بقلم فاروق يوسف
محرر في CNBC عربية
وسط نفي من الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي، قالت وكالة Fitch للتصنيف الائتماني مجدداً، إن مصر قد تحتاج إلى برنامج آخر يموله صندوق النقد لمواجهة التحديات الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
ومنذ يومين، قالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، هالة السعيد، في تصريحات لرويترز، إن مصر لم تبدأ بعد في محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض جديد، مضيفة: "عندما يحدث شيء في ذلك الاتجاه سنعلنه".
أيضاً قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي،
ews/view/94955/>جهاد أزعور في مقابلة خاصة مع CNBC عربية، إن مصر لم تلجأ إلى الصندوق بشأن قرض جديد.
وبشكل عام، تختلف التكهنات حول لجوء مصر إلى قرض جديد من صندوق النقد الدولي، خاصة في ظل الضغوط التي تواجه لمالية العامة للدولة.
ما القصة ؟
بداية، عادة ما تلجا الدول للاقتراض من صندوق النقد الدولي لمساعدتها على إعادة بناء احتياطاتها من النقدي الأجنبي، وتثبيت سعر العملة، والاستمرار في تغطية مدفوعات الاستيراد.
تزيد التوترات الجيوسياسية المشهودة في أزمة روسيا وأوكرانيا، من حدة الضغوط على الجنيه المصري، إذ تساهم في تراجع إيرادات السياحة التي تعد أحد مصادر العملة الأجنبية في مصر.
ليس هذا فحسب، بل أيضاً يعد كل من الدولتين أحد الموردين الرئيسين للقمح في مصر، ونتيجة لما سببته الأزمة في ارتفاع سعر القمح بمستويات قياسية.
في ضوء ما سبق، توقع وزير المالية المصري،
ews/view/94615>محمد معيط، في حديثه مع CNBC عربية، زيادة فاتورة استيراد القمح بأكثر من 12 مليار جنيه في الموازنة الحالية.
ومن ناحية أخرى، ولكن في ذات السياق، ارتفعت تحويلات المصـريين العاملين بالخارج خلال عام 2021 بمعدل 6.4% وبنحو 1.9 مليار دولار لتسجل نحو 31.5 مليار دولار مقابل نحو 29.6 مليار دولار خلال عام 2020، بحسب البنك المركزي.
هذا أيضاً بخلاف ارتفاعات معدلات التضخم إلى مستويات قياسية في أوروبا وأمريكا، والتي ستفرض على البنوك المركزية، رفع الفائدة.
التأثير على الأذون وسندات الخزانة
ربما يؤثر ذلك على أذون وسندات الخزانة المصرية التي ستكون أقل جذباً خلال الفترات المقبلة، وهو ما حدث بالفعل خلال الأسبوع الماضي.
شهدت أوراق الدين المصرية تخارج من مستثمرين، بحسب رويترز، إذ أفادت أن مستثمرين أجانب سحبوا نحو 3 مليارات دولار من مصر خلال الأسبوع الماضي، على خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية.
في حين، أكد وزير المالية المصري، محمد معيط، إن الدولة تستهدف إصدار صكوك سيادية خلال الفترة المقبلة.
وأضاف خلال
ews/view/94615>لقاء مع CNBC عربية، أن بلاده تعمل على تنويع أدوات الدين، وتستهدف إصدار سندات الساموراي قريباً، متابعاً أن استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية في البلاد متزنة رغم الحرب الروسية على أوكرانيا مؤخراً.
"الجنيه المصري ليس بمنأى عن الضغوط، فثمة معاناة منذ فترات عديدة، لكن ازدادت حدتها إثرب الحرب" قال رئيس أحد أكبر البنوك المصرفية في مصر لـ CNBC عربية.
ما المسارات الأخرى؟
أضاف المصرفي الذي رفض ذكر اسمه، إن ثمة مسارات بديلة قد تنتهجها الحكومة خلال الفترة المقبلة، فبخلاف اللجوء إلى صندوق النقد، من الممكن أن تتجه إلى مؤسسات مالية أخرى، أو عقد اتفاقيات دولارية مع دول الخليج، إضافة إلى مد بعض الودائع الأجنبية.
كان البنك المركزي المصري قد قرر بما يعرف بمستندات التحصيل في دفع قيمة السلع المستوردة، ولجأ لما يسمى الاعتمادات المستندية، وهي أحد الوسائل التي انتهجها لإيجاد بدائل للعملة الأجنبية.
وذكرت Fitch، أن برنامج صندوق النقد الدولي من بين خيارات السياسة المتاحة للسلطات المصرية لدعم الموقف الخارجي للبلاد، وذلك في ظل ارتفاعات أسعار الفائدة وانخفاض سعر الصرف.
موقف صندوق النقد الدولي
وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي،
ews/view/94955/>جهاد أزعور في مقابلة خاصة مع CNBC عربية، إن مصر لم تلجأ إلى الصندوق بشأن قرض جديد، وأنه يجب عليها التحوط من تداعيات الحرب ومعالجة أزمة أمن الغذاء.
يجب أن تكون السياسة النقدية لمصر على درجة عالية من التحوط من المخاطر، خاصة وأن الصندوق في مرحلة إعادة تقييم توقعاته لدول المنطقة في الوقت الحالي، وفق ما أوصى أزعور.
نظرة المؤسسات الدولية
في ديسمبر الماضي، توقعت Fitch لجوء مصر إلى برنامج "صدمة السيولة" من صندوق النقد، لحل أزمتها سواء المتمثلة في ارتفاع تكلفة الديون أو مواجهة التضخم.
وخلال الأيام الماضية، قال محللون لدى بنك الاستثمار JP Morgan، إنه من المرجح أن تكون هناك حاجة إلى خفض كبير في قيمة الجنيه المصري، وإن الدولة قد تحتاج مزيدًا من المساعدة من صندوق النقد الدولي إذا استمر تزايد ضغوط الأسواق المالية.
ومن المتوقع أن تعاني المالية العامة، التي تواجه ضغوطًا بالفعل، لمصر المزيد من الضرر في ضوء ارتفاع أسعار السلع الأولية والغذاء والانخفاض المحتمل في أعداد السياح الروس.
أضاف البنك: "نتوقع أن تكون هناك حاجة الآن على الأرجح إلى خفض سعر الصرف، مقدرًا أن الجنيه المصري حاليًا أعلى من قيمته بأكثر من 15%".
مصر ليست هي الدولة الوحيدة التي تعاني من فجوة تمويلية، بل أغلب دول العالم تعاني من الشئ نفسه، بسبب تداعيات أزمة كورونا، وارتفاع معدلات التضخم، وكذلك آثار الحرب الروسية الأوكرانية.
وقد ساهمت هذه العوامل في ارتفاع ديون الدول إلى مستويات قياسية.
هذا ووصل الدين العالمي العام الماضي إلى مستوى قياسي بلغ 226 تريليون دولار في عام 2020، بحسب صندوق النقد الدولي.