المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
Untitled Document
أبحث في الأخبار


اللون الأسود ودلالته


  

608       10:03 صباحاً       التاريخ: 2024-05-29              المصدر: الدكتور ضرغام كريم الموسوي

أقرأ أيضاً
التاريخ: 26/11/2022 1845
التاريخ: 10-12-2015 15618
التاريخ: 2023-08-08 1605
التاريخ: 2-1-2016 2357
التاريخ: 14-12-2015 6096
اللون الأسود ودلالته:          السواد : اللون المضاد للبياض سَوِدَ فهو أسود , وجمعه سود[1], ولقد ورد ذكر هذا اللون في القرآن الكريم في ستة مواضع , يخرج الى معاني عدة , بحسب ما يساق له وهي:
       الأول : قال تعالى:{وَكُلُوا وَاشـربُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ}[2]. ويقصد بهذا السواد , سواد الليل , ومصداق كلامنا , حديث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) إذ قال الخيط الأبيض: (بياض النهار والخيط الأسود سواد الليل)[3].
         والخيط الأسود هنا فيه قولان :
         أحدهما : أنه استعارة وهو ضعيف , لأن في كل استعارة دلالة على حذف المشبه[4].
         الأخر : إنه تشبيه وهذا مختار السكاكي والزمخشـري[5], فكان لذكر اللون الأسود دلالة مقصودة , تعود بالنفع على المكلف , فهو من باب اللطف الإلهي , فهو علامة للصائم لجواز الأكل والشـرب والجماع من بعد صلاة العشاء الأول إلى صلاة الفجر , فهو ذو دلالة شـرعية تعرف بالحس .
       الثاني : قال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}[6]. هذا السواد في هذه الآية فيه قولان :
         أحدهما : أن السواد مجاز عن الغم والحزن[7], فيكون المعنى إذا رأى الكافر أعماله القبيحة محصاة اسود وجهه حزناً واغتماماً .
         الآخر : أن هذا السواد حقيقة , يحصل في وجه الكافر[8], ولهذا السواد دلالات كثيرة منها :
الترهيب من مصير الكافرين , وما ينالهم من عذاب اليم , والحث على ترك المحرمات وهذا في الدنيا . سواد الوجه سبباً لمزيد من الغم والحزن والندم على ما فاته من الدنيا . اتفق قديماً وحديثاً على أنَّ اللون الأسود يدل على الحزن وضيق الصدر .        نكته في تقديم اللون الأبيض على اللون الأسود في القرآن:
         قدم اللون الأبيض على اللون الأسود؛ لأن اللون الأبيض يمثل الرحمة , وهي المقصود من الخلق لا إيصال العذاب , قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عن الله : (خلقتهم ليربحوا عليَّ لا لأربح عليهم)[9], فكان الابتداء به؛ لأنه يمثل أهل طاعته وهم الاشـرف , فكان من باب تقديم الأشـراف على الاخس , وهذا منهج العرب في أدبياتهم , فكانوا يذكرون في مطلع كلامهم ما يسـر ويشـرح الصدر[10].
       الثالث : قال تعالى:{ وَإِذَا بُشـر أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشـر بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[11].
         ومثله قوله تعالى:{وَإِذَا بُشـر أَحَدُهُمْ بِمَا ضـربَ لِلرَّحْمَانِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}[12].  قال الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (ظل وجهه مسوداً) : أي صار متغيراً لما يظهر فيه من اثر الحزن والكراهة , فقد جعلوا لله ما يكرهونه لأنفسهم وهذا غاية الجهل[13].
         إن اسوداد الوجه في هاتين الآيتين كناية عن الغم ؛ وذلك لأن الإنسان إذا فرح وانشـرح صدره وانبسط روح قلبه , ووصل إلى الأطرف , ولاسيما الوجه لما بينهما من التعلق الشديد , وإذا وصل الروح إلى ظاهر الوجه , تلألأ واستنار.
         أما إذا قوى غم الإنسان أحتقن الروح في باطن القلب[14], فيكمد الوجه ويغبره ويعلوه السواد , وعدَّ كناية ؛ لأن السواد من لوازم الغم والحزن والكراهية .
         وكذا يفيد التكتم , يقال ساودته : إذا ساررته؛ لأنك تدني سوادك من سواده[15], فعلى هذا المعنى يكون الذي بشـر بالأنثى يكتم في نفسه حيرة وتردداً وغماً شديداً واضطراباً , وانه يحاول أن يكتم ما رزق به , ومصداق كلامنا قوله تعالى:{يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشـر بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ}[16].
 
  [1] عبد الباقي : محمد فؤاد: معجم ألفاظ القرآن الكريم 1 :630- 631 .
[2] سورة البقرة: 187.
[3] ظ: الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير: جامع البيان 2 : 176 .
[4] ظ: الزمخشري: الكشاف 2 :52 .
[5] المصدر نفسه .
[6] سورة آل عمران :106.
[7] ظ : الفخر الرازي: مفاتيح الغيب 8 : 183.
[8] ظ: الفخر الرازي: مفاتيح الغيب 8 :184 . والزمخشري: الكشاف 2 : 52 .
[9] ظ: الفخر الرازي: مفاتيح الغيب 8 :182 .
[10] ظ: الفخر الرازي: مفاتيح الغيب8: 182.
[11] سورة النحل:58 –59.
[12] سورة الزخرف: 17.
[13] ظ: الطبرسي: مجمع البيان في تفسير القرآن4 : 18.
[14] المصدر نفسه 4  : 18 .
[15] ظ: الزمخشري : أساس البلاغة : 312 .
[16] سورة النحل :  59.


Untitled Document
مجاهد منعثر الخفاجي
عريس الحشد(1)
حامد محل العطافي
من حياة أبي الاسود الدؤلي
حامد محل العطافي
الفرق بين الدهر والزمان
ياسين فؤاد الشريفي
شعب تانكا
حامد محل العطافي
من اللياقات الاجتماعية
حسن الهاشمي
المرجعية وسيداو بين الهداية والضلال
السيد رياض الفاضلي
جواهر نبويّة: الحلقة العشرون
د. فاضل حسن شريف
بارالمبية باريس للمعوقين 2024: الأعمى، تجري، ألواح، موج ...
السيد رياض الفاضلي
جواهر نبويّة: الحلقة الثامنة عشرة
حسن الهاشمي
الآثار الوضعية للذنوب... حدود الزنا للانتقام ام...
السيد رياض الفاضلي
نعرفهم بسيماهم
حامد محل العطافي
الشباب والغرور
السيد رياض الفاضلي
جواهر نبويّة: الحلقة السابعة عشرة
د. فاضل حسن شريف
مصطلحات رياضة المعوقين في القرآن الكريم (ح 5) (أبكم،...