Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
التدبّر في القران ودوره في الهداية والتكامل

منذ ساعتين
في 2025/12/28م
عدد المشاهدات :17

حسن الهاشمي
التدبّر في القرآن هو التأمّل العميق والفهم الواعي لمعاني آيات القرآن الكريم، وهو أرقى من مجرد التلاوة أو الحفظ، إذ يهدف إلى الوصول إلى البصيرة والعمل بالآيات في الواقع العملي، وهو خير وسيلة للهداية وطالما يكشف عن معاني الهداية الربانية التي أنزلها الله لعباده، قال تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) ص: 29. فالتدبّر شرط لنيل البركة والهداية من القرآن، إضافة الى ذلك فانه يساعد على بناء الوعي والبصيرة، ويربّي عقلا متفكرا لا يتلقّى الأمور سطحياً، ويُنمّي القدرة على التمييز بين الحق والباطل، ويزيد من الإيمان واليقين ويقوّي العلاقة بالله تعالى.
أما دور التدبّر في التكامل الأخلاقي والروحي، فانه يُصلح السلوك ويهذّب النفس، ويُساعد على تهذيب الروح والسعي نحو الكمال الإنساني كما أراده الله، ولا يزال يقوم بتحريك الإرادة نحو العمل، وانه يدفع بالإنسان الى تطبيق ما قرأ، ولا يكتفي بالمعرفة النظرية، بل يحوّلها إلى سلوك عملي، لهذا السبب حثّ القران الكريم على يقظة القلب من خلال ربط التدبّر بالقلب في قوله تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) محمد:24. فعدم التدبّر علامة على قسوة القلب، أما التدبّر فيحييه ويليّنه، ومن الواضح ان التدبّر في القرآن ليس ترفا فكريا، بل هو مسار للهداية وتزكية للنفس والتكامل الأخلاقي والمعرفي، وبه تُصنع الشخصية القرآنية التي تسير في ضوء الوحي نحو تطبيق الرسالة الحقّة في مجالات الحياة المتعددة.
ولأهمية التدبّر في القران ودوره في الهداية والتكامل السلوكي في رقي المجتمعات الايمانية استقبل ممثل المرجعية الدينية العليا والمتولّي الشرعيّ للعتبة العبّاسية المقدّسة سماحة العلّامة السيد أحمد الصافي، رئيسَ المَجمَع العلميّ للقرآن الكريم في العتبة المقدّسة الدكتور مشتاق العلي، وجمعا من حفظة القرآن الكريم في معهدَي كربلاء المقدّسة والنجف الأشرف التابعَينِ للمَجمَع، يوم الاثنين، 22 ديسمبر 2025 م. وعلى هامش هذا اللقاء كرّم سماحته طلبة حفظ القرآن الكريم المتفوّقين، وأكّد على دور التدبّر في كتاب الله لتحقيق الهداية والتكامل الانساني.
الهداية في حفظ القران والتدبر فيه
ولأجل تكريس الهداية في النفس البشرية لابد من حفظ القران الكريم والتدبّر في آياته، وهذان الأمران يوصلان الفرد الى شاطئ الأمان، فالحافظ للقرآن يكون أقرب إلى كلام الله دائما، فيحيا قلبه بنور الوحي، والحفظ يساعد على استحضار الآيات في المواقف اليومية، فيكون القرآن دليلا عمليا في الحياة، ورد عن النبي (ص): (إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب) كنز العمال للمتقي الهندي: ٢٤٧٨.
فالحافظ ينبغي ان لا يكتفي بالحفظ بل لابدّ له من الغوص في معاني الآيات، واستلهام الدروس منها، قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) النساء: 82. التدبر يُثمر الهداية الحقيقية ويُنتج سلوكا قرآنيا فريدا، والعلاقة بين الحفظ والتدبر في تحقيق الهداية واضحة، فالحفظ بدون تدبّر قد يكون مجرد ترديد دون أثر عميق، والتدبّر بدون حفظ يجعل الوصول للمعاني أبطأ وأقل تأثيرا، لكن الحفظ مع التدبّر يُنتج هداية شاملة فكرية، روحية، وسلوكية، والهداية الكاملة تتحقق حين يحفظ الإنسان القرآن بقلبه، ويتدبّره بعقله، ويعمل به في سلوكه، فيكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصّته.
انطلاقا من هذا الهدف المبارك بارك السيدُ الصافي للطلبة جهدَهم في حفظ وتعلّم أحكام القرآن الكريم ونهج البلاغة، مؤكّدا "ضرورة عدم الاكتفاء بحفظ القرآن الكريم وتعلّم أحكام تلاوته فقط، بل التدبّر في قراءته ليُعينهم على فهم مدلولاته، وترسيخ المعاني التي جاء بها من أجل هداية الإنسان وتكميله".
اعراب القران والقراءة المستمرة لمواجهة النسيان
ولإكمال دور الحفظ والتدبّر والهداية لابد من استحضار إعراب القرآن والقراءة المستمرة فانهما وسيلتان فعّالتان لمواجهة النسيان، وكل واحدة منهما تؤدي دورا مميّزا، فالإعراب يساعد على فهم التراكيب والمعاني الدقيقة للآيات، ويعزّز التركيز عند التلاوة، لأن القارئ يتأمّل في وظيفة كل كلمة، ويجعل الحفظ أكثر ترسيخا، لأنّك تدرك المعنى النحوي والدلالي للآية، مما يصعّب نسيانها.
أما القراءة المستمرة فان تكرار التلاوة يقوّي الحفظ ويجدد الاتصال بالآيات، والقراءة اليومية التي تؤكدها الروايات تجعل الآيات مألوفة للسان والعقل، مما يمنع تسرّبها إلى النسيان، ورد في الأثر: (بئسما لأحدكم أن يقول نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي، استذكروا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم من عقلها) كنز العمال للمتقي الهندي: ٢٨٥٠. الجمع بين الاعراب والقراءة المستمرة أولى، فالإعراب يساهم في فهم أعمق مع تثبيت أقوى، وتكرار القراءة يرسّخ المفاهيم في الذاكرة، فانهما معا يمنحان تمكّنا من الحفظ ووقاية من النسيان، فاجعل لك وردا يوميا للتلاوة، واجعل كل أسبوع وقتا لمراجعة الإعراب أو تفسير مختصر، وستلمس العجائب في الفهم والسير والسلوك، ولأجل ذلك لفت سماحة السيد الصافي إلى "أن فهم إعراب القرآن الكريم يساعد في إقواء اللغة والثقافة الدينية، داعيا إلى الاستمرار في القراءة بشكلٍ يوميّ لمواجهة النسيان، خصوصا لمن يتلقّى الدروس الأكاديمية أو الحوزوية من الحفّاظ".
الاستشارة وأثرها في النضوج الفكري
ومهما بلغ القارئ من الفهم والحفظ والهداية لابد منه الاستشارة من أهل العلم والخبرة والاختصاص، فإنها تُعد من الوسائل المهمة في تحقيق النضوج الفكري، وقد حثّ عليها الإسلام والنهج العقلائي، لما لها من آثار إيجابية على صقل الرأي، وتوسيع آفاق التفكير، ومن أبرز آثارها:
1ـ توسيع زاوية النظر: الاستشارة تفتح أمام الفرد رؤى جديدة قد لا تكون في حسبانه، وتُبعده عن ضيق الأفق والتفكير الأحادي.
2ـ تجنّب التسرّع والأخطاء: من يستشير أهل الخبرة غالبا ما يتجنّب القرارات المرتجلة والخاطئة، لأنّه يستند إلى تجارب وعقول متراكمة.
3ـ تعزيز التواضع العقلي: الاستشارة تربّي الإنسان على قبول الرأي الآخر، والإقرار بأن العقل الفردي محدود، وأن التكامل يتحقق بالعقول المتعددة.
4ـ بناء الشخصية المتّزنة: المستشير يصبح أكثر نضجا في التعامل مع المواقف، لأنه اعتاد تقييم الآراء وتحليلها قبل اتخاذ القرار.
5ـ التشجيع على الحوار البنّاء: الاستشارة تربّي الإنسان على المرونة الفكرية والنقاش الإيجابي، بعيدا عن التعصب أو الجزم المتسرّع.
قال أمير المؤمنين (ع): (من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٢ - ص ١٠٤. فالاستشارة ليست ضعفا، بل قوة فكرية تعكس نضج الشخصية وقدرتها على اتخاذ القرار السليم، من هذا المنطلق حثّ سماحته الحاضرين كذلك على "ضرورة استشارة أهل الثقة فيما يعترضهم من مشاكل حياتية، لما في ذلك من أثرٍ في تسريع نضوجهم وتخطّي أخطاء غيرهم، وتجاوز مطبّات عدم الخبرة مع وجود الاندفاع الشبابي، الذي يصاحب الإنسان في بداية نضوجه الجسمي".
الدعم المادي والمعنوي للكفوئين
الدعم المادي والمعنوي للكفوئين يمثّل ركيزة أساسية في بناء المجتمعات وتقدّمها، لأنّه يفتح المجال أمام الطاقات الحقيقية للإبداع والإنتاج، ويُشعر أصحاب الكفاءة بالتقدير والانتماء.
الدعم المادي يساعد في توفير فرص العمل المناسبة التي تليق بمؤهلاتهم، فالمنح والرواتب التحفيزية للمبدعين والباحثين، وتمويل المشاريع العلمية والإبداعية التي يقدّمها الكفوؤون، هي خير ضمان للاستقرار المالي حتى يتفرّغ الكفوء للعطاء دون قلق.
أما الدعم المعنوي فهو الاعتراف بالجهود والإنجازات وتكريمها علنا، والاهتمام بالمشاركة في القرار وتمكينهم من مواقع التأثير، وخلق بيئة تحفّز على التميّز وتحمي من الإقصاء أو الإهمال، مما يؤدي الى إشراكهم في الفعاليات والمؤتمرات وفتح منابر التعبير أمامهم.
وللدعم المادي والمعنوي أثر فعال في تحفيز الإبداع والولاء الوطني، ومنع هجرة العقول والكفاءات، ورفع المستوى العام للإنجاز المؤسسي والوطني، قال الإمام علي (ع): (ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظننّ بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا) أمالي الصدوق: 250 / 8. وفي هذا المضمار أكد الدكتور العلي، إن من أهمّ الأهداف التي تعمل عليها إدارةُ العتبة العبّاسية المقدّسة، دعم الكفوئين والمتفوّقين على مستوى الدراسة أو الأنشطة والفعّاليات.
وأضاف، أن كوكبةً من طلبة حفظ القرآن الكريم في معهدي كربلاء المقدّسة والنجف الأشرف التابعَينِ للمَجمَع، ممّن أتمّوا حفظ القرآن الكريم كاملا فضلا عن تفوّقهم الدراسي، أُجرِي تكريمهم من قِبل سماحة السيد الصافي تثمينا لتفوّقهم العلمي.
بين عهدين
بقلم الكاتب : وائل الوائلي
في أعماق بحر الزمان، حيث ينام النور تحت ستار الغيبة، تختمر أسرار الأقداس. هناك، في صومعة الدهر التي لا ينفذ إليها إلا همسُ الأنبياء ووجيبُ قلوب الأولياء، تُعدّ العدةُ للفجر الأطول. إنه فجرُ الغائب المنتظر، الذي تُختم به مسيرةُ الظلم، ويُشرق على إثره وجهُ الحق الأبلج. إن العالمَ يترنح، متكئاً على ساق... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان هناك رجل يُدعى سامر، يعمل موظفًا في دائرة الأراضي. كان سامر معروفًا بنزاهته... المزيد
لغة العرب لسان * أبنائك تميز بالضاد لغة العرب نشيدك غنى * حتى البلبل الغراد لغة... المزيد
في زاوية خافتة من بيت بسيط، جلس يوسف يحدق في شجرة الليمون التي غرستها يداه قبل... المزيد
يا هادي الخير لقبت أنت * وأبنك بالعسكرين النجباء يا هادي الخير نشأت على * مائدة... المزيد
الْتَّضَارِيْسُ إِنَّ الْـعُـيُوْنَ الَّـتِـيْ سَـالَـتْ تُـوَدِّعُـكُمْ ... المزيد
كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد يصف قومه...
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها شاهقٌ، وعينيها...
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ...
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان...


منذ 4 ايام
2025/12/24
تتجه التجارة العالمية إلى تسجيل مستوى قياسي، في مفارقة لافتة تعكس قدرة التدفقات...
منذ 4 ايام
2025/12/24
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والثمانون: إعادة بناء الفهم العلمي للنسبية...
منذ 6 ايام
2025/12/22
تُعد شلالات آنجل واحدة من أعظم المعالم الطبيعية على كوكب الأرض وأكثرها إثارة...