أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-1-2019
1719
التاريخ: 13-1-2019
1611
التاريخ: 18-11-2016
1162
التاريخ: 18-11-2016
1264
|
[نص الشبهة] : [ان مصدر الاسلام الذي جاء به محمد لم يكن عن وحي سماوي ورسالة الهية وانما نتاج الوحي النفسي والذكاء الخارق الذي كان يتمتع به حيث ان محمدا قد اعتمد على اليهود في بادئ الامر ثم ما لبث ان جعل ابراهيم ابا للعرب بعد عداءه مع اليهود] .
[جواب الشبهة] : هذا دسّ وتشويه يهدف إلى القول بأنّ ذكاء محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وخياله المتوقّد هما اللذان كانا وراء ما جاء به من دعوة .
ونجد مصاديق هذه الشبهة في عدّة موارد ، منها ما جاء تحت مادّة ( إبراهيم ) ، ففي معرض بيان دعوى ( سنوك هجروينيه) بأنّ شخصيّة إبراهيم مرّت بأطوارٍ متناقضة في القرآن الكريم، والإشارة إلى السرّ في هذا الاختلاف يقول ( فنسنك A. J. Wensinck ) : ( إنَّ محمّداً كان قد اعتمد على اليهود في مكّة ، فما لبِثوا أنْ اتخذوا حياله خطّة عِداء ، فلم يكن له بدٌّ من أنْ يلتمس غيرهم ناصراً .
هناك هداه ذكاءٌ مسدّد إلى شأنٍ جديد لأبي العرب إبراهيم ، وبذلك استطاع أنْ يخلّص مِن يهوديّة عصره ليصل حبله بيهوديّة إبراهيم )(1) .
ومنها ما جاء تحت مادّة ( الله ) الفقرة ( ج ) : الله في ذاته لذاته ، يقول ( ماكدونالد D. B. Macdonald ) :
( وقد استطاع محمّد بفضل خياله المتوقّد أنْ يصف الله بصفات واضحة معيّنة ، مثل الأوّل والآخر ، والظاهر والباطن ( سورة الحديد ـ الآية 3 ) ، وأنّه القيّوم ( سورة البقرة ـ الآية 256) ، ( سورة آل عمران ـ الآية 1 ) (2).
وفي معرض الردّ والمعالجة لهذه النصوص من الدسّ والتشويه نؤشّر أوّلاً إلى أنْ الأساس في مثل هذا الدسّ والتشويه والهدف من وراء إرجاع النجاح في خطوات دعوة النبيّ محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ومواقفه الرساليّة إلى ذكائه مثلاً أو خياله المتوقّد ـ كما يعبّرون ـ هو إنكارهم الوحي الإلهي للنبيّ محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) سنقوم ببحثه في فصل مستقل يستوعب جميع جوانب الإثارات التي ذكرناها عن المستشرقين ، أو ما سيأتي منها في موارد وأبواب أخرى ، وبصيغ وزوايا مختلفة [بحث المصنف هذا الموضوع في الصفحة (313) وما بعدها من هذا الكتاب] .
أمّا ردّنا وعلاجنا لموارد الدسّ والتشويه التفصيليّة التي أوردناها في هذه الفقرة فنرتبه كالآتي :
1 ـ قول ( فنسنك A. J. Wensinck ) : إنّ محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كان قد اعتمد على اليهود في مكّة ، فهذا ما لم يقله ولم ينقله لنا أيّ مؤرّخ ، سواء كان من المسلمين أم من غيرهم ، بل الذي ورد هو العكس ، حيث إنّ اليهود كانوا أوّل وأشدّ مَنْ نصب العِداء ومارس تأليب مشركي قريش ، والتآمر على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم) ودعوته الإسلاميّة ، حتّى نزل في ذلك قرآن الكريمٌ ، قال فيه الله تعالى : {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} [المائدة: 82] .
أمّا قوله : ( وبذلك استطاع أنْ يخلص من يهوديّة عصره ليصل حبله بيهوديّة إبراهيم ) ففيه :
أوّلاً : إنّ اليهوديّة المدّعاة التي كانت على عصر الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) هي انحراف عن الدين الحق ، الذي بعث الله تعالى به أنبياء بني إسرائيل وعلى رأسهم موسى (عليه السلام) ، وفي ذلك قال الله تعالى في محكم قرآنه الكريم : {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 46].
وقوله تعالى أيضا : {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 75] .
ثانياً : إنّ الرسول محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لم يكن بحاجة لأنْ يصل حبله باليهوديّة المدّعاة ؛ لأنّ الأصل في الأديان هو الإسلام ، وقد توالى بعث الرسُل والأنبياء من الله تعالى للتبشير به ، وردّ التحريف عنه ، والدعوة له قبل خاتمهم محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، أمّا النصرانيّة واليهوديّة المدّعَيتان فما هي إلاّ انحراف عن الأصل الإسلامي ، وبدعة أملَتها عليهم أهواؤهم ودنياهم الرخيصة ، وفي ذلك قول الله تعالى في القرآن الكريم :
{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: 187] .
وهذه هي العقيدة التي دعا لها النبيّ محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وذكرها الله تعالى في القرآن الكريم بقوله :
{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ * وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ * فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } [الشورى: 13 - 15] .
ثالثاً : إنّ نبيّ الله إبراهيم ( عليه السلام ) لم يكن يهوديّاً ، لما قلنا من أنّ الأصل في الأديان المبشَّر بها هو الإسلام ، وكيف يكون إبراهيم ( عليه السلام ) يهوديّاً أو نصرانيّاً حسب دعواهم وقد نزلت التوراة والإنجيل مِن بعده بزمنٍ مديد ؟ وهو قول الله تعالى في قرآنه الكريم : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [آل عمران: 65، 66].
ثُمّ ينفي الله عزّ وجلّ اليهوديّة والنصرانيّة المدّعيتين عن إبراهيم ( عليه السلام ) ويثبت كونه حنيفاً مسلماً لا غير ، وذلك قوله عزّ من قائل في الكتاب الكريم : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: 67] .
2 ـ قول ( ماكدونالد D. B. Macdonald ) : ( وقد استطاع محمّد بفضل خياله المتوقّد أنْ يصف الله بصفات واضحة معيّنة ،...) إلى آخر القول ، ففيه ما في قول سابقه ( فنسنك ) من أنّه يوحي بأنّ الرسول محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لم يكن قد أُوحي له من الله تعالى ، إنّما هو الذكاء أو الخيال المتوقّد ، رغم أنّ لفظهم لم يكن صريحاً في ذلك وسنؤجّل ردّه إلى بحثٍ مستقلٍ لاحق يستوعب الإثارات التي سيأتي ذكرها تباعاً في هذه الشبهة [تناول المصنف الرد في الصفحة (313) وما بعدها من هذا الكتاب] .
والظريف أنّ ( ماكدونالد هذا قد اعترف بوضوح الصفات وجلاء معانيها رغم تناقضه في مقاطع أُخرى من أقواله في ذلك ، يذكرها تحت نفس مادّة ( الله ) وسنأتي على بيانها تباعاً إنْ شاء الله ) .
ــــــــــــــــــــــ
(1) دائرة المعارف الإسلاميّة 1 : 27.
(2) المصدر السابق 2 : 562 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|