في خطوة مفاجئة، أبقى البنك المركزي الصيني سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، الاثنين بينما يواصل ضخ المزيد من الأموال في النظام المالي.
وقرر بنك الشعب الصيني تثبيت سعر الفائدة على قروضه لمدة عام واحد - والتي تسمى تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل (MLF) - عند 2.5 بالمئة، على عكس توقعات واسعة النطاق بين الاقتصاديين بأنه سيجري أول خفض للفائدة منذ أغسطس لدعم الاقتصاد.
ومع ذلك، قام المركزي الصيني أيضًا بتقديم سيولة بـ 995 مليار يوان (حوالي 139 مليار دولار) للبنوك من خلال تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل، ليصل بذلك صافي ما وفره للبنوك 216 مليار يوان لتعزيز السيولة والمساعدة في تلبية الطلب على التمويل.
بهذا الصدد، قال فريدريك نيومان، كبير الاقتصاديين الآسيويين في بنك HSBC: "إن قرار البنك بعدم خفض الفائدة على القروض لمدة عام واحد يشير إلى أنه ليس هناك الكثير من الإلحاح فيما يتعلق بإضافة المزيد من التحفيز للاقتصاد الصيني"، بحسب وكالة بلومبرغ.
ومع ذلك، قال بعض مراقبي السوق إن تضييق هامش أسعار الفائدة في البنوك التجارية وضعف اليوان الصيني قد حدا من المجال أمام بنك الشعب الصيني للمناورة، وقد يتم تأجيل تخفيضات أسعار الفائدة حتى وقت لاحق من هذا العام.
لا يزال الاقتصاد الصيني يواجه تحديات، إذ تشير البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى تعافٍ اقتصادي غير متكافئ، حيث انتعشت الصادرات في ديسمبر لكن ظل نمو الائتمان ضعيفًا واستمرت الضغوط الانكماشية.
يرى محللون اقتصاديون في كابيتال إيكونوميكس أن السبب الرئيسي وراء تراجع البنك المركزي عن خفض الفائدة هو تجنب زيادة الضغوط على اليوان والتسبب في انخفاضه.
فقد ضعف اليوان الصيني بالفعل أكثر من 1 بالمئة مقابل الدولار منذ بداية العام، ووصل إلى أدنى مستوى له في أكثر من شهر بسبب عدم اليقين بشأن موعد بدء الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة.
رغم عدم خفض الفائدة حاليًا، لا تزال كابيتال إيكونوميكس تتوقع تخفيضين بقيمة 10 نقاط أساس بحلول نهاية الربع الثاني، بالإضافة إلى تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي (RRR).
وقال البنك المركزي الصيني في بيان عبر الإنترنت إن عملية الإقراض يوم الاثنين كانت تهدف إلى تلبية الطلب النقدي بالكامل في المؤسسات المالية "للحفاظ على سيولة كافية بشكل معقول في النظام المصرفي". مما يعني أن البنك المركزي لا يزال حريصًا على دعم نشاط الإقراض والإنفاق في الاقتصاد.
وفي استطلاع أجرته رويترز الأسبوع الماضي، توقع 19 من 35 مشاركا في السوق أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة على القروض لمدة عام واحد للمساعدة في دعم الاقتصاد الضعيف.
وكانت الغالبية العظمى من المشاركين يتوقعون أيضًا أن يقوم بنك الشعب الصيني بضخ سيولة جديدة في النظام المالي بما يتجاوز المبلغ المستحق.
وتزايدت هذه التوقعات بعد أن خفضت البنوك التجارية الصينية الكبرى أسعار الفائدة على ودائعها في أواخر العام الماضي، وبعد البيانات الاقتصادية المخيبة للآمال الأخيرة التي عززت وجهة النظر القائلة بأن المزيد من التحفيز أمر مبرر.
وقال اقتصاديون في بنك ANZ إن بنك الشعب الصيني ربما أحجم عن خفض أسعار الفائدة لأن "السلطات قد تكون قلقة بشأن ربحية البنوك".
ومع ثبات سعر الفائدة على المدى المتوسط، يتوقع بعض مراقبي السوق الآن انخفاضًا في متطلبات احتياطي البنوك لإطلاق أموال جديدة لتعزيز الائتمان والنمو.
وقالت فرانسيس تشيونغ، محللة أسعار الفائدة في بنك OCBC: "ما زلنا نرى أن التدابير الكمية والسيولة هي محور التركيز الرئيسي للسياسة".
"مع القرار الذي اتخذه بنك الشعب الصيني هذا الصباح، فإن توقعات السوق لخفض نسبة الاحتياطي المطلوب ستظل مرتفعة"، بحسب تعبير تشيونغ.
جاءت توقعات المستثمرين بخفض متطلبات الاحتياطي بعد أن سلط زو لان، رئيس إدارة السياسة النقدية في بنك الشعب الصيني، الضوء على نسبة الاحتياطي المطلوب كخيار للسياسة النقدية لدعم نمو الائتمان، وفقًا لتقرير وسائل الإعلام الحكومية الأسبوع الماضي.
وقال ماركو صن، كبير محللي الأسواق المالية في MUFG، إن العوامل الموسمية يمكن أن تؤخر أيضًا التيسير النقدي، حيث يتعين على المؤسسات المالية عادةً تقييم ربحيتها وشهية عملائها للقروض لعام 2024 قبل عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، التي تبدأ في 10 فبراير.
وحافظ MUFG على توقعاته بتخفيض سعر الفائدة بمقدار 20 نقطة أساس في بنك الشعب الصيني في وقت لاحق من عام 2024.
البيانات المقرر صدورها هذا الأسبوع بشأن الإنتاج الصناعي والاستثمار ومبيعات التجزئة لشهر ديسمبر، إلى جانب الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع، ستعطي المستثمرين أدلة حول ما إذا كان الاقتصاد سيحتاج إلى مزيد من الدعم.