كثرة الأحاديث السُنية في مدح الإيرانيين
نلاحظ أن مصادر المذاهب السنية مليئة بالأحاديث في مدح الفرس ، حتى تستطيع أن تؤلف كتاباً في الأحاديث الصحيحة عندهم في مناقب الفرس وتفضيلهم على العرب . بينما هي في مصادرنا قليلة . وسبب ذلك أن الفرس كانوا مع السلطة ، وأسسوا لها المذاهب ، مقابل مذهب أهل البيت عليهم السلام ، ودونوا لها المصادر !
ومن أشهر أحاديثهم في مدح الفرس ، حديث : « الغنم السود والبيض » : الذي رواه الإمام الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في كتابه ذكر أصبهان ، عن أبي هريرة ، والنعمان بن بشير ، ومطعم بن جبير ، وأبي بكر ، وابن أبي ليلى ، وحذيفة ، عن النبي صلى الله عليه وآله ، واللفظ لحذيفة ، أنه صلى الله عليه وآله قال : « إني رأيت الليلة كأن غنماً سوداً تتبعني ، ثم أردفها غنم بيض حتى لم أرَ السود فيها ! فقال أبو بكر : هذه الغنم السود العرب تتبعك ، وهذه الغنم البيض هي العجم تتبعك ، فتكثر حتى لا ترى العرب فيها ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : هكذا عَبَّرها الملَك » . أي هكذا فسرها الملك جبرئيل أو غيره .
وحديث : « لأنا أوثق بهم منكم » الذي رواه أبو نعيم في المصدر المذكور / 12 ، عن أبي هريرة قال : « ذكرت الموالي أو الأعاجم عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : والله لأنا أوثق بهم منكم أو من بعضكم » !
وقوله : « أو من بعضكم » إضافة من الراوي لحفظ ماء وجه العرب !
وحديث : « لو كان العلم والإيمان في الثريا » رواه أحمد وعبد الرزاق : 11 / 66 ، عن أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « لو كان الدين عند الثريا لذهب إليه رجل أو قال رجال من أبناء فارس حتى يتناولوه » .
وفي مسند أحمد : 2 / 417 : « عن أبي هريرة قال : كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وآله إذ نزلت عليه سورة الجمعة ، فلما قرأ : وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ، قال رجل : من هؤلاء يا رسول الله ؟ فلم يراجعه صلى الله عليه وآله حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثاً ، وفينا سلمان الفارسي قال : فوضع النبي يده على سلمان وقال : لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء » .
وفي / 420 ، و 422 ، و 469 ، بأسانيد عن أبي هريرة . والبخاري : 6 / 188 ، كرواية أحمد الثالثة عن أبي هريرة . ومسلم : 4 / 1972 ، كرواية عبد الرزاق ، ورواية أحمد الثالثة . إلى آخر مصادره .
وروى الترمذي : 5 / 384 : « قال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله : يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله إن تولينا استبدلوا بنا ثم لم يكونوا أمثالنا ؟ قال : وكان سلمان بجنب رسول الله صلى الله عليه وآله قال : فضرب رسول الله فخذ سلمان وقال : هذا وأصحابه ، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطاً بالثريا لتناوله رجال من فارس » .
وحديث : « ليصيرن أسداً لايفرون » . رواه عبد الرزاق : 11 / 385 : « عن الحسن البصري : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لتملأن أيديكم من العجم ، ثم ليصيرن أسداً لا يفرون ، ثم ليضربن أعناقكم وليأكلن فيئكم » .
والعجم : اسم لكل الشعوب غير العرب ، لكن غلب على الفرس ، والمعنى أنكم ستأسرون منهم كثيراً ، ثم يتحولون إلى فرسان ضدكم . وأحمد : 5 / 11 و 17 و 21 ، والروياني / 112 و 154 ، والطبراني الكبير : 7 / 268 ، كرواية أحمد الأولى ، والحاكم : 4 / 512 ، بنحو رواية أحمد الثالثة . وكذا حلية الأولياء : 3 / 24 . إلى آخر مصادره .
وحديث : « يساقون إلى الجنة » ، رواه أحمد : 5 / 338 : « عن سهل بن سعد الساعدي قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وآله بالخندق ، فأخذ الكِرْزِين فحفر به فصادف حجراً فضحك قيل : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : ضحكت من ناس يؤتى بهم من قبل المشرق في النكول يساقون إلى الجنة » . والروياني / 202 ، والطبراني الكبير : 6 / 157 ، كأحمد ، والجامع الصغير : 2 / 123 ، وجمع الجوامع : 1 / 565 ، ووثقه مجمع الزوائد : 5 / 333 . الخ . والنكول : جمع نِكل ، القيود .
وحديث « أن الفرس عصبة بني هاشم » عن ابن عباس قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وذكرت عنده فارس : فارس عصبتنا أهل البيت » . انتهى .
يقصد بأهل البيت هنا العباسيين ، لأن ثورة العباسيين قام بها الفرس ، أما أهل البيت عليهم السلام في مذهبنا فهم مصطلح نبوي حددهم رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث الكساء المتواتر فقال : « اللهم هؤلاء أهل بيتي » وهم : علي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين خاتمهم المهدي عليهم السلام .
وحديث الضياطرة . رواه في شرح النهج : 20 / 284 : « قال : جاء الأشعث إليه « إلى علي عليه السلام » فجعل يتخطى الرقاب حتى قَرُب منه ثم قال له : يا أمير المؤمنين غلبتنا هذه الحَمْراء على قربك ، يعني العجم ، فركض المنبر برجله حتى قال صعصعة بن صوحان : ما لنا وللأشعث ليقولن أمير المؤمنين اليوم في العرب قولاً لا يزال يذكر ! فقال عليه السلام : من عذيري من هؤلاء الضياطرة ، يتمرغ أحدهم على فراشه تمرغ الحمار ، ويهجر قوماً للذكر ! أفتأمرني أن أطردهم ؟ ! ما كنت لأطردهم فأكون من الجاهلين . أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، ليضربنكم على الدين عوداً ، كما ضربتموهم عليه بدءاً » . وهذا الحديث متواتر ، نص على صحته عدد من علمائهم .
كما ورد التعبير عن الفرس في حركة الإمام المهدي عليه السلام بسبعة عناوين : قوم سلمان . أهل المشرق . أهل خراسان . أصحاب الرايات السود . الفرس . أهل قم . أهل الطالقان . والمقصود بهم جميعاً الإيرانيون ، إلا بقرينة .
الإيرانيون أول ثلاث فئات ممهدة للمهدي عليه السلام
اتفقت المصادر كافة على ظهور حركة تمهد للمهدي عليه السلام من أهل المشرق ، وهم أصحاب الرايات السود ، وأنهم أبكر الممهدين لدولته ، الموطئين لسلطانه عليه السلام .
وتضيف مصادرنا ممهدين آخرين لدولة المهدي عليه السلام هم اليمانيون ، وحركة ثائرة على اليهود ، تقوم قبل ظهوره عليه السلام كما يأتي ، أو تكون في العراق ، ورد ذكرها في تفسير قوله تعالى : بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ، وأنهم قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلايدعون وتراً لآل محمد صلى الله عليه وآله إلا قتلوه . « الكافي : 8 / 206 » .
ففي العياشي : 2 / 281 : « عن صالح بن سهل ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله : وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرض مَرَّتَيْنِ : قتل علي وطعن الحسن . وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً : قتل الحسين . فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا : إذا جاء نصر دم الحسين . بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ : قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم لا يدعون وتراً لآل محمد إلا حرقوه . وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولاً : قبل قيام القائم » .
والكافي : 8 / 206 ، وكامل الزيارات / 62 و 64 ، أوله بسند آخر ، ومختصر البصائر / 48 ، وتأويل الآيات : 1 / 277 ، والإيقاظ / 309 ، كلها عن الكافي . وإثبات الهداة : 3 / 552 ، بعضه عن العياشي . والبحار : 45 / 297 .
وحديث أبان بن تغلب عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « إذا ظهرت راية الحق لعنها أهل المشرق وأهل المغرب ، أتدري لم ذاك ؟ قلت : لا ، قال : للذي يلقى الناس من أهل بيته قبل خروجه » .
« النعماني / 298 . وفي / 299 ، عن منصور بن حازم ، وفيه : قلت له : مم ذلك ؟ قال : مما يلقون من بني هاشم » .
فمعناه : أن أهل بيته عليه السلام من بني هاشم تكون لهم حركة قبله .
هذا ، ونقل كتاب يوم الخلاص حديث : « يأتي ولله سيف مخترط أي ثورة قائمة » وذكر له مصادر لم نجده فيها ، وإنما الموجود « ومعه سيف مخترط » ! وفي كتاب يوم الخلاص موارد من هذا النوع كثيرة .
فأحاديث التمهيد إذن ثلاث مجموعات :
أحاديث دولة أصحاب الرايات السود المتفق عليها عند الفريقين . وأحاديث دولة اليماني المتفق على أصلها أيضاً . والأحاديث الدالة على ظهور ممهدين قبل ظهوره عليه السلام بدون تحديدهم ، وتنطبق على من يقاتل اليهود لأنها وردت في تفسير قوله تعالى : بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا .
أما وقت قيام دولة اليمانيين الممهدين فهو مقارنٌ لخروج السفياني ، المعادي للمهدي عليه السلام في بلاد الشام .
وأما دولة الممهدين الإيرانيين فهي قبل ذلك ، فهم أبكر الممهدين للإمام عليه السلام ، لكن قيامهم لنصرته يكون في سنة الظهور . والمرجح أن بداية حركتهم تكون على يد رجل من قم ، فعن الإمام الكاظم عليه السلام قال : « رجل من قم يدعو الناس إلى الحق ، يجتمع معه قوم قلوبهم كزبر الحديد ، لاتزلهم الرياح العواصف لايملون من الحرب ولايجبنون وعلى الله يتوكلون والعاقبة للمتقين » « البحار : 57 / 215 » . ولم تذكرالرواية المناسبة التي قيل فيها ذلك ، ولا متى يكون هذا الرجل والرواية مرسلة لكن قوتها في أنها من كتاب تاريخ قم للأشعري الذي ألفه سنة 378 هجرية .
ويفهم من حديث الإمام الباقر عليه السلام الصحيح في حركة أهل المشرق ، أنها تمرُّ في خمس مراحل ، آخرها قيامهم لنصرة الإمام عليه السلام في سنة ظهوره . وتذكر أحاديث الطرفين شخصيتين من الخراسانيين هما : الخراساني ، وقائد قواته شعيب بن صالح ، أو صالح بن شعيب .
ولا تحدد مصادرنا الفاصل بين ظهورهما وظهور الإمام عليه السلام . بينما ذكرت مصادر السنة أنهما قبل ظهوره عليه السلام بست سنوات ، لكنه توقيت لا يمكن الأخذ به . فقد روى ابن حماد : 1 / 278 و 310 ، عن محمد بن الحنفية رحمه الله قال : « تخرج راية سوداء لبني العباس ، ثم تخرج من خراسان سوداء أخرى قلانسهم سود وثيابهم بيض ، على مقدمتهم رجل يقال له شعيب بن صالح أو صالح بن شعيب من بني تميم ، يهزمون أصحاب السفياني حتى تنزل ببيت المقدس ، توطئ للمهدي سلطانه ، يمد إليه ثلاث مائة من الشام ، يكون بين خروجه وبين أن يسلم الأمر للمهدي اثنان وسبعون شهراً » .
ورواه في القول المختصر / 34 ، والمسند الجامع 18 / 389 ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « تخرج من خراسان رايات سود ، لا يردها شئ حتى تنصب بإلياء وتأتي صحبة المهدي إلى بيت المقدس » .
لكن روايات مصادرنا الصحيحة تدل على أن حركة الخراساني وشعيب اللذين يسلمان الراية للإمام عليه السلام ، تكون مقارنة لظهور اليماني والسفياني ، كرواية النعماني / 253 ، عن أبي جعفر عليه السلام من حديث طويل ذكر فيه عدداً من الأحداث والعلامات ، جاء فيه : « خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد ، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً ، فيكون البأس من كل وجه ، ويل لمن ناواهم ، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني هي راية هدى لأنه يدعو إلى صاحبكم » .
ومعنى كنظام الخرز : أن خروجهم متتابع ، أو متفرع عن حدث واحد .
حديث أن أمر المهدي عليه السلام يبدأ من إيران
روى الفريقان أن بداية أمر المهدي عليه السلام تكون من المشرق ، ففي مختصر النعماني / 304 ، عن الحارث الهمداني ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « المهدي أقبل جعد بخده خال ، يكون مبدؤه من قبل المشرق ، وإذا كان ذلك خرج السفياني فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر ، يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم الله من الخروج معه » . وإنما فسرنا « مبدؤه من قبل المشرق » بأنه مبدأ أمره ، لأن ظهوره عليه السلام من مكة قطعي ، فلا بد أن يكون معناه مبدأ أمره وحركة أنصاره من جهة المشرق .
وقد تصور الوهابيون أن المهدي نفسه عليه السلام يأتي من المشرق ، فادعوا المهدية لنجدي من غير بني هاشم ، وأخذوه إلى مفتيهم ابن باز فأعجبه ، ثم أخذوه إلى أفغانستان والشيشان ، ليأتي من المشرق وينطبق عليه الحديث !
ويدل حديث الإمام الباقر عليه السلام أيضاً على أن هذه البداية تكون قبل خروج السفياني ، ويشير إلى أنه يكون بينها وبين السفياني مدة لأنها عطفت خروج السفياني عليها بالواو وليس الفاء أو ثُم : « وإذا كان ذلك خرج السفياني »
بل تشير أيضاً إلى علاقة سببية بين بداية التمهيد له عليه السلام من إيران وبين خروج السفياني ، وكأن حركة السفياني ردة فعل على هذا المد الممهد للمهدي عليه السلام .
حديث أصحاب الرايات السود وأهل المشرق
روته مصادر السنة كثيراً ومصادرنا ، ويعرف بحديث الرايات السود ، وحديث أهل المشرق ، وحديث ما يلقى أهل بيته صلى الله عليه وآله بعده . رووه عن ابن مسعود وعدد من الصحابة بفروق في بعض ألفاظه ، وقد نص عدد من علمائهم على صحته . ومن أقدم من رواه ابن حماد : 1 / 310 : « عن عبد الله بن مسعود قال : بينما نحن عند رسول الله إذ جاء فتية من بني هاشم فتغير لونه ! قلنا : يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه ، فقال : إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وإن أهل بيتي هؤلاء سيلقون بعدي بلاء وتطريداً وتشريداً ، حتى يأتي قوم من ها هنا من نحو المشرق ، أصحاب رايات سود ، يسألون الحق فلا يعطونه ، مرتين أو ثلاثاً ، فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلوه ، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي ، فيملؤها عدلاً كما ملؤوها ظلماً ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج ، فإنه المهدي » . وابن أبي شيبة : 15 / 235 ، بنحوه . وابن ماجة : 2 / 1366 ، ومسند الصحابة لابن كليب / 41 ، وفيه : « بينا نحن عند رسول الله إذ قال : يجئ قوم من ها هنا وأشار بيده نحو المشرق أصحاب رايات سود يسألون الحق . . » .
ورواه الحاكم : 4 / 464 ، وفيه : « أتينا رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج إلينا مستبشراً يعرف السرور في وجهه ، فما سألناه عن شئ إلا أخبرنا به ، ولا سكتنا إلا ابتدأنا ، حتى مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين ، فلما رآهم التزمهم وانهملت عيناه ، فقلنا : ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه ، قال : إنا أهل بيت اختار لنا الله الآخرة على الدنيا ، وإنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد ، حتى ترتفع رايات سود من المشرق ، فيسألون الحق فلا يعطونه ، ثم يسألونه فلا يعطونه ، ثم يسألونه فلا يعطونه ، فيقاتلون فينصرون . فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبواً على الثلج ، فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ، فيملك الأرض فيملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً » .
ورواه السنن في الفتن : 5 / 1029 ، وفيه : « بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ قال : يجئ قوم من هاهنا وأشار بيده نحو المشرق أصحاب رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه ، مرتين أو ثلاثاً فيقاتلون فينصرون ، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه ، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها عدلاً كما ملؤوها ظلماً . فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج » . ويدلنا وجود : واسم أبيه اسم أبي ، في رواية الحاكم ، على أنها رواية عباسية .
أما مصادرنا فرواه في : دلائل الإمامة / 233 و 235 ، بروايات عن ابن مسعود ، كابن حماد بتفاوت يسير ، وفيه : ولا يزالون كذلك حتى يأتي . ومناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان : 2 / 110 بنحوه ، وملاحم ابن طاووس / 52 ، عن ابن حماد ، وفي / 161 ، عن فتن زكريا ، وكشف الغمة : 3 / 262 ، عن أربعين أبي نعيم . وفي / 268 ، عن البيان للشافعي . والعدد القوية / 90 ، كرواية دلائل الإمامة الثانية بتفاوت يسير ، وإثبات الهداة : 3 / 595 ، عن كشف الغمة ، والبحار : 51 / 82 ، عن كشف الغمة ، و : 51 / 83 . . الخ .
لكن أدق نصوصه حديث الإمام الباقر عليه السلام الذي رواه النعماني / 273 ، عن أبي خالد الكابلي عنه عليه السلام قال : « كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه ، ثم يطلبونه فلا يعطونه ، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يقوموا ، ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم . قتلاهم شهداء . أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر » .
فالحديث متواتر بالمعنى ، لأنه روي بطرق متعددة ، عن صحابة متعددين ، يعلم منها أن هذا المضمون صدرعن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأنه أخبر عن مظلومية أهل بيته عليهم السلام بعده وأن ظلامتهم ستستمرحتى يأتي قوم من المشرق يمهدون لمهديهم ، الذي يظهر بعد هؤلاء بفترة فيسلمونه رايتهم ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً .
ومن الواضح أن المقصود بقوم من المشرق وأصحاب الرايات السود : الإيرانيون ، وهو أمر متسالمٌ عليه عند جيل الصحابة الذين رووا الحديث ، وجيل التابعين الذين تلقوه منهم ، وأجيال من بعدهم ، حيث لم يذكرأحد منهم حتى بنحو الشذوذ أن المقصود بهؤلاء القوم أهل تركيا الفعلية أو أهل أفغانستان ، أو الهند مثلاً ، بل نص عدد من أئمة الحديث والمؤلفين على أنهم الفرس ، كما وردتسميتهم بالخراسانيين في عدة صيغ أو فقرات رويت من الحديث حتى عرف بحديث رايات خراسان . وعليه ، فتفسير الوهابيين لرايات المشرق بأهل أفغانستان والطالبان والشيشان ، شذوذٌ عن فهم كل المسلمين !
كما يتضح من نص الرواية أن حركتهم تواجه عداء من العالم وحرباً ، وتكون في أولها خروجاً على حاكمهم ، ثم تكون قرب ظهور المهدي عليه السلام قياماً لنصرة الإمام وتسليم الراية له .
كما يدل قول الإمام الباقر عليه السلام : « فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يقوموا ، ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم » على أنه سيكون بينهم خلاف سنة الظهور في تسليم راية بلدهم ، وأن أنصارالإمام المهدي عليه السلام سينتصرون على من خالفهم .
ففي غيبة الطوسي / 274 : « إذا خرجت الرايات السود إلى السفياني - التي فيها شعيب بن صالح - تمنى الناس المهدي فيطلبونه ، فيخرج من مكة ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله فيصلي ركعتين بعد أن ييأس الناس من خروجه لما طال عليهم من البلايا ، فإذا فرغ من صلاته انصرف فقال : يا أيها الناس ألحَّ البلاء بأمة محمد وبأهل بيته خاصة ، فهو باغ بغى علينا » .
وأخيراً ، فإن حديث الرايات السود من أخبارالمغيبات الدالة على نبوته صلى الله عليه وآله ، حيث تحقق ما أخبر به من ظلامة أهل بيته عليهم السلام واضطهادهم وتشريدهم في البلاد قروناً طويلة ، حتى وصلوا إلى أربع جهات العالم ، فلا نجد أسرة في العالم جرى عليهم من الاضطهاد والتشريد والتطريد كأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وذرياتهم وشيعتهم .
كما تحقق ما أخبر به صلى الله عليه وآله من حركة أهل المشرق في غصرنا . وقد وصف الإمام الباقر عليه السلام حركتهم وصفاً دقيقاً فقال : « كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق » وهو يدل على أنه حدثٌ من وعد الله المحتوم يعبرعنه النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام ب - « كأني بالشئ الفلاني أو الأمر الفلاني » ويعني يقينهم به كأنهم يرونه ، بل يدل على رؤيتهم له بالبصيرة التي خصهم الله بها . كما يدل على مراحل حركتهم من بدايتها إلى عصر الظهور ، وأنها تنتهي بالقيام لله تعالى لنصرة المهدي عليه السلام !
ويدل قوله عليه السلام : « أما إني لو أدركت ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر » على أن المدة بين قيامهم الأخير وبين ظهوره عليه السلام لا يزيد عن عمر إنسان . بل تدل المؤشرات على أن قيامهم الأخير بعد السفياني واليماني .
أحاديث نظن أنها أجزاء من حديث الرايات السود
يظهر أن الحديث الذي رواه أحمد وابن ماجة « 2 / 1368 » وغيرهم : « يخرج ناس من المشرق يوطؤون للمهدي سلطانه » جزءٌ منه ، ومعنى وطأ له الأمر : جهزه وهيأه .
ومثله الطبراني في الأوسط : 1 / 200 ، بتفاوت يسير . وعنه بيان الشافعي / 490 ، وقال : هذا حديث حسن صحيح روته الثقاة والأثبات . وعقد الدرر / 125 ، وتذكرة القرطبي / 699 ، وفرائد السمطين : 2 / 333 ، وخريدة العجائب / 257 ، وتحفة الأشراف : 4 / 307 ، والمنار المنيف / 145 ، وفتن ابن كثير : 1 / 41 والحافظ المغربي / 555 ، وقال : الحديث صحيح ، إلخ . .
كما يحتمل أن يكون جزءً منه ما رواه الطبراني في الكبير : 4 / 229 : « عن خالد بن عرفطة أنه قال يوم قتل الحسين عليه السلام : هذا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله سمعت رسول الله يقول : إنكم ستبتلون في أهل بيتي من بعدي » . وعنه كشف الهيثمي : 3 / 233 . وفي مجمع الزوائد : 9 / 194 : رواه الطبراني والبزار ورجال الطبراني رجال الصحيح غير عمارة ، وعمارة وثقه ابن حبان .
وكذلك ما رواه ابن حماد : 1 / 313 ، « عن الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وآله : ذكر بلاء يلقاه أهل بيته ، حتى يبعث الله راية من المشرق سوداء ، من نصرها نصره الله ، ومن خذلها خذله الله ، حتى يأتوا رجلاً اسمه كاسمي ، فيولونه أمرهم فيؤيده الله وينصره » .
وكذلك حديث رايات خراسان إلى القدس ، روته مصادرهم كالترمذي : 3 / 362 ، وأحمد في مسنده ، وابن كثير في نهايته ، والبيهقي في دلائله ، وغيرهم . وصححه ابن الصديق المغربي في رسالته في الرد على ابن خلدون ، ونصه : « تخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شئ حتى تنصب بإيلياء » .
ونقله عنهم من مصادرنا ابن طاووس في الملاحم / 43 و 58 ، وهو يتحدث عن حركة جيش من إيران نحو القدس . وهي حركة الإمام المهدي عليه السلام . وظنها بعضهم قبله .
وفي مجمع البحرين : « إيل بالكسر فالسكون : اسم من أسمائه تعالى عبراني أو سرياني . وقولهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بمنزلة عبد الله وتيم الله ونحوهما . وإيل : هو البيت المقدسوقيل بيت الله لأن إيل بالعبرانية الله » .
وبما أن قائد هذه الرايات شعيب بن صالح هو قائد جيش المهدي عليه السلام ، فالمقصود بها حملته عليه السلام لتحرير الشام والقدس .
وكذلك حديث كنوز الطالقان الذي روته مصادرهم عن علي عليه السلام كالحاوي للسيوطي : 2 / 82 ، وكنز العمال : 7 / 262 ، قال : « ويحاً للطالقان ، فإن لله عز وجل بها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضة ، ولكنَّ بها رجالاً عرفوا الله حق معرفته ، وهم أنصار المهدي آخر الزمان » . وفي رواية ينابيع المودة / 449 : « بخٍ بخ للطالقان » .
وروته مصادرنا بلفظ آخر كما في البحار : 52 / 307 عن كتاب سرورأهل الإيمان لعلي بن عبد الحميد عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « له كنز بالطالقان ما هو بذهب ولا فضة وراية لم تنشر مذ طويت ، ورجال كأن قلوبهم زبر الحديد ، لا يشوبها شك في ذات الله ، أشد من الجمر لو حملوا على الجبال لأزالوها ! لا يقصدون براياتهم بلدة إلا خربوها ، كأن على خيولهم العقبان ، يتمسحون بسرج الإمام يطلبون بذلك البركة ويحفون به يقونه بأنفسهم في الحروب ، يبيتون قياماً على أطرافهم ، ويصبحون على خيولهم ! رهبان بالليل ، ليوث بالنهار ، هم أطوع من الأمة لسيدها ، كالمصابيح ، كأن في قلوبهم القناديل ، وهم من خشيته مشفقون ، يدعون بالشهادة ويتمنون أن يقتلوا في سبيل الله . شعارهم يا لثارات الحسين ، إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر ، يمشون إلى المولى أرسالاً ، بهم ينصر الله إمام الحق » . انتهى .
أقول : يصف الراوي هؤلاء الأنصار من محيط عصره ، والمقصود أنهم جنود شجعان مميزون بإيمانهم . وقد كنت أتصور أن المقصود بالطالقان في هذه الأحاديث المنطقة الواقعة في سلسلة جبال آلبرز ، على نحو مئة كيلو متر شمال غرب طهران ، وهي منطقة مؤلفة من عدة قرى تعرف باسم الطالقان ، ليس فيها مدينة ، ويعرف أهلها بالتقوى وقراءة القرآن وتعليمه من قديم .
لكن بعد التأمل في النصوص ترجح عندي أن المقصود بأهل الطالقان أهل إيران لا خصوص منطقة الطالقان ، وأن الأئمة عليهم السلام سموهم أهل الطالقان ، لأن بلادهم كانت تسمى جبال الطالقان ، وتسمى خراسان ، وتسمى المشرق .
ومن أجزاء حديث الرايات السود حديث : سيصيب ولدعبد المطلب بلاء شديد ، رواه فرات في تفسيره / 164 ، عن أنس : « أن رسول الله صلى الله عليه وآله أتى ذات يوم ويده في يد علي بن أبي طالب ولقيه رجل إذ قال له : يا فلان لا تسبوا علياً فإنه من سبه فقد سبني ومن سبني فقد سب الله . إنه والله يا فلان لا يؤمن بما يكون من علي في آخر الزمان إلا ملك مقرب أو عبد قد امتحن الله قلبه للإيمان ! يا فلان إنه سيصيب ولد عبد المطلب بلاء شديد وإثرةٌ وقتل وتشريد ، فالله الله يا فلان في أصحابي وذريتي وذمتي ، فإن لله يوماً ينتصف فيه للمظلوم من الظالم » .
الخراساني قائد إيران وشعيب قائد جيشها
ذكرت الأحاديث في حركة ظهور المهدي عليه السلام أن الخراساني قائد إيران وشعيب بن صالح يأتيان إلى العراق لمبايعته وتسليمه راية بلادهم . ولم تذكر الروايات أن الإيرانيين يرسلون قوة لمساعدة الإمام عليه السلام في الحجاز ، لكن ذكربعضها عن غير طرق أهل البيت عليهم السلام حركة لقواتهم إلى العراق ، قبل ظهور الإمام عليه السلام .
قال ابن حماد : « تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة ، فإذا ظهر المهدي بعثت إليه بالبيعة » . « ابن حماد : 1 / 313 ، عن أبي جعفر عليه السلام ، وعنه عقد الدرر / 129 ، والحاوي : 2 / 69 ، والخرائج : 3 / 1158 وملاحم ابن طاووس / 55 » .
والأمر المؤكد أن الخراساني وشعيباً يبايعان الإمام عليه السلام بعد دخوله إلى العراق ، ثم يعين شعيباً قائداً عاماً لجيشه عليه السلام ، وتكون قوات الخراسانيين معه في زحفه عليه السلام لفتح القدس وفلسطين . نعم لا يبعد أن يأمر الإمام عليه السلام القوات الإيرانية بالدخول قبله إلى العراق لمواجهة قوات السفياني ووقف عدوانه على العراق .
ويدل عليه مضافاً إلى رواية ابن حماد ما في غيبة الطوسي / 274 : « إذا خرجت الرايات السود إلى السفياني التي فيها شعيب بن صالح ، تمنى الناس المهدي فيطلبونه ، فيخرج من مكة ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله » .
وقد أكثر ابن حماد من رواية دخول قوات الخراساني إلى العراق ، قبل ظهور الإمام عليه السلام لرد هجمة السفياني ، كروايته عن علي عليه السلام : 1 / 314 ، قال : « تخرج رايات سود تقاتل السفياني ، فيهم شاب من بني هاشم ، في كتفه اليسرى خال وعلى مقدمته رجل من بني تميم يدعى شعيب بن صالح فيهزم أصحابه » .
وعن عمار بن ياسرقال : « إذا بلغ السفياني الكوفة وقتل أعوان آل محمد خرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح » .
وروى عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : « يخرج شاب من بني هاشم بكفه اليمنى خال من خراسان برايات سود ، بين يديه شعيب بن صالح ، يقاتل أصحاب السفياني فيهزمهم » .
وروى عن الحسن البصري قال : « يخرج بالري رجل ربعة أسمر مولى لبني تميم كوسج يقال له شعيب بن صالح ، في أربعة آلاف ثيابهم بيض وراياتهم سود يكون على مقدمة المهدي لا يلقاه أحد إلا فله » .
والربعة : المربوع القامة . والكوسج : أكوس اللحية . فلَّه : ضربه وهزمه .
وروى عن سفيان الكعبي قال : « يخرج على لواء المهدي غلام حدث السن خفيف اللحية ، أصفر ، لو قاتل الجبال لهزها حتى ينزل إيليا » .
وروى عن عبد الله بن عمر : 1 / 372 ، قال : « يخرج رجل من ولد الحسين من قبل المشرق ، لو استقبلته الجبال لهدمها واتخذ فيها طرقاً » .
وفي مجمع الزوائد : 7 / 317 : « عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله جالساً في نفر من المهاجرين والأنصار وعلي بن أبي طالب عن يساره والعباس عن يمينه ، إذ تلاحى العباس ورجل من الأنصار فأغلظ الأنصاري للعباس ، فأخذ النبي بيد العباس ويد علي فقال : سيخرج من صلب هذا فتى يملأ الأرض جوراً وظلماً ، وسيخرج من هذا فتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي ، فإنه يقبل من قبل المشرق ، وهو صاحب راية المهدي » . والمعجم الأوسط : 5 / 79 ، وجامع السيوطي : 8 / 759 ، والحاوي : 2 / 62 ، والفتاوى الحديثية / 27 ، والمغربي / 559 .
كما روى ابن حماد / 86 : « عن أبي جعفر قال : يبث السفياني جنوده في الآفاق بعد دخوله الكوفة وبغداد ، فيبلغه فزعة من وراء النهر من أهل خراسان ، فيقبل أهل المشرق عليهم قتلاً ويذهب بجيشهم . فإذا بلغه ذلك بعث جيشاً عظيماً إلى إصطخر عليهم رجل من بني أمية ، فتكون لهم وقعة بقومش ، ووقعة بدولات الري ، ووقعة بتخوم زرع ، فعند ذلك يأمر السفياني بقتل أهل الكوفة وأهل المدينة ، وعند ذلك تقبل الرايات السود من خراسان ، على جميع الناس شاب من بني هاشم بكفه اليمنى خال ، يسهل الله أمره وطريقه ، ثم تكون له وقعة بتخوم خراسان ، ويسير الهاشمي في طريق الري فيسرح رجلاً من بني تميم من الموالي يقال له شعيب بن صالح إلى إصطخر إلى الأموي ، فيلتقي هو والمهدي والهاشمي ببيضاء إصطخر ، فتكون بينهما ملحمة عظيمة حتى تطأ الخيل الدماء إلى أرساغها .
ثم تأتيه جنود من سجستان عظيمة عليهم رجل من بني عدي ، فيظهر الله أنصاره وجنوده . ثم تكون وقعة بالمدائن بعد وقعتي الري ، وفي عاقرقوفا وقعة صيلمية يخبرعنها كل ناج . ثم يكون بعدها ذبح عظيم ببَاكل ، ووقعة في أرض من أرض نصيبين . ثم يخرج على الأخوص قوم من سوادهم وهم العصب ، عامتهم من الكوفة والبصرة حتى يستنقذوا ما في يديه من سبي كوفان » . الحاوي : 2 / 69 .
وهذه مراسيل مقطوعة ، وآثار الوضع فيها واضح ، وغرضها تطبيق الرايات السود على حركة أبي مسلم .
ضعف رواية دخول الإمام المهدي عليه السلام إيران قبل العراق
المتفق عليه في أحاديث الإمام المهدي عليه السلام أن منطلقه من مكة وهدفه القدس ، وفيما بين ذلك يقوم بترتيب أوضاع دولته الجديدة في الحجاز والعراق ، وإعداد جيشه للزحف إلى القدس . وتنفرد رواية في فتن ابن حماد بأنه عليه السلام يأتي أولاً إلى جنوب إيران ، حيث يبايعه الإيرانيون وقائدهم الخراساني وقائد جيشه شعيب بن صالح ، ثم يخوض بهم معركة ضد السفياني في منطقة البصرة ثم يدخل العراق . فقد روى ابن حماد : 1 / 302 : « : « عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة بعث في طلب أهل خراسان ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي ، فيلتقي هو والهاشمي برايات سود على مقدمته شعيب بن صالح ، فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر فيكون بينهم ملحمة عظيمة ، فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني . فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه » .
وإصطخر مدينة في جنوب إيران . لكن الرواية ضعيفة ومعارضة بغيرها ، ومن المستبعد أن يأمرالإمام عليه السلام قوات الخراسانيين بالدخول إلى العراق لمواجهة قوات السفياني ، ولا يوجد نص صحيح في دخول الإمام عليه السلام إلى إيران .
روايات مصادرنا في الخراسانيين وأصحاب الرايات السود
وقد تقدم بعضها ، ومنها ما رواه في عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2 / 59 : « عن الحسين بن علي قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : لا تقوم الساعة حتى يقوم قائم للحق منا ، وذلك حين يأذن الله عز وجل له ، ومن تبعه نجا ومن تخلف عنه هلك . الله الله عباد الله ، فأتوه ولو حبواً على الثلج ، فإنه خليفة الله عز وجل » .
ورواه في كفاية الأثر / 106 ، وفيه : قلنا : يا رسول الله متى يقوم قائمكم ؟ قال : إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً ، وهو التاسع من صلب الحسين . ودلائل الإمامة / 239 ، كالعيون بتفاوت يسير ، والصراط المستقيم : 2 / 116 ، بعضه ، وإثبات الهداة : 3 / 523 ، عن كفاية الأثر ، وفي / 572 ، أوله ، عن مناقب فاطمة وولدها .
بعض ما جاء في فضل قم
ورد في فضلها ومستقبلها أحاديث عن أهل البيت عليهم السلام ، يظهر منها أن قمّاً مشروع أسسه الأئمة عليهم السلام في وسط إيران على يد أصحاب الإمام زين العابدين عليه السلام سنة 73 هجرية ، ثم رعوها رعاية خاصة ، وأخبروا بأنها سيكون لها شأن في المستقبل ، ويكون أهلها أنصار المهدي المنتظر أرواحنا فداه . وتنص بعض الأحاديث على أن تسميتها بقم جاءت متناسبة مع اسم المهدي القائم بالحق أرواحنا فداه ، وأن أهلها ومنطقتها يقومون في نصرته عليه السلام .
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : « قال لي : أتدري لم سمي قم ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : إنما سمي قم لأن أهله يجتمعون مع قائم آل محمد صلوات الله عليه ويقومون معه ، ويستقيمون عليه وينصرونه » . « البحار : 57 / 215 » .
وقد أعطى الأئمة عليهم السلام لقم مفهوماً أوسع من مدينتها وتوابعها ، فاستعملوها بمعنى خط قم ونهجها في ولاية أهل البيت عليهم السلام والقيام مع مهديهم الموعود . فقد دخل جماعة من أهل الري على الإمام الصادق عليه السلام : « وقالوا : نحن من أهل الري ، فقال : مرحباً بإخواننا من أهل قم . فقالوا : نحن من أهل الري ، فقال : مرحباً بإخواننا من أهل قم . فقالوا : نحن من أهل الري . فأعاد الكلام ! قالوا ذلك مراراً وأجابهم بمثل ما أجاب به أولاً ، فقال : إن لله حرماً وهو مكة وإن لرسوله حرماً وهو المدينة ، وإن لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة ، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم ، وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمى فاطمة ، فمن زارها وجبت له الجنة . قال الراوي : وكان هذا الكلام منه عليه السلام قبل أن يولد الكاظم عليه السلام » . « البحار : 57 / 217 » .
ومعناه أن مدينة قم حرم الأئمة من أهل البيت إلى المهدي عليهم السلام ، وأهل الري وغيرها هم من أهل قم ، لأنها تشمل إيران . لذلك قلنا إن المقصود بأهل قم ونصرتهم المهدي عليه السلام قد يكون مدينة قم وقد تكون أهل إيران الذين هم على خط قم .
ومعنى قول الراوي : وكان هذا الكلام منه قبل أن يولد الكاظم عليه السلام : أن الإمام الصادق عليه السلام أخبرعن ولادة حفيدته فاطمة بنت موسى بن جعفر قبل ولادة أبيها الكاظم عليهم السلام ، أي قبل سنة 128 للهجرة ، وأخبر أنها ستدفن في قم ، ثم تحقق ذلك بعد أكثر من سبعين سنة !
ومن العجيب أن إعداد الأئمة عليهم السلام لأهل قم لنصرة المهدي عليه السلام ، كان من أول تأسيسها ، وأن حبهم للمهدي كان معروفاً عنهم قبل ولادته ! عليه السلام فعن صفوان بن يحيى قال : « كنت يوماً عند أبي الحسن عليه السلام « الإمام الرضا » . فجرى ذكرأهل قم وميلهم إلى المهدي عليه السلام فترحم عليهم ، وقال : رضي الله عنهم ، ثم قال : إن للجنة ثمانية أبواب : واحد منها لأهل قم ، وهم خيار شيعتنا من بين سائر البلاد ، خمر الله تعالى ولايتنا في طينتهم » . « البحار : 57 / 218 » .
وقد يكون معناه باب الصدِّيقين المؤمنين بالغيب ، وقد حافظ أهل قم على حبهم للمهدي عليه السلام إلى عصرنا هذا .
وتحدثت روايتان عن الإمام الصادق عليه السلام عن مستقبل قم ودورها قرب ظهور المهدي إلى أن يظهر ، رواهما في البحار : 57 / 213 ، عن كتاب تاريخ قم للأشعري . تقول الأولى : « إن الله احتج بالكوفة على سائر البلاد ، وبالمؤمنين من أهلها على غيرهم من أهل البلاد ، واحتج ببلدة قم على سائر البلاد ، وبأهلها على جميع أهل المشرق والمغرب من الجن والإنس ، ولم يَدَع قم وأهله مستضعفاً بل وفقهم وأيدهم . ثم قال : إن الدين وأهله بقم ذليل ، ولولا ذلك لأسرع الناس إليه فخرب قم وبطل أهله ، فلم يكن حجة على سائر البلاد . وإذا كان كذلك لم تستقر السماء والأرض ولم ينظروا طرفة عين ! وإن البلايا مدفوعة عن قم وأهله ، وسيأتي زمان تكون بلدة قم وأهلها حجة على الخلائق ، وذلك في زمان غيبة قائمنا إلى ظهوره ، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها . وإن الملائكة لتدفع البلايا عن قم وأهله ، وما قصده جبار بسوء إلا قصمه قاصم الجبارين ، وشغله عنه بداهية أو مصيبة أو عدو ، ويُنسي الله الجبارين في دولتهم ذكر قم وأهله ، كما نسوا ذكر الله » .
وتقول الثانية : « ستخلو كوفة من المؤمنين ، ويأزرعنها العلم كما تأزر الحية في جُحْرها ، ثم يظهرالعلم ببلدة يقال لها قم ، وتصير معدناً للعلم والفضل حتى لا يبقى في الأرض مستضعف في الدين ، حتى المخدرات في الحجال ، وذلك عند قرب ظهور قائمنا ، فيجعل الله قم وأهله قائمين مقام الحجة ، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها ولم يبق في الأرض حجة ، فيفيض العلم منه إلى سائر البلاد في المشرق والمغرب ، فتتم حجة الله على الخلق حتى لا يبقى أحد لم يبلغ إليه الدين والعلم . ثم يظهر القائم عليه السلام ، ويصير سبباً لنقمة الله وسخطه على العباد لأن الله لا ينتقم من العباد إلا بعد إنكارهم حجة » .
وفي البحار : 60 / 218 ، عن كتاب تاريخ قم : « عن أبي مسلم العبدي ، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : تربة قم مقدسة وأهلها منا ونحن منهم ، لايريدهم جبار بسوء إلا عجلت عقوبته ما لم يخونوا إخوانهم ، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم جبابرة سوء ! أما إنهم أنصار قائمنا ودعاة حقنا . ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم اعصمهم من كل فتنة ونجهم من كل هلكة » . وفي نسخة : « ما لم يحولوا أحوالهم » .
وفي الإختصاص / 101 : « عن الإمام علي بن محمد العسكري عن أمير المؤمنين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء الرابعة نظرت إلى قبة من لؤلؤ ، لها أربعة أركان وأربعة أبواب ، كلها من إستبرق أخضر ، قلت : يا جبرئيل ما هذه القبة التي لم أر في السماء الرابعة أحسن منها ؟ فقال : حبيبي محمد هذه صورة مدينة يقال لها قم ، يجتمع فيها عباد الله المؤمنون ، ينتظرون محمداً وشفاعته للقيامة والحساب ، يجري عليهم الغم والهم والأحزان والمكاره . قال : فسألت علي بن محمد العسكري عليه السلام متى ينتظرون الفرج ؟ قال : إذا ظهر الماء على وجه الأرض » .
والمقصود ظهور الماء على وجه الأرض في قم ، أو ظهوره على شكل آية في العالم . وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وآله حدث علياً عليه السلام عن البصرة والأبلة وعن بلاد سيفتحها المسلمون ، فلا عجب أن يكون حدثه عن قم .
حديث : أتاح الله لأمة محمد صلى الله عليه وآله برجل منا أهل البيت
« عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال : يا أبا محمد ليس ترى أمة محمد صلى الله عليه وآله فرجاً أبداً ما دام لولد بني فلان ملك حتى ينقرض ملكهم . فإذا انقرض ملكهم أتاح الله لأمة محمد صلى الله عليه وآله برجل منا أهل البيت يسير بالتقى ويعمل بالهدى ، ولا يأخذ في حكمه الرُّشا ، والله إني لأعرفه باسمه واسم أبيه . ثم يأتينا الغليظ القصرة ، ذو الخال والشامتين ، القائد العادل الحافظ لما استودع ، يملؤها عدلاً وقسطاً كما ملأها الفجار ظلماً وجوراً » .
وهو حديث ملفت لكنه ناقص ، والظاهر أن كلمة الغليظ القصرة تصحيف لكلمة أخرى ، لأنه وصف رجل عادل يأتي بعد الإمام المهدي وهو مخالف للمذهب . وقد نقله صاحب البحار قدس سره عن كتاب الإقبال لابن طاووس قدس سره ، وذكر في الإقبال / 599 ، أنه نقله في سنة اثنتين وستين وست مائة في كتاب الملاحم للبطائني ، لكنه نقله ناقصاً . والبطائني من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام وكتابه الملاحم مفقود .
أما بنو فلان في الحديث فلا يلزم أن يكونوا بني العباس كما فهمه ابن طاووس رحمه الله ، فقد يقصد بهم الأسرالتي تحكم قبل ظهورالمهدي عليه السلام . كما في الأحاديث التي تذكر الخلاف بين آل فلان من حكام الحجاز ، قبل ظهوره عليه السلام ، إنما تقصد آخر عائلة تحكم الحجاز قبله . وحديث أمير المؤمنين عليه السلام في قتل آل فلان للنفس الزكية قبل ظهورالإمام عليه السلام بأسبوعين : « ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان ؟ قلنا : بلى يا أمير المؤمنين قال : قتل نفس حرام في بلد حرام ، من قوم من قريش . والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما لهم ملك بعده غير خمسة عشر ليلة » . « البحار : 52 / 234 » .
ومثله أحاديث اختلاف بني فلان ، أو هلاك آخر حاكم منهم قبيل الظهور ، فلا بد من تفسيرها بغير بني العباس ، لأن بني العباس زال ملكهم على المغول كما أخبر الأئمة عليهم السلام ، وزوال ملك هؤلاء متصل بظهور المهدي عليه السلام .
وحتى الروايات التي تذكر بني العباس صراحة فقد تكون صدرت عن الأئمة عليهم السلام بتعبير « بني فلان ، وآل فلان » ورواها الراوي بني العباس لتصوره أنهم المقصودون . أو يكون المقصود به خط بني العباس المعادي للأئمة عليهم السلام لا أشخاصهم ، فإن كل فعاليات العداء لأهل البيت عليه السلام بعد المنصور العباسي ترجع إليه ، لأنه مؤسس ذلك !
هذا ، وقد روى في الفتوح : 2 / 78 : « عن علي عليه السلام خبراً في مدح خراسان وفتحها على يد المهدي ، وأموراً عن بخارى وخوارزم والشاشان وأبيجاب وبلخ وطالقان والترمذ واشجردة وسرخس وياسوج وجرجان وقومس وسمنان وطبرستان ، وغيرها » .
وفيها مدح لبعضها وذم لآخر ، وأثر الوضع عليه ظاهر ! كما لا يمكن تطبيقها على حركة ظهور الإمام عليه السلام فقد تكون عن أحداث مضت . ونحوه بيان الشافعي / 491 ، وعقد الدرر / 122 ، وجمع الجوامع : 2 / 104 ،
المخاض داخل إيران في سنة الظهور
تدل الأحاديث على أنه سيحدث صراع داخلي في إيران في سنة الظهور ، بين أنصار الإمام عليه السلام ومخالفيهم الذين لا يريدون تسليم بلدهم له عليه السلام . فقد تحدثت الروايات الصحيحة عن قيام أنصار الإمام عليه السلام بحركة واسعة في إيران تشبه الثورة ، وأنهم يغلبون من خالفهم .
قال الإمام الباقر عليه السلام « غيبة النعماني / 273 » : « كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلايعطونه ، ثم يطلبونه فلا يعطونه ، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم ، قتلاهم شهداء ، أما إني لو أدركت ذلك ، لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر » .
فقوله : حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم ، يدل على أن الخلاف على راية ثورتهم أو بلدهم .
وذكرت روايات أنه سيخرج في تلك الفترة شخصيات من أنصارالمهدي عليه السلام في آذربيجان وخراسان وجيلان .
ففي غيبة النعماني / 200 و 271 : « عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إنه قال لي أبي عليه السلام : لا بد لنا من آذربيجان لا يقوم لها شئ ، وإذا كان ذلك فكونوا أحلاس بيوتكم والْبُدُوا ما لبدنا ، فإذا تحرك متحركنا فاسعوا إليه ولو حبواً ، والله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام ، يبايع الناس على كتاب جديد ، على العرب شديد . وقال : ويل لطغاة العرب من شر قد اقترب » . وهذا يدل على حركة شعبية كاسحة في آذربيجان ، تكون في سنة الظهور ، يتبعها ظهور قائد يتحرك بأمرالإمام عليه السلام ، ويأتي ذلك في فصل الأتراك .
كما ذكرت الأحاديث قيام شخص في خراسان ، وشخص مرضي عند أهل البيت عليهم السلام في جيلان ، ففي غيبة النعماني / 274 ، عن الإمام الصادق عليه السلام : « أن أمير المؤمنين عليه السلام حدث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم ، فقال الحسين : يا أمير المؤمنين متى يطهر الله الأرض من الظالمين ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : لا يطهر الله الأرض من الظالمين حتى يسفك الدم الحرام . ثم ذكر أمر بني أمية وبني العباس في حديث طويل ، ثم قال : إذا قام القائم بخراسان ، وغلب على أرض كوفان وملتان ، وجاز جزيرة بني كاوان ، وقام منا قائم بجيلان ، وأجابته الآبر والديلمان . . » .
وهؤلاء الثلاثة : متحرك آذربيجان ، ومتحرك خراسان ، ومتحرك جيلان ، مترابطون ، يحركون الناس لنصرة الإمام عليه السلام ، ووزيره اليماني ، ولعلهم بتوجيه مباشر من الإمام عليه السلام ، لأنه يكون في تلك الفترة ظاهراً لكنه مُتَخَفٍّ .
الاكثر قراءة في الدولة المهدوية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة