لنستهل المقال بـ( بيتر سينج) سينج هو استاذ في نظم التعلم في معهد ماساشوستس للتقنية وهو مؤلف لكتاب (المبدأ الخامس) الذي يعد واحدا من اهم الكتب العلمية حول ديناميكية التعلم. في احدى محاضراته قدم نفسه على انه حاصل على شهادة في الهندسة واخرى في الموسيقى وحاصل على شهادة في الفلسفة الامر الذي جعل الحضور يظن بأن الرجل يتفلسف ويبالغ في نفسه لكنهم ادركوا فيما بعد بأن تعريفه كان صلب محاضرته لان سينج يعتقد بأن فشل النظم العلمية والإدارية المعاصرة في كثير من جوانبها هو بسبب التخصص حيث قال بأن كل النظم تتطور بنمو بعض اجزائها على حساب اجزاء اخرى . فلا يمكن للعناصر ان تنمو متساويه دائماً . لابد ان تتوقف بعض الاجزاء عن النمو لتتيح مجالا للأجزاء الاخرى . فمن الاخطاء التي نرتكبها عندما ندير عمليات التغيير في المنظمات ان نفكر في الجوانب التي سنغيرها وننسى الجوانب التي سنحافظ عليها حتى لا يطالها التغيير . طبعاً هذه الفلسفة هي نافذة على صعيد المؤسسة والشركة والاسرة والفرد والمجتمع . على سبيل المثال لايمكن لأحد ان يطور مهاراته دون معرفة ولاجدوى للمعرفة وحدها ولافائدة للتدريب بلا قراءة ومن المستحيل بناء الخبرة دون تدريب متواصل لا بد من الفوضى في ربط الجوانب جميعاً . لذلك يرى سينج بأن الهندسة والموسيقى والفلسفة تتكامل وتتفاعل وتؤثر في الشخصية . لذلك نرى الكثيرين ممن يحاولوا التميز في اختصاصهم يفشلون هذا لان منظوماتهم المعرفية بحاجة الى جوانب قاصرة بحاجة الى تفعيلها حيث لابد من مزيج فوضوي من المعارف .
فالمهندس والموسيقي والطبيب بحاجة الى الاطلاع والتدريب والقراءة وغيرها من الفعاليات المعرفية التي جميعها تشكل ما يعرف بـ( نظرية النظم ) هذا لان شخصياتنا لاتتوقف عند جانب محدد فالاجزاء اللازمة لاشباع احتياجاتها لاتتوقف فقط عند الجزء الذي نتخصص فيه بل تتعدى لجوانب اخرى تشكل جميعا خارطة نظام الشخصية وبالتالي تحدد شخصية الفرد وتنمي مهارات اتخاذ القرارات وحل المشاكل وغيرها ......
لذلك نجد الاستاذ سينج مهندسا وموسيقيا وفيلسوفا وعلاوة على هذا كله هو استاذ في نظم التعلم وبالتالي فهو قد استفاد من الفوضوية المعرفية لدى شخصيته .......
فلذا ....معا لنكن فوضويون .....