مصبا- حاطه يحوطه حوطا : رعاه. و حوّط حوله تحويطا : أدار عليه نحو التراب حتّى جعله محيطا به. وأحاط القوم بالبلد إحاطة : استداروا بجوانبه. وحاطوا به لغة في الرباعيّ، و منه قيل للبناء حائط، و الجمع حيطان. و الحائط : البستان، و جمعه حوائط، و أحاط به علما : عرفه ظاهرا و باطنا. و احتاط للشي‌ء : افتعل وهو طلب الأحظّ و الأخذ بأوثق الوجوه. و بعضهم يجعل الاحتياط من الياء و الاسم الحيط. وحاط الحمار عانته حوطا : إذا ضمّها و جمعها، و منه قولهم أفعل الأحوط :
والمعنى أفعل ما هو أجمع لأصول الأحكام و أبعد عن شوائب التأويلات، و ليس مأخوذا من الاحتياط.
مقا- حوط : كلمة واحدة و هو الشي‌ء يطيف بالشي‌ء. فالحوط من حاطه حوطا. و حوّطت حائطا، و يقال إنّ الحوطة حظيرة تتّخذ للطعام. و الحوط : شي‌ء مستدير تعلّقه المرأة على جبينها من فضّة.
الاشتقاق 198- حوط من قولهم حطت الشي‌ء أحوطه حوطا : إذا أحرزته و حفظته، فالشي‌ء محوط. و الحياطة : الحفظ. و الإحاطة : الأخذ إذا حزته و حفظته.
التهذيب 5/ 184- قال الليث : حاط يحوط حوطا و حياطة، و الاسم الحيطة، يقال حاطه حيطة إذا تعاهده. قال : و احتاطت الخيل و أحاطت بفلان إذا أحدقت به. و كلّ من أحرز شيئا كلّه، و بلغ علمه أقصاه : فقد أحاط به. يقال هذا أمر ما أحطت به علما. قال : و الحائط سمّي بذلك لأنّه يحوط ما فيه، و تقول حوّطت حائطا. و احيط بفلان إذا دنا هلاكه، فهو محاط به- {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ} [الكهف  : 42] - أي أصابه ما أهلكه و أفسده. و عن ابن الأعرابيّ : ويقال للأرض المحاط عليها حائط و حديقة، فإذا لم يحط عليها فهي ضاحية.
و التحقيق‌
أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة : هو الرعاية و التوجّه مع الاستيلاء. كما أنّ في كلّ من الإحداق و الإدارة و الإطافة و الاستيلاء : خصوصيّة وامتياز معيّن من الإحاطة بضميمة النظر، أو بقيد الدوران أو الطّواف أو الولاية. و هذا هو الفرق بينها.
فهذا المعنى هو الحقيقة، وباعتباره تطلق في معاني قريبة منها، كالمعرفة و الإدارة و الإطافة و التعاهد و الإحراز وبلوغ العلم و غيرها، و لكنّ الأصل الواحد فيها هو الرعاية مع الاستيلاء.
ثمّ إنّ الإحاطة إفعال، و هذه الهيئة تدلّ على الحدث باعتبار جهة صدوره من الفاعل، كما أنّ التفعيل يدلّ على الحدث من جهة الوقوع، ففي الإحاطة بلحاظ الدلالة على جهة الصدور : مزيد دلالة على الرعاية و تأكيد فيها، فيكون معنى الاستيلاء فيها أشدّ.
و بمناسبة الإشعار على كمال الاستيلاء و الرعاية من اللّه العزيز المحيط أو في موارد اخر متناسبة لازمة : يعبّر بهذه الصيغة أي من الإفعال. فقد وردت في القرآن الكريم :
{إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ} [الإسراء : 60].
{وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ} [الجن : 28].
{قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا} [الفتح  : 21].
{وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} [البقرة : 19].
{إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران : 120].
{أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ} [فصلت  : 54].
{وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} [البروج : 20].
ففي التعبير إشعار بأنّ اللّه المتعال ليس له رعاية فقط و لا استيلاء مجرّد، بل هو تعالى مستولي بالنسبة إلى عباده و إلى أعمالهم مع الرعاية و التوجّه و المراقبة.
و قد استعملت في موارد اخر :
{نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف  : 29].
{وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} [البقرة : 81].
{أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } [النمل : 22].
{بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ } [يونس : 39].
{وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [البقرة : 255].
{عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} [هود : 84].
{وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة : 49].
{وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} [يونس  : 22].
إشعارا بأنّ الاستيلاء فيها مع قيد المواجهة و الرعاية و الدقّة و التحقيق.
فظهر لطف التعبير بهذه المادّة في هذه الموارد.
وأمّا معنى الإهلاك و الإفساد- {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } [الكهف : 42] : فإنّما يستظهر من الاستيلاء و المواجهة التامّة في المورد، و ليس معناه الإهلاك.
وليعلم أنّ الفرق بين الحوط مجرّدا و الإحاطة من الإفعال و الاحتياط من الافتعال : ليس إلّا من جهة خصوصيّة الهيئة، و قد سبق تفصيلها (خصوصيّات الهيئات) في المجلّد الأوّل من هذا الكتاب، و لذا ترى استعمال الإحاطة في الآيات السابقة بحرف الباء.
وأمّا التحويط من باب التفعيل : فهو متعدّ، فيقال حوّطته، أي جعلته ذا حوط و حيطة و إحاطة.