله (صلى الله عليه واله) تحقق ثبات دولة الايمان العالمية ونظامها الامني والحقوقي.

والسبب في البحث عن قيادة عالمية جديدة ان العالم يتضمن شعوباً متباينة في التقاليد والعادات واللغات، ولا يمكن ان يجمعها الا دين سماوي واحد. فكان الاسلام هو الدين القادر على جمع ذلك العدد الهائل من البشر تحت سقف خيمة واحدة يظللها لواء واحد. ولا يستطيع احد تحمل مسؤولية ادارة ذلك التجمع العالمي اجتماعياً وسياسياً الا رسولٌ يوحى اليه. فكان رسول الله (صلى الله عليه واله) هو حامل المسؤولية العالمية. وكان من خلفه المؤهل الاول لتسلمالقيادة الدينية بعده (صلى الله عليه واله) أمير المؤمنين (عليه السلام).

فقد كان (عليه السلام) موضع ثقة رسول الله (صلى الله عليه واله) في فتح مكة. فعندما قال الناس: اليوم يوم الملحمة، اليوم تُستحل الحرمة. دعاه النبي (صلى الله عليه واله) لتدارك الوضع الخطير الذي كان سيؤدي حتماً الى سفك الدماء. فكان علي (عليه السلام) منقذ الموقف. وعندما قال خالد بن الوليد بقتل من قتل من بني جذيمة، وداهم رسول الله (صلى الله عليه واله) فبعث اليهم علياً (عليه السلام) لتسوية الوضع. وقبلها كان علي (عليه السلام) ثقة ابي سفيان رأس الشرك الذي حارب الاسلام والنبي (صلى الله عليه واله) وعلياً (عليه السلام) اشد حرب. فكان علي (عليه السلام)، إذا صحت الرواية، ألينهم معه. وهكذا كان خلق الانبياء والاوصياء. وهذا تعامل رسول الله (صلى الله عليه واله) في مكة مع الطلقاء.

ويمكننا الآن ان نقول باطمئنان بأن فتح مكة كان من طراز الفتوحات الكبرى للاسباب التالية:

- رجع رسول الله (صلى الله عليه واله) منتصراً الى البلدة التي حاربته واضطهدته وتآمرت على قتله واخرجته بالاكراه. فبعد ثمان سنوات فقط من الهجرة الكبرى من مكة الى المدينة، رجع المصطفى (صلى الله عليه واله) الى بلدته مكللاً بالانتصار.

- دخل خاتم الانبياء (صلى الله عليه واله) الكعبة وبجنبه علي (عليه السلام) وحطما الاصنام التي كانت تعتبر رمز الشرك في عالم ذلك الزمان، وفي كل زمان. وأرجع (صلى الله عليه واله) للكعبة الشريفة حرمتها النبوية التي وضعها ابراهيم الخليل (عليه السلام) ولوثتها جاهلية الاوثان والاصنام.

- كان رداء المصطفى (صلى الله عليه واله) التسامح مع ألد اعدائه: مشركي قريش. فأعطاهم الامان، وقال لهم: اذهبوا فانتم الطلقاء. وكان هؤلاء قد ارتكبوا اعظم الفظائع ضد الموحدين المسلمين.

- كان فتح مكة إيذاناً لتحرير الجزيرة العربية من الشرك، والاذعان لسلطان الاسلام. وبعدها تهيأ رسول الله (صلى الله عليه واله) لمحاربة القوى الاخرى في العالم.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.