العراق عاصمة دولة العدل الإلهية
الأحاديث حول العراق كثيرة ، في علامات ظهور الإمام المهدي عليه السلام ، وحركة ظهوره وبعدها . ذلك أن الله عز وجل قدر وقضى أن يكون العراق عاصمة دولة العدل الإلهي العالمية ، التي يقيمها الإمام عليه السلام .
وتذكر الروايات المتعلقة بالعراق قبل الظهور حكام الجور فيه ، أو تمدح بعض بلدانه أو تذمها ، أو تتحدث عن نقص في الثمرات ، وخوف يشمل أهله لا يقر لهم معه قرار . . الخ . وقد أورد المفيد رحمه الله مجموعة علامات للظهور تكون في العراق وغيره . قال في الإرشاد : 2 / 368 : « جاءت الآثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي عليه السلام وحوادث تكون أمام قيامه ، وآيات ودلالات : فمنها خروج السفياني وقتل الحسني ، واختلاف بني العباس في الملك الدنياوي ، وكسوف الشمس في النصف من رمضان وخسوف القمر في آخره ، على خلاف العادات ، وخسف بالبيداء ، وخسف بالمغرب وخسف بالمشرق ، وركود الشمس من عند الزوال إلى أوسط أوقات العصر ، وطلوعها من المغرب ، وقتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين ، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام ، وهدم حائط مسجد الكوفة ، وإقبال رايات سود من قبل خراسان ، وخروج اليماني ، وظهور المغربي بمصر وتملكه الشامات ، ونزول الترك الجزيرة ونزول الروم الرملة ، وطلوع نجم بالمشرق يضئ كما يضئ القمر ، ثم ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه ، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر في آفاقها ، ونار تظهر بالمشرق طويلاً وتبقى في الجو ثلاثة أيام أو سبعة أيام ، وخلع العرب أعنتها وتملكها البلاد ، وخروجها عن سلطان العجم ، وقتل أهل مصر أميرهم ، وخراب الشام ، واختلاف ثلاث رايات فيه ، ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر ، ورايات كندة إلى خراسان ، وورود خيل من قبل الغرب حتى تربط بفناء الحيرة ، وإقبال رايات سود من المشرق نحوها ، وبثق في الفرات حتى يدخل الماء أزقة الكوفة ، وخروج ستين كذاباً كلهم يدعي النبوة ، وخروج اثني عشر من آل أبي طالب كلهم يدعي الإمامة لنفسه ، وإحراق رجل عظيم القدر من بني العباس بين جلولاء وخانقين ، وعقد الجسر مما يلي الكرخ بمدينة السلام ، وارتفاع ريح سوداء بها في أول النهار ، وزلزلة حتى ينخسف كثير منها ، وخوف يشمل أهل العراق وبغداد ، وموت ذريع فيه ، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه حتى يأتي على الزرع والغلات ، وقلة ريع لما يزرعه الناس ، واختلاف صنفين من العجم وسفك دماء كثيرة فيما بينهم ، وخروج العبيد عن طاعات ساداتهم وقتلهم مواليهم ، ومسخ لقوم من أهل البدع حتى يصيروا قردة وخنازير ، وغلبة العبيد على بلاد السادات ، ونداء من السماء حتى يسمعه أهل الأرض كل أهل لغة بلغتهم ، ووجه وصدر يظهران للناس في عين الشمس ، وأموات ينشرون من القبور حتى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون ويتزاورون . ثم يختم ذلك بأربع وعشرين مطرة تتصل فتحيا بها الأرض بعد موتها وتعرف بركاتها ، وتزول بعد ذلك كل عاهة عن معتقدي الحق من شيعة المهدي عليه السلام ، فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكة ، فيتوجهون نحوه لنصرته ، كما جاءت بذلك الأخبار . وجملة من هذه الأحداث محتومة ومنها مشروطة ، والله أعلم بما يكون ، وإنما ذكرناها على حسب ما ثبت في الأصول ، وتضمنها الأثر المنقول » . انتهى .
أقول : ما ذكره قدس سره تعدادٌ لكثير من علامات الظهور البعيدة والقريبة ، بشكل مجمل غير متسلسل ، فمنها علامات قريبة لا يفصلها عن ظهور الإمام عليه السلام أكثر من أسبوعين ، كقتل النفس الزكية بين الركن والمقام ، بل هو في الحقيقة جزء من حركة الظهور لأنه رسول المهدي عليه السلام . ومنها ما يفصله عن ظهوره عليه السلام قرون عديدة كاختلاف بني العباس فيما بينهم ، وظهور المغربي في مصر وتملكه الشامات في حركة الفاطميين . وقصده رحمه الله بالمحتوم والمشروط منها : أن منها حتمي الوقوع على كل حال ، كما في السفياني ، واليماني ، وقتل النفس الزكية ، والنداء السماوي ، والخسف بجيش السفياني . ومنها مشروط بأحداث أخرى في مقادير الله سبحانه .
ضعف رواية جفاف الفرات
مصنف عبد الرزاق : 11 / 373 : « عن القاسم بن عبد الرحمن قال : شُكِيَ إلى ابن مسعود الفرات فقالوا : نخاف أن ينفتق علينا فلو أرسلت من يُسَكِّرُه ، فقال عبد الله : لا نُسكره فوالله ليأتين على الناس زمان لو التمستم فيه ملء طست من ماء ما وجدتموه ، وليرجعن كل ماء إلى عنصره ، ويكون بقية الماء والمسلمين بالشام » .
أقول : قصده برجوع كل شئ إلى عنصره ، ما روي أن مياه الأرض تجف قبل ظهور المهدي عليه السلام أو قبل القيامة . لكن أهل البيت عليهم السلام ردوا هذا الجفاف المزعوم وقالوا إن سنة ظهور المهدي عليه السلام سنة غَيْداقة كثيرة المطر .
روى في الإرشاد / 361 ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « سنة الفتح ينبثق الفرات حتى يدخل في أزقة الكوفة » . وفي رواية أخرى قال : « إن قدام القائم عليه السلام لسنة غيداقة يفسد فيها الثمار والتمر في النخل ، فلا تشكُّوا في ذلك » .
ضعف روايات خراب بغداد
روت المصادر أحاديث في خراب بغداد ، كالذي رواه ابن المنادي / 43 ، عن جرير البجلي : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : تبنى مدينة بين دجلة ودجيل والصراة وقطربل ، تجبى إليها كنوز الأرض يخسف بها ، فلهي أسرع ذهاباً في الأرض من الحديدة المحماة في الأرض الخوارة » . وتذكرة القرطبي : 2 / 681 و 697 ، وجامع السيوطي : 4 / 772 .
وفي تاريخ بغداد : 1 / 38 : « عن أبي الأسود الدؤلي : قال علي بن أبي طالب : سمعت حبيبي محمداً صلى الله عليه وآله يقول : سيكون لبني عمي مدينة من قبل المشرق بين دجلة ودجيل وقطربل والصراة ، يشيد فيها بالخشب والآجر والجص والذهب ، يسكنها شرار خلق الله وجبابرة أمتي ، أما إن هلاكها على يد السفياني ، كأني بها والله قد صارت خاوية على عروشها » .
وقد عقدنا فصلاً في كتاب : الإمام الكاظم عليه السلام سيد بغداد ، لروايات خراب بغداد وخسفها وزوالها ، وأثبتنا أنها من موضوعات أتباع بني أمية ، يجيبون بذلك على إخبار أمير المؤمنين عليه السلام بخراب الشام في حرب السفياني لولده المهدي عليه السلام ، فنقموا على العراق وبغداد والكوفة ! لذلك لا نأخذ بروايات خراب بغداد على يد السفياني ! نعم صح إخبار النبي صلى الله عليه وآله بإنشاء بغداد وذم جبابرتها .
ومن ذلك ما رواه العلامة الحلي رحمه الله في كشف اليقين / 80 ، قال : « فصل في إخبار أمير المؤمنين عليه السلام بالمغيبات : ومن ذلك إخباره بعمارة بغداد ، وملك بني العباس ، وذكر أحوالهم ، وأخذ المغول الملك منهم . رواه والدي رحمه الله ، وكان ذلك سبب سلامة أهل الحلة والكوفة والمشهدين الشريفين من القتل » .
ثم ساق حديث ذهاب والده رحمه الله إلى بغداد ليقابل هولاكو الطاغية ، ويأخذ منه أماناً للحلة والمشهدين . ونص الحديث : « الزوراء وما أدراك ما الزوراء ، أرض ذات أثل يشتد فيها البنيان ويكثر فيها السكان ، ويكون فيها قهارم وخزان ، يتخذها ولد العباس موطناً ، ولزخرفهم مسكناً ، تكون لهم دار لهو ولعب ، ويكون بها الجور الجائر والخوف المخيف ، والأئمة الفجرة والقراء الفسقة والوزراء الخونة ، يخدمهم أبناء فارس والروم ، لا يأتمرون بمعروف إذا عرفوه ، ولا يتناهون عن منكر إذا أنكروه ، يكتفي الرجال منهم بالرجال والنساء بالنساء ! فعند ذلك الغم الغميم والبكاء الطويل ، والويل والعويل لأهل الزوراء ، من سطوات الترك وما هم الترك ، قوم صغار الحدق ، وجوههم كالمجان المطرقة ، لباسهم الحديد ، جرد مرد ، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ملكهم ، جهوري الصوت قوي الصولة عالي الهمة ، لا يمر بمدينة إلا فتحها ، ولاترفع له راية إلا نكسها ، الويل الويل لمن ناوأه ، فلا يزال كذلك حتى يظفر » .
وروى قريباً منه في كفاية الأثر / 213 : « عن علقمة بن قيس قال : خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة ، فقال فيما قال في آخرها : « ألا وإني ظاعن عن قريب ومنطلق إلى المغيب ، فارتقبوا الفتنة الأموية والمملكة الكسروية وإماتة ما أحياه الله ، وإحياء ما أماته الله ، واتخذوا صوامعكم بيوتكم ، وعضوا على مثل جمر الغضا ، فاذكروا الله ذكراً كثيراً ، فذكره أكبر لو كنتم تعلمون . ثم قال : وتبنى مدينة يقال لها الزوراء بين دجلة ودجيلة والفرات ، فلو رأيتموها مشيدة بالجص والآجر ، مزخرفة بالذهب والفضة واللازورد المستسقى ، والمرمر والرخام وأبواب العاج والأبنوس ، والخيم والقباب والشارات ، وقد عُليت بالساج والعرعر والصنوبر والخشب ، وشيدت بالقصور ، وتوالت عليها ملوك بني الشيصبان ، أربعة وعشرون ملكاً ، على عدد سني الملك الكديد ، فيهم السفاح والمقلاص والجموع والخدوع والمظفر والمؤنث والنظار والكبش والمهتور والعشار والمصطلم والمستصعب والعلام والرهباني والخليع والسيار والمسرف والكديد والأكتب والمترف والأكلب والوشيم والظلام والعيوق .
وتُعمل القبة الغبراء ذات القلادة الحمراء . في عقبها قائم الحق يسفر عن وجهه بين الأقاليم كالقمر المضئ بين الكواكب الدرية . ألا وإن لخروجه علامات عشراً : أولها طلوع الكوكب ذي الذنب ويقارب من الحاوي ، ويقع فيه هرج ومرج وشغب ، وتلك علامات الخصب ، ومن العلامة إلى العلامة عجب ، فإذا انقضت العلامات العشر ، إذ ذاك يظهر القمر الأزهر ، وتمت كلمة الإخلاص لله على التوحيد » .
ويظهر أن الرواة حذفوا من أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام ذم بني العباس ، وذكر المغول ، وأضافوا إليها أن بغداد سيخسف بها ، وستُدَمَّر على يد السفياني !
أهم روايات مصادر السنة حول البصرة
أبو داود : 4 / 113 : « عن صالح بن درهم قال : انطلقنا حاجين فإذا رجل فقال لنا : إلى جنبكم قرية يقال لها الأبلة ؟ قلنا : نعم ، قال : من يضمن لي منكم أن يصلي لي في مسجد العشار ركعتين أو أربعاً ، ويقول هذه لأبي هريرة ؟ سمعت خليلي أبا القاسم يقول : إن الله يبعث من مسجد العشار يوم القيامة شهداء ، لا يقوم مع شهداء بدر غيرهم . وقال أبو داود : هذا مسجد مما يلي النهر » . والأبُلَّة : محلة قرب البصرة ، واليوم جزء منها . وروى مثله : ابن المنادي / 40 ، والبغوي : 3 / 486 .
أبو داود : 4 / 113 : « عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له : يا أنس ، إن الناس يمصرون أمصاراً ، وإن مصراً منها يقال له البصرة أو البصيرة ، فإن أنت مررت بها أو دخلتها فإياك وسباخها وكلأها وسوقها ، وباب أمرائها ، وعليك بضواحيها ، فإنه يكون بها خسف وقذف ورجف ، وقوم يبيتون يصبحون قردة وخنازير » .
وفي ملاحم ابن المنادي / 38 : « عن أبي بكرة أخ زياد بن أبيه : قال النبي صلى الله عليه وآله : إن أناساً من أمتي ينزلون حائطاً يقال له البصرة ، وعنده نهر له يقال له دجلة ، وتكون من أمصار المهاجرين ، فإذا كان في آخر الزمان جاء بنو قنطورا ، قوم عراض الوجوه صغار الأعين ، حتى ينزلوا بشاطئ النهر فيفترق أهلها على ثلاث فرق ، فأما فرقة فيأخذون بأذناب الإبل والبرية فيهلكون » .
وفي المعجم الأوسط : 7 / 561 : « عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله : إن المسلمين يمصرون بعدي أمصاراً ، ومما يمصرون مصراً يقال لها البصيرة فإن أنت وردتها فإياك ومقصفها وسوقها وباب سلطانها فإنها سيكون بها خسف ومسخ وقذف . آية ذلك الزمان أن يموت العدل ويفشو فيها الجور ويكثر فيها الزنا ويفشو فيها شهادة الزور » .
أقول : لا يمكن الاعتماد على هذه الروايات ، بعد أن شهد أهل البيت عليهم السلام بعدم وثاقة أنس ، وكذا أبو بكرة أخ زياد بن أبيه ، كما أن البغوي حكم بوضع الحديث الأخير ، وكذا ابن الجوزي ، وإن كان ابن حجر دافع عنه كما في هامش مصابيح البغوي : 3 / 486 ، فينبغي التوقف فيه ، لأن دواعي الوضع فيه وفي أمثاله قوية !
إخبار أمير المؤمنين عليه السلام عن ثورة الزنج بالبصرة
أوردنا في فصل الدجال الخطبة المنسوبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، التي رواها ابن ميثم البحراني في شرح نهج البلاغة : 1 / 289 ، خطبة 13 ، وهي مرسلة وفيها ذم البصرة وإخبارعن أحداث ستقع فيها مثل قوله : « كأني أنظر إلى قريتكم هذه وقد طبقها الماء حتى ما يرى منها إلا شُرف المسجد كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر ! فقام إليه الأحنف بن قيس فقال : يا أمير المؤمنين ومتى يكون ذلك ؟ قال : يا أبا بحر إنك لن تدرك ذلك الزمان وإن بينك وبينه لقروناً ، ولكن ليبلغ الشاهد منكم الغائب عنكم لكي يبلغوا إخوانهم إذا هم رأوا البصرة قد تحولت أخصاصها دوراً وآجامها قصوراً فالهرب الهرب فإنه لا بصيرة لكم يومئذ . ثم التفت عن يمينه فقال : كم بينكم وبين الأبلة ؟ فقال له المنذر بن الجارود : فداك أبي وأمي ، أربعة فراسخ ، قال له : صدقت فوالذي بعث محمداً وأكرمه بالنبوة وخصه بالرسالة وعجل بروحه إلى الجنة لقد سمعت منه كما تسمعون مني أن قال : يا علي هل علمت أن بين التي تسمى البصرة والتي تسمى الأبلة أربعة فراسخ ، وقد يكون في التي تسمى الأبلة موضع أصحاب العشور ، يقتل في ذلك الموضع من أمتي سبعون ألفاً شهيدهم يومئذ بمنزلة شهداء بدر ! فقال له المنذر : يا أمير المؤمنين ومن يقتلهم فداك أبي وأمي ؟ قال : يقتلهم إخوان الجن وهم جيل كأنهم الشياطين ، سود ألوانهم منتنة أرواحهم شديد كلبهم قليل سلبهم ، طوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه ، ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم هم أذلة عند المتكبرين من أهل ذلك الزمان مجهولون في الأرض معروفون في السماء تبكي السماء عليهم وسكانها والأرض وسكانها .
ثم هملت عيناه بالبكاء ثم قال : ويحك يا بصرة من جيش لارهج له ولا حس ! قال له المنذر : يا أمير المؤمنين وما الذي يصيبهم من قبل الغرق مما ذكرت ، وما الويح ، وما الويل ؟ فقال : هما بابان فالويح باب الرحمة والويل باب العذاب ، يا ابن الجارود نعم ، ثارات عظيمة منها عصبة يقتل بعضها بعضاً ، ومنها فتنة تكون بها خراب منازل وخراب ديار وانتهاك أموال ، وقتل رجال وسبي نساء ، يذبحن ذبحاً ، يا ويل أمرهن حديث عجب » . الخ .
وهي خطبة مرسلة لاسند لها ، فلا يمكن الأخذ بها ، ما عدا القسم الأول إلى قوله عليه السلام : « كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر » فهو مشهور رواه المحدثون والمؤرخون ، ويؤيده كلامه عليه السلام الذي يذكر فيه ثورة الزنج .
وقد شهد الرواة والمؤرخون أن أمير المؤمنين عليه السلام وصف ثورتهم قبل وقوعها بثلاثة قرون ، ومن ذلك خطبته في نهج البلاغة شرح الصالح / 148 خطبة 102 ، قال فيها : « فتن كقطع الليل المظلم ، لا تقوم لها قائمة ، ولا ترد لها راية ، تأتيكم مزمومة مرحولة ، يحفزها قائدها ويجهدها راكبها ، أهلها قوم شديد كلبهم قليل سلبهم ، يجاهدهم في سبيل الله قوم أذلة عند المتكبرين ، في الأرض مجهولون وفي السماء معروفون ، فويل لك يا بصرة عند ذلك ، من جيش من نقم الله لا رهج له ولا حس وسيبتلى أهلك بالموت الأحمر ، والجوع الأغبر » . وابن أبي الحديد : 7 / 102 .
قال الشريف الرضي رحمه الله : يومئ بذلك إلى صاحب الزنج ، ثم قال عليه السلام : ويل لسكككم العامرة والدور المزخرفة التي لها أجنحة كأجنحة النسور ، وخراطيم كخراطيم الفيلة ، من أولئك الذين لا يندب قتيلهم ولا يفقد غائبهم » . انتهى .
وقد انطبقت الأوصاف التي ذكرها عليه السلام على قائد ثورة الزنج ، وكانت ثورتهم ردة فعل على الظلم والترف واضطهاد العبيد . وعامة جيشه من الزنوج الحفاة الذين لاخيل لهم ، وادعى أنه علوي ، ورد النسابون دعواه .
روايات غرق البصرة
أما غرق البصرة فقال عليه السلام في الخطبة رقم 13 : « كنتم جند المرأة ، وأتباع البهيمة ، رغا فأجبتم ، وعقر فهربتم . أخلاقكم دقاق ، وعهدكم شقاق ، ودينكم نفاق ، وماؤكم زعاق . المقيم بينكم
مرتهن بذنبه ، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه . كأني بمسجدكم كجؤجؤ سفينة ، وقد بعث الله عليها العذاب من فوقها ، ومن تحتها ، وغرق من في ضمنها » .
وتنطبق هذه الأحداث على غرق البصرة الذي قال عنه في شرح النهج : 1 / 253 : « فأما إخباره عليه السلام أن البصرة تغرق ما عدا المسجد الجامع بها ، فقد رأيت من يذكر أن كتب الملاحم تدل على أن البصرة تهلك بالماء الأسود ينفجر من أرضها ، فتغرق ويبقى مسجدها . والصحيح أن المخبر به قد وقع ، فإن البصرة غرقت مرتين ، مرة في أيام القائم بأمر الله غرقت بأجمعها ، ولم يبق منها إلا مسجدها الجامع بارزاً بعضه كجؤجؤ الطائر حسب ما أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام . جاءها الماء من بحر فارس من جهة الموضع المعروف الآن بجزيرة الفرس ، ومن جهة الجبل المعروف بجبل السنام وخربت دورها وغرق كل ما في ضمنها ، وهلك كثير من أهلها ، وأحد هذين الغرقين معروفة عند أهل البصرة ، يتناقله خلفهم عن سلفهم » .
روايات خراب البصرة
روايات خراب البصرة ثلاثة أنواع : خرابها بالغرق ، وخرابها بثورة الزنج ، وخرابها بالخسف والتدمير . وقد وقع الخرابان الأولان في زمن العباسيين . أما خرابها الذي عدوه من علامات ظهور المهدي عليه السلام فعمدة رواياته اثنتان : الأولى : ما رواه المفيد رحمه الله في الإرشاد / 361 ، عن الصادق عليه السلام : « يزجر الناس قبل قيام القائم عليه السلام عن معاصيهم بنار تظهر في السماء وحمرة تجلل السماء ، وخسف ببغداد ، وخسف ببلدة البصرة ، ودماء تسفك بها وخراب دورها وفناء يقع في أهلها ، وشمول أهل العراق خوف لا يكون لهم معه قرار » . ومثله إعلام الورى / 429 ، وعنهما إثبات الهداة : 3 / 733 ، و / 742 ، وفيه : وخسف بمنارة البصرة . وهو يدل على أنه الخسف محدود بمكان فهو غير ائتفاكها وانقلاب أسفلها أعلاها . فإن صحت تدل على أن الخسف الذي هو علامة للظهور في مكان منها .
والثانية : أن البصرة من المؤتفكات المذكورة في القرآن ، أي المدن المنقلبات بأهلها بالخسف والعقاب الإلهي ، وأنها ائتفكت ثلاث مرات وبقيت الرابعة . ففي البحار : 60 / 224 ، وغيره أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في خطبته في البصرة : « يا منذر ، إن للبصرة ثلاثة أسماء سوى البصرة في زبر الأول ، لا يعلمها إلا العلماء ، منها الخريبة ومنها تدمر ومنها المؤتفكة . . . إلى أن قال : يا أهل البصرة ، إن الله لم يجعل لأحد من أمصار المسلمين خطة شرف ولاكرم إلا وقد جعل فيكم أفضل من ذلك ، وزادكم من فضله بمنه ما ليس لهم . أنتم أقوم الناس قبلة ، قبلتكم على المقام حيث يقوم الإمام بمكة ، وقارؤكم أقرأ الناس ، وزاهدكم أزهد الناس ، وعابدكم أعبد الناس ، وتاجركم أتجر الناس وأصدقهم في تجارته ، ومتصدقكم أكرم الناس صدقة ، وغنيكم أشد الناس بذلاً وتواضعاً ، وشريفكم أكرم الناس خلقاً ، وأنتم أكثر الناس جواراً ، وأقلهم تكلفاً لما لا يعنيه ، وأحرصهم على الصلاة في جماعة ، ثمرتكم أكثر الثمار ، وأموالكم أكثر الأموال ، وصغاركم أكيس الأولاد ، ونساؤكم أمنع الناس وأحسنهن تبعلاً ، سخر لكم الماء يغدو عليكم ويروح صلاحاً لمعاشكم ، والبحر سبباً لكثرة أموالكم ، فلو صبرتم واستقمتم لكانت شجرة طوبى لكم مقيلاً وظلاً ظليلاً ، غير أن حكم الله ماض وقضاءه نافذ لامعقب لحكمه ، وهو سريع الحساب ، يقول الله : وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً .
إلى أن قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي يوماً وليس معه غيري : إن جبرئيل الروح الأمين حملني على منكبه الأيمن حتى أراني الأرض ومن عليها وأعطاني أقاليدها ، وعلمني ما فيها وما قد كان على ظهرها ، وما يكون إلى يوم القيامة ، ولم يكبر ذلك علىّ كما لم يكبر على أبي آدم ، علمه الأسماء كلها ولم تعلمها الملائكة المقربون . وإني رأيت على شاطئ البحر قرية تسمى البصرة ، فإذا هي أبعد الأرض من السماء وأقربها من الماء ، وإنها لأسرع الأرض خراباً ، وأخشنها تراباً وأشدها عذاباً . ولقد خسف بها في القرون الخالية مراراً ، وليأتين عليها زمان وإن لكم يا أهل البصرة وما حولكم من القرى من الماء ليوماً عظيما بلاؤه . وإني لأعلم موضع منفجره من قريتكم هذه . ثم أمور قبل ذلك تدهمكم عظيمة أخفيت عنكم وعلمناها ، فمن خرج عنها عند دنو غرقها فبرحمة من الله سبقت له ، ومن بقي فيها غير مرابط فبذنبه » .
وروى في الكافي : 8 / 179 ، أن أبا بصير سأل الإمام الصادق عليه السلام عن قوله عز وجل : وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ؟ فقال : هم أهل البصرة هي المؤتفكة قلت : وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ؟ قال : أولئك قوم لوط ائتفكت عليهم انقلبت عليهم » .
وفي تفسير القمي : 2 / 383 : « المؤتفكات البصرة ، والخاطئة فلانة » .
وقد روت ائتفاك البصرة المصادر السنية ، ففي الأربعين البلدانية لابن عساكر : 1 / 436 ، ومعجم البلدان : 1 / 436 : « لما قدم أمير المؤمنين عليه السلام البصرة بعد وقعة الجمل ارتقى منبرها فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أهل البصرة ، يا بقايا ثمود ، يا أتباع البهيمة ، يا جند المرأة ، رغا فاتبعتم ، وعقر فانهزمتم ! أما إني ما أقول ما أقول رغبة ولا رهبة منكم ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : تفتح أرض يقال لها البصرة أقْوَمُ أرض الله قبلةً ، قارؤها أقرأ الناس وعابدها أعبد الناس وعالمها أعلم الناس ، ومتصدقها أعظم الناس صدقة . منها إلى قرية يقال لها الأبلة أربعة فراسخ ، يستشهد عند مسجد جامعها وموضع عشورها ثمانون ألف شهيد ، الشهيد يومئذ كالشهيد يوم بدر معي . وهذا الخبر بالمدح أشبه .
وفي رواية أخرى أنه رقي المنبر فقال : يا أهل البصرة ويا بقايا ثمود ، يا أتباع البهيمة ويا جند المرأة ، رغا فاتبعتم وعقر فانهزمتم ، دينكم نفاق ، وأحلامكم دقاق ، وماؤكم زعاق .
يا أهل البصرة والبصيرة والسبخة والخريبة ، أرضكم أبعد أرض الله من السماء وأقربها من الماء ، وأسرعها خراباً وغرقاً . ألا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : أما علمت أن جبريل حمل جميع الأرض على منكبه الأيمن فأتاني بها ، ألا إني وجدت البصرة أبعد بلاد الله من السماء وأقربها من الماء وأخبثها تراباً وأسرعها خراباً ، ليأتين عليها يوم لا يرى منها إلا شرفات جامعها كجوجؤ السفينة في لجة البحر . ثم قال : ويحك يا بصرة ويلك من جيش لا غبار له . فقيل يا أمير المؤمنين : ما الويح وما الويل ؟ فقال : الويح والويل بابان فالويح رحمة والويل عذاب .
وفي رواية : أن علياً رضي الله عنه لما فرغ من وقعة الجمل دخل البصرة فأتى مسجدها الجامع ، فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ثم قال : أما بعد فإن الله ذو رحمة واسعة ، فما ظنكم يا أهل البصرة ! يا أهل السبخة ، يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثاً وعلى الله الرابعة .
يا جند المرأة . . . إلى آخر ما تقدم . . ثم قال : انصرفوا إلى منازلكم وأطيعوا الله وسلطانكم . وخرج حتى صار إلى المربد والتفت وقال : الحمد لله الذي أخرجني من شر البقاع تراباً ، وأسرعها خراباً » .
وفي شرح مسلم للنووي : 1 / 153 : « قال صاحب المطالع : ويقال لها تدمر ويقال لها المؤتفكة ، لأنها ائتفكت بأهلها في أول الدهر » . وفي الفائق : 3 / 260 : « أنس : البصرة إحدى المؤتفكات ، فانزل في ضواحيها ، وإياك والملكة » . مَلك الطريق ومَلَكتُه : وسطه .
وفي الأربعين البلدانية : 5 / 219 : « في كلام أمير المؤمنين في ذم أهل البصرة . . . فهذا يدل على أن الائتفاك الانقلاب وليس بعلم لموضع بعينه ، إلا أن يكون لما انقلبت المؤتفكة ، سمي كل منقلب مؤتفكاً ، وصح من الاسم الصريح فعلاً » . ونحوه البدء والتاريخ / 436 .
وفي تفسير القمي : 2 / 339 : « المؤتفكة : البصرة ، والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام : يا أهل البصرة ويا أهل المؤتفكة ، ياجند المرأة وأتباع البهيمة ، رغا فأجبتم وعُقر فهربتم ، ماؤكم زعاق ، وأحلامكم رقاق ، وفيكم ختم النفاق ، ولُعنتم على لسان سبعين نبياً ! إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أن جبرئيل أخبره أنه طُويَت له الأرض فرأى البصرة أقرب الأرضين من الماء ، وأبعدها من السماء ، وفيها تسعة أعشار الشر والداء العضال ، المقيم فيها مذنب ، والخارج منها متدارك برحمة ، وقد ائتفكت بأهلها مرتين وعلى الله تمام الثالثة ، وتمام الثالثة في الرجعة » .
وقد ذكرنا أن خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في البصرة مرسلة ، لا يمكن الأخذ بها ، ولو صح مضمونها في الجملة ، وأن البصرة ائتفكت في الماضي وستأتفك في المستقبل ، فلم يرد في أي نص منها تحديذ زمن ذلك أو أنه من علامات ظهورالإمام المهدي عليه السلام .
وقد حددته رواية تفسير القمي بأنه في الرجعة ، والرجعة قد تكون بعد دولة الإمام المهدي عليه السلام بقرون طويلة .
ويؤيد ذلك أن بعض رواياتها ذكرت أنه الخسف الموعود بقوله تعالى : وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً . وهذا أمرٌ عام قد يكون في الرجعة قبل القيامة ، ولا يختص بالبصرة .
الشيصباني طاغية العراق قبل السفياني
النعماني / 302 : « عن جابر الجعفي قال : سألت أبا جعفر الباقر عليه السلام عن السفياني فقال : وأنى لكم بالسفياني حتى يخرج قبله الشيصباني ، يخرج من أرض كوفان ، ينبع كما ينبع الماء ، فيقتل وفدكم ، فتوقعوا بعد ذلك السفياني ، وخروج القائم عليه السلام » . والشيصباني : الشيطاني ، ويستعمله الأئمة عليهم السلام للطواغيت . وأرض كوفان : العراق . ينبع كما ينبع الماء : أي يكون حكمه فجأة غير متوقع . يقتل وفدكم : أي وجهاء المؤمنين الذين يتقدمون الوفد ، ويكون قبل السفياني بقليل لقوله عليه السلام : فتوقعوا بعد ذلك السفياني . وهذه الصفات تنطبق على صدام ظاهراً ، فإن خرج بعده السفياني في الشام ، في عصرنا أو نحوه ، يكون صدام قطعاً شيصباني العراق الموعود .
الحسني الموعود
ورد ذكر الحسني في عدة أحاديث فبعضها ذكر الحسني النفس الزكية ، وقد عرفت أن النفس الزكية ثلاثة أشخاص : في ظهر الكوفة ، والمدينة ، ومكة . وبعضها ذكر حسنياً يقتل ، وقد يكون نفس الحسني الذي في ظهر الكوفة . وبعضها ذكر حسني المدينة وحسني مكة .
وقد اشتهر بين الناس أن الحسني هو الخراساني ، لكن لم أجد صلة الحسني بإيران في أي نص صحيح .
قال المفيد في الإرشاد : 2 / 368 : « فمنها « العلامات » : خروج السفياني وقتل الحسني » فهو يدل على قتل زعيم حسني ولم يعين بلده ، ويحتمل أن يكون من العراق .
وروى الطوسي في الغيبة / 280 ، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل أن الحسني يخرج من الحجازعند حركة الإمام المهدي عليه السلام إلى العراق ، ويدَّعي أنه هو المهدي ، ثم يعترف به ويسير معه ، قال : « يدخل المهدي الكوفة . . . ويخطب ولا يدري الناس وهو قول رسول الله صلى الله عليه وآله : كأني بالحسني والحسيني وقد قاداها فيسلمها إلى الحسيني فيبايعونه . فإذا كانت الجمعة الثانية قال الناس : يا ابن رسول الله ، الصلاة خلفك تضاهي الصلاة خلف رسول الله والمسجد لا يسعنا . . » .
وقال ابن طاووس / 145 : « ويلحقه الحسني في اثني عشر ألفاً ، فيقول له : أنا أحق بهذا الأمرمنك فيقول له : هات علامات دالة ، فيومئ إلى الطير فيسقط على كتفه ، ويغرس القضيب الذي بيده فيخضرويعشوشب . فيسلم إليه الحسني الجيش ويكون الحسني على مقدمته ، وتقع الصيحة بدمشق إن أعراب الحجاز قد جمعوا لكم » .
ونحوه رواية مرسلة في عقد الدرر / 90 : « وتسير الجيوش حتى تصير بوادي القرى في هدوء ورفق ، ويلحقه هناك ابن عمه الحسني في اثني عشر ألف فارس فيقول : يا ابن عم أنا أحق بهذا الجيش منك ، أنا ابن الحسن وأنا المهدي . فيقول المهدي : بل أنا المهدي . فيقول الحسني : هل لك من آية فنبايعك ؟ فيومئ المهدي إلى الطير فتسقط على يده ، ويغرس قضيباً في بقعة من الأرض فيخضر ويورق ، فيقول له الحسني : يا ابن عم هي لك . ويسلم إليه جيشه ويكون على مقدمته ، واسمه على اسمه » .
ونحوه في إلزام الناصب : 2 / 178 ، من خطبة البيان ، وفيها : « ثم يسير بالجيوش ، حتى يصير إلى العراق والناس خلفه وأمامه ، على مقدمته رجل اسمه عقيل ، وعلى ساقته رجل اسمه الحارث ، فيلحقه رجل من أولاد الحسن في اثني عشر ألف فارس ويقول : يا ابن العم أنا أحق منك بهذا الأمر ، لأني من ولد الحسن وهو أكبر من الحسين فيقول المهدي : إني أنا المهدي . فيقول له : هل عندك آية أو معجزة أو علامة ؟ فينظر المهدي إلى طير في الهواء فيومئ إليه فيسقط في كفه ، فينطق بقدرة الله تعالى ويشهد له بالإمامة ، ثم يغرس قضيباً يابساً في بقعة من الأرض ليس فيها ماء فيخضر ويورق ، ويأخذ جلموداً كان في الأرض من الصخر ، فيفركه بيده ويعجنه مثل الشمع ، فيقول الحسني : الأمر لك ، فيسلم وتسلم جنوده » . انتهى .
فهذا كل ما ورد في الحسني ، وقد ضخم بعضهم رواياته وحمَّلها ما لا تحتمل ! بل ادعى بعضهم في العراق أنه هو الحسني ، وأنه وزير الإمام المهدي عليه السلام ، ولا يصح شئ من ذلك ، ولوصح وجود الحسني لكان شخصاً في أول أمره مخالفاً للإمام المهدي عليه السلام .
عوف السلمي الذي يخرج قبل السفياني
وقد ورد فيه رواية مرسلة في غيبة الطوسي / 270 : « عن حذلم بن بشير قال : « قلت لعلي بن الحسين عليه السلام : صف لي خروج المهدي ، وعرفني دلائله وعلاماته ، فقال : يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي ، بأرض الجزيرة ، ويكون مأواه تكريت وقتله بمسجد دمشق . ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند ، ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس ، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان ، فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ، ثم يخرج بعد ذلك » .
أقول : قد يكون عوف السلمي هذا خارجاً على الحكومة السورية ، وإن صحت روايته فهو قبل السفياني بمدة غير طويلة . أما الجزيرة التي هي مركز حركته فهي اسم لمنطقة عند الحدود العراقية السورية ، فهذا هو المعنى المفهوم للجزيرة في كتب التاريخ والحديث عندما تطلق بدون إضافة . وتسمى أيضاً جزيرة ربيعة ولا يفهم منها جزيرة العرب إلا بإضافة . والظاهر أن معنى مأواه تكريت أنها ملجأه في فراره ، ويؤيد ذلك أنها قريبة من مركز حركته في الجزيرة .
والموجود في البحار وغيبة الطوسي « تكريت » فيكون ما ورد في بعض النسخ بدلها « ومأواه بكريت أو بكويت » مصحفاً عن تكريت . وتنص الرواية على أنه يقتل بعدها في مسجد دمشق ، فيكون خروجه من أحداث بلاد الشام ، وله صلة بالعراق .
أزمة الجوع والخوف والقتل قبيل ظهوره عليه السلام
في مسند أحمد : 2 / 262 ، عن أبي هريرة : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : منعت العراق قفيزها ودرهمها ، ومنعت الشام مدها ودينارها ، ومنعت مصر إردبها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم ، وعدتم من حيث بدأتم ! وقال : يشهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه ، قال أبو عبد الرحمن : سمعت يحيى بن معين ، وذكر أبا كامل فقال : كنت آخذ منه ذا الشأن ، وكان أبو كامل بغدادياً من الأمناء » .
وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي : 2 / 386 : « عن أبي نضرة قال : كنا عند جابر بن عبد الله فقال : يوشك أهل العراق أن لايجبى إليهم قفيز ولا درهم ، قلنا : من أين ذلك ؟ قال : من قبل العجم يُمنعون ذاك . ثم قال : يوشك أهل الشام أن لايجبى إليهم دينار ولا مد . قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل الروم » .
وفي السنن في الفتن : 6 / 1118 : « عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : مَنَعت العراق درهمها وقفيزها ، ومَنَعت الشام مدها ودينارها ، ومَنَعت مصر إردبَّها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم ! ثلاث مرات » . انتهى .
ومعناه أنه ستحدث أزمة اقتصادية على العرب ، فتمنع وصول المواد التموينية من العراق والشام ومصر إلى الحجاز ، ويرجع المسلمون إلى فقرهم قبل الإسلام . وإذا صحَّ الحديث فهو يتكلم عن مصادر تموين الحجاز في ذلك العصر ! وليس فيه ربط بالإمام المهدي عليه السلام ولعل سبب ربطهم به أنه ورد في رواية مسلم وأحمد في كلام جابر ، ثم تكلم بعده عن الإمام المهدي عليه السلام . قال أحمد في مسنده : 3 / 316 : « عن أبي نضرة قال : كنا عند جابر بن عبد الله قال : يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم ، قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل العجم يمنعون ذلك . ثم قال : يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مد ، قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل الروم يمنعون ذاك . قال : ثم أمسك هنيهة ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثواً لا يعده عداً . قال الجريري فقلت لأبي نضرة وأبي العلاء : أتريانه عمر بن عبد العزيز ؟ فقالا : لا » . ومثله في مسلم : 8 / 185 . لكن لا دليل فيه على ارتباط بالمهدي عليه السلام !
على أن الحاكم رواه « 4 / 454 » بدون ذكر المهدي عليه السلام وفي آخره : « والذي نفسي بيده ليعودن الأمر كما بدأ ، ليعودن كل إيمان إلى المدينة كما بدأ منها ، حتى يكون كل إيمان بالمدينة . »
لكن مصادرنا روت هذه الأزمة بشكل آخر ، ففي النعماني / 251 ، والعياشي : 1 / 68 ، عن الثمالي قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَئْ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ قال : ذلك جوع خاص وجوع عام ، فأما بالشام فإنه عام ، وأما الخاص بالكوفة يخص ولا يعم ، ولكنه يخص بالكوفة أعداء آل محمد فيهلكهم الله بالجوع . وأما الخوف فإنه عام بالشام وذاك الخوف إذا قام القائم ، وأما الجوع فقبل قيام القائم عليه السلام ، وذلك قوله : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَئْ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ » .
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال : « يزجر الناس قبل قيام القائم عن معاصيهم بنار تظهر لهم في السماء ، وحمرة تجلل السماء وخسف ببغداد ، وخسف ببلدة البصرة ، ودماء تسفك بها ، وخراب دورها وفناء يقع في أهلها . وشمول أهل العراق خوف لا يكون معه قرار » .
وفي كمال الدين : 2 / 649 : « عن الإمام الصادق عليه السلام قال : إن قدام القائم علامات تكون من الله عز وجل للمؤمنين ، قلت : ما هي جعلني الله فداك ؟ قال : ذلك قول الله عز وجل : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ : يعني المؤمنين قبل خروج القائم عليه السلام بِشَئْ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ : قال : يبلوهم بشئ من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم ، والجوع بغلاء أسعارهم . وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ : قال : كساد التجارات وقلة الفضل . ونقص من الأنفس ، قال : موت ذريع . ونقص من الثمرات قال : قلة ريع ما يزرع .
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ عند ذلك بتعجيل خروج القائم عليه السلام . ثم قال لي : يا محمد هنا تأويله إن الله تعالى يقول : وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ » .
وفي النعماني / 250 : « عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لابد أن يكون قدام القائم سنة يجوع فيها الناس ويصيبهم خوف شديد من القتل ، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، فإن ذلك في كتاب الله لبين ، ثم تلا هذه الآية : نَبْلُوَنَّكُمْ بِشَئْ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ » .
ومعنى اختصاص الجوع بأعداء أهل البيت عليهم السلام في العراق ، أنه تكون أزمة ، تعاني منها مناطق من العراق دون مناطق . ومعنى قدام القائم عليه السلام : قريب ظهوره .
نزول قوات الروم الغربية في العراق
في غيبة الطوسي / 278 : « عن عمار بن ياسر أنه قال : إن دولة أهل بيت نبيكم في آخر الزمان ولها أمارات ، فإذا رأيتم فالزموا الأرض وكفوا حتى تجئ أماراتها ، فإذا استثارت عليكم الروم والترك وجهزت الجيوش ، ومات خليفتكم الذي يجمع الأموال ، واستخلف بعده رجل صحيح فيخلع بعد سنين من بيعته ، ويأتي هلاك ملكهم من حيث بدأ ، ويتخالف الترك والروم وتكثر الحروب في الأرض ، وينادي مناد من سور دمشق : ويل لأهل الأرض من شر قد اقترب ، ويخسف بغربي مسجدها حتى يخرحائطها . ويظهر ثلاثة نفر بالشام كلهم يطلب الملك : رجل أبقع ورجل أصهب ، ورجل من أهل بيت أبي سفيان ، يخرج في كلب ويحصر الناس بدمشق ، ويخرج أهل الغرب إلى مصر ، فإذا دخلوا فتلك أمارة السفياني ، ويخرج قبل ذلك من يدعو لآل محمد عليهم السلام .
وتنزل الترك الحيرة وتنزل الروم فلسطين ، ويسبق عبدُ الله عبدَ الله حتى يلتقي جنودهما بقرقيسيا على النهر ، ويكون قتال عظيم ، ويسير صاحب المغرب فيقتل الرجال ويسبي النساء ، ثم يرجع في قيس حتى ينزل الجزيرة السفياني ، فيسبق اليماني ويحوز السفياني ما جمعوا . ثم يسير إلى الكوفة فيقتل أعوان آل محمد صلى الله عليه وآله ويقتل رجلاً من مسميهم . ثم يخرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح .
وإذا رأيتم أهل الشام قد اجتمع أمرها على ابن أبي سفيان ، فالحقوا بمكة ، فعند ذلك تقتل النفس الزكية وأخوه بمكة ضيعةً ، فينادي مناد من السماء : أيها الناس إن أميركم فلان ، وذلك هو المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً » . انتهى .
ولم يسندوا كلام عمار إلى النبي صلى الله عليه وآله كما أن صحة السند إلى عمار محل إشكال . لكن مضامينه وردت في أحاديث مسندة وهو يدل على تحرك للروم والترك سنة الظهور . لأنه جعل تحركهما علامة للمهدي عليه السلام .
ومعنى : استثارت : تحركت من ذاتها على بلاد المسلمين طمعاً فيها . ومعنى : يتخالف الترك والروم ، أي في صراعهم على النفوذ والسيطرة بعد أن كانوا متحالفين . وتكثر الحروب في الأرض : أي في مناطقها المختلفة ، وهذا موجود في عصرنا وقبله ، فلا تكاد قارة تخلو من حرب أو أكثر ، وذلك بسبب استثارة الروم ، وتحريك اليهود وإشعالهم فتيل الحروب . ويظهر أن صاحب المغرب والقيسي واليماني قادة فئات مسلحة ، تشارك في الحرب في قرقيسيا .
هذا ، وعدَّ المفيد رحمه الله من علامات الظهور ربط خيل المغرب بفناء الحيرة ، أي يستقر جيشهم قرب الكوفة والنجف . في الإرشاد : 2 / 368 : « فيحتمل أن تكون هذه القوات الغربية قبل السفياني . أما رايات المشرق الخراسانية فهي التي تدخل مع قوات اليماني لنصرة المهدي عليه السلام في سنة ظهوره عليه السلام . وكذا بثق الفرات وفيضانه في الكوفة » .
هدم سور مسجد الكوفة
وقد عدَّه المفيد رحمه الله في علامات الظهور ، ورواه النعماني / 276 : « عن خالد القلانسي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا هدم حائط مسجد الكوفة من مؤخره مما يلي دار ابن مسعود ، فعند ذلك زوال ملك بني فلان ، أما إن هادمه لا يبنيه » .
وفي غيبة الطوسي / 283 : « حتى انتهى « أمير المؤمنين عليه السلام » إلى مسجد الكوفة وكان مبنياً بخزف ودنان وطين فقال : ويل لمن هدمك ، وويل لمن سهَّل هدمك ، وويل لبانيك بالمطبوخ ، المغير قبلة نوح ، طوبى لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي ، أولئك خيار الأمة مع أبرار العترة » .
أقول : هذه العلامة صريحة باتصالها بظهور الإمام صلوات الله عليه ، نعم قد يناقش في وقت هدم جدار المسجد وهل هو في سنة الظهور أم قبلها بسنوات ؟
قوات السفياني أو القوات السورية في العراق
يرسل السفياني حاكم سوريا قوة عسكرية إلى الحجازوأخرى إلى العراق ، وتسمى في الأحاديث جيش السفياني ، يعني الجيش السوري المنتدب لحفظ الأمن في المدينة المنورة ، وشبيهه في العراق ، ولا تذكر الروايات من الذي ينتدبه ، ولعلها الدول الكبرى !
وأحاديث هذين الجيشين كثيرة في مصادر الطرفين ، تتحدث عن خبرهما ، ويعرف جيشه الذي يرسله إلى الحجاز بجيش الخسف ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وقف في مكان وأخبرعنه وقال سيخسف به هنا ، ونزلت فيه آية .
أما وقت دخول جيش السفياني إلى المدينة والعراق ، فتذكر بعض الروايات أنه في رمضان بعد حكم السفياني لسوريا في رجب .
روى النعماني / 306 : « عن يونس بن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إذا خرج السفياني يبعث جيشاً إلينا وجيشاً إليكم ، فإذا كان كذلك ، فأتونا على كل صعب وذلول » .
ولا يعني ذلك أن السفياني يحكم العراق ، ولا أنه يجب على المؤمنين أن يتركوا له الساحة ، بل هو توجيه لبعض أصحابهم الخاصين أن يغادروا العراق إلى الحجاز لنصرة الإمام المهدي عليه السلام .
وفي تفسير القمي : 2 / 205 : « فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني فيأمر الله الأرض فتأخذ أقدامهم ، وهو قوله : وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيب : يعني بالقائم من آل محمد عليهم السلام . وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ » .
وقد حاول رواة السلطة تحريف جيش السفياني بتضخيمه ونسج الكذب عليه ، كما في رواية ابن حماد : 1 / 291 : « عن أبي جعفر عليه السلام قال : إذا ظهر الأبقع مع قوم ذوي أجسام ، فتكون بينهم ملحمة عظيمة ، ثم يظهر الأخوص السفياني الملعون فيقاتلهما جميعاً ، فيظهر عليهما جميعاً ، ثم يسير إليهم منصوراليماني من صنعاء بجنوده ، وله فورة شديدة يستقل الناس قبل الجاهلية ، فيلتقي هو والأخوص وراياتهم صفر وثيابهم ملونة ، فيكون بينهما قتال شديد ، ثم يظهر الأخوص السفياني عليه ، ثم يظهر الروم وخروج إلى الشام ، ثم يظهر الأخوص ، ثم يظهر الكندي في شارة حسنة ، فإذا بلغ تل سما فأقبل ثم يسير إلى العراق . وترفع قبل ذلك اثنتا عشرة راية بالكوفة معروفة منسوبة ، ويقتل بالكوفة رجل من ولد الحسن أو الحسين ، يدعو إلى أبيه ، ويظهر رجل من الموالي ، فإذا استبان أمره وأسرف في القتل قتله السفياني » .
والحشو في هذه الرواية ظاهر ، وأمثالها كثير !
الزرقاوي هو صاحب السفياني ؟
غيبة الطوسي / 273 ، و 450 : « عن عمر بن أبان الكلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كأني بالسفياني أو بصاحب السفياني قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة ، فنادى مناديه : من جاء برأس شيعة عليٍّ فله ألف درهم ، فيثب الجارعلى جاره ويقول : هذا منهم ، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم ! أما إن إمارتكم يومئذ لا تكون إلا لأولاد البغايا ، وكأني أنظر إلى صاحب البرقع ! قلت : ومن صاحب البرقع ؟ فقال : رجل منكم يقول بقولكم ، يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولاتعرفونه ، فيغمز بكم رجلاً رجلاً ، أما إنه لا يكون إلا ابن بغي » !
وبهامشه : « في البحار ونسخ خطية من غيبة الطوسي : بصاحب السفياني » .
أقول : معنى صاحب السفياني أنه مقدمة له في عمله ضد أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم ، ولا يلزم أن يكون زمن خروجه متصلاً بخروج السفياني ، فقد يكون قبله بفترة ، فيمكن انطباقه على الزرقاوي ، لأنه أعطى على رأس الشيعي ألف دولار ! ويؤيده الحديث الصحيح بأنه يخرج قبل السفياني مقدمة له مصري ويماني فيمكن انطباقه على الظواهري المصري وابن لادن اليماني .
ضعف رواية دخول جيش السفياني إلى إيران
قال ابن حماد : 1 / 308 : « عن أرطاة قال : يدخل السفياني الكوفة فيسبيها ثلاثة أيام ويقتل من أهلها ستين ألفاً ، ثم يمكث فيها ثماني عشرة ليلة ، يقسم أموالها . ودخوله مكة بعد ما يقاتل الترك والروم بقرقيسيا . . وتقبل الرايات السود حتى تنزل على الماء ، فيبلغ من بالكوفة من أصحاب السفياني نزولهم فيهربون ، ثم ينزل الكوفة حتى يستنقذ من فيها من بني هاشم .
ويخرج قوم من سواد الكوفة يقال لهم العُصب ، ليس معهم سلاح إلا قليل ، وفيهم نفر من أهل البصرة فيدركون أصحاب السفياني فيستنقذون ما في أيديهم من سبي الكوفة . وتبعث الرايات السود بالبيعة إلى المهدي » .
وروى ابن حماد : 1 / 321 : « ، شبيها بحشو هذه الرواية عن شريح بن عبيد ، وراشد بن سعد ، وضمرة بن حبيب ، ومشايخهم قالوا : يبعث السفياني خيله وجنوده ، فيبلغ عامة الشرق من أرض خراسان وأرض فارس . . » .
وهذه كما ترى أقوال أشخاص وفيها تهافت ، فلا يمكن الأخذ بها ، وهي تعكس أمنيات أتباع بني أمية أن تحتل قواتهم خراسان والعراق !
ضعف رواية معركة إصطخر قرب الأهواز
ابن حماد : 1 / 302 : « عن أبي رومان ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة بعث في طلب أهل خراسان ، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي فيلتقي هو والهاشمي برايات سود ، على مقدمته شعيب بن صالح ، فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر ، فتكون بينهم ملحمة عظيمة فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني ، فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه . ومثل ذلك قوله : يلتقي السفياني والرايات السود ، فيهم شاب من بني هاشم في كفه اليسرى خال ، وعلى مقدمته رجل من بني تميم يقال له شعيب بن صالح بباب إصطخر ، فتكون بينهم ملحمة » .
أقول : قد أكثر ابن حماد من روايات أقوال رواته الأمويين بدون سند ، في تضخيم جيش السفياني ، وزعموا أنه يسيطر على العراق ويدخل خراسان . ولا يمكن قبول هذه الرواة لأنها مرسلة مقطوعة ، ومهمة جيش السفياني محدودة بحفظ الأمن في المدينة وفي منطقة من العراق .
وروى في مختصر البصائر / 199 : رواية سماها خطبة المخزون ، فيها تضخيم لدور السفياني في العراق كمراسيل ابن حماد وأقاويل رواته ، وذكر فيها أن السفياني يقصد الكوفة بجيشه البالغ مئة وثمانين ألفاً ، ويقتل سبعين ألفاً . وهذا من أمنيات الأمويين وخيالاتهم . ولا يمكن قبول ذلك .
يفتح الإمام المهدي عليه السلام العراق ويتخذه عاصمة له
وأحاديثه كثيرة في مصادر الجميع ، وأنه يحرر العراق من بقايا قوات السفياني ومجموعات الخوارج ، ويتخذه قاعدة له وعاصمة لدولته . ولم أجد تحديداً دقيقاً لوقت دخوله عليه السلام إلى العراق ، لكنه يكون بعد بضعة شهور من ظهوره المقدس في مكة ، وتحرير الحجاز كله . وتصف بعض الروايات دخوله إلى العراق جواً وكأنه بسرب من الطائرات !
فعن الإمام الباقر عليه السلام : « ينزل القائم يوم الرجفة بسبع قباب من نور لا يعلم في أيها هو ، حتى ينزل ظهر الكوفة . وفي رواية : إنه نازل في قباب من نور حين ينزل بظهر الكوفة على الفاروق ، فهذا حين ينزل » . « تفسير العياشي : 1 / 103 » .
وتقدم في فصل أصحابه عليه السلام أن قواته تدخل إلى العراق مشياً :
« قال أبو جعفر عليه السلام : إذا قام القائم بمكة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه : ألا لا يحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً ، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وَقْرُ بعير ، ولا ينزل منزلاً إلا انبعث عين منه ، فمن كان جائعاً شبع ، ومن كان ظمآناً روي ، فهو زادهم حتى نزلوا النجف من ظهر الكوفة » .
« ويحمل معه حجر موسى بن عمران الذي انبجست منه اثنتا عشرة عيناً ، فلا ينزل منزلاً إلا نصبه فانبعثت منه العيون . . انبعث منه الماء واللبن دائماً ، فمن كان جائعاً شبع ، ومن كان عطشاناً رُوي » . « البصائر 188 / «
فهو يرسل جيشه براً بقيادة أحد أصحابه ، ويدخل هو عليه السلام جواً في سبع قباب من نور .
وفي البحار : 52 / 387 : « عن علي بن الحسين عليه السلام قال : يقتل القائم عليه السلام من أهل المدينة حتى ينتهي إلى الأجفر « مكان بين المدينة والعراق » ويصيبهم مجاعة شديدة ، قال : فيصبحون وقد نبتت لهم ثمرة يأكلون منها ويتزودون منها ، وهو قوله تعالى شأنه : وَآيَةٌ لَهُمُ الأرض الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ، ثم يسير حتى ينتهي إلى القادسية ، وقد اجتمع الناس بالكوفة وبايعوا السفياني » .
أقول : يشكل على هذه الرواية بأن الإمام عليه السلام يذهب إلى العراق جواً ، وجيشه يكون معهم حجر موسى عليه السلام . ، إلا أن يأتي الامام إلى ذلك المكان بعد دخوله العراق .
يدخل العراق وفيه ثلاث رايات قد اضطربت فيما بينها
تذكر الأحاديث أنه يدخل الكوفة ، أي العراق ، وفيه ثلاث اتجاهات متضاربة وهي الاتجاه المؤيد له عليه السلام والبترية والخوارج . فعن عمرو بن شمر عن الإمام الباقر عليه السلام قال : « ذُكر المهدي عليه السلام فقال : يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت فتصفو له . ويدخل حتى يأتي المنبر فلا يدري الناس ما يقول من البكاء ، فإذا كانت الجمعة الثانية سأله الناس أن يصلي بهم يوم الجمعة ، فيأمر أن يخط له مسجد على الغري ويصلي بهم هناك ، ثم يأمر من يحفر من ظهر مشهد الحسين عليه السلام نهراً يجري إلى الغريين ، حتى ينزل الماء في النجف ، ويعمل على فوهته القناطير والأرحاء ، فكأني بالعجوز على رأسها مكتل فيه بُر ، تأتي تلك الأرحاء فتطحنه بلا كرى » . « الإرشاد للمفيد / 362 » .
أقول : هذه الصورة للمرأة تطحن حنطتها مجاناً في مطاحن نهر الفرات ، صورة من عصر الإمام الباقر عليه السلام ، وإذا صحت الرواية فهو يريد تقريب المعنى بصورة من عصره .
وفي غيبة الطوسي / 280 : « عن ثابت ، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل جاء فيه قوله عليه السلام : يدخل المهدي الكوفة . . ويخطب ولا يدري الناس ما يقول من البكاء ! وهو قول رسول الله صلى الله عليه وآله كأني بالحسني والحسيني وقد قاداها فيسلمها إلى الحسيني فيبايعونه ، فإذا كانت الجمعة الثانية قال الناس : يا ابن رسول الله الصلاة خلفك تضاهي الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وآله والمسجد لا يسعنا ، فيقول : أنا مرتادٌ لكم ، فيخرج إلى الغري فيخط مسجداً له ألف باب يسع الناس ، عليه أصيص ، ويبعث فيحفر من خلف قبر الحسين عليه السلام لهم نهراً يجري إلى الغريين حتى ينبذ في النجف ، ويعمل على فوهته قناطر وأرحاء في السبيل ، وكأني بالعجوز وعلى رأسها مكتل فيه بر حتى تطحنه بلا كراء » .
وفي البحار : 100 / 385 ، عن كتاب الفضل بن شاذان : فيجري خلف قبر الحسين عليه السلام نهراً يجري إلى الغري حتى يجري في النجف » . الخ . والبناء الأصيص : المحكم .
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : « يبني في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب ، وتتصل بيوت الكوفة بنهري كربلاء والحيرة ، حتى يخرج الرجل على بغلة سفواء يريد الجمعة فلا يدركها » . « الغيبة للطوسي / 280 » . والسفواء : الخفيفة السريعة ، أي يركب وسيلة خفيفة سريعة فلا يدرك صلاة الجمعة ، لأنه لا يجد محلاً فارغاً للصلاة .
وفي أمالي الصدوق / 189 مجلس / 40 : « عن الأصبغ بن نباتة قال : بينا نحن ذات يوم حول أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة إذ قال : يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل بما لم يحب به أحداً ، ففضل مصلاكم وهو بيت آدم وبيت نوح وبيت إدريس ومصلى إبراهيم الخليل ومصلى أخي الخضر ومصلاي . وإن مسجدكم هذا أحد الأربعة المساجد التي اختارها الله عز وجل لأهلها ، وكأني به يوم القيامة في ثوبين أبيضين ، شبيه بالمحرم يشفع لأهله ولمن صلى فيه فلا ترد شفاعته . ولا تذهب الأيام حتى ينصب فيه الحجر الأسود . وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي من ولدي ، ومصلى كل مؤمن ، ولا يبقى على الأرض مؤمن إلا كان به أو حن قلبه إليه ، فلا تهجروه وتقربوا إلى الله عز وجل بالصلاة فيه ، وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم ، فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض ولو حبواً على الثلج » .
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج : 10 / 13 : « ومن عجيب ما وقفت عليه من ذلك قوله في الخطبة التي يذكر فيها الملاحم ، وهو يشير إلى القرامطة : ينتحلون لنا الحب والهوى ويضمرون لنا البغض والقلى ، وآية ذلك قتلهم وراثنا وهجرهم أحداثنا ! وصح ما أخبر به لأن القرامطة قتلت من آل أبي طالب عليه السلام خلقاً كثيراً .
وفي هذه الخطبة قال وهو يشير إلى السارية التي كان يستند إليها في مسجد الكوفة : كأني بالحجر الأسود منصوباً هاهنا ، ويحهم إن فضيلته ليست في نفسه بل في موضعه وأسه ، يمكث ها هنا برهةً ثم ها هنا برهة ، وأشار إلى البحرين ، ثم يعود إلى مأواه وأم مثواه ! ووقع الأمر في الحجر الأسود بموجب ما أخبر به » .
ينزل الإمام عليه السلام في النجف أولاً
تذكر الأحاديث أن الإمام المهدي عليه السلام عندما يدخل العراق ، يدخل إلى النجف ، ثم يتجه إلى مسجد السهلة ، وقد أوردنا في الفصل الثاني عشر حديث كامل الزيارات / 119 ، والعياشي : 2 / 56 ، في نصره عليه السلام بالملائكة .
وفي البحار : 52 / 308 : « عن الكابلي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : يُبايع القائم بمكة على كتاب الله وسنة رسوله ، ويستعمل على مكة ، ثم يسير نحو المدينة فيبلغه أن عامله قتل ، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة ولا يزيد على ذلك . ثم ينطلق فيدعو الناس بين المسجدين إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله والولاية لعلي بن أبي طالب والبراءة من عدوه ، حتى يبلغ البيداء فيخرج إليه جيش السفياني فيخسف الله بهم .
وفي خبر آخر : يخرج إلى المدينة فيقيم بها ما شاء ، ثم يخرج إلى الكوفة ويستعمل عليها رجلاً من أصحابه ، فإذا نزل الشفرة جاءهم كتاب السفياني إن لم تقتلوه لأقتلنَّ مقاتليكم ولأسبينَّ ذراريكم ، فيقبلون على عامله فيقتلونه ، فيأتيه الخبر فيرجع إليهم فيقتلهم ويقتل قريشاً حتى لا يبقى منهم إلا أكلة كبش ، ثم يخرج إلى الكوفة ، ويستعمل رجلاً من أصحابه ، فيقبل وينزل النجف » .
وفي دلائل الإمامة / 243 : « عن أمير المؤمنين عليه السلام : كأنني به قد عبر من وادي السلام إلى مسجد السهلة ، على فرس محجل له شمراخٌ يزهر ، ويدعو ويقول في دعائه : لا إله إلا الله حقاً حقاً ، لا إله إلا الله إيماناً وصدقاً ، لا إله إلا الله تعبداً ورقاً ، اللهم معين كل مؤمن وحيد ، ومذل كل جبار عنيد ، أنت كهفي حين تعييني المذاهب وتضيق عليَّ الأرض بما رحبت ، اللهم خلقتني وكنت عن خلقي غنياً ، ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين . يا مُبَعْثِرَ الرحمة من مواضعها ، ومخرج البركات من معادنها ، ويا من خص نفسه بشموخ الرفعة فأولياؤه بعزه يتعززون ، يامن وضعت له الملوك نير المذلة على أعناقها فهم من سطوته خائفون ، أسألك باسمك الذي قصرت عنه خلقك فكل لك مذعنون ، أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد ، وأن تنجز لي أمري ، وتعجل لي الفرج ، وتكفيني وتعافيني ، وتقضي حوائجي ، الساعة الساعة الليلة الليلة ، إنك على كل شئ قدير » .
وفي تفسير العياشي : 1 / 103 ، والنعماني / 308 : « عن أبي جعفر عليه السلام قال : يا أبا حمزة كأني بقائم أهل بيتي قد علا نجفكم ، فإذا علا فوق نجفكم نشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله ، فإذا نشرها انحطت عليه ملائكة بدر . قلت : وما راية رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : عمودها من عمد عرش الله ورحمته ، وسايرها من نصر الله ، لايهوي بها إلى شئ إلا أهلكه الله ! قلت : فمخبوءة عندكم حتى يقوم القائم عليه السلام أم يؤتى بها ؟ قال : لا بل يؤتى بها ، قلت : من يأتيه بها ؟ قال : جبرئيل عليه السلام » .
وفي أمالي المفيد / 45 : « عن أبي خالد الكابلي قال : قال لي علي بن الحسين عليه السلام : يا أبا خالد لتأتين فتن كقطع الليل المظلم لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه ، أولئك مصابيح الهدى وينابيع العلم ، ينجيهم الله من كل فتنة مظلمة . كأني بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان ، في ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله ، وإسرافيل أمامه ، معه راية رسول الله صلى الله عليه وآله قد نشرها ، لايهوي بها إلى قوم إلا أهلكهم الله عز وجل » .
وفي الإرشاد / 362 : « عن أبي جعفر عليه السلام : كأني بالقائم على نجف الكوفة قد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله والمؤمنون بين يديه ، وهو يفرق الجنود في البلاد » .
وفي غيبة الطوسي / 275 : « عن أبي جعفر عليه السلام : إذا دخل القائم الكوفة لم يبق مؤمن إلا وهو بها أو يجئ « يحنُّ » إليها .
ملاحظات
أولاً : يلفتنا في أحاديث العراق أن الإمام عليه السلام يدخله في سبع قباب من نور كأنه سرب طائرات . ويرسل جيشه مشياً ومعهم حجر موسى عليه السلام ، وهومعجزة لتموينهم .
ثانياً : يظهرعلى العالم بأجهزة جديدة ، ومعجزات ! ففي حديث كامل الزيارات الصحيح / 119 قال الإمام الصادق عليه السلام : « كأني بالقائم على نجف الكوفة ، وقد لبس درع رسول الله صلى الله عليه وآله فينتفض هو بها فتستديرعليه فيغُشِّيها بحداجة من إستبرق ، ويركب فرساً أدهم بين عينيه شمراخ ، فينتفض به انتفاضة لا يبقى أهل بلد إلا وهم يرون أنه معهم في بلادهم ، فينشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله ، عمودها من عمود العرش وسائرها من نصر الله ، لا يهوي بها إلى شئ أبداً إلا هتكه الله ، فإذا هزها لم يبق مؤمن إلا صار قلبه كزبر الحديد » .
وتقدمت الرواية في أن راية النبي صلى الله عليه وآله نُشرت آخر مرة في حرب الجمل بالبصرة ، ثم شاء الله تعالى أن يكون نشرها بيد المهدي عليه السلام عند قبرأميرالمؤمنين عليه السلام ، ومعها ملائكتها ، ووسائل قوة ربانية !
وذكرت بعض الروايات أن الإمام عليه السلام يستخرج أسلحة وتجهيزات له من أرض النجف والكوفة ، أو يؤتى له بها إلى هناك ! ففي ملاحم ابن المنادي / 64 ، أن أمير المؤمنين عليه السلام قال :
« وإني لأعلم إلى من تُخرج الأرض ودايعها ، وتسلم إليه خزائنها ، ولو شئت أن أضرب برجلي فأقول أخرجوا من هاهنا بيضاً ودروعاً » ! أي خوذاً ، وآلات حرب .
وفي الإختصاص / 334 : « عن الإمام الصادق عليه السلام قال : إذا قام القائم أتى رحبة الكوفة فقال برجله هكذا ، وأومأ بيده إلى موضع ، ثم قال : إحفروا هاهنا فيحفرون فيستخرجون اثني عشر ألف درع ، واثني عشر ألف سيف ، واثني عشر ألف بيضة ، لكل بيضة وجهان ، ثم يدعو اثني عشر ألف رجل من الموالي من العرب والعجم فيلبسهم ذلك ، ثم يقول : [ إذهبوا ] من لم يكن عليه مثل ما عليكم فاقتلوه » .
وسيأتي في خبر الخوارج البترية أن أمير المؤمنين عليه السلام : « خرج يمشي حتى انتهى إلى باب قصر الإمارة بالكوفة ، فركض رجله فتزلزلت الأرض ، ثم قال : أما والله لقد علمت ما هاهنا ، أما والله لو قد قام قائمنا لأخرج من هذا الموضع اثني عشر ألف درع واثني عشر ألف بيضة ، لها وجهان ، ثم ألبسها اثني عشر ألف رجلاً من ولد العجم ، ثم ليأمرهم ليقتلن كل من كان على خلاف ما هم عليه ، وإني أعلم ذلك وأراه كما أعلم هذا اليوم » .
وذكرت الروايات أن الإمام عليه السلام يرسل هؤلاء الاثني عشر ألفاً إلى مدينة فيها الخوارج ، ويقول لهم : من لم يكن لابساً مثلكم فاقتلوه . وهذه الأسلحة والتجهيزات كرامة إلهية ، وقد تكون للإمام عليه السلام مصانع للأسلحة ، ويكون خبأها هناك .
ثالثاً : وصفت الأحاديث ناراً تقع بالكوفة عند ظهورالمهدي عليه السلام ، وقد تكون ناراً حقيقية أو تعبيراً عن قوة عسكرية تضرب أعداءه عليه السلام . ففي غيبة النعماني / 272 ، عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى : سَأل سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاِقع ، قال : « تأويلها فيما يأتي : عذاب يقع في الثوية يعني ناراً حتى ينتهي إلى الكناسة كناسة بني أسد حتى تمر بثقيف ، لا تدع وتراً لآل محمد إلا أحرقت ، وذلك قبل خروج القائم عليه السلام » . وعنه عليه السلام « الكافي : 8 / 206 » في قوله تعالى : بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ، قال : قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم ، فلايدعون وتراً لآل محمد صلى الله عليه وآله إلا قتلوه » .
وروى القمي في تفسيره « 2 / 385 » : « سئل أبو جعفر عليه السلام عن معنى سَأَلَ سَائِلٌ . . فقال : نار تخرج من المغرب ، وملك يسوقها من خلفها حتى تأتي دار بني سعد بن همام عند مسجدهم ، فلا تدع داراً لبني أمية إلا أحرقتها وأهلها ولا داراً فيها وتر لآل محمد إلا أحرقتها ، وذلك المهدي عليه السلام » .
أقول : إن صحت هذه الروايات فالمرجح أن تلك النار والأحداث على أعدائه تكون قرب دخوله إلى العراق . أما دار سعد بن همام فمحلة بالكوفة ، ففي تاريخ الكوفة / 454 ، والفوائد الرجالية : 1 / 229 : « جمع من روى الحديث من آل أعين فكانوا ستين رجلاً . وحدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن لاحق الشيباني عن مشايخه : أن بني أعين بقوا أربعين سنة أربعين رجلاً لا يموت منهم رجل إلا ولد فيهم غلام ، وهم على ذلك يستولون على دور بني شيبان في خطة بني سعد بن همام ، ولهم مسجد الخطة يصلون فيه ، وقد دخله سيدنا أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام وصلى فيه » .
وسعد هذا يروي عن أبي هريرة « التحقيق في أحاديث الخلاف لابن الجوزي : 1 / 425 » . ودار سعد قد تكون هنا رمزاً لأعداء الإمام المهدي ، لأنهم مضرب المثل في الشر ! قال في خزانة الأدب « 7 / 415 » : « وسمير وعبد الله وعمرو ، أولاد سعد بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان ، وهم سيارة مَرَدَة ، ليس يأتون على شئ إلا أفسدوه » .
وروى النعماني في الغيبة / 279 : « عن أبي جعفر عليه السلام قال : يا جابر لا يظهر القائم حتى يشمل الناس بالشام فتنة يطلبون المخرج منها فلا يجدونه ، ويكون قتل بين الكوفة والحيرة قتلاهم على سواء ، وينادي مناد من السماء » .
وإن صحت الرواية فهي من أحداث العراق المتزامنة مع فتنة الشام أو بعدها .
الإمام المهدي عليه السلام هو الآخذ بثأر الحسين عليه السلام
في كامل الزيارات / 336 : « عن الحلبي قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : لما قتل الحسين عليه السلام سمع أهلنا قائلاً يقول بالمدينة : اليوم نزل البلاء على هذه الأمة ، فلا ترون فرجاً حتى يقوم قائمكم فيشفي صدوركم ويقتل عدوكم ، وينال بالوتر أوتاراً » .
وفي كامل الزيارات / 63 : « عن محمد بن سنان ، عن رجل قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً ؟ قال : ذلك قائم آل محمد يخرج فيقتل بدم الحسين عليه السلام فلو قتل أهل الأرض لم يكن مسرفاً ، وقوله : فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ : لم يكن ليصنع شيئاً يكون سرفاً . ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : يقتل والله ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائها » .
الكافي : 1 / 465 : « عن محمد بن حمران قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لما كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان ، ضجت الملائكة إلى الله بالبكاء وقالت : يفعل هذا بالحسين صفيك وابن نبيك ؟ قال : فأقام الله لهم ظل القائم وقال : بهذا أنتقم لهذا » .
وفي الكافي : 1 / 534 : « عن كرَّام قال : حلفت فيما بيني وبين نفسي ألا آكل طعاماً بنهار أبداً حتى يقوم قائم آل محمد ، فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له : رجل من شيعتكم جعل لله عليه ألا يأكل طعاماً بنهار أبداً حتى يقوم قائم آل محمد ؟
قال : فصم إذاً يا كرام ولا تصم العيدين ولا ثلاثة التشريق ، ولا إذا كنت مسافراً ولا مريضاً ، فإن الحسين عليه السلام لما قتل عجَّت السماوات والأرض ومن عليهما والملائكة فقالوا : يا ربنا ائذن لنا في هلاك الخلق حتى نُجِدَّهم عن جديد الأرض بما استحلوا حرمتك وقتلوا صفوتك ! فأوحى الله إليهم : يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي أسكنوا ، ثم كشف حجاباً من الحجب فإذا خلفه محمد صلى الله عليه وآله واثنا عشر وصياً له ، وأخذ بيد فلان القائم من بينهم فقال : يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي ، بهذا أنتصر لهذا . قالها ثلاث مرات » .
وفي علل الشرايع / 160 : « عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام : يا ابن رسول الله لم سمي علي عليه السلام أمير المؤمنين وهو إسمٌ ما سمي به أحد قبله ، ولا يحل لأحد بعده ؟ قال : لأنه ميرة العلم يُمتار منه ولا يُمتار من أحد غيره . قال : فقلت : يا ابن رسول الله ، فلم سمي سيفه ذا الفقار ؟ فقال عليه السلام : لأنه ما ضرب به أحد من خلق الله إلا أفقره من هذه الدنيا من أهله وولده ، وأفقره في الآخرة من الجنة . قال : فقلت : يا ابن رسول الله فلستم كلكم قائمين بالحق ؟ قال : بلى . قلت : فلم سمي القائم قائماً ؟ قال : لما قتل جدي الحسين عليه السلام ضجت عليه الملائكة إلى الله تعالى بالبكاء والنحيب ، وقالوا : إلهنا وسيدنا أتغفل عمن قتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك ؟ فأوحى الله عز وجل إليهم : قروا ملائكتي فوعزتي وجلالي لأنتقمن منهم ولو بعد حين . ثم كشف الله عز وجل عن الأئمة من ولد الحسين عليه السلام للملائكة فسَُّرت الملائكة بذلك ، فإذا أحدهم قائم يصلي فقال الله عز وجل : بذلك القائم أنتقم منهم » .
وفي غيبة الطوسي / 115 : « عن الفضيل بن الزبير قال : سمعت زيد بن علي يقول : هذا المنتظر من ولد الحسين بن علي في ذرية الحسين وفي عقب الحسين عليه السلام . وهو المظلوم الذي قال الله تعالى : ومَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً : قال : وليه رجل من ذريته من عقبه ثم قرأ : وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ . . . فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ : قال : سلطانه حجته على جميع من خلق الله تعالى ، حتى يكون له الحجة على الناس ، ولا يكون لأحد عليه حجة » .
وفي تفسير القمي : 2 / 84 : « عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا : قال : إن العامة يقولون نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخرجته قريش من مكة ، وإنما هي للقائم عليه السلام إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السلام ، وهو قوله : نحن أولياء الدم وطلاب الدية » .
وفي مناقب آل أبي طالب : 4 / 85 : « عن الإمام زين العابدين عليه السلام في قصة قتل الملك الروماني ليحيى بن زكريا عليه السلام وكيف سلط الله عليهم من قتل منهم على دمه سبعين ألفاً ! جاء فيه قول الحسين عليه السلام : يا ولدي يا علي ، والله لا يسكن دمي حتى يبعث الله المهدي فيقتل على دمي من المنافقين الكفرة الفسقة سبعين ألفاً » .
وفي تفسير العياشي : 2 / 290 : « عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً : قال : هو الحسين بن علي عليه السلام قتل مظلوماً ونحن أولياؤه ، والقائم منا إذا قام طلب بثأر الحسين فيَقتل حتى يقال قد أسرف في القتل . وقال : المقتول الحسين عليه السلام ووليه القائم ، والإسراف في القتل : أن يقتل غير قاتله . إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً : فإنه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل من آل رسول الله صلى الله عليه وآله يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً » .
وفي الكافي : 4 / 170 : « عن رزين قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لما ضُرب الحسين بن علي بالسيف فسقط ثم ابتدر ليقطع رأسه ، نادى مناد من بطنان العرش : ألا أيتها الأمة المتحيرة الضالة بعد نبيها ، لا وفقكم الله لأضحى ولا لفطر ! قال : ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : فلا جرم والله ما وفقوا ولا يوفقون حتى يثأر ثائر الحسين عليه السلام » .
تفسير فرات / 122 : « عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً : قال : سمى الله المهدي المنصور ، كما سمى أحمد محمداً ، وكما سمى عيسى المسيح عليه السلام » .
وفي تفسير القمي : 2 / 87 : « وَمَنْ عَاقَبَ : يعني رسول الله صلى الله عليه وآله بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ : يعني حسيناً أرادوا أن يقتلوه . ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ : يعني بالقائم من ولده » .
الخوارج على الإمام المهدي عليه السلام
تدل الأحاديث على أن الحركات المضادة للإمام عليه السلام هم جماعة السفياني والبترية ، وأنه عليه السلام يستعمل معهم الشدة تنفيذاً لعهد جده صلى الله عليه وآله . . ففي النعماني / 231 : « عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له : صالحٌ من الصالحين سَمِّه لي أريد القائم عليه السلام ، فقال : اسمه اسمي ، قلت : أيسير بسيرة محمد صلى الله عليه وآله ؟ قال : هيهات هيهات يا زرارة ما يسير بسيرته ! قلت : جعلت فداك لمَ ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله سار في أمته بالمنِّ كان يتألف الناس ، والقائم يسير بالقتل ، بذاك أمر في الكتاب الذي معه ، أن يسير بالقتل ولايستتيب أحداً ، ويلٌ لمن ناواه » . وفي النعماني / 169 : « عن عبد الله بن عطاء قال : قلت لأبي جعفر الباقر عليه السلام : أخبرني عن القائم عليه السلام ، فقال : والله ما هو أنا ، ولا الذي تمدون إليه أعناقكم . لا تعرف ولادته . قلت : بما يسير ؟ قال : بما سار به رسول الله صلى الله عليه وآله هَدَرَ ما قبله واستقبل » .
وفي النعماني / 299 : « عن يعقوب السراج قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ثلاث عشرة مدينة وطائفة ، يحارب القائم أهلها ويحاربونه : أهل مكة ، وأهل المدينة ، وأهل الشام ، وبنو أمية ، وأهل البصرة ، وأهل دست ميسان ، والأكراد ، والأعراب ، وضبة ، وغنى ، وباهلة ، وأزد ، وأهل الري » .
وقد يكون المعنى أن أعداء الإمام عليه السلام يكونون كأهل هذه البلاد في ذلك العصر ، حيث كانوا أعداء لأهل البيت عليهم السلام .
البتريون أول الخوارج على الإمام عليه السلام
أول خارجة على الإمام المهدي عليه السلام في العراق ، البترية الذين يقولون نتولى أهل البيت عليهم السلام ولا نتبرأ من ظالميهم !
ففي دلائل الإمامة / 241 : « عن أبي الجارود أنه سأل الإمام الباقر عليه السلام : متى يقوم قائمكم ؟ قال : يا أبا الجارود لاتدركون ! فقلت : أهل زمانه ؟ فقال : ولن تدرك أهل زمانه ! يقوم قائمنا بالحق بعد إياس من الشيعة ، يدعو الناس ثلاثاً فلا يجيبه أحد ، فإذا كان اليوم الرابع تعلق بأستار الكعبة فقال : يا رب انصرني ، ودعوته لا تسقط ، فيقول تبارك وتعالى للملائكة الذين نصروا رسول الله يوم بدر ولم يحطوا سروجهم ولم يضعوا أسلحتهم فيبايعونه ، ثم يبايعه من الناس ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلاً ! يسير إلى المدينة فيسير الناس ، ويسير إلى الكوفة فيخرج منها ستة عشر ألفاً من البترية شاكين في السلاح ، قراء القرآن ، فقهاء في الدين ، قد قرحوا جباههم وشمروا ثيابهم ، وعمهم النفاق ، وكلهم يقولون : يا ابن فاطمة إرجع لا حاجة لنا فيك ، فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشية الاثنين من العصر إلى العشاء ، فيقتلهم أسرع من جزر جزور ، فلا يفوت منهم رجل ، ولا يصاب من أصحابه أحد ، دماؤهم قربان إلى الله .
ثم يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتى يرضى الله تعالى . قال فلم أعقل المعنى ، فمكثت قليلاً ، ثم قلت : جعلت فداك وما يدريه متى يرضى الله عز وجل ؟ قال : يا أبا الجارود إن الله أوحى إلى أم موسى وهو خير من أم موسى ، وأوحى الله إلى النحل وهو خير من النحل ، فعقلت المذهب فقال لي : أعقلت المذهب ؟ قلت : نعم » .
وفي الإرشاد / 364 : « روى أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل أنه قال : إذا قام القائم سار إلى الكوفة ، فيخرج منها بضعة عشر ألفاً يدعون البترية عليهم السلاح ، فيقولون له : إرجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة ، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم . ثم يدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب ويهدم قصورها ، ويقتل مقاتلتها حتى يرضى الله عز وعلا » .
وفي البحار : 52 / 387 : « من كتاب الفضل عن أبي عبد الله عليه السلام قال : يقدم القائم عليه السلام حيت يأتي النجف فيخرج إليه من الكوفة جيش السفياني وأصحابه والناس معه ، وذلك يوم الأربعاء ، فيدعوهم ويناشدهم حقه ، ويخبرهم أنه مظلوم مقهور ويقول : من حاجني في الله فأنا أولى الناس بالله ، إلى آخر ما تقدم من هذا ، فيقولون : إرجع من حيث شئت لا حاجة لنا فيك ، قد خبرناكم واختبرناكم ، فيتفرقون من غير قتال . فإذا كان يوم الجمعة يعاود فيجئ سهم فيصيب رجلاً من المسلمين فيقتله فيقال : إن فلاناً قد قتل ، فعند ذلك ينشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله ، فإذا نشرها انحطت عليه ملائكة بدر ، فإذا زالت الشمس هبَّت الريح له فيحمل عليهم هو وأصحابه ، فيمنحهم الله أكتافهم ويولون ، فيقتلهم حتى يدخلهم أبيات الكوفة وينادي مناديه : ألا لا تتبعوا مولياً ولا تجهزوا على جريح ، ويسير بهم كما سارعلي عليه السلام يوم البصرة » .
أقول : لعل أكثر هؤلاء البترية أصلهم شيعة ، وهم يخطِّئون الإمام عليه السلام لإعلانه موقفه من أبي بكر وعمر ، لأن ذلك برأيهم خطأ ، يسبب للإمام عليه السلام خسارة شعبية . وتدل الأحاديث ومنطق الأمورعلى أن تلك الفترة تكون فترة تحول في الولاءات إلى الإمام عليه السلام وعنه ! ففي غيبة النعماني / 317 : « عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : أخبرني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول : إذا خرج القائم خرج من هذا الأمر من كان يرى أنه من أهله ، ودخل فيه شبه عبدة الشمس والقمر » .
ويدل النص التالي على أن البترية كعبدة الأوثان لأنهم يعبدون أشخاصاً ولا يعبدون الله تعالى ، ففي غيبة الطوسي / 273 : « عن أبي بصير : قال أبو عبد الله عليه السلام : لينصرن الله هذا الأمر بمن لا خلاق له ، ولو قد جاء أمرنا لقد خرج منه من هو اليوم مقيم على عبادة الأوثان » .
آخر خارجة تخرج عليه من المقدادية في بعقوبة !
ذكرت الأحاديث أن خوارج رميلة الدسكرة آخر فئات الخوارج على المهدي عليه السلام وأخطرهم ، وأن قائدهم يكون فرعوناً وشيطاناً ، وهو من الموالي أي غير العرب !
ففي مروج الذهب « 2 / 418 » : « باب ذكر حروبه عليه السلام مع أهل النهروان : ثم ركب ومرَّ بهم وهم صرعى ، فقال : لقد صرعكم من غرَّكم ، قيل : ومن غرَّهم ؟ قال : الشيطان وأنفس السوء . فقال أصحابه : قد قطع الله دابرهم إلى آخر الدهر ، فقال : كلا والذي نفسي بيده ، وإنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء ، لا تخرج خارجة إلا خرجت بعدها مثلها ، حتى تخرج خارجة بين الفرات ودجلة مع رجل يقال له الأشمط ، يخرج إليه رجل منا أهل البيت فيقتله . ولا تخرج بعدها خارجة إلى يوم القيامة » . والأشمط : الذي في شعر رأسه بياض وسواد .
وفي صحيح ابن أبي شيبة : 8 / 673 : « عن عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي : قال علي : إن آخر خارجة تخرج في الإسلام بالرميلة رميلة الدسكرة ، فيخرج إليهم ناس فيقتلون منهم ثلثاً ويدخل ثلث ويتحصن ثلث في الدير دير مرمار ، فمنهم الأشمط ، فيحصرهم الناس فينزلونهم فيقتلونهم . فهي آخر خارجة تخرج في الإسلام » .
وفي البصائر / 336 : « عن يونس بن ظبيان عن الإمام الصادق عليه السلام : أول خارجة خرجت على موسى بن عمران بمرج دابق وهو بالشام ، وخرجت على المسيح بحرَّان وخرجت على أمير المؤمنين عليه السلام بالنهروان ، وتخرج على القائم بالدسكرة دسكرة الملك . ثم قال لي : كيف مالح دير بين ماكي مالح ، يعني عند قريتك وهو بالنبطية ، وذاك أن يونس كان من قرية دير بين ما ، يقال : الدسكرة التي عند دير بين ما » .
أقول : دسكرة الملك : في محافظة بعقوبة بالعراق قرب المقدادية ، بل يبدو أنها المقدادية نفسها . وفي أنساب السمعاني « 2 / 476 » : « يقال لها دسكرة الملك ، وهي قرية كبيرة تنزلها القوافل ، نزلت بها في التوجه والانصراف وبتُّ بها ليلتين » . وفي معجم البلدان : 2 / 455 : « قرية في طريق خراسان قريبة من شهرابان ، وهي دسكرة الملك ، كان هرمز بن سابور بن أردشير بن بابك يكثر المقام بها ، فسميت بذلك » .
وفي غيبة الطوسي / 283 : « عن الفضل بن شاذان عن أبي بصير ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال : إذا قام القائم دخل الكوفة وأمر بهدم المساجد الأربعة حتى يبلغ أساسها ويصيرها عريشاً كعريش موسى ، وتكون المساجد كلها جَمَّاء لا شُرَفَ لها ، كما كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ، ويوسع الطريق الأعظم فيصير ستين ذراعاً ، ويهدم كل مسجد على الطريق ، ويسد كل كوة إلى الطريق وكل جناح وكنيف وميزاب إلى الطريق ، ويأمر الله الفلك في زمانه فيبطئ في دوره حتى يكون اليوم في أيامه كعشرة من أيامكم ، والشهر كعشرة أشهر ، والسنة كعشر سنين من سنيكم .
ثم لا يلبث إلا قليلاً حتى يخرج عليه مارقة الموالي برميلة الدسكرة عشرة آلاف ، شعارهم :
يا عثمان يا عثمان ، فيدعو رجلاً من الموالي فيقلده سيفه فيخرج إليهم فيقتلهم حتى لا يبقى منهم أحد ، ثم يتوجه إلى كابل شاه وهي مدينة لم يفتحها أحد قط غيره ، فيفتحها ، ثم يتوجه إلى الكوفة فينزلها وتكون داره ، ويبهرج سبعين قبيلة من قبائل العرب » . ومارقة الموالي : أي من غير العرب ، أو قائدهم غيرعربي .
وذكرت رواية أن آخر خارجة على الإمام عليه السلام تكون في الكوفة ، ففي تفسير العياشي : 2 / 56 ، عن عبد الأعلى الحلبي ، عن الإمام الباقر عليه السلام من حديث طويل : « والله لكأني أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر ، ثم ينشد الله حقه ثم يقول : يا أيها الناس : من يحاجني في الله فأنا أولى الناس بالله ، ومن يحاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم . يا أيها الناس : من يحاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح . يا أيها الناس : من يحاجني في إبراهيم فأنا أولى بإبراهيم . يا أيها الناس : من يحاجني في موسى فأنا أولى الناس بموسى . يا أيها الناس : من يحاجني في عيسى فأنا أولى الناس بعيسى . يا أيها الناس : من يحاجني في محمد فأنا أولى الناس بمحمد صلى الله عليه وآله . يا أيها الناس : من يحاجني في كتاب الله فأنا أولى بكتاب الله ، ثم ينتهى إلى المقام . . . قال أبو جعفر عليه السلام : يقاتلون والله حتى يُوَحَّدَ الله ولا يُشرك به شيئاً ، وحتى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ولا ينهاها أحد ، ويخرج الله من الأرض بذرها ، وينزل من السماء قطرها . . . فبينا صاحب هذا الأمر قد حكم ببعض الأحكام وتكلم ببعض السنن ، إذ خرجت خارجة من المسجد يريدون الخروج عليه ، فيقول لأصحابه : انطلقوا فتلحقوا بهم في التمارين فيأتونه بهم أسرى فيأمر بهم فيذبحون . وهي آخر خارجة تخرج على قائم آل محمد صلى الله عليه وآله » . ويحتمل أن يكون هؤلاء جزءً من خوارج رميلة الدسكرة ، فيقبض عليهم في الكوفة .
تصفية الإمام عليه السلام للعراق وتطهيره من أعدائه
بعد القضاء على آخرخارجة في التاريخ ، يتنفس العراق الصعداء في ظل سلطة الإمام المهدي عليه السلام ، ويدخل حياة جديدة بصفته عاصمة الإمام عليه السلام ، ومحط أنظار العالم . ثم تصبح الكوفة والسهلة والحيرة والنجف وكربلاء محلات لمدينة واحدة ، يتردد ذكرها على ألسنة شعوب العالم وقلوبهم ، ويقصدها القاصدون من أقاصي المعمورة ليلة الجمعة ، ويبكرون لأداء صلاة الجمعة خلف المهدي عليه السلام في مسجده العالمي ذي الألف باب ، فلا يكاد المسلم يجد موضعاً للصلاة بين ملايين القاصدين . والأحاديث عن التطور في مركز عاصمته عليه السلام كثيرة ، لا يتسع لها المجال هنا .
وبتصفيته العراق وضمه إلى دولته ، تكون دولته عليه السلام شملت اليمن والحجاز وإيران والعراق ، ومعها بلاد الخليج . وفي تلك الفترة يأتيه الخراساني وقائد جيشه شعيب ، فيبايعه ويسلمه راية إيران . ويبدو أن مظاهرات المسلمين في تركيا المؤيدة للإمام عليه السلام تجبرحكومتهم على أن يطلبوا منه إرسال ممثل له ليحل المشكلة بينها وبين الناس ، فيرسل أحد أصحابه إلى تركيا ، ويتفقون على حكومة موالية للإمام عليه السلام .
وبذلك يتفرغ لأعدائه الخارجيين ، فيتوجه على رأس جيشه إلى الشام حتى ينزل مرج عذراء قرب دمشق ، استعداداً للمعركة مع السفياني ووراءه واليهود والروم ، وهي معركة فتح القدس ، كما يأتي في أحداث حركة ظهوره عليه السلام .
عاصمته عليه السلام الكوفة ، وسيكون لكربلاء شأن عظيم
عاصمته عليه السلام الكوفة ، وسيكون لكربلاء شأن عظيم
في بحار الأنوار : 53 / 11 : « قال المفضل : قلت : يا سيدي فأين تكون دارالمهدي ومجتمع المؤمنين ؟ قال : دارملكه الكوفة ، ومجلس حكمه جامعها ، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة ، وموضع خلواته الذكوات البيض من الغريين . قال المفضل : يا مولاي كل المؤمنين يكونون بالكوفة ؟ قال : إي والله لا يبقى مؤمن إلا كان بها أو حواليها « وفي رواية : يحن إليها » وليبلغن مجالة فرس منها ألفي درهم ، وليودن أكثر الناس أنه اشترى شبراً من أرض السبع بشبر من ذهب « السبع من خطط همدان » ولتصيرن الكوفة أربعة وخمسين ميلاً وليجاورن قصورها كربلاء ، وليصيِّرن الله كربلاء معقلاً ومقاماً تختلف فيه الملائكة والمؤمنون ، وليكونن لها شأن من الشأن ، وليكونن فيها من البركات ما لو وقف مؤمن ودعا ربه بدعوة لأعطاه الله بدعوته الواحدة مثل ملك الدنيا ألف مرة » .
ومعنى مجلس حكمه في مسجد الكوفة : أي الذي يبنيه عليه السلام . والذكوات البيض : موضع اعتكافه للعبادة الربوات البيضاء جنوبي النجف . وأربعة وخمسين ميلاً : نحو ثمانين كيلومتر .
وفي غيبة الطوسي / 273 : « عن عبد الله بن الهذيل قال : لا تقوم الساعة حتى يجتمع كل مؤمن بالكوفة » . وروى ابن سعد : 6 / 10 ، عن عبد الله بن عمرو قال : إن أسعد الناس بالمهدي أهل الكوفة . ونحوه ابن أبي شيبة : 12 / 188 .
وفي التهذيب : 3 / 253 : « عن حبة العرني قال : خرج أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحيرة فقال : لتصلن هذه بهذه ، وأومأ بيده إلى الكوفة والحيرة ، حتى يباع الذراع فيما بينهما بدنانير ، وليُبنينَّ بالحيرة مسجد له خمس مائة باب يصلي فيه خليفة القائم « نائبه في الصلاة » لأن مسجد الكوفة ليضيق عنهم ، وليصلين فيه اثنا عشر إماماً عدلاً .
قلت : يا أمير المؤمنين ويسع مسجد الكوفة هذا الذي تصف الناس يومئذ ؟ قال : تبنى له أربع مساجد مسجد الكوفة أصغرها ، وهذا ومسجدان في طرفي الكوفة من هذا الجانب وهذا الجانب ، وأومأ بيده نحو البصريين والغريين » .
وفي كامل الزيارات / 30 : « عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد الله عليه السلام أو عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : أيُّ بقاع الأرض أفضل بعد حرم الله عز وجل وحرم رسوله صلى الله عليه وآله ؟ فقال : الكوفة يا أبا بكر ، هي الزكية الطاهرة ، فيها قبور النبيين المرسلين وقبور غير المرسلين والأوصياء الصادقين . وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلا وقد صلى فيه ، ومنها يظهر عدل الله ، وفيها يكون قائمه والقوام من بعده ، وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين » .
وفي الكافي : 3 / 495 : « عن صالح بن أبي الأسود قال : قال أبو عبد الله عليه السلام وذكر مسجد السهلة فقال : أما إنه منزل صاحبنا إذا قدم بأهله » .
وفي الكافي : 4 / 571 : « عن أبان بن تغلب قال : كنت مع أبي عبد الله عليه السلام فمر بظهر الكوفة فنزل فصلى ركعتين ، ثم تقدم قليلاً فصلى ركعتين ، ثم سار قليلاً فنزل فصلى ركعتين ثم قال : هذا موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، قلت : جعلت فداك والموضعين اللذين صليت فيهما ؟ قال : موضع رأس الحسين عليه السلام وموضع منزل القائم » .
وقد يكون منزل المهدي عليه السلام هناك قرب معتكفه في الذكوات البيض ، وقد يكون موضع منبره عند أول وروده إلى العراق ، كما في الرواية التالية وفي التهذيب : 6 / 34 ، عن مبارك الخباز قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : أسرجوا البغل والحمار في وقت ما قدم وهو في الحيرة ، قال : فركب وركبت حتى دخل الجرف ، ثم نزل فصلى ركعتين ثم تقدم قليلاً آخر فصلى ركعتين ، ثم تقدم قليلاً آخر فصلى ركعتين ، ثم ركب ورجع فقلت له : جعلت فداك ما الأولتين والثانيتين والثالثتين ؟ قال : الركعتين الأولتين موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، والركعتين الثانيتين موضع رأس الحسين عليه السلام ، والركعتين الثالثتين موضع منبر القائم عليه السلام » .
وفي دلائل الإمامة / 244 : « عن فرات بن الأحنف قال : كنت مع أبي عبد الله عليه السلام ونحن نريد زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، فلما صرنا إلى الثوية نزل فصلى ركعتين فقلت : يا سيدي ما هذه الصلاة ؟ فقال : هذا موضع منبر القائم أحببت أن أشكر الله في هذا الموضع ، ثم مضى ومضيت معه حتى انتهى إلى القائم الذي على الطريق فنزل فصلى ركعتين ، فقلت : ما هذه الصلاة ؟ قال : ها هنا نزل القوم الذين كان معهم رأس الحسين عليه السلام في صندوق ، فبعث الله عز وجل طيراً فاحتمل الصندوق بما فيه فمر بهم جمَّال فأخذوا رأسه فجعلوه في الصندوق وحملوه ، فنزلت وصليت ها هنا . ثم مضى ومضيت معه حتى انتهى إلى موضع فنزل وصلى ركعتين وقال : هاهنا قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، أما إنه لا تذهب الأيام حتى يبعث الله رجلاً ممتحناً في نفسه بالقتل يبني عليه حصناً فيه سبعون طاقاً ، قال حبيب بن الحسين : سمعت هذا الحديث قبل أن يبنى على الموضع شئ ، ثم إن محمد بن زيد وجه فبنى عليه ، فلم تمض الأيام حتى امتحن محمد في نفسه بالقتل » .
بيت الإمام عليه السلام الشخصي في منطقة مسجد السهلة
روى الراوندي في قصصه / 80 : « عن أبي بصيرعن أبي عبد الله عليه السلام : يا أبا محمد كأني أرى نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله ، قلت : تكون منزله ؟ قال : نعم هو منزل إدريس وما بعث الله نبياً إلا وقد صلى فيه ، والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله صلى الله عليه وآله ، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلا وقلبه يحن إليه ، وما من يوم ولا ليلة إلا والملائكة يأوون إلى هذا المسجد يعبدون الله فيه . يا أبا محمد أما إني لو كنت بالقرب منكم ما صليت صلاة إلا فيه . ثم إذا قام قائمنا انتقم الله لرسوله ولنا أجمعين » .
الاكثر قراءة في الدولة المهدوية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة