روى الجميع وصية النبي صلى الله عليه وآله بمصر وأهلها
روى الحر العاملي في وسائل الشيعة : 11 / 101 : « عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى عند وفاته أن تخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، وقال : الله في القبط فإنكم ستظهرون عليهم ، ويكونون لكم عدة وأعواناً في سبيل الله » . وأمالي الطوسي / 404 ، والمناقب : 1 / 95 . وروت نحوه مصادر السنيين مثل : مسند أحمد : 5 / 174 ، وصحيح مسلم : 7 / 190 ، والحاكم : 2 / 553 ، وصححه على شرط الشيخين .
أحاديث مصر في عصر الظهور
وردت عدة أحاديث عن مصر في عصر ظهور الإمام المهدي عليه السلام ، ومنها أحاديث تمدح أهل مصر ونجباءها الذين هم من الأصحاب الخاصين للإمام المهدي عليه السلام ، ومنها ما يخبر أن الإمام المهدي عليه السلام سيجعل مصر منبراً عالمياً للإسلام . كما وردت أحاديث تتعلق بحركة الفاطميين ودخولهم إلى مصر وبلاد الشام ، وقد خلطها الرواة بأحاديث خروج السفياني وظهور المهدي عليه السلام .
نجباء مصر وزراء الإمام المهدي عليه السلام
روت حديث نجباء مصر مصادر الطرفين . فمن مصادرنا : غيبة الطوسي / 284 ، بسنده : « عن جابر الجعفي ، عن الإمام الباقر عليه السلام قال : يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاث مائة ونيف عدة أهل بدر ، فيهم النجباء من أهل مصر ، والأبدال من أهل الشام ، والأخيار من أهل العراق ، فيقيم ما شاء الله أن يقيم » .
وفي دلائل الإمامة للطبري الشيعي / 248 ، بسنده عن مقاتل ، « عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي ، عشر خصال قبل يوم القيامة ، ألا تسألني عنها ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : اختلاف وقتل أهل الحرمين ، والرايات السود ، وخروج السفياني ، وافتتاح الكوفة ، وخسف بالبيداء ، ورجل منا أهل البيت يبايع له بين زمزم والمقام ، يركب إليه عصائب أهل العراق ، وأبدال الشام ، ونجباء أهل مصر ، وتصير أهل اليمن ، عدتهم عدة أهل بدر . . . » .
وفي الإختصاص للمفيد / 208 ، بسنده « عن عامر السراج ، عن سفيان الثوري ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب قال : سمعت حذيفة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إذا كان عند خروج القائم ، ينادي مناد من السماء : أيها الناس قُطع عنكم مدة الجبارين ، ووليَ الأمر خير أمة محمد ، فالحقوا بمكة . فيخرج النجباء من مصر ، والأبدال من الشام ، وعصائب العراق ، رهبان بالليل ليوث بالنهار ، كأن قلوبهم زبر الحديد ، فيبايعونه بين الركن والمقام .
قال عمران بن الحصين : يا رسول الله ، صف لنا هذا الرجل . قال : هو رجل من ولد الحسين ، كأنه من رجال شنوؤة ، عليه عباءتان قطوانيتان ، اسمه اسمي ، فعند ذلك تفرح الطيور في أوكارها ، والحيتان في بحارها ، وتُمد الأنهار ، وتفيض العيون ، وتنبت الأرض ضعف أكلها ، ثم يسير مقدمته جبرئيل وساقته إسرافيل ، فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جوراً وظلماً » .
ومن مصادر السنيين : سنن الداني / 104 ، بسنده عن : « مسلمة بن ثابت ، عن عبد الرحمن ، عن سفيان الثوري ، عن قيس بن مسلم ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة قال : قال رسولالله صلى الله عليه وآله . . بنحو حديث الإختصاص ، وفيه : « فقام عمران بن الحصين الخزاعي فقال : يا رسول الله كيف لنا بهذا حتى نعرفه ؟ فقال : هو رجل من ولدي كأنه من رجال بني إسرائيل ، عليه عباءتان قطوانيتان ، كأن وجهه الكوكب الدري في اللون ، في خده الأيمن خال أسود ، ابن أربعين سنة ، فيخرج الأبدال من الشام وأشباههم ، ويخرج إليه النجباء من مصر ، وعصائب أهل المشرق وأشباههم ، حتى يأتوا مكة فيبايع له بين زمزم والمقام . . . الخ . » .
وفردوس الأخبار : 5 / 523 ح 8963 ، بعضه ، كما في الداني . ومثله تفسير الطبري : 15 / 17 ، بعضه ، عن حذيفة ، والفائق للزمخشري : 1 / 87 ، وتهذيب ابن عساكر : 1 / 62 ، و 63 ، و 96 : « الأبدال من الشام ، والنجباء من أهل مصر ، والأخيار من أهل العراق » . « قبة الإسلام بالكوفة ، والهجرة بالمدينة ، والنجباء بمصر ، والأبدال بالشام ، وهم قليل » .
أقول : هذه فضيلة كبيرة لمصر وأهلها ، لأن أصحاب المهدي عليه السلام لهم مقام عظيم ، فهم ممدوحون على لسان النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام . وهم في دولته حكام في العالم . ولا ينافي ذلك وجود فقرات في حديث الداني لا يمكن قبولها .
وفد مصر الذي يحمل البيعة للإمام المهدي عليه السلام
روت مصادرنا أن رايات مصرتأتي إلى الإمام عليه السلام ، فتبايعه بعد انتصاره في معركة القدس أو قبلها !
ففي الإرشاد / 360 : « عن الإمام الرضا عليه السلام قال : كأني برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات حتى تأتي الشامات فتؤدي [ تهدي البيعة ] إلى ابن صاحب الوصيات » . وهذا الوفد غير النجباء من أصحابه ، الذين يأتون اليه عند ظهوره في مكة . ومعنى تؤدي اليه البيعة أو تهديها ، أنها تبايعه نيابة عن أهل مصر ، فهو يشير إلى قيام حكومة موالية للمهدي عليه السلام في مصر .
أمير الأمرة في مصر سنة ظهور المهدي عليه السلام
روى النعماني في كتاب الغيبة / 283 ، بسنده عن عبيد الله بن العلاء « عن الإمام الصادق عليه السلام قال : إن أمير المؤمنين عليه السلام حدث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم ، فقال الحسين : يا أمير المؤمنين ، متى يطهر الله الأرض من الظالمين ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : لا يطهر الله الأرض من الظالمين حتى يسفك الدم الحرام ، ثم ذكر أمر بني أمية وبني العباس في حديث طويل ، ثم قال : إذا قام القائم بخراسان ، وغلب على أرض كوفان والملتان ، وجاز جزيرة بني كاوان ، وقام منا قائم بجيلان ، وأجابته الآبر والديلمان ، ظهرت لولدي رايات الترك متفرقات ، في الأقطار والجنبات ، وكانوا بين هنات وهنات . إذا خربت البصرة ، وقام أمير الإمرة بمصر » .
أقول : تعرض الحديث لمسار الأمة وحكم بني أمية ثم بني العباس ، والشاهد منه الفقرة الأخيرة التي تدل على أن قيام أمير الأمرة المصري بحركة لعلها مؤيدة للإمام عليه السلام ، أي إنه قائدٌ صاحب رتبة كبيرة في الجيش المصري .
وقد جعل قيامه علامة لظهورالإمام عليه السلام ومرافقاً لظهوره عليه السلام . ويؤيد ذلك أن القائم بخراسان وجيلان ورايات الترك بآذربيجان ، ورد أنها في سنة ظهور الإمام عليه السلام .
الإمام المهدي عليه السلام يدخل مصر ويجعلها مركزه الإعلامي العالمي
روت مصادرنا عن أمير المؤمنين : « لأبنين بمصر منبراً ، ولأنقضن دمشق حجراً حجراً ، ولأخرجن اليهود من كل كور العرب ، ولأسوقن العرب بعصاي هذه . فقال الراوي وهو عباية الأسدي : قلت له : يا أمير المؤمنين كأنك تخبر أنك تحيا بعدما تموت ؟ فقال : هيهات يا عباية ، ذهبت غير مذهب . يفعله رجل مني أي المهدي عليه السلام » . « معاني الأخبار : 406 »
وهذا يشير إلى معركة المهدي عليه السلام مع السفياني في دمشق ووراءه اليهود ، فينتصرعليهم ويدخل القدس كما نصت الروايات ، وبعد انتصاره يُخرج اليهود من بلاد العرب ، ويجعل مصر مركزاً إعلامياً عالمياً .
وقد وصفت خطبة رويت له عليه السلام تسمى خطبة المخزون ، حركة المهدي عليه السلام وحروبه ، وذكرت دخوله إلى مصر ، وهي خطبة طويلة رواها الحسن بن سليمان في مختصر بصائر الدرجات / 195 ، وفي طبعة / 210 ، وطبعة / 519 ، كما رواها السيد بن طاووس بسنده عن : فرج بن فروة ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد عليه السلام ، وقد جاء فيها : « وإن لكل شئ إنىً يبلغه ، لا يعجل الله بشئ حتى يبلغ إناه ومنتهاه ، فاستبشروا ببشرى ما بشرتم به ، واعترفوا بقربان ما قرب لكم ، وتنجزوا من الله ما وعدكم . إن منا دعوة خالصةً ، يظهر الله بها حجته البالغة ، ويتم بها النعمة السابغة . . . يا عجبا كل العجب بين جمادى ورجب . . . ألا أيها الناس سلوني قبل أن تشرع برجلها فتنة شرقية ، وتطأ في خطامها بعد موت وحياة ، أو تشب نار بالحطب الجزل غربي الأرض ، رافعة ذيلها تدعو يا ويلها بذحلة أو مثلها ، فإذا استدار الفلك قلت مات أو هلك ، بأي واد سلك ، فيومئذ تأويل هذه الآية : ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً . . . ثم يسير إلى مصر فيعلو منبره ويخطب الناس ، فتستبشر الأرض بالعدل ، وتعطي السماء قطرها ، والشجر ثمرها والأرض نباتها ، وتتزين لأهلها ، وتأمن الوحوش حتى ترتعي في طرف الأرض كأنعامهم ، ويقذف في قلوب المؤمنين العلم ، فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من العلم . . . فيومئذ تأويل هذه الآية : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ . وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ . قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ . فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ . فيمكث فيما بين خروجه إلى يوم موته ثلاث مائة سنة ونيفاً ، وعدة أصحابه ثلاث مائة وثلاثة عشر » .
كما ذكرت روايةٌ أن للإمام المهدي عليه السلام في هرمي مصركنوزاً وذخائر من العلوم ! رواها الصدوق في كتابه كمال الدين / 564 ، عن أحمد بن محمد الشعراني ، الذي هو من ولد عمار بن ياسر رضي الله عنه ، عن محمد بن القاسم المصري ، أن ابن أحمد بن طولون شغَّل ألف عامل في البحث عن باب الهرم سنة ، فوجدوا صخرة مرمر وخلفها بناء لم يقدروا على نقضه ، وأن أسقفاً من الحبشة قرأها ، وكان فيها عن لسان أحد الفراعنة قوله : « وبنيت الأهرام والبراني ، وبنيت الهرمين وأودعتهما كنوزي وذخائري . فقال ابن طولون : هذا شئ ليس لأحد فيه حيلة إلا القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله . ورُدَّت البلاطة كما كانت مكانها » . وفي الرواية نقاط ضعف ، لكنها تصلح مؤيداً .
الأبقع الذي تسانده مصر
ذكرت روايات خروج السفياني أن أول علاماته أن الأبقع يخرج على حاكم الشام الأصهب ، ويكون بينهما صراع ، ثم يأتي السفياني من جهة حوران فيقاتلهما وينتصر عليهما ، ويسيطر على حكم سوريا . وورد في وصف الأبقع أن أنصاره من مصر ، أو هو مصري الأصل . ففي فتن ابن حماد / 77 عن علي عليه السلام قال : « تخرج بالشام ثلاث رايات : الأصهب ، والأبقع من مصر ، فيظهرالسفياني عليهم » . وقال ابن حماد : 1 / 285 : « عن أرطاة قال : إذا اجتمع الترك والروم ، وخسف بقرية بدمشق وسقط طايفة من غربي مسجدها ، رُفع بالشام ثلاث رايات : الأبقع والأصهب والسفياني ، ويحصر بدمشق رجل فيقتل ومن معه ويخرج رجلان من بني أبي سفيان فيكون الظفر للثاني ، فإذا أقبلت مادة الأبقع من مصر ، ظهر السفياني بجيشه عليهم فيُقتل الترك والروم بقرقيسيا ، حتى تشبع سباع الأرض من لحومهم » .
والأبقع : في وجهه بقع . والأصهب : اسم للأسد ، وصفة للأصفر الوجه . ومادة الأبقع : أنصاره . والصحيح أن حركة الأبقع تكون في الشام ، وهو مؤيد من مصر .
مصريون جاؤوا للبحث عن الإمام بعد وفاة أبيه عليه السلام
روى الكليني في الكافي : 1 / 523 : « عن الحسن بن عيسى العريضي أبي محمد قال : لما مضى أبو محمد عليه السلام ورد رجل من أهل مصر بمال إلى مكة للناحية ، فاختلف عليه ، فقال بعض الناس : إن أبا محمد عليه السلام مضى من غير خلف والخلف جعفر . وقال بعضهم : مضى أبو محمد عن خلف ، فبعث رجلاً يكنى بأبي طالب ، فورد العسكر ومعه كتاب ، فصار إلى جعفر وسأله عن برهان ، فقال : لا يتهيأ في هذا الوقت ، فصار إلى الباب وأنفذ الكتاب إلى أصحابنا فخرج إليه : آجرك الله في صاحبك فقد مات ، وأوصى بالمال الذي كان معه إلى ثقة ليعمل فيه بما يجب ، وأجيب عن كتابه » .
وفي كمال الدين / 491 ، بسنده : « عن الأعلم المصري ، عن أبي رجاء المصري ، قال : خرجت في الطلب بعد مضي أبي محمد عليه السلام بسنتين لم أقف فيهما على شئ ، فلما كان في الثالثة كنت بالمدينة في طلب ولد لأبي محمد عليه السلام بصرياء ، وقد سألني أبو غانم أن أتعشى عنده ، وأنا قاعد مفكر في نفسي وأقول : لو كان شئ لظهر بعد ثلاث سنين ، فإذا هاتف أسمع صوته ولا أرى شخصه وهو يقول : يا نصر بن عبد ربه ، قل لأهل مصر : آمنتم برسول الله صلى الله عليه وآله حيث رأيتموه ؟ قال نصر : ولم أكن أعرف اسم أبي ، وذلك أني ولدت بالمدائن فحملني النوفلي وقد مات أبي ، فنشأت بها ، فلما سمعت الصوت قمت مبادراً ولم أنصرف إلى أبي غانم ، وأخذت طريق مصر . قال : وكتب رجلان من أهل مصر في ولدين لهما فورد : أما أنت يا فلان فآجرك الله ودعا للآخر فمات ابن المعزى » .
بغض كعب الأحبار لمصر وكذبه عليها
نشط كعب الأحبار في نشر مدح الشام وذم الحجاز ومصر والعراق ، وتحولت أقواله على يد تلاميذه إلى أحاديث نبوية ! منها حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال : « دخل إبليس العراق فقضى حاجته ، ثم دخل الشام فطردوه ، ثم دخل مصر فباض فيها وفرخ ، وبسط عبقريّه » ! أي فرش بساطه ، واستقر في مصر !
وروى في المعجم الأوسط : 6 / 286 ، والكبير : 12 / 262 ، وتاريخ دمشق : 1 / 99 ، عن إياس بن معاوية : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « إن الله تعالى قد تكفل لي بالشام وأهله ، وإن إبليس أتى العراق فباض فيها وفرخ ، وإلى مصر فبسط عبقريه واتكأ ! وقال : جبل الشام جبل الأنبياء » .
وفي تاريخ دمشق : 1 / 317 و 318 : « ثم دخل الشام فطردوه حتى بلغ بُساق » . ووثقه في مجمع الزوائد : 10 / 60 ، بينما ضعفه ابن الجوزي في الموضوعات : 2 / 57 . وعقبةُ بَسَاق : في طريق الذاهب إلى مصر ، كما في معجم البلدان « 1 / 413 » .
كذبة كعب في أن الدجال من مصر
قال ابن حجر في فتح الباري « 13 / 277 » : « وأخرج أبو نعيم أيضاً من طريق كعب الأحبار ، أن الدجال تلده أمه بقوص من أرض مصر ، قال : وبين مولده ومخرجه ثلاثون سنة ! قال : ولم ينزل خبره في التوراة والإنجيل ، وإنما هو في بعض كتب الأنبياء . وأخلق بهذا الخبر أن يكون باطلاً ، فإن الحديث الصحيح أن كل نبي قبل نبينا أنذر قومه الدجال ، وكونه يولد قبل مخرجه بالمدة المذكورة مخالف لكونه ابن صياد ، ولكونه موثوقاً في جزيرة من جزائر البحر . . . وأقرب ما يجمع به بين ما تضمنه حديث تميم ، وكون ابن صياد هو الدجال ، أن الدجال بعينه هو الذي شاهده تميم موثوقاً ، وأن ابن صياد شيطان تبدَّى في صورة الدجال في تلك المدة ، إلى أن توجه إلى أصبهان فاستتر مع قرينه ، إلى أن تجئ المدة التي قدر الله تعالى خروجه فيها » !
أقول : يقصد كعب أن الدجال ملك اليهود كموسى عليه السلام يولد في مصر ثم يقود بني إسرائيل ! لكن روينا أنه يهودي يخرج من بلخ ، وروى السنيون أنه يهودي يخرج من أصفهان ، ففي مسند أحمد « 3 / 224 » وصحيح مسلم « 8 / 207 » : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يخرج الدجال من يهودية أصبهان « محلة في أصفهان » معه سبعون ألفاً من اليهود ، عليهم التيجان » . لكن كعباً جعل الدجال عربياً ، وجعل أنصاره عرباً ! فقال كما روى عنه ابن أبي شيبة « 8 / 671 ، و : 15 / 182 » : « كأني بمقدمة الأعور الدجال ست مائة ألف من العرب يلبسون السيجان » . وأخذ ذلك منه ابن عمر فروى عنه البخاري في الكنى / 65 : « يتبع الدجال أربعون ألفاً من صلب العرب » .
ثم جعله كعب عراقياً ، لأن أهل العراق وخاصة القبائل اليمانية لا يحبون كعباً ! فقال كما في عبد الرزاق « 11 / 396 » : « يخرج الدجال من العراق » ! وقال لعمر لما أراد أن يسكن العراق : « لا تفعل فإن فيها الدجال ، وبها مردة الجن وبها تسعة أعشار السحر ، وبها كل داء عضال يعني الأهواء » . « عبد الرزاق : 11 / 251 » .
أحلام كعب بخراب مصر وبلاد العرب !
أشاع كعب أنه إذا فتح المسلمون القسطنطينية فسيخرج الدجال ، وتخرب مكة والمدينة ، وتخرب مصر ، وبلاد المسلمين ! وروى الحاكم : 4 / 462 ، عنه نبوءة عن خراب مصر ، قال : « الجزيرة آمنة من الخراب حتى تخرب أرمينية ، ومصر آمنة من الخراب حتى تخرب الجزيرة ، والكوفة آمنة من الخراب حتى تخرب مصر ، ولا تكون الملحمة حتى تخرب الكوفة ، ولا تفتح مدينة الكفر حتى تكون الملحمة ، ولا يخرج الدجال حتى تفتح مدينة الكفر » .
صحح العلماء حديث جند مصر ورده علماء بني أمية !
ذكرنا في جواهر التاريخ : 2 / 390 ، أن رواة الخلافة لتعصبهم لبني أمية ، لم يقبلوا حديث الصحابي عمرو بن الحمق الخزاعي في مدح مصر رغم تصحيح علمائهم له ! ففي مستدرك الحاكم : 4 / 448 : « عن عمرو بن الحمق عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ستكون فتنة أسلم الناس فيها أو قال : لخير الناس فيها الجند الغربي ، فلذلك قدمت مصر » . وأوسط الطبراني : 8 / 315 ، والبخاري في تاريخه الكبير : 6 / 313 . . الخ .
وقد علق على ذلك السيوطي في شرحه الديباج على مسلم « 4 / 514 » ، فقال : « روى الطبراني والحاكم وصححه ، عن عمرو بن الحمق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : تكون فتنة أسلم الناس فيها الجند الغربي . قال ابن الحمق : فلذلك قدمت عليكم مصر . وأخرجه محمد بن الربيع الجيزي في مسند الصحابة الذين دخلوا مصر ، وزاد فيه : وأنتم الجند الغربي . فهذه منقبة لمصر في صدر الملة ، واستمرت قليلة الفتن معافاة طول الملة ، لم يعترها ما اعترى غيرها من الأقطار ، وما زالت معدن العلم والدين ، ثم صارت في آخر الأمر دار الخلافة ومحط الرحال ، ولا بلد الآن في سائر الأقطار بعد مكة والمدينة يظهر فيها من شعائر الدين ، ما هو ظاهر في مصر » .
دخول جيش المغرب إلى مصر
روى ابن حماد في كتابه الفتن عدة روايات عن علاقة مصربأحداث خروج السفياني تذكر دخول أهل المغرب إلى مصر والشام ، وأكثرها روايات مرسلة ، ولو صحت فهي تنطبق على دخول جيش المغرب الفاطمي إلى مصر والشام .
قال ابن حماد : 1 / 222 : « عن عمار بن ياسر قال : علامة المهدي إذا انساب عليكم الترك ، ومات خليفتكم الذي يجمع الأموال ، ويستخلف بعده ضعيف فيخلع بعد سنتين من بيعته ، ويخسف بغربي مسجد دمشق ، وخروج ثلاثة نفر بالشام ، وخروج أهل المغرب إلى مصر ، وتلك أمارة السفياني » .
وقال ابن حماد : 1 / 285 : « عن أرطاة قال : إذا اجتمع الترك والروم ، وخسف بقرية بدمشق وسقط طايفة من غربي مسجدها ، رُفع بالشام ثلاث رايات : الأبقع والأصهب والسفياني ، ويحصر بدمشق رجل فيقتل ومن معه ، ويخرج رجلان من بني أبي سفيان فيكون الظفر للثاني ، فإذا أقبلت مادة الأبقع من مصر ، ظهر السفياني بجيشه عليهم فيُقتل الترك والروم بقرقيسيا ، حتى تشبع سباع الأرض من لحومهم » .
ومن نوعها : ما رواه الطوسي في الغيبة / 278 ، بنفس سند ابن حماد عن عمار بن ياسر أنه قال : « إن دولة أهل بيت نبيكم في آخر الزمان ، ولها أمارات ، فالزموا الأرض وكفوا حتى تجئ أماراتها ، فإذا استثارت عليكم الروم والترك . . . ويتخالف الترك والروم وتكثر الحروب في الأرض وينادي مناد من سور دمشق : ويل لأهل الأرض من شر قد اقترب ، ويخسف بغربي مسجدها حتى يخر حائطها ، ويظهر ثلاثة نفر بالشام كلهم يطلب الملك : رجل أبقع ورجل أصهب ورجل من أهل بيت أبي سفيان ، يخرج في كلب ويحصر الناس بدمشق ، ويخرج أهل الغرب إلى مصر ، فإذا دخلوا فتلك أمارة السفياني » .
وهذه الرواية واضحة الانطباق على حركة الفاطميين ، ومثلها غيرها ، لكن بعضهم خلطها برواية السفياني ، فلا يمكن أن نثبت بها أن للسفياني علاقةً بمصر ، نعم للأبقع علاقة بمصر كما يأتي .
وتوجد روايات تتحدث عن أحداث مضت ، كالأزمة الاقتصادية في الحجاز بسبب منع المواد التموينية عنها من مصر ، وهي تخص القرون الأولى عندما كانت مصر مصدر تموين الحجاز . لكن الرواة خلطوها بأحاديث الإمام المهدي عليه السلام ومثالها رواية أحمد : 2 / 262 ، عن أبي هريرة : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : منعت العراق قفيزها ودرهمها ، ومنعت الشام مدها ودينارها ، ومنعت مصر إرْدَبَّها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم « ثلاثاً » !
وقال : يشهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه » ! والقفيز والمد والإردب : مكاييل للغلات . ومن نوعها الرواية عن حاكم مصر الذي يأتي بالروم إليها ، رواها ابن المنادي / 33 : « عن أبي ذر رحمه الله قال عن النبي صلى الله عليه وآله : سيكون رجل من بني أمية بمصر يلي سلطاناً ثم يغلب على سلطانه ، أو ينزع منه ، ثم يفر إلى الروم فيأتي بالروم إلى أهل الإسلام ، فذلك أول الملاحم » .
أقول : مضافاً إلى الإشكال في سندها ، فقد يكون حدثها وقع ، ولا ينافي ذلك قوله : فذلك أول الملاحم ، فهو يستعمل لأحداث ظهور المهدي عليه السلام ، وغيرها .
الاكثر قراءة في الدولة المهدوية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة