أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-10-2014
1503
التاريخ: 12-10-2014
1554
التاريخ: 30-01-2015
1696
التاريخ: 12-10-2014
1770
|
لا ريب أنّ من أهمّ الأدلة على لزوم نصب الإمام والقائد بعد النبيّ هو تصوّر النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) نفسه عن هذه المسألة ، فماذا كان هذا التصوّر ؟.
هل كان النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) يعتقد بلزوم نصب الإمام والقائد من جانب الله ؟ أم كان يعتقد ترك ذلك إلى نظر الاُمّة وإرادتها وإختيارها ؟ أم كان يعتبر ذلك من شؤونه واختصاصاته على الأقل ؟.
إنّ الكلمات المأثورة عن الرسول الأكرم وموقفه (صلى الله عليه واله وسلم) من قضية القيادة بعده ، تدلّ على أنّ النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) كان يعتبر أمر القيادة وتعيين القائد مسألةً إلهيّةً وحقاً إلهيّاً ... فالله سبحانه هو الذي له أن يعين القائد وينصب الخليفة الذي يخلِّف النبيّ بعد وفاته. ولا نجد في كلّ ما نقل عن النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) ما يدل على إرجاع الأمر إلى اختيار الاُمّة ونظرها ، أو إلى اراء أهل الحلّ والعقد واجتماعهم ، أو غير ذلك من صور الانتخاب والتعيين غير الإلهيّ.
إنّ الأدلة والشواهد النقليّة تشهد برمتها بأنّ النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) ذكر للاُمّة مراراً بأنّ تعيين الأمير من بعده أمر إلهيّ ، وليس له في ذلك شيء ، فلا يمكنه أن يقطع لأحد عهداً بأن يستخلفه من بعده ، دون أن يأذن الله تعالى له في ذلك أو يأتيه منه سبحانه أمر ووحي.
وفيما يأتي نذكر شاهدين تأريخيين على ذلك ، والشاهد الأوّل أكثر صراحة في ما ذكرناه :
1. لمّا عرض الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) نفسه على بني عامر الذين جاؤوا إلى مكة في موسم الحجِّ ودعاهم إلى الإسلام قال له كبيرهم : (أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثمّ أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك) ؟.
فقال النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) : « الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء » (1).
2. لما بعث النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) سليط بن عمرو العامريّ إلى ملك اليمامة ( هوذة بن عليّ الحنفيّ ) الذي كان نصرانياً ، يدعوه إلى الإسلام وقد كتب معه كتاباً ، فقدم على هوذة ، فأنزله وحباه وكتب إلى النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) يقول فيه : (ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله وأنا شاعر قومي ، وخطيبهم ، والعرب تهاب مكاني فاجعل لي بعض الأمر أتبعك).
فقدم سليط على النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) وأخبره بما قال هوذة ، وقرأ كتابه فقال النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) : « لو سألني سيابةً من الأرض ما فعلت ... باد وباد ما في يده » (2).
ونقل ابن الأثير على نحو آخر فقال : أرسل هوذة إلى النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) وفداً يقول له :
(إن جعل له الأمر من بعده أسلم وصار إليه ونصره ، وإلاّ قصد حربه).
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « فمات بعده قليل لا ولا كرامة ... اللهمّ اكفنيه » (3).
إنّ هذين النموذجين التاريخيين الذين لم تمسّهما أيدي التحريف والتغيير يدلان بوضوح كامل على تصوّر النبيّ الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) عن مسألة الخلافة والقيادة من بعده ، فهما يدلاّن على أن هذه المسألة كانت إذا طرحت على النبيّ ، وسئل عمّن سيخلّفه في أمر قيادة الأمّة كان يتجنب إرجاعها إلى نفسه ، أو إلى نظر الاُمّة ، بل يرجع أمرها إلى الله تعالى. أو يتوقّف في إبداء النظر فيه على الأقل.
على أنّ مسألة انتخاب الخليفة القائد بعد النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) لو كانت من شؤون الاُمّة وصلاحياتها وجب أن يصرح النبيّ بذلك أو يشير إلى أصل الموضوع ولو بالإجمال.
بل وجب أن يبيّن للاُمّة الطريقة الصحيحة للانتخاب ، ويذكر لهم الشروط والضوابط اللازمة في الناخب ، والمنتخب ، لكي يتحقق هذا الأمر بوجه صحيح ، بينما نجد النبيّ لا يتعرض لهذا الأمر أبداً ، ولم يؤثر عنه أي نقل ، وإرشاد وتعليم في هذا المجال ، رغم أهميّة الموضوع وخطورته البالغة ، مع أنّه (صلى الله عليه واله وسلم) قد تعرّض لاُمور أسهل وأبسط من ذلك فهل مسألة القيادة ، والإدارة والإمرة ـ وخصوصاً في تلك الظروف العصيبة وبالنسبة إلى تلك الاُمّة الناشئة ـ أقلّ شأناً ، وأهميّةً من المستحبّات والمكروهات التي ورد فيها الكثير الكثير من الأحاديث النبويّة ؟.
____________________
(1) السيرة النبويّة لابن هشام 2 : 424 ـ 425.
(2) طبقات ابن سعد الكبرى 1 : 262.
(3) الكامل في التاريخ لابن الأثير 2 : 146.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|