أوصاف آخر فتنة قبل ظهور المهدي عليه السلام
تقدم في فصل الفتن الموعودة أن ظهورالإمام عليه السلام يكون على أثر فتنة ، ففي الطبراني الأوسط : 5 / 338 ، عن طلحة : قال النبي صلى الله عليه وآله : « ستكون فتنة لا يهدأ منها جانب إلا جاش منها جانب ، حتى ينادي مناد من السماء إن أميركم فلان » .
وروى الحاكم : 4 / 553 ، وصححه : « عن علي : ستكون فتنة يحصل الناس منها كما يحصل الذهب في المعدن ، فلا تسبوا أهل الشام وسبوا ظلمتهم فإن فيهم الأبدال . وسيرسل الله إليهم سيباً من السماء فيفرقهم حتى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم ، ثم يبعث الله عند ذلك رجلاً من عترة الرسول صلى الله عليه وآله في اثني عشر ألفاً ، يقاتلهم أهل سبع رايات ، ليس من صاحب راية إلا وهو يطمع بالملك فيقتتلون ويهزمون ، ثم يظهر الهاشمي فيرد الله إلى الناس ألفتهم ونعمتهم ، فيكونون على ذلك حتى يخرج الدجال » . وأوسط الطبراني : 1 / 203 ، وتهذيب ابن عساكر : 1 / 72 ، ومجمع الزوائد : 7 / 317 .
وفي فتن ابن حماد : 1 / 57 ، عن أبي سعيد : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ستكون بعدي فتن : منها فتنة الأحلاس ، يكون فيها حرب وهرب . ثم بعدها فتن أشد منها . ثم تكون فتنة كلما قيل انقطعت تمادت ، حتى لا يبقى بيت إلا دخلته ، ولا مسلم إلا صكته ، حتى يخرج رجل من عترتي » .
وفي مصنف عبد الرزاق : 11 / 361 : « تكون فتنة بالشام ، كأن أولها لعب الصبيان ، تطفو من جانب وتسكن من جانب ، فلا تتناهى حتى ينادي مناد : إن الأمير فلان » .
وفي فتن ابن حماد : 1 / 56 و 238 : « عن أبي هريرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : تأتيكم بعدي أربع فتن : الأولى يستحل فيها الدماء ، والثانية يستحل فيها الدماء والأموال ، والثالثة يستحل فيها الدماء والأموال والفروج ، والرابعة صماء عمياء مطبقة ، تمور مور الموج في البحر ، حتى لا يجد أحد من الناس منها ملجأ ! تطيف بالشام وتغشى العراق وتخبط الجزيرة بيدها ورجلها ، وتعرك الأمة فيها بالبلاء عرك الأديم ، ثم لا يستطيع أحد من الناس يقول فيها مه مه ! ثم لايرتقونها من ناحية إلا انفتقت من ناحية أخرى . . . يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً ، ولا ينجو منها إلا من دعا كدعاء الغرق في البحر ، تدوم اثني عشر عاماً ، تنجلي حين تنجلي وقد انحسرت الفرات عن جبل من ذهب ، فيقتتلون عليه حتى يقتل من كل تسعة سبعة » .
وفي ابن حماد : 1 / 238 : « إذا ثارت فتنة فلسطين تردَّدُ في الشام تردُّدَ الماء في القربة ، ثم تنجلي حين تنجلي وأنتم قليل نادمون » .
أقول : إن صحت هذه الأحديث فقد تكون الفتن التي وصفتها قد تحققت . لكن الأمر المهم فيها أنها تدل على استمرار هذه الفتن إلى ظهور المهدي عليه السلام .
السفياني يملك فلسطين والكور الخمس
في النعماني / 304 : « عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا استولى السفياني على الكور الخمس فعُدُّوا له تسعة أشهر . وزعم هشام أن الكور الخمس : دمشق ، وفلسطين ، والأردن ، وحمص ، وحلب » .
لكن رواية كمال الدين « 2 / 651 » عن الإمام الصادق عليه السلام فسرت الكور الخمس . قال عبد الله بن أبي منصورالبجلي : « سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اسم السفياني فقال : وما تصنع باسمه ؟ إذا ملك كور الشام الخمس : دمشق وحمص وفلسطين والأردن وقنسرين ، فتوقعوا عند ذلك الفرج ، قلت : يملك تسعة أشهر ؟ قال : لا ، ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوماً » .
وهذا يدل على أن السفياني يشمل حكمه سوريا والأردن وفلسطين ، أو قسماً منها . أما الأردن فيمكن أن يحكمه بواسطة ثورة أنصاره النواصب ، وأما فلسطين فلا بد أن يعطيه حكمها اليهود بشكل من الأشكال ليقوم بإسكات أهلها .
حديث رايات خراسان المتجهة إلى القدس
ونصه : « تخرج من خراسان رايات سود ، فلا يردها شئ حتى تنصب بإيلياء » .
وقد رواه علماء السنة كالترمذي : 3 / 362 ، وأحمد في مسنده ، وابن كثير في نهايته ، والبيهقي في دلائله ، وغيرهم . وصححه ابن الصديق المغربي في رسالته في الرد على ابن خلدون ، وقال ابن حماد : 1 / 312 : « يخرج على لواء المهدي غلام حدث السن خفيف اللحية أصفر ، لو قاتل الجبال لهزها حتى ينزل إيليا » .
وفي المعجم الأوسط : 4 / 323 : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « يخرج من خراسان رايات سود لا يردها شئ حتى تنصب بإيلياء » .
وروت مصادرنا شبيهاً بها كما في الفتن لابن طاووس / 43 و 58 و 121 ، ويحتمل أن يكون جزءً من الحديث المتقدم ، لأنه يتحدث عن جيش يتجه من إيران إلى إيلياء أي القدس .
قال في مجمع البحرين : « إيل بالكسر فالسكون اسم من أسمائه تعالى عبراني أو سرياني . وإيل هو البيت المقدس وقيل بيت الله لأن إيل بالعبرانية الله . وفي شرح القاموس : إيلياء بالكسر يمد ويقصر ، ويشدد فيهما : اسم مدينة القدس » . واحتمل بعضهم أن تكون هذه الحملة قبل ظهور المهدي عليه السلام ، لكن لا يصح ، لأن قائدها صالح بن شعيب قائد جيش المهدي عليه السلام في حملته لتحرير الشام وفلسطين . على أن روايتها تشبه روايات حركة أبي مسلم الخراساني ، فلا يعتمد عليها .
نزول الروم في العراق وفلسطين
ذكرت رواية في غيبة الطوسي / 378 ، عن عمار بن ياسر أن الترك تنزل العراق وتنزل الروم الرملة ، قال : « وتنزل الترك الحيرة وتنزل الروم فلسطين ، ويسبق عبد الله عبد الله حتى يلتقي جنودهما بقرقيسيا على النهر ويكون قتال عظيم » . فهي تتحدث عن معركة قرقيسيا ، أي في سنة ظهور الإمام عليه السلام ، لكن لا يمكن الاعتماد على تفاصيلها لأنها غير تامة السند .
معركة دمشق والقدس
وهي أكبر معارك الإمام عليه السلام في المرحلة الأولى من ظهوره ، بعد معاركه الصغيرة في الحجاز والعراق . والطرف المقابل له السفياني حاكم سوريا ، ويكون ثقل المعركة في دمشق ، ومحورها دمشق طبرية القدس ، فينتصر الإمام عليه السلام على السفياني ويدخل القدس فاتحاً منتصراً . وكأن السفياني يكون خط دفاع اليهود ، ويكون انتصار الإمام عليه انتصاراً عليهم .
وقد ورد أن الخراب والتهديم في دمشق يكون كبيراً ، وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : « لأبنين بمصر منبراً ، ولأنقضن دمشق حجراً حجراً ، ولأخرجن اليهود من كل كور العرب ، ولأسوقن العرب بعصاي هذه . فقال الراوي وهو عباية الأسدي : قلت له : يا أمير المؤمنين كأنك تخبر أنك تحيا بعدما تموت ؟ فقال : هيهات يا عباية ذهبت غير مذهب . يفعله رجل مني ، أي المهدي عليه السلام » . « معاني الأخبار : 406 » .
أما المعركة التالية للإمام عليه السلام فتكون مع الروم وهي الملحمة العظمى ، وتكون بعد الأولى بسبع سنين ، حيث يعقد الإمام عليه السلام صلحاً مع الروم بعد معركة القدس مدته عشر سنين فينقضونه بعد سبع سنين ، ويحشدون جيوشهم في المنطقة فتكون معركة الملحمة العظمى ، ومحورها أوسع ، وتكون أشبه بحرب عالمية .
ففي سنن الداني / 100 : « عن أبي سعيد الخدري : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يخرج رجل من أمتي يعمل بسنتي ، ينزل الله له البركة من السماء ، وتخرج له الأرض بركتها ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً . يعمل سبع سنين على هذه الأمة وينزل بيت المقدس » . والطبراني الأوسط 2 / 15 ، وعقد الدرر / 20 و / 156 ، والمنار المنيف / 151 ، ومجمع الزوائد 7 / 317 .
وقوله يعمل سبع سنين ، لا بد من حملها على مدة الهدنة قبل نقضها من الروم .
وقال الحافظ المغربي / 524 : « رجاله ثقات كما ذكره عن ابن حبان ، ولم نجد فيهم لأحد طعناً ، ولا لسند الحديث علة ، أما ذكر الحسن بن يزيد السعدي وزيادته فيه بين أبي الصديق وأبي سعيد ، فذاك من المزيد في متصل الأسانيد ، وهو مقبول من الثقة ، فإن كان أبو الواصل قد حفظ فهو دليل على أن أبا الصديق سمع الحديث من الحسن بن يزيد ، عن أبي سعيد . . وذلك يستدعي ضرورة أن تكون رجال أوائل أسانيدهم غير رجال الستة ، مع وجود الصحيح والحسن فيها بكثرة ، فبطلان هذا الإيهام لا يختلف فيه اثنان » .
وفي العطر الوردي / 64 ، عن حذيفة : « إن المهدي يبايع بين الركن والمقام ، ويخرج متوجهاً إلى الشام ، وجبرئيل على مقدمته وميكائيل على ساقته ، يفرح به أهل السماء وأهل الأرض والطير والوحش والحيتان في البحر » .
روى ابن حماد : 1 / 349 : « عن علي عليه السلام قال : ويسير المهدي حتى ينزل بيت المقدس ، وتنقل إليه الخزائن ، وتدخل العرب والعجم وأهل الحرب والروم وغيرهم في طاعته ، من غير قتال » .
وأورد ابن حماد في : 1 / 347 ، نحو عشرين حديثاً وأثراً تحت عنوان : « خروج المهدي من مكة إلى بيت المقدس » .
وروت مصادرنا عدداً منها ، منها : عن ابن وزير الغافقي أنه سمع علياً عليه السلام يقول : يخرج في اثني عشر ألفاً إن قلوا وخمسة عشر ألفاً إن كثروا ، يسير الرعب بين يديه ، لايلقاه عدو إلا هزمهم بإذن الله ، شعارهم أمت أمت ، لا يبالون في الله لومة لائم ، فيخرج إليهم سبع رايات من الشام فيهزمهم ويملك ، فترجع إلى المسلمين محبتهم ونعمتهم وقاصتهم وبزارتهم ، فلا يكون بعدهم إلا الدجال . قلنا : وما القاصة والبزارة ؟ قال : يقبض الأمر حتى يتكلم الرجل بأشياء لا يخشى شيئاً » .
وفي ملاحم ابن طاووس رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام في وصف هذه المعركة قال : « فيغضب الله على السفياني ، ويغضب خلق الله لغضب الله تعالى ، فترشقهم الطير بأجنحتها ، والجبال بصخورها ، والملائكة بأصواتها ! ولا تكون ساعة حتى يهلك الله أصحاب السفياني كلهم ، ولا يبقى على الأرض غيره وحده ، فيأخذه المهدي فيذبحه تحت الشجرة التي أغصانها مدلاة على بحيرة طبرية » .
وتذكر بعض الروايات نوعاً آخر من الإمداد الغيبي للمسلمين فيها فتقول : « يُسمع يومئذ صوت من السماء منادياً ينادي : ألا إن أولياء الله فلان ، يعني المهدي ، فتكون الدَّبَرة على أصحاب السفياني ، فيقتلون حتى لا يبقى منهم إلا الشريد » .
وقد يشكل بعضهم على هذه المعركة بأن مصادرغيرنا قد أكثرت من روايتها ، وخلطتها بحركة بني العباس ، لكن ذلك لا يضربالتصديق بها بعد أن أيدتها أحاديث الأئمة عليهم السلام وكانت منسجمة مع الحركة الأساسية للإمام المهدي عليه السلام من مكة إلى العراق ، ثم إلى دمشق والقدس .
يعسكر الإمام عليه السلام في مرج عذراء قرب دمشق
جاء في حديث جابر المطول عن الإمام الباقر عليه السلام : « ثم يأتي الكوفة فيطيل المكث بها ما شاء الله أن يمكث حتى يظهر عليها . ثم يسير حتى يأتي العذراء هو ومن معه وقد التحق به ناس كثير ، والسفياني يومئذ بوادي الرملة . حتى إذا التقوا وهو يوم الأبدال ، يخرج أناس كانوا مع السفياني مع شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله ويخرج ناس كانوا مع آل محمد إلى السفياني ، فهم من شيعته حتى يلحقوا بهم ، ويخرج كل ناس إلى رايتهم وهو يوم الأبدال . قال أمير المؤمنين عليه السلام : ويقتل يومئذ السفياني ومن معه حتى لا يدرك منهم مخبر ، والخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب » . وهذا يدل على التأييد الشعبي للإمام عليه السلام ، حيث يدخل جيشه سوريا بدون مقاومة .
يهزم الله على يديه السفياني ويهزم الروم
روى ابن حماد : 1 / 352 : « عن عبد الله بن مسعود قال : يبايع المهدي سبعة رجال علماء توجهوا إلى مكة من أفق شتى على غير ميعاد ، قد بايع لكل رجل منهم ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً ، فيجتمعون بمكة فيبايعونه ، ويقذف الله محبته في صدور الناس ، فيسير بهم وقد توجه إلى الذين بايعوا خيل السفياني عليهم رجل من جَرَم ، فإذا خرج من مكة خلف أصحابه ومشى في إزار ورداء حتى يأتي الجرمي فيبايع له ، فتُندِّمه كلب على بيعته ، فيأتيه فيستقيله البيعة فيقيله ، ثم يعبئ جيوشه لقتاله فيهزمه ويهزم الله على يديه الروم ، ويذهب الله على يديه الفتن ، وينزل الشام » .
وروى ابن حماد : 1 / 349 ، عن علي عليه السلام قال : « إذا بعث السفياني إلى المهدي جيشاً فخسف بهم بالبيداء ، وبلغ ذلك أهل الشام ، قالوا لخليفتهم : قد خرج المهدي فبايعه وادخل في طاعته وإلا قتلناك ! فيرسل إليه بالبيعة ، ويسير المهدي حتى ينزل بيت المقدس ، وتنقل إليه الخزائن وتدخل العرب والعجم وأهل الحرب والروم وغيرهم في طاعته من غير قتال ، حتى تبنى المساجد بالقسطنطينية وما دونها . ويخرج قبله رجل من أهل بيته بأهل المشرق يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر ، يقتل ويمثل ويتوجه إلى بيت المقدس فلا يبلغه حتى يموت » .
ومضمون هذه الرواية صحيح لأنه منسجم مع المحتوم من انتصار المهدي عليه السلام بالرعب وبالقتال . وفي مقابل ذلك توجد روايات تؤيد مزاعم كعب تقول إن المهدي عليه السلام ينهزم ويتوفى ، مع أن الوعد الإلهي والأحاديث الصحيحة تقول إنه لا ترد له راية ، وإنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، ولا يموت قبل ذلك .
قال في ابن حماد : 1 / 399 : « عن محمد بن الحنفية قال : ينزل خليفة من بني هاشم بيت المقدس يملأ الأرض عدلاً ، يبني بيت المقدس بناءً لم يبن مثله ، يملك أربعين سنة تكون هدنة الروم على يديه في سبع سنين بقين من خلافته ، ثم يغدرون به ، ثم يجتمعون له بالعمق فيموت فيها غماً ، ثم يلي بعده رجل من بني هاشم ، ثم تكون هزيمتهم وفتح القسطنطينية على يديه ، ثم يسير إلى رومية فيفتحها ويستخرج كنوزها ومائدة سليمان بن داود عليه السلام ثم يرجع إلى بيت المقدس فينزلها ، ويخرج الدجال في زمانه ، وينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيصلي خلفه » . فقد عالج الراوي الكذب بأن جعل المهدي اثنين ، ينهزم الأول وينتصرالثاني !
الضغط الشعبي على السفياني لكي يبايع الإمام المهدي عليه السلام
روت ذلك مصادر السنيين ، ولم تروه مصادرنا إلا منقولاً عن غيرنا ، وهو يدل على ضعف السفياني وانخفاض شعبيته حتى بين أهل الشام . قال ابن حماد / 97 : « عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : يسير بهم في اثني عشر ألفاً إن قلوا أو خمسة عشرألفاً إن كثروا ، شعارهم : أمت أمت ، حتى يلقاه السفياني فيقول : أخرجوا إليَّ ابن عمي حتى أكلمه ، فيخرج إليه فيكلمه فيسلم له الأمر ويبايعه ، فإذا رجع السفياني إلى أصحابه ندمته كلب ، فيرجع ليستقيله فيقيله ، فيقتتل هو وجيش السفياني على سبع رايات ، كل صاحب راية منهم يرجو الأمر لنفسه فيهزمهم المهدي . قال أبو هريرة : فالمحروم من حرم نهب كلب » . وأحمد : 2 / 356 ، عن أبي هريرة . وعقد الدرر / 84 ، ومجمع الزوائد : 7 / 315 ، والدر المنثور : 5 / 241 ، والحاوي : 2 / 72 ، عن ابن حماد . والحاكم : 4 / 431 ، عن أبي هريرة مرفوعاً وصححه : وفيه : المحروم من حرم غنيمة كلب ولو عقالاً ،
وروى ابن حماد / 95 : « عن الإمام الباقر عليه السلام : إذا سمع العائذ الذي بمكة بالخسف خرج مع اثني عشر ألفاً فيهم الأبدال حتى ينزلوا إيليا . . ويؤدي إليه السفياني الطاعة ، ثم يخرج حتى يلقى كلباً وهم أخواله ، فيعيرونه بما صنع ويقولون : كساك الله قميصاً فخلعته ، فيقول : ما ترون أستقيله البيعة ؟ فيقولون : نعم . فيأتيه إلى إيليا فيقول : أقلني ، فيقول : إني غير فاعل ، فيقول : بلى . . . ثم يقول : هذا رجل قد خلع طاعتي فيأمر به عند ذلك فيذبح على بلاطة إيليا . ثم يسير إلى كلب فينهبهم فالخائب من خاب يوم نهب كلب » .
وهذا النص يصور حالة الشام وفلسطين عند ظهوره عليه السلام وهو من إسقاط الراوي ، لكنه لا يضر في أصل ما اتفقت عليه المصادر من حركته عليه السلام إلى القدس .
ويشبهه في مصادرنا حديث العياشي في : 2 / 59 : « عن عبد الأعلى الحلبي : قال أبو جعفر عليه السلام : لكأني أنظر إليهم يعني القائم عليه السلام وأصحابه مصعدين من نجف الكوفة ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً كأن قلوبهم زبر الحديد ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، يسير الرعب أمامه شهراً وخلفه شهراً ، أمده الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين . حتى إذا صعد النجف قال لأصحابه : تعبدوا ليلتكم هذه ، فيبيتون بين راكع وساجد ، يتضرعون إلى الله ، حتى إذا أصبح قال : خذوا بنا طريق النخيلة ، وعلى الكوفة جند مجند ، قلت : جند مجند ؟ قال : إي والله حتى ينتهي إلى مسجد إبراهيم عليه السلام بالنخيلة فيصلي فيه ركعتين ، فيخرج إليه من كان بالكوفة من مرجئها وغيرهم من جيش السفياني ، فيقول لأصحابه : استطردوا لهم ، ثم يقول : كروا عليهم . قال أبو جعفر عليه السلام : ولا يجوز والله الخندق منهم مخبر ، ثم يدخل الكوفة فلا يبقى مؤمن إلا كان فيها أو حن إليها ، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام .
ثم يقول لأصحابه : سيروا إلى هذه الطاغية ، فيدعوه إلى كتاب الله وسنة نبيه فيعطيه السفياني من البيعة سلماً ، فيقول له كلب وهم أخواله : يا هذا ما صنعت ؟ ! والله ما نبايعك على هذا أبداً ، فيقول : ما أصنع ؟ فيقولون : إستقله ، فيستقيله ثم يقول له القائم : خذ حذرك فإنني أديت إليك وأنا مقاتلك ، فيصبح فيقتلهم فيمنحه الله أكتافهم ، ويأخذ السفياني أسيراً فينطلق به ويذبحه بيده . ثم يرسل جريدة خيل إلى الروم فيستحضرون بقية بني أمية ، فإذا انتهوا إلى الروم قالوا : أخرجوا إلينا أهل ملتنا عندكم فيأبون ويقولون : والله لا نفعل ، فيقول الجريدة : والله لو أمرنا لقاتلناكم ثم ينطلقون إلى صاحبهم فيعرضون ذلك عليه فيقول : إنطلقوا فأخرجوا إليهم أصحابهم ، فإن هؤلاء قد أتوا بسلطان عظيم . وهو قول الله : فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ . لاتَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ . قال : يعني الكنوز التي كنتم تكنزون . قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ . فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ . لا يبقى منهم مخبر » .
وهذا النص يصف سرعة انتصار الإمام عليه السلام في العراق على الخوارج عليه ، ثم حركته إلى الشام والقدس . لكنه نص عامي اللغة وفيه إسقاط عصر الراوي على النص !
أما النص التالي فيصف سرعة هزيمة السفياني واليهود على يد الإمام عليه السلام . وقد رواه في البحار : 52 / 388 ، عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : « ثم إن الله تعالى يمنح القائم وأصحابه أكتافهم فيقتلونهم حتى يفنوهم ، حتى أن الرجل يختفي في الشجرة والحجرة فتقول الشجرة والحجرة : يا مؤمن هذا رجل كافر فاقتله فيقتله ، قال : فتشبع السباع والطيور من لحومهم ، فيقيم بها القائم ما شاء ، قال : ثم يعقد بها القائم ثلاث رايات : لواء إلى القسطنطينية يفتح الله له ، ولواء إلى الصين فيفتح له ، ولواء إلى جبال الديلم فيفتح له » . وهذا يشبه الحديث المتواترعن معركة المسلمين الآتية مع اليهود .
رواية أن الإمام المهدي عليه السلام ينزل بيت المقدس
روى ابن حماد : 2 / 354 : « عن أرطاة قال : ثم يعود المهدي إلى مكة ثلاث سنين ، ثم يخرج رجل من كلب ، فيخرج من كان في أرض إرم كرهاً ، فيسير إلى المهدي إلى بيت المقدس في اثني عشر ألفاً ، فيأخذ السفياني فيقتله على باب جيرون » . وروى ابن حماد : 1 / 387 : عن المشيخة ، عن كعب قال : « صاحب جلاء أهل اليمن رجل من بني هاشم منزله ببيت المقدس ، حرسه اثنا عشر ألفاً ، يجلي أهل اليمن حتى ينتهوا إلى مقدم الأرض » .
أقول : أصل حركة الإمام عليه السلام إلى القدس صحيحة ، لكن التفاصيل من تصور الرواة ، ومنها قولهم إنهيعادي اليمانيين ويُجليهم من بلاد الشام !
رواية جبار قريش الذي ينزل بيت المقدس !
أكثر رواة السلطة من أحاديث دخول الإمام المهدي عليه السلام إلى القدس ، وأضافوا له ووضعوا روايات فيه ، ومنها ما يلي :
في ابن حماد : 1 / 403 : « عن كعب قال : يستخلف رجل من قريش من شر الخلق ينزل بيت المقدس ، وتنقل إليه الخزائن وأشراف الناس فيتجبرون فيها ويشتد حجابه وتكثر أموالهم ، حتى يطعم الرجل منهم الشهر والآخر الشهرين والثلاثة ، حتى يكون مهزولهم كسمين سائر الناس ، وينشو فيهم نشوٌ كالعجول المرباة على المذاود ، ويطفئ الخليفة سنناً كانت معروفة ويبتدع سنناً لم تكن ، ويظهر الشر في زمانه ويظهر الزنا وتشرب الخمر علانية ، ويخيف العلماء في زمانه خوفاً ، حتى لو أن رجلاً ركب راحلة ثم طاف الأمصار كلها لم يجد رجلاً من العلماء يحدثه بحديث علم من الخوف ، وفي زمانه يكون المسخ والخسف ، ويكون الإسلام غريباً كما بدأ غريباً ، ويكون المتمسك بدينه كالقابض على الجمرة وكخارط القتاد في الليلة المظلمة ، حتى يصير من شأنه أن يرسل ابنته تمر في السوق ومعها الشرط عليها بطيطان من ذهب وثوب لا يواريها مقبلة ولا مدبرة ، فلو تكلم أحد من الناس في الإنكار عليه في ذلك بكلمة واحدة ضربت عنقه ، يبدأ فيمنع الناس الرزق ثم يمنعهم العطاء ، ثم بعد ذلك يأمر بإخراج أهل اليمن من الشام ، فتخرجهم الشرط متفرقين لا تترك جنداً يصل إلى جند ، حتى يخرجوهم من الريف كله ، فينتهون إلى بصرى ، وذلك عند آخر عمره . فيتراسل أهل اليمن فيما بينهم حتى يجتمعوا كاجتماع قزع الخريف ، فينصبون من حيث كانوا بعضهم إلى بعض ، عصباً عصباً ، ثم يقولون : أين تذهبون وتتركون أرضكم ومهاجركم فيجتمع رأيهم على أن يبايعوا رجلاً منهم ، فبيناهم يقولون نبايع فلاناً بل فلاناً ، إذ سمعوا صوتاً ما قاله إنس ولا جان بايعوا فلاناً يسميه لهم ، فإذا هو رجل قد رضوا به وقنعت به الأنفس ليس من ذي ولا من ذي ، ثم يرسلون إلى جبار قريش نفراً منهم فيقتلهم ويرد رجلاً منهم يخبرهم ما قد كان ، ثم إن أهل اليمن يسيرون إليه ولجبار قريش من الشرط عشرون ألفاً ، فيسير أهل اليمن فيقابلهم لخم وجذام وعاملة وجدس ، فينزلون لهم الطعام والشراب والقليل والكثير ويكونون يومئذ مغوثة لليمن ، كما كان يوسف مغوثة لإخوته بمصر .
والذي نفس كعب بيده إن لخم وجذام وعاملة وجدس لمن أهل اليمن ، يا أهل اليمن فإن جاؤوكم يلتمسون نسبهم فيكم فصلوهم فإنهم منكم ، ثم يسيرون جميعاً حتى يشرفوا على بيت المقدس ، فيلقاهم جبار قريش في الجموع فيهزمهم أهل اليمن ولا يقومون لأهل اليمن » .
وفي الفتن : 2 / 622 : « يكون في زمان الهاشمي الذي يتجبر في بيت المقدس بعد المهدي أن يبعث بجارية عليها لباس لايواريها ، في زمانه يكون رجف ومسخ وخسف » .
وفي الفتن : 1 / 387 : « عن أبي الزاهرية ، عن كعب قال : ينزل رجل من بني هاشم بيت المقدس حرسه اثنا عشر ألفاً . . . عن كعب قال : حرسه ستة وثلاثون ألفاً ، على كل طريق لبيت المقدس اثنا عشر ألفاً . قال الوليد : وأخبرني جراح عن أرطاة : فيطول عمره ويتجبر ويشتد حجابه في آخر زمانه ، وتكثر أمواله وأموال من عنده حتى يصير مهزولهم كسمين سائر المسلمين . . . ثم ذكر قصة جبار قريش المتقدمة ، وغرائب من أحداث تكون في المستقبل ، والظالم فيها القرشيون ، والمظلوم اليمانيون ، ووالغريب أن شخصية المهدي فيها ثانوية ! »
ملاحظات على روايات معركة دمشق والقدس
1 - نلاحظ الحشو الكثير في هذه الروايات ، خاصة روايات ابن حماد وهو أهم مصدرعندهم في روايات الملاحم والفتن ، وعامة ذلك من خيالات كعب الأحبار وتلاميذه ، فهم يتكلمون من عندهم وقد ينسبون كلامهم إلى النبي صلى الله عليه وآله ! وكلامهم يعكس الصراع بين اليمانية والقيسية ، الذي اشتد بعد موت يزيد .
2 - من الواضح أن الرواة أسقطوا أحاديث المهدي عليه السلام على عصرهم وأنفسهم ! ووصفوا أصحابهم بأوصاف أصحابه عليه السلام مثل أنهم يأتون كقزع الخريف . . الخ .
3 - يتناقض عدد منها مع أصول الروايات في مصادر الطرفين ، كالتي تزعم موت المهدي عليه السلام وأنه يحكم بعده قرشي جبار ، وأن اليمانيين يتقاتلون مع القرشيين ، ويفنى القرشيون حتى لا يبقى منهم أحد ، ويكون النعل القرشي تحفة من التحف ! وكذلك العناصر الخيالية عن الروم والقسطنطينية وعيسى عليه السلام ، وعن الدجال وما يكون بعد المهدي عليه السلام . وهو من نوع تحريفهم أحاديث الشام والدجال .
4 - تجد بين هذا الغث فقرات صحيحة وإن كانت قليلة ، وقد أيدتها روايات أهل البيت عليهم السلام ، كأحاديث معركة الإمام عليه السلام مع السفياني في الشام ، ثم يدخل بعدها إلى القدس بسهولة ! ونستبعد صحة ما ذكروه من أن المهدي عليه السلام يذبح السفياني بيده عند بحيرة طبرية ، ونرجح أن السفياني يقتل في الشام ، كما ورد في رواية .
تأثير انتصار الإمام الكاسح ودخوله القدس
طبيعي أن يكون لانتصار الإمام المهدي عليه السلام ودخوله القدس وقعٌ كبير على الغربيين ، وأن يجن جنونهم لهزيمة اليهود ! فيعلنون الحرب على الإمام عليه السلام مع تخوفهم من مواجهته لامتلاكه أسلحة تكافئ أسلحتهم ، أو تتفوق عليها . وفي ذلك الوقت الحساس ينزل المسيح عليه السلام فيهتز له الغرب ، ويقترح الهدنة بين الغربيين والمهدي عليه السلام . وقد وصفها النبي صلى الله عليه وآله بأنها آخرهدنة تكون بين المسلمين والروم ، وأمير الناس يومئذ المهدي من ولدي عليه السلام . وسيأتي ذكرها .
مدة حروب الإمام المهدي عليه السلام ثمانية أشهر
في كمال الدين : 1 / 318 : « عن عيسى الخشاب قال : قلت للحسين بن علي عليه السلام : أنت صاحب هذا الأمر ؟ قال : لا ، ولكن صاحب الأمر الطريد الشريد ، الموتور بأبيه ، المكنى بعمه ، يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر » .
وتحسب الثمانية أشهر من فتحه راية النبي صلى الله عليه وآله في ظهر اللكوفة بعد مجيئه من الحجاز .
الاكثر قراءة في الدولة المهدوية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة