باتت "العملات المشفرة" أحد الأسلحة البارزة في الحرب الروسية الأوكرانية، فبينما تستخدمها موسكو لتخفيف وطأة العقوبات، فإن كييف تعتمد عليها في تمويل الجيش وسد الاحتياجات الضرورية.
وروسيا هي ثالث أكبر دولة في تعدين العملات المشفرة بالعالم بعد كل من الولايات المتحدة وكازاخستان، وتقدر معاملات المواطنين الروس بالعملات المشفرة بنحو 5 مليارات دولار سنوياً، حيث يعتبر الروس مستخدمين نشطين لتداول العملات الرقمية عبر
الإنترنت، بحسب البنك المركزي الروسي.
فيما تحتل
أوكرانيا المرتبة الرابعة في مؤشر تبني العملة المشفرة العالمي لشركة Chainalysis، بعد فيتنام والهند وباكستان، وتمر نحو 8 مليارات دولار من العملات المشفرة عبر البلاد سنويًا، واتخذت السلطات خطوات جدية في وضع اللوائح المناسبة لتعدين البيتكوين خلال العامين الماضيين، وشجعت وزارة الطاقة الأوكرانية على استخدام مصادر الطاقة النووية لمشاريع تعدين
العملات الرقمية.
تكتيك أوكراني
المحلل الاقتصادي الإيطالي، جورج روتيللي، قال إن لأوكرانيا اقتصادًا صديقًا للعملات المشفرة وذكيًا رقميًا، لذلك ترحب بعمليات التعدين وتشجعها، واعتبارًا من أغسطس 2021، استحوذت الدولة على 0.13 بالمئة من عمليات التعدين في العالم عن طريق التجزئة (التي تقيس القوة الحسابية المستخدمة في
التعدين) وفقًا لبيانات من مركز كامبريدج للتمويل البديل هذا بالمقارنة مع 11.23 بالمئة في روسيا والولايات المتحدة 35.40 بالمئة.
وحول زيادة الحملات الحكومة بأوكرانيا حول التبرع بالعملات المشفرة، أوضح روتيللي، لـ"سكاي نيوز عربية"، أنه "من المرجح أن يكون هذا تكتيكًا لنشر الوعي حول مأزق البلد بالإضافة إلى ترحيبه بقبول العملات المشفرة، وخلق ضجة عبر مجتمعات وسائل التواصل الاجتماعي، كما تفعل
حكومة زيلينسكي بنجاح على الجبهات الأخرى عبر استراتيجيتها الإعلامية، وحتى الآن، جمعت أوكرانيا 35 مليون دولار من التبرعات بالعملات المشفرة".
وتابع: "عادةً، لا يمكن استخدام الأصول المشفرة والبلوكشين كأسلحة كما هي الحال في الأدوات المالية التقليدية، هذا بسبب تصميمها المقاوم للرقابة، ويمكن لكلا البلدين محاولة إنشاء الأصول المشفرة الخاصة بهما، ولكن بالنظر إلى مدى ترابط الاقتصاد العالمي، ستظل قيمتهما متناسبة مع العملات الأخرى، المشفرة والعملات الورقية، مثل الدولار. ومن ثم، فمن المرجح أن يتأثر الروبل الرقمي بالعقوبات (حتى لو تم تبنيه على نطاق واسع)، في حين أنه لن يكون من المنطقي بالنسبة لأوكرانيا محاولة مثل هذه التجربة، لأن معظم البلدان (وتبرعاتها بالعملة) تدعم قضيتها".
حماية من النهب
وأشار إلى أن "الأوليغارشيين الروس سيواجهون مشاكل في استخدام العملات المشفرة لتجنب العقوبات، تحويلها إلى عملات ورقية أمر صعب دون استخدام الرموز الصوريّة. أوكرانيا، من ناحية أخرى، تستخدم العملات المشفرة لجمع الأموال (وربما لشراء أسلحة في
الأسواق الدولية)، أيضًا، في حالة الاحتلال العسكري، لن يتمكن أي شخص من مصادرة الأموال الموجودة في العملات المشفرة والوصول إليها، باستثناء صاحب المفاتيح. إذا قامت السلطات الأوكرانية بتحويل الأموال العامة إلى محافظ العملات الرقمية، فقد يحمي ذلك موارد الحكومة الشرعية من النهب الروسي".
كما أشارت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إلى أن "هناك دعوات من نشطاء العملات المشفرة الغربيين للتعبئة نيابة عن الشعب الأوكراني، وفي المقابل هناك مخاوف من أن تستخدم روسيا العملة المشفرة لتجنب آثار العقوبات الغربية".
وأشارت إلى أن هذا هو أول صراع كبير في عصر التشفير وهو ما يعني أيضاً، ولأول مرة على الإطلاق، أنه يوجد أداة يمكنها نقل مليارات الدولارات بسهولة عبر الحدود وهي متاحة ليتم استخدامها من قبل الجانبين.
حملات رسمية للتبرع
ونشر الحساب الرسمي لأوكرانيا عبر منصة "تويتر" دعوة للتبرعات من خلال العملات المشفرة، ونشر عناوين المحافظ الرقمية للرموز بما في ذلك بيتكوين وإيثيريوم والعملة المشفرة المستقرة المربوطة بالدولار Tether.
وأكد نائب
رئيس وزراء أوكرانيا وزير التحول الرقمي، ميخايلو فيدوروف، عبر حسابه ضمن تويتر، أن الدعوة للتبرعات كانت حقيقية، وطلب من الناس الوقوف مع أوكرانيا "قف مع شعب أوكرانيا.. تقبل الآن التبرعات بالعملات المشفرة".
ووفقا لشركات تحليل، جمعت الحكومة الأوكرانية والمنظمات غير الحكومية التي تقدم الدعم للجيش عشرات الملايين من الدولارات من خلال آلاف التبرعات بالعملات المشفرة منذ بداية الحرب، وتلقت إحدى المنظمات غير الحكومية تبرعًا واحدًا بمقدار 80 قطعة من عملة
بيتكوين.