سنتطرق فيما يأتي لولاة الشام والجزيرة الفراتية من الأسرة البرمكية :

(1)  موسى بن يحيى بن خالد البرمكي، ولي الشام للفترة من (176-177هـ/792-793 م).

في سنة (176هـ/792 م) تجدد النزاع في الشام بين القبائل الشمالية والجنوبية فولى الخليفة الرشيد موسى بن يحيى بن خالد الشام وضم إليه عدداً من القادة والجند والمشايخ والكتّاب، فأقام موسى بالشام حتى أصلح بين أهلها (1) .

توجه موسى بن يحيى مع عدد من المقاتلين لمحاربة والي السند بشر بن داؤد المهلبي(2) (205-213هـ/820-828م) الذي ثار على الخليفة المأمون ، وأمر الخليفة المأمون الجيش العباسي المتوجه إلى السند بان يكون موسى بن يحيى والياً على السند بعد القضاء على ثورة بشر بن داؤد وتم التخلص من بشر واصبح موسى بن يحيى والياً على السند حتى وفاته (3).

(2) جعفر بن يحيى(150-187هـ/767-803م)بن خالد البرمكي(4)،ولى الشام للفترة من (180-186هـ/796-801م) .

في خلافة الرشيد ولفترة من الزمن اصبح جعفر بن يحيى مسؤولاً عن الحرس (حرس الخليفة) وأناب عنه صالح بن سْيَـْخ بن عميره، ثم أناب عنه هرثمة بن أعين (5) فأقره الخليفة الرشيد، وكان وزير الخليفة الرشيد وصاحب أمره كله جعفر بن يحيى من بعد والده يحيى بن خالد (6).

ولى الخليفة الرشـيد على مصر جعفر بن يحيى سـنة (176هـ/792م) وأنـاب عنه عدد من الولاة (7)، وعُزل عنها في سنة (177هـ/793م) (8) . وفي سنة (180هـ/796م) اصبح جعفر بن يحيى والياً على خرا سان وسجستان وأناب عنه محمد بن الحسـن بن قحطبة، ثم عُزل عن خرا سان فكانت ولايته عليها عشرين يوماً وكذلك عُزل عن سجستان (9) . في السنة نفسها عم الاضطراب الشام إذ ظهرت العصبية بين عدد من القبائل الشمالية والجنوبية وتفاقم هذا الأمر واغتم من ذلك الخليفة الرشيد فعقد لجعفر بن يحيى على ولاية الشام فشخص ومعه ما يحتاج إليه من القادة والمقاتلين فاتاهم فاصلح بينهم فعادوا إلى الأمن والطمأنينة (10) وقد استخلف جعفر بن يحيى نائباً عنه على الشام وعاد إلى بغداد (11) .

 وتجددت العصبية القبلية أيضاً بين عدد من القبائل الشمالية وعدد من القبائل الجنوبية وهذه المرة في حمص الأمر الذي دعا جعفر بن يحيى بالذهاب إلى حمص واتخاذ الإجراءات المناسبة لفض هذا النزاع كما واجه ذلك بخطبة على المنبر إذ قال : " يا أهل الشام ! أحذركم عواقب البطر، ووبال مالا يشكر من النعم، وملَمّة كل خطب يدفع إلى ندم ، والمغبون من غبن عقله ، والمفتون من فُتن في دينه ، والمحزوم من حّزم حظه من ربه والخاسر من باع أخرته بدنياه وأجله بعاجله … "(12) .

فضلاً عن هذا فقد امتاز جعفر بن يحيى بفصاحته وبلاغته وله أثار أدبية وبلاغية كثيرة منها قوله في الخط " الخط سْمِطَ الحكة بفضل شذورها وبنظم منثورها "(13) .

في سنة (187هـ/802م) قَتل الخليفة الرشيد، جعفر بن يحيى وحبس يحيى وابنه الفضل وأمر بمصادرة أموالهم ووجه براس جعفر بن يحيى من الرافقة إلى بغداد وكتب " يُنصب على الجسر الأوسط " . وكان مقتل جعفر ضمن عملية معاقبة هذه الأسرة (14). 

_____________

(1) الطبري، المصدر السابق، ج8، ص251 ؛ احمد علي إسماعيل، تاريخ بلاد الشام غي العصر العباسي (132-463هـ/749-1070م)، دمشق، دار دمشق، 1983م، ص30 .

(2) بشر بن داؤد المهلبي، احد ولاة الخلافة العباسية ولي السند وعزل عنه بعد ان ثار على الخليفة المأمون سنة (213هـ/828م). ابن الاثير، الكامل...، مج6، ص409، زامباور، المرجع السابق، ص416. 

(3) اليعقوبي، تاريخ …، مج2، ص458 .

(4) الذهبي، تاريخ …، حوادث (181-190هـ/797-805م)، ص98-99 ؛ للمزيد من المعلومات عن جعفر بن يحيى ينظر صلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي (ت 764هـ/1362م)، الوافي بالوفيات، بيروت، (د.م)، (د.ت)، ج6، ص156-167 ؛ محمد حامد اسماعيل، البرامكه والشعوبية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الاداب – جامعة الموصل، 1984م، ص117 .

(5) هرثمه بن اعين، مولى بني ضبه تولى ولاية الموصل للفترة من (183-186هـ/799-802م) وولي خراسان في خلافة الخليفة الرشيد. وقف الى جانب المأمون في اثناء صراعه مع اخيه الخليفة الاميننن، توفي سنة (201هـ/816م)، الازدي، المصدر السابق، ج2، ص 252 ، 294 ، 303 ، 311 ، 341.

(6) ابن خياط، تاريخ …، ج2، ص751-752 .

(7) الطبري، المصدر السابق، ج8، ص 252 .

(8) الطبري، المصدر نفسه والجزء، ص 255 .

(9) الطبري، المصدر نفسه والجزء، ص266 .

(10) الطبري، المصدر نفسه والجزء، ص 262 ؛ الازدي، المصدر السابق، ج2، ص 298 ؛ اسماعيل، تاريخ…، ص30 ؛ بَرانق، المرجع السابق، ص80 ؛ Fozee, op.cit., pp., 29-30.

(11) الطبري، المصدر السابق، ج8، ص 263 .

(12) اليعقوبي، تاريخ …، مج2، ص410 ؛ محمد أديب آل تقي الدين الحصني، منتخبات التواريخ لدمشق، ط1، بيروت، دار الأفاق الجديدة، 1979م ج1، ص121 .

(13) ابو حيان علي بن محمد بن العباسي التوحيدي (ت414 هـ /1023م)، البصائر والذخائر، تحقيق إبراهيم الكيلاني، دمشق، مطبعة الإنشاء، (د . ت) ،ج1، ص353 . 

(14) الازدي، المصدر السابق، ج2، ص304؛ شلبي، المرجع السابق، ج3، ص303 ؛

Fozee, op. , cit. ,p., 31