حيدر عاشور
غفوةُ الم، وصوت جلي، يعيد وعيا من غفلة سحبتني نحو ظلم نفسي، وكنت لا أبالي ولا أخاف أحداً مهما كانت عظمته وصفاته، ولكن أقف خائفا مرتجفا عند سماع اسمها فقط وأعيد حساباتي، والنظر في كل أشيائي. خوفي منها لا تستوعبه الكلمات ولا تعبّر عنه كل اللغات، فهي سيدة الكون وعظيمة الوجود وذات الصفات النادرة.. أيامٌ شمخت بي الحياة، وكبرت فيها أنافس الظالمين، وأتزاور مع الفاسدين وأتقبل أي كلام عن أهل عقيدتي وانتمائي حتى غرقت في بحر عميق في لجته الغور وتماديت في القبول والرضا حتى وجدت أرضا قد تحولت إلى أشواك وأصبحت حائرا بين أمرين إماّ أن أكون وسط الشوك أو السير عبرها لتدمير قدمي، واخلّف دربا محمرّا يحكي تعاستي وخيبة أملي وإفلاسي، وتبقى حقيقة قدري لغزا..
صحوت على شيء يحاكيني بهمس، اسمعه جيدا، يقرأ على قلبي العاشق لتراب قدميها وأقدام ولديها، فهما سيدا شباب الجنة وهي عنوان نساء الكون جميعا، احتار فكري، والصوت يلازمني كالطيف... يمنحني قوة أحيانا، ويحطّّم غروري مرات... والنداء الخفّي يلومني، ويسألني كيف أتقبل أن اضحك مع السفهاء وأنا ابن ارض غذّتني لبن العشق لأهل بيت العقيدة والدين لبن شهيدا وكان دمه ضمانا لامته...
تنبهت للصوت، فطلّ بيني وبينه حاجز الصمت يرتطم بشدة بجدار صلب فأقع مرغما صريعا عاجزا، وأنا بين خوفي وسكينتي أرى مطالبا بسفك دمي يطرق بابي مهددا وجودي ويستعجل مصيري...
والصوت يعاود طيفه، ويأبى أن يفارقني حتى أيقنت إن الصوت يرشدني لبصيرة كي أبصر بها حياتي من جديد، وابدأ من حيث بدأت. أوثقت بيقين إن صاحبة الصوت ملاك سماوي بطيف سيدتي... سرى فيّ الخوف، صارعني الألم، والمرض، وبدري كفّ عن التغزل بالشمس وتحاشى لقاءها. حتى أمسى، وأصبح الصوت يكبر في جميع أجزاء جسمي يصرخ مع كل نبضت قلب، وراسي أتحسسه قد كبر حجمه... والصوت يسأل من كنت دائما تخاف...أي امرأة كنت تتشفع عندها، وقت الشدائد...أي ابن لها كان إمامك ، ونهلت من فكر عقيدته، وكان خير عون لك في كل حياتك... أي سيدة كنت تقول لها كل صباح السلام عليك يا سيد نساء العالمين اصرخ إن كنت تعلم...
نهضت صارخا مولاتي الزهراء سيدتي العظيمة، وأذن الفجر يكبّر (الله اكبر ) يعلن يوما شديد الحزن للفاطميات. من يصدّقني إن طيفها يلازمني كظلي.. لمن أقول إنني في حيرة كونية.. كيف نسيت نفسي، وتغافلت عن عظيمة الشأن البتول النقية الزكية الطاهرة العفيفة. ورجعت من حيث رحلت ودخلت من جديد مدينة الحزن والشهادة التي سال عليها دمه الذي كان ولا يزال ضمانا لحياة أمة.







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN